الجمعة، أغسطس 18، 2006

أسئلة جريئة حول "المواطنة" بمصر.. و"عورة" المفتي تفضح الواقع


تقرير "العربية.نت" الأسبوعي للكتاب
دبي - العربية.نت

في مصر، كما هو الحال في دول عربية أخرى، حيث "تعددية" المجتمع، وربما حتى انقساماته في بعض الأحيان، ما تزال أسئلة "الموطنة" مثارة ومثيرة للجدل.

وفي أحدث اصدارات الهيئة القبطية الإنجيلية، التي تنشط في هذه الفترة في النشر في مجال علاقة الكنيسة بالمجتمع، طرحت بالتعاون مع مؤسسات مصرية أخرى، مجموعة من الكتب منها "المصرية كمواطنة" و"حوارات حول المواطنة"، و"المواطنة في التعليم" و"العنف في المجتمع المصري" وكتب أخرى رؤى مختلفة حول تأويل وتحليل العلاقات القائمة في المجتمع المصري.

الكتاب الأول "المصرية كمواطنة"، صدر ضمن البرنامج المشترك بين منتدى حوار الثقافات ووزارة الأوقاف، وقدم بحسب صحيفة "أخبار الأدب" المصرية عددا من الدراسات والأبحاث لمجموعة من الدعاة من وزارة الأوقاف ، وكذلك بعض القساوسة، ونوقشت قضية مواطنة المرأة المصرية باعتبار ان قضية المرأة هي احد التحديات التي تجابه تعميق مبدأ المواطنة وباعتبارها احد معوقات التنمية.

وكان محور الكتاب سؤالا حول مدى تمتع المرأة المصرية بحقوق المواطنة الكاملة أم لا. وكانت الإجابة أن المرأة المصرية لا تتمتع بكامل حقوق المواطنة وانها تجابه اشكالا تمييزية مختلفة تجعلها دائما في وضع أدني. وهو الاتجاه ذاته الذي سلكه كتاب "حوارات حول المواطنة" للكاتب هاني عيد.

أما كتاب "المواطنة في التعليم"، فقد خلص إلي أنه عندما يقترن التعليم بمبدأ المواطنة يكتسب الموضوع أهمية مضاعفة فالتعليم من ناحية أصبح قضية قومية تهم كل أسرة في المجتمع وتهتم بها كل الأجهزة الرسمية في الدولة والمواطنة من ناحية اخري هي المبدأ الذي يشكل نقطة البداية في انطلاق المجتمع وتطوره وبدون تحقيق مبدأ المواطنة بما يتضمن من مساواة واحترام للآخر وقبول بالتعددية لايمكن الحديث عن أي تطور أو تحديث.

"العنف في المجتمع المصري" بدوره كان أحد الكتب المهمة التي قدمها المنتدي وناقش ظاهرة العنف من عدة جوانب فبدأ من أسبابه واشكاله وحتي ايديولوجية العنف مرورا بالعنف السياسي والعنف من منظور اسلامي ومسيحي ومصادر العنف في عصر العولمة.

أما كتاب "اشكاليات التحول الديمقراطي والتحديث في مصر" فيوثق لمؤتمر بنفس الاسم نظمه منتدي حوار الثقافات في مايو 2004 وشارك فيه الدكتور يونان لبيب رزق، وأبوالعلا ماضي، و الدكتور حسن نافعة، و الدكتور عمرو الشوبكي، و الدكتور يحيي الجمل، و الدكتور نبيل صموئيل أبادير.

وتناول الكتاب اشكاليات التحول والتحديث والديمقراطية بين ضغوط الخارج وطموحات الداخل والخلل في الاصلاح الاقتصادي المصري والتحديات الاجتماعية للتحول والتحديث في مصر ، ومن الآراء المطروحة في الكتاب تساءل يونان: هل نحن رعايا ام مواطنون؟. يونان اشترط الاجابة عن السؤال قبل الحديث عن اي تطور او تحديث.

وفي تقديمه للكتاب الذي حرره الكاتب نبيل عبدالفتاح "الخطاب الديني.. مقاربة أولية" يقول الدكتور نبيل صموئيل أبادير مدير عام الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية ان الخطاب الديني يعتبر من أهم العوامل المؤثرة عمقا واتساعا في الوجدان الجمعي للشعب المصري ليس فقط بحكم نزوعه الي التدين وانما ايضا ارتباطا بالثقافة السائدة التي ساهمت في خلق مسافات راحت تتسع يوما بعد يوم بين الخطاب الديني ومكوناته والموضوعات التي يعالجها ويتصدي لها حتي تأتي الدعوة الي تجديده مستندة علي واقع قائم بالفعل مصحوبة بتحديد ما الذي يستدعي التغيير ولماذا؟

عورة المفتي تفضح الواقع

في مجموعتها القصصية الصادرة حديثا، تسعى القاصة السورية - الكويتية دلع المفتي لفضح الواقع، وتلوين القصص بهاجس اجتماعي تغييري يسعى من خلال سرد بعض الحالات والمواقف والحكايا إلى تبليغ رسالة للقارئ، كي يتعاطف مع الشخوص والحالات في النصوص وتتوخى الكاتبة من خلال هذا التعاطف أن يميل القارئ إلى وجهة نظرها وبالتالي محاولة الكشف عن مناطق مختلة العلاقة: بين الرجل والمرأة مثالا في الواقع الذي كتبت فيه النصوص وجعل القارئ من خلال التعاطف يتخذ موقفا نقدياً مصححاً لهذا الاختلال.

جاء في كلمة الناشر على غلاف المجموعة بحسب صحيفة "الراية" القطرية:تحاكي دلع المفتي بساطة النساء في الحارات القديمة، لكنها تضيء بخبرتها مواقف حادة من الحياة تشكلت من مزيج أفرزه الديني والاجتماعي والقيمي أخافها فحاولت كشفه وتعريته، عبر كشفها لكثير من التناقضات التي تثقله.

تعلن دلع لقارئها عبر الحكايا بوضوح "عورة "هذا الخطاب الذي يثقل كاهل الحياة بكل مفرداتها. وفي كثير من نصوص المجموعة تلجأ الكاتبة إلى جعل" الأشياء" أبطالا لقصصها بعد أن تبث فيها الروح ويصبح لها مقولاتها ومعاناتها وشكواها أيضا.. تتمرد الكاتبة بهدوء، تلَمِح حيناً، تجهر حيناً آخر.. تمسح شعر تريده "منثوراً دائماً" على قامة رجل حر ، وإن لا ففي الهواء. تكتب برشاقة انتصارا لحياة تريدها أن تتحول .. أن تكون خصبة ،ملونة، والأهم منصفة.

وقد صدرت المجموعة عن داري النشر "جسور" في دمشق و"الكندي" في باريس وجاءت في 150 صفحة من القطع المتوسط وقد صممت الغلاف عبير فخر الدين مستخدمةً لوحة للفنانة السورية سارة شمة.

"جنازة".. التجربة الغرائبية فـي الرواية الحديثة

الرواية الحديثة تعتمد في منظورها على خصائص وظواهر فنية واشكال وتقنيات ذات منحى تجريبي وغرائبي وفنتازي، وقد يشترك مع هذه الخصائص القصة القصيرة، كما تشترك الرواية ايضا في خصائص كثيرة للقصة القصيرة الجديدة، من حيث كونها نتاج لتفاعل النص واجزائه، ومن حيث التركيز على شعرية الخطاب، وتعدد الادوات والاشكال والاصوات، ومحاولة اختراق العوالم الداخلية للشخصيات وهو ما يسمى بالسوسولوجيا، او علم التحليل النفسي، وكذلك اقتناص الرغبات المقموعة واللحظات الحزينة، والتعبير عن الاشواق الدفينة، او التطلعات غير المتناهية نحو الغايات والأماني.

ويعتقد الكاتب محمد ضمرة في عرضه لرواية "الجنازة" للروائي سمير عامودي أن الأخير اتخذ عن جدارة طريق التجريب والمغامرة في كتابة قصصه ورواياته. واستطاع ان يجتاز حدود التجربة الى الانطلاق في عالم جديد مليء بالمغامرة، لخلق رواية متقدمة عما هو سائد ومألوف.

وفي رأيه، ظل العنوان يلقي بمزيد من الاسئلة مثل، هل الميت ذكر او انثى او حيوان؟ وهل هو مادي محسوس او هو معنوي؟ الى غير ذلك من اسئلة قد تخطر على بال المتلقي. ومنذ مطالعة النص فارقت وردة الحياة وهي تنتظر من يغسلها ويكفنها لكي يتوارى جسدها في غياهب المجهول.

واذا كانت وردة تشكل المحور الاساس لمجريات الرواية، فإن الشخوص تتعدد ابتداء من خليل الى طعان، وهو يقول: ان القارئ سيرى ان الجنازة تلك، ليست جنازة وردة، ومن هذه وردة حتى يفرد الراوي لها هذه الصفحات؟ او من هي حتى يشغل نفسه بها كقارئ؟ ثم يصرح بأنها امرأة من عامة الشعب.

ان سمير عامودي في روايته هذه بحسب عرض محمد ضمرة في صحيفة "الرأي" الأردنية، تماهى كثيرا في تقنياته وادواته ومسارات روايته، فالراوي يظهر باعتباره راويا، والسارد ليس واحدا وانما هو كل الشخوص الموجودة في الرواية، واختلاط المكان والزمان واختلاط الشخوص يدلنا على ان الراوي قد استطاع بمهارة ان يحطم البنية السردية التقليدية وابتداع اشكال سردية جديدة قائمة على تعددية اشكال الوعي وتركيب الزمن المطرد وعمله تمرد نوعي في الشكل والايقاع والمضمون والمعالجة ايضا.

فحينما يريد لطعان ان يحكي، فإن طعانا هذا يقوم بتعداد مقولاته وترقيم جمله، وهو مثلا يعد خمس نقاط رئيسة في كلامه، وكأن هذا الكلام قائم على قضايا علمية او منطقية محددة، لا يجوز نقاشها او اهمالها او التغافل عنها. كما ان الجديد في الرواية الايتان بالجملة او المفردة ووضع بديل لها، مثال ذلك حينما يقول: قلنا لا تحزن، سواي سيقول: لا تغضب، ويقول في مكان آخر: نزل كأنه يجر نفسه، قصدت يجر جثة.

اما المكان فهو الواقع الجديد في المدينة، والصورة المقابلة في القرية، فالامس واليوم زمن الرواية الموازي تماما للمكانين القائمين على الوجود القروي والوجود المديني.ورواية الجنازة لسمير عامودي لا تعالج موضوعا اجتماعيا و حسب، وانما تقوم على التعامل مع القضايا الاجتماعية والسياسية، والعلاقات القائمة بين الانسان وسواه وبين الانسان وذاته.

ولا يكتفي الراوي بالحوارات الخارجية بين الشخوص، فهو يعتمد على الحوارات الداخلية، ويطرح اسئلة لا متناهية عن معنى الحياة والوجود والعدم، واسئلة اخرى كثيرة تقوم باغناء النص واعطائه جوا تفاعليا، اضافة الى اعتماده على لغة جديدة تعتمد على الجمل القصيرة المحتشدة بالمعاني، والمليئة بمخزونها الشعري المحمل بالشعور الذاتي الحار او الدافىء حتى يتلاقى مع القارىء او المتلقي بحرارة صانعة، ولذلك فانه يمحو كل المحرمات او الممنوعات باستخدام المستور، مثل تسمية الأعضاء البشرية كما يتم استخدامها وبدون مواربة او تغليف او تورية.

وبمهارة وقدرة وتميز استطاع الراوي الحديث عن القضايا المصيرية، فالقدس لم تغب، ومخيم جنين حاضر في الذاكرة، والحروب التي وقعت ضد الامة مثل حرب 67 او 73 وحتى 82 اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان، كل ذلك محتشد في الرواية. وهو لم يغفل عن ضرب الامثال الشعبية السائدة او الاغاني الفلكلورية او الاغاني التي يسخر منها وتسبب عدم رضاه عن هذا الواقع.

واذا كان النقد الاجتماعي والسياسي والفكري تشكل ركائز اساسية للرواية، فإن الروائي سمير عامودي قد لجأ الى لغة النقد السائدة حداثيا، فنراه يقول مثلا: سأتناول الكلام من طعان، سيدخل الشخص المخاطب في القسم السابق كسارد الى جانب الراوي الرئيس، ويقول في مكان آخر: انا مضطر لايجاد حلول في النص السرد يجب الا يتوقف، واذا توقف يموت النص، من لا يدرك ذلك؟

هذه المبادىء او الافكار النقدية يزاولها الراوي نفسه او الروائي، ام كلاهما معا؟واذا كان الحوت الاول الملقب بالاغا الذي احرق ودمر لان احدهم رفض ارسال امرأته الى بيت الاغا في اليوم المحدد، وقد حدد العام في 1960 وهو يقول ان اخيها لوردة قد استشهد عام 1968 في احدى العمليات الفدائية ضد الوجود الصهيوني وفي عام 1973 استشهد ابنها البكر في الحرب، وكذلك في عام 82 واكتفى بوجود المحذوف ولكن المحذوف مدرك من خلال السابق من النص.

رعد عبد القادر.. ايحاء وغرابة جمالية في شعره

وفي عرض قدمته وكالة "رويترز" للأنباء، يتسم معظم قصائد الشاعر الراحل رعد عبد القادر في مجموعتيه اللتين صدرتا بعد وفاته بقماشة شعرية مميزة ذات ملامح خاصة بصاحبها وبأجواء تجعل عاديات الحياة تنبض بحيوية وتتحول الى عناصر ايحائية دافئة.
بشكل عام، المجموعتان اللتان جاءتا في كتاب واحد وبصورة خاصة مجموعة "صقر فوق رأسه شمس" شكلتا كما ورد في مقدمة الكتاب تحولا في تطور نتاج الشاعر العراقي الذي قضى عام 2003 في بغداد عن 50 عاما . اما المجموعة الثانية فقد حملت عنوانا هو "عصر التسلية".

صدر الكتاب في 356 صفحة متوسطة القطع عن دار المدى للثقافة والنشر في دمشق. وقد جاء في مقدمة الكتاب التي لم تحمل اسم كاتبها ومنذ مجموعته الشعرية الاولى "مرايا الاسئلة" - 1979 بدا رعد عبد القادر يسعى الى الاشتغال على قصيدته بهدوء ميزه عن بقية اقرانه من بعض شعراء ما سمي جيل السبعينات الذين اتسمت تجاربهم بصخب واضح.

وهذا الهدوء في تجربته يتمثل في المستوى الجمالي والدلالي للقصيدة التي اشتغل على كتابتها وفي طبيعة افصاحه عن تجربته وفي وسط صخب بسجالات غطت في غالب الاحيان على صوت القصيدة وهي سمة اصبحت غير خافية في اية اعادة تقويم لتجربة شعراء السبعينات في العراق.

في قصائد النثر التي كتبها عبد القادر اجواء غرابة ضبابية حينا ونفاذة حينا اخر تنسج بما قد يصح وصفه مجازا بانه خيوط سحرية او بانها تشبه احلاما بغلالات شفافة. وهو دائما يلتقط بعض يوميات الحياة وعادياتها ويحولها الى تلك الاجواء والى حالات يسبح فيها الرمزي والمجازي في بحر من الدفء والايحاء.

في قصيدة "أجواء ذائبة" من مجموعة "صقر فوق راسه شمس" يقول رعد عبد القادر

وكأنه يروي قصة "عامل الهواتف":
حط ذات شتاء قرب كابينة غارقة بالماء
بعد دقائق اختلطت الاصوات بالماء وذابت
قطرات من الشمس تلالات على سطح اوراق
لشجرة عجوز عصفور حرك ذيله محاولا التخلص
من كرة الاسلاك
قطرات من دمه على الارض اختلطت بذهب الغروب
وفي اجواء مماثلة نوعا ما يمتزج فيها الواقع بالغرابة يخلق من بعض يوميات القتل والموت في بعض عالمنا حالة انسانية ينتقل فيها الواقعي الى ما هو فوق الواقعي وتضيع الاحلام الكبيرة بين حطام او ركام احيانا... وتستمر الحياة.
ففي "سيارة تاريخية" يقول :
هيكل سيارة في العراء كسقيفة في صحراء
ضوء القمر يسقط على لوحة المفاتيح
السيارة تنطلق
الرجال الملثمون الثلاثة اختفوا في الموعد
لم يستطيعوا تغيير العالم
الرجل الجالس في الخلف لم تخترقه الرصاصات
الريح في الخارج مازالت ريحا في الخارج

وفي مجالات اخرى تتحول هذه الغرابة فلا تعود تثير الشك والاتهام.. بل تصبح اقرب الى عالم احلام طفولية ناعمة. من ذلك قصيدة "سرير الاحلام" حيث يقول :
الاحلام الوردية في سرير الرجل النائم
لم تظهر في مراة الغرفة المغلفة
بورق الجدران
كانت النجوم في الورق ترسل بضوئها في المراة
قنينة الغاز كانت ترسل بضوئها في المراة
قنينة الغاز كانت ترسل بضبابها
الرجل لم يعد يتنفس
والاحلام نزلت من السرير الى الارض
وفتحت النوافذ ونظفت الغرفة
ووضعت وردة في فوهة قنينة الغاز
وانسلت بعيدا يدا بيد مع الرجل
النائم في السرير
والنجوم ما زالت تسطع في ورق الجدران.

كتاب صيني من 2500 عام يثني على حرب العصابات

مع سريان وقف اطلاق النار بين اسرائيل وجماعة حزب الله يوم الاثنين واعتبار مراقبين أن شهرا من الحرب لم يكسر شوكة الجماعة اللبنانية يعطي كتاب ألفه مفكر صيني قبل 2500 عام تفسيرا لكيفية انتصار مجموعات صغيرة على جيش نظامي ضخم في الحروب غير المتكافئة.

يرى سون تزي في كتابه "فن الحرب" أن القوات قليلة العدد التي تتخذ موقف الدفاع يجب أن تكون مدفونة في الارض حتى لا يراها العدو وأن اتخاذ مثل هذا الموقف في حالة عدم تكافؤ القوى لا يعني السلبية وانما خلق الظروف المناسبة لاستنزاف الجيش المهاجم.. فالبراعة هي الجمع بين صد الهجمات وشن الهجوم المباغت.

وصدرت ترجمة النص الاصلي لكتاب "فن الحرب" الذي كتبه سون تزي باللغة الصينية الكلاسيكية مع شروح وتفسيرات معاصرة بالصينية الحديثة.

وترجم هشام موسى المالكي الاستاذ في كلية الالسن بجامعة عين شمس المجلد الاول للكتاب وصدر عن المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة في 406 صفحات كبيرة القطع.

وقال المترجم في المقدمة إن الكتاب الذي ألفه تزي حوالي عام 500 قبل الميلاد حظي بشهرة عالمية في كل العصور وترجم الى كثير من اللغات حتى أطلق على مؤلفه تزي لقب "رسول المحاربين" وقال عنه اليابانيون "ان تأثير سون تزي على الفكر العسكري وبناء الجيش الياباني قد تجاوز اسهامات الشخصية العظيمة في تاريخ اليابان قديما وحديثا.
أما نابليون (بونابرت) فقد كان لا يكف عن قراءة كتاب فن الحرب حتى في غمار المعارك."كما أشار المالكي الى أن الرئيس الامريكي روزفلت كان دائم الاطلاع على هذا الكتاب مرجحا أن عدد مرات قراءته له قارب المئة لكنه لم يحدد هل المقصود هو تيودور روزفلت (1858 - 1919) الذي حكم الولايات لمدة ثماني سنوات ابتداء من عام 1901 أم فرانكلين روزفلت (1882 - 1945) الذي انتخب ثلاث مرات متوالية ابتداء من عام 1932.

وكان المفكر المصري البارز أنور عبد الملك أشار الى أهمية قراءة هذا الكتاب الان في مقال عنوانه (بداية التاريخ.. من السويس الى قانا) بمناسبة تزامن مرور نصف قرن على تأميم قناة السويس مع قصف اسرائيل لقرية قانا اللبنانية يوم 30 يوليو/تموز الماضي في هجوم أسفر عن مقتل أكثر من 60 مدنيا منهم 37 طفلا.

كما أشار عبد الملك الى قول تزي الذي وصفه بأستاذ أساتذة الفكر الاستراتيجي العالمي ان الحصول على مئة نصر في مئة معركة ليس ذروة البراعة وان استراتيجية الهجوم تتلخص في أن "اخضاع العدو دون قتال هو ذروة البراعة... اذن فما يمثل الاهمية الاولى في الحرب انما هو الهجوم على استراتيجية العدو."

ويعيد كتاب "فن الحرب" الاعتبار الى أهمية حرب العصابات بالنسبة للجماعات الصغيرة التي تقاوم على أرضها جيشا نظاميا كبيرا. ويقول تزي إن "الجيش الذي يتخذ موقف الدفاع يجب أن يكون أشبه بمن يدفن نفسه في قرار الأرض حتى لا يمكن العدو من التعرف على حركاته" في إشارة إلى أن اتخاذ مثل هذا الموقف في حالة عدم التكافؤ "لا يعني السلبية فالدفاع يتضمن عاملين إيجابيين إذا ما قورن بالهجوم."

والعاملان هما استغلال الطبيعة الجغرافية واتباع أساليب الغموض والتخفي والخداع والتمويه لإرباك العدو مع "الانتباه إلى جعل الغرض الأساس من الدفاع هو خلق الظروف التي تمكنك من شن الهجوم. إن الدفاع ليس تحركا عسكريا بمعنى أن تمد درعك لصد هجمات العدو فقط ولكنه يعني البراعة في الجمع بين صد هجمات العدو وشن الهجوم عليه."

ويعطي أمثلة للتمويه وغواية الآخر قائلا "عندما تريد غواية عدوك عليك أن تستغل دائما نفسيته التي تتمثل في سعيه الدائم للوصول إلى المصلحة فتقدم له صيدا ثمينا يغريه بابتلاع طعمك والدخول في الشباك التي نصبتها له وحينئذ تنقض عليه وتفترسه... إذا كان يطمع في احتلال موقع استراتيجي تابع لك يمكنك أن توهمه بأن هناك فرصة يمكنه اقتناصها مما يؤدي به إلى أن يتصرف بطيش ويرتكب خطيئة لا تغتفر وهكذا تصبح أمامك فرصة تجعلك تودي به إلى الهلاك مهما كانت قوته... مجمل القول أنه يجب عليك أن تجبر العدو على أن يظهر لك قوته حتى تستطيع أن تستغلها لصالحك."

وينصح المؤلف بتجنب المواجهة المباشرة مع عدو يتمتع بقوة قتالية كبيرة. ويقول المؤلف إن الحرب الممكنة في مثل هذه الحالة هي "تحقيق ضربة قوية تفوز بها على العدو.. أما غير ذلك من الأمور عليك تجنبه وعليك أن تتذكر دائما أن الجيش الضعيف إذا أصر جنوده على القتال ضد جيش العدو القوي دون الالتفات إلى الحفاظ على قوتهم وحياتهم فمن السهل أن يتحولوا إلى أسرى في قبضة العدو.

"الانسحاب من أمام عدو متفوق في القوة ليس فقط حماية لقوتك من الخطر وإنما هو أيضا محاولة لغواية العدو بالتورط حتى يصنع لك فرصة تستغلها لمواجهته. وفي بعض الأحيان يكون الانسحاب بغرض تحفيز العدو على تعقبنا حتى نتمكن من إخراجه من تحصيناته وتحين الفرصة للانقضاض عليه."

ليست هناك تعليقات: