الجمعة، أغسطس 18، 2006

اللهجة المحلية الجزائرية تمثل مشكلة للاجانب

الأمين شيخي - رويترز
كأحد المتحدثين بالعربية اعتقد رجل الاعمال السوري زياد كرم انه سيشعر اثناء وجود بالجزائر كأنه في وطنه.

ولكن الى أي مدى ثبت خطأ فكرته. يقول كرم البالغ من العمر 42 عاما لرويترز "احتاج الى تدريب على اللغة كي أفهم أشقائي الجزائريين .

"انه امر معقد للغاية فاللهجة غير معتادة الى حد انني قررت استخدام مترجم خلال فترات اقامتي في الجزائر."

وعلى عكس الجيران في المغرب وتونس يتحدث الجزائريون لغة عامية تعد خليطا من العربية والبربرية والفرنسية واحيانا التركية التي لا يستطيع معظم العرب سبر أغوارها.

وهذه احدى حقائق الحياة في الجزائر وهي شيء مألوف لدى جيران الجزائر في المغرب العربي ولكنها تعد اكتشافا جديدا بالنسبة لاحدث تدفق من المغتربين وبعضهم عرب من شرق البحر المتوسط والخليج وقد جذبهم الى الجزائر انفتاحها على الاستثمار الاجنبي .

وبعد نحو 50 عاما على الاستقلال عن فرنسا وبعد تمرد اسلامي بدأ قبل عشر سنوات يستخدم الجزائريون أسلوب كلام يومي مختلطا مثل هويتهم وتاريخهم.

ويعكس هذا اللغز اللغوي الحضارات الكثيرة التي احتلت ذلك البلاد من فينيقيين ورومان وبيزنطيين وعرب وأتراك وفرنسيين .

وقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في كلمة في الاونة الاخيرة انه عندما يستمع العرب الاخرون الى احد يخلط بين العربية والبربرية والفرنسية يقولون انه جزائري . واضاف ان ذلك أصبح طابعا مميزا للجزائريين .

ويقول بوتفليقة في تعاطف مع التقليديين انه يود ان يتكلم الجزائريون اللغة العربية بشكل أفضل.

وفهم اللهجة الجزائرية ليس أمرا سهلا. ففي جملة واحدة قد يكون الفاعل باللغة العربية والفعل باللغة الفرنسية اما تتمة الجملة فقد تكون باللغة البربرية او التركية.

وعلى سبيل المثال فانه للتعبير عن جملة مثل "سيارة صدمت محمد الذي نقل الى المستشفى." اللهجة العامية الجزائرية تقال إن "محمد ضربته اتوموبيل ودتو ديركت ال سبيتار ."

ففي هذا المثال الفعل باللهجة المحلية الجزائرية وكلمة السيارة الى حد ما بالفرنسية أما سبيتار فهي باللغة التركية والنبرة مأخوذة من اللغة البربرية بمنطقة القبائل.

وقد تثير هذه النتيجة حنق الاجانب ولكن بالنسبة لجزائريين كثيرين فانها شيء عادي وبالتأكيد لا يوجد شيء يعتذرون بشأنه.

وقال المدرس الجامعي فريد فارح "وما الضرر في ذلك؟ .هذه هي الطريقة التي نتكلم بها في الجزائر ولا أعرف سبب استياء رئيسنا منها لا أشعر بخجل من لهجتي.

"انه بلد مفتوح ..مفتوح لكل الثقافات واللغات."

وفي الماضي فرض غرباء هذا الانفتاح من قبل .

ولمدة 300 عام ابتداء من اول القرن السادس عشر كانت الجزائر جزءا من الامبراطورية العثمانية في ظل نظام جعل الجزائر عاصمة لهذا النظام. وكانت التركية هي اللغة الرسمية.

وخلال هذه الفترة بدأت الدولة الجزائرية الحديثة في الظهور ككيان مميز بين تونس والمغرب.

واحتلت اسبانيا مدينة وهران بغرب الجزائر فيما بين عامي 1509 و1790 تاركة أثرا من اللغة الاسبانية في اللهجة المحلية لسكان تلك المدينة.

ثم خضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي من عام 1830 وحتى عام 1962 وهي فترة فقد جزائريون كثيرون خلالها اراضيهم وكثيرا من ثقافاتهم لصالح المستعمرين. واصبحت الفرنسية هي اللغة الرسمية.

وحرصا على ازالة اثار فترة الاستعمار بعد حرب تحرير ضروس جعلت الجزائر العربية اللغة الرسمية للدولة وشجعتها أكثر من الفرنسية في المدارس.

ونتيجة لذلك ففي الوقت الذي يتحدث فيه كثيرون من كبار السن الجزائريين الفرنسية بطلاقة يفتقد الجزائريون الاصغر سنا لهذه الطلاقة.

وعلى عكس المغرب وتونس فالجزائر ليست عضوا في مجموعة الفرانكوفونية التي تشجع تعلم اللغة الفرنسية في شتى انحاء العالم.

وهناك ايضا اللغة المستخدمة في منطقة القبائل التي تقطنها اغلبية من البربر بشرق الجزائر . ويشن البربر الذين يشكلون خمس سكان الجزائر البالغ عددهم 33 مليون نسمة حملة قوية منذ فترة طويلة للحصول على مزيد من الحقوق من بينها الاعتراف بلغتهم.

وبدأت آخر أزمة كبيرة عندما توفي تلميذ في منطقة القبائل اثناء احتجاز الشرطة له عام 2001. وادى ذلك الى وقوع اشتباكات مع الشرطة قتل خلالها 126 محتجا بالاضافة الى اصابة الاف بجروح.

وتعترف الحكومة باللغة المستخدمة في منطقة القبائل ولكنها ليست لغة رسمية وطنية يمكن ان تنجز بها الاعمال الحكومية .

وبالنسبة لكثيرين من الجزائريين الذين يناضلون من اجل تلبية حاجات المعيشة فان الاختلاف اللغوي هو اخر ما يفكرون فيه من المشاكل.

وقال فريد فارح ان"بعد 130 عاما من الاحتلال الفرنسي و30 عاما من الارتباط بالسوفيت و13 عاما من الارهاب مازالت الجزائر حية. انها معجزة ولذلك فانني لا أعبأ ما اذا كانت اللغة نقية أم لا ."

واللغة انعكاس للسن وليس للمنطقة على نحو متزايد في بلد يقل عمر 70 في المئة من سكانه عن الثلاثين .

وقال محمد أنيس وهو شاب عمر 25 عاما يرتدي سروالا من الجينز ماركة ليفايس ونظارات شمس ماركة ريبان وقميصا عليه صورة تشي جيفارا "اننا ننتمي لجيل سريع عليك ان تتحرك بسرعة اذا كنت تريد ان تعيش بشكل كريم ."

ولمعظم الناس الذين تجاوزت اعمارهم الستين فانه يتحدث لغة يصعب فهمها .

"هذه ليست لغة .انها لا تعدو عن كونها أصواتا مزعجة."

ولكن ناصر جابي وهو استاذ في علم الاجتماع يعتقد ان اللهجة الجزائرية المختلطة لا تمثل مشكلة.

وقال "الشبان الجزائريون لا يواجهون اي مشكلة اتصال. من يواجهون مشكلة ينتمون الى الجيل الذي يزيد عمره عن الستين. لدينا صدام أجيال وليس صدام لغات

ليست هناك تعليقات: