السبت، فبراير 23، 2008

ودمع لايكفكف يا دمشق


إحسان طالب

2008 / 2 / 18

من دمع عيني
من دمع عينك يا بردى
من دموع كل العاشقين
ابيضت عين قاسيون
محا الدمع لون ترابها
تكللت غيمات الشتاء بالسواد
واحتل الرماد فضاء المزن

*****
ضجيج مفرقعات ترهب قلب العاشق
شهب وشرر ينذر الشمعة بوميض الاحتضار
زعيق وعواء يكسر وجه القمر
ترقص الحيّات السامة على وقع الموسيقى
تُقلق ملائكة الموت
تتهيأ الثكلى للنواح
ثمة أشياء قبيحة
ترتدي أقنعة الاحتفال
الخراب على الأبواب
ومدحت باشا في قبره تنهش رأسه المعاول
سنة تفوت و أحياء كثيرة منكِ ستموت
****
امتزج الألم بالقهر
وأحكمت قبضة اليأس على عنق الأمل
تابوت جميل مزخرف
تكسوه عباءة حريرية حمراء
مشيعون كثر
ابتسامات صفراء تعلو رؤوسهم
مبتهجون أياديهم الطويلة القوية
تقتلع الحجارة تعتصر القلوب
و المدينة النائمة أغرقها دمع العاشقين
ينأى إلى سمعها صوت احتفال و طبل وزمر
تسأل شوقي ونزار و الجواهري
يحتفلون بموتي ؟
بعد ما عز على الغزاة قتلي !
تحت راية الخنق و الكبت و الحقد
الموت و الحياة سيان

الأجوبة الكلانية و الحلول الشمولية معوقات للتفكير الايجابي


إحسان طالب

2008 / 2 / 13

شاعت مقولة سلبية سيطرت بصورة غامضة على أجواء التفكير العربي وألزمته الجمود وحدت من توقه نحو الايجابية و إنتاج الإبداع (( ما ترك الأول للأخر شيئا ))هكذا سد أفق البحث وأغلقت أبواب الاجتهاد وصار منتهى الإبداع هو الإتباع و التقليد .
إن أول محفزات التفكير الايجابي الخلاق هي الرغبة الداخلية في الخلق و الإبداع و الإتيان بجديد ولا تتولد تلك الرغبة إلا من خلال الثقة الذاتية بالنفس و الإقرار بوجود أمر يحتاج لحل أو قضية مازالت عالقة لم يقدم لها الآخرون القدر الكافي واللازم من الطرح والمعالجة. بالمستوى الشخصي و المجتمعي على حد سواء .
عندما نقول بأن الأولين سبقونا في كل شيء وما ترك السلف للخلف شيئا،يرتد ذلك سلبا وقيدا يثقل التفكير ويقعده عن البحث والتطلع المبدع الخلاق ،ولا يفهم من معارضتنا لتلك المقولة الشائعة الضرب عرض الحائط بالمنتج الموروث و الإعراض عنه بل هي دعوة للاستفادة منه و الاتكاء عليه و الانطلاق نحو آفاق التجديد و الابتداع .فالثقة المطلقة بالأسلاف تبعث على زيادة الثقة بالنفس وهي أولى عوامل التفكير الإيجابي إلا أنها تتحول إلى عامل مرضي معيق و مكبل حالما تتجاوز الفخر و الاعتزاز إلى القناعة و التصديق بوصول السلف لكل الحلول و الأطروحات المناسبة للحاضر و الماضي و المستجد مستقبلا .والخوف الأساس هنا هو تحول القناعة بالمطلق بالماضي إلى وهم كبير يغلف التفكير ويحرفه نحو الاستكانة والخنوع بدعوى اللاجدوى المنبثقة من التعظيم والإجلال اللامتناهي بالمبحوث والمدروس في مضارب الأقدمين والسالفين .
الوهم بامتلاك الحقيقة المطلقة و العلم الكامل والمعرفة الكلانية هو العدو الأولي للتفكير الايجابي و الإبداع ، حيث ينزلق حامل ذلك الوهم نحو الإحباط والاكتئاب بسبب التناقض بين القناعة الداخلية بمشروعية وصوابي وكمال ما نقله الأسلاف وبين الحاضر المثقل بأزمات وإشكالات فردية شخصية ومجتمعية ووطنية لا تساعد الأفكار المعلبة على تجاوزها و النهوض من براثنها ، فيغرق الوجدان بالتشاؤم و العجز اللذان هما أهم معوقات التفكير الإيجابي .
وعلى العكس تماما يشكل النزوع الفعال لإشغال الفكر وتحريضه وتحفيزه للتوق نحو التفاؤل والثقة بالقدرة على الإضافة والتجديد حافزا عقلانيا ونفسيا نحو الاستفادة من المهارات و الإمكانات الفردية و المجتمعية المتاحة .
الآلية التي تعمل بها الشمولية :
أسس الغربيون علوما واستحدثوا معارف مبتكرة ومتجددة انطلاقا من أمرين الأول الحاجة والرغبة في الابتكار و التجديد و الثاني الثقة والقناعة بالقدرة على ذلك ،ومن تلك العلوم علم التفاؤل : Learned Optimismويعد الدكتور مارتن سيليجمان : Martin Seligman من جامعة بنسلفانيا الأمريكية رائد من رواد علم النفس الايجابي ،يتحدث في كتابه التفاؤل المكتسب : Learned Optimism: How to Change Your Mind and Your Life (Paperback)
(ثلاثة أنماط من القناعات التي تجعلنا نشعر بالعجز وقد تدمر جانبا من جوانب حياتنا وهو يسمي هذه الأنماط الثلاثة :ـ 1ـ الديمومة
ـ 2 ـ الشمول
ـ 3 ـ السمات الشخصية ) "1 "
كذلك نورمان فينست بيل ألف عدة كتب :التفكير الإيجابي
النتائج المذهلة للتفكير الإيجابي
كن نشطا طول حياتك
توني هامفير :قوة التفكير السلبي
هارلود شيرمان : التفكير الإيجابي الخلاق
إذا قدمنا تلك مراجع الهامة في موضوعنا يأتي الرد الكلاني الشمولي فيقول ليس هناك جديد لقد جاء في الأثر :تفاءلوا بالخير تجدوه
ولقد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن الطيرة ( التشاؤم )
وكفى الله المؤمنين شر القتال . هكذا بكل بساطة تختزل علوم و معارف بنص مجتزئ و نقل محدود ، طريقة التفكير تلك عائدة للوهم بامتلاك العلوم و الحقائق على وجه كامل لا تفتح أفقا للبحث و المعرفة بل تشكل عاملا قويا للتثبيط و الإحباط للتفكير الايجابي في مستوياته الذاتية و الاجتماعية . أما عندما نأخذ تلك النصوص و النقول كمضيئات بل ومحفزات للبحث و التجديد نضع أنفسنا على الطريق الصحيح
هامش :انتوني روبنز:قوة الإبتكار و الإبداع وقوة التدم

العقل العربي و أغلال الفكر الأصولي



إحسان طالب

2008 / 1 / 30

تسيطر الثقافة الأصولية في فضاء الفكر العربي على مجمل مناحي الإبداع و الخلق الأدبي و المعرفي ،و تحتل كتب المرجعيات الدينية قائمة المنشورات و المطبوعات المتداولة في معارض الكتب المفترض أنها بوابة للتعرف على ما جد من نتاج العقل الإنساني.
يختزن العقل العربي كما هائلا متراكما من المنقولات المرجعية تحاصر نزوعه نحو الخلق و الابتكار ، وتثقل كاهله بضوابط صارمة لا تسمح بمرور منتج يخل بتوازناتها و سيطرتها .فقبل الشروع في عملية الخلق يتبادر إلى الذهن فوبيا الوقوع في المحرم ،خاصة و أن التابوهات تمتزج بكل جزيئات الحركة الذهنية وردود الأفعال الوجدانية.
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يميل إلى التواصل و الاختلاط و الانسجام داخل مجموعة يشترك معها بكثير أو قليل من الاهتمامات و الصفات و الأفكار، و يفضل البعض العزلة و الإنفراد وهي حالة استثنائية تعود في أغلب الحالات لظروف اجتماعية أو مرضية و أحيانا إبداعية ، إلا أن الوضع الأخير لا يستمر ويرغب المبدع في إيصال ما أنتجه للعالم و إلا غص داخله و خنقه. ترتبط أحكامنا و مواقفنا إلى حد بعيد بخلفيتنا الفكرية وكثير ما نستعرض الصفحة الأولى أو مقدمة الموضوع ولا ندخله ،نرتكب خطأ جسيما بالحكم على النص من خلال مقدمته ، وليس بالضرورة أن يكون المكتوب ظاهر من عنوانه ،هذه القاعدة الشهيرة و السائدة سطحية وخادعة .تلك هي أولى أخطاء النظرة الشمولية العمومية للنقد و النقاش انطلاقا من أيديولوجية دنيوية أو غيبية مغلقة .
الحوار و إبداء الرأي وسماع وجهة نظر الآخرين أهم عوامل النضج و التفتح نحو عوامل جديدة و قيم حقيقية تقرب البشر و تستقطبهم حولها .يتفق الكثيرون مع الظن بأن أبرز عيوب المثقف العربي حساسيته من الرأي المخالف و خشيته من النقد و لذلك مبررات أخلاقية و ثقافية تربوية . فالثقافة العربية ثقافة نص و سماع ، تدور حولهما النشاطات و الإنتاجيات العقلية و الاجتماعية،و يقترن الكتاب بصورة إلزامية في مخيلتنا بالموروث وما يحمله من إبداعات و جماليات و انجاز حضاري و إنساني خلاق .وما يحمله أيضا من تراكمات مقيدة للنهوض المبدع .
لقد تطورت النظرة للتراث في العقود الأخيرة الماضية و بات التراث بمجمله موصوفا بالفكر الديني و أخذ تدريجا يبعد التجديد و التنوير و يقتصر على كتب التعليم و التقليد المذهبي ،حتى كادت الكتب التراثية الجمالية تغيب عن محافل الثقافة و تجمعاتها لتحل محلها كتب تحمل ثقافة أصولية متزمتة تعيد استنساخ مقولات ونظريات عكف العلماء دهرا لتجاوزها و تغليف آثارها السلبية. ومثال ذلك كتب التعصب المذهبي و العقائدي الرائجة من جديد .
و تدور الحوارات و السجالات الفكرية و الثقافية في عمومها في عالمنا العربي حول نص مجتزأ أو فكرة مركزية بطريقة حلزونية و مهما حاولت الدراسات التنويرية الابتعاد تبقى مرتبطة بالمركز لا تملك منه فكاكا ،تجد نفسها مرغمة على دعم نتائج بحثها الفكري بالمدلولات الشرعية تقتنص قولا منها و اجتهادا من هناك و تفسير معزولا لآية أو حديث أو قول تكون النتيجة إبداعا محدود الإطار قاصرا عن استيعاب التغير و التطور قابلا للدحض و التدمير . حتى تلك الدراسات التي كانت بمنأى عن الارتباط الحيوي بالمنقول النصي و ما جاوره كالأبحاث العلمية و الاجتماعية باتت ملزمة بارتداء جبة المراجع و المشايخ لتحظى بالرضا و القبول و الانتشار.ومن ثمة تسبب البعد عن المنهج العلمي و الافتراق عن المسيرة الحضارية العالمية بغربة ترتد إقصاء و عداء ًورغبة شديدة لدى الجمهور في الحفاظ على الهوية المهددة لأسباب علمية بحتة في المقام الأول و نفسية في المقام الثاني .
وتتضامن مخاوف ثلاثة في معمل الإبداع العربي تحاصره و تثقله بقيود تمنعه من التحليق .أولها المخاوف الأمنية المرعبة ذات السيف المسلط فوق رقبته ، وثانيها سيطرة السائد و التقليدي على الأجواء العامة في ذلك الأفق المفترض أنه لا يخضع لاعتبارات الالتزام الديني و المذهبي , وثالثها الكرت الأحمر المتوفر بكثرة في جيوب المشتغلين في الشأن الفكري و الثقافي ، ففي أي خلاف أو تباين في الآراء أو وجهات النظر يلقى في وجه الباحث و الدارس نصوص دينية قطعية لا تحتمل النقاش أو الجدال تنذر الثبور و عظيم الأمور . لقد امتلك المسلمون الأوائل الصدق و الشجاعة و الجرأة ووقفوا في مواجهة النصوص وفهموها كما يريدون و كما تمليه مصالحهم و مصالح رعاياهم . تستلب حالة التخلف و العجز و الضعف المثقف العربي فتثقله بقيود داخلية و أصفاد مجتمعية و أغلال موروثة تحارب النهوض و إبداع و التجديد .يتحمل المثقف مسؤولية مزدوجة بشقين الأول ذاتي تلزمه العمل و البحث المستمر عن الحق و الحقيقة والصواب و ثانيهما مجتمعية تجبره على إرشاد الناس إلى مكامن العجز و أسباب وحقيقة التلف و التقهقر الجمعية المقترنة بدينامية الحراك الفكري العربي الراهن .

المرأة ليست فرجا ً فقط !


إحسان طالب

2008 / 1 / 26

ُغشاء البكارة هو الحصن الأعظم الذي تدور حوله معارك الشرف الجنسي وتسقط على عتباته آلاف النساء صرعى ،جثث تسيل منها الدماء تغسل العار ، تثبت زعامة الرجل المسلح بالقانون و الشرع و التقاليد و العادات ،حصن ولا كل الحصون تعتمد على بقاءه صامدا حياة النساء في المجتمعات المحافظة و المتلطية تحت ركام من التهيج الجنسي المختلط بقناعات غيبية تتماهى فيه حدود الإنسان مع لا نهائية المطلق يحتل الفرد الرجل مكان الوصي الأخير على تنفيذ توجهات و تعاليم فوقية لا تراجع أو تناقش .
تبدأ الحكاية من الصغر مع الألف و الياء الذكر بركة وقوامة و حارس والأنثى وعاء رقيق وغشاء سطحي يخدشه النظر أو الكلمة ، المرأة مجلبة للعار ما لم تحتجب خلف الأستار و الأبواب ،رهينة بانتظار طالب اليد الخارج من أتون الشحن والضغط تسكن رأسه رؤية قطعة قماش ندية حمراء بللتها قطرات من الدم الطاهر ،يدك الرجل حصن البكارة ويهدمه و لا أدل على رجولته و بطولته و ذكوريته من فض لبكارة ينبغي على الأنثى الحفاظ علية مختوما من الولادة إلى الزواج .
يفشل الرجل في تحطيم السور العظيم ،يحاول ثانية و قد أثقله الخوف من العار عار الفشل والرسوب في امتحان الذكورة ،كيف يواجه الأهل و الأصدقاء وقد سقط في امتحان إثبات الذات و حتى تحقيق الوجود ؟ الحل يخرج ملونا بهلوسة نفسية تسعر نارها غيرة دينية وتوقد نارها تجارب و عادات راسخة نهضت من فوقها قيم و مبادئ مجتمعية يستحيل تجاوزها أو القفز فوقها ،تساور الذكر التبريرات و الحلول السريعة الجامعة المانعة ،هو رجل كامل الرجولة، ذكر بكل ما تمليه الكلمة من معاني ، لقد تأكد من أمر في غاية الخطورة الحصن مدكوك و الغشاء مفضوض من قبل أن يطأه ،الأمور باتت شديدة الوضوح ملتهبة تلك النار التي لا تعرف سبب اشتعالها ،الدم الذي سال بالحرام لا يغسله و لا يطهره إلا الدم
يستل السيف ويرفعه عاليا تتداخل في شرايينه كريات الدم بعقد الرجولة وتعاليم القبيلة ،يغلي دماغه فلا يطفئ النار و العار إلا الدم ينهال فوق جسد المرأة يقطعه ويخرج مرفوع الرأس مشهرا علامة رجولته منشيا بنصر مؤزر ،لقد دك الحصن و أسال الدماء
يحميه القانون و العرف و التقاليد الجاهلية ،تأخذ الجثة ينظرها الطبيب يفتش عن الحصن الغشاء بدون عناء الحصن مازال صامدا و الغشاء مازال مسمطا
عجز الرجل وخيبته ،هيجان الشرف و هوان المرأة ، تنهي الحكاية بجثة جديدة لامرأة لا يحزن موتها أحد .
تتكرر المأساة وبذات التفاصيل مع الأخ و الأب ،و المجتمع الآثم ينظر و يبرر،و القضاء المريض المصاب بفيروس المراجع يجرم الضحية و يبرئ المجرم .
إحسان طالب : كاتب سوري.
هامش :
من وحي قصص حقيقة جرت في بلداننا العربية وتناقلتها و كالات الأنباء

العيد الحزين


إحسان طالب

2008 / 1 / 24

كل عام و أنت حزين
كل عيدٍ و أنت مبتور
أجمع أشياءه الصغيرة َ
أشم ملابسه القديمة َ
أقلب دفتر الصورْ
هذه خطوته ُ الأولى
أذكرها كما اللحظة ُ
هذه ضحكته الأولى
أسمعها كما أسمع نفسي
أقلامه أوراقه رسومه
تحتل جدران روحي
بكاؤه يعزف على نبض قلبي
؟
سأقف إلى جانبك عندما أكبر
سأدير أعمالك لتسعد
سأكون ساعدك الأيمن
قطعوا ساعدي الأيمن
أسالوا أنهار الدمع في شرياني
أسقطوا القمر من قبة السماء
و حجبوا الشمس بظل البغضاء
!
انتظرت أربعة و عشرين
لم أفكر يوما أن يقدم لي شيئا
إلا الحب
لم أشاء أن أكسب منه عونا
إلا القرب
يكبر الحب مع الحزن
ويزداد الأسى مع البعد
.
العيد مناسبة للفرح
ليس لكل الناس
العيد يقول لي أنت
ممنوع من الفرح
و أنا لا أريد أن أفرح
:
لا أستطيع أن أفرح
يسعدني حزني
و تحييني الذكرى
هذا أول امتياز له
و هذا أخر قميص لبسه
،
لوحة جدارية ٌ
تحتل المكان
يقف عند حوافها الزمان
تختزل العمر و الذكريات
تأكل فتات الليل و النهار
تتسرب بين شقوق الجدران
تستعير خيوط الليل
تقطف حزمة من أحزان و أسى
ترسم اللوحة
و تعيد التشكيل
ألوان لا تجف
تسقيها الدموع
يحضنها الفقد

حورية على ضفاف الحب


إحسان طالب

2008 / 1 / 18


جنة على تراب الأرض
ناقصة
وفي السماء جنات
مؤجلة
حورية على ضفاف الحب
تغتسل
لا تنتمي إلى عدن و فردوس
تحاور الشمس لحظ النور تسكبه :
هل ما بيننا نسب ؟
أنت الحياة
سرمد العمر أعصره
و أنا النبات
عصر الحب أنشره
يختزن الكرم شعاع الضوء في ألق ٍ
و أسقي َظمَاءة الصًّب
كما المُعْصِرَات تروي
عفرة الجدب
في كل صبح يشرق وجه
ناظرك
وقد أشرق النور في جفني
مُغْمِضَة
أنت وحدك.. في العلياء
مستوية
و الكل حولك في فلك
تابعون
وأنا هنا معززة
بين الغفير
على عرش الرضا
مكرمة
الكل حولي مغرمون
إلى رحيق العمر
ناظرون
حاضنة الكون بالدفء
مشرقة
وحاضنة الحب لِلظى الرمضاء
ماء
أجود بليل لا حدود له
أزور الحالمين
أنثر الغبطة في صاوي الفؤاد
أهز أركان السرير
فأكون للفجر شمسه
وتكونين شاهدة
لحظ النور
يشرق في القلوب

حوريات المؤذن


إحسان طالب

2008 / 1 / 13


أطل الليل الطويل بوجه عابس
لا تعترض
في كل مرة يخرج لسانه في وجهي
ابتسامة صفراء
تهمس في أذني حاول أن تنام
أحتال عليه
يتجاهلني سنة أو اثنتين
يهزني لن تنام
الخبز و الماء و فواتير الكهرباء
أخبار الدماء وصولات الدخلاء
كيف لك أن تنام
أسامر الليل و النجوم آذان
و أنتظر الفجر و الساعات أزمان
أخاطب روحي و الجدران خلان
أفكر بحلم جميل
أتوق لفرح يسير
أسافر في دهاليز الخيال (1)
وأبني قصصا ً
لأطفال وأبطال
أفكر بنصر الأمهات
على قلة الدقيق
وضيق الثوب وغش الحليب

******

أقول له سأهزمك بواحدة
سأهرب منك إلى السماوات
التي لا تنتهي
وأعد النجوم التي لا تعد
لن أعد الخراف
إنها تقلقني بإدام (2)
ووجبات دسمة
لا يعرف رائحتها أبناء حيي
وذلك الشيطان اللعين
تحالف معك
فلا تطرده آيات ولا أذكار
أرجوك دعني أنام
أنهكتني
الشمس الحارقة بانتظاري غدا ً
والحذاء الرخيص
يأكل فتات قدمي
دعني أرتاح قليلا ً
يخرج لسانه اللئيم
لن تنام قبل الفجر
أتأمل الفجر الجميل
وأتكئ على وعد كليل

*******

مؤذن الحي ينام قبل الغروب
يحلم بحوريات وجنات
توقظه إحداهن قبل الفجر بساعات
اللؤلؤ المكنون (3)
يضيء ليل المفتون
يقلب البصر
يصعد درجات الصوت
يحتار ماذا يقول
وكيف ينهي مديحا ً جانبه القبول

قلت لك لن تنام
آخر كلمة سمعتها من الليل
وأذكرها وأنا أقابل
وجه الحذاء القبيح !


1 ـ الدهليز بالكسر ما بين الباب والدار فارسي معرب :مختار الصحاح للرازي
2ـ الإدام ما يؤتدم به تقول منه أدم الخبز بالحم من باب ضرب : مختار الصحاح للرازي
3ـ من قولة تعالى : ( و حور عين كأمثال اللؤلوء المكنون ) الواقعة 22

الإشكالية الديمقراطية بين الأغلبية السياسية و الإثنية 12


إحسان طالب

2008 / 1 / 8

النظرية الشائعة التي غدت مسلمة لدى ثلة من المراقبين م المحللين و القائلة بأن أية انتخابات حرة و نزيهة في الدول العربية سوف تؤل إلى اكتساح التيار الإسلامي لغالبية المقاعد النيابية و تاليا السيطرة على الحقائب الوزارية و مراكز صنع القرار في الدولة ، بحاجة إلى مراجعة و نقد .بالوقائع تفصح الانتخابات التشريعية المغربية الحاصلة في 7ايلول007 عن خيبة التوقعات باكتساح حزب العدالة و التنمية المغربي للمقاعد المتاحة حيث قدم الحزب 94 لائحة فاز من خلالها
ب46 مقعدا من أصل 295 بزيادة طفيفة بلغت أربعة مقاعد عن الانتخابات السابقة . أيضا في الانتخابات التشريعية الأردنية الأخيرة 20-11-007 و خلافا للمتوقع حصل تراجع واضح لحظوظ الإخوان المسلمين بنيلهم لستة مقاعد فقط من أصل 22 مرشحا . بالأخذ بعين الاعتبار مسألة الشفافية و النزاهة يمكننا اعتبار الحراك الديمقراطي المشار إلية مقبول نسبيا بالنظر إلى جود 50 مراقبا أجنبيا متابعا للانتخابات في المغرب وبالركون إلى مراقبة منظمات المجتمع المدني للعملية الانتخابية في الأردن و استنادا لتقارير صحفية اقر خلالها 54%من الأردنيين بنزاهة الانتخابات بينما تنوعت مواقف الباقيين بين عدم النزاهة و عدم القدرة على تحديد موقف .اللعبة الديمقراطية تلك جرت في ظل نظام انتخابي يتبنى القائمة النسبية التي تفرض التصويت على سلة من اللوائح المتنافسة على المقاعد المتاحة في دائرة انتخابية كبيرة مما يعني منع أي حزب أو تجمع أو حتى تيار من السيطرة على الأغلبية الكبيرة داخل المجلس النيابي . نحن هنا أمام حالة موضوعية تحجز و تحاصر طغيان الأغلبية الإثنية قبالة الأقليات المتعددة المتواجدة على الساحة الوطنية و تسمح بممارسة العملية الديمقراطية بطريقة آمنة .
عناصر الصورة على المسرح الديمقراطي العربي لا تكتمل بدون استيعاب الحالات الأخرى المتممة للمشهد السياسي الراهن ، فالتطبيقات العملية للتجربة الديمقراطية في فلسطين و العراق أعادت الثقة لمقولة سائدة في أوساط العلمانيين أن الخوف من التيار الإسلامي و الأغلبية الإثنية ليس وهما .
التجربة الإيرانية الرائدة أفرزت صيغا من التعصب الطائفي آثار شكوكا بمصداقية الحل الديمقراطي للمسألة الوطنية فالنموذج الإيراني الحالي لا يقبل بمعارضة من خارج الطبيعة الأصولية الحاكمة و لم يتردد الرئيس المنتخب أحمدي نجاد من وصف معارضيه بالغباء ة الجهل و الخيانة و كان صادقا مع نفسه و لعله حسن النية أيضا فالصواب ضمن الفهم الأصولي الديني له وجه واحدة و الحق مطلق و ليس نسبيا . تلك الصورة المثالية حسب رؤية البعض انعكست نتائج سلبية على ميادين و إرادات عربية رغبت بالاستفادة من تلك التجربة و تطبيقاتها العملية . ففي العراق لا تجد الأغلبية البرلمانية عيبا في سيطرتها على محصلة نتائج العمل البرلماني طالما أنها تحظى بأكثرية المقاعد التشريعية و لا ترى إشكالاً في توجيه مسيرة النشاط الحكومي لتصب في مصلحة أكثرية الهيئة الانتخابية التي تمثلها ، في مثل ذلك المنطق المحق ظاهريا تضيع حقوق الأقلية النيابية حتى و لو كان الفارق المرجح لطرف على الأخر 1% . الأقلية النيابية العراقية لم تجد حلا للتعبير عن عدم القدرة على التغير سوى التهديد بالانسحاب من الحكومة و البرلمان و لولا الضغوط الخارجية لانفردت الأكثرية بالبرلمان و الحكم و وضعت الأمور على حافة الانفجار .
الحالة العراقية تماهت مع التجربة الإيرانية من جهة التقارب المرجعي الأيديولوجي للسياسيين في البلدين فسمحت للأكثرية المذهبية بتبني حقوق الأغلبية السياسية ـ المتفق عليها في أنظمة الحكم العالمية الحديثة ـ إلا أنها أغفلت كون الاصطفاف و التقسيمات التي على أساسها تجسدت التوازنات البرلمانية انبثقت من ولاءات مذهبية و طائفية آخذة ًبعين الاعتبار في المقام الأول أملاءات المرجعية الأصولية الدينية ، فمنطق اللغة الجامعة للأكثرية هنا هو التموضع خلف مصالح و طموحات فئات ترى المصلحة الوطنية متحققة جراء تلبية مطالب و رغبات الأكثرية العددية بصرف النظر في كثير من الأوقات عن حاجات و توجهات الأقليات المكونة لباقي عناصر الطيف الوطني ، و في ظل هذا الوضع يتوه جوهر الفكر الديمقراطي و يكرس واقع جديد يصعب تغيره أو تبديله .و يطفو على السطح هنا مصطلح دكتاتورية الأكثرية أو استبداد الغالبية ، و لا يبتعد مدلول المصطلح كثيرا عن الصواب ,ففي بلد كالعراق أو سوريا لا تتغير الكتل العددية المحصاة طبقا لتنوع مذهبي أو ديني أو عرقي , فالغالبية الشيعية في العراق كانت سائدة لعقود طويلة و هي مرشحة للاستمرار لزمن مديد و لا يمكن لعلماء الديموغرافيا تحديد نهايته ، و في سوريا الإحصاء العرقي يؤكد على التفوق العددي للعرب على الكورد لأزمان قادمة يستمر خلالها التباين النسبي لمكونات الشعب السوري ولا توجد في التاريخ المنظور مؤشرات على تحول الواقع القائم أو تبدله .
صحيح أن اللعبة الديمقراطية تقوم ببساطة على أساس عددي تنال خلاله الأكثرية العددية ميزات القيادة و الحكم و تقف الأقلية العددية في موقع المعارضة إلا أن هذا الوضع غير ثابت و قابل للتغير ، فالشرط الديمقراطي يفرض و جود الفرصة الكاملة لتبادل المراكز بين الأقلية و الأكثرية . فالأغلبية المطلقة في المجلس النيابي مؤهلة و جاهزة للتغير في دورات انتخابية قادمة تتحول المعارضة إلى موالاة و تصير هي صاحبة الامتياز ، يحدث ذلك بسلاسة في مجتمعات مدنية حديثة ، يتبلور التمحور و التجاذب داخلها وفقا لمنظومات سياسية تذوب داخلها و تتراجع الهويات المذهبية و العرقية و يكون البرنامج السياسي و البيان الانتخابي مركز الاهتمام و الالتقاط .
ثبات الواقع الجيوسياسي الناجم عن الحالة الديموغرافية أمر يدعو للقلق ، فشرط تبادل المراكز في اللعبة الديمقراطية الذي يتيح انتقال الأكثرية من جهة لأخرى غير ممكن في ظل توجه أصوات الناخبين بشكل أوتوماتيكي نحو المرشحين الممثلين للهويات العرقية و الإثنية بدون التفنيد و التدقيق في البرامج السياسية ، و يشغل البحث عن الانتماء المذهبي و العرقي المبدأ الرئيس الذي يعطي على أساسه الناخب صوته . الحالة السسيولوجية للمجتمعات العربية تؤكد التزام و تعلق الفرد بوحدات اجتماعية صغيرة تبدأ برب الأسرة ضمن العائلة الواحدة و تتوسع قليلا نحو العشيرة والقبيلة و عندما تأخذ شكلا أكثر مدنية تتحول إلى الطائفة فالمذهب فالدين والعرق ، هذه الحالة في الواقع ليس واحدة لدى الشعوب العربية و هناك تفاوت كبير يبدو جليا بين دولة و أخرى و ربما بين مدينة و أخرى
المؤسف أنة بعد عقود من الاستقلال الوطني نعود لمعالجة أبجديات التناقض بين الواقع العربي و النظام الديمقراطي ، و نسعى للبحث عن أشكال و أنظمة سياسية أقل ديمقراطية و أكثر توافقية نخبوية و لا اقصد بالنخبوية هنا الثقافية أو الفكرية و لا حتى العلمية بل الاجتماعية والطبقية و السياسية .
باستقراء نموذج آخر له خصوصية قد نتمكن من القرب أكثر نحو فك أو تحليل الإشكال الديمقراطي في ميدان السياسة العربي .