الثلاثاء، أغسطس 15، 2006

النصائح المؤلمة


إحسان طالب 20/7/2006
في آخر إحصائية أصدرتها وزارة الصحة اللبنانية بلغ عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على لبنان 220 شهيدا و 690جريحا، و نصف مليون نازح فقدوا منازلهم و ممتلكاتهم ، في حين قدرت الخسائر المباشرة في اليوم الثالث بنصف مليار دولار ، مع انتهاء الحلم السياحي اللبناني لهذا العام و الذي كان متوقعا له أن يصل إلى 6ملايين سائح ، حيث وصلت نسبة الإشغالات في الفنادق السياحية بعد اليوم الثاني للهجوم إلى صفر في المئة وهذا يعني بالضرورة انعكاسات سلبية حادة على الشعب اللبناني و دولته الرسمية التي لم تستشار في بدء الحرب و كانت أخر من يعلم و أول من يدفع الثمن ، حيث تشكل العائدات السياحة في بلد كلبنان واحدة من أهم روافد الاقتصاد الوطني الذي يعد اقتصادا خدميا بالدرجة الأولى .
بعد أسبوع من الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل على كل شيء في لبنان بدأت أصوات تنادي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع دعوات ملحة وفورية لوقف تبادل النيران الغير متكافئ ، وإجراء عملية تبادل للأسرى كحد أدنى لحفظ ماء الوجه حتى لا تكون حصيلة الحرب الدائر رحاها الآن خسائر بشرية ومادية ونفسية وأخلاقية بدون أية فوائد إذا جاز التعبير .
وفي ظل هذه الدعوات والمطالبة بنشر قوة دولية جديدة في الجنوب بين لبنان وفلسطين المحتلة يتكرر الرفض من طرفي الصراع وتتنامى الرغبة لديهما في حسم التفاوض بالنار لتحقيق الانتصار الموعود، الذي يشكل عبئا ً نفسيا ً خاصة على السيد نصر الله الذي وعد وأكد وجزم بالنصر القادم مستندا ً إلى ما يملكه من عتاد عسكري ضخم ومتطور قادر على تهديد الأماكن الاستراتيجية في العمق الإسرائيلي. وإلى قوة وطاقة إيمانية كبيرة وثقة من الله بالنصر ، أما آخر دعائم النصر المؤكد والمؤزر فهو طبيعة الصراع الدائر بين قوة مجهولة العدد والعتاد والتمركز والخطط من جهة حزب الله وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وربما كان العامل المعنوي والإيماني ضروريا ً جدا ً وهاما ً في المعارك " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين " البقرة 249. لكنه ليس حاسما ً ونهائيا ً وغير كاف لتحقيق النصر في أي معركة باتت تعتمد في أساسها على التطور العلمي والتقدم التكنولوجي في ميدان العتاد والقوة العسكرية .
وهذا ما يمكن تأكيده في الجانب اللبناني قبل الإسرائيلي . فالضربات المؤثرة والمؤلمة التي حققتها المقاومة اللبنانية ضد العدو إنما جاءت بفعل تكنولوجيا حربية متطورة لا دين لها.
فصاروخ نور الصيني المطور في إيران أصاب البارجة الإسرائيلية ، وصواريخ رعد وزلزال هي النسخ المطورة عن مجموعة سكاد الكورية . هي في الأصل من صنع دول تعتبر في مفهومنا الإعتقادي والإيماني كافرة وإن كانت صديقة كالصين وكوريا الشمالية . وينطبق الوصف على الكاتيوشا التي تعتبر الأسهل والأسرع والأكثر بين يدي حزب الله .
ومن جهة أخرى فإن من السذاجة المفرطة الظن بأن الطرف الآخر ليس لديه دراية أو معرفة أو علم بحجم القدرات العسكرية لحزب الله . ففي عالم الاستخبارات المتطور، والتجسس الفضائي الشامل لكل بقاع الأرض ، والصراع اللاهب بعد حروب طويلة بين العرب من جهة وإيران (المسلح والمؤهل الأول لترسانة حزب الله ) من جهة أخرى ، ووصول القوات الأمريكية الراعية الأولى لإسرائيل وشريكتها في الحرب إلى الحدود مع سوريا وسيطرتها على كل المخزون السري ألاستخباراتي و العسكري العراقي ، أصبح وهما ً الظن بجهل العدو في مقدرات حزب الله العسكرية والبشرية .
في الوقت الذي كان نصر الله يعلن شخصيا ً عن مدى استخفافه واستهانته بإسرائيل كان يرشح من أقواله وتصريحاته خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من المعلومات الهامة تتلقفها مراكز الدراسات ووسائل الإعلام والتي تنشر الآن تقارير مفصلة ودقيقة عن مدى تسلح وامكانات حزب الله الصاروخية والاستراتيجية .
والغريب والمستهجن أن يبادر طرف إلى حرب مفتوحة مع عدو يفوقه عدة وعتادا ً وعددا ً ، فإذا كان حزب الله يمتلك ما يقرب من اثنتي ألف صاروخ موجه وطائرات بدون طيار ومجموعة متواضعة من الدفاعات الجوية ومفاجآت موعودة فإن ذلك في حقيقة الأمر غير كاف على الإطلاق لصد الهجوم أو حتى ردعه وتلكم الأسباب هي في الواقع المبرر المعلن لتسليح حزب الله واستقلاليته المستهجنة باتخاذ قرارات الحرب والسلام خارج سقف الدولة اللبنانية وبعيدا ً عن الرأي العام الرسمي العربي .
لقد باتت الأرقام والحقائق تؤكد تفاوتا ً مرعبا ً في مجمل الخسائر ونتائج الحرب المستعر أوارها فوق رؤوس اللبنانيين وتحت سماء مفتوحة على أرض محروقة .
سيدي الشيخ حسن نصر الله كان حريا ً بك أن تعلم أبناء بلدك بأنك ذاهب إلى حرب مفتوحة لست قادرا ً على ردعها أو وقفها .
سيدي الشيخ لا يكفي أن تستخير كان لا بد أن تستشير.
حتى لحظة كتابة هذه الكلمات فقد حزب الله مقاتلين اثنين فقط .

ملاحظة : كل الأرقام والأخبار الواردة أعلاه قابلة للتغيير . حيث ارتفع عدد الشهداء إلى 250

ليست هناك تعليقات: