الأحد، مايو 29، 2005

الأصولية الأمنية والتهم الجاهزة
مذكرة دفاع عن حازم نهار

في حقبة الثمانينيات شاع في الأوساط الشعبية السورية مصطلح (إخونجي) وكان يعني في ذلك الوقت التعصب والتطرف أو الانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين وكان مجرد ذكر هذه التهمة يدعو للذعر والرعب لما ساد تلك الفترة من العنف والرهاب المتبادل بين جماعة الإخوان والسلطة. وكانت عامة الناس تخشى بل وتتحاشى أي حديث حول الإخوان ذماً أو مدحاً خشية من كتاب التقارير والتهمة الجاهزة التي تخرب البيت، وكان يكفي أن تحمل في دليل هاتفك رقماً لأحد المحسوبين على جماعة الإخوان لتكون حجة تستند عليها لائحة الاتهام الذي لا تعرف نهاية له أو حجم الأذى والضرر الناجم عنه.

مضى ربع قرن منذ ذلك الوقت وتغيرت الأحوال وأخذنا نسمع من وزراء وسفراء وأمناء لأحزاب في جبهة السلطة الدعوة للحوار مع التيار الديني ومن بينهم الإخوان وأخذ كتاب المعارضة المتواصلين مع ضباط الارتباط يذكرون الإخوان صراحة في مقالاتهم حتى وأنهم يكيلون المديح لهم للتغيير الذي طرأ على أفكارهم ومناهجهم.

كل ذلك أعطى انطباعاً عاماً - قد يكون خطئا –بأن الحكومة السورية باتت جاهزة ثقافياً على الأقل للتحاور مع الإخوان مما شجع أطرافاً أخرى في المعارضة إلى الدعوة للحوار مع الإخوان المسلمين كما جاء في بيان للجان المجتمع المدني.

لكن حساب السرايا لم يلتقي مع حساب الكرايا ففجأة وبدون سابق إنذار تم اعتقال كل أعضاء مجلس إدارة منتدى الأتاسي، المنبر الوحيد الذي يشكل أنموذجاً حضارياً حقيقياً لمظاهر الوحدة الوطنية حيث تجتمع السلطة مع المعارضة مع الأمن تحت سقف واحد والكل يدلي بدلوه بصراحة وجرأة لم يسبق لنا أن عهدناها في بلدنا بهذه الطريقة العلنية وجدير بالذكر هنا أن السيد الرئيس قد أشار في إحدى لقاءاته الصحفية إلى هذا المنبر واعتبره أحد مظاهر حرية الرأي في بلدنا، وكان ذلك بمثابة شهادة حسن سلوك واعتراف بهذا المنتدى وقيمته الديمقراطية.

وجاءت الأخبار لتبين التهمة الموجهة إلى المعتقلين، إنها نفس التهمة الجاهزة المعلبة منذ ربع قرن والتي كانت على الشكل التالي الترويج لأفكار الإخوان المسلمين. وللحقيقة فقط فإن كل التيارات المعارضة في سورية تبنت النهج العلماني الذي لا يتوافق بأي حال من الأحوال مع الفكر الإخواني المحدث والمطور، وحرصاً من أطياف المعارضة السورية على الوحدة الوطنية والاستماع إلى كافة وجهات النظر أعطى منتدى الأتاسي الفرصة لطرح رؤية الإخوان. وكان ذلك استجابة للإشارات والمطمئنات التي ملأت الجو العام.

وكانت شجاعة ومصداقية أعضاء مجلس إدارة المنتدى وراء تحمل المسؤولية كاملة عن تلاوة بيان الإخوان وعدم تحميل فرد واحد المسؤولية، مما تسبب باعتقال الجميع الذين يعدون من الشخصيات الثقافية المعتدلة والمؤثرة في الفضاء الثقافي والسياسي السوري، وللأمانة نقول إن منتدى الأتاسي أحد أعمدة العمل الوطني صمام أمان يكفل استقرار البلد ويدعم استقلاله وقد يكون هناك من يخالفنا الرأي وليس في ذلك مشكلة المهم أن يكون الجميع مستعد لقبول الرأي لآخر.

الدكتور حازم نهار أحد أعضاء مجلس إدارة المنتدى وهو من الشباب السوريين الفاعلين والمتحمسين للعمل من أجل بلدهم والمستعدين دائماً لبذل الجهد الوقت من أجل الدفاع عن البلد ووحدته الوطنية واستقرار واستقلال الوطن. ويتميز أسلوبه في الكتابة والكلام بالهدوء والمنهجية الأكاديمية التي تجعل الأمانة للحقيقة أساساً واعتباراً للكتابة والعمل.

وهو كطبيب ناجح في عمله – رئيس لمندوبي شركة خاصة ومبرمج كمبيوتر- حظي باحترام وتقدير العاملين معه واكتسب صداقات واسعة داخل وخارج العمل. حازم نهار ككاتب يحظى بتقدير عال بين القراء ومتابعة جيدة من المثقفين السوريين لموضوعيته وحرصه الدائم على تقديم الجديد والإضافة في كل مقالة ينشرها ويكتبها، كل ذلك جعله في دائرة الضوء ومركز الاهتمام. وحازم في أحاديثه الخاصة والعامة لا يلقي الكلام جذافاً ولم يصدر عنه ما يشير إلى التأييد أو الترويج لفكر الإخوان. إلا أن استماع وجهات نظر الجميع ضرورة وطنية وحاجة ثقافية لا بد منها في مجال العمل الثقافي والسياسي السلمي والعلني.

لقد أثبتت التجارب المحلية والعالمية أن الاعتقاد ليس هو الأسلوب الأمثل لتغيير الآراء وإنهاء المعارضة بل على العكس تماماً فإن الضغط لا يولد إلا الانفجار والعديد العديد من الذين أمضوا أكثر من عشرة سنين في المعتقلات ما زالوا ضمن صفوف المعارضة وأكثر استعداداً من أجل التضحية في سبيل ما يرونه خيراً لبلدهم وأهلهم. إن استخدام السوط في مواجهة الكلمة أمر بعيد عن نهج التغيير والإصلاح المنشود والمأمول لذلك نرجو مراجعة أوامر الاعتقال الصادرة بحق مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي والإفراج عنهم جميعاً إلى جانب إطلاق سراح كل معتقلي الرأي في سوريا كبادرة حسن نية ودلال واضحة قبل مؤتمر البعث على الرغبة الصادقة في التغيير والإصلاح.

إنني أدعو كل المراقبين للمعارضة إلى التحدث بالعلن عما يريدون وعما لا يريدون وكما أن المعارضة نهجت أسلوب العلنية والسلم ينبغي على السلطة كذلك السير في أسلوب اللاعنف والعلن والكف عن مواجهة الاعتصامات السلمية بالضرب وشق الملابس. وإلغاء قاعدة مجابهة اللسان بالمقص.

إن سوء النية المبيت والأحكام المسبقة والتقييم المعلب من قبل المراقبين للمعارضة والوضع العام هي أهم الأسباب التي تولد الخوف والذعر غير المبرر الذي يتحرك نحو الاعتقال وكبت حرية الرأي. كان ينبغي على الأجهزة الإعلان صراحة عن عدم نيتها التحاور مع الإخوان بدل التغرير بالناس واتخاذ الذرائع الواهية لمصادرة حرياتهم.

إن الفكرة الرئيسة في الثقافة والسياسة والتي تجعل لهاتين القيمتين بعداً إنسانياً وحضارياً : الاختلاف وقبول الاختلاف .

وللأسف أننا إلى الآن لم نصل إلى الاعتراف بوجود الرأي الآخر والشخص الذي يحمل فكراً غير الذي نؤمن به ونعتقده إما أن يكون خائناً أو جاهلاً. وربما كان غياب الآراء المتعددة والفكر المختلف أحد الأسباب الهامة في غياب الثقافة والسياسة عن مجتمعنا والذي أدى بدوره إلى التخلف والفساد والاستبداد.

إنني بصراحة مطلقة أتعجب وأستغرب من الخوف الشديد من الأفكار والآراء التي تعرض وتتبنى غير الذي تعارفنا عليه. في معظم دول العالم الثالث هناك حرية رأي أكثر من بلدنا وحتى في بعض البلدان العربية لتي فيها انفراد بالسلطة هناك تعددية وصحافة حرة أكثر مما لدينا، ولم يؤثر ذلك على استقرار النظام واستمراره. لماذا هذا الخوف الشديد من كل صاحب رأي أو مفكر، الفساد موجود في كل دول العالم ويتطور ويتحدث لكي يتمكن من الهروب من سلطة القانون ورقابة الشعب عبر مؤسساته المنتخبة وفي الغالبية الساحقة من دول العالم توجد معارضة قوية تساهم وتساعد السلطة والنظام القائم على الاستقرار ومجابهة الأخطار وتضمن التفاف الناس حول وطنهم ومصالح أبنائهم.

لقد علمنا التاريخ المعاصر والقريب جداً من بلدنا أن القبضة الأمنية ومصادرة الرأي واعتقال الفكر لن يؤدي إلى دعم وتقوية واستقرار النظام بل على العكس تماماً. ولست أطرح هذا الكلام دفاعاً عن السلطة أو وقوفاً في وجه التغيير والإصلاح إنما هي محاولة لشرح الضرورة الحيوية لكل الأنظمة والبلدان في كافة أنحاء العالم بوجود المعارضة والرأي الآخر.

إن الأصولية الأمنية التي تربت وترعرعت على التزمت الفكري والانغلاق الثقافي إلى جانب الانتهازية في التعامل مع الواقع هي التي تساهم بإحباط كل نداءات الإصلاح و كتم كل أنفاس الحرية ودعوات الوحدة الوطنية.

إن المصلحة العليا للوطن والمواطنين تقتضي وجود معارضة قوية وفعالة يكون لها القدرة على التأثير والفعل للوقوف في وجه الفساد والاستبداد وضمان التفاف الشعب حول قيمه ومبادئه التي تمنح الوطن قيمة إنسانية عظمى وتعطي الأفراد حق الحرية والعيش بكرامة.

السبت، مايو 28، 2005

فن الحوار والتواصل مع الآخرين
مهارات إدارة النقاش 2 من 2

إن اعتمادنا الحوار والنقاش وسيلة للوصول إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتقريب وجهات النظر وتخفيف التوترات وإنهاء الخلافات الحادة سيؤدي إلى تحقيق أصعب الغايات العملية والواقعية. وفي نفس الوقت يجنبنا سلبية الصراعات ويساهم بشكل فعال في بلورة أفكار رئيسة ومفاهيم أساسية يعتمد عليها وينطلق منها التغيير المطلوب نحو الأمثل والأفضل.

في النهاية تبقى هذه الدراسة المعتمدة أساساً على كتاب (احترام الصراع) لغوت، هامان. وجهة نظر ورأي قابل للإضافة أو الحذف أو الخطأ والصواب. وهذا الجزء الثاني والأخير أبدأهُ بالسؤال التالي :

كيف يمكن مواجهة مواقف الضغط والتحكم :
للإجابة على هذا السؤال يلزم تعرف (التوكيد الذاتي) وهو تصرف الفرد في العلاقات مع الآخرين بحيث يعبر عن مشاعره ومواقفه ورغباته وحقوقه بشكل صريح ومباشر وحازم، دون أن يخل بحقوق أو مشاعر الآخرين.

في الواقع أننا نخضع ونستسلم عندما نسمح للآخرين أن يغتصبوا حقوقنا وحجر الأساس في ذلك هو شعورنا بصعوبة قول لا وقلقنا من التقييم السلبي لنا من قبل الآخرين. ويساعد على توكيد الذات قول حازم وواضح يصف ما نريد وما لا نريد فعله بشكل محدد وعلى تبرير مختصر حقيقي للرفض أو التجاوب.

أسباب الغضب أثناء الحوار وكيفية تجنبه :

من الضروري معرفة أنه عندما يجد الغضب المكبوت والمتراكم مخرجاً للتعبير يشكل على الأغلب انفجاراً غير ملائم لطبيعة الموقف الذي سمح بظهوره. مما يفاقم المشكلة ويضيق آفاق التعامل فالغاضب يستعمل عبارة : العالم شرير، لا يمكن اليوم الثقة بأحد، الجميع سيعون لاستغلالي وإيذائي ولا أحد يصغي إلي. ولكن عندما يكون الإنسان منسجماً مع نفسه وعواطفه ويشعر بغضب طبيعي يستخدم العبارة التالية : أشعر بالغضب والريبة تجاه العالم والآخرين. والفرق الكبير بين العبارتين هو الذي سيساهم في إبقاء التواصل ويترك الباب مفتوحاً من أجل المزيد من النقاش.

قبل أن يتراكم فينا الغضب ويتصاعد بحيث يعرقلنا عن متابعة عملنا وحوارنا يفيدنا تعلم واستخدام العبارات التالية : من فضلك لا تقاطعني ودعني يا سيدي أنهي ما أقوله، يضايقني كثيراً أنك تقاطعني اسمح لي أن أنهي ما أريد قوله، ملاحظتك في محلها إلا أنني لم أكمل حديثي بعد، جميل منك إيضاح فكرتي لكني أرجو منك الانتظار حتى أنهي وجهة نظري.

وربما كان من المفيد التوقف لبعض الوقت في لحظات الشحن والتوتر والانسحاب المؤقت ومن ثمة العودة بعد الاستراحة برغبة معلن عنها من كل الأطراف في الاستمرار في الحوار.

الاستعاضة عن التقييمات بالآراء:

المقصود هنا ألا نأخذ تقييمات الآخرين على أنها حقيقة كاملة وموضوعية تنطبق علينا أو على أنها أحكام قاطعة ضدنا أو في حقنا, لأننا عندما نعتبرها كذلك نعطي لتقييمات الناس قيمة أكبر مما ينبغي ونسمح لهم بالتأثير بشدة في مجرى حياتنا وفي النتيجة فإننا سوف نوجه حياتنا طبقاً لتوقعات الآخرين ومتطلباتهم، بدلاً من توجيهها في ضوء حاجاتنا وقيمنا الخاصة، والحل يكون باعتبار التقييمات الموجهة من الآخرين آراء ووجهات نظر قد تمتلك الحقيقة أو بعضاً منها أو تخالفها ويمكن لنا استخدام عبارات لها تأثير إيجابي تجاه ما يطرحه الآخرون كتقييمات لنا : لا أتفق معك في حكمك علي، إن لي رأياً مخالفاً وربما لم تنظر إلى المسألة من كافة جوانبها، في الواقع إني أرى نفسي بشكل مختلف عن طرحك.

لكن هذا لا يعني عدم توجيه الشكر للآخرين أو التعبير عن المشاعر الإيجابية وقبول المجاملة وتبادلها.

ويمكن التعامل مع النقد الموجه إلينا بشكل سلبي بمواجهة الاتهامات بصراحة ومباشرة والاستفسار عن المعلومات الضرورية وطرحها أيضاً. ولا بد أحياناً من الاعتراف بأننا لسنا في الحقيقة كاملين أو معصومين أو أننا نمتلك الصواب بعينه، وفي حال معرفتنا بارتكابنا خطئاً واضحاً لا بد من استباق النقد لأنفسنا وهذا في الواقع خير أسلوب لتفريغ التوتر وإبعاد العدوانية.

كيف نفاوض أو نحاور كي نصل إلى إحراز التعاون :

تعرف المفاوضة على أنها أسلوب مميز في الحوار يهدف إلى الوصول إلى اتفاق في موقف يرتبط فيه طرفان ببعض المصالح التي منها ما هو مشترك ومنها ما هو متعارض. وهذا خلاف لمفهوم العراك الذي يهدف إلى الانتصار على الخصم. وما ينطبق على المفاوضة ينطبق على الحوارات الثقافية والفكرية.

ومن المفيد هنا عرض قواعد إذا ما اتبعت بشكل جيد فإنها عادة توصل إلى التعاون المثمر وتحقيق الفوائد المشتركة.

1- التمييز بين الأشخاص وبين المشكلات أو الأفكار
2- تركيز الاهتمام على المصالح والأفكار الرئيسة وليس على المواقف
3- القيام بصياغة الأسئلة قبل أن تصاغ الإجابات وهذا يحمينا من الوقوع في شرك أفكارنا المسبقة التي قد تمنعنا من فهم الآخر أو التوصل معه إلى مصلحة أو هدف أو فكرة مشتركة.
4- البحث عن الحسنات والإيجابيات والتحدث عنها أثناء التحاور التفاوض وليس التركيز فقط على السلبيات أو نقاط الضعف والفشل.

مراحل الحوار أو المفاوضة الهادفة إلى التعاون :

إن الاتفاق على قواعد للسلوك وتنظيم الحوار والتفاوض يساهم بشكل فعال في الوصول إلى الغايات المطلوبة، والذي يساعد على ذلك وضع قواعد ملزمة يتم الاتفاق عليها وتنفيذها وهذا يمنع من الوقوع في الحوارات العشوائية وإضاعة الوقت ويجنب التوتر والشك وأشكال سوء التفاهم. وهنا نقترح عدداً من القواعد :

1- لماذا اجتمعنا
2- ماذا يمكن أن نفعل
3- ترتيب الموضوعات التي سنتناولها
4- تحديد الوقت اللازم للتفاوض والحوار
5- تحديد أطراف رئيسة يكون لها الأفضلية والأسبقية
6- تحديد منسق أو ضابط للجلسة يتولى إدارة الحوار ويسجل النقاط الرئيسة
7- حفظ وتسجيل الأفكار والمقترحات والخلاصات.
8- تحليل الخلاصات السابقة.

جدير بالذكر قبل كل مفاوضة أو حوار تحديد أسباب اهتمامنا ولماذا نريد الحوار والتفاوض وما هي الفائدة أو الهدف الذي نبغي الوصول إليه. ويجدر التذكير هنا بضرورة العودة إلى القواعد التي ذكرناها في الجزء الأول من الدراسة حيث لا يصح نسيانها أو تجاهلها في كل مفاوضة أو حوار. ومن ذلك :
- تركيز الاهتمام على الفوائد المرجوة وليس المواقف
- الحديث بوضوح عن أهدافنا الشخصية بحيث تكون الفائدة مشتركة ومتفق عليها والانتباه بشكل فعال إلى أهداف ومصالح الآخرين المرجوة من الحوار
- الاستفادة من الخبرات السابقة لكل الأطراف المشاركة.

ختاماً أرجو أن تقدم هذه الدراسة الموجزة – المعتمدة أساساً على كتابا احترام الصراع – فائدة تساعد وتساهم في تحقيق فائدة أكبر لجلسات الحوار والنقاش التي عادة ما تكون بحاجة إلى بعض التنظيم والنصائح حتى تحقق القيمة والأهمية المطلوبة.

الجمعة، مايو 27، 2005

حاول أن تفهمني

أمام دمعة
أمام بسمة
وبعد كل تنهيدة
تسألينْ
في لحظة هيام
وحالة ذهول
تتوجسين
وأنا في حيرة
كيف أتعلم حبكِ
وكيف تأمرينْ
وعلى أي جنب تشهينْ
عن كل شيء تسألينْ
وفي كل الأحوال تشتكين
وأنا تائهُ
يجذبني القلب
يعذبني العقل
ألست بين جنبات الفؤاد تلعبين
وعلى أوتار الحنين والأشواق ترقصين
وملء العين تسكنين
بعد أن ملكت العرش تسألين

* * *
أمام نظرة
أمام كلمة
وبعد كل ثورة
يجتاحني الشك
وتعلو روحي صهوة الظن
تشير بسبابة
وتنهال بأمر
والويل كل الويل
لعاصية
أو كما تظن
أنت السيد وأنت الوحيد
تدرك ما تريد
وفي قرارك لا يهم
ماذا أريد
وتزعم أنك الفكر
وأنك الربان العتيد
أوامرك محصنة
أقوالك منزلة
رغباتك شهواتك
وحتى النزوات مقدسة
والويل كل الويل
لمثقلة
لمتعبة
لراغبة
لسارحة
تمتطي فكرة
أو تشتهي أمراً
صور وأمثلة
في مرآة فكري
أرغبها وأرجوها
أحلام وحالات
ليتك تسأل عنها
أعرف أنك تحبني
وعلى طريقتكَ تريدني

* * *

في منزلة مقصورة عليكَ
ومكانة لا يقربها إلا أنتْ
حيث تنعم الأجساد بلذة الروح
يطيب لي أن ترافقني
إلى ساحات فكري
وأسرار نفسي
إلى حيث لا حدود ولا شروط
وأشتهي
لجسد الحب جناحين
متساويين متعانقين
وأشتهي
لعربة العشق
جوادين جميلين
عليهما
أحملك وتحملني
أعلم أنك تحبني
وعلى ما نريدْ يسعدني
أن تحاورني
وعلى أسرارك تطلعني

الخميس، مايو 26، 2005

فن الحوار و التواصل مع الآخرين(1 من 2)
مهارات إدارة النقاش

حتى تكون لدينا قدرة أكبر على التواصل والحوار وحتى تكون حواراتنا أكثر فاعلية وفائدة أقدم هذه القراءة وهذا العرض لكتاب احترام الصراع وهو مترجم لمؤلفيه (يجي غوت) و (فويتشيخ هامان) والترجمة للدكتور مطاع بركات صادر عن دار الأفاق في دمشق وهو في حدود 235 صفحة من القطع المتوسط .
تهدف هذه المراجعة إلى الاستفادة العملية من الكتاب وتعلم فن المفاوضات وإغناء الحوار وإدارته من أجل الوصول إلى تقريب وجهات النظر والتعرف على الآخر وصقل الأفكار بما يؤدي إلى التفاف حول المفهوم الجوهري لكثير من القضايا الخلافية الشائكة.
إنني أظن أن كثيرا من الاختلافات في وجهات النظر إنما يعود إلى قنا عات أو مفاهيم خاطئة أو ناقصة لبعض القيم الإنسانية. كما يعود إلى طريقة التفكير النمطي الذي يعطي الأفكار والأشخاص والمواقف أحكاما مسبقة تقيم على أساس من الثوابت النظرية والرؤية الشخصية.
احترام الصراع
غـــــــوت . هــــــامان
لماذا ألفنا هذا الكتاب :
تدريب الناس حتى يتجنبوا المزا لق التي تودي بهم إلى صرا عات غير مثمرة وأن يتجنبوا الخضوع والإذعان لتحكم الآخرين بهم
وأن يكتسبوا من القدرات ما يمكنهم من الحوار المثمر ومن بناء علاقة تعاون بناءة مع الآخرين آخذين مفهوم المصلحة خطاً جوهرياً . الفكرة الأولى :
لا تأخذ أياً من التوجيهات دون نقد وتفكر، الفكرة الثانية : في مواقف الخلاف والصراع غالباً ما نخضع لانفعالاتنا وارتكاسانتا وننسى تحقيق مصلحتنا.
نتعارك مع الآخر ونحاول بشتى الطرق إقناعه بوجهة نظرنا، نحاول أن نثبت أننا على حق ونتمسك بأمل خادع مفاده أن النصر اللحظي في موقف الصراع سيضمن لنا النجاح الدائم والواقع ليس كذلك.
إن التفاوض إن وجه نحو التعاون هو خير طريق لتجنب الوقوع في معارك هدامة أو في خضوع أو تهاون.

-الصراع والتحكم بالآخرين :
إذا كنا نواجه الطرف الآخر في موقف الصراع أو الخلاف على أنه عدو فإننا نسعى لتهديمه وإخضاعه وليس إلى حل المشكلة أو إقناعه. في البلدان التي ود فيها مؤسسات متخصصة قادرة على التدخل في مواقف الصراع المتزايدة باستثناء الجهاز الأمني والجهاز القضائي ((الذي تزداد فاعليتهما في بلداننا يوماً بعد يوم)) مما يؤدي إلى تأجيج الصراعات بل وإنتاج واختراع صراعات جديدة وإضافية.

الفكرة الأولى :
إن محاولات التوفيق بين المصالح والحاجات والأفكار المتضاربة يشكل منبعاً أساساً للأفكار المبدعة والحلول المبتكرة، فمواقف الخلاف تفجر مخزوناً هائلاً من الطاقة يمكن لفائدتها أن تكون عظيمة لو وجهت الاتجاه الصحيح.
الفكرة الثانية : إن النقاش الجاد الشجاع للقضايا الصعبة المعلقة بين الأفراد والجماعات هو وحده كفيل ببناء الأمن الحقيقي وتشييد أواصر الثقة. فالخلاف ليس منبعاً بأشكال العراك والحرب بين الناس بل ينب ذلك من أسلوبهم في حل الصراع. إن تجنب النقاش والحوار حول الخلافات الحادة والصغيرة يتسبب في تحول أسلوب التفكير عن الواقعية والمنطق نحو جوٍ مغلق من الخيالات والأوهام التي قد تكون أشد خطراً وضرراً من الوقائع الموضوعية والأفكار والمواقف التي يحملها الآخر.

يحاول الناس السيطرة على الآخرين للأسباب التالية : 1- يريدون تحقيق مصالحهم فقط
2- يخلفون من اللقاء الحقيقي والشخصي للآخرين، خاصة
فيما يتعلق بالتعبير عن القضايا الصعبة والهامة.
3- يتقمصون الدور والموقع الذي يمثلونه بدلاً من تمثل حاجات
ومصالح كل الأطراف.
4- يخضعون لجمود التفكير النمطي الجاهز في حل المواقف المشكلة.
ولا يحاولون ولا يقدرون على إبداع أساليب جديدة وخلاقة.
5- يسعون لحماية وتأمين أشد جوانب شخصياتهم ضعفاً وحساسية.
6- يحاولون تجاوز الصراع أو حله بشكل سطحي دون تعمق في جذوره وحقيقته.

وقد تكون بعض هذه الأسباب أو كلها موجودة فينا أو في الآخرين، لكننا لا نريد كشف القناع عن أنفسنا.

- كيف يتم بناء التواصل والتفاهم :
إن المعاركة والانتصار كثيراً ما يكون هدفاً بحد ذاته لدى البعض ، فإذا كان هدفك التفاهم والتعاون المستمر مع الآخرين فعليك أن تمتلك المهارات والقدرات التي تمكنك من إقامة التواصل الجيد والتقيد بقواعد التفاهم المثمر وعدم إظهار التفوق والقوة على الطرف الآخر. عندما يكون الانطباع الأول سيئاً يقرر طبيعة العلاقة من خلال القلق الذي يتحول إلى موقف دفاعي فيلتزم الآخر الحذر والسكوت أو يصبح المرء هجوميا ومتوتراً أو يتصنع إبراز الثقة الزائدة.

الفكرة الأولى : إذا كنت تشعر أن مصلحتك ي تشجيع محدثك على التعاون المثمر تجنب وإياك أخطاء التفكير النمطي. وكن على وعي بما أتيت به إلى اللقاء. وحدد لنفسك المزايا التي تتمتع بها ونقاط ضعفك في علاقاتك مع الآخرين.
الفكرة الثانية : أزل الحواجز وأعط الآخر فرصة ليتعرف عليك ولا تظهر صورة مصطنعة ولا تتأخر في طرح الأسئلة التي تتقرب بها إلى الآخرين. ومما يساعد هنا إتاحة الفرصة للتواصل الجيد وتجنب سوء التفاهم وتقديم معلومات مباشرة بما يسمح بالتحكم في موضوع النقاش وتوفير إمكانية توجيه الحديث إلى نقاط مختارة.
وليس خطئاً أن ترفض أنت أو الآخر الإجابة على الأسئلة المبائرة بدون أن يشكل ذلك عقبة في التواصل.

- الاستجابة البناءة :
هي التي تدفع المتحاورين للوصول إلى مزيد من نقاط التفاهم واستمرار اللقاء. وتتحقق هذه الاستجابة بالبعد عن الحوار التقييمي للآخر أو النقد الذي يمكن بسهولة ن يحرج محدثه، ولا بأس من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجنا ولفت نظر الآخرين إلى الآثار السلبية الناجمة عن تصرفات أنانية أو استفزازية. وهنا تجدر الإشارة إلى بعض مزايا الآخر وتقديره وحتى إظهار الإعجاب بما لديه. لأن التعبير عن المشاعر الإيجابية يحقق تواصلاً متكاملاً.
لقد حان الوقت لنبادر الآخرين بمثل هذه العبارات :
- إنه لمن دواعي سروري أنك تقدر جهودي في التحضير لهذا اللقاء.
- إني أشعر بالامتنان لأنك لبيت دعوتي
- إني أقدر هدوؤك وسعة صدرك.
- لا يسعني إلا الإشادة بالفائدة التي قدمتها
- اعتذر إن أخطأت أو أسأت إليك بدون قصد

وبهذه الطريقة نوقظ المشاعر الإيجابية الحقيقية أثناء التواصل مع الآخرين، وفي المقابل يجدر التجاوز أو البعد عن عبارات مثل :
- إن عمرك لا يعطيك الخبرة والقدرة الكافية
- إنك لا تفهم ولا ترتقي إلى مستوى هذه الأفكار ولا يمكن الاعتماد عليك
- اقتراحك تافه وسخيف وأنت متحيز ومغرض
- إنها امرأة غبية ومغرورة.

إن أكبر مشاكل التواصل هو اعتقادنا امتلاك الحقيقة دون الآخرين أو أننا الأقدر والأعلم لفهم كل ما يدور من حولنا. واستشفاف المستقبل. كل ها لا ينسي التنبيه الواضح إلى بعض النقائص أو الأخطاء أو شرح الاختلاف في وجهات النظر والاحتجاج الهادئ والاعتراض البعيد عن الفظاظة ضروري ويساعد لوقف العدائية رغبة التسلط أو الخروج عن الموضوع لدى الطرف الآخر، ولا بأس من استخدام عبارات مثل :
- إنني لا أوافقك الرأي وأختلف معك تماماً في نقطة محددة
- يبدو أنه لم يتوضح ما أريد شرحه
- ربما أسأت فهمي
- لعلك لم تعطني الوقت الكافي لتوضيح فكرتي

ويفضل عدم التعميم في التخطيء أو التصويب والبعد عن الأحكام الشاملة والتقييمية للأشخاص والأفكار ونبذ الشك وسوء النية بشكل دائم والابتعاد عن الانتقاد الشخصي المباشر أو الإساءات السلوكية الجارحة لأننا بهذه الطريقة نخسر الآخر ونحبطه على نحو غير مرض. ولعله من الأهمية التأكيد على البعد عن الحديث والفوقي والوعظ وتعليم الآخرين ما ينبغي عليهم فهمه لما لذلك الأسلوب من أثر تنفيري يفقد صاحبه المصداقية ويسيء إلى أفكاره حتى لو كانت مفيدة أو صحيحية.

_____________________________________________________
أسس التفاهم المثمر والتواصل الجيد

لا تقيم
لا تعمم
لا تفسر
لا تقدم نصائح جاهزة
عرف عن نفسك
اعرف شريكك في الصراع
قدم للآخر مبررات التواصل

أيها المتحدث! أيها المستمع!
ميز بين المسائل الجوهرية الثانوية لا تعرقل محدثك
تحدث إلى المستمع وليس عنه أعط المتحدث الوقت والانتباه
عبر عن حاجاتك ومشاعرك ومخاوفك تحقق هل فهمت القصد جيداً
____________________________________________________


الإصغاء الفعال

إن القدرة على الاستماع هي الأداة الرئيسة للوصول إلى وتواصل بين الناس وخاصة في مواقف الخلاف والصراع، وهي تلعب دوراً واضحاً في التخفيف من الميول العدوانية في لحظات التوتر والانفعال. إن الإصغاء الفعال يحمينا من الوقوع أسرى أفكارنا المسبقة أو انفعالاتنا المحمومة، ولتحقيق ذلك علينا تعلم ثلث مهارات :

1- التلخيص : هو تكرار ما قاله محدثنا مستعملين في ذلك كلماتنا الخاصة وهو مفتاح الاصغاء الفعال ويبدأ بعبارات مثل :
مما تقول فهم أنك .......
إذا كنت أفهمك جيداً فإنك تعتقد أنك ......
قلي هل فهمتك جيداً .

بهذه الطريقة تركز انتباهك على ما يقول محدثك ويسهل عليك فهمه. ومن الأخطاء الشائعة في الحوار، المناورة ومحاولة إقناع الآخر بسرعة بصحة وجهة نظرنا وهذا يجعلنا نركز انتباهنا على أنفسنا وأفكارنا الخاصة. والتلخيص له دور كبير في توجيه انتباه المتحدث إلى النقاط التي تهم الطرفين.

إن الانتباه والتركيز وتلخيص النقاط والأفكار يمنع المحاور من الشرود ويجعله يركز على الموضوع المتفق عليه للنقاش.

2- عكس المشاعر : إن التواصل البصري والتركيز على لغة الجسد بمعنى التركيز على حركات أيدينا وجسدنا يعطي الآخر الثقة والأمان ويوحي له باهتمامنا بما يطرحه ويساعد بشكل كبير على رفع قدرته في إيصال ما يريد من الأفكار ويقرب وجهات النظر مغيباً مفهوم العدائية في الحوار.

إن تمثل عالم المحدَّث يفيد في قيادة موضوع الحديث حول النقاط الهامة التي نرغب بها وعندما يحس محدِّثنا بأننا قريبون من عالمه الخاص يكون من الأسهل علينا التأثر والتأثير الإيجابي في مجريات ونتائج الحوار.

3- توجيه الحديث : إن إطالة الحديث والإجابات المعقدة والمتشعبة تصرف الآخر عن الانتباه وتشتت تركيزه ويضيع الوقت، وهنا لا بد من التدخل وإعادة التركيز باستخدام مهارة التلخيص وطرح الأسئلة الاستفهامية وطلب العودة إلى موضوع المحادثة الأصلي.

تشجيع المحدث :
يكون بالبدء بالكلام عن خبراتنا أو خبرات الآخرين المفيدة في مجال النقاش، وبإبداء الجزء لمخفي الإنساني في شخصيتنا فيتشجع على أن يحدثك حديثا أعمق وأصرح عن خبراته المشابهة، ويساعد في ذلك تحديد نقاط الحوار بوضوح ودقة والبعد عن العمومية والتوجيه. إن توجيه الأسئلة ضروري من أجل السير نحو نتائج مرضية في الحوار.


---------------------------------------------------------------------------------------
أدوات الاستماع الفعال

1- التلخيص : ويتطلب مهارات :
الانتباه
الفهم
التركيز على الموضوع

2- التمثل : ويتطلب مهارات التلاؤم مع المحدِّث من خلال :
التحكم بالوضعية الجسدية
قوة وإيقاع الحديث
التناسب مع مزاج المحدث

3- توجيه الحديث : ويتضمن :
ترتيب محتوى مبعثر الحديث
تشجيع المتحدث على الكلام
توجيه الأسئلة

---------------------------------------------------------------------------------------

الاثنين، مايو 23، 2005

بين أحضان القمر الراحل

أريد أن أمسك بكَ
أريد أن ألحق بكَ
أرجوكَ ألا تهرب
مضيتَ دون أن تدعني أجرّبُ طعمك الحلو
أنظرُ إلى الأمام ِ
ثم ألتفتُ إلى الوراءِ
في الأفق تبدو صورٌ مبهمةٌ
نحو الخلف
طريقٌ طويلةٌ تملؤها ألسنة هازئة
أرجوكَ انتظرني
سأضاعفُ جهودي
سأهتمُ بكل ما يجعل الأطفال يكبرون
سأقهقهُ مثل المراهقين
و أنظرُ إلى الفتيات مثل أبناء العشرين
سأدخل الخيط في سُمّ الخِياط
و أتدرب على القراءة من بعيد
سأشحذ ذهني بالمناظرات و الحوارات
أصاحبُ الألوان
كل الألوان
سأغسل روحي بالورد و نفسي بعطر الزهور
أرجوك لا تبتعدْ أكثر
***
في تربتي السمراء
ينبت قلبي الأخضر
سأرويه بالعرق
و العقاقير
و أسقيه فكر الطيور
حتى يثمر في الخريف
كما يثمر الشجر تحت الزجاج
سأحارب الحسرة
و أحذف الأسف من بين الكلمات
سأخالط الأطفال
و أتعلم من جديد
***
أرجوك ابقَ
في رأسي شمعةً
بل مصباحاً
ابقَ أملاً و رمزاً
كن أنت السيدَ
رغم صِغركَ
لك أن تأمرَ أو تنهيَ
سأجتنب كل ما يؤذيكَ
و أبتاع آلات تغريك
سأجمّل أهل بيتي
و أخاوي صغار غرفتي
***
لم أعرف طعمك الحلوَ
شغلتني الأهدافُ
و أنهكني البيت
و كادت أن تصفرَّ أوراقي
قبل أن تثمر عناقيدي
أرجوك استيقظ
و لا تنم
حاول معي
علِّي أمسك بعضاً من مزاياك
علِّي أطيل عمر الخضرة في كرْمي
أرجوكَ و أرجوني
و أرجونا
و لك الأمرُ رغماً عنك
و عنِّي

الجمعة، مايو 20، 2005

إحسان طالب_سوريا المستقبل القادم رأي في الديمقراطية و الوطنية

سوريا المستقبل القادم
رأي في مفاهيم الوطنية والديمقراطية


إن التغير المأمول في بلدنا مطلب حاضر ومستقبل قريب والعمل من أجله يتطلب سعيا وصبرا ويتخذ أشكال عديدة لعل من أهمها نشر المعرفة وترسيخ الثقافة السياسية والاجتماعية. وكثيرا ما يتطلع الكتاب السوريون إلى ضرورة التوافق على مفاهيم ومضامين تصلح منطلقات تجتمع حولها المعارضة السورية، وبحثنا هذا مساهمة في هذا المجال.
فالبحث في مفاهيم الوطنية والديمقراطية من أجل الوصول إلى المعرفة ووضع مفهوم سياسي في متناول اليد يساهم بشكل مباشر في إقرار ثقافة المشاركة والتسامح والحرية على قاعدة الوطن للجميع وكل أبناءه مواطنون ذوو حقوق يمارسون السياسة والاقتصاد بحرية وديمقراطية.

إن احتكار السياسة والاقتصاد في المجتمع السوري نذير شؤم وانتهاج أسلوب الانفراد في القرار والاستئثار بثروة الوطن ومقدرات الناس كانت وما زالت السبب الأول للتخلف والضعف والتأزم الداخلي والخارجي والاعتقاد بأن الأوضاع ستتغير بنفس الأساليب السابقة إنما هو وهم هدفه الإبقاء على الاستئثار بالقرار والثروة. وأعمى البصيرة فقط هو الذي لا يرى الأحداث من حولنا ولا توحي له التغييرات الدولية والإقليمية بضرورة التغيير.

إن الوطنية والديمقراطية ليست مجرد شعارات جوفاء تطلق في كل مناسبة ــ كما يظن بعض الوزراء ــ إنها مطالبة ذات أهمية بالغة يرتكز عليها مستقبل بلدنا وأولادنا وأحفادنا، فسورية اليوم ليست كما نحب ونرضى بل ليست مكانا مناسبا للعيش بحرية ورخاء وإذا أردنا لبلدنا الخير والأمن والاستقرار فالحل في البدء بالتغيير السياسي والإصلاح الشامل من منطلقات ديمقراطية ووطنية لا تفرغ هذه المفاهيم من معانيها ولا تعلبها ضمن إضافات أو ارتباطات تلغي فاعليتها. إننا بحاجة ماسة بعد تجريب النظام الشمولي لأكثر من أربعة عقود للخلاص من الأيدلوجيات السياسية التي تستحق أرفع أوسمة الفشل وأعلى التقديرات في مستويات الهدر والتفرقة .

الديمقراطية مفهوم ونظام :
التعريف المتعدد للمصطلحات السياسية تتقاطع وقد تتباين وفي النهاية هناك مفهوم عام جوهري يتبادر إلى الذهن عند ذكر المصطلح وغالبا ما يكون هذا الجوهر محل اتفاق، وليس المهم في هذا المقام الحديث عن منطلقات نظرية أو تنظيرية محدودة بل لا بد من النظر إلى المسألة بإسقاطها على الواقع أي ما يحدث اليوم وما نريد حدوثه غدا .
إن الديمقراطية نظام سياسي مقيد يعتبر مجالات عمل الدولة مرتبط بالحريات الفردية والحريات العامة. وفي هذا النظام تكون السيادة الحقيقية على أنظمة وسلطات الحكم للناس الشعب المتكون من كل المواطنين المنتميين إلى الوطن وبذلك يكون الشعب هو المرجعية النهائية للحكم والنظام بالانتخابات السرية والحرة المراقبة محليا ودوليا يمارسها المواطنون بعد مشاركتهم في مشاريع انتخابية حقيقية يقدمها مرشحون وفقاً لقانون يضمن المساواة والفرص المساوية للمؤهلين للترشيح.
ويرتكز النظام الديمقراطي على مجموعة من المبادئ والقيم والحقوق جوهرها الحرية والمساواة وسيادة الشعب وتداول السلطة بين أفراد وجماعات وأحزاب الوطن واعتبار الفرد قيمة بحد ذاته وجدت الدولة من أجل الحفاظ على حقوقه المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة كما وتؤكد على مبدأ فصل السلطات كضمانة وحماية للنظام الديمقراطي وحريات وحقوق الأفراد والجماعات التي تكون نسيج الوطن، وقد تختلف أشكال الحكم من بلد إلى آخر ضمن النظام الديمقراطي بما يتيح للدول الحرية في اختيار الأشكال التي تراها ملائمة أو متفقة مع أوضاعها الخاصة، ففي فرنسا وبريطانيا وأمريكا يختلف شكل الحكم إلا أنها تتصف بكونها نظم ديمقراطية تطبق فيها بطرق مختلفة. كذلك في الهند وإندونيسيا وماليزيا هناك ديمقراطيات متلائمة ومتوافقة مع طبيعة تلك البلدان بالرغم من اختلافها في الثقافات والأعراق والأديان حيث تعتبر الهند أقدم ديمقراطية في أسيا في حين تعتبر إندونيسيا وماليزيا دولا إسلامية ديمقراطية.
لم يقف الإسلام الغالب على شعوبها عقبة في وجه تطبيق الديمقراطية. وبذلك تسقط كل حجج الخصوصية والتقاليد والدين التي عادة ما تثيرها أنظمة الحكم في البلاد العربية.
الديمقراطية مفهوم شامل بدون إضافات شعبية , اجتماعية, مركزية, حزبية, وكل إضافة تفرغ المصطلح من أهميته. وهي تعني وجود معارضة قوية لنظام الحكم قادرة على المشاركة في العملية السياسية وتصويب المسار عبر المراقبة والمسائلة وتداول السلطة. وكلما كان النظام السياسي في بلد ما سليما ومعافى ومستقرا كانت لديه معارضة سياسية قادرة وفعالة والعكس صحيح، وأدل شاهد على تفكك النظام وهشاشته أن تكون المعارضة فيه غير قادرة على إدارة مدرسة.
ليست مسؤولية الناس أن يعلموا الحاكم الديمقراطية أو يقدموها له بالتدرج والتسلسل ومحاولة إقناعه بمحاسنها وفوائدها على استقرار الحكم والبلد، بل ينبغي على رأس السلطة إعطاء الناس الحرية وحق ممارسة الديمقراطية وللأفراد والجماعات.
عندما يشترك جميع أبناء الوطن في الاقتصاد والثروة وصنع القرار وبناء الحاضر و المستقبل، عندما يكون من حق المواطن العادي أن يحلم بأن يكون حاكم ويسعى إلى الحكم بطرق قانونية ودستورية، عندما تغيب الحاكمة الأبدية والخلود القيادي تحضر الديمقراطية.

الوطنية مفهوم حقوقي ومدلول سياسي :
أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر كلمة الوطنية حب الأرض وغريزة الدفاع عن الحمى والذود عن العشيرة تجاه الخارج والذود عن حياض القبيلة وهذا المفهوم تطور كثيرا في بلدان العالم، ونشأ مفهوم المواطن في الحضارة الرومانية وتطور كثيرا في مخال الحضارات الحديثة واتخذت مفاهيم جديدة تفرق بين الوطنية كمفهوم حقوقي ومدلول سياسي وبين الوطنية المعادية للخارج ولكن الحال ما زال مختلفا في ثقافتنا العربية حيث ما زال مفهوم الوطنية مرتبطا بالعدائية تجاه الخارج.
وهنا محاولة لتأصيل مفهوم للوطنية مرتبطة بالحداثة أخذاً بعين الاعتبار علاقة الوطنية بالحقوق والقيم والديمقراطية.
قد يكون مفهوم الوطنية من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تعريفات لارتباطه الوثيق بما هو الأفضل للوطن والناس. وبالرغم من التفاوت في تعريفاتها فهناك قواسم مشتركة تجمع كل المفاهيم والشروح على أصل الكلمة التي لا تثير كثيرا من الجدل في مفهومها بقدر ما تثير من خلافات في تطبيقها أو توصف حالات معينة أو فترات زمنية أو أشخاص.
((قد يعتبر البعض أن الوطنية منظومة من الحقوق المدنية والحريات الأساسية وما يتصل بها من التزامات ومسؤوليات تتجلى جميعها في مبدأ المواطنة وهو مبدأ سيادة القانون ومساواة المواطنين. المشاركة الإيجابية في الحياة العامة وتعبيرها الحقوقي هو الجنسية)) لجان المجتمع المدني
وقد يعتبرها البعض المصلحة العليا للبلاد بما يتفق مع التنمية الشاملة والحفاظ على الموارد والبيئة.
وهنا من أجل التوضيح سأفرق بين : الوطنية والمواطنة
فإذا اعتبرنا المواطنة حق العيش على أرض تنتمي إليها وتحمل هويتها أو تستحق أن تحمل هويتها ضمن عقد اجتماعي بين الأفراد والدولة يتم بموجبه معرفة الفرد لحقوقه وواجبا ته تجاه الدولة ومن ثم حقوق وواجبات الدولة تجاه الفرد، فإن شروط هذا العقد تقضي بضمان حقوق المواطن من قبل الدولة القائمة على أرض الوطن. فالوطنية هي العمل على تحقيق مصلحة الأرض والناس برؤية قابلة للخطأ والصواب ــ أي التغيير والتعديل ــ وعليه تكون المواطنة حق ممارسة الوطنية من قبل المواطنين وبذلك ينتفي الولاء المطلق لرأس السلطة أو للحزب الحاكم لأنه يتعارض مع حقوق المواطنة التي تساوي الحاكم والمحكوم أمام الدستور والقانون ، والولاء المطلق ، عبودية المواطن لقمة السلطة وخضوعهم التام على مدار الساعة ــ من النهار إلى النهار ــ وإذا كانت الوطنية ترتبط بغريزة الحب والدفاع فهي قد تتفاوت من شخص لآخر وقد تتحول إلى مرض العداء للخارج وتأليه أو تقديس الداخل وتكون إشكالية العلاقة بين الداخل والخارج قائمة على التناحر والتنافس وهي تاريخيا كذلك، إلا أن تطور العلاقات الدولية واعتبار الأحداث التي تجري في أية جزيرة صغيرة ومنعزلة قي أقاصي المحيط أحداثا تحت دائرة الضوء يتم التركيز عليها والإطلاع على تفاصيلها من قبل كل العالم غدا من غير الممكن اعتبار الداخل منعزلا عن الخارج أو بمنأى عن التأثر والتأثير المباشر وغير المباشر في المحيط الخارجي والمحيط الدولي.
وضمن مفاهيم العولمة لم يعد الحاكم في أي دولة في العالم يملك الوطن والمواطنين ويحق له ممارسة كل أنواع الاستبداد والفساد من أجل البقاء في السلطة دون مساءلة أو غياب للمراقبة الدولية. وبذلك تأخذ الوطنية مفهما لا تغالي في العداء للخارج بل تقتصر على إقرار خدمة الوطن وأبناءه وأرضه.
وفي ظل مفاهيم الديمقراطية العالمية لم يعد صحيحا بحال من الأحوال استعداء الخارج الذي له مثل الحقوق التي للداخل والعلاقة الديمقراطية بين الدول القائمة على المصالح والتعاون والتبادل المشترك والمساواة أمام القانون الدولي هي التي ستحد من غلواء الوطنية وتهذيبها.
وإذا كانت الوطنية متفاوتة وقابلة للتورم والاستعداء فإن المواطنة لا تعترف إلا بالمساواة بين جميع المواطنين، تسييساً لما سبق لا يجوز أن تحتكر فئة أو حزب أو طبقة الوطنية لنفسها وُتخون الآخرين وهذا خطأ درجت أحزاب سياسية معروفة في تاريخ سورية الحديث على الوقوع فيه.
وكانت تعتبر النظام الحاكم غير وطني كما كان هو يعتبرها خائنة وسبب ذلك غموض الرؤية وضبابية الغايات والأهداف مع الغياب المرعب للديمقراطية داخل الأحزاب وضمن أنظمة الحكم السائدة.
وتتجاوز الوطنية في مدلولها السياسي أفكاراً قديمة وموروثة تحدد علاقة الناس بالحاكم بعلاقة الراعي بالرعية فالراعي هو القائد الفذ الملهم الأول في كل شيْ وهو وحده القادر على الاهتمام بالرعية واختيار ما هو الأفضل والأصلح للرعية وهو يختار لهم أفضل وأعدل الأنظمة وواجب الرعية السمع والطاعة وإن رأت خطأ تنبه له والراعي يفصل في الأمر.

((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته))
الوطنية تتجاوز مفهوم الجماهير التي تجمع ببوق وتفرق بأمر. الجماهير المنساقة بحب غريزي نحو القائد الملهم الذي ما يلبث أن يغدو إلهاً وتغدو الجماهير عبيدا. وكل ما يؤثر على صورته أو سلطته يغدو عدواً أو خائنا وبهذا التجاوز لا تغدو الوطنية أيديولوجية سياسية منغلقة ولا تتحول إلى دين.
الأنظمة الشمولية ومفهوم الوطنية :
تلاعبت الأنظمة الشمولية بمفهوم الوطنية و كعادتها سعت لتسخيره وعول بته بما يساهم في تخليد سلطتها وتأييد سيطرتها ولعقود طويلة غاب الوطن وحضر الرمز وتحول الولاء والوفاء والانتماء للقائد الأعلى ومن ثم للحزب القائد فوق كل الاعتبارات وتماهى الوطن مع الرمز وغدت الوطنية ولاءً مطلقاً لرأس السلطة التي غيبت هذا المفهوم وذوبته في الأيدلوجية القومية وألغت مفهوم سورية الوطن واستبدلته بمفهوم الوطن العربي الكبير.
في حرص شديد على إخراج المواطن والشعب من دائرة الاهتمام المركزية وتحويل الثقافة الوطنية نحو المحيط الخارجي استعداءً أو استرضاءً ألحقت الوطنية بالعدائية ورسخت مفاهيم قومية لا ترى الآخرين إلا من الأعلى، وغدا الحديث عن الوطن في معارضة مفهوم الأمة بهدف الانفراد بالسلطة والثروة والنأي بهما عن المراقبة وصرف الأنظار نحو الخارج العربي لتحقيق حلم أو وعد تسعى الأنظمة بكل ما أوتيت من قوة لعدم حصوله بطرق حضارية أو مدنية، وإنما العمل بالقوة والعنف لتحقيقه بهدف الاستيلاء والانفراد بمزيد من السلطة والثروة ( احتلال الكويت من قبل صدام ــ بقاء القوات السورية في لبنان لأكثر من ثلاثين عاماً ــ السعي الليبي للسيطرة على الدول الأفريقية المجاورة ) ومن أجل الاستغراق في تغييب الوطن وقيم ومبادئ المواطنة، سعت هذه الأنظمة إلى استعداء العالم الخارجي وإيهام الإنسان البسيط بالخطر الداهم لصرف الأنظار عن مستويات الإذلال والإفقار والمهانة التي وصل إليها هذا الإنسان، وتأجيل مشاريع التنمية والحفاظ على البيئة إلى حين القضاء على العدو الخارجي. في الوقت الذي تدرك فيه تماماً عدم قدرتها على مجابهة هذا العدو و تعقد اتفاقيات هدنة للإبقاء على الصراع قائماً نظرياً بما يسمح بقمع كل الحريات و استباحة الإنسان و الوطن بحجة الوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدو المفترض الذي يكبر يوماً بعد يوم و كلما ظهر فشل هذه الأنظمة في صراعها مع العدو تعمل على توسيع دائرة عدائها و تضخم العدو و تضيف أعداء جدد يستحيل التغلب عليهم و هكذا يطول أجل الصراع و تحضر الأجيال الناشئة لترث الصراع مع الأعداء القائمين والمحتملين ونقله للأجيال القادمة بعدها في حين ترتع الأنظمة الشمولية الفئوية في خيرات الوطن و تورث الأبناء ثروات جمعت من داخل الوطن وغدت إمبراطوريات رأسمالية في الخارج،وأخيرا لجأت الأنظمة الشمولية إلى نبذ العلمانية وإصباغ الصراع باللون الديني وإعطائه أوصافا عقائدية شرعية وإلحاق الدولة القومية المنشودة بمفاهيم الأمة الشاملة. وهكذا تزداد الشعارات تورما وتتعقد المهمات المستحيلة أصلاً . ويغدو الوطن والمواطن في خبر كان الغائب.
الأنظمة الشمولية ومفهوم الديمقراطية :
لم تكن المسألة الديمقراطية ذات بال في الطروحات الأيديولوجية للأنظمة الشمولية.
ونتيجة لاحتكاك بعض مؤسسي الأحزاب الشمولية بالثقافة الغربية كان لزاما التفاتهم نحو مفاهيم الديمقراطية السائدة، ولما كان الوصول إلى السلطة هدفا بحد ذاته والبقاء فيه غاية نهائية، كان لا بد من إفراغ المشاركة السياسية والتعددية الحزبية وإسهام المواطنين في السياسة من مضامينها والالتفاف عليها واللجوء إلى أساليب تجعل مجرد التفكير في السياسة جريمة فضلاً عن ممارستها، وصارت المشاركة الوحيدة في السياسة هي البحث في صوابية الأنظمة وعظمتها وتحويل هزائمها المرعبة إلى إنجازات معجزة.
وكذرٍ للتراب في العيون تبنت الأنظمة الشمولية شعارات تلحق الديمقراطية بتوصيفات وتحديدات تسلبها الإطار الحقيقي للكلمة وغدت الديمقراطية الشعبية والديمقراطية الحزبية والاجتماعية طريقاً وأسلوباً لوضع العراقيل والحدود أمام المفهوم الأساسي وأنشئت المنظمات والنقابات والهيئات بقرارات سياسية وانتخابات شكلية نتائجها ليست معروفة فقط بل ومكتوبة.
ورسخت الثقافة الشمولية أعجمية الديمقراطية ونسجت على منوال الخصوصية والاختلاف الثقافي والعرقي عن بقية دول العالم لتجنب اللجوء إلى المشاركة الحقيقية للشعب في السلطة والقرار.
وأقحم الدين في مواجهة التغيير الديمقراطي على اعتبار الثقافة الغربية فاسدة ومتحللة من الأخلاق والقيم والمبادئ وكل ما تطرح يتعارض مع تقاليدنا وعاداتنا الإسلامية والعربية الأصلية. ولما زادت المطالبة الخارجية بالديمقراطية تجندت الأقلام لتفنيد مفاسد الغرب وضلاله وغيه والعزف على وتر الثراء الثقافي والحضاري لأمتنا وصد الغزو الثقافي الآتي إلينا من الخارج وأننا سنصنع ديمقراطيتنا الخاصة خطوة، خطوة وقد نصل بعد عقود أو مئات من السنين لكننا نحظى بشرف المحاولة. وتكون النتيجة الإصلاح الجزئي وبطرائق استثنائية وتفضيلية انطلقت أساساً من رؤية فردية أو حزبية ضيقة . وكتأجيل للحل الديمقراطي تلجأ الأنظمة إلى التعددية الشكلية.وتشهر أحزاب تتفق مئة في المئة مع المنهج الفكري والعملي للحزب القائد وتعد تلك الأحزاب الوهمية خط الدفاع المتقدم عن سياسات السلطة الداخلية والخارجية التعددية الشكلية والانتخابات المحددة النتائج والديمقراطية الملحقة بحدود وأوصاف قادرة على العيش جنبا إلى جنب مع الأنظمة الشمولية بل وستساهم في تثبيت أركان السلطة وتوريث الدولة والثروة.
(( في مصر التعددية موجودة والصحافة الحرة موجودة إلى جانب الإنفراد بالسلطة والعمل على توريث الحكم )) ــ برهان غليون موقع الرأي ــ .
إن الأنظمة الشمولية التي تعتبر نفسها وطنية وليست ديمقراطية إنما دمرت الوطن وقضت على المواطن ورسخت ثقافة الاستبداد وائتلاف الظلم وأوجدت تيارات تعتبر الديمقراطية وهماً وشعاراً أجوف وجد لإبعاد اهتمامنا عن قضايانا الكبرى وأعدائنا الحقيقيين . وإن الظلم والفساد والاستبداد لا يتعارض مع الوطنية طالما توجه الاستبداد بالشعار للحرب على الخارج وحتى ولو لم يفعل يكفيه فضيلة موقفه الثابت وشعاراته الراسخة.
مفهوم الوطنية في الفكر الديني :
جاء المفهوم الديني من أجل السمو بالروابط بين البشر والارتقاء بها إلى المستوى الإيماني والروحي ، فالدين لا يعترف بوجود حدود جغرافية ( أضحى الإسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطنا ) ــ محمد إقبال ــ
تعتبر الوطنية في الفكر الديني ارتباطا بالأرض يشبه إلى حد كبير ارتباط الحيوانات بالحظائر.
( إن لبنان أرض إسلامية فتحها أجدادنا الصحابة الكرام عليهم الرضوان فنحن قاطنون في أرض لبنان الذي هو قطعة من بلاد الشام والشام بدورها جزء من دولة الخلافة إن شاء الله ) ــ أمين مكناس عضو المكتب الإعلامي لحزب تحرير لبنان ، السفير 11/5/2005
فالكون يجب أن يكون وطنا واحدا يحكم بأمر الله وشريعة الله والأوطان لا وجود لها صغيرة كانت أم كبيرة. هذه هي المنطلقات الأصولية ، لكن الواقع التاريخي للدولة الدينية منذ فجر الإسلام إلى الآن يظهر فشل تلك النظرية بالإضافة إلى كونها نظرية ميتافيزيقية غير قابلة للتطبيق. فالدولة الإسلامية منذ عهد النبوة كانت قبلية (( الأئمة من قريش )) وأبو بكر أبى أن يولي الأنصار ورفض تحكمهم في دولة الإسلام في المدينة المنورة التي هي مدينتهم أصلاً ، وعمر بن الخطاب كان قوميا بامتياز والنفس العروبي كان ملازما لفكره وأعماله ولا يخفى على أحد المآخذ التي أثارتها معارضة أهل البيت على عثمان الذي أقطع البلاد والثروات لرحمه وأهل بيته وعندما اعترضوا عليه قال : ( وهل أآخذ إذا وصلت رحمي ) ثم جاءت الدولة الأموية استمرارا لتحكم الأسرة والقبيلة وأورثت الدولة لبني مروان تؤكد القبلية التي قامت عليها الدولة. في حين كانت الدولة العباسية انتماءً لأبي العباس مؤسسها الذي اشتهر بفتكه الشديد لبقايا الأمويين وحتى حلفائه الذين قد يشكلوا خطراً على سلطته من المعارضين السابقين.
وتعددت الارتباطات القومية والقبلية التي تلت انهيار الدولة العباسية فكان البويهييون والإباضيون والبرامكة والقرامطة والفاطميون والمماليك والأيوبيون والسلاجقة إلى أن جاءت الدولة العثمانية التركية القومية الجذور والتي عرف تاريخها عنصرية واضحة ضد العرب والأرمن وسواهم، وفي عصرنا الحالي الدولة الفارسية الإسلامية في إيران ( أشار الصحافي الفرنسي إيريك ردلو في مقابلة مع قناة الجزيرة إلى أسبقية القومية ولاحقة الدين في فكر الخميني كونه على صلة وثيقة به خلال إقامته في باريس ) ، والدولة العربية السعودية القبلية في الجزيرة المنسوبة أصلاً إلى مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بمرسوم ملكي أصدر في 13/9/1932 .
وفي استعراض دقيق للنصوص الشرعية نجدها تخلو تماما من إشارة إلى قيمة الوطن أو الأرض أو الانتماء للدولة بدون ارتباطات دينية، ولا يوجد دلالة على عقد اجتماعي بين الفرد والحاكم ، ولم تعرف السياسة ونظمها في الإسلام إلا البيعة والطاعة وعلاقة الراعي بالرعية ولم يكن هناك مجلس أو مجالس تتولى مصالح الناس بل الشرطة والقضاء وعلماء الدين هم المسئولون عن النظر في مصالح البلاد والعباد وتقديم النصح والمشورة على الحاكم. والشورى على الرأي الفقهي الراجح والإشارة الوحيدة إلى التعلق بالأرض غير ملزمة للأمير أو ولي الأمر.
والإشارة الوحيدة إلى التعلق بالأرض جاءت بعد هجرة الرسول إلى المدينة حيث أصاب المرض بعض المهاجرين وقال النبي : ( إنه هوى مكة ) . وحب النبي لمدينته الأم كان دائما مبررا لوجود البيت الحرام والكعبة.
أما مقولة حب الوطن من الإيمان فهي محدثة ولا أصل لها لا في القرآن ولا في الحديث ولا في المأثور عن الأئمة والصحابة والتابعين، إذن فمسألة الوطنية طارئة في الفكر الديني.
( إن النظام السياسي الإسلامي ابتدأ كنظام قبلي لعدم وجود مفهوم المواطنة وحتى الآن فإن الإسلام السياسي يلح على لفظ الأمة متصوراً أن المسلمين جماعة أو قبيلة واحدة ) محمد سعيد عشماوي .
وفي رؤية الإخوان الأخيرة جاءت الإشارة إلى دولة المواطنة التي يتساوى فيها ( جميع المواطنين أمام القانون ويتمتعون بالحقوق السياسية التي يكفلها الدستور وتنظمها القوانين ) واعتبرت العلاقة بين الحاكم والمحكوم تعاقدية منبثقة عن إرادة حرة ) رؤية الجماعة ص 37 .
والواقع أن هذا الموقف الإيجابي ما زال قيد بحث وجدل شديد بين أقطاب التيار الديني ومفكريه كونه لا يستند إلى آية مرجعية نصية أو حتى فتاوى فقهية سابقة. وبذلك تكون هذه الرؤية اجتهادية فوق النص تتعارض مع ما أقرته الجماعة في مرتكزاتها باعتبار المرجعية الدينية أساساً للدولة الحديثة في حين أن حزب التحرير الإسلامي ما زال يصر على مبادئ البيعة والشورى والإمارة والإمامة التي لا تتضمن حقوق المواطنة الحديثة المتعارضة مع النصوص الشرعية.
الوطني والديمقراطي من مفهوم قومي :
في الثقافات العالمية لا يوجد تفريق بين الوطنية والقومية وغالباً ما تتداخل المصطلحان ويصبحا كلمتان لمعنى واحد.
سعت الأنظمة الشمولية في أوربا الشرقية إلى تذويب القوميات في المفهوم الوطني ، وحاول تيتو في دولته المتعددة القوميات والأديان (( يوغسلافيا )) طحن القومي والديني في المنطق الوطني لكنه لم يفلح وتفتت دولته ونشأ عنها دويلات على أساس الأعراق والأديان، كذلك الحال في تشيكوسلوفاكيا السابقة التي انفصلت إلى دولتين على أساس عرقي، وكذلك هو الحال في الاتحاد السوفييتي السابق حيث سعت الدولة المركزية لطمس القوميات والأديان وصهرها في بوتقة الوطن لكنها بعد سبعين عاماً من النضال والفكر الأيديولوجي لم تفلح ونشأت العديد من الدول كان الغالب عليها الطابع القومي وأحيانا الديني.
في حين أن الأنظمة الشمولية العربية عكست الآية وأرادت تذويب الوطن والأعراق والأديان في بوتقة القومية وجهدت طيلة أربعة عقود لطمس الهويات الوطنية والقوميات المختلفة التي يتألف منها النسج الوطني وكانت النتيجة الفشل الذر يع في لبنان كما في محاولة تعريب الأكراد السوريين والأكراد العراقيين وتفريس عرب الأهواز الإيرانيين في حالة مشابهه.
الديمقراطية عند القوميين ديمقراطية مركزية فمؤتمرات الحزب تنتخب بشفافية وحرية الأجدر والأقدر من كوادر الحزب قائد الجماهير ليكون قائد الوطن.
وهناك ديمقراطية درجة ثانية هي الشعبية وتتم ممارستها ضمن منظمات ونقابات واتحادات موالية ولاءً أعمى للحزب القائد يتم قادة لهذه الهيئات عن طريق الانتخابات الصورية.
وأخيرا تبنت الأحزاب الشمولية مقولة الديمقراطية الاجتماعية في سعي لإبعادها عن المفاهيم السياسية والحقوقية .
في البلاد العربية إبان الحكم التركي كان مفهوم الوطنية متجليا في الانتماء القومي حيث كان أعلام النهضة العربية يرون مصلحة البلاد والعباد في الانعتاق من نير الأتراك وعندما أعياهم الإصلاح لجأوا إلى الاستعانة بكل ما يحقق غايتهم وتسبب ذلك باعتبارهم خونة وتم إعدامهم في 6 أيار عام 1916 في بيروت ودمشق، وفي المقابل اعتبر بعض رواد النهضة العربية أن السعي للإصلاح إنما يكون من خلال تغير الاستبداد الداخلي وبقاء الارتباط الديني مع العثمانيين وكان على رأس هذا التيار جمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي الذي لم يسلم من الاستبداد وتم اغتياله من قبل الأتراك عام 1902، والإشارة هنا إلى رواد النهضة العربية ليس من قبيل السرد التاريخي إنما هي حالة استشرى فيها الاستبداد والفساد وسعى أعلام التيار التنويري العربي للتخلص منه بأساليب مختلفة وربما كانت متعارضة ولكن الغاية كانت واحدة والنتائج جاءت مخالفة لتوجهات الجميع حيث احتلت البلاد العربية من قبل أوربا التي تم طلب مساعدتها وفي نفس الوقت لم تفسح سلطة الاستبداد مجالا للتغيير أو الإصلاح.
وبالرغم من التغير الجذري الحاصل في النظام العالمي الجديد والعلاقات الدولية بما يفرض شروط موضوعية مغايرة للحالات التاريخية إلا أن الالتفات نحو تلك الحالة يساهم في توضيح الرؤية.
العلاقة بين الديمقراطية والوطنية :
أية دراسة نظرية سطحية لا تظهر علاقة بين المصطلحين وخاصة عندما ترتبط المفاهيم الوطنية بغريزة الحب والدفاع ، وربما كانت الأسبقية التاريخية لتطبيقات الديمقراطية ووجودها في أنظمة الحكم اليونانية القديمة حيث عرفت أثينا الحكم الجمهوري الديمقراطي وساد إسبارطة نظام ملكي تخللته مظاهر ديمقراطية ، في حين ظهر مفهوم المواطن في الحقوق الرومانية إبان العهد الجمهوري الروماني الذي عرف التشريع المدون والمقونن ، ووجد الالتباس والغموض استنادا إلى حداثة مفاهيم الوطنية وتاريخية ظهورها القريبة من عالمنا الفكري السياسي المعاصر.
بيد أن التأسيس على دراستنا يظهر ارتباطا هاما وحيويا بين المفاهيم ويؤكد على ضرورة وجود قاسم مشترك بين الوطنية والديمقراطية. فكلا المفهومين يشتمل على حقوق مدنية وسياسية يضمنها العقد الاجتماعي بين الدولة والفرد.
فإذا كان الحفاظ على بيئة الوطن وثرواته البشرية والمادية وتحقيق التنمية المستدامة من أجل رفع مستويات الحياة المدنية والحضارية من أولى مهمات الدولة الوطنية فإن الراعي لهذه العملية والمشرف على استمرارها وتحقيقها هو النظام الديمقراطي.
إن الرغبة أو النية الصادقة المنطلقة من وطنية غريزية لدى بعض القادة الأعلام في تاريخ العرب الحديث أجهضت مصلحة الوطن وتسببت في كوارث وهزائم ما زالت أثارها قائمة إلى اليوم وذلك بسبب غياب الديمقراطية عن نظمها الدكتاتورية، واستفرادها في القرار والمصير.
إن الذي يحمي الوطن من الرؤية الفردية والأيديولوجية بمفهومها الانغلاقي أو التوهمي هو إشاعة ثقافة الديمقراطية بين أفراد الشعب وتربية الأجيال وفقا لمفاهيمها الحديثة.
والسبب في الاعتقاد بوجود الوطنية بمفهومها الحديث بدون ديمقراطية غياب الثقافة التعددية وسيطرة وهم الدولة الأمة أو الأمة الدولة التي تعد من أولياتها تذوب الفرد في المجموع وذلك خلافا لمنظومة الديمقراطية القائمة على احترام الفرد وحقوقه وحرياته.
فيما تعود أسباب غياب الديمقراطيات الوطنية أو عدم استمرارها في حالة وجودها ( في سوريا ما بعد الاستقلال وحتى عام 1958 باستثناء فترة الانقلابات وديكتاتورية الشيشكلي مثلا )
إلى : 1 ـــ تأخر ظهور النظم الديمقراطية في البلاد العربية تاريخيا
2 ـــ غياب الثقافة الديمقراطية في الهيئات التعليمية والمنتديات الاجتماعية وغموضها في فكر ونتاج المثقفين العرب
3 ـــ المرجعية الدينية للتشريعات المدنية والسياسية
4 ـــ التيارات القومية التي أعمت العيون عن الديمقراطية لإماتة الشعور بالوطن واستبداله بالقطر المفروض تذويبه في الوطن الكبير وفي بوتقة الأمة
إن عدم ربط الديمقراطية بالوطنية يفرغها من مفهومها الفعال والايجابي ويحصرها في غريزة حب الداخل وعداء الخارج ، مما يبرر وجود الحاكم الوطني الذي يحارب الديمقراطية ويسعى لتوريث الحكم لأحد أفراد أسرته بدون إشراك الشعب أو وفق تمثيليات انتخابية صورية وتعديلات دستورية فورية.
والانفراد بالوطنية بمفاهيمها الطبيعية ينشئ أجيالا تفضل نظام الاستبداد والفساد وتحارب لبقائه بل وتدفع حياتها ثمنا لاستمراره بحجة تفضيل الداخل على الخارج وهذا ما يبرر دوافع بعض الانتحاريين في العراق وما يخلفونه من دمار وإزهاق لأرواح أبناء وطنهم واستنزاف خيرات بلادهم بسبب مفاهيم خاطئة ومغلوطة عن الوطنية وغياب مفزع للثقافة الديمقراطية.

أخيرا لا بد من الإشارة إلى محورين هامين استكمالا لهذه الدراسة وهما :
1 ــ الديمقراطية والعلمانية
2 ــ الديمقراطية في الفكر الديني ، وتطبيقاتها في بعض الدول الإسلامية
وسيتم نشرهما لاحقا .


الأربعاء، مايو 11، 2005

إحسان طالب_من بيروت إلى بغداد خكومة الأمل و البشائر

من بيروت إلى بغداد
حكومة الأمل والبشائر

هل هي مصادفة أم ترابط مقصود أن تأتي حكومة الجعفري الوطنية مع حكومة ميقاتي الاستثنائية في زمن متقارب لا تفصل بينهما إلا أيام قليلة. كلتا الحكومتين جاءتا بعد ولادة قيصرية استبدل دم النفاس فيها بدم الشهداء الأبرار من أبناء البلدين.
هل هي رياح المستقبل المعطر بنسائم الاستقلال والحرية أم أنها إرادة شعبين متمسكين بالأمل ومتشبثين بحق الحياة كواحد من أهم الحقوق الإنسانية على الإطلاق. إنها الإرادة والعمل مع رياح الربيع المعدية التي تنقل غبار الحرية من أرض إلى أخرى ومن ثمة إلى الأراضي المجاورة.
منذ ثلاثة أشهر ونحن بانتظار ولادة الحكومة العراقية العتيدة، وكل يوم نتقصى الأخبار ونتداول الآراء ونحلل الأسباب، وكانت قناعتي راسخة بالنهاية السعيدة . فالشعب العراقي الذي ذهب إلى الانتخابات تحت التهديد والوعيد وضع مصلحة الوطن العليا فوق كل امتياز واعتبر الشهادة الحقيقية وقوف شجاع وحر للإنسان من أجل بناء مستقبل بلده وأولاده وحماية ارثه الحضاري .
حدثني شيخ عراقي كان متحمسا بشدة للمشاركة بالانتخابات ، وكان يسكن في منزل مقابل لمركز انتخابي في حي ركن الدين في دمشق ـــ حدثني قائلا : لقد أمضيت سنواتي السبعين السابقة شاهدا على العراق المعاصر وشاركت في السياسة وأنا شاب و هربت من الطغيان وأنا شيخ. هل تعرف لماذا هربت .. لقد هربت من أجل هذا اليوم ، كنت أدعو ربي كل صباح ليمنحني الفرصة لبناء عراق كما أحبه وأتخيله، هل تدرك كم أحب أحفادي وهل تعلم ما أنا مستعد بالتضحية به من أجل مستقبلهم.
كان أبو قيس يقف في الشرفة المطلة على الطريق العام ينتظر افتتاح المركز وبقي طول الليل ساهر تماما مثلما فعل وهو بانتظار ولادة ابنه البكر قيس. ولم ينتظر طويلا حتى نزل وجلس نحو باب المركز ثلاث ساعات حتى سمح له بالمشاركة وخرج مبتهجا ومسرورا بعد أن مارس حق الانتخاب وكأنه ترك ثلاثين سنة من عمره في ذلك الصندوق وجدد شباب عمره ( العراق حنا أهله ما ينخاف عليه ) كانت آخر كلماته ، وآب إلى منزله ليرتاح قليلا ثم يعود ليراقب الداخلين والخارجين وكأنه في زفة عرس يعد المهنئين والمدعوين.
إن ا لنموذج الديمقراطي العراقي يحتذى ومثال فريد من نوعه لم يسبق أن عرف العالم شعبا ضحى مثل العراقيين ليشيع الديمقراطية في بلده .
جاءت حكومة الجعفري ( رغم النواقص ) محاولة جادة وحقيقية لمشاركة كل العراقيين على كافة تشعيباتهم في وضع الأساس الصلب والراسخ للديمقراطية بمفاهيمها المقترنة بالحداثة
قطار المستقبل والمتخلفين :
ليس مستغربا أن يعارض بعض أطياف النسيج العراقي الفريد حكومة الأمل فالقاعدة التي بنيت عليها هي الاعتراف بوجود الآخرين ، وإنها لظاهرة صحية وطبيعية ــ وجود معارضة ــ وكلما كانت العملية السياسية قائمة على أسس ديمقراطية كلما كانت المعارضة الوطنية في البلاد ظاهرة وقوية .
ونحن نتفهم مواقف البعض من باب الحرص على الوطن ، كما نستوعب الآخرين المخالفين بالرأي ولكن ينبغي أن يدرك الجميع بوضوح : لا عودة إلى الوراء ولا سبيل لعكس اتجاه دوران الزمن . أهل هذا الزمان هم أهل الحرية والمساواة والعدالة ولا يحق لأحد أيا كانت صفته العشائرية أو الدينية أو المذهبية أن يفوت على أبناء العراق تنفس عبق الإنسانية والكرامة الذي حرموا منه طيلة عقود من الدهر. إن المصالحة الأهلية لا تعني بحال من الأحوال السكوت عن العابثين بأمن البلد وأرواح أهله ، وكل قطرة دم تزهق بعمل إرهابي لا تبررها دوافع الجهل والتضليل ولا بد من الوقوف بحزم في وجه دعاة الإرهاب خاصة الدعاوى المستترة خلف شعارات ما أدت بالعرب عموما إلا إلى التخلف والهزيمة والطغيان.
ليس أمام الواقفين على الرصيف محاولين تغيير سكة المستقبل إلا مراجعة النفس ومراقبة قادمات الأيام لأن التاريخ لن يرحم أولئك الذين ما زالوا يستهينون بالدم العراقي ويوهمون الناس بالجنان وحور العين . وهم في الحقيقة لا يبحثون إلا عن مصالح ومكاسب شخصية ولا يودون بحال من الأحوال رد الحقوق المسلوبة لغالبية الشعب في العصر البائد .
لم تعرف أوروبا الحديثة الديمقراطية المقترنة بالحداثة كما تعهدها الآن إلا بعد حربين عالميتين ومعارك أهلية طالت كثيرا من البلدان الأوربية . فالحرية والعدالة والمساواة لها ثمن باهظ تدفعه الشعوب ومن ظن التحول الديمقراطي يتحقق بدون ثمن فهو واهم .
وفي تقديرنا أن الأرواح الطاهرة الذكية والدماء العطرة النبيلة التي تزهق على تربة العراق الطيبة هي الماء الطاهر الذي ينبت شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
الشهادة الحق لا تأتي بالانتحار وقتل النفس التي حرم الله بل تأتي في حماية الوطن وأبنائه ( من مات دون أرضه فهو شهيد ) في حماية الحاضر والمستقبل ، ولم ولن تكن الشهادة في يوم من الأيام من أفعال الشيطان الذي يفرح بقتل الأخ لأخيه والابن لأبيه ، وتدمير ثروة الأجيال القادمة .
إن التمسك بعراق الغد ومستقبل أبناءنا وأحفادنا مهما كان الثمن هو عين الحق وفعل الصواب وسوف يأتي اليوم الذي ينعم فيه أبناء الرافدين بالأماني والاستقرار على أساس من العدالة والمساواة وإن غدا لناظره قريب.
تعد أولى مهام حكومة الجعفري تحقيق الأمن والاستقرار وهي مهمة صعبة وشاقة، لكنها ليست مستحيلة ، خاصة إذا اعتبر كل عراقي نفسه مسئولا عن أمن بلده وأرواح أشقائه وتعاون مع السلطات الأمنية بالوقوف في وجه الإرهاب وقطع الطريق عليه بالعين الساهرة والدعوة إلى السلام والأمان وتوعية الشباب المضلل ونشر ثقافة السلم الأهلي والتسامح والقيم الإنسانية الرفيعة .

إحسان طالب_حالة عشق

حالة عشق

خذيني إليك و ضميني
بين أحضان الورد
و اسقيني
يا من أعطيت الزهر عطرا ً
وأبهجت قلبي
إليك خذيني
وائسريني
فقيد حبك
أرحب من فضاء الياسمين
مدي يديك
واحضنيني
أتنفس أريج صدرك
وأغمر روحي
في بيداء ساحرةٍ
أنت الحياة وأنت الماء
زاخرة
خذيني إلى شفتيك
كاد الظمأ يرديني
أحييني
وعلى جنبات الأرجوان
ارميني
خذيني إلى عينيك
واحجبيني
أوشك النور يعميني
فاضت نفحات حبك
فأغرقيني
مدي جدائل شعرك
واسحبيني
إلى زنديك أوصليني
* * *
يا رمز الحب
يا زاد العاشقين
يا جنة تنسي
حور العين
وبحراً يغرق
كل السابحين
وسماءً
ترنو إليها
أفئدة الداعين
أنا رافع اليد بالدعاء
وجاهر الصوت بالنداء
أنا الغريق فوق السحاب
يحملني الحب
ويمطرني
يا أرضاً لا تأبه بالماء
وتربة تقسو
بقطر البكاء
لا تبخلي علي بقربك
* * *
أنت الحياة
وبعدك
عني يقتلني
. . . .
ادنُ مني
فعطر أنفاسكَ يحييني
والمرج الأسود المنثور
فوق صدركَ يغمرني
في حالة اللاوعي
وصحوة الجسد
تلتف حولي
كناسكٍ فقد الوجود
وذاب في روح العذوبة










إحسان طالب_وحيدة أنا

وحيدة أنا

في واد ٍ مسحور
يغشاه حشد مذهول
وقفتُ أتأمل
أبحثُ عن شخص مجهول
يمتلك الجرأة
يمتلك الفضول
لا يخشى الحُبّ
و يهوى القرب
على مرأىً من الجميع
يحاورني
و في منتصف الطريق
يصارحني
بالغرام و حلو الكلام
يأسرني
قبل البدء و لحظة القرب
ينفك السحر
و يعود الواقع
يقهرني
***
وحيدة أنا..
بين الآلاف
و حائرة وسط الابتسامات
هادئة سمات الوجه
و كاذبة كلمات الأمان
صرخات مدوية
في أعماق قلبي
تنادي واحداً..
يملأ أركان الفؤاد
يحضن رأسي
فتغفو روحي
على صدره الرحب
فارسا ً
ينعش ذكرى أنوثتي
و يعيد إلى شفتي
رغبات كاد الزمان
يحرقها
ساحرا ً
يبعث الروح
في أشلاء جوانحي
يوقف نزيف حاجات
أوشكت أيام عمري
تنهيها..
رجلا ً
يسقي بماء
أرض خصوبتي
يُنبت دفئا ً فوق وسادتي
يُعيد الحياة
إلى أركان سرير
نسي الزمان عنده امرأة
لا تعرق الدفء
تداعب السهاد
نائمة ً.. حالمة ً
ترجو عطف بارئها
تسأل عن حلم لا يغيب
***

إحسان طالب_الأكراد السوريون وطنيون يدعون إلى الديمقراطية

الأكراد السوريون وطنيون يدعون إلى الديمقراطية

استطاع التيار السياسي الكردي في سورية أن يجعل القضية الكردية هما وطنيا تتبناه أطياف سياسية مختلفة على أساس أن الحقوق المسلوبة للأكراد، حقوق وطنية عادلة مما أعطى المسألة عمقا فكريا نظريا وانتشارا إعلاميا واسعا، ومع نضوج التجربة الديمقراطية في العراق ووصول جلال طالباني إلى رأس السلطة هناك والتركيز من قبل الأكراد على همومهم الداخلية واندماجهم في العملية السياسية الديمقراطية ، وخشيتهم من إثارة خلافات حادة مع الجوار ـــ سورية وتركيا وإيران ـــ و هم بأمس الحاجة لتعاون تلك الدول ومساندتها وخاصة في المسائل الأمنية كل ذلك همش اهتمام أكراد العراق بالدولة القومية ، خصوصا وأن الإنجازات التي حققوها تعد فريدة ومميزة زادت من ارتباطهم بدولتهم الوطنية ودورهم الفعال فيها.
هذه التطورات الإقليمية إلى جانب التقارب السوري التركي بعد زيارة الدعم والمساندة التي قام بها مؤخرا الرئيس التركي إلى دمشق. والضغوط الأوربية على حكومة أنقرة من أجل إعطاء المزيد من الحريات والخصوصية للأقليات. كل ذلك دفع الأكراد السوريين إلى الالتفاف أكثر نحو وطنهم والاشتغال بالهم الداخلي بصورة رئيسة.
وبالرغم من أن الأحزاب الكردية في سورية ما زالت لم تحسم أمرها تجاه العديد من العناوين الرئيسة لنضالاتها التاريخية خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الدول المجاورة والطموحات القومية القديمة. فإن التوجهات الوطنية والانخراط مع بقية الأحزاب السورية المعارضة في المطالبة بالتغيير الديمقراطي أصبحت واقعا ملموسا في الخطاب الكردي السوري.
وفي قراءتنا لمشروع البرنامج السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي سنتوقف عند ثلاث محاور :
· ملاحظات أولية
· ما خلا منه البرنامج
· مقترحات
ملاحظات أولية:
مشروع هادئ غير انفعالي وطني يظهر رؤية عصرية متطورة تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم العولمة وآثارها على مجمل القضايا المحلية والدولية ومنها قضية الشعب الكردي آخذة بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والأممية.
احتوى المشروع على مجمل المطالب الوطنية السورية وبذلك يلتقي الحزب مع أطياف المعارضة المنادية بالتغيير الديمقراطي. كما يؤكد المطالب الشعبية الكردية كاملة تقريبا.
يظهر البيان رغبة حقيقية وملحة لدى الحزب في التعاون والتعامل مع التجمعات المدنية السورية والأحزاب غير الكردية من أجل التضامن والعمل سوية لتحقيق سورية المستقبل كما يرغب أبناؤها. كما أبدى المشروع نظرة قومية إنسانية تثق بالذات وتعترف بالآخر متجاوزا ما عرف سابقا لدى الأحزاب القومية عموما من تشنج وعدائية للآخر ، لذلك أظهر البيان انفتاحا ايجابيا قائما على الحوار وتبادل الخبرات مع الأحزاب الكردية الأخرى وغيرها تاركا الباب مفتوحا للرأي الآخر بما يتيح بلورة ونضوج فكر سياسي وتحرك استراتيجي مشترك يوصل إلى الغاية المطلوبة . وبذلك يعد المشروع خطوة متقدمة نحو حوار وطني يستقطب كافة الأطراف الراغبة في المساهمة باللعبة السياسية السورية.
ما خلا منه البرنامج :
لم يتطرق المشروع إلى المسار الاقتصادي ومسألة التنمية .
ترتبط الديمقراطية بشكل مباشر بالتنمية ويولي كثير من المفكرين مسألة التنمية الشاملة اهتماما خاصا للحفاظ على الديمقراطية وتهيئة الظروف المناسبة لها. فالشعب الذي يمارس الديمقراطية سيساهم بشكل فعال في التنمية لوجود الرقابة والتخصص. وبالتالي عندما تتوفر التنمية تتاح فرصة أكبر لنجاح التجربة الديمقراطية. والناس عندما يطالبون بالديمقراطية يرغبون في حياة أفضل. والتنمية الشاملة للموارد الاقتصادية والبشرية تفرز مستويات معيشة تتقارب بالتدريج مع الشعوب المتقدمة التي ترتبط فيها الديمقراطية مباشرة بالنمو الاقتصادي .
خلا البيان من موقف محدد تجاه مسألة حق تقرير المصير الذي تطرحه الأحزاب الكردية الأخرى : هل هوــ إدارة محلية كباقي المناطق السورية وهو الحل الأمثل في نظرنا
ــ حكم ذاتي أو أي موقف آخر قد تكون له عواقب غير مدروسة
ــ الربط أو الانفكاك في حق تقرير المصير مع الأكراد غير السوريين
والذي نراه اعتبار الشعب الكردي في سورية جزءا لا يتجزأ من اللحمة الوطنية لبلدنا الذي يشمل العديد من الاختلافات الثقافية التي أثرت الحضارة السورية على مر العصور .
خلا المشروع من الإشارة إلى برامج عملية داعمة للبرنامج السياسي ولم يتعرض إلى آليات التغيير المطلوب ومقترحات لطرائق التغيير . ومن المفيد البدء بإعداد مسودات مشاريع دستورية وقانونية واقتصادية وطرحها ومناقشتها مع الآخرين وهذه النقطة في الحقيقة تعتبر مسؤولية مشتركة ينبغي النهوض بها وتقع على عاتق مجمل التيارات السورية العاملة في المجال السياسي
مقترحات :
وهي على محورين : 1 ــ صياغية
2 ــ متعلقة بالقضية الكردية بشكل عام
· مقترحات صياغية :
أ ــ تعاد صياغة المقدمة تحت عنوان المرتكزات الفكرية للحزب
ب ــ أن تكون محاور البرنامج على الشكل التالي :
أولا : محور الشعب الكردي السوري يتم التصريح فيه بالعلمانية واعتماد الليبرالية، والتأكيد على احترام كافة الأديان والمعتقدات المختلفة التي ينطوي تحتها مجمل النسيج السوري البشري الفريد. بالإضافة إلى ما ذكره المشروع في هذا البند.
ثانيا : العلاقات الإقليمية الكردية : يتناول هذه العلاقات بشكل عام ويتضمن موقفا محددا من المطالبة بالدولة الكردستانية . بالإضافة إلى ما ذكره المشروع في هذا البند.
ثالثا :المحور الوطني السوري : وفيه يتم التقاطع مع طروحات ومطالب أحزاب المعارضة السورية . والعمل على إقامة ندوات حوارية يتم من خلالها تبني مشاريع مشتركة. بالإضافة إلى ما جاء في البند الثالث من البرنامج.
رابعا : المحور العالمي الإنساني : ويكون الحديث فيه حضاري إنساني أوضح بالإضافة لكل ما جاء في هذا البند .
· المقترحات العامة :
يشكل العمل على القضايا المؤثرة التي لا يلغيها قرار سياسي ، وإثراء مفاهيم الثقافة الشعبية ومكوناتها العنصر الأهم في الحفاظ على الخصوصية. و ذلك يتم بتشكيل لجنة ثقافية تعمل على التنقيب في التراث الفلكلوري الثقافي الكردي وجمعه وتوثيقه وإشاعته بين عامة الناس ويشمل هذا التراث عادة : القص الشعبي. الأمثال. الأغاني. الرقصات. الأزياء والموسيقا، والعمل على تنظيم مهرجانات ثقافية كردية والتعريف بالكتّاب العالميين الأكراد، وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة هامة :
ـــ الرغبة في الانطواء تحت الراية الوطنية السورية لا يعني قطع جذور الماضي وإغفال التاريخ الحضاري الإنساني للأكراد في العالم.
إن أكراد سورية مواطنون أصيلين وارتباطهم بأكراد العالم ارتباط حضاري ثقافي إنساني ينمو بالتواصل اللغوي المكتوب.
إن التعريف بالحضارة الكردية الإنسانية قديما وحديثا لا يعني خرق مفهوم المواطنة بل على العكس يعتبر وجود رواد عالميين يكتبون بالكردية روائع أدبية عالمية مساهمة في تحقيق الثقة بالنفس وتعزيز التعايش مع الشعوب الأخرى خاصة عندما يتم البعد عن مفاهيم القومية الفوقية التي تعتبر ذاتها خير الأمم وتزدري الأمم الأخرى ولو بشكل غير مباشر.
ـــ التركيز على مساهمة أبناء الشعب الكردي في مقاومة الاحتلال الفرنسي وإزالة الالتباس المتوارث في هذا الشأن وبيان مساهمات الكرد في تاريخ سورية الحديث السياسي والثقافي لما لهذه الأمور من أثر بالغ في المكانة والتآخي بين القوميات.
ـــ تجنب الفخ الذي تقع فيه الأحزاب السياسية بإغفالها الجانب المدني والتركيز على العنصر الرجالي فقط. فالمشاركة النسائية السياسية والمدنية تعطي الأحزاب في كل دول العالم طابعا وطنيا إنسانيا يجعلها قادرة على توصيل ما لديها إلى الناس.
من الضروري التأكيد على تعلم العربية وإتقانها إلى جانب الكردية وذلك يعطي الأكراد قوة في التأثير لدى المجتمع السوري وفي البلدان العربية الأخرى كذلك السعي لنشر اللغة الكردية بين بقية السوريين عن طريق المعاهد والمراكز الثقافية.
التركيز على موضوع التثقيف والتنمية للأكراد في القرى البعيدة ومناطق الجزيرة وإلحاق هذه المسألة بالتركيز على مفهوم التنمية الشاملة وإدخال الثقافة والسياسة إلى المجتمعات السورية عموما.
أخيرا ينبغي إيلاء موضوع الإصلاح الزراعي المضلل اهتماما مركزا والإعداد لدراسات قانونية ومخططات واقعية تكون جاهزة ( بعد مناقشتها والاتفاق عليها ) لعرضها في سبيل إعادة الحقوق لأصحابها والتعويض عن الضرر الذي ما زال مستمرا أكثر من ثلاثة عقود.
إن هذه المقترحات و الملاحظات و الآراء التي عرضناها تندرج في باب التحاور و التشاور و ليست مختصة بفئة بذاتها أو حزب بعينه. و ربما كان من المفيد مناقشتها و التفاهم حولها مع العديد من أطياف التيار السوري السياسي المتواجد حالياً. وهي دعوة للالتقاء و التحاور بين الجميع.