الاثنين، أكتوبر 31، 2005

مجلس الأمن يمنح سورية فرصة مشروطة

لم يفرض أي عقوبات بل لوح باتخاذ إجراءات
نبيل شرف - إيلاف
في جلسة إجرائية افتتحها روزفان أونغرانو، وزير خارجية رومانيا ، الذي ترأس بلاده دورة مجلس الأمن الدولي الراهنة، حيث طرح مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، بشأن نتائج تقرير اللجنة الدولية المخولة بالتحقيق في الوقائع والملابسات التي أحاطت اغتيال رئيس الوزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، حيث كانت المفاجأة الأولى ممثلة في موافقة جميع الأعضاء الخمسة عشر على القرار بالإجماع، أما المفاجأة الثانية فتمثلت في عدم إقرار أي عقوبات على دمشق بل دعاها إلى التعاون مع لجنة التحقيق الدولية، ملوحاً اتخاذ "إجراءات إضافية بموجب ميثاق الأمم المتحدة"، كما ورد في نص القرار .
ولا يتضمن القرار إشارة صريحة إلى توقيع عقوبات اقتصادية على دمشق، وبدلا من ذلك يهدد باتخاذ "اجراءات غير محددة"، إذا لم تتعاون سورية دون شروط مع فريق التحقيق الدولي المختص بالبحث في اغتيال الحريري يوم 14 شباط (فبراير) الماضي .
ودعا القرار أيضا إلى تجميد أموال، ومنع سفر الافراد المشتبه بهم، والذين تذكرهم لجنة تابعة للامم المتحدة يرأسها المحقق الالماني ديتليف ميليس، أو الحكومة اللبنانية، كما طالب القرار سورية بأن تحتجز، وتسمح للمحققين باستجواب الاشخاص الذين يشتبه في تورطهم في القتل كدليل على تعاونها الكامل .
واللافت في هذا السياق أن القرار الذي صدر بإجماع كل الأعضاء الخمسة الدائمين، تجنب الإشارة إلى أي نوع من العقوبات، مكتفيا بالتهديد باللجوء إلى خطوات أخرى ـ غير محددة ـ في حال عدم إبداء سورية التعاون الكامل غير المشروط مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري .وجاء التصويت بالإجماع على القرار بعد ان وافقت الولايات المتحدة وفرنسا اللتان صاغتاه على حذف أي إشارات إلى توقيع عقوبات اقتصادية محددة كما تضمن القرار بدلا من ذلك الاشارة الى ان المجلس سيبحث في احتمال اتخاذ اجراء اخر ـ غير محدد ـ اذا لم تمتثل سورية لاحكامه تماماً ومن دون أية تحفظات .وفي تفاصيل الجلسة فقد تحدث وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والجزائر، وفي كلمتها حملت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية على سورية قائلة إنها ظلت على مدى العام الماضي تراوغ، حتى عزلت نفسها عن المجتمع الدولي، بينما قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو إننا لا نريد فرض أي عقوبات على سورية، بل نريد تعاونها، وأضاف قائلاً ينبغي على سورية أن تدرك الان انه اذا مر القرار، وامتنعت سورية عن التعاون فستكون هناك عواقب وخيمة .أما وزير الخارجية الجزائري فقد دعا سورية أيضاً للتعاون التام مع اللجنة الدولية، قائلاً إنها بالفعل تتعاون، وأضاف إن جريمة اغتيال الحريري يجب ألا تمر دون عقاب الجناة، لكنه استدرك داعياً مجلس الأمن إلى عدم التسرع في اتخاذ قرارات بفرض عقوبات على سورية التي عاد ودعاها للتعاون مجدداً .

مجلس الامن يتبني قرارا ضد سورية بالاجماع

بشار يواجه القرار الدولي بتساهل ضد أركانه
نصر المجالي - إيلاف
تبنى مجلس الأمن باجماع 15 عضوا مشروع القرار حول سورية على خلفية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري والتي اعتبرت على انها غيرت تاريخ لبنان الحديث داعيا سورية الى التعاون في التحقيق للوصول الى الحقيقة. وكان تقرير القاضي الالماني ديتليف ميليس اثبت في تقريره الذي قدمه الى مجلس الامن في الحادي والعشرين من الشهر الحالي تورط رموز سورية ولبنانية عسكرية في حادثة الاغتيال اضافة الى سلسلة الانفجارات التي هزت لبنان فيما بعد في محاولة لاحداث بلبلة في البلد.
وعقد الاجتماع على المستوى الوزراي بتأخير ساعة عن موعده لاجراء مشاورات اخيرة اتاحت اصدار القرار بالاجماع.
وتم تخفيف مضمون القرار لجهة حذف اي اشارة وان ضمنية الى فرض عقوبات محتملة واستعيض عن ذلك بفقرة تقول انه في حال "رات لجنة (التحقيق الدولية) ان التعاون لا يفي بمتطلبات هذا القرار، يتمكن المجلس، اذا برزت الضرورة، من النظر في اجراءات اضافية بموجب ميثاق" الامم المتحدة.

ووافقت كل من واشنطن وباريس على إزالة بند العقوبات بشرط لجوء مجلس الأمن إلى إجراءات أخرى محتملة، في حال عدم التزام دمشق.
وكان الخلاف قائما بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والتكتل المعارض - روسيا والصين - عشية التصويت على قرار صارم يطالب سوريا بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أو مواجهة عقوبات محتملة.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مارست واحدة من أهم المهمات الدبلوماسية الصعبة في الساعات الأربع والعشرين ساعة الماضية عشية اجتماع مجلس الأمن المخصص لمناقشة مشروع القرار الثلاثي (الأميركي البريطاني الفرنسي) وتركزت مهمات رايس على الدبلوماسية السرية من خلال عقد اجتماعات خاطفة مع الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن الدولي ألـ 15 . ولدعم وجهة النظر الأميركية في شأن مشروع القرار فإن رايس التقت في الساعات الأخيرة مع نظراء ليس فقط من الأعضاء الدائمين في مجلس المن بل مع ممثلين لحف شمال الأطلسي (الناتو)، وهذا اللقاء البارحة مثّل فرصة سانحة لتغيي لغة ولهجة القرار قبل عرضه للتصويت.
وبالمقابل تزامنا فإن الرئيس السوري بشار الأسد تحرك داخليا بقرار تمثل بلجم تحركات ابن خالته رامي مخلوف مضحيا به أمام ما يمكن أن يصدر من قرار دولي، لكن الرئيس بشار لم يقرر إلى اللحظة في شأن مصير الرجلين الكبيرين الآخرين اللذين وردت أسماؤهما في تقرير لجنة المحقق الدولي رغم شطبهما في اللحظة الأخيرة وهما ماهر الأسد شقيق الرئيس وقائد الحرس الجمهوري واللواء آصف شوكت صهر الرئيس ورئيس جهاز الاستخبارات العامة وهما جهازان ضاربان في الحال السوري ولا قرار فوق قراراتهما.
وأبدت مصادر القرار الدولي تشككا كيرا في قرار الرئيس الأسد حين أصدر مرسوما رئاسيا يقضي بتشكيل لجنة قضائية خاصة تتولى مباشرة إجراءات التحقيق مع الأشخاص السوريين من مدنيين وعسكريين في كل ما يتصل بمهمة لجنة التحقيق الدولية المكلفة التحقيق في عملية اغتيال الحريري.
وقالت المصادر تلك "لا بد ان يتم تسليم الجميع للقضاء الدولي، مهما كانت المراتب والمواقع ، وكان المرسوم الجمهوري السوري طلب أن تتعاون اللجنة القضائية السورية مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة ومع السلطات القضائية اللبنانية في كل ما يتصل بإجراءات التحقيق، نقلاً عن وكالة الأنباء السورية.
وحسب المرسوم ستكون اللجنة "برئاسة النائب العام للجمهورية وعضوية النائب العام العسكري وقاض يسميه وزير العدل، ويمكنها أن تستعين في تنفيذ مهامها بمن تراه من قضاة مدنيين وعسكريين أو من أفراد الضابطتين العدليتين المدنية والعسكرية
وإلى ما قبل ساعات معدودات ظل الخلاف عالقاً بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والتكتل المعارض المتمثل بروسيا والصين حول تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار صارم يطالب سورية بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أو مواجهة عقوبات محتملة.
وتكهن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة الشرس جون بولتون، بإجازة مجلس الأمن للقرار، خلال جلسة اليوم الاثنين، التي ستشارك فيها وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس، مع نظرائها من أعضاء المجلس الدولي. وتحدثت مصادر دبلوماسية، رفضت كشف هويتها، عن لقاء سري بين رايس ونظرائها من دول حق الفيتو "النقض"، في وقت متأخر، الأحد، نقلاً عن الأسوشيتد برس.
وسيشارك في الجلسة هذا المساء، وزراء خارجية حوالي 15 دولة، في تجمّع عالي المستوى، تأمل من خلاله، واشنطن وحلفاؤها، بعث رسالة قوية إلى دمشق تحمل قلقا دوليا بالغا من فشلها في التعاون مع لجنة التقصي. وسيشارك وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في كل الاتصالات الدولية التي يقودها كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة.
ويدعم جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي القرار الذي يدعو لتعاون سوري كامل، فيما تشدد كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على إضافة فقرة التهديد بحظر دولي لوضع المزيد من الضغوط على حكومة دمشق.ويتوقع السفير الأميركي جون بولتون تمرير المجلس للقرار القوي ودون فيتو.
ويرى التكتل المعارض المكون من كل من روسيا والصين والجزائر أن الوقت مبكر للغاية لفرض عقوبات خاصة وأن نتائج التحقيق لم تكتمل. وكان بولتون قد صرح الجمعة أن القرار يملك الأصوات التسعة اللازمة لإجازته "ومن المرجح أن يكون هناك المزيد عند التصويت.. ولا أتوقع أي فيتو."
وتقف الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بقوة خلف تقرير المدعي العام الألماني ديتليف ميليس الذي أشار لتورط مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانيين كبار في جريمة اغتيال الحريري، كما اتهم حكومة دمشق بعدم التعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية.
ويطالب القرار سورية باعتقال أي من تسميه لجنة التحقيق كمشتبه، والسماح باستجواب الأفراد خارج سوريا أو دون حضور مسؤولين سوريين. كما يهدد القرار الثلاثي بتجميد أرصدة وفرض حظر على سفر كل من يتم تحديده كمشتبه به من قِبل اللجنة.
ويهدد مجلس الأمن سورية، بــ"المزيد من التدابير" من بينها حظر اقتصادي حال رفضها التعاون مع لجنة التحقيق الدولية. وتكهن كذلك السفير البريطاني لدى المنظمة الأممية ايمر جونز باري بإجازة القرار بقوة.ومن جانبه تحدث السفير الفرنسي جان-مارك لا سابليير عن "دعم قوي لمسودة القرار" وتوقع إجازته.
وعلى صعيد متصل، قال السفير الجزائري عبد الله بعلي إن حكومته وبعض الدول الأخرى تعارض فرض حظر على دمشق مضيفاً "من السابق لأوانه وليس هناك ما يبرر التحدث عن حظر، في الوقت الذي لا نعرف فيه نتائج التحقيق المستمر." وأعرب السفير الروسي في مجلس الأمن عن معارضته لعقوبة الحظر. أضاف قائلاً "لا نريد ذلك.. ونشعر بعدم الارتياح لذكر عقوبة الحظر .. ومن وجهة نظرنا يجب حذف ذلك."
وإلى هذا، من جانبها، فإن دمشق اصدرت مرسوما يقضي بتشكيل لجنة قضائية خاصة تتولى مباشرة إجراءات التحقيق مع الأشخاص السوريين من مدنيين وعسكريين في كل ما يتصل بمهمة لجنة التحقيق الدولية، المكلفة التحقيق في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
وكانت دمشق بدأت تحركاً دبلوماسياً بإيفاد نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى المملكة العربية السعودية، ضمن جولة تشمل عددا من دول الخليج، لحشد تأييد لدمشق في مواجهة الضغوط الدولية. وقالت تقارير أن المعلم نقل للعاهل السعودي، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، رسالة من الرئيس بشار الأسد تتعلق بمداولات مجلس الأمن الدولي بشأن تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس.
وأضافت أن المعلّم أكد خلال اجتماعه مع العاهل السعودي في مكة المكرمة، استعداد سورية لمواصلة التعاون مع لجنة التحقيق من أجل كشف حقيقة جريمة اغتيال الحريري.
وإليه، كانت صحيفة أميركية كشفت عن أن الرئيس السوري بشار الأسد أمر ابن خاله رجل الأعمال المعروف رامي مخلوف أن يغادر سوريا، مشيرة إلى أنه توجه إلى دبي للإقامة وتوسيع إمبراطورية أعماله هناك.
وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، في عددها الصادر 30 أوكتوبر/تشرين أول، "بالرغم أنه من غير الواضح لماذا غادر مخلوف البلاد الآن"، "إلا أن بعض مناصريه ذكروا أنه غادر إلى دبي لتوسيع إمبراطورية أعماله هناك"، فيما قال سوريون مقربون من حزب البعث الحاكم أن مغادرته "تؤكد التهديد الذي شكله التحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري على عائلة الأسد التي تمسك بزمام السلطة".
ونقلت الصحيفة عن أحد المحللين قوله إن الرئيس بشار الأسد طلب من رامي مخلوف مغادرة البلاد "لكنها لم تستطع التأكد من ذلك". وأضاف هذا المحلل للصحيفة أن "الرأي العام مستاء من الثروة الهائلة لعائلة الرئيس والطلب إلى مخلوف مغادرة البلاد يشير إلى رغبة الأسد في مكافحة الفساد".
وتضيف الصحيفة أن مغادرة مخلوف لبلاده، بعد تقرير ميليس الذي أشار إلى اسماء أقارب بشار الأسد، "تشكل إشارة إلى أن الأشخاص الذي هم في قلب بنية السلطة السورية يعترفون بإمكانية سقوطهم وأن المواجهة الحاسمة مع مجلس الأمن قد تسبب كارثة لهم".
وتذكر الصحيفة أن "عائلة رامي مخلوف هي مركز بنية السلطة في سوريا"، حيث "تسيطر على إمبراطورية أعمال تشمل بنكا ومناطق تجارية حرة وشركات الهاتف الخليوي".
"وزادت عائلة مخلوف من قوة اتصالها بسوق تجارية هائلة حققت لها أرباحا تزيد عن 3 مليار دولار" تقتبس الصحيفة الأمريكية من كتاب "وراثة سورية: بشار أمام اختبار النار" للباحث فلنت ليفريت وهو محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، الذي يضيف أن هذه العائلة "صارت العائلة الوحيدة البارزة على صعيد الأعمال في سوريا".
وقالت الصحيفة "عندما جاء بشار الأسد للحكم في سوريا ركز جهوده على انفتاح الاقتصاد لكنه لم يوقف الثروات الاقتصادية الضخمة للأشخاص الذين هم في السلطة، وليس فقط عائلة مخلوف" – كما تفيد الصحيفة نقلا عن خبراء لم تذكرهم.
وختمت "نيويورك تايمز"، نقلا عن أحد المحللين، أن "السلطة السورية تريد من الناس أن يعتقدوا أن رامي مخلوف غادر بأوامر من الرئيس لأنه يوجد كلام كثير حول الثروة التي استحوذ عليها، وإنها خطوة من الخطوات المأخوذة سعيا لاستعادة المصداقية مع الشعب السوري".

عائلة الأسد المهدَّدَة نقطة قوته وضعفه

القوي الغربية مترددة في ليّ ذراع النظام السوري
إيلاف
أوردت صحيفة "واشنطن بوست" أن الرئيس السوري بشار الاسد وشقيقه ماهر الاسد وصهره آصف شوكت يمثلون القيادة المشتركة العليا لسورية التي تواجه أكبر أزماتها منذ عقود بعد صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس . وأكدت أن هذه الدائرة العائلية هي مصدر قوة بشار الاسد، وربما تكون نقطة ضعفه أيضا، فاذا ثبت تورط احد افراد العائلة فإن هذه الفضيحة قد تطيح نظام "البعث" السوري بأكمله.وأضافت أن اسمي ماهر وآصف وردا في تقرير ميليس رغم قول دبلوماسيين أن الأدلة على تورطهما ليست دامغة. ونقلت عن مثقف سوري قوله: " المسألة بالنسبة إلى النظام ان حماية احد اركانه هي حماية للنظام بأكمله" ، ناسبة إلى مراقبين كثر أن أي تغيير لا بد من أن يكون من داخل الدائرة الداخلية للنظام، وإذا لم تتكسر هذه الدائرة فيمكن دمشق أن تصمد أمام الأزمات القصيرة المدى، حتى ان لدى البعض سيناريو محتملا لخلاص سورية من حالة العزلة الراهنة. وطالما لم يتحرك اعضاء العائلة ضد بشار الاسد فإن من الصعب تخيل قيام انقلاب ناجح ضده. ولاحظت الصحيفة أن اعتماد القيادة في سوريا على العائلة ليس بالأمر الغريب في الشرق الاوسط، لكن مقابلات مع محللين ودبلوماسيين ومعارضين سوريين رسمت صورة دائرة محكمة بدأت تضيق في السنوات الخمس الماضية بعدما تخلص الرئيس بشار الأسد من معظم مساعدي والده من الحرس القديم، وآخرهم وزير الداخلية غازي كنعان الذي قيل انه انتحر.ويقال ان الانقسامات داخل النظام تتفاقم، لكنها نحيت جانبا بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري واجبار القوات السورية على الانسحاب من لبنان . ويلقي بعض السوريين باللائمة على افراد دائرة الحكم الضئيلة العدد في اتخاذ العديد من القرارات الخاطئة والمتعلقة بلبنان والعراق ويرون أنها أدت إلى عزلة سورية. ويعتمد بشار الاسد على قاعدة التأييد التي بناها والده الراحل داخل القطاع العام والجيش وحزب "البعث" وطبقة التجار الجدد من كبار المسؤولين. ويثير افتقار الرئيس إلى الخبرة والحزم تذمراً ، لكن قليلين يشكون في انه يسيطر على الوضع. وكان الأسد الاب قد عين ابناء الطائفة العلوية ولا سيما عائلته "الكليبية" في المناصب الرئيسية في الجيش وأجهزة الامن. ويقول محللون ان "ماهر الاسد الشقيق الأصغر للرئيس قليل الظهور في العلن، ويُقال أنه ذو نزعة عنيفة وعصبي المزاج، وان آصف شوكت كان أكبر المستفيدين من انتحار غازي كنعان بعدما تمكن من بناء شبكة نفوذ داخل الجيش وأجهزة الامن". ويرى محللون غربيون ان عاملي الوقت والخشية من تصاعد العنف في الشرق الاوسط فيما الازمة العراقية مفتوحة على مصراعيها، يصبان في مصلحة سورية التي تتعرض لضغط دولي للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري.ويرى رئيس قسم الشرق الاوسط في المعهد البريطاني للعلاقات الدولية ان "موقف النظام السوري لا يتسم بالإحراج لأن خصومه يفتقرون الى استراتيجية واضحة، وأشك في ان يكثفوا ضغوطهم خشية زعزعة استقراره في غياب اي خيار بديل". ويضيف ان "الوقت يقف الى جانب سوريا والتوصل الى تفاهم دولي لفرض عقوبات عليها سيكون أمرا صعبا لأن هذه العقوبات سيكون لها على المدى البعيد تأثير مدمر على دول اخرى في المنطقة خصوصا لبنان، كما أن إنشاء محكمة خاصة او دولية وهي الهيئة الوحيدة التي في امكانها محاكمة متهمين سوريين قد يستغرق اشهرا وهذا يعني سنوات لإصدار حكم، والمنطقة لا تستطيع ان تحتمل على قول موسكو خلق مناطق توتر جديدة فيما الأزمة العراقية مفتوحة".بدوره يرى باحث في معهد الدراسات السياسية في باريس ان "القوى الغربية تواجه معضلة وتتردد في ليّ ذراع سورية خشية زعزعة استقرار نظامها"، لكنه يبدي تحفظا، معتبرا ان "سوريا تفيد فقط من عامل الوقت، وهي ليست في منأى عن سيناريو يؤدي الى منح لجنة التحقيق الدولية صلاحيات تمتعت بها بعثات الامم المتحدة للتفتيش في العراق على حساب السيادة السورية".ويضيف ان "سوريا محاصرة بقرارين دوليين ( ١٥٩٥ و ١٥٥٩ ) يمكن ان يؤديا الى استخدام القوة بموجب القرار1566 المتعلق بمكافحة الارهاب.

الجلسة الأولى لمحاكمة علي عبدالله بوجود ممثلين للإتحاد الأوروبي والسفارة الأميركية

جرت اليوم 30-10-2005 الجلسة الأولى في إطار محاكمة الناشط علي العبد الله في محكمة امن الدولة العليا بدمشق الذي يحاكم بتهمة نشر أنباء كاذبة توهن نفسية الأمة والاتصال مع جمعية سرية في إشارة إلى جماعة الأخوان المسلمين. حيث ألقى العبد الله ورقة قدمت من المراقب العام للإخوان المسلمين إلى منتدى الاتاسي في أيار مايو الماضي.

علي العبد الله من جانبه كرر بعض أقواله المأخوذة أثناء التحقيق في الأمن السياسي ومفادها انه غير منتسب للإخوان المسلمين أو أي حزب سياسي غيره كما انه من دعاة الإصلاح والديمقراطية وعبر عن ذلك بمقالات مكتوبة ومنشورة في الصحف العربية.

وبعد نقاش سياسي دار بين العبد الله ورئيس محكمة امن الدولة فايز النوري تم تأجيل المحاكمة حتى 11 – 12-2005 لمطالبة النيابة, ومن الملاحظ أن ممثلين عن السفارة الأمريكية بدمشق والسفارة البريطانية بصفتها الوطنية وبصفتها رئيسة للاتحاد الأوربي قد حضروا المحاكمة.

من جهة ثانية تم اليوم محاكمة ثمانية من الأشخاص الذين عرفوا بمجموعة التل (ريف دمشق) البالغة 14 شخصاً بتهمة الانتماء إلى جمعية سرية في إشارة إلى خلفيتهم الإسلامية.
و قد أجلت المحاكمة حتى 29-1-2006 من اجل توكيل المتهمين محامين للدفاع عنهم

ومن الملاحظ أن رئيس المحكمة النوري قد وعد أهالي المعتقلين برؤيتهم ولكن ما لبث بعد مغادرة ممثلو السفارتين الأمريكية والبريطانية أن تم تهريب المعتقلين دون أن يراهم ذويهم لان هذا الوعد كان للترويج.

د. عمار قربي – ناشط حقوقي

ماهر وآصف يحاصران بشار في مجلس الأمن

سورية تجابه الضغوط باتهامات استباقية لواشنطن
الخيارات .. تسليم المتهمين والحصار وحملة عسكرية
نصر المجالي - إيلاف
تتجهز سورية الإثنين لمواجهة أقسى قرار دولي من جانب مجلس الأمن الدولي ضدها لدفع نظام حكم بشار الأسد للتجاوب إيجابيا مع تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس في شأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وبالمقابل فإن دمشق استبقت القرار الدولي الذي كانت تقدمت به الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في شأن فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية ضدها باتهام القوات الأميركية في العراق باستخدام أسلحة فتاكة في المناطق الحدودية مع العراق. وبموجب القرار الدولي المنتظر فإنه يتعين على سورية أن تسلم عددا من كبار المسؤولين للعدالة الدولية أو أنها ستواجه عملا عسكريا تحت غطاء الشرعية الدولية.
وحسب مصادر دبلوماسية قريبة من المشاورات التي تجري في أروقة الأمم المتحدة، فإن اثنين من كبار المسؤولين السوريين وهما من الدائرة الضيقة القريبة من الرئيس السوري بشار الأسد، وهما اللواء آصف شوكت صهر الرئيس ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية و شقيق الرئيس وقائد الحرس الجمهوري ماهر الأسد وهو القوة الضاربة في سورية سيتم طلب تسليمهما ليواجها العدالة الدولية، حيث ورد اسماهما إلى جانب أسماء مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانيين كبار يعتقد بتورطهم في تدبير اغتيال الحريري.
وقالت تلك المصادر إن دبلوماسيين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين اطلعوا في مطلع هذا الأسبوع على تسجيلات صوتية لمسؤولين لبنانيين وسوريين كانوا يناقشون كيفية تدبير تفجير موكب رئيس الوزراء اللبناني الراحل، وذلك بهدف إعطاء مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن دفعة كبيرة لتأكيد مشروعيته ضد سورية.
يشار إلى أن كلا من روسيا والصين وهما من بين الأعضاء الخمسة الدائمين ترفضان أي قرارات بفرض مقاطعة ضد دمشق، ويقول الدبلوماسيون الغربيون إن موقف هذين البلدين الكبيرين قد يتراجع أمام عزم الأعضاء الآخرين على اتخاذ مثل هذا القرار الصارم.
وبموجب مشروع القرار، فإن الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تقرير ميليس سيمنعون من مغادرة سورية أو لبنان وكذلك مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة. واعتبر الدبلوماسيون هذا الإجراء بمثابة خطوة لطلب تسليم هؤلاء الأشخاص تمهيدا لتقديمهم إلى محكمة دولية.
ويقول محللون إن مثل هذه الخيارات الحاسمة الصعبة التي يطرحها مشروع القرار الدولي "ستضع نظام حكم بشار الأسد الذي ورث حكما دكتاتوريا مغلقا حكم بأسلوب القبضة الحديد عن والده الراحل حافظ الأسد أمام مواجهة صعبة جديدة، حيث هو أساسا متهم من جانب الولايات المتحدة ودول غربية حليفة بدعم المتشددين الانتحاريين الذين يعبرون الحدود السورية نحو العراق".
وإلى ذلك، فإنه في محاولة من جانب سورية الالتفاف على القرار الدولي المنتظر، فإنها اتهمت القوات الأميركية العاملة في العراق باستخدام أسلحة فتاكة محرمة دوليا خلال غاراتها التي شنتها في الأشهر الأخيرة على مناطق حدودية مع العراق.
ونقل مراسلون صحافيون عن الضابط السوري اللواء عميد سليمان قوله إن القوات الأميركية اجتازت الحدود السورية في عدد من الهجمات وإنها قتلت حارسي حدود على الأقل وجرحت عددا آخر من الجنود السوريين، وأشار إلى أن احتجاجا تم تقديمه للسفارة الأميركية في دمشق.
وجال الصحافيون رفقة الضابط السوري أمس مناطق الحدود السورية العراقية التي كانت عرضة لحملات عسكرية أميركية لمطاردة المتشددين المسلحين الذين يخترقون نقاط الحدود لشن عمليات انتحارية ضد القوات الأميركية.
وقال اللواء سليمان للصحافيين إن قوات حرس الحدود التي يقودها تعرضت لهجمات أميركية، وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول عسكري سوري كبير مثل هذه الهجمات، وقال هناك مدنيون قتلوا أيضا في الهجمات إلى جانب الجنديين من قوات حرس الحدود.
يذكر أن الحملات العسكرية الأميركية لمطاردة المسلحين في الأشهر الأخيرة أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 1500 من هؤلاء حيث كانوا في طريقهم من الأراضي السورية نحو العراق، رغم وجود سياج من الأسلاك الشائكة طوله 400 كلم على المناطق الحدودية في أوقات سابقة بتكاليف قدرها مليون ونصف المليون دولار.
ختاما، قال الدبلوماسيون الغربيون إن مثل هذه التصريحات السورية "لن يكون لها تأثير يذكر على ما تطمح إلى تحقيقه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في تمرير مشروع قراراتها الذي يدعو إلى فرض حصار اقتصادي ودبلوماسي ضد سورية".

نص مداخلة الأستاذ رياض الترك في قناة الديمقراطية مساء يوم الجمعة 28/10/2005

رياض الترك يطالب باستقالة بشار الاسد

تحياتي أستاذ محي الدين، تحياتي لضيفيك وللمشاركين الآخرين
مقتل الشهيد الحريري ورفاقه كما وصفها ميليس في تقريره جريمة إرهابية، هذه تذكرنا بل تحيلنا إلى جرائم النظام المرتكبة في سورية ولبنان على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، فالشعبان السوري واللبناني ليسا بحاجة إلى أن يقدم ميليتس أدلة جنائية دقيقة ودامغة كي يقنعنا بأن النظام السوري سلك طرق الإرهاب لإخضاعهما، وضحاياه بعشرات الألوف، لذلك أستغرب ردود الأفعال التي افتعلتها السلطة لتهييج الرأي العام، والإدعاء بأن مؤامرة وشيكة الوقوع تحاك على سوريا. إن هذا السلوك ليس عملاً طائشاً فحسب، وإنما يدفع بالأمور إلى التوتر والفوضى، وبالتالي إلى الصدام مع الشرعية الدولية التي لا بد من تلبية مطالبها.
هل كان بإمكان ميليس أن يقدم تقريراً يحتوي على أدلة جنائية في الوقت الذي لم تتعامل معه السلطة السورية كما يريد وحسب الأصول؟ لهذا السبب عاد إلى مجلس الأمن ليقول أن سوريا لم تتعاون التعاون المطلوب منها.
- لماذا تتردد السلطة في التعاون معه؟ هذا سؤال كبير يحيلنا إلى الشبهات التي تدور حول مسؤولين أمنيين وسياسيين كبار في السلطة السياسية متورطين في هذه الجريمة الإرهابية.
- إن إيصال البلاد إلى هذا المأزق الخطير ليس نتاج جريمة مقتل الحريري فحسب، بل هو نتاج سياسات خاطئة ومدمرة انتهجها النظام منذ مجيئه وحتى الآن، ومن تجربتنا في السنوات الخمس لحكم الرئيس بشار الأسد تبين لأوساط واسعة من السوريين أنه لم يثبت جدارته كسياسي مجرب ولا كرجل دولة محنك، وهذا ما جعل الرئاسة في عهده تختلف كلياً عن عهد والده، ونتيجة لذلك وقعت البلاد في عهده في مطبات ما كان ينبغي أن تقع فيها، وآخرها التمديد للحود ثم مقتل الحريري وتداعياته الخطيرة التي لا نزال نشهدها حتى هذه اللحظة، لذلك فالخروج من المأزق الحالي يفترض أساساً إعادة النظر بهذا النظام ومجمل سياساته وبناه، ولا بد من البحث عن مخرج سلمي يخلّص الشعب منه، ويحل جذرياً مشاكل الشعب، ويوفر على شعبنا ويلات كثيرة، ويفسح في المجال للتغيير الديمقراطي السلمي.
- أعتقد أن هناك مخرجاً يمكن له أن يتحقق إذا كنا جميعاً نعمل على تجنب شعبنا ويلات شبيهة بالتي لحقت بالشعب العراقي الشقيق، حين أصر صدام على المواجهة وطبقت العقوبات المعروفة.
- استناداً لكل ذلك لدي أفكار يمكن أن تشكل مخرجاً آمناً نستطيع بواسطته أن نحل العقدة الشائكة مع مجلس الأمن، أقترح ما يلي:
1- أن يتقدم الرئيس بشار الأسد ومجلس وزرائه باستقالاتهم إلى مجلس الشعب.
2- أن يتولى رئيس مجلس الشعب منصب الرئاسة مؤقتاً وفق الدستور.
3- يتولى الجيش مسؤولية الأمن في البلاد، وتجمّد الأجهزة القمعية عن العمل، ويحال كبار الضباط في هذه الأجهزة إلى رئاسة الأركان ليوضعوا تحت تصرفها.
4- التعاون مع مجلس الأمن وتلبية مطالبه وتسليم المشبوهين والمتهمين إلى لجنة التحقيق الدولية.
5- يقوم الرئيس المؤقت بإجراء المشاورات مع قادة الجيش وحزب البعث ومعارضة إعلان دمشق، ومع من يراه من الشخصيات الوطنية والديمقراطية الحريصة على سلامة البلد وتقدمه، مستثنياً من ذلك الملوثين بالدم والمال الحرام، من أجل تشكيل وزارة مؤقتة.
6- تقوم هذه الوزارة بتسيير الأعمال وإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً للبلاد، من شأنه أن ينقلها من حال الاستبداد والتسلط إلى حال الحرية والديمقراطية، ويقوم هذا الدستور على مبادئ النظام الديمقراطي.
- إن هذه الاقتراحات تنسجم مع روحية الوثيقة التي سميت بإعلان دمشق، هي أيضاً لا تستثني أحداً من مكونات الشعب السوري، بمن فيهم أهل النظام وقسم هام من السلطة ومؤسساتها من أجل الخروج من المأزق، وهجر السياسات السابقة المدمرة، والتوجه نحو المصالحة الوطنية القائمة على خيار الحرية والديمقراطية وعلى فتح آفاق رحبة لحل أزمات مجتمعنا كافة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
هذا هو المخرج العملي الذي يمكن أن يجنب سوريا مخاطر ما جرى في العراق، ويجعلنا نتعامل مع المجتمع الدولي بانفتاح ومع أشقاءنا العرب وفق المصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤونها وتؤكد على ضرورة الاعتذار من الشعب اللبناني الشقيق مما فعله نظامنا السوري.

الأحد، أكتوبر 30، 2005

دمشق تعرب عن مخاوفها من صدور قراردولي يهدد باستخدام القوة ضدها


تحرك دبلوماسي داخلي وخارجي في محاولة لاحتواء تداعيات تقرير ميليس
العربية.نت
اعرب نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الاحد 30-10-2005 في تصريحات صحفية في الدوحة عن مخاوفه من صدور قرار "خطير" ينص على استخدام القوة "ظلما" ضد سوريا يمكن ان يتخذه مجلس الامن الدولي الذي يجتمع الاثنين في نيويورك.
وقال المعلم في مستهل زيارة لقطر ضمن جولة خليجية "بعض اوساط مجلس الامن تحاول ان تجعل منه محكمة لتطبيق الفصل السابع على سوريا ظلما".
ويتيح الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة اللجوء للقوة لاجبار الجهة المدانة على الامتثال لقرارات مجلس الامن.
ووصف المعلم القرار المتوقع ان يصدر عن مجلس الامن ب"الخطير".
واوضح "هذا قرار خطير جرى التحضير له قبل شهر من صدور تقرير ميليس وذلك من خلال اجتماعات في باريس ولندن وواشنطن".
ويقوم وليد المعلم بجولة في دول الخليج لحشد التأييد العربي عشية اجتماع يعقده مجلس الامن الدولي لبحث فرض عقوبات على دمشق.
وفي محاولة فيما يبدو لتجنب الموافقة على مشروع قرار صارم من مجلس الامن صاغته الولايات المتحدة وفرنسا بدأت سوريا تحقيقاتها الخاصة أمس السبت في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.
وقال مسؤولون ان التحقيق الذي أمر باجرائه الرئيس السوري بشار الاسد سيستجوب مدنيين وعسكريين سوريين وسيتعاون مع تحقيق للامم المتحدة أورد بالفعل أسماء مسؤولين سوريين كبار في حادث الاغتيال الذي وقع يوم 14 فبراير شباط.
وسلم المعلم مساء أمس خطابا من الرئيس السوري الى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يلتمس فيه دعم السعودية خلال اجتماع لوزراء خارجية مجلس الامن يعقد غدا ومن المتوقع أن يطالب سوريا بالتعاون والا واجهت فرض عقوبات اقتصادية.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء أن الملك عبد الله شدد على "وقوف المملكة حكومة وشعبا الى جانب سوريا في مواجهة الضغوط التي تتعرض لها من بعض الاوساط الدولية".
وأضافت الوكالة أن المعلم أبلغ العاهل السعودي أن سوريا مستعدة للتعاون مع فريق الامم المتحدة الذي يحقق في مقتل الحريري وانه سينقل رسائل الى دول أخرى بالخليج.
وبحث الاسد القضية مع الرئيس المصري حسني مبارك خلال زيارة مفاجئة قام بها مبارك لدمشق يوم الجمعة.
من جهة أخرى، غادر وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بلاده متجها الى نيويورك اليوم. وقالت وكالة الانباء السورية انه سيلتقي مع الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ووزراء خارجية اخرين.
وحث ديتليف ميليس كبير محققي الامم المتحدة سوريا في اجتماع لمجلس الامن في الاسبوع الماضي على أن تجري تحقيقا خاصا بها وعلى التعاون بشكل كامل مع المحققين الدوليين.
وتنفي سوريا أي دور لها في اغتيال الحريري وترفض تقرير ميليس وتصفه بأن له دوافع سياسية ولكنها تتعرض لضغوط دولية شديدة.
وتقول الولايات المتحدة وفرنسا انهما واثقتان من أن اجتماع مجلس الامن غد الاثنين سيتبنى قرارا صارما ضد سوريا.
ويهدد مشروع القرار بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا ما لم تتعاون بشكل كامل مع تحقيق الامم المتحدة ويفرض حظرا على سفر المشتبه بهم وتجميد كل أرصدتهم في الخارج.
وخلص تقرير الامم المتحدة هذا الشهر الى أن قرار قتل الحريري "ما كان ليتخذ دون موافقة من مسؤولي أمن سوريين على مستوى عال" بالتعاون مع مسؤولين لبنانيين.
وأورد التقرير اسماء مسؤولي أمن سوريين بارزين من بينهم شقيق الاسد وصهره وحلفاء لهما من المسؤولين اللبنانيين كمشتبه بهم محتملين في تفجير الشاحنة الذي أودى بحياة الحريري و22 اخرين.
وصرح وزير العدل السوري محمد الغفاري لوكالة الانباء السورية بأن سوريا ستحقق مع السوريين الذين يشتبه في تورطهم وستحاكم أي شخص يثبت ضلوعه في الاغتيال بأدلة دامغة.

الصحة العالمية تقر استراتيجيتها للتصدي لإنفلونزا الطيور

نبيل شرف الدين - إيلاف
في بيان أصدره اليوم السبت مكتبها الإقليمي في القاهرة، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الاستراتيجية التي تطبقها حاليا للتصدي لوباء إنفلونزا الطيور تعتمد على تقليل الخطر وتجنب ظهور فيروس جديد وتنسيق الجهود مع المنظمات الدولية مثل منظمة الاغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان للقضاء على المستودعات الحيوانية للفيروس وتقليص فرص تعرض البشر للدواجن المصابة بالعدوى التي تعد اكبر المستودعات للفيروس . وقال بيان للمكتب الاقليمي للمنظمة في اقليم شرق المتوسط إن القتل الجماعي والسريع للدواجن المصابة يعد من اهم الاجراءات الوقائية للحيلولة دون اصابة الانسان بفيروس إنفلونزا الطيور القاتل، مؤكدا أن جميع دول العالم تحتاج إلى العمل معا على تجنب او تأجيل واحتواء هذا الوباء القاتل من خلال جهد عالمي هائل منسق يقوم على الشفافية والتعاون في مواجهة الوباء .
استراتيجية المنظمة
ومضى البيان قائلاً إن استراتيجية المنظمة تهدف إلى التحسين المتواصل لاستعداد البلدان للاوبئة العالمية ودعم البلدان المنكوبة حال ظهور الوباء العالمي بها، مشيراً إلى انه في حالة اندلاع الوباء العالمي فان المنظمة تسعى إلى تطبيق اجراءات صحية محددة للابطاء من وتيرة انتشار الوباء على الصعيدين المحلي والعالمي كما تسهل المنظمة تطوير الامصال وتوفير فرص الحصول على الادوية المضادة للفيروسات .وأكد بيان منظمة الصحة العالمية انه حتى الآن لم تقع أي حالة انتقال للفيروس من إنسان لإنسان، لافتاً إلى انه يمكن للمسافرين عبر خطوط الطيران التي تربط العالم أن يسهموا بنشر الإنفلونزا لكل البلدان تقريبا .وأوضح بيان المنظمة أن الاختلاط المباشر أو غير المباشر بين الدواجن المحلية والطيور المهاجرة سبب لانتشار وباء الإنفلونزا، فالدواجن مثل الطيور والديوك الرومية يسهل اصابتها باصابة قاتلة بالمرض اذا تعرضت لفيروس الإنفلونزا لكن البط يعد من اخطرها لأنه اذا اصيب بفيروس الإنفلونزا قد لا يموت، ولكنه يظل حاملا للفيروس ويساعد على انتشاره .وأشار البيان إلى ضرورة أن يصاحب هذه الاجراءات تطهير مستودعات الطيور من النفايات، بالاضافة إلى التطعيم السليم للدواجن وتعزيز الترصد الوبائي بين الحيوانات والبشر وتشجيع الدول على وضع خطط عمل محلية للاستعداد والتصدي للاوبئة العالمية .كما اشار البيان إلى أن مسار الطيور المهاجرة يمر باقليم شرق المتوسط الواقع في طريقها بين اسيا واوروبا وافريقيا، ولذلك فان دول اقليم شرق المتوسط معرضة للاصابة بإنفلونزا الطيور من اسيا واوروبا، لافتاً إلى أن افضل علاج لهذا الوباء العالمي هو مضاد الفيروسات المعروف باسم (التامفلو)، الا انه اوضح أن هذا الدواء مرتفع الثمن للغاية ويحتاج إلى سنوات كثيرة لانتاج الكم المطلوب منه لمواجهة الوباء في العالم .واختتم البيان قائلاً إنه يجب على الافراد في هذه المرحلة تجنب لمس الطيور النافقة وصيد الطيور المهاجرة والزيارات غير الضرورية لاسواق الطيور، كما حث الأفراد على الإبلاغ عن أي وفيات غير معتادة لأسراب من الطيور البرية او الداجنة .

انفلونزا الطيور المُعتمِرة تغزو مكة المكرمة

سلطان القحطاني - إيلاف
نصيحة طازجة يقذفها مدير عام إيلاف، على أذنيّ وهو يمضي إلى مكتبه المحاذي لمكتبي النحيل في الرياض،فيما تعلو مقدمة أنفه بوادر إحمرارٍ طفيف بُعيد عودته من مدينة جدة على الساحل الغربي للسعودية مصاباً بالإنفلونزا.النصيحة كانت :"لاتذهب إلى هناك"،وهي النصيحة الثانية التي أسمعها خلال يومين تحذرني من الذهاب إلى مدينتي جدة ومكة المكرمة في موسم العمرة الحالي،على اعتبار أنهما تشكلان حالياً أرضاً خصبة لإنتقال العدوى مابين الأجساد الشبه عارية إلا من إزارين أبيضين،اللذان يمثلان هيئة اللباس الرسمي الذي يُحتّم على المسلمين الإلتزام به لأداء مناسك العمرة.
طوفان بشري هائل يتجاوز مليوني نسمة من أنحاء متفرقة على امتداد الجغرافية العالمية،كلهم يأتون للقيام بمناسكهم عبر بوابة مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر للوصول إلى مكة المكرمة،البقعة المقدسةُ الأولى لدى المسلمين،وهم يأتون يحملون معهم الأماني والأدعية والأمراض،والمرجح أن تكون الأخيرة هي هديتهم إلى إخوانهم المسلمين المعتمرين،بينما يرزح الأغلبية تحت ظل القلق العارم من خطر إنفلونزا الطيور التي تجتاح العالم من بين ظهرانيه.
إلا إن إنلفونزا الطيور المعتمرة تبدو أخطر بكثير، فالسعودية وإن كانت قد اوقفت استيراد الطيور من شرق آسيا لتفادي تسرب المرض إلى أراضيها في إجراء اعتبرته احترازياً ضمن خطة شاملة لمنع وصول المرض وانتشاره في البلاد،فإنها لن تستطيع أن تغلق الأبواب في وجه زائريها المعتمرين،وعلى الأخص في هذا العام الذي فتحت فيه الباب على مصراعيه تجاه المقبلين من خارج حدودها لإداء العمرة،وذلك دون تحديد سقف لما يمكن أن تُرسله كل بلد من مواطنيها.
ومنذ عدة أعوام،أضحت عودة الحجاج أو المعتمرين من ذلك المكان المقدّس،غرب السعودية،وهم مصابون بأمراض عدة،أمرٌ لايفاجأ أي أحد من عوائلهم،وكأنه قد غدا أحد الواجبات الإسلامية التي لابد للحاج أو المعتمر الحصول عليها،وإلا غدت حجته أو عمرته،ناقصةً لابركة فيها،وكلما زادت الأمراض التي يحملها تحت جلده كان ذلك أحد علامات قبول فرضه الديني الذي أداه إبتغاء مرضات ربه،وأمراض ربه كذلك الذي يجدها في طريق عودته من هناك.
أمّا على ساحة الداخل السعودي فإن حالةً من عدم الامبالاة تبدو ملامحها ظاهرة للعيان فيما يتعلق بفيروس إنفلونزا الطيور الذي أثار قلق العالم بإسره،وكأن السعوديون يحلقون في سرب آخر لاعلاقة لهم يما يحدثُ للعالم،وهو أمرٌ إمّـا أن يكون عائدٌ إلى ثقتهم بخطط الطوارئ الصحية التي تقوم بها حكومةُ بلادهم،أو أنهم متيقنون بأن أمراضاً كهذه لاتأتيهم،لأسباب عدة لايعرفها سواهم.
غير أن كلا الإنفلونزتين،إنفلونزا الطيور أو إنفلونزا الطيور المعتمرة،يخضعان لعمليات ترقب دقيق من الأجهزة ذات العلاقة في السعودية ،وهما سيأتيان ليجدا في إنتظارهم طوقاً صحياً محكماً لانفاد منه،إلا فيما يتعلق بأولئك المعتمرين الذين لن تفلح قوة في الأرض في مواجهتهم صحياً،أو على الأقل محاولة السيطرة على إنسيابيتهم التي لايستطيع أياً كان السيطرةُ عليها خلال مواسم روحانية كهذه،والتي يتجاز فيها عدد المعتمرين سقف المليوني معتمر على أقل تقدير.
و يدرس خبراء ومسؤولون الاجراءات التي تهدف الى احتواء انتشار محتمل لفيروس انفلونزا الطيور القاتل بدقة من فرض حظر الى مراقبة الطيور المهاجرة أو إجراء أبحاث على لقاحات، لكن التهديد المباشر للمرض يضع آسيا في المرتبة الاولى ،وهو مؤشر ذو دلالة على ماينبغي للسلطات السعودية أن تقوم به في مواجهة هذا النوع من الإنفلونزا،وخصوصاً فيما يتعلق بالزوار الآتين من شرق قارتهم،وأيضاً من الإنفلونزا لبشرية التي لابد وان يحملها المعتمرون مع متاعهم،وقد تغدو ماركة مسجلة بإسم المعتمرين،في هذا المكان على وجه الخصوص.
ولكن إن إجتمع كلا المرضين،وهما الإنفلونزا البشرية التي سيتلقفها المعتمرون بكل طيب نفس،وإنفلونزا الطيور التي تثير هلعاً عالمياً،فإن الوضع سيكون أخطر بكثير من أن تتداركه خطط بُنيت على فرضيات حدوث أقل الخسائر،لاسيما وأن كل الخبراء جازمون بأن مرضاً كهذا لو انتشر خلال موسم عمرة مكتظ،كما هو الآن،فإن نتائجه ستكون وخيمةً جداً،ولن يكون بالسهولة لأي جهاز صحي كان أن يسيطر عليها.
وإنفلونزا الطيور هو مرض طيور معدي سببه فيروسات الإنفلونزا أي (Influenza A viruses). الطيور المائية المهاجرة - بشكل خاص البطّ البري - تشكل مستودعا طبيعيا لكلّ فيروسات الإنفلونزا أي.إنفلونزا الطيور له شكل معدي جدا، ميّز أولا في إيطاليا قبل أكثر من 100 سنة، حيث كان يعرف بطاعون الطيور،طبقاً لما ذكره موقعٌ إلكتروني متخصص.
من ضمن الأنواع الفرعية الرئيسية الـ15 لفيروس الإنفلونزا أي ، فقط السلالات ضمن الأنواع الفرعية إتش5 و إتش7 تسبّب إنفلونزا الطيور عالية العدوى، والقاتلة لدى الطيور. الدجاج و الديك الرومي معرّضة خصوصا للأوبئة؛ الإتصال المباشر أو غير المباشر مع قطعان الطيور المائية البرّية هو السبب المعتاد لهذه الإصابات. لعبت أسواق الطيور الحيّة دورا مهما أيضا في إنتشار الأوبئة. الطيور التي تنجو من العدوى تفرز الفيروس ل10 أيام على الأقل، من الفم وفي الغائط، مما يسهّل إنتشارا أكثر. على خلاف الدجاج، البط معروف بمقاومة الفيروس حيث يعمل كناقل بدون الإصابة بأعراض الفيروس، و هكذا يساهم في إنتشار أوسع.
وتفشّي حالات المرض بين البشر بسبب إنفلونزا الطيور إتش5إن1 من الدواجن، بدأت في آسيا في 2003م. حتى الآن، أغلبية الحالات حدثت لأطفال وشباب كانوا يتمتعون بصحّة جيدة قبل الإصابة. معظم، و ليس جميع، هذه الحالات تم ربطها بالتماس المباشر بالدواجن المصابة أو إفرازاتها.إتش5إن1 يعتبر مقلقا بشكل محدد لعدّة أسباب. إتش5إن1 يتغيّر بسرعة ويمكن أن يستخدم جينات من الفيروسات الأخرى حيث يشمل ذلك فيروسات إنفلونزا الإنسان.إنّ الوباء الحالي للإنفلونزا الطيور المعدية جدا في البلدان الآسيوية كان سببه إتش5إن1، لذا يشكل هذا الفايروس حالة قلق. إذا أصيب بشر أكثر، بمرور الوقت، تزيد الإمكانية أيضا لظهور نوع فرعي مبتكر له جينات إنسانية كافية لتسهيل الإنتقال من شخص إلى أخر. مثل هذا الحدث يؤشّر بداية لوباء إنفلونزا.

في المسألة القبطية العلمانية هي الحل

جورج كتن
مرة أخرى تفجرت في مصر نزاعات على خلفية دينية، إذ أن جهة لم يكشفها التحقيق وزعت تسجيلات لمسرحية عرضت منذ سنتين داخل كنيسة لمرة واحدة ولم يهتم بها أحد في حينها، أثيرت الآن لتحريض جمهور مصلين للهجوم على كنيسة مجاورة ومحاولة اقتحامها, مما أدى لصدام عنيف مع الأمن وسقوط ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى واعتقالات تجاوزت المائة. المتظاهرون اعتبروا المسرحية معادية للإسلام بينما أكد شيخ الأزهر ورجال دين مسيحيين أنها لا تتعرض للإسلام لكنها تدعو لمحاربة الإرهاب.
أعاد البعض الأحداث لأسباب انتخابية، إذ أن مرشح الدائرة حيث تتواجد الكنيسة قبطي على قائمة الحزب "الوطني" وهو أحد مرشحين قبطيين من أصل 444 مرشحاً للحزب، وتوزيع تسجيلات للمسرحية جرى لصالح المرشح المنافس له وهو ناصري، ربما يسعى للفوز على أنقاض فتنة طائفية، أما الإخوان المسلمين فقد نفوا أن مرشحهم ينافس المرشح القبطي، لكن لا يستبعد أن إثارة العواطف الدينية لكسب الأصوات هو أمر في مصلحتهم على المستوى الانتخابي العام.
مسلسل العنف يتكرر منذ عقود, ففي ديسمبر الماضي تظاهر الأقباط احتجاجاً على ما رأوه تغييراً إجبارياً لديانة وفاء قسطنطين, وفي 2001 نشرت صور فاضحة لراهب سابق مما أثار احتجاجات قبطية صاخبة, وفي 2000 نشب صراع في قرية الكشح أدى لمقتل 20 قبطياً, وفي 1999 أحرق متطرفون إسلاميون قرية دبيان وفي 1977 أحرقت كنيسة في إحدى قرى الفيوم, ومطلع السبعينيات أحرقت كنيسة الخانكة, وغيرها من الحوادث الكبيرة والصغيرة....
لم تكن العلاقة كذلك دائماً, ففي العهد الليبرالي في النصف الأول من القرن الماضي كانت العلاقات متميزة بين المسلمين والأقباط في المجتمع وفي إطار العمل ضد الإنكليز حيث رفعت المظاهرات شعار هلال وصليب متآخيان وشاركت النخب القبطية في قيادات الأحزاب وخاصة الوفد, وفي المجالس ورفضت تخصيص القبط بمقاعد برلمانية في دستور 1923 فقد بلغت نسبة تمثيلهم من 9 إلى3 % حتى العام 1952 علماً بأن نسبتهم تصل حالياً ما يقارب ال10% من السكان.
هذا التمثيل تدهور بعد ثورة الضباط فلم يفز أي قبطي في انتخابات 1964 مما اضطر المجلس لإضافة فقرة للدستور سارية حتى الآن تمكن رئيس الجمهورية من تعيين 10 نواب. لم ينتخب أي قبطي في انتخابات 1995 وفي المجلس الحالي المنتهية ولايته قبطيان نجحوا على قوائم الحزب "الوطني" الحاكم مع إضافة 5 نواب بالتعيين.
الأقباط إذن مقصون عن الحياة العامة وهم أيضا لا ينتخبون في المجالس البلدية والنقابات، بالإضافة إلى شكواهم من التمييز في رخص بناء الكنائس وفي التعيين بالوظائف العليا وفي الإعارات والترقيات...، وفي السماح لهم بمساحة كافية في الإعلام, وفي افتقادهم للأمن إذ أن النظام لا يقوم دوماً بحمايتهم من تعدي المتطرفين، بالإضافة للشكوى من الجهود المبذولة لأسلمة الأقباط دون أن يكون ذلك متاحاً بعمليات معاكسة، حتى انتشر شعوراً بينهم بأنهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.
إن إدانة أو تبرئة أي طرف في الإحداث الأخيرة، ليس حلاً كافياً إذا لم تتم معالجة جذور التمييز ومسبباته، فلا يفيد النظام تجاهل الأزمة أو التقليل من شأنها أو تأجيل حلها أو تسليم ملفها للأمن أو تحميل مسؤوليتها للخارج أو لأقباط المهجر، أو استغلال العنف ضد القبط لإشعارهم بخطر التيار السياسي الإسلامي ودفعهم للتمسك بالنظام كخشبة أمان ضد التطرف الديني.
أعاد الرئيس مبارك في ولايته الأولى الاعتبار للبابا شنودة المنفي في دير صحراوي لأربع سنوات، واعترف مؤخراً بعيد الميلاد كعطلة رسمية وقدم تسهيلات لبناء كنائس أو ترميمها، إلا أن ذلك ليس كافياً لمعالجة أسباب الأزمة, فالمهم التصدي لانتشار الفكر السلفي المعادي للحداثة وللتقدم، والذي أجج التعصب الديني في أوساط شعبية واسعة مما أدى لرفض انتخاب الأقباط.
لا يعني رفع الإسلام السياسي لشعار الوحدة الوطنية والدعوة للاعتدال والوسطية, عدم المساهمة في إشاعة هذه الأجواء، فالمرشد العام السابق للإخوان أفتى منذ سنوات باستبعاد الأقباط من الجيش وإلزامهم بالجزية، والأقباط حسب عدد من المتأسلمين المتشددين أهل ذمة,والمواطنون هم المسلمون فقط. ولإدراك مدى الضرر الناتج من وراء رفع الإخوان لشعار "الإسلام هو الحل", يمكن تصور ماذا سيحدث فيما لو رفع من الجانب المقابل شعار "المسيحية هي الحل".
ولا يمكن تجاهل دور الصحف مثل "الميدان" التي حركت الفتنة النائمة، وتلتها صحيفة "الأسبوع" التي يديرها مصطفى بكري، والتي تحدثت عن مؤامرة خارجية بينما خبر المسرحية نشر على صفحاتها. وسبق لبكري أن لعب دوراً ما في أزمة وفاء قسطنطين عندما ادعى أن المسيحيين هم من يحكموننا!! وأن البابا مطالب بالاعتذار والاعتراف بأن رجال الدين المسيحيين هم سبب الفتنة، وربما أصبحت صحيفته بحاجة للدعم من الأصوليين بعد أن فقدت مصادرها عقب انهيار النظام الصدامي.
إن التطرف الديني لتيارات سياسية إسلامية وقطاعات من المجتمع المتأثرة بها والمعاملة التمييزية من قبل دوائر الدولة وعدم الشعور بالأمان والصحف المثيرة للفتن... تولد تطرفاً قبطياً مقابلاً يظهر في مقالات وتعليقات بمواقع الكترونية، إلا أن التيارات القبطية الأساسية نأت بنفسها عن الانجرار لهذه المواقف ورفضت كلياً دعوات أفراد محدودين لحلول مستحيلة.
التيار الرئيسي يتبنى حلولاً ضمن إطار المواطنة المصرية، ويطالب بحقوق متساوية لا تفرق بين مواطن وآخر بسبب الدين، والأكثرية ترفض فكرة حزب قبطي مقابل الأحزاب الإسلامية، ويفضل آخرون العمل من خلال النخب السياسية وليس رجال الدين، ويرفض الجميع العنف كوسيلة لإنهاء التمييز, ويستوي في ذلك أقباط الداخل والمهجر، والأخيرين توجه لهم شتى التهم رغم أن مؤتمرهم القادم في واشنطن لا يدعو لأكثر من المواطنة المتساوية، بقانون موحد لتنظيم بناء المساجد والكنائس, ومراعاة تعيين الأقباط بمراكز قيادية حسب الكفاءة والتصدي لانحياز مؤسسات الدولة ومعاقبة كل من يميز بين المواطنين, ومنع بث برامج دينية أو نشر كتب تحرض ضد الآخر وتوجيه التربية في المدارس والمجتمع لاحترامه, وإغلاق صحف التحريض، وإلغاء خانة العقيدة من الهويات والاستمارات، وتدريس التاريخ القبطي، والسماح بعقد مؤتمر في الداخل للتداول في الحلول.
كما يطالب آخرون بتمثيل القبط في المجالس المنتخبة حسب حجمهم في المجتمع، إلى أن يرتفع وعي المواطنين إلى مستوى انتخاب ممثليهم حسب برامجهم وليس حسب انتمائهم الطائفي، والمطالبة برفض استخدام دور العبادة لأغراض سياسية، وإبعاد رجال الدين عن العمل السياسي إسوة بالقضاة وأفراد الجيش, وإزالة أية مواد من الدستور والقوانين تنحاز لدين ما وخاصة, برأينا, اعتبار "دين الدولة الإسلام" و"الشريعة الإسلامية مصدر التشريع" باستبدالها بأن المقاصد الخيرة لجميع الأديان هي أحد مصادر التشريع.
لا تتحقق هذه الأهداف إلا من خلال توسيع الديمقراطية وتداول السلطة في مصر, والعمل لمواطنة متساوية يتطلب من النخب القبطية التقارب مع المتنورين والعلمانيين المسلمين للعمل للقضاء على التطرف الديني من أية جهة أتى, بدلاً من تأييد نظام نصف متأسلم في مواجهة التيارات الإسلامية المتشددة، كما في دعوة الأقباط لانتخاب الرئيس مبارك.
إن فشل "الثوريين" من قوميين ويساريين وإسلاميين في إقامة دولة ديمقراطية حديثة، بعد قضائهم على محاولة الليبراليين إنجاز هذه المهمة في النصف الأول من القرن الماضي, أكد ضرورة شعار : "العلمانية هي الحل" في مرحلة الانتقال الديمقراطي الراهنة.

دمشق بين تقريرين

ياسمين شونجار، مللييت التركية - الحياة
تقريران أُعدا بتكليف من أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان، يجبران سورية على تغيير سياساتها جذرياً. ويترتب على رفض سورية التعاون مع مجلس الأمن عزلة دولية كبيرة. والسبيل الى الخروج من تلك العزلة هو التعاون مع الأمم المتحدة، وتسليم المسؤولين عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري الى العدالة. ولكن هل يستطيع النظام في سورية التعاون من دون انهياره؟ وهل تختل موازين القوى في سورية؟ فواشنطن تدرك دقة الوضع في سورية، ولا تطلب قلب النظام ووصول الاخوان المسلمين الى الحكم، بل زيادة الضغوط الدولية على بشار الاسد. ويلاحظ مسؤولون أميركيون خطورة هذا المسار الذي قد ينتهي الى قلب نظام الحكم في سورية. ولا شك في أن واشنطن تبحث عن جواب سؤالين. الاول يتناول قدرة بشار الاسد على البقاء في الحكم، بعد تسليم قريبيه الى العدالة، والثاني مدى التورط المباشر في حادثة اغتيال رفيق الحريري. ومن المنتظر صدور تقرير ثان عن سورية يفيد بأنها لم تلتزم قرار مجلس الامن 1559، و انها لا تزال تحتفظ باستخباراتها في لبنان، و تزود بعض الميليشيات الموالية لها بالسلاح. ومن شأن تقريري ديتليف ميليس وتيري رود لارسن تضييق الخناق على دمشق التي قد تواجه عقوبات دولية كبيرة.
مللييت التركية، 24/10/2005

الأمم المتحدة وحدها تقر إجراءات في حق سورية... الخاسرة في كل الأحوال

مارتين انديك/تسفي برئيل - الحياة
مارتين انديك في ذا فاينانشل تايمز البريطانية
أدى العمل الدؤوب الذي تولاه رئيس لجنة التحقيق الدولية، ديتلف ميليس, الى معرفة العالم ان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، كان ثمرة تخطيط دقيق استغرق شهوراً. ولكن القرار الأخير، بحسب أحد الشهود، صدر عن أعلى رتبة استخباراتية في البلدين، قبل أسبوع واحد من التنفيذ. (...) وعلى رغم ان تقرير ميليس، بالمعنى القانوني، هو مرحلة انتقالية على طريق الادانة المحتملة لمسؤولين لبنانيين وسوريين, الا ان ما كشف النقاب عنه أثار زوبعة سياسية عميقة الأصداء والارتدادات.
فيترتب، الآن، على مجلس الأمن ان يتخذ الخطوة التالية على طريق الضغط على النظام السوري. فالتقرير يوضح ضرورة المضي على التحقيقات, وامتناع دمشق من التعاون. والفرصة سانحة لتمديد عمل اللجنة، وفرض عقوبات على سورية اذا لم تتجاوب. ولكن ذلك يضع الرئيس السوري امام حلين احلاهما مر. فاما ان يتعاون مع اللجنة، ويقدم قريبه الى المحكمة الدولية, وهي خيانة عائلية قد تؤدي الى قلب النظام بالكامل, واما ان يرفض التعاون، فيضع بلاده تحت وطأة العقوبات والعزلة السياسية. وهذا يهدد الحكم الأقلوي على المدى البعيد.
انتهى الرئيس الاسد الى حل وسط لمعضلته. فأرسل موفداً الى واشنطن يفاوض على «حل على الطريقة الليبية». وهذا يقضي بتسليم عدد أقل من المسؤولين المطلوبين لقاء عودة عن بعض التصرفات العدائية. ولكن العرض جاء بعد فوات الاوان.
فالرئيس جورج بوش وزن الامور، ووجد الرجل غير موثوق. فوعود الاسد بوقف عبور المقاتلين الى العراق, ذهبت سدى. وانسحاب قواته من لبنان تبعته موجة تفجيرات أدت الى هرب السياسيين. وبعض الناس في واشنطن, وأنا منهم, الذين كانوا أيدوا سياسة «الجزرة والعصا», فقدوا الأمل فيه. ونظراً الى ضعف الرئيس الاسد, والى طبيعة الاشخاص المحيطين به, علينا ان نتوقع ردات فعل سيئة على القرارات الدولية، وليس الانصياع لها. وسورية اليوم تحت المجهر الدولي. فالأكاذيب واعاقة العدالة, ورعاية الهجمات الإرهابية والعمليات الانتحارية والاغتيالات، أمور كلها تشد الحبل حول عنق البلد.
وفي هذه الظروف, يترتب على الثنائي بوش- شيراك, الرئيس الفرنسي, ان يبدي بعض الحذر في مسألة العقوبات. فالحال حرجة. وعليهما، في المقابل، تفادي الإقدام على خطوة متسرعة. ولحسن الحظ، لم تنسَ دروس العراق. فكبح جماح المنادين بإطاحة نظام الأسد. فتصرف كهذا قد يخلع الشرعية الدولية عن العملية برمتها. وأي تدخل عسكري قد يعكس الأمور، ويرمي سورية في الفوضى. فينخرط أنصار السلطة والمقاتلون السنّة في حمام دم. وخيرما يمكن للمجتمع الدولي أن يقوم به، الآن، هو إحالة الملف الى مجلس الأمن، وطلب تعاون سورية تحت طائلة العقوبات. وهذا يستدعي دوراً أميركياً غير ظاهر. فكلما رفع الأميركيون الصوت ضد سورية، شعر الآخرون بوجوب حمايتها. وعلى القوى الغربية أن تتحلى بالصبر، فيما هي تحاسب آخر الأنظمة العربية المتصلبة. وينبغي اتخاذ اجراءات فاعلة تمنع سورية من التدخل في لبنان والعراق. وليترك بوش وشيراك سورية تتولَّ البقية.
* (مدير مركز سابان للدراسات الشرق أوسطية، بروكينغز، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى)، ذا فاينانشال تايمز البريطانية، 23/10/2005
تسفي برئيل في هآرتس الاسرائيلية
وُصف تقرير ديتليف ميليس، رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري بـ «الزلزال». فكبار المسؤولين في الحكم السوري واللبناني، وبينهم وزير الخارجية فاروق الشرع، متورطون مباشرة أو غير مباشرة في هذا الاغتيال. ولكن الهزة الأرضية المتوقعة غير مبررة. فلبنان شهد من قبل اغتيال كبار ساسته. وقبل اغتيال الحريري اعتبرت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش سورية جزءاً من «محور الشر»، واتهمتها بعرقلة العملية العسكرية الأميركية بالعراق، وتشجيع الإرهابيين على محاربة القوات الاميركية. ولو تعاونت سورية مع الولايات المتحدة، وسمحت لقواتها بالعبور من سورية الى العراق في بداية الحرب، وعادت الحكومة على ما فعلت في حرب الخليج الاولى، لما شُكلت لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية، ولا صدر القرار 1559 الداعي الى خروج القوات السورية من لبنان.
ولا يحتاج تقويم حكمة الرئيس بشار الاسد الى لجنة تحقيق. ففي أقل من خمس سنوات ارتكب الرئيس الاسد الأخطاء الممكنة كلها مع الولايات المتحدة ولبنان. وفعل ما لا يُصدّق. فحوّل الدولة الخاضعة لوصايته الى ذريعة لمعاقبة دولته. ولم يكن في وسع واشنطن طرد الاسد من لبنان من دون حركة الاحتجاج اللبنانية الشعبية بعد اغتيال الحريري. وخالفت نتيجة الاغتيال الغاية منه، أي خدمة المصلحة السورية، وتخويف معارضيها، وإحكام القبضة على لبنان. فنالت واشنطن ما لم يكن في حسبانها من دون جهد يذكر. وأخرج لبنان، نيابة عنها وخدمةً لمصلحته، سورية من أراضيه.
ولا شك في أن سورية بشار الاسد هي دولة خاسرة.
وينبغي توجيه الاهتمام الى لبنان، حيث يتوقع حصول تغيرات سياسية مؤثرة في الشرق الاوسط. وبعد مرحلة التطهير السياسي والعسكري المرتبطة بتحقيق ميليس، وبعد زوال رواسب الهيمنة السورية، يتوقع حدوث تطورات مهمة في لبنان، مثل تجريد «حزب الله» من سلاحه، والبحث في اعتبار اسرائيل جسراً برياً يربط لبنان بالدول العربية عوض سورية التي أغلقت حدودها مراراً معه.
* هآرتس الاسرائيلية، 23/10/2005

عرض نصر الله الذي لا يُقاوَم

حازم صاغيّة - الحياة
كيف يحمي لبنان نفسه؟ هذا هو السؤال الذي يقول حسن نصر الله إن المقاومة الجواب عنه. وهذه هي الحجة التي تحظى بحياة أطول مما حظيت به مزحة «مزارع شبعا» السمجة.
لكن اذا افترضنا أن هناك خطراً على لبنان هو جزء من جوهر الأشياء وطبيعتها، وان الخطر هذا لا يتأثر بما يجري على الحدود، كما لا تؤثر فيه السياسات المحلية والاقليمية والدولية، بات علينا العيش في المقاومة الى قيام الساعة. فإذا ما تضاربت المقاومة - وما من أرض برسم التحرير - مع احتمال السلام، أو مع التوافق مع ما تواضع عليه العالم، أو مع الوفاق الداخلي، أو مع الحصول على معونات اقتصادية ومالية، عربية ودولية، كان علينا، من غير ان يرف لنا جفن، ان نختار... المقاومة.
والمقاومة، كما بات واضحاً، انتقلت من التركيز على «تحرير الأرض»، وهي مهمة المقاومات عادة، الى التركيز على «حماية لبنان». ولبنان، لسبب ما، ينبغي أن يُحمى على عكس الطريقة التي تُحمى بها سورية التي ضمنت، منذ 1974، عدم اطلاق رصاصة على الحدود، وعلى عكس الطريقة التي تُحمى بها مصر التي وقعت، منذ 1979، معاهدة كامب ديفيد، أو الأردن الذي وقع، منذ 1994، اتفاقية وادي عربة.
إذاً، هذه المقاومة تجمع الفرادة في الزمان الى الفرادة في المكان، أو ان هذا ما يريد أن يحملنا عليه حسن نصر الله. ومثلما حشد «مدنياً» في 8 آذار (مارس) الماضي كي يعلن «الوفاء لسورية»، رأيناه يحشد «عسكرياً»، قبل يومين، كيما يثير الذعر لدى الطوائف والجماعات الأخرى: فهي طريقته في «حماية» اللبنانيين بعد «حماية» لبنان!
ان المشروع الذي يمثّله نصرالله خطير، بل تقسيمي في عمقه، كائنةً ما كانت حدود تمثيله وتمثيليته. والحال أن التمثيلية هذه كلما كانت كبيرة كانت المسؤولية التي تترتّب عليها كبيرة بالدرجة نفسها. وهو كلام يقال فيما نصر الله يتجاوز تهديد السلام اللبناني، وإثارة الهلع في اللبنانيين، الى الاعتراض برموز العنف على استرجاع السياسة الى الداخل.
وبالاستناد الى انعزالية مقلوبة، تطالب لبنان بفرادة نضالية لا تقوى المنطقة كلها عليها، يصار الى تجديد الربط بمواقع قرار هي إما مهتزة (راجع خطاب أحمدي نجاد)، أو أكثر اهتزازاً (راجع انتحار غازي كنعان، ومداولات مجلس الأمن الدولي...).
إذاً، يمكن ايجاز العرض الذي يقدمه أمين عام «حزب الله» الى اللبنانيين بالتالي: حافظوا على المقاومة من دون ان تكون هناك أرض للتحرير، مع احتمالات التعرض لاعتداءات اسرائيلية، ومع احتمالات الفقر، ومع احتمالات العزلة عن العالم، ومع احتمالات انهيار النسيج الوطني اللبناني الضعيف اصلاً، وحافظوا عليها الى ان يقضي الله أمراً، وعلى نحو عجز عنه المصريون والسوريون والاردنيون... وكل هذا لأن مصالح المجموعتين الحاكمتين في دمشق وطهران تتطلب ذلك، كما تتطلب تناسي دم رفيق الحريري ومن سبقه وتلاه من راحلين كبار.
عرض ذو إغراء لا يقاوم. يزيد في إغرائه ان الهزيمة، بعد هذه الأكلاف كلها وفي إبّانها، تلوح في آخر النفق.
إنه السلوك التقسيمي الذي يوفّر، مجاناً، أقوى حجج المطالبين بتقسيم لبنان.

السبت، أكتوبر 29، 2005

التحقيق الدولي ينفتح على بنك المدينة

طلبٌ برفع الأختام عن فروعه ومذكرة باسترداد رنا قليلات
النهار
عاد ملف بنك المدينة الى واجهة الاهتمام وسط معطيات تفيد ان تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري سلط الضوء على الرابط بين الجريمة ومصادر تمويلها.

واولى الخطوات التي تعيد الحرارة الى هذا الملف طلب يعده القضاء لاسترداد رنا قليلات من مصر بعد تخليتها في 17 آذار الماضي ابان حقبة النفوذ السوري. علما ان قليلات التي غادرت البلاد بجواز سفر مزور، وصلت الى مصر بعد رحلة قادتها الى سوريا وتركيا تباعا.

في الوقت نفسه، ينظر القاضي ناظم الخوري المكلف ملف المصرف والذي تعرض لمحاولة اغتيال قبل اسابيع، في طلب من الادارة الموقتة برفع الاختام عن الفروع، الامر الذي يعارضه مالك المصرف عدنان ابو عياش خشية "تسريب" ملفات.

متى ينتهي هذا العرض القاتل المدمر؟

د. سحر حاتم - إيلاف
شكة دبوس (1)
دخل(المـُفـَخَخ) وفـَجـَّر وأنفجر وقتل حفنة من الإسرائيليين وقمنا بإعلان اسمه واسم عائلته وبلدته، وذلك تمهيدا لشار ون ليأتي على تلك البلدة هدما وتدميرا وقلعا للزرع وتجريفا للأرض وقتلا للاطفال والنساء والعجائز،ولايكتفي بذلك بل يعيث في باقي الأرض فسادا وتدميرا ( وطبعا قبل ذلك كنا قد اعلنا الجهة التي فخخت ذلك الغرير، لنحفظ لها حقها وانجازها) ولكن كل ذلك لا يهم لأن النتيجة اكبر منه بكثير والمردود يمثل غاية منانا وفرحتنا وانبساطنا وإشباع غرورنا. فطالما ان مثل هذا السيناريو سوف يتيح لعبد الباري عطوان ومصطفى بكري، وامثالهم من قادة شارعنا، ان يظهروا على الشاشة ليقولون كلامهم المحفوظ عن اسرائيل وامريكا،ويتيح للرنتيسي والزهار والهندي، وامثالهم من قادة عقلنا، ليظهروا على الشاشة ليلقوا على مسامعنا خطبهم العصماء،والمحفوظة ايضا، تلك الخطب التي تتحدث دائما عن مأزق شارون المذعور المرعوب، ونحن البواسل الذين سوف ندحر بمقاومتنا دباباته وآلياته وطائراته، وطالما ان ذلك سيتيح لقنوات التهريج ان تجمع جنودها وتنشر هرائها، وطالما نحن مطمئنون على حياة هؤلاء القادة وطالما هم وعائلاتهم بعيدين عن التفخيخ، وطالما هناك من هو جاهز ليفخخوه بالنيابة عنهم بعد ان يعطوه تصريح الدخول الى الجنة، وطالما ان نتيجة هذا التفخيخ ستتيح لنا فرصة ذهبية لإطلالتهم على الشاشة لنسمعم ونراهم ونهتف بهم ولهم، وطالما ان الرسالة التي تصل الى العالم من كل ذلك فحواها : ان شارون يقول بانه خائف على شعبه من مقاومتنا مما يضطره لبناء الحواجز،وطالما نحن نؤكد له هذه المزاعم باننا فعلا ارعبناه وهزمناه وادخلناه في مازق، طالما ان كل ذلك كذلك، وقادتنا(الذين ذكرت منهم امثلة) مبسوطين وفرحانين، فأي فرحة نرجوها نحن اكثر من ذلك. وهل نستطيع ان نستكثر على فرحتهم هذه، ذلك الثمن المدفوع،وهو فقط حفنة من آلاف الفلسطينيين من الذين نـُحروا أو إنتحروا،أو الآلاف من الذين تأتموا او ترملوا او تأيموا،او ثكلوا وثكلوا(بفتح الثاء وضمها)، والاف البيوت التي هدمت والاف الأفدنة التي جرفت،وملايين الأشجار التي قـُلعت ؟ انه فعلا ثمن بسيط وهزيل !!. ولكن السؤال هو : هل سنظل فرحيين لفرح هؤلاء القادة حتى يفخخوا آخر فلسطيني؟
د/ سحر محمد حاتم كاتبة من منازلهم
ملحوظة : هذا المقال مكتوب قبل وفاة الدكتور الرنتيسي، وقد رأيت اعادة نشره في ايلاف بداية لشكات اريد توجيهها لعقلنا العربي الذي طاش بفضل الشعارات الفارغة الهائجة، من قومجية واسلاموية.

ثأر الله مرتبطة بالحرس الثوري الايراني

وثائق خطيرة في البصرة تحرج الحكومة العراقية
أسامة مهدي - إيلاف
بعد ايام من التحقيق أثر اقتحام القوات العراقية لمقر منظمة "ثأر الله" في مدينة البصرة الجنوبية وهروب امينها العام يوسف سناوي تكشفت حقائق دامغة عن علاقة الحرس الثوري الايراني بالمنظمة وتنفيذهما لعمليات الاغتيال والاختطاف التي تعرضت لها شخصيات في المدينة رافضة للتدخل الايراني في شؤون العراق حيث عثر على اقراص مدمجة تحمل معلومات امنية عن هذه الخطط والدعم المالي واللوجستي الايراني للمنظمة الامر الذي احرج الحكومة العراقية التي مافتئت تنفي هذا التدخل.
وقال مصدر في غرفة العمليات الأمنية بحافظة البصرة اليوم بأن الوثائق التي تم العثور عليها أثر مداهمة مكاتب منظمة ثأر الاسبوع الماضي قادت الى معاومات خطيرة اكدت العلاقة المباشرة للمنظمة بالحرس الثوري الإيراني وتلقي أمينها العام يوسف سناوي رسائل الكترونية من إيران تحمل عبارات مشفرة تم الاستدلال على أنها تحمل معلومات أمنية وأضاف قائلا " هناك معلومات واسعة عن اجتماعات دارت بين سناوي وعدد من قادة الأحزاب في البصرة وبعض أعضاء مجلس المحافظة تم فيها تدارس هذه التعليمات مشيرا الى العثور على أقراص مدمجة تحمل تسجيلات وتصوير لتنفيذ عدد من عمليات الاغتيال والتحقيقات التي جرت مع عدد من الاشخاص الذين تم اختطافهم قبل اغتيالهم فضلا عن التعذيب الجسدي الذي مورس ضدهم .وقال المصدر أن محافظ البصرة بصدد الكشف عن مزيد من التفاصيل في هذا الإطار لكنه مازال ينتظر الوقت المناسب مؤقتا ان توقيت عملية مداهمة مكاتب منظمة ثأر الله حال دون تنفيذها لعدد من العمليات ضد جهات وأشخاص وان المعتقلين أكدوا ذلك في اعترافاتهم كما نقل موقع "الجيران" العراقي على الانترنيت . وقد اكدت مصادر عراقية سالتها "ايلاف" عن موقف الحكومة العراقية من اكتشاف هذه الوثائق انها وضعتها في موقف حرج في هذه الظروف التي يستعد فيها العراقيون للانتخابات المقبلة اواخر العام الحالي حيث تركز العديد من التحالفات والاحزاب السياسية في حملاتها الانتخابية على علاقة الاحزاب الشيعية الحاكمة بايران والسماح لها بالتدخل في الشؤون العراقية مشيرا الى ان مصدر حرج الحكومة جاء كذلك بعد ايام من نفي رئيسها ابراهيم الجعفري لهذا التدخل .وتوقعت ان تقوم الحكومة بالتغطية على هذه المعلومات التي تكشفت والحد من توسع المعلومات المنشورة عنها والتعتيم على التحقيقات الجارية بهذا الخصوص لكنها اضافت ان الاجهزة الامنية المختصة في محافظة البصرة لجأت الى اتخاذ اجراءات امنية مشددة للحد من التغلغل الايراني في المحافظة.
ومن جهتها اوضحت مصادر امنية في البصرة ان المعلومات التي عثر عليها تؤشر حجم التغلغل الايراني وعناصره المخابراتية الايرانية في المحافظة وقالت ان الوثائق اثبتت تورط المنظمة في التخطيط لاغتيال شخصيات سياسية وتنفيذ عمليات مسلحة اضافة الى تلقيها الدعم المالي واللوجستي من طهران مضيفة ان مجلس المحافظة قدم تقارير الى رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية تشير الى تورط منظمة ثار الله في تنفيذ العديد من العمليات التي شهدتها البصرة مؤخرا ومن بينها مهاجمة القوات البريطانية هناك.وفي وقت سابق من الاسبوع الحالي اصدرت غرفة عمنليات محافظ البصرة بيانا صحافيا اتهمت فيه منظمة ثأر الله وامينها العام يوسف سناوي بعمليات قتل وسرقة اموال واستخدام عناصرها لمختلف انواع الاسلحة والقاذفات عندما حاولت الاجهزة الامنية تفتيش مقرها في البصرة .واضافت انه بعد تصدي قوات المهمات الخاصة والجرائم الكبرى لعناصر المنظمة تم دحر هذه المجاميع الدموية وهروب المتهم يوسف سناوي فيما عثر في المقر على الكثير من الأسلحة المحرمة والسيارات المسروقة التي كانت تستخدمها لتنفيذ اغتيالات ضد الأبرياء من أبناء المدينة حيث اعترف المعتقلون بتنفيذهم لعدد من جرائم الاغتيال والاختطاف .. وفيما يلي نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم إلى / أبناء البصرة الكرام . الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين . لقد عانت مدينتنا العزيزة طوال أكثر من ثلاثة عقود من تعسف وجور الطغاة والمستبدين الذين خطفوا أرواح الشباب الرسالي في هذه المدينة واعتقلوا وشردوا أبناءها المخلصين وافزعوا النساء والشيوخ والأطفال . وما أن انهار هذا النظام الاستبدادي وابتهج أبناء المدينة ببزوغ فجر الحرية حتى طفحت على الساحة البصرية العديد من المجاميع التي سرقت عناوين إسلامية ووطنية لتشكل لنفسها كيانا خاليا من كل معاني السياسة الصادقة ، ونحن على ثقة بان مثل هذه المجاميع ستزول مع الزمن إلا إن المشكلة كمنت في تجبر هذه العناوين وتغطرسها وتجاوزها على القضاء والقانون وسرقتها الأموال واستباحتها الدماء المحرمة وهذا مما لا يمكن السكوت عليه وكان لزاما على الأجهزة التنفيذية لمدينتنا تنفيذ الأمر القضائي الصادر عن مجلس القضاء الأعلى العدد (1208) في 23/8/2005 بحق المتهم( يوسف سناوي الموسوي) – امين عام حزب ثأر الله - حيث تعرضت القوة التنفيذية لإطلاق عيارات نارية كثيفة اضطرتهم إلى الرد على مصادر النار في خطوة اثبت فيها أبناء البصرة الغيارى من أبطال قوات المهمات الخاصة والجرائم الكبرى حرصهم على تطبيق القانون ومعاقبة المسيء وقد استخدمت المجاميع التابعة للمتهم (يوسف سناوي ) شتى أنواع القاذفات والأسلحة الرشاشة إلا إن إصرارنا على تنفيذ الأمر القضائي وبهمة الإخوة من أبناء قوات المهمات الخاصة والجرائم الكبرى تم دحر هذه المجاميع الدموية وهروب المتهم (يوسف سناوي) وقد عثرت قوتنا نتيجة مداهمتها لمقرات تواجد هذا النفر الضال الساعي إلى المساس بأمن وأمان المواطنين على الكثير من الأسلحة المحرمة والسيارات المسروقة التي كانت وسائل يستخدمونها لتنفيذ اغتيالات بحق الأبرياء من أبناء مدينتنا العزيزة . حيث اعترف المعتقلون بتنفيذهم لعدد من جرائم الاغتيال والاختطاف .. وقد تلقينا أربعة شكاوى لمواطنين بحق المتهم جميعها لجرائم قتل متعمد(الواحدة منها تكفي للحكم بإعدامه ) . كما وقد داهم أبطال المهمات الخاصة وأبطال مديرية الجرائم الكبرى مقر حركة (بقيت الله) وتم إلقاء القبض على ما يقارب الخمسين متهما وبحوزتهم أسلحة محرمة ومتفجرات وكان من بين المعتقلين مسؤول الحركة وقد اعترفوا بعد التحقيق على قيامهم بجرائم اغتيال واغتصاب وسرقة وسطو مسلح وابتزاز لتجار ولشخصيات علمية وأدبية لذا نسترعي انتباه كل الإخوة من أبناء مدينتنا العزيزة الإخبار عن أي تجمعات مسلحة تابعة للمتهم (يوسف سناوي- حزب ثأر الله- ) أو لحركة بقيت الله لغرض منع هذه المجاميع من الإضرار بأمن وأمان المدينة ونحن ومن مستوى المسؤولية نعاهد أبناء البصرة بشيوخها وشبابها ونسائها وكفاءاتها إننا سنقف ضد كل من يضر بأمنهم وسلامتهم وسيجدون منا غلظة في حق إلى أن يستقر نور الحرية والأمن في ربوع مدينتنا وتذهب رياح الشر عن سمائها ويعود لها شموخها وازدهارها . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس بالتظاهر تنقذ سوريا

عودة وهيب - إيلاف
مظاهرات (الشعب السوري) التي خرجت تلعن (ميليس) تختلف جذريا عن تلك المظاهرات الأحتجاجية السابقة التي قادها اكراد سوريون يائسون من الحصول على حقوقهم، ليس فقط لأنها (مليونية) ولم تعترضها الشرطة واجهزة الأمن والخابرات بالعصي وخراطيم المياه ولم يتم حبس او احتجاز اي متظاهر،بل لأنها وبكل بساطة ليست عفوية بل سيق اليها الناس بطرق بعثية معروفة تتراوح بين الترهيب والترغيب. ولكن كيف لنا ان نجزم بأن تلك المظاهرات ا لمنددة بتقرير ميليس هي حكومية وليست عفوية تعبر عن ارتباط الشعب السوري (بقيادته الشابة التأريخية الحكيمة)؟الأمر لايحتاج الى استدعاء المحقق الدولي ميليس لأثبات ان البعث السوري هو من ساق الناس للتظاهر لأن اساليب البعث مكشوفة ومعروفة وخبرها الناس في العراق وفي سوريا ولأن هدف هذه المظاهرات هو هدف حكومي وهوارسال رسالة الى المجتمع الدولي مفادها ان النظام البعثي يحضى بدعم ابناء الشعب السوري وهو قوي بهذا الدعم وقادر على تحدي ارادة المجتمع الدولي. غير ان تعويل النظام البعثي السوري على هذه المظاهرات ينطوي على غباء واضح لعدة اسباب في مقدمتها ان المجتمع الدولي يعلم جيدا ان نظام البعث السوري هو نظام شمولي لايتمتع شعبه بحرية التعبير( الا اذا كان التعبير تزلفا للنظام) وهو بالتالي يستند في بقائه على الأرهاب والتخويف لا على ارادة ابناء شعبه، وأنه هو الذي يحشد هذه المظاهرات لخداع الراي العام العالمي.يضاف الى ذلك ان المسألة التي تواجهها سوريا لاتتعلق بموافقة اوعدم موافقة الشعب السوري( على افتراض ان الشعب السوري يساند ويدعم القيادة البعثية)لأن سورية ملزمة بالتعاون مع المحققين وتنفيذ طلباتهم التي هي اجراء التحقيق مع عناصر قيادية في النظام السوري.على النظام البعثي السوري ان يتعظ من تجربة المظاهرات الصدامية المعادية للمفتشين حيث القى المتظاهرون العراقيون الذين حشدهم البعث الصدامي البيض والطماطم على المفتشين الدوليين،غير ان هذا الفعل ادى الى نتيجة واحدة فقط هي خلق ازمة اضافية في اسواق البيض العراقية،اما المفتشون فقد حصلوا في النهاية ( من القائد الضرورة)على كل اسرار العراق المهمة.المظاهرات المليونية التي حشدها بعث العراق ومسيرات توابيت الأطفال ومطالعات طارق عزيز التي ارسلها الى الأمم المتحدة كلها لم تعصم صدام من مصير (حفرة العنكبوت).فهل سيتعظ البعث السوري ويبادر الى (حلق رأسه) قبل ان تحلقه له(نمرة صفر) جهات خارجية؟ هذا هو السؤال وبلهجة يمنية.

رنا قليلات تغير ملامح وجهها وتهرب إلى أستراليا

أسماء وردت في تقرير ميليس وملف المدينة
إيلاف
في معلومات خاصة لايلاف أن رنا قليلات المتواجدة في مصر بعد هروبها من لبنان عن طريق سورية بمساعدة رستم غزالة تركت العاصمة المصرية وانتقلت الى استراليا بعد خضوعها لعملية تجميل في الوجه مستعملة جواز سفر مزور اعد سلفا لهذه الغاية، وتوجهت رنا قليلات الى استراليا بمرافقة انيت العماد اخت طوني العماد الذي اوقفه القضاء اللبناني بتهمة تزوير وثائق سفر ساعدت قليلات للهروب مجددا من وجه العدالة، وقد اعاد القضاء اللبناني فتح قضية بنك المدينة الى الواجهة بعد تاكده من المعلومات التي تناولت فرارها إلى مصر اثر الإفراج عنها لقاء كفالات مالية مرتفعة في دعاوى بنك المدينة في حزيران الماضي، وادّعى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري على قليلات بجرم مخالفة قرار قضائي بمنعها من السفر وتزوير جواز سفر، كما جرى توقيف شخصين أحدهما سائقها وسام س. و الاخر هو طوني العماد شقيق انيت التي تعرفت عليها قليلات داخل السجن خلال توقيفها بجرم تزوير و مخدرات .
و تفيد بعض المصادر المطلعة والمواكبة لملف بنك المدينة انه بات من الواضح ان حجم ملف بنك المدينة اكبر من امكانيات رنا قليلات وان الاموال التي اتهمت رنا باختلاسها ما هي الا تغطية للنشاط الفعلي للبنك من تبييض اموال وخاصة الاموال العراقية التي جرى تهريبها من العراق قبيل سقوط النظام العراقي، وان هذه العمليات لم تكن ستتم لولا الغطاء السوري الذي كان يؤمنه الوجود الامني السوري في لبنان بمساعدة الاجهزة الامنية اللبنانية ، وتشير المصادر الى اسماء عدة سياسية وامنية، قسم منها تم توقيفه وعزله سياسيا، و البعض الاخر ما زال يتنعم بما غنمه من اموال، ومنهم النائب اللبناني مصباح الاحدب الذي كان من اوائل الغانمين،
بالاضافة الى اللواء جميل السيد والنائب السابق اميل اميل لحود (الذي تضمن تقرير لجنة التحقيق المستقلة التابعة للامم المتحدة في فضيحة "النفط مقابل الغذاء" برئاسة بول فولكر، اسمه كاحد ابرز المستفيدين من اموال النفط العراقي ويظهر التقرير ان ابن رئيس الجمهورية اللبنانية اميل اميل لحود تلقى نفطاً عراقياً غير مشروع عبر ثلاثة عقود مجموعها أربعة ملايين وستمئة ألف برميل، سحب منها ما مجموعه مليونان ومئتان وثمانون ألف برميل، وذلك عبر شخص اسمه هيثم صيداني يعرّفه التقرير بأنه ممثل ابن الرئيس لحود)، ورئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني، بالاضافة الى محمد نجل رجل الاعمال اللبناني ورئيس حزب تجمع الكيان لبنان الواحد عصام ابو درويش، الذي تم توقيفه في مطار بيروت ثم اخلي سبيله مع الاموال الطائلة المقدرة بـ 30 مليار دولار وتم اقفال التحقيق دون التوسع به .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن علاقة بنك المدينة بجريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، فالاسماء التي تناولها تحقيق بنك المدينة هي نفسها المتداولة في ملف الاغتيال، وكل من طاله تحقيق ملف الاغتيال ثبت استفادته بمبالغ كبيرة من بنك المدينة، كما تدور الاسئلة حول الدور الذي كان من المفروض على مصرف لبنان وهيئة الرقابة على المصارف ان يقوما به من خلال الاختلاسات او من خلال مليارات الدولارات التي كانت تمر عبر بنك المدينة.

حصة اميل اميل لحود من النفط العراقي:4.6 ملايين برميل سحب منها 2.28 مليوني برميل


المستقبل
يُظهر تقرير لجنة التحقيق المستقلة حول فساد برنامج النفط مقابل الغذاء، الذي ترأسه بول فولكر، تلقي ابن رئيس الجمهورية اميل اميل لحود نفطاً عراقياً غير مشروع عبر ثلاثة عقود مجموعها أربعة ملايين وستمئة ألف برميل، سحب منها ما مجموعه مليونان ومئتان وثمانون ألف برميل، وذلك عبر شخص اسمه هيثم صيداني يعرّفه التقرير بأنه ممثل ابن الرئيس لحود.
العقود تمت في المراحل 11 و12 و13 من البرنامج، وتم اثنان منها عبر شركة "فادي الدولية للنفط ش.م.ل." والثالث عبر "الشركة العراقية لتسويق النفط (SOMO).
العقد الأول (ام/11/53) (M/11/53) في المرحلة 11 وبلغ حجمه مليوناً ونصف مليون برميل سُحب منه 618 ألف برميل، العقد الثاني في المرحلة 12 بلغ حجمه مليون ونصف مليون برميل لم يسحب منه شيء. أما العقد الثالث (ام/13/65) (M/13/65) في المرحلة 13 فبلغ حجمه مليوناً وستمئة ألف برميل سحبت كلها إضافة إلى اثنين وستين ألف برميل، ربما من حصة العقد الثاني.وأظهر التقرير أن شركات عدة لبنانية أو غير لبنانية عاملة في لبنان وخارج لبنان لمصلحة لبنانيين، استفادت من العقود في البرنامج في المراحل من 4 الى 13 أو في بعض هذه المراحل. وكشف عن أسماء الشركات والمستفيدين في الجدول رقم 3 من التقرير، وفق التالي:
شركة "بترولاين اف. زد. سي" (الامارات): مليون برميل استخدمت كلها واستفاد منها علي طعمة.
* شركة "غالانس مانجمت" (روما) لمصلحة شركة "بريماكوزا انتربرايزس" (قبرص): 10.8 ملايين برميل، استخدم منها 5.76 ملايين برميل، واستفاد علي بلوط من 3.76 ملايين برميل وجهاد كرم من مليوني برميل.
* شركات "كيبركول" (اسبانيا) و"فنزويليان ترايدنغ اويل" (فنزويلا) و"كونسلت اند ترايد" (النمسا) و"التون ترايدينغ" (سوريا) و"اي بي اي سينا انترناشونال ترايدنغ" (الأردن) و"ليا اويل" (سويسرا): 8 ملايين برميل استخدم منها 2.006 مليوني برميل استفاد منها جورج ترخنيان.
* شركة "الهلال" (ش م ل): 989688 برميل استخدمت كلها لمصلحة عدنان الجنابي.
* شركة "بي بي انرجي ـ الشرق الأوسط" (ش م ل): مليونا برميل استفاد منها كل من ابو العباس والسيد امورة والسيد عوض وجبهة التحرير الفلسطينية، وقد نفت الشركة أن تكون دفعت أي أموال للحكومة العراقية أو عملائها.
* شركتا "فادي اويل انترناشونال" (ش م ل) "وليفنت اوفر سيز (المحدودة) خصص لها 8.5 ملايين برميل استفاد من عائداتها كل من فيصل درنيقة وهيثم صيداني وزهير الخطيب والآنسة شنتال دي كريز (بلجيكا).
* شركة "بلانيت بتروليوم" (لبنان): 3 ملايين برميل لمصلحة اسامة معروف، لم يجر الاستفادة منها.
* شركتا "جينمار روبسورسز جي ام بي اتش" (سويسرا) و"اريدو بتروليوم" (فرنسا): 6.6 ملايين برميل استخدمت كلها واستفاد منها الياس الفرزلي.
* شركة "ارافيل شبينغ اند كارغو ايجنسيز" (الامارات): مليون برميل استفاد من عمولاتها فؤاد الحاج.
* شركات "اويل اند غاز سيرفس غروب" (باكستان) و"بي سي انفست" (سويسرا) و"ايتال ترك" (ايطاليا) و"فادي اويل انترناشونال" (لبنان ـ التي يظهر اسمها في عدد كبير من العقود) وخصص لهذه الشركات 8.5 ملايين برميل استخدم منها 5.7 ملايين واستفاد من عمولاتها فؤاد سرحان.
* شركة "بلانيت بتروليوم (لبنان): 3 ملايين برميل خصصت لأن يستفيد من عائداتها نجاح واكيم، لكن لم يتم الاستفادة منها.

لوفيغارو: إسلاميون خططوا لضرب طائرات مدنية بصواريخ ارض جو

مجموعة شاركت في تفجير كاتدرائية ستراسبورغ
العربية.نت
باريس- يو بي آي
كشفت صحيفة فرنسية الجمعة 28-10-2005م أن إسلاميين متشددين حصلوا على صواريخ ارض جو قادرة على ضرب اهداف فرنسية واوروبية، وقالت إن هذه المعلومات جاءت ضمن اعترافات أحد المسئولين الرفيعين في تنظيم القاعدة معتقل لدى السلطات الأردنية.
وذكرت صحيفة لوفيغارو ان الاسلاميين, وهم من اصل فرنسي وجزائري, استحصلوا على صاروخين ارض جو من الشيشان عام 2002 تم تهريبهما الى فرنسا عبر جورجيا، واشارت الى ان الارهابيين المحتملين ربما يهدفون إلى ضرب طائرات مدنية في الجو في فرنسا وربما في بريطانيا ايضا.
ولم تورد الصحيفة معلومات عن المكان الحالي لوجود الصاروخين الذي يبدو غير معروف حتى الآن, مشيرة إلى أن هذه المعلومات وردت ضمن اعترافات عدنان محمد صادق المسؤول الرفيع في تنظيم القاعدة الذي تعتقله السلطات الأردنية.
ولفتت لوفيغارو إلى أن القاضي الفرنسي جان لوي بروغيير المكلف ملف مكافحة الإرهاب يتولى التحقيق بهذه المزاعم في الوقت الحالي.
وينتمي الإسلاميون المشاركون في التخطيط لعملية الصواريخ الى المحاربين القدامى في معسكرات التدريب الأفغانية. وشارك العديد منهم في مخطط تفجير كاتدرائية ستراسبورغ في شرق فرنسا الذي أحبطته السلطات الفرنسية عام 2000, كما ارتبط اسمهم بمخطط فاشل آخر استهدف مطار لوس انجلس عام 1999.
وقال الخبراء ان الصواريخ ارض جو هي واحدة من عدة أسلحة يهدف الإسلاميون إلى امتلاكها ضمن ترسانتهم, بالإضافة إلى الأسلحة البيولوجية والكيميائية.
وربطت صحيفة لوفيغارو بين حالة التأهب القصوى التي شهدها مطار هيثرو البريطاني في فبراير/ شباط عام 2003م تخوفا من مخطط لضرب طائرة مدنية بصاروخ. وأشارت إلى إمكانية وجود صلة بين الصواريخ المفقودة في فرنسا وما حصل في المطار البريطاني قبل عامين.

شيخ وراءه جنرالان

حازم صاغيّة - الحياة اللندنية
في لبنان جنرالان يكمّل واحدهما الآخر، علماً بأن كلاً منهما موقن بكماله، متأكد من أن ذاته هي وحدها ما يكمّل ذاته.
أحدهما حاكم لكنه ليس حاكماً تماماً، والثاني معارض لكنه ليس معارضاَ تماماً.
الأول، رئيس الجمهورية إميل لحّود، يحول استمراره في الرئاسة، على رغم كل شيء، دون انسجام الحكم وقراره.
والثاني، زعيم الحزب الجديد ميشال عون. يعمل، من خلال المواقع التي هو فيها، على رفع درجة التطييف في الحياة السياسية اللبنانية. صحيح أن عون ليس وحده من يمارس التطييف، وأنه ربما كان، في ظاهر الأمور، أقل الزعامات الطائفية طائفية. مع هذا، فهو أكثر من يجزّئ القاعدة الشعبية التي يمكن أن ينهض عليها حكم منسجم، وأكثر من يعقّد الانتقال الى ما بعد إميل لحّود (اللهم إلا إذا كان هو نفسه هذا الما بعد... وحين نقول هو، نعني امتناع التسوية مع قطاعات وطوائف بكاملها).
والجنرالان يجمع بينهما، أيضاً، «أنا» متضخّمة لا تخدمها الوظائف والقدرات الأخرى المتوافرة، أضافت الحياة العسكرية اليها بعض ما يتمّم تضخّمها. إلا أن قاسماً مشتركاً آخر يلتقيان عليه هو أن الاثنين مادة لاستخدام الشيخ، السيّد حسن نصرالله. فالأخير يعيش اليوم على ما يفعله الجنرالان إذ يؤجّلان السياسة ويجعلان الشخصي تارة، والطائفي طوراً، مباشرةً مرةً، مداورةً مراتٍ، حاجزاً دون رؤية الوضع متكاملاً ومركّباً على ما هو عليه فعلاً.
ووضع كهذا هو ما رسمه تقرير تيري رود لارسن في ربطه أجزاء «النظام» التي يميل اللبنانيون الى تفكيكها لدى الحديث عمّا عانوه ويعانونه. فالتقرير الدولي قال، بلغة أخرى، إن سلطة الجنرالات الأربعة المسجونين، وفوقهم رستم غزالي، وقبلهم غازي كنعان، لا تنفصل بحال عن سلطة «المقاومة» في ازدواجها مع الشرعية وفي اصطدامها بالقرار الدولي.
وقد تكفّلت عراضة الأمس، والانتقال من 8 شباط (فبراير) السياسية الى التظاهر العسكري، تبيان الدور الاحتياطي لـ»حزب الله» في خدمة «نظام» هو جزء لا يتجزأ منه، يتقوّى به بقدر ما يقوّيه.
وهذا، بطبيعة الحال، ليس دعوة الى تطبيق القرار 1559 فوراً، وفي معزل عن الأكلاف التي قد تكون كبيرة. ولم يبد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والسياسيون الآخرون غير الحكمة حين أصرّوا، مثنى وثلاثاً، على أن الأمر رهن بحوار داخلي بين اللبنانيين. غير أن الاضطرار الى الحوار في البديهي لا يغني عن تسجيل البديهي، كما لا يلغي احتمال عدم إفضاء الحوار الى اتفاق. وهو ما ينبغي، دوماً، افتراضه والتفكير فيه بدل التسليم بطاقة سحرية لـ «الحوار»!
وهنا، يهبّ الجنرالان، من موقعيهما، لمنع الارتقاء الى سويّة الجدّ، ولإنجاد الشيخ بالتالي. وخدمات جليلة كهذه تحمل على تقديم اقتراح للسيد نصرالله، كأن يهدي رشّاشي المقاومة ورمزيها الثاني والثالث للرئيس لحود والعماد عون، بعدما ذهب رشّاشها الأول الى السيد رستم غزالي.
إن الشيخ يجيد «السياسة» أكثر مما يجيدها الجنرالان، وطبعاً يجيد الحرب أكثر منهما بكثير. لكنه كله قد ينتهي لعباً خطيراً في وقت مائع.

انشقاقات في المعارضة السورية واقصاء نبيل فياض

بهية مارديني - إيلاف
اعلن التجمع العلماني الليبرالي في سورية "عدل" اليوم عن انطلاقة جديدة له بعيدا عن المعارض نبيل فياض "حسما للتناقضات المستعصية داخل عدل والتي تم التعبير عنها بمجمل الانشطة السابقة التي لايتوافر فيها الالتزام بوحدة الهدف" ، واكد بسام حسين عضو التجمع في تصريح لـ"ايلاف" انه تكررت التجاوزات الفاقعة في عدل واصدار البيانات التي لاتخدم المشروع الوطني الديمقراطي في سورية ، معتبرا ان كل ماصدر ويصدر لاحقا وخاصة المواقف الاخيرة تعبر عن مواقف صاحبها ان لم توقع باسم الناطق الرسمي لعدل ،وقال انه تم تعيينه ناطقا، وعبر حسين عن الاحتجاجات الكبيرة داخل عدل للقاء فياض العديد من المسؤولين الاسرائيليين.
وفي اتصال هاتفي من ايلاف بفياض قال انا ممتنع عن التصريح حاليا حول هذا الامر ، اما حول انشقاق عدل فقد نفى ذلك وقال هذا الكلام ليس له اساس ، فيما نفى الياس حلياني عضو عدل ايضا حصول مثل هذه الانشقاقات في عدل وقال "ان الانشطة مستمرة وكان اعضاء التجمع امس في اجتماع في حلب وغدا سيصدرون بيانا" ، واضاف ان "عدل مفتوحة للجميع ومن يريد الدخول فليدخل ومن يريد الانسحاب فلينسحب ، وان هناك الكثير من المنتسبين حاليا لعدل وانه على مايبدو ان بسام حسين ارتاى الانسحاب"، اما حسين فقد اكد على "صدور مجموعة مواقف في عدل لاعلاقة لها بالثقافة اضافة الى البيان المتعلق باعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ، واتهامات الاخرين ، والشخصنة ، والفردية".
وكان المعارض فياض اكد في لقاء متلفز اثناء تصوير فيلم بعنوان "زمن سورية "، لم يعرض بعد، ولموقع العربية نت لقاء بعض أطياف المعارضة السورية في الخارج مع مسؤولين إسرائيليين في "أجواء ودية"، واشار الى أن رئيس حزب الاصلاح فريد الغادري، المقيم في الولايات المتحدة ، جمعه بمسؤولين إسرائيليين، منهم ناتان شارانسكي الوزير الإسرائيلي السابق ورئيس حزب يسرائيل بعاليا والذي انسحب من حكومة شارون احتجاجاً على انسحاب الأخير من غزّة، آفي ليشتر معاون وزير الدفاع الإسرائيلي، ورئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق سوكير، والوزير الإسرائيلي الحالي مئير شيتليت إضافة إلى جماعة السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
ولفت فياض الى ان "فريد الغادري أخبرني أنه يزور القدس منذ التسعينات وقال لي إنه إذا وضعه بشار الأسد رئيسا للوزراء سيوقف الضغط الأميركي عليه، هذا الكلام قاله لي في لوس أنجلس". واضاف "إذا كنا نريد بديلا للنظام يجب أن نكون صادقين مع الناس وإذا كان لنا علاقات مع إسرائيل يجب ألا نخفي ذلك".
ووصف فياض أجواء لقائه والغادري مع مسؤوليين إسرائيليين بـ"الودية"، لافتا إلى أنهم "ذهبوا إلى محل زهور وتناولوا طعام الغداء وسهروا معا". كما تحدث فياض أن علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية"طلب من فريد الغادري فتح خط له مع الإدارة الأمريكية وهذا الأمر حديث في يومي 29 و30 مايو/أيار 2005، إلا أن الغادري اشترط أن يكتب الإخوان ورقة يؤيدون فيها قيام دولة علمانية فيما أكد البيانوني استعداده لتقديم هكذا ضمانات لمن يمكن أن يلقاه من جماعة الإدارة".
هذا وقد أدلى مسؤول في المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية امس بتصريح حول مانشر حيث عبر عن استنكار جماعة الإخوان المسلمين في سورية "نشر مثل هذه الأكاذيب والافتراءات دون التحقّق منها"، ودعا وسائل الإعلام إلى التثبّت مهنيّاً من صحة المعلومات والأخبار التي تنشرها، بالرجوع إلى المصادر الرسمية المعتمدة في الجماعة، واضاف "ان الجماعة تحتفظ بحقها القانوني إزاء ما يُنشَرُ عنها من أخبارٍ مدسوسة،كما تترك للسيد فريد الغادري مسألة نفي ما نُسِبَ إليه بهذا الخصوص".

«النخبويون» و «الشعبويون» يتحكمون بالمنطقة

سركيس نعوم - النهار اللبنانية
اسوأ الحكام في العالم نوعان النخبويون والشعبويون. فالنخبويون يعتبرون انفسهم اقرب الى الالهة والى المخلصين او المنقذين منهم الى الحكام العاديين ويعتبرون انفسهم ايضا فوق مستوى شعوبهم سواء من حيث الفهم والادراك والمعرفة والمقدرة او من حيث المحافظة على مصالح اوطانهم وشعوبها علما ان بعضهم قد يكون كذلك اساسا وان بعضهم الآخر قد يكون بعيدا عن النخبة بعد الارض عن السماء لكنه صنف نفسه كذلك وتصرف على هذا الاساس منطلقا سواء من حزب او من تيار او مؤسسة عسكرية او توجه ديني. وسوء الحكام النخبويين ناجم عن اقتناعهم بان شعوبهم لا تفهم ولا تعرف مصالحها ومصالح اوطانها ولا تعي ما هو الافضل لها وتاليا بانها في حاجة مستمرة الى "كفاياتهم". وهو ناجم ايضا عن امتناع هؤلاء الحكام عمدا عن تدريب شعوبهم الى المعرفة وعلى اتخاذ القرارات الكبيرة والصغيرة وتاليا محاسبة اولياء امرها عندما يخطئون. وهو ناجم ثالثا عن سهولة تحول الحكام النخبويين الى الديكتاتورية او الشمولية ومعهما الى الفساد العشوائي او المنظم. وهو ناجم رابعا واخيرا عن حقيقة مهمة اثبتتها اكثر من تجربة في العالم ماضيا وحاضرا هي ان الحكام النخبويين غالباً ما قادوا اوطانهم وشعوبهم الى النكبات والكوارث والمصائب.
اما الحكام الشعبويون فهم الذين يعرفون اللعب او العزف على غرائز شعوبهم وعواطفها وانتماءاتها المتنوعة من دينية ومذهبية وسياسية ومصلحية خاصة ويوظفون هذه المعرفة للوصول الى السلطة والبقاء فيها غير عابئين بمصالح اوطانهم وشعوبهم. ونادرا ما افلح هؤلاء في الاستمرار لان شعبويتهم لم تمنع شعوبهم في مراحل حاسمة من تاريخها من ادراك المصير الاسود الذي يقودونها اليه او لأن تطور الاوضاع الاقليمية والدولية جعل اطاحتهم سهلة نظرا الى ما تسببوا به من اضرار لاوطانهم ومجتمعاتهم ولمنطقتهم وربما للعالم.
هل من امثلة حسية على النوعين المذكورين في منطقتنا العربية والاسلامية؟
الامثلة كثيرة. فالمنطقة مليئة بحكام ينتمون الى كل منهما. لكننا لن نتوقف الا عند مثلين لان الحاكم، والمقصود هنا النظام وليس الفرد او الشخص، سواء كان شعبويا او نخبويا وضع نفسه وبلاده وشعبه في مأزق كبير بل في ورطة كبيرة لا يعرف احد طريقة الخروج منها، اذا كان خروج كهذا ممكنا، ولا يستطيع احد تقدير الحجم الفعلي لأضرارها علما انه سيكون كبيرا جدا. المثل الاول هو سوريا المحكومة منذ عقود بنظام "نخبوي" وطنيا وقوميا اعتبر دائما قائده او قادته انهم ادرى بمصالح شعبهم واقدر على وضع السياسات التي تحميها وتحديد القضايا التي يجب ان يضحي في سبيلها وتحديد الطرق التي يمكن بواسطتها النجاح في معالجة هذه القضايا. وهو ايضا سوريا الشعب البعيد عن ممارسة دوره السياسي والوطني والقومي. وسوريا النخبوية هذه تعيش اليوم مأزقا صعبا اذ عليها ان تشرب من النهر نفسه الذي روت الآخرين من مياهه. فعليها وحدها ان تحدد الخيارات المصيرية التي لن تؤثر على نظامها فقط بل معه ايضا على شعبها وعلى مصالحه المتنوعة. وهذه مهمة صعبة في ظل ابتعاد الشعب او ابعاده لا فرق عن المحاسبة والمساءلة بل عن التعاطي في الشأن العام على مدى عقود. كما ان العودة الى الشعب، اي العودة الحرة والحقيقية، لا تبدو سهلة لاعتبارات كثيرة معروفة. اما المثل الثاني فهو الجمهورية الاسلامية الايرانية وخصوصا بعدما تبوأ سدة الرئاسة فيها "قيادي" شعبوي لا يبدو انه استوعب ليس ما يجري في المنطقة والعالم فحسب بل ايضا ما جرى داخل بلاده وفي فكر النظام الاسلامي الذي "ترأسه" بل داخله منذ قيامه في اعقاب الثورة الشعبية الدينية الكبيرة التي اطلقها الامام الراحل آية الله الخميني عام 1979. ثم انه لم يستوعب المعركة الشرسة التي تخوضها بلاده بل نظامه مع المجتمع الدولي حول الموضوع النووي والتي تقتضي منه العمل الجاد لربحها او على الاقل لمنع اخصامها من فرض "العزلة" عليها وليس لتسهيل فرضها.
طبعا ظهرت شعبوية الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على المستوى الداخلي اثناء حملته الانتخابية قبل اشهر وتقبلها الكثيرون في حينه من داخل ايران وخارجها لربطهم اياها بضرورات هذه المعركة. لكن احدا من هؤلاء لم يكن يتوقع ان تبلغ هذه الشعبوية حد تعريض بلاده لهجمات المجتمع الدولي في هذه المرحلة الصعبة من تاريخها. فهو بدعوته الى محو اسرائيل من الخريطة، ومن لا يعرف تأثيرها الاميركي الكبير وتعاطف المجتمع الدولي في معظمه مع فكرة بقاء كيانها ودولتها، احرج اولا النظام الذي يمثله وينتمي اليه، علما ان هذا النظام لم يصل الى دعوة صريحة من هذا النوع في السابق كما انه بعد انطلاق عملية السلام عام 1991 لم يعترض على انخراط حليفه السوري فيها ولا على توصله الى تسوية مع اسرائيل من خلالها وان احتفظ بحقه في التمسك برفض الاعتراف بهذه الدولة المغتصبة. وهو احرج ثانيا العالم العربي والاسلامي اللذين يتشارك واياهما على الاقل من الناحية المبدئية في عناوين الصراع العربي الاسرائيلي. فهذا العالم بزعامة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر تخلى بعد هزيمة 1967 امام اسرائيل عن شعار "رمي اسرائيل في البحر" ووافق على القرار الدولي 242 ولاحقا على القرار الاخر 338 اللذين يعترفان في شكل او في آخر باسرائيل. وهذا العالم انخرط في مفاوضات سلام مع اسرائيل، فرديا ثم جماعيا بعضها اثمر وبعضها الاخر لا يزال يحاول انضاج ثمارها. ومجرد انخراط كهذا يعني قبول بقاء الدولة العدوة. وهو احرج نفسه ثالثا واخيرا اذ لا بد ان يرى نفسه متراجعا في شكل او في اخر لان القيادة الفعلية في بلاده ليست له بل هي للمرشد الاعلى اية الله علي خامنئي الذي رغم تشدده الداخلي والخارجي يتحلى مع فريقه الذي من ضمنه "البراغماتي" الاكبر حجة الاسلام هاشمي رفسنجاني بشيء من الواقعية وان المتشددة وبشيء من الحكمة والرغبة في المحافظة على النظام لا تشريع ابوابه امام الرياح المعادية.
طبعا لا يعكس الموقف السلبي من الحكام النخبويين والشعبويين في هذا "الموقف" دعوة الى تغييرات جذرية. فذلك مستحيل لاسباب متنوعة. بل يعكس دعوة اليهم وخصوصا في سوريا وايران الى استنباط الوسائل التي تعيد بعضهم الى شعوبه وتعيدها اليه والتي تمكن بعضهم الاخر من عقلنة شعوبه والتي تساعد الجميع عندها على تجنب الكوارث والمآسي، كما يعكس دعوة الى اللبنانيين على تناقضاتهم في هذه المرحلة المصيرية من تاريخهم الى الوعي كي لا ينجروا في غمرة الاستحقاقات المتنوعة الداخلية والاقليمية والدولية الى "الشعبوية" المدمرة والى النخبوية المصطنعة المدمرة بدورها.

دمشق تسلم رستم غزالة وميليس يرد: لا يكفي

مجلة الشراع اللبنانية
حسن صبرا
مثلما يستدرج رئيس لجنة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الارهابية القاضي الالماني ديتليف ميليس النظام السوري الى كمائنه وهو الخبير بأسلوب عمل الاستخبارات السورية التي تربت في احضان الاستخبارات الالمانية الشرقية التي اصبحت اوراقها وملفاتها وأساليبها بأدق تفاصيلها في يد ميليس بعد ان حقق في جريمة تفجير ملهى ((لابال)) في برلين وتوصل الى أدق تفاصيل عمل الاستخبارات الليـبية (زميلة السورية) التي كانت وراء هذه الجريمة، فإنه بدهائه ايضاً يستجيب وفي الاطار القانوني للطلب الدولي (كوفي عنان) الفرنسي (جاك شيراك) لتأجيل نشر اسماء اركان النظام السوري الامنيين تحديداً وداخل دمشق في فرصة للعاصمة السورية مرتبطة زمنياً بالمدة التي طلبها ميليس عبر الحكومة اللبنانية حتى 15/12/2005 للاستمرار بالتحقيق في الجريمة الارهابية.
وهذا ما استدعاه لعقد مؤتمر صحافي غداة تقديمه تقريره المهني الجدي حول نتائج تحقيقاته في العمل الارهابي ليواجه الاسئلة التي وصلت الى حد الاتهام بأنه يخفي الحقائق خاصة في واقعة شطب اسماء قادة الامن السوريين اللواء آصف شوكت، والعقيد ماهر الاسد ود. بهجت سليمان وشطب واقعة لقاء هؤلاء وعدد من قادة الامن اللبنانيين الموقوفين الآن في سجن رومية بتهمة اخفاء حقائق وشبهة التخطيط للجريمة المروعة.
ميليس يملك 450 دليلاً على مشاركة اركان النظام الامني السوري الحاكم في لبنان خلال 15 سنة وتابعه اللبناني في جريمة قتل الحريري.. قدم بعضها في تقريره العلني واحتفظ بالباقي الى حين تشكيل المحكمة الدولية بمشاركة قضاة لبنانيين على الارجح، ومن ضمن الادلة التي لم يعلنها ما يؤكد ان الامنيين الذين قتلوا الحريري تلقوا تعليماتهم من قادتهم في سوريا.
ميليس يملك دليلاً من شاهد سوري على اجتماع عقد في قصر المهاجرين في دمشق اورده في تقريره الرسمي لمجلس الامن ورفض تسريبه الى الاعلام، لأنه حسب رده في المؤتمر الصحافي نفسه انه خص به مجلس الامن ولم يكن ((يعتقد)) انه سيتم تسريبه الى الاعلام.
وعلى هذا المنوال تأتي الادلة الاخرى.
وعلى هذا الاسلوب سيتم اعطاء الفرص (القانونية) لفرنسا كي تفتح الباب امام مخرج لسوريا لتتعاون مع لجنة التحقيق الدولية حتى لا تظهر كأنها تعاند المجتمع الدولي الداعم لهذه اللجنة.
وكان الرئيس بشار الاسد اوحى من خلال توقيت حديثه مع شبكة (سي.ان.ان) الاميركية قبل صدور التقرير بـ 24 ساعة، وفي مضمون حديثه بأنه سيعتبر كل مسؤول سوري شارك بجريمة قتل الحريري ورفاقه خائناً، انه سيتعاون مع هذه اللجنة.
ميليس قدم ادلة عديدة من الـ 450 وأبقى الكثير ليقدمه في المحكمة الدولية التي سيشكلها مجلس الامن، ومن ضمن الادلة التي لم يكشفها حتى الآن فضلاً عن الاجتماع الاساسي في قصر المهاجرين استناداً الى شاهد سوري مهم ادلة زودته بها الاستخبارات البريطانية عن الاتصالات الهاتفية التي جرت قبل وغداة وقوع الجريمة في 14/2/2005.
فالاستخبارات البريطانية تسلمت من قاعدتها في (اكروتيري) في قبرص آلاف الاتصالات الهاتفية جرى تحليلها جميعاً عبر احدث الاجهزة لتثبت اسماء الشخصيات اللبنانية والسورية التي اجرتها وطبيعة مواقفها وعناوين محادثاتها الامنية والسياسية والاجرائية، وهو ما دفع وزير خارجية بريطانيا ليكون اول من يعلن رسمياً وجهاراً ان الاستخبارات السورية ضالعة في ارتكاب الجريمة وبعد عدة اسابيع على وقوعها.
ويملك ميليس ايضاً دليلاً على رقم الهاتف الذي تحدث عبره مسؤول الاحباش احمد عبدالعال وشقيقه محمود عبدالعال مع هاتف خاص برئيس الجمهورية في لبنان اميل لحود وهو 999777/03، وهذا الرقم يؤكد ميليس انه خاص بإميل لحود وهو الرقم الذي يحدثه عليه عبدالعال مع التذكير بأن شقيق احمد ومحمود عبدالعال هو المقدم وليد عبدالعال وهو المرافق العسكري الخاص للسيدة اندريه لحود وهو المساعد الاول لقائد الحرس الجمهوري الموقوف العميد مصطفى حمدان.
شهادة تيري رود لارسن
اما ابرز الادلة التي يخفيها ميليس عن الاعلام وستظهر امام مجلس الامن ومن ثم امام المحكمة الدولية فهي شهادة مبعوث الامين العام للامم المتحدة لتطبيق القرار 1559 تيري رود لارسن وهي الاطول بين الشهادات الاخرى والادسم من ناحية المعلومات التي قدمها سياسياً وأمنياً وواقعياً.
شهد لارسن امام ميليس ان اللواء جميل السيد قال له بالحرف بعد صدور القرار 1559: انكم ما زلتم تراهنون على ان الحريري سيعود رئيساً للوزراء في لبنان وانا اقول لك ان الحريري لن يرى رئاسة الوزراء بعد الآن.. في حياته.
وشهد لارسن امام ميليس عن واقعة لقائه الاول مع الرئيس السوري بشار الاسد بعد صدور القرار الدولي نفسه وقوله له ان المطلوب من سوريا ان تسحب جندياً سورياً واحداً من لبنان شرط ان يكون رستم غزالة لكي تنتهي مشكلة سوريا مع المجتمع الدولي وكي يفهم العالم ان دمشق بصدد التعامل الايجابي مع القرار الدولي. وان الاسد رد عليه بحسم قائلاً:
((مستر لارسن: انت تطلب مني اتخاذ اصعب قرار في حياتي، فهذا الضابط السوري هو رجلي الاول في لبنان وهو يتلقى تعليماته مني شخصياً)).
رود لارسن – الاسد
اللقاء الثاني
ويكمل رود لارسن شهادته امام ميليس عن لقائه الثاني مع الرئيس الاسد ليشرحه مطولاً قائلاً:
((حدد السوريون موعداً لي مع الرئيس بشار الاسد في دمشق قبل عدة ايام من اغتيال الحريري أي يوم الثلاثاء في 8/2/ 2005، ذهبت الى هناك والتقيت وزير الخارجية فاروق الشرع لأسمع منه تساؤلاً بغضب.. لقد سمعنا انك ذاهب يوم الخميس لمقابلة الرئيس جاك شيراك في باريس، وانا اريد ان اسألك وما هي علاقة شيراك بلبنان وسوريا حتى تذهب لمقابلته بعد لقاءاتك معنا.. انت مبعوث دولي ولست مبعوثاً لشيراك.. فيرد رود لارسن: معالي الوزير لقد اتيت الى دمشق لتسليم الرئيس بشار الأسد رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان وسأبحث معه القضايا التي جئت من أجلها، فيرد الشرع وكأنه ينهي الاجتماع.. عليك أن تعرف ان السيد الرئيس لن يراك وإذا كان معك رسالة له فسأتسلمها منك الآن.. ينتهي الاجتماع ولا يسلم المبعوث الدولي أي شيء للشرع ويتوجه إلى مقر إقامته في فندق ((شيراتون دمشق)) ليجري اتصالاً مع السفير الفرنسي في العاصمة السورية فيأتي السفير إلى الفندق ليسأله عن موعده مع الرئيس شيراك فيخرج السفير الفرنسي إلى سيارته في موقف فندق ((شيراتون دمشق)) ويجري اتصالاً مع باريس ويعود ليؤكد لرود لارسن وبعد دقائق ان الرئيس شيراك سيستقبله في أي وقت كان حتى لو كان يوم سبت أو أحد وهما يوما العطلة الرسمية في فرنسا.
هنا يتهم السوريون الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأنه هو الذي رتب موعد المبعوث الدولي مع شيراك، فيفاجأ رود لارسن بعد لقائه مع السفير الفرنسي في دمشق بمن يتصل به من القصر الجمهوري السوري ليبلغه ان الرئيس الأسد سيقابله يوم الخميس أي في الموعد الأول الذي كان شيراك سيستقبله فيه.
ماذا حصل في اللقاء؟
رود لارسن ركز في هذا اللقاء على تطبيق القرار الدولي 1559 والرئيس الأسد تحدث مطولاً عن العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بسوريا.. حتى يصل الحديث إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري فيستمع رود لارسن من بشار إلى كلمات قاسية جداً منه بحق رفيق الحريري.. منها ان هذا الرجل يلعب أدواراً قذرة جداً ضدنا، وانه يريد إخراجنا من لبنان ليجيء بأصحابه الفرنسيين والأميركان (الخميس في 10/2/2005).
الحديث بين الأسد ورود لارسن وصل إلى جاك شيراك في باريس بعد خروج المبعوث الدولي من دمشق، ووصل إلى الرئيس رفيق الحريري بعد ساعات ومن عدة مصادر لبنانية وعربية ودولية وكلها تحذر من ان الغضب السوري وصل إلى أعلى المستويات منه ومن أعلى المستويات في سوريا فكان رده العلني: لا أظن ان السوريين يمكن أن يقدموا على شيء ضدي فأنا لدي حصانة كبيرة، والسوريون ليسوا مجانين كي يقدموا على قتلي.
آصف شوكت
ومساء السبت في 12/2/2005 يقاطع الحريري المعلومات التي تتجمع ضده، وهو لا يبالي، فيجيئه اتصال من شخصية عربية كبيرة تتردد على لبنان كثيراً تطلب منه موعداً عاجلاً فتجيء الشخصية لتبلغه انها التقت رئيس جهاز الاستخبارات السورية اللواء آصف شوكت في دمشق بعد الظهر وان الرجل يقول انك تتآمر على سوريا وانك تريد أن تحل الفرنسيين والأميركان محل السوريين، وانهم يتصلون بك للمجيء إلى دمشق للتفاهم وانك ترفض الرد.
يبتسم الحريري ويرد.. هم الذين لا يريدونني ويقولون عني انني خائن وقد أبلغت مسؤولين عرباً كباراً على صلة بالرئيس بشار الأسد المعلومات التي تتقاطع عندي حول تهديدات منهم وطمأنوني بعد فترة اتصلوا خلالها بالأسد بأن لا شيء ضدي.
ويتابع الحريري: لقد أرسلت للأسد وها أنا أقول لك، قل له أو لآصف شوكت لو ان الحريري جمع أكثر من مئة نائب في البرلمان في الانتخابات المقبلة (أيار/مايو 2005) فإن الحريري لن يشكل حكومة في لبنان إلا بموافقة بشار الأسد.
تخرج الشخصية العربية من عند الحريري ليلاً لتجري اتصالاً مع اللواء شوكت في دمشق لتنقل له قول الحريري، فيكتفي المسؤول الأمني السوري بالاستماع دون أي تعليق.
يملك ميليس 450 دليلاً على مشاركة النظام الأمني السوري وتابعه اللبناني بالجريمة ويملك أدلّة ظهر رأس جبل الجليد منها على أوامر من دمشق على أعلى المستويات بالأمر والتخطيط لارتكاب الجريمة وهو يحفظها لمواجهة المحكمة الدولية بها: أدلّة وشهوداً.
تداعيات الأدلة
أفرزت أدلة ميليس وشهوده تداعيات تظهر تراجعاً في الموقف السوري الفعلي على تقريره يتم تداولها في الكواليس الدولية والعربية أهمها:
ان دمشق على استعداد لتسليم رئيس جهاز الاستخبارات السورية في لبنان رستم غزالة للقضاء الدولي كأرفع مسؤول سوري تستطيع سوريا تحمل تسليمه كمشتبه به في جريمة اغتيال الحريري وبالتالي تستطيع دمشق تحمل من دونه رتبة وفي لبنان خاصة في بيروت لكنها لا تستطيع تحمل تسليم من هو أعلى منه رتبة في دمشق وتحديداً الرئيس المباشر لرستم وهو اللواء آصف شوكت.
لكن القاضي الألماني ميليس يرد على هذا التداول بالقول ان هذا غير كافٍ.. فأنا أعرف من خلال تحقيقاتي ومن خلال الشهود ومن خلال طبيعة الوصاية السورية على لبنان ومن خلال فهمي لطبيعة عمل الاستخبارات السورية (نسخة طبق الأصل عن الاستخبارات الألمانية الشرقية التي نظمت استخبارات دمشق) ان غزالة هو مجرد أداة تنفذ ما يطلب منها في دمشق تماماً مثلما ينفذ الضباط اللبنانيون الأوامر التي تأتيهم من عنجر.
ميليس يقوم بواجبه كقاضي تحقيق وهو سيحول ملفه إلى المدعي العام كي يدعي على المشتبه بهم الذين وردت أسماؤهم في القرار الظني الذي قدمه، وهو سيذهب إلى المحكمة الدولية كي يقول كل شيء، أما في المداولات السياسية الخاصة بالموقف من سوريا فهذا أمر آخر لا شأن لميليس به.
لا رأي لميليس مثلاً بما تريده أميركا وبريطانيا وما ترد عليه فرنسا.
أميركا تريد فرض عقوبات على سوريا وفقاً للبند السادس من ميثاق الأمم المتحدة تمهيداً لفرض تطبيق البند السابع بالعمل المسلح ضد دمشق، لأن أميركا تراهن على ان عقلية النظام السوري هي كعقلية النظام العراقي السابق أي الرهان على المجهول وضرب الرأس في الحائط واستخدام سلوك شمشون عليّ وعلى أعدائي يا رب.
أما فرنسا فهي تريد منع دمشق من الانتحار وتريد اعطاءها فرصة حتى 15/12/2005 تاريخ انتهاء لجنة التحقيق الدولية من مهمتها وتسليم تقريرها الحاسم لمجلس الأمن.. وهنا أيضاً تراهن باريس على عقلانية ما في مكان ما في سوريا تستوعب ما يجري حولها لتنقذ سوريا أولاً وحتى لتنقذ النظام نفسه بإقناعه بتسليم الضباط السوريين المتورطين في جريمة اغتيال الحريري مهما علت رتبهم ومواقعهم وقربهم من بشار الأسد نفسه.
دمشق حتى الآن تقول خذوا رستم غزالة واتركوا الباقين، وميليس يقول كل المتورطين إلى المحكمة.. وهو قال قبل ذلك أخرجوهم من سوريا إلى أي مكان تختارونه للتحقيق معهم.. فلدي الأدلة ولدي الشهود فإن كانوا أبرياء فخذوهم وان كانوا مشتبهاً بهم فإلى التوقيف الحقيقي.
حتى الآن
قدمت سوريا عرضاً واحداً هو تسليم رستم غزالة ومن دونه رتبة أو موقعاً في لبنان وميليس يرد هذا لا يكفي، فترد دمشق بتظاهرات منددة بميليس ومواقف رافضة.. وباريس لم تفقد الأمل لكن أميركا بالمرصاد مراهنة على غياب العقلانية في دمشق كما كانت سابقاً في بغداد.

إعلان دمشق جدير بالتحية

أدونيس - كلنا شركاء في الوطن
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي» جديرٌ بالتحية والتقدير والمساندة، خصوصاً انه ينهض على رؤية في التغيير والعمل السياسي بالغة الأهمية في تاريخ سورية الحديث: رفض الايديولوجية الشمولية، رفض العنصرية، والإقصائية، والعنف، التوكيد على المواطنية، أياً كان اتجاه المواطن، السياسي، وأياً كان انتماؤه، مما يؤكد الإيمان بالديموقراطية والتعددية. أقول ذلك، وآمل أن أعود لاحقاً الى طرح تساؤلاتٍ فكرية حول هذا الإعلان، ترتبط، على نحو خاص، بالمسألة الدينية، وبالآخر (العربي والأجنبي)، وبالانسان – مُفرداً، وجمعاً، في الحياة السياسية – الاجتماعية السورية. ظاهرة المعارضة في العالم العربي صحية وضرورية، فلا يأخذ العمل السياسي أو الفكري أبعاده الإنسانية الحقة إلا اذا كانت المعارضات شريكة فيه، وجزءاً عضوياً منه. وذلك، خلافاً لما حدث في تاريخنا السياسي، حيث ألغيت المعارضة في مختلف أشكالها السياسية والفكرية، ونظر اليها بوصفها «خروجاً» أو «مروقاً» أو «كفراً»... الخ. وبما أن هذه الظاهرة تتزايد وتنمو وتتنوع، فإنني أحرص، إسهاماً في تأصيلها، وجعلها أكثر فعالية، أن أشير الى بعض المفارقات عند بعض الحركات العربية المعارضة، وبعض المفكرين والكتاب المعارضين، أوجزها كما يلي:
1 – كيف يكون الدين «وطنياً» و «ديموقراطياً» و «تقدمياً» في بلد، مثل فلسطين والعراق، ويكون في بلد آخر، مثل إيران ولبنان، «غير وطني»، و «غير ديموقراطي»، و «رجعياً»؟
2 – كيف يمكن العمل لإقامة حياة اجتماعية «مَدنية»، في مجتمع نقبل بأن يبقى قائماً على مؤسسات تشريعية دينية، لا تقتصر على الفرد، بوصفه فرداً، وإنما تشمل الجماعة، بوصفها جماعة؟
3 – كيف تمكن الدعوة الى «عدالة» و «مساواة» و «وحدة» في مجتمع نواصل في كلامنا عليه استخدام مفهومات تناقض هذه القيم، كمثل «الأكثرية» و «الأقلية»، ويقوم فيه أفرادٌ كثيرون بجميع الواجبات، من دون أن تكون لهم جميع الحقوق (ليس للمسيحي أو الكردي في سورية، مثلاً، الحقوق كلها التي يتمتع بها مواطنه المسلم العربي). وكيف يصح، ديموقراطياً، استخدام مفهومي «الأكثرية» و «الأقلية» بالمعنى «العرقي» أو «الديني»؟
4 – كيف تصح الدعوة الى «وحدة» ثقافية في مجتمع ينهض أساسياً على «التنوع» و «التعدد» الثقافيين؟
5 – كيف تصح الدعوة الى إقامة الديموقراطية وتوكيد حقوق الإنسان في مجتمع يحرص أصحاب هذه الدعوة أنفسهم على أن يظل الدين فيه مؤسسة جماعية، وشرعاً عاماً، وعلى أن يظل الانتماء فيه إيديولوجياً – «قومياً عربياً»، مع أنه مجتمعٌ يتكوّن موضوعياً، إضافة الى ما هو عربي، من «قوميات» أو «أعراقٍ» أخرى، غير عربية، (آشورية، تركمانية، سريانية، أرمنية، كلدانية، صابئية...) وفيه جماعات تؤمن بأديان أخرى غير الإسلام؟ والمثال الأبرز على ذلك هو العراق قبل سورية.

تقرير ميليس: قصة موت معلن

عباس بيضون - السفير
كثيرون يتمنون ان يكون تقرير ميليس مجرد رواية، يتمنون ان يصحوا فيجدوا ان كل ذلك كان من نسج الخيال، مع ذلك فانهم يفترضون بأن كلمة رواية لا تقال هنا بحسن نية، وان من يقولها لا يجد اسما افضل لعدم تصديقه، بل ربما حبس هؤلاء استمتاعهم بالتقرير لئلا يسيء هذا الى نزاهته، اذا كان ابتلاع الحقائق سائغا الى هذا الحد فإن هذا اشتباه بها، الحقائق دائما جارحة وصعبة وقبيحة والاستمتاع بها توهين لها. لقد استهولوا ان يتكلم شتوكهاوزن عن جمال انفجار برجي التجارة في 11 ايلول. سيكون اكثر هولا ان تتكلم عن جمال الرواية الميليسية. متعة وجمال وتشويق، لن يكون هذا سوى خفة وقلة احتياط، لا أدري كيف نقرأ تقرير ميليس لكن القراءة الثانية ستكون في الغالب روائية. اذ بعد نرتوي او لا نرتوي من المعلومات يمكننا ان نتبع التقاطعات القائمة في التقرير وان نصل هنا وهناك الى نهايات الطرق حيث علينا هذه المرة ان نكمل وحدنا، رواية لا تتهم بالطبع الحقائق انها فقط تحتاج الى الخيال الذي بدونه لا نستطيع ان نتصور كيف تكون الاحداث في بطون الايام وكيف تتحقق على رقعة فلكية من اناس واماكن ووقائع وتدابير. من دون هذا الخيال والقدرة على النسج والبناء لن يتاح لنا ان نفهم كيف تلتقي كل هذه المسارات عند موت رجل واحد، وكيف ينخرط جانب من المدينة والمجتمع في مؤامرة، وأي اسم ينبغي ان تحمل المؤامرة حين تغدو عمل ماكينة كاملة وعسكرية مدنية، لنبدأ اذن من موت معلن.من كان يعرف مصير رفيق الحريري، ليس الجنرالات الاربعة هنا ولا الخمسة او الستة هناك، كان يعرف مساعدوهم وبعضهم جنود عاديون وسواقون، الجنرالات الاربعة ومعهم عمداء وقادة، ثم هناك ايضا حاملو الهواتف الستة المجهولون ومعهم شاري الهواتف وقريبه، ثم هناك الشيخ أحمد عبد العال وأخواه ولا نعلم اذا كان هناك آخرون يعرفون في الزمرة الحبشية، وهناك ايضا قادة في القيادة العامة ولا يصح ان يعرف أحمد جبريل وحده، فقبل ان ينكشف الستار نتوجس من ان لا بد هناك منفذون ومشاركون على الارض. هذا من جهة لبنان. اما من جهة سوريا فهناك بالاضافة الى الجنرالات الخمسة سارق السيارة وسائقها الى سوريا، ومحملوها بالديناميت ومن دبر ذلك في معسكر الزبداني ومن ساقها الى لبنان. ثم هناك من استدرج ابو عدس ومن أملى عليه ما ردده امام الكاميرا وبالطبع من صوره ومن صفّاه ومن حمل الشريط الى الشجرة قرب الاسكوا ومن خابر الجزيرة. احصي من تكلم على هاتف واحد تجد اعدادا، اجمع كل ذلك في رأسك تجد عشرات في اضعف احتمال. تذكر ان نائبا درى بالمؤامرة لا لشيء الا لمزيد من العلم، تذكر ان هذه التدابير، بعضها على الاقل، احتاج لأسابيع وربما لأشهر، وان سيارة سرقت من اليابان لتختم رحلتها الطويلة بانفجار قرب السان جورج. تذكر ذلك واحصه في رأسك فتفهم ان عشرات في اضعف احتمال كانوا يدرون بالمؤامرة، وان هذا السر بذل احيانا مجانا، ان وقتا متطاولا امتد والسر في الأيدي، تذكر ذلك فنعلم ان السر لم يكن مدفونا في بئر ولا محصورا بين اثنين او ثلاثة، كان في متناول لا جنرالات فحسب ولكن ايضا مخبرين وارصادا وشيخا ونائبين وسواقين وعائلات بكاملها. لم يكن في متناول جهاز واحد بل اجهزة عدة وحلفاء مفردين. كان سرا شائعا تقريبا. عشرات عرفوه وصانوه اسابيع طوالا. عشرات تداولوه من دون ان تفلت من فم احدهم اشارة او لفتة، من دون ان يفضحه دخيل او مهذار، من دون ان يتجاوز الحلقة الواسعة جدا. من دون ان يطمع احد بمكافأة الحريري السخية، فينذره، ثم كان كل هذا العدد يدري والحريري الحريص الحذر لا يشعر ولا يعلم، كان الاقوى لكن صلابته وامكاناته الهائلة لم تجعله ينصت او يسمع ما كان يدبر له، وغالبا خلف اذنه وتحت عينيه، كل امكاناته لم تجعله يرصد ما كان متاحا وقريبا الى هذا الحد، انها قصة موت معلن، كان الجميع يقولون انه الوقت <<الحريري، با باي>> لكن الرجل الاقوى لم يسمع السر الذي دار بين عشرات ظل سرا عليه، الموت المعلن ظل مخفيا عنه، هل هو القدر أم انه فقط عدم التصديق. قال <<لن يجرؤوا>> لم يصدق ان سواقين ومخبرين ومشايخ ونواب وجنرالات يتحدثون في وقت واحد عن موته، انها رواية موت معلن.رواية أم روايات، بعض روايات الانترنت يفسح للقارئ ان يعيد بناءها وان يلعب بمصائرها وان يرسم نهاياتها على هواه، كم رواية في تقرير ميليس، كم مسار ظل مفتوحا امام القارئ ليتابع وحده، لنبدأ برواية الميتسوبيتشي المسروقة من اليابان، حدث ذلك منذ متى، لا شك انها اسابيع قبل الجريمة. من قادها موجود وكلمته تكفي لاثبات الجريمة. لن نقول انهم قتلوه لذلك فجزاء سنمار ليس واردا هنا، لم يبال القتلة بأن يتركوا اثرا وشاهدا في كل مكان، لقد اعدوا الجريمة كما يعدون حربا. احتاجت الى جيش ووفروه. كانت مقامرة نظام ولعبها. مع ذلك لم يكن السر محكما فأي سر بين عدة اجهزة مخابرات وحليفين شبه مدنيين ومشتركين باسمهم الشخصي، اي سر يمكن ان يكون في جبهة كاملة. من يكمل وحده خلف سارق الميتسوبيتشي. أو من يتبعها الى معسكر الزبداني. مرة ثانية السر مع سائق ثان قادها الى لبنان، السر الذي سيموت مع سائقها الثالث المنتحر الذي زعم انه عراقي اوحي له بأنه ذاهب لقتل اياد علاوي. اي قصة هذه تبدأ من سرقة في اليابان لتنتهي بإطلالة جانبية للوضع العراقي.هناك رواية الهواتف وهذه اذاعية تماما، انها اصوات وارقام تعود الى اصوات وأرقام. هناك رواية ابو عدس وهذه ايضا قصة على حدة: الاصدقاء والمستدرجون وصناع الشريط والمصفين وموزعي الشريط ومخاطبي الجزيرة، هناك رواية ما بعد الانفجار الذين لعبوا بالأدلة والاهمال القاتل... الخ. روايات لأن الجريمة لم تكن حادثا، لقد كانت حربا وخاضها جيش فعلي، بل خاضها حلف مافياوي حكومي وغير حكومي، لقد عومل الحريري كدولة، رواية من روايات كهذه لا تصنعها فرق موت وعصابات فحسب، انها جريمة نظامية وحكومية بامتياز الجيوش النظامية اولا ووراءها فرق الموت والعصابات. ما ينظم ينظم في أعلى الاجهزة ويقوم به بالدرجة الاولى ضباط موثوقون، ما يسند للعصابات الحليفة الرصد والمراقبة. اما من يقتل ولن يكون سوى المحارب الاساسي، هكذا يبدو هيكل الجريمة موازيا لهيكل النظام، هكذا تبدو الجريمة هرمية كالسلطة. انها تقريبا العمل الرسمي والنظامي، القتل هو ام السياسات.لنعد الى رواية الهواتف، هذه يكفي ان نروي طرفا منها انها بالطبع احدث الروايات، اذ وجد من يروي قصصا عن الفرق فهذه رواية هاتف واحد. انه الهاتف رقم 925152/03. هذا الخط على ما يقول اجرى اتصالا مع طارق عصمت فخر الدين الذي اجرى بدوره بعد ساعات على التفجير اتصالا مع الجنرالات حمدان والحاج وعازار وضابط الاستخبارات السورية جامع جامع، اجرى اتصالا مع رائد فخر الدين المشتبه بأن اشترى البطاقات الهاتفية التي استخدمت لتنظيم الاغتيال. هذا الخط اجرى اتصالا مع الجنرال حمدان والوزير عبد الرحيم مراد كما اجرى بعد يوم على اختفاء ابو عدس اتصالا برقم هاتفي كان يدوره على اتصال بهاتف النائب ناصر قنديل واجرى اتصالا مع رقمي هاتف كانا بدورهما على اتصال برقم الضابط السوري جامع جامع، اجرى الخط اتصالا مع رقم كان على اتصال برقم يونس عبد العال اخو احمد عبد العال، وعلى اتصال برقم هاتف لوليد عبد العال. اخو احمد عبد العال، انه الرقم 925152/03 مجهول الصاحب لكنه في النهاية يبدو حاملا في داخله كل خطة الجريمة، انها خطة تتقاطع عندها كل المسارات. وكل مسار يحملها كاملة في داخله، اذا غاب الشاهد فان كل الشبكة ظاهرة امامنا، لندخل ايضا وبسرعة الى هاتف أحمد عبد العال. سجل الهاتف مكالمات مع جامع جامع ورستم غزالة واتصالات يومية مع العميد الرشيد رئيس امن الدولة في بيروت، كما سجل مكالمات مع ريمون عازار والبير كرم وسجل 97 مخابرات خلال 13 شهر مع مصطفى حمدان، اربعة منها في 14 شباط يوم الجريمة. كذلك تلقى عبد العال اتصالا من غرفة الهاتف التي جرى منها اتصال بالجزيرة بشأن ابو عدس واتصالا من الغرفة التي جرى منها اتصال بوكالة رويترز بهذا الشأن وفي 14 شباط هاتف عبد العال ريمون عازار ورئيس الجمهورية اميل لحود. نكاد نقول ان الدولة هنا في هذا الهاتف، ولن نستبق القضاء فنقول ان الجريمة قد تكون كلها هنا ايضا، ليست هذه تسجيلات هاتف عادية انها الشبكة المركزية للمؤامرة بحسب توصيف ميليس، من رئيس الجمهورية الى جندي الحرس الجمهوري، مرورا بالجنرالات اللبنانيين والسوريين في هاتف الشيخ. لا يستطيع احد ان يعرف اين هو السنترال المركزي فالحدود هنا ضائعة بين العصابات وفرق الموت والدولة، حين نسمع رستم غزالة يقول ان <<رئيس الجمهورية يقول اننا نصرخ عليه كلما شكا>> نفهم ان الحلف الحكومي المافياوي ولا يملك التراتب والمقامات التي نعرفها. نفهم ان الشخص الذي يصرخ عليه رستم غزالة لن يكون مقامه بالضرورة اعلى من مقام الشيخ، تذكر ان حنة ارندت قالت ان السلطة الثانية في نظام كلياني مجهولة الموقع متغيرة المكان. اذا تذكرت ارندت ايضا فمن المناسب ان نستعيد عن ميل انظمة كهذه للتدمير الداخلي، كانت هذه اللحظة هي الذروة في التدمير الداخلي ومن الصعب ان نعرف اين كانت فعلا السلطة الثانية حينها.الذين يتهمون الروايات قد يفهمون ان جريمة بهذا الحجم وحدها تملك ان تكون تقاطع روايات كل منها يحكيها على طريقته، ان السر حاضر واضح، بل الشبكة واضحة حاضرة في كل عقدة من الرواية، تذكروا اننا عند كل محطة نجد العشرات في انتظارنا، لكن الاشخاص اياهم يتكررون دائما: قد ينقص احيانا الشاهد، لا نعرف صاحب هاتف 925152/03 لكن الهاتف يشهد بالنيابة عنه، اعادة بناء الوقائع والرواية يعني دائما اظهار الخطة وكشف مسرح الجريمة، قد ينقص الدليل المباشر لكن المسرح المرئي يكشف كل التقاطعات. قوة الرواية في انها الرواية الوحيدة الممكنة، في ان رواية اخرى لا تملك امكان وجود، انها ايضا الرواية شبه المعلنة. كانت المؤامرة لوقت طويل واجب النظام، لم تكن مجهولة لاي من متنفذيه ولا حتى لكبار الحلفاء والاصدقاء فالجميع دُعوا المشاركة. لم تكن سرا الا للضحايا الذين لفرط ما كانت قريبة منهم لم يصدقوا ما رأوا وما سمعوا. كانت اعداما ينتظر الاذن والتوقيت، وكانت الاجهزة والحلفاء فرقة اعدام واحدة.تقرير ميليس لا يفاجئ اللبنانيين كانوا ايضا يدرون وربما اخطأوا بالاسم والتوقيت. انها قصة موت معلن للجميع، لذلك بدا التقرير وكأنه لا يحمل جديدا، لم يهتموا بالطبع بالأدلة فما حصل كان معروفا من قبل ولا يحتاج الى براهين، هذه المرة حصلوا على رواية، من قبل لم يكن الأمر يستحق ان يُروى، انه امر نفذ في ليل بل نوع من الانتخاب الطبيعي، مقتل الحريري له روايته وهذا المهم، الرواية نفسها ليست اتهاما فحسب للنظام السوري اذ لا ننسى النظام اللبناني الموازي له. لا ننسى ان جانبا من المدنية، جانبا من المجتمع السياسي والمافيا السياسية حرض وشارك. نائبان ورجال اعمال وشيوخ، نكاد نقول ان المجتمع في دائرة الاتهام، لا ننسى الحرب الطويلة حيث الجريمة كانت المعادل الاول للسياسة، لا تستطيع بسهولة ان نفرز هؤلاء ونلهي ضمائرنا باستبعادهم، ما دام بنك المدينة هو المقابل الاقتصادي للجريمة فان ضمائرنا لن تستريح. لا نعرف كيف يمكن للبناني الصالح ان يوجد، لا نعرف الى اي درجة تمت مفيوة المجتمع، يبدو بوضوح ان ما حصل في هذا المجال تصعب مداواته، كيف يمكن ان نعزل الاعتصاب السياسي الطوائفي والتفويض المطلق للزعماء الطوائفيين عن غياب اي وجه حقوقي للمجتمع، وغياب كل فكرة عن تأسيس قانوني للامة. انها انقسامات تاريخية بالطبع لكن المساومة الاجتماعية قائمة نهائيا على الاغتصاب والاعتداء، السياسة اذا جازت تسميتها حرب والجريمة ليست ضمنا منكورة، المتاجرة بالدم على كل حال جزء من هذه السياسة وجزء دائم، من هنا نفهم اكثر ان الجريمة على عاتق اللبنانيين وانها قابلة للاستمرار فيهم. تقرير ميليس وثيقة تاريخية لبنانية وفضيحة لبنانية بالدرجة الاولى. قراءته ترينا بالضبط كيف يكون مجتمع الجريمة. ترينا الاعماق الاحشائية لفسادنا المزمن. ترينا التشكيل المافياوي لعلاقات الدولة والمجتمع، هناك عدد من اعمدة النظام السوري من دون شك، لكن وثيقة ميليس ترينا كيف يغرق النظام اللبناني بكل هرميته، وبعدد من تفريعاته الاقتصادية والسياسية في الجريمة. لنقل ببساطة ان كل هذا من عندنا، انه موجود بقوة المخابرات السورية وبدون قوتها ايضا، لا ننسى مسؤوليتنا، لا ننسى استعدادنا، انها قصة موت معلن، جريمة معلنة، درى الجميع بها، استشرفها الجميع لكن احدا لم يتدخل ليمنعها، ترك هذا للانتخاب الطبيعي، الجريمة لا تحتاج سببا اقوى لتستمر.