الخميس، أغسطس 28، 2008

لقاء حواري مفتوح مع أعضاء منتدى شروق الإعلامي الأدبي




الباحث والكاتب احسان طالب في مقهى التجلي ، ليس للفكر حدود !


عبدالله عطية الزهراني
مؤسس شروق


اغلب الحوارات للزملاء هنا كانت تحمل في مقدمتها سيرة ذاتية للضيف ، من (كيف بدأ )..حتى ماقبل ... و(كيف ينتهي) ؟ ، هنا ..لا !
سأقدم ضيف المقهى ومؤسس شروق الفاعل احسان طالب بطريقتي الخاصة ،
اشعر بإنه مشغول ، في المقابل هناك من يشتاق لبدء الحوار ...
حسنا ،
سأكون ثقيل دم كالعادة وسأقوم هذه المرة بفتح قناة الحوار قبل الحصول على الموافقة الكاملة من الضيف ، هذا اولا اما ثانيا فإنني سأكتب عن
احسان الذي عرفته ، وواثق من ان تقديمي له سيكون اكثر قربا وتقريبا من سيرته الذاتية المرتبة والمصفوفة جيدا .
احسان صديق للكل ،
هو بالنسبة لي بمثابة الاخ الاكبر ،
تعلمت منه الكثير ، ومازلت اتعلم وهو يرتقي .
احسان " شروق " عرفته في بداية الامر كباحث في الشأن الاسلامي ..، اتضح لي بعد ذلك انه اكثر من ذلك بكثير ..فهو قارئ عميق العلاقة بالمكتوب في كل الحقول
وانه صاحب حس صحفي شفاف ..وقنّاص.
أحسان يحب سوريا كثيرا وأمله واحد اهم احلامه هو ان يراها تتقدم على كافة الاصعدة ،
اعترف -انا - بأن عدد من الاعضاء من سوريا كانوا يناهضون في الخفاء توجّه احسان ، والحجة هو انه لايحب النظام او البلاد بقدر مايحبون هم .
والحقيقة التي برزت امامي هي ان احسان اصدق حبا واكثر قربا مما يسمى بالوطن ..المواطن منهم .
احسان لايكتب ليتجاوز ويقال عنه معارض ولايكتب لينحني ويقال عنه " مواطن صالح " بل يكتب يطريقة المكاشفة القائمة على الاعتدال.
لايحب الجدال ولا الحوار الذي لايثمر ولايتواجد ليعارك وليس له اعداء ..
هو يطرح فكره من خلال فكرته ، ويحاور حول ماوجد او طرح.


احسان صديقي ...اعتذر لك ..لقد فتحت الحوار ، عذرا ان استعجلت علما بأنني واثق من انه كان من الواجب علي ان اقول عذرا لأنني تأخرت .
ارحب بك ..وافتح باب شغفي بطرح السؤال ، والاعضاء يحيطون بك ويسألون ..

ايها الرفاق :
فلنشكل حول الضيف دائرة ولنسأل ...



عواطف عبداللطيف

الاستاذ الفاضل احسان

مقهى التجلي منور بوجودكم

من هو احسان طالب ؟

وماذا يتمنى

اي شئ يفرحك

اي شئ يؤلمك

لي عودة تليق بكم

تحياتي



عبدالله عطية الزهراني

الروح ،
" من امر ربي " ،
نفكر كثيرا في ماهية الروح ولانجد الى الجواب سبيلا ..،
وننتهي الى صورة واحدة ، " الا وهي انه لايمكن ان نجد اجابة لــ"..ماهي الروح ؟ ".
فماهي الروح يااحسان ..إقرأها لنا للملّي الأخير في طريق بحثك عن اجابة ، كأي انسان .

العقل ،
يعلّمنا الـــ صحّ ، ويركِبنا الخطأ !
صاحب العقل الذي يعرف الصواب ويسلك النقيض ، كيف نثق بعقله ؟

الفلسفة : رأس حكمة الحكيم ، ووجع رأس جهل الجاهل .
ولكلٍ منا فلسفته ، ونحن مابين جاهل يرتع في نعيم جهله وحكيم يتنزه في رياض حكمته ..
و بين بين ..
يااحسان :
فلسف لنا الفلسفة ..ولا تختصر !


عواطف عبداللطيف

يقول احسان طالب في تعدد الزوجات

التعدد يتعارض مع روح العدل و المساواة و التسامي بالأخلاق النبيلة.
إن قيم العدل و المساواة و الحرية و التراحم و الإنسانية هي التي جعلت الإسلام دينا ً رائعا ً, و القضاء على أي من هذه القيم يؤدي إلى تقويض الدين كله.
إن الدافع الرئيس في إشكالية تعدد الزوجات هو الشهوة الجنسية التي جاءت التعاليم الدينية لتهذيبها و تنظيمها. و هذه الرغبة الملحة في نكاح أعداد كبيرة من النساء يتعارض بشدة مع التعاليم التي توصي بحب الآخر و الزهد في الدنيا و التفرغ للصالح العام.



اين تجد حقوق المرأة في ازدياد هذه الضاهرة؟؟؟
14/4/2005



ناصر العزبي

الصديق العزيز إحسان

جميل هذا الحوار
لأننا نتعرف فيه على الأصدقاء من جميع الزوايا والاتجاهات
وأيضا على توجهاتها
والأجمل أننا نتعرف على بعدها الإنساني


أي في حوار التجلي نستقراء الشخصية التي نحبها

أهلا ب
ك إحســان طالب في هذا الحوار المفتوح



جهينة عدنان

من الاسماء التي لفتت انتباهي خاصة في الحوار حول القضايا الأدبية والإجتماعية والدينية

لبق وراقي جدا في الاتفاق او الاختلاف

اختلافه يقدمه باسلوب مهذب
قد لايتفق معك ولكن يطرح قناعاته المخالفة باسلوب حضاري

القضايا المطروحة
غالبا ما تجد صدى جميل بادارة الأستاذ إحسان المميزة للحوار
أسلوبه عادة مايمنح القضية ثراء وحساسية غنية حتى لو كان الطرح منقول
لباقته غالبا ما تمد من عمر النقاش الموضوعي ...

الأستاذ /إحسان طالب حياك الله .... سعداء بوجودك

وحقيقة اسئلة أخواني واخواتي فيها من الجمال والإثارة مايغري بالمزيد
أرحب بك ... ولي أسئلة تليق بهذا الحضور الدال الفاخر .




حسين الهلالي
احسان طالب المحترم
هو نهجك الذي اختطيته وسرت علية في كتاباتك انك لم تلتفت الى ألآخرين سواء رسميين اوغير رسميين اعداء او اصدقاء لذا اكسبك هذا صفة التوازن ووضوح الشخصية المثقفة
تحياتي لك


عادل الأمين
الاخ الحبيب احسان طالب
تحية طيبة
لدي سؤال محدد
ما الذى يجب ان يتغير فعلا في الشرق الاوسط في نظرك؟؟!!!



إحسان طالب
إشراف عام.

الصديق الوفي عبد الله
أحبتي في شروق
الوجود في ضيافتكم فرحة ومتعة للعقل و النفس
مرآة الأحبة تخرج اجمل وأحلى ما في النفس
سعيد من يلتف حوله الأصدقاء ينثرون علية الورود فيرد بعطر
بكل صدق الوقت يداهمني
إنني ممتن لضياقتكم و أريدها فرصة للتقارب و التعارف
فلتعذروني على التأخير
كل كلمة و كل حرف ينبع من حواركم محل تقدير و اعتزاز ، وسأقف أمام الجميع بمحبة واحترام

كلمة لشروق قبل البدء
لقد أفادتني شروق كما أفدتها ن وتعلمت فيها كما ساهمت في إغناءها
فتحت لي نوافذ وأبواب كان من العسير رؤيتها أو الوقوف عندها
حفزت لدي كوامن وزويا معتمة في خبايا ذاتي وفي مناسبات عدة أعادت لي الأمل بالاخرين
بكل تواضع في شروق مفكرون و بحاثة و كتاب يندر جمعهم في منبر ثقافي واحد
بكل تواضع كثير مما يعرض ويطرح في شروق مهم جدير بالدراسة و البحث




عبد الجواد خفاجى
السيد الأستاذ الكريم
إحسان طالب
لك التحية والتجلة
أرى أن تقديم الأستاذ : عبدالله عطية الزهراني لك لم يتضمن أكثر من : إحسان صديقي ، إحسان كاتب ، إحسان يكتب ، إحسان يحب سوريا.
ولأن مثل هذا التقديم غير كافٍ لفتح أي مجال للأسئلة أكثر مما قد نسأله من أسئلة مباشرة قد تتعلق بأحب الأكلات إليك ، وهوايتك المفضلة ، ولون رابطات العننق المفضلة .
أستاذ إحسان ، هل لك أن تقدم لنا نفسك بشكل يؤهلنا لتوجيه أسئلة جوهرية.
إنني بحاجة لأن أعرف عن إحسان طالب :
ـ في نوع الكتابة التى تمارسها ، فكرية ، أدبية ، فلسفية ... إلخ ؟
ـ ما الفلسفة المؤطرة لكتاباتك ؟
ـ هل لك إصدارات ، ما عناوينها ، وجهات نشرها ، وتواريخ نشرها ؟
ـ ما أنت مهموم به في كتاباتك من قضايا تسعي إلى طرحها من خلال الكتابة ؟
ـ الكتابة مسئولية، هل تؤمن أنها بالفعل مسئولية .. إلى أي مدي أنت مسئول عندما تمارس الكتابة ، وإلام تهدف هذه المسئولية ؟
ـ رؤيتك للقاريء المفترض لكتاباتك ، وهل ترى أن القاريء العربي على مستوى مسئولية الكتابة؟ كيف ؟
بعد إجابة حضرتكم عن هذه الأسئلة المبدئية يمكنني أن أوجه لك أسئلتى المفترضة ؟



عبدالله عطية الزهراني
استاذي العزيز عبدالجواد ،
تحية وتقدير واعتزاز.
محظوظ انا ! ـ اذ انني حين اخطأت ..اصطدتك !
نافذتك هذه ، فتحت مجالا اكبر للضوء.
شكرا لضوئك.

من هنا تعرف كل شيء تقريبا عن " صديقي احسان ـ الكاتب الذي يكتب - الذي يحب سوريا " ...واضف .. : والذي لديه ربطة عنق جميلة !
http://www.shrooq2.com/vb/search.php?searchid=14358



صبيحة شبر
إشراف عام

العزيز احسان
مرحبا بك في مقهى التجلي
اعرف احسان كاتبا متعدد الاهتمامات ، شعر وقصة وبحث ديني ، وحقوق انسان
ونقد ، كيف تأتى لك ان تجمع كل هذه الاهتمامات ؟
اي منها له الصدارة في قائمتك ؟
متى كانت البداية ؟ ومن وقف بجانبك مشجعا ؟
قد اعود لطرح أسئلتي ثانية



جعفر يايوش طه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
أتوجه بالتحية الخالصة الخاصة للأستاذ إحسان طالب، الذي دوما أجد فيما يكتب حسن المسلك طالبا للحقيقة والإنصاف دوما، وبكل هدوء ونفس طويل عميق، يحتوي كل الآراء المتناظرة والمتضادة والمتفقة والمؤتلفة، أرجو أن تواصل في دربك ومنهجك؛ فنحن في حاجة إلى تكثيف هذا التوجه الفكري الرصين على كافة الأصعدة، وبالمقابل أتوجه إليك باستفسار حول المواضيع الفكرية الإسلامية، مارأيك لو نركز فيها على المواضيع التي تطرح أن تكون على شكل ملفات شهرية ويشترك فيها أكثر من شخص بحكم تخصصاتهم وثقافتهم، وأن تكون من المواضيع الحيوية الراهنة؛ فهناك نقاش لابد أن يوجه إلى الداخل، وهناك نقاش لابد أن يفتح مع الآخر ؟
ما رأيك ؟
أدام الله طلتك علينا في شروق دوما ...
تحية أخوكم الشروقي : جعفر . ي




سوسن سيف
الى الاستاذ والمفكر والاديب والاخ احسان طالب
تحيتي لك
انا لن أوجه لك اي أسئلة وانما سأقف هنا وأستمع أراك وأرى ضفاف نهر وأشعر اننا سنرتوي من هذا النهر ..ر فكلنا عطاشى وانها لفرصة رائعة منحتها لنا شروق شروق هذا المكان الظليل الذي لا ينسى
سوسن سيف

فاطمة غولي
أستاذ إحسان طالب سأتابع اللقاء عن كثب ..

تحية .



سولا عبد الحميد
الاستاذ العزيز احسان طالب
تحية واحترام

الصحافة مهنة البحث عن المتاعب
أرى أنك تهرب من المتاعب الى اثراء الروح
بالشعر الرومانسى الهادىء

وهذا بحق جانب أدهشنى فى كتاباتك
أرجو القاء الضوء على هذا الجانب الانسانى
وكذلك الواقع المادى وما أكثر متاعبه "الصحافة "

على المستوى الشخصى وماتعرضت له من مواقف غير مألوفة
أثناء أداء مهامك الصحفية

مع الشكر


خالد ابراهيم
الأخ الرائع إحسان
أراك صاحب قضية وهدف
وهكذا يكون الإنسان
وليس كذبا أن تشعر بجمال الروح رغم المسافات الشاسعة وعلى الرغم من اننا على الهم الواحد كثيرا ما نلتقى
مودتى
خالد ابراهيم




إحسان طالب
الأستاذة العزيزة عواطف
أرحب بوجودك والأخوة عنوان أحرفك .

( مقهى التجلي منور بوجودكم

من هو احسان طالب ؟

وماذا يتمنى

اي شئ يفرحك

اي شئ يؤلمك

لي عودة تليق بكم)

أنا إنسان عربي سوري تجاوزت العقد الخامس من عمري ولدت و تررعت في أحياء دمشق القديمة محبوبتي الأولى فتنني فيها نزار و الجامع الأموي ومقام السيدة زينب وأسرني حي باب توما بأهلة و كنائسه
تربيت في عائلة متعددة المشارب و المذاهب الثقافية و الفكرية بدأ من والدي الذي سافر سيرا على الأقدام في بدايات القرن الماضي من دمشق إلى القاهرة ليحظى بالتعليم الأزهري و عاد إلى مدينتة ليناهض الإستبداد تحت راية المشايخ و العلماء حتى صار واحدا منهم .
إلى أخوتي - ونحن بالمناسبة ستة شباب و ثلاث بنات - المفتونين في ستيتيات القرن الماضي بعبد الناصر و ماركس
على الدوام سلكت طريقا مختلفا لم أركن إلى التقليد أو الاتباع وجنحت دوما نحو الاجتهاد و البحث فكانت السلفية بمفهومها التجديدي نقطة الجذب في البداية كونها لاترضى بالتقليد و تبحث عن الحجة و الدليل , لازمت أهم مشايخ السلفية في دمشق - الشيخ ناصر الألباني - وتعلمت منه الوفير الكثير ومازال فضله علي إلى اليوم
ناهضت العنف و التغير بالقوة ولم أستسيغ الدعوة الأخوانية في شبابي رغم إلتهامي لكتب سيد قطب و محمد قطب و المودودي
كان شعاري في العشرينيات من عمري : لا شيء غير قابل للنقاش سوى حقيقة الذات الإلهية و التوحيد كمبتدأ فلسفي للكون
تركت كلية الحقوق في دمشق و التحقت بأخي في دولة قطر و اشتغلت تحت إدارته في مجلة ديارنا و العالم لمدة ربت على الأعوام الثمانية كتبت خلالها كتابا حول نظرية الإقتصاد الإسلامي نشر على حلقات في المجلة
كما نشرت بعض الدراسات الفكرية في مجلة الأمة القطرية و كانت من أهم المجلات العربية المتخصصة
انجزت دراسة مهمة في كتاب الأموال لأبي عبيد نشرت في مجلة الفيصل السعودية
في بداية التسعينيات عدت إلى دمشق : - وهنا العقبة الكأداء
الكتابة و النشر في بلدي له شروط خاصة جدا متسقة مع التصور العام للدولة و السلطة الشمولية
استمريت في الكتابة و التأليف و البحث و بعد جهد جهيد حصلت على أول موافقة لنشر أول كتبي و هو التشدد الديني و الإسلام السياسي و سينشر قريبا
لم توافق وزارة الإعلام السورية على نشر أول ديوان قدمته و ساكرر المحاولة
نشرت مئات الأبحاث و الدراسات ألكترونيا و كان لشروق نصيب وافر منها
اتابع أبحاثي و أنا بصدد انجاز كتاب عن الليبرالية العربية
متزوج و لدي ولدان في الجامعة
فتنت بالشعر منذ تعومة أظافري و أغرمت بامرؤ القيس
ودرست المعلقات و شروحهاوهمت بديوان أبي النواس و أذهلى ديوان الفرزدق
نشط سياسيا و مدنيا تحت سقف القانون و الدستور و خارج منظومة السلطة عضو فاعل في أهم التجمعات السياسية الوطنية السورية
أخشى كثيرا من الأمنيات ولا أجد الشجاعة لذكر أمنياتي
أحب أسرتي ووطني و مدينتي
يفرحني انتصار الحرية و انتشار الحق أمقت الظلم و التمييز و العنصرية
يؤلمني سيادة التخلف و الجهل و التعصب


الروح ،
" من امر ربي " ،
نفكر كثيرا في ماهية الروح ولانجد الى الجواب سبيلا ..،
وننتهي الى صورة واحدة ، " الا وهي انه لايمكن ان نجد اجابة لــ"..ماهي الروح ؟ ".
فماهي الروح يااحسان ..إقرأها لنا للملّي الأخير في طريق بحثك عن اجابة ، كأي انسان .
الغالي عبد الله
بداية أسئلتك الجميلة تطرح عنوانا عريضا لمسألة ومفهوم إشكالي يتموضع في عالم الميتافيزيقيا وتحديدا أكثر قربا في دائرة الميتافزياء
تاخذ كلمة الروح بعدا شفافا يتجلى بالعظمة و الغموض شديد الصلة بالخلود مطلب الإنسان منذ أدرك ذاته ووجوده وأدمن غياب الأحباب و الأتراب ،ذلك الشعور الضاغط بالفقد شدد البحث عن البقاء و الإستمرار ولما كان الفقد و الغياب حقيقة كان لزاما مواجهته بحقيقة أخرى فكانت الروح التي لا تموت و تجول في عالم الأحياء لاتفارق الأحباب .
العجز عن تحقيق العدل و انتصار الأشرار في عديد الحالات كان مؤشر ذهنيا للبحث عن استمرار أو ترك مجال ينال فية الظالم و المحسن على حد سواء نتيجة عمله ، ولما كان الجسد فان ، بقيت الروح لتحقق العدالة ، فهي محل التعذيب أو التنعيم جزاء و مكافأة عن الخير أو الشر .
الرغبة في الخلود و الحاجة للعدل و التخفيف من وطأة الفقد و الغياب فرض و جود الروح وأفرغ لها فضاءا واسعا في عالم الإنسان حيا و ميتا .
العلم الطبيعي ابتعد عن الروح و اكتفى بالبحث ضمن دائرة الحياة و الحفاظ عليها سليمة و طويلة و قوية إلى أبعد حد ممكن و ترك الروح و نشأتها و ماهيتها و مألها للفلسفة و معارفها ، فهو لم ينكر وجودها إلا أنه لم يثبنها ووقف عند حدود بداية الحياة بالروح و نهايتها بمغادرة الجسد .
الأديان عموما التوحيدية الوثنية أولت الروح أهتماما خاصا و في الديانات السماوية كان لها شأن عظيم بالغ الخطورة لارتباطها بالله مباشرة فهو موجدها و مانحها و لديه و حده القرار و في وهبها و سحبها ولما كانت الروح من أمر الله خلدت شريرة كانت أم خيرة ، أي ارتبطت بصفة من صفات الله و هي البقاء
الإشكال الفلسفي للروح اثباتها بعيدا عن الخالق و مالك الملك ،و اهتم علماء المسلمين ببحث الروح و أفردوا لها كتبا لم تستطع تفسير ماهيتها أو حقيقتها ،ودارت العلة حولها و حول موجدها .أهم الكنب هو كتاب أبن القيم الروح .
تبقى الروح حقيقة غيبية خارجة عن القوانين و العلوم الطبيعية لم يتمكن الإنسان من معرفة أو تحديد ماهيتها بعيدا عن الدين .
ترتبط الروح بالحلم وتغادر الجسد - افتراضيا لتلتقي بمن تريد في عالم الغيب ويختلط مفهومها بالنفس فتارة تكونان شيئا واحدا و تارة تفترقان ، فالنفس تذوق الموت و الروح تصعد لبارئها لتكرم أو تعذب
أخيرا الروح هي انطباع الأخرين عن الشخصية وحكمهم عن تصرفات صاحبها و مواقفة



ابراهيم الوراق
مشرف الدراسات الاسلامية

الأخ إحسان،
بوركت،
أخي إحسان لمست من خلال بعض الخطفات التي تكتبها في شروق منهجا تحرريا في فهم الدين، ألا ترى معي أن التجربة الإسلامية قد فشلت منذ قرون - أظن انك تعرف منذ متى فشلت - ولكننا ما زلنا بعقلية طوباوية، ولغة خطابية نقول ... قد كنت وكنت، فهل ترى أن المساحيق التي توضع يمكن لها أن تشاكس الجمال الذي نراه هنا وهناك...؟؟؟
وإذا كان الجمال محبوبا في وجه ما، فلم التهويل على من يملك الجمال...؟؟؟ هل نريد أن نقول له نحن لسنا بأعين تبصر الحقائق...؟؟؟ أم نقول له أنت ونحن في بعد وتناء، فلا مجال للمشاركة والتنوع...؟؟؟
أسئلة كثيرة سأفتحها معك حتى نرى من الأشياء وجهها الآخر الذي تخفيه آليات المكر والدسيسة التي استعملت في مراحل التاريخ الاسلامي...!!!

لك الود، ومرحبا بك،
وأتمنى أن نستمتع بأحاديثك...

صديقك ابراهيم الوراق.



إحسان طالب


الأحبة الأعزاء جميعا
سأرد على كل الأسئلة تباعا حسب ورودها

مدة الحوار شهر من اليوم
هل هي مدة طويلة أم مناسبة
الواقع أن الزملاء الأعزاء لديهم الكثير ولا أريد أن تكون اجاباتي مرتجلة لذلك حددت مدة شهر
الغالي عبد الله :
(العقل ،
يعلّمنا الـــ صحّ ، ويركِبنا الخطأ !
صاحب العقل الذي يعرف الصواب ويسلك النقيض ، كيف نثق بعقله ؟)

يعتمد الإنسان في مواجهتة مع الموجود وماوراءه على عقلة ليحصن ذاته من الخطر الخارجي وليبني كيانه الفكري والنفسي الداخلي
مسألة الخطأ و الصواب نسبية وما فهمته هنا ليس محدود الخطأو الصواب بل التناقض بين القناعات و القيم من جهة مع السلوكيات و الأعمال من جهة أخرى ،
الانسان العاقل هو الجرم - النجم المركزي - المعول عليه قيام الحضارة ويناء الكون و المحافظة عليه لذلك إقترن التكليف الديني بالإنسان العاقل
مسألة الالتزام اخلاقية قبل أن تكون عقلية ، فالعاقل يدرك الحقائق ويفهم القيم المجردة لكنه لطبعه البشري يخالفها وبل يذهب بعيدا في تحطيمها و تخريبها لبلوغ منافع شخصية وشهوات آنية
الحقيقة و الحكمة هي في مواجهة العقل فهو منتجها باستخدامه لأدوات المعرفة و العلوم فمن حاز عل الحكمة امتلك ميزان الحكم على الخطأ و الصواب وطالما كان الفرد متسلحا بالصبر و المثابرة على التعلم و البحث يكتسب حكمة أوسع وأحدث وتاليا قدرة أكبر.
أدرك المسلمون قيمة العقل مبكرا - واصل بن عطاء 80 --131هج- فجعل المعتزلة العقل في مكانة فوق النص أي الحكم النهائي للعقل فما وافق العقل قبل و ما خالفه آول فيفسر النص أو يحرف ليتوافق معه تاريخا ما زالت تلك الدعوة قائمة و متجددة لكن لم يقبل عامة الفقهاء ذلك الموقف و عبر عن خلافه ابن تيمية بوضوح فاعتبر المعقول هو ما وافق صحيح المنقول و ليس العكس.
يمكن للعاقل ادراك الحقائق و الحكمة بالنظر الفلسفي أما بالمفهوم الديني هو قاصر ومحدود لذلك يحتاج للوحي خلافا للفلسفة الحديثة التي ترى حدود العقل مفتوحة و ادراكه لانهائي و علومه و معارفه تراكمية تزادد قدرة و كفاءة يوما بعد يوم ليصل إلى الكمال الذي يحصره الدين بالله .الفكرة الرئيسة هنا تشابه تطور الكون مع الانسان الذي يمثل بل ويعكس في خلقه و جاتب من صفاته صورة المطلق لذلك بات قادرا يرتقي يوما بعد يوم ، لكن الحكم الأخلاقي على أفعاله أي تقويم أفعاله متغير بيانيا و متناقض تاريخيا .
الخطأ و الصواب مقترنان حسب التصور الديني للكون و الحياة بالحلال و الحرام و ما بينهما لكنهما قيمتان اجتماعيتان بالمفهوم المدني للحياة، فالمنتج الانساني من قوانين و دساتير و قيم مجتمعية هي ميزان الأخلاق وتاليا الصوب و الخطأ .
الحقيقة متغيره بما أنها منتج العقل و الثقة بصاحب العقل غير مطلقة بل جزئية و مقطعة - اذا جاز التعبير - أي تثق ببعض وتختلف مع بعض
الثقة بالذات و امكانات العقل الذاتي تملك صاحبها ملكة الحكم و التقدير




فيصل الخليفي
بسم اللة الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة

الشموخ , الكبرياء , الشهامة

استاذنا ومعلمنا احسان طالب

وقف القلم خجلآ امامك كهامة عربية

كرجل همام .ماذا اقول عنك بعد

الاخ الاكبر كما قالها الاستاذ عبداللة

كلآ يحمل في جعبتة الكثير من الاسئلة

وباعتبارك الاخ الاكبر الذي يستشار

كلنا كشباب عرب وشابات عربيات اينما كنا في العالم الفسيح
نحلم, نطمع, نأمل بمستقبل زاهر لاوطاننا .. لكن هذا لا يكفي .

ماذا قدمنا لاوطاننا ؟

كعضو شروقي صغير وشاب بدأت اخطوا خطواتي الاولى واضع تجربتي امامك وهي:

كأول مؤسس لاول منظمة يمنية مناهضة للفساد في اليمن ؟
www.nscoyemen.com

رفض منح ترخيص للمنظمة لمزاولة عملها من قبل الوزارة المعنية لم اتوقف انتزعت حقوقي الدستورية بحكم قضائي
http://www.nabanews.net/news/8814

كان الطريق شاق ولازال من التهديد والوعيد وحوادث سير هنا وهناك كل ذلك يهون من اجل الامة .
كان فكري بمناهضة الفساد في الاتي
http://www.nabanews.net/news/8186

بدأت باعمال وجدتها ملحة في خدمة المجتمع بما فيها الشباب واستخرجت اوامر رئاسية بتخفيض الانترنت باليمن باعتبارة اغلى انترنت بالعالم كخطوة اولى من اجل توعية المجتمع لان المجتمع الواعي يكافح الفساد
http://www.nabanews.net/news/10918

والكثير من الاعمال التي صارعنا رؤؤس الفساد وحققت نتائج طيبة لدرجة تفاعل القيادة السياسية مع كل خطواتنا ...كان اخرها استرجاع اكثر من اثنين واربعين مليون ريال ايردات تاخذ سنويآ واسترجعناها لصالح المحافظة مقر المنظمة.
والكثير من القضايا التي لم ننشرها بعد الا حين الانتهاء من تصميم موقع المنظمة.

مهما يكن من صعوبة الا اننا لازلنا نتفائل ان (أي امرىء يخدم امتة تخدمة)

اهم ما يورقني ويوقض مضجعي ماهو بالرابط التالي
http://www.nabanews.net/news/8934
وما حملة التعليق رقم 13465) من هذا الرابط على عاتقي كامانة للامة

ماهو رأي الاخ الاكبر بتجربتي المتواضعة ؟
الا انني لازلت الوم نفسي انني مقصر جدآ تجاة امي اليمن ؟




إحسان طالب

(الفلسفة : رأس حكمة الحكيم ، ووجع رأس جهل الجاهل .
ولكلٍ منا فلسفته ، ونحن مابين جاهل يرتع في نعيم جهله وحكيم يتنزه في رياض احكمته ..
و بين بين ..
يااحسان :
فلسف لنا الفلسفة ..ولا تختصر !)
الغالي عبد الله
لفلسفة بين التعريف و المفهوم:


لفلسفة فضاء بلا حدود وطريق بلا قيود تمخر عبابه سفينة العقل مستمدة طاقتها من الحكمة,إنها الحقيقة بوسع الكون تدور بدون توقف ومع كل دورة تتوالد أجنة يتلقفها العقل لتنشأ و تترعرع في أحضانه و بين جنباته . يعرفها الفارابي 185_252 هح على الشكل التالي : العلم بالموجودات بما هي موجودة وفروعها إلى حكمة إلهية و طبيعي ومنطقية ورياضية
أما الشيخ الرئيس ابن سينا 370 -427 هج
فيعرفها : بأنها استكمال النفس البشرية بمعرفة حقائق الموجودات على ما هي عليه على قدر طاقة البشرية .أ-هـ
إنها بحث حر لكائن _ مع صرف النظر مبدئيا عن تفنيد فوكو لحرية البحث الفلسفي كونه أي الباحث مراقب من الداخل بإمكان فلسفي و من الخارج بأشكال و أنواع السلطة - في وجود وماهية وحقيقة كل شيء وعلاقة الأشياء المتداخلة ,بحث في الحكمة من وجود الشيء وفي داخله ، لذلك كانت سلاح الإنسان قبالة الجهل تمده بالمعرفة و الإدراك معتمدة على العقل أداة و طريقة معيدة له الثقة بذاته و قدرته على الوصول إلى الحقيقة بدون الحاجة إلى معين خارجي.
الفلسفة العربية:
مبتدأها عند الكندي 185 -252 وهو الفيلسوف الوحيد العربي الأصل من بين الفلاسفة المسلمين القدماء وواجه إشكالية اللغة حيث لم تكن العربية لغة الفلسفة فوضع مصطلحات خاصة وجديدة ولعلة مؤسس علم السمياء العربي - في إشارة لكتابة رسالة في حدود الأشياء و رسومها
نمت و تطورت الفلسفة العربية عند المعلم الثاني الفارابي الذي استوعب علوم اليونان و قرأ ترجماتهم وهو أول من درس علوم الدين و التصوف كنظرية فلسفية إلى جانب دراسته للمنطق والاعتماد على قوة العقل والبرهان وللفارابي أهمية كبرى – وجهة نظر شخصية –
كونه مؤسس وباني نظرية فلسفة الشريعة وأول من تكلم في علم الساسة في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة
أخذت النظرية الفلسفية الإسلامية رونقها و أصالتها مع ابن سينا الذي تحدث في البراهين الطبيعية و النفسية على و جود النفس وخلودها وطبيعتها ، وجمد الفكر الفلسفي بعد الفارابي بل حورب و هوجم من بعدةه على يد الغزالي بكتابه تهافت الفلاسفة ولم يستمر الحال على ما هو علية بمجيء ابن رشد 520 - 595

الفلسفة الحديثة : الفينومنولوجيا
هوسرل أدموند 1859--1938
مارتن هيدغر 1889--1976
إنها محصلة تحليل و جمع بين مدارس ونظريات فلسفية جديدة وسابقة تاريخيا مكونة مناهج وأساليب في التحليل الوصفي للماهيات المجردة التي لا يمكن بلوغها إلا بواسطة ملكة الخيال التي تستوجب وجود عناصر حسية بشكل دائم ، تعتمد الظاهرة كنقطة انطلاق في مسيرة العقل الإنساني " ترصد جدلية الوعي في حركتها المتنامية من الإدراك الحسي إلى المعرفة العلمية" مكونة منهجا ظاهرياتيا تأويليا يحتوي انساق مفاهيمية تصف الأشياء كما تبدو لنا وليس كما هي بذاتها و القصد هو أن كل وعي هو وعي بشي ما .
الفلسفة الحديثة ترتكز على المنهج الفينومنولوجي القائم على المنطق و التحليل المفاهمي فتعيد قراءة نظرية المعرفة وعلم الأخلاق وطبيعة اللغة و طبيعة العقل
" إن الفلسفة دهشة ووعي بالجهل غاية ممارستها المعرفة من أجل المعرفة "
فتح باب السؤال مشرعا لسلسة من الأسئلة المترابطة ،فتح باب الشك للوصول إلى اليقين، فتح باب القيم وتقيم الأعراف ،الخوض في طبيعة الفضاء و الوقت ،في طبيعة الشخص والإنسان ،جدل القيم بين النسبية والمطلق ،أين تكمن الحقيقة وماهية الجمال وما هو الفن ، ما معنى أن تكون جميلا وكيف يختلف مفهوم الجمال مع الزمن ، إنها غوص في الجمال و الوجود في العدل و الممكن ، إنتاج للحكمة وحب للحكمة ، هي المعرفة وطريق المعرفة والعلوم فروع للتحقيق الفلسفي .
الدهشة انفعال وهزة و جدانية عنيفة و شديدة تتجلى ذهولا أمام خارق للعادة غير مألوف ،تتولد من نقيضين الجهل بما أنه غياب للمعارف النظرية وفراغ للعلوم التطبيقية والاندهاش كونه اعتراف بالجهل وردة فعل واعية على الشعور بالجهل فتتولد الرغبة بالمعرفة متجاهلة الشهوة للحاجة أو المنفعة
العقل كمفهوم مجرد هو الحقيقة المطلقة وكل ما سواه نسبي وعلم المنطق هم العلم الذي يقوم العقل ويبين الحق و يبصر الخطأ وهو آلة العلوم أي منهاجها (الفارابي ) ،وبمنطق رياضي لا تتعارض هذه الفكرة الفسلفية مع الإيمان ،كونه الوسيلة و الأداة للتعرف على مرادات الإيمان وبدونه لا يصبح الإيمان حقيقة ذاتية .العقل في الفلسفة الإسلامية محدود بالطاقة و الإمكان لذلك لا يدرك حقيقة وماهية الله ،و الفلسفة هي بالقوة الفضائل كلها جديرة بوسائلها الخاصة أن تظهر بالفعل ليبلغ الإنسان الجاد في طلبها إلى جميع الفضائل وحكمة الحكم وصناعة الصناعات فمملكة الحكمة العظمى هي الفلسفة ومقتني الحكمة العظمى هو الفيلسوف ( الفارابي )
هذا الجمع بين الحد الأقصى للمنهج الفلسفي مع الإبقاء على التصور الفارابي هو مفهومي وتعريفي الخاص للفلسفة

( أين تجد حقوق المرأة في ازدياد هذه الضاهرة؟؟؟)
الأستاذة العزيزة عواطف
حقوق المرأة قضية ثقافية فكرية قبل تحولها لمسألة اجتماعية لذلك بات من اليسير التعرف على حال حقوق المرأة بالنظر إلى المنظومة الفكرية و الثقافية التي تحكم المجتمعات عموما .وفي عالمنا العربي و الإسلامي مازالت المسألة أقرب ماتكون إلى البحث في مستوى الكماليات و الرفاهية من و جهة نظر متفائلة في حين يذهب البعض نحو صورة أكثر ظلمة و تخلفا فيرون حال المرأة منغمس في أحكام أيديولوجية ولدتها ثقافة سلفية تأبى الاصلاح و تخشى التجديد
أن ازياد ظاهرة تعدد الزوجات مع ما تأكده الاحصاءات الرسمية الرقمية في مصر و سوريا كنماذج _حيث تأكد أن التعدد لا يحل مسألة العنوسة بل يقاقمها استادا إلى ازدياد العنوسة بين الشباب و الفتيات مع العلم بزيادة طفيفة لعدد الذكور على عدد النساء _
يفيد بصورة ما إلى تراجع ثقافة حقوق المرأة و ضيق نطاق انتشارها في المجتمعات العربية و خاصة الريفيية منها و التي تشكل النسبة الأكبر من التقسيمات الديمغرافية العربية .
في سوريا هناك جزء من حقوق المرأة لا يمكن التراجع عنه مهما ارتفعت نسب التشدد و التعصب الديني ،ذلك لأن الظاهرة الاجتماعية في تمكين المرأة من العمل باتت مسيطرة على المجتمعات السورية - حتى في الأرياف - فكان من الصعب تراجع حقوق المرأة في هذا الإتجاة
في الجهة المقابلة نلحظ ارتفاع أرقام جرائم الشرف وهذا مؤشر لدنو مكانة المرأة جزئيا في طبقات اجتماعية ترى حياة الانسان دون مسألة الشرف ،وهذا بحد ذاته مؤشر فعال لتراجع ثقافة حقوق النساء و مساواتهن الكاملة قانونيا و اجتماعيا و سياسيا



جهينة عدنان
من الكتب الجميلة والممتعة التي قراتها في مجال النقد كتاب رولان بارت" لذة النص"
أشار بارت في كتابه الى نوعان من القراءة للنصوص الأدبية :

قراءة تغلق النص وتحارب المجاز وتمجد الوضوح وتعتقل القارئ وتقف بالنص
عند زمن معين،
وقراءة تفتح النص وتجعله على الدوام مستقبليا محايثا ..
وبين هاتين القرائتين تقع مسألة الحداثة ..

أرجو أجد تفسير لهذه النقطة من وجهة نظرك ،

وكيف تكون السلطة أي كان نوعها حارسا على عملية الكتابة وقراءة الأدب ؟

أين تمتحن وجود اللذةفي عمل أدبي ؟ وأرجو تعطيني إسم عمل أدبي من نوعية تلك النصوص "المغناجة "التي تحدث عنها رولان بارت في كتابه ،

وصف لي أستاذ إحسان كيف يتجرد الناقد من جسده ويرتدي نصا تكتمل فيه كل تفاصيل الجسد ؟

وماهو نص اللذة باختصار ..وما الفرق بينه وبين نص المتعة ؟ وماعلاقة كل منهما بثقافة الكاتب وتكوينه المعرفي ؟



تحية وتقدير

فتوى زواج الرضيعة تعيد الجدل من جديد

إحسان طالب
2008 / 7 / 17


الفتوى حل أم مشكلة ؟
فيما سبق أفتى الخميني بصحة العقد على بنت الثلاث سنوات و أباح مفاخذتها
ومنذ بضعة شهور تم تطليق فتاة يمنية زوجت في سن الثامنة من عمرها
وفي السعودية حملة لمنع تزويج الصغيرات لانتشار تلك الظاهرة
وفي سوريا جدل حول زواج الفتاة قبل السابعة عشرة من عمرها ومحاولة لمنع تطبيق أو تغير القوانين المبيحة لذلك .
أمام ذلك السيل العارم من الفتاوى كإرضاع الكبير وزواج بنت السنة ومفاخذة بنت الثلاث والأنواع التي لا تنتهي من أشكال الزواج الشرعي كـ المسيار والمتعة والمصياف والمؤانسة يزداد الجدل حول دور الفتوى ومكانتها ومسؤولية المفتي وتعارض الفتوى كقيمة شرعية فقهية لها اعتبارها ومكانتها العلمية و الشرعية من جهة مع مدنية المجتمع و التطور في فصل السلطات وتعدد التخصصات من جهة أخرى . أثارت فتوى أصدرها المفتي الرسمي لمدينة جدة السعودية أحمد المعبي يجواز العقد على فتاة بعمر العام على أن يدخل بها في سن التاسعة جدلا واسعا ونقاشا محتدما بين مؤيد معارض و أخرين سعوا لعلاج المشكلة من جذورها وهل الأزمة في مرجعية الفتوى أو في دورها وقيمتها . وبرر المفتى فتواه بقولة :لنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم قدوة وأسوة حسنة حيث عقد على عائشة عندما كانت تبلغ السادسة من العمر ثمّ دخل بها عندما كانت في التاسعة.-1-




هل المشكلة في أحمد المعبي فقط وأن المسألة لاتتعدى حيز الإجتهاد الفردي المحصور بشخص المفتي
أم أن الفقه الشرعي تناول أمثال تلك الفتاوى و أفاض و أكثر منهاو ما قدمة مفتي مدينة جدة ليس إلا عملا متسقا مع الرؤية الإسلامية الشرعيىة للمرأة و الطفل وفقا لنظريات أصولية فقهية ؟
الحقيقة أن المسألة ليست بدعة وليست جديدة بل هي قديمة وموجودة متناقلة في كتب الفقه
العلاج ليس بتجهيل الرجل والاعابة علية بل بمعالجة العلاقة بين الفرد والفتوى والعلاقة بين الفقه الشرعي والمجتمع المدني لقد بات الهوس الشعبي والنخبوي بالفتوى الشرعية ظاهرة شديدة الوضوح يعكسها ذلك الكم الهائل من الاتصالات التي تتلقاها البرامج التفاعلية الدينية في عشرات بل مئات القنوات الفضائية العربية والإسلامية المنتشرة في كافة أرجاء البث الرقمي وتزايد عدد المشايخ والدعاة المتصدين للإجابة على مسائل ، لا تترك صغيرة ولا كبيرة في شؤون الناس الخاصة و العامة إلا وتتناولها تحليلا وتحريما وما بينهما .وبرؤية مدنية لطبيعة المجتمعات الحديثة بمفهومها المجرد تعد تلك الظاهرة تقهقرا حقيقيا عن مستوى التقدم والتطور الطبيعي المفترض ملاحظته لدى دراسة الحراك المجتمعي.وإذا كنا نعد التشدد وحتى التدين ظاهرة اجتماعية ثقافية وثيقة الصلة بالبيئة الإعلامية والتربوية و التوجه العام السلطوي في الدول العربية ، فإن الجذر التاريخي لتلك المسألة راسخ وثابت شديد التمكن من المخيال الجمعي العربي المسلم .وليس مبررا للدفاع عن الفتاوى الشرعية المرسخة لعبودية المرأة ودونيتها وتأكيدها على المكانة الجنسية لها أو تلك الفتاوى المخالفة لحقوق الطفل الإنسانية ،وجود بعض الممارسات التاريخية أو الاستشهاد بحالات تأكد حصولها في العهد الإسلامي الأول . الحقيقة أن تلك النقول والأدلة تؤكد الحاجة الملحة لممارسة النقد والتفكيك لمجمل التراث الفقهي المتوارث وإعادة النظر في دور الفقه بمنطوقه الشرعي في التحكم وقيادة الفرد والمجتمع والدولة
.
في ما يلي أمثلة متعلقة بالموضوع تدل على بعض المصادر التي استند إليها المعبي ولست هنا في وارد التحقيق من صحة الدليل الشرعي بل الهدف هو فتح الباب نحو معالجة أوسع وفهم أعمق لإشكالية الفتوى. :



((قال الشافعي في كتابه (الأم) ج5 ص35 : (وإذا أرضعت أجنبية امرأته الصغيرة لم يفسد نكاح امرأته وحرمت الأجنبية عليه أبدا لأنها من أمهات نسائه وحرم عليه أن يجمع بين أحد من بناتها بنسب أو رضاع وبين امرأته التي أرضعت) ، فالشافعي يتحدث عن رجل متزوج من رضيعة ! لأن الرضاع لا يكون الا قبل بلوغ الرضيعة عمر السنتين ، إما بعد السنتين فلا يسمى رضاع ولا يأخذ أحكام الرضاع ، كما هو معروف بين فقهاء المسلمين. فالشافعي يقول بان الطفلة الرضيعة المتزوجة من رجل إذا أرضعتها امرأة تحرم تلك المرأة على زوج الرضيعة لأنها أصبحت أم زوجته من الرضاع. إذن الشافعي يتحدث عن زواج الرضيعة وليس مجرد مفاخذتها.

• وفي كتاب الأم للشافعي المتوفى سنة 204هـ ، ج7 ص163 : (وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة). فزواج الصغيرة أمر شائع ومعروف في المجتمعات الإنسانية وفي عصر النبوة أيضا,.

• وفي مختصر المزني لإسماعيل المزني المتوفى سنة 264هـ ، وهو يشرح فقه الشافعي ، ص 164 : (( قال الشافعي ) والنساء محرمات الفروج فلا يحللن إلا بما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين " وليا وشهودا وإقرار المنكوحة الثيب وصمت البكر ( قال ) والشهود على العدل حتى يعلم الجرح يوم وقع النكاح ( قال ) ولو كانت صغيرة ثيب أصيبت بنكاح أو غيره فلا تزوج إلا بإذنها ولا يزوج البكر بغير إذنها ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها أو جدها بعد موت أبيها). فالمزني يتحدث صراحة عن صغيرة أصبحت ثيباً بسبب وطئها ، بينما السيد الإمام الخميني (قدس سره) قد حرم وطيء الصغيرة قبل بلوغها التسع سنوات.

• وفي فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي ج2 ص116 : (موضع الختان قبل المرأة وكما يجب الغسل بالإيلاج فيه يجب الغسل بالإيلاج في غيره كالإتيان في غير المأتي وهو الدبر يجب الغسل به على الفاعل والمفعول وكذا فرج البهيمة خلافا لأبي حنيفة لنا انه جماع في الفرج فأشبه فرج الادمى بل إيجاب الغسل هاهنا أولى لأنه أحق بالتغليظ ولا فرق بين الإيلاج في فرج الميت والإيلاج في فرج الحي وخالف أبو حنيفة في فرج الميت وكذا قال في الصغيرة التي لا تشتهي). فأبو حنيفة يقول ان وطء فرج الميت لا يوجب الغسل ! ووطء فرج الصغيرة التي لا تشتهي لا يوجب الغسل أيضاً ! فلو تحدث السيد الإمام الخميني (قدس سره) بمثل هذا الكلام فماذا كانوا سيقولون له ويشنعون عليه ؟!

• وأيضاً في فتح العزيز لعبد الكريم الرافعي ج2 ص128 : (ولو اغتسلت المرأة من الجماع ثم خرج منها المنى لزممها الغسل بشرطين : أحدهما إن تكون ذات شهوة دون الصغيرة التي لا شهوة لها : والثاني أن تقضى شهوتها بذلك الجماع لا كالنائمة والمكرهة وإنما وجب الغسل عند اجتماع هذين الشرطين لأنه حينئذ يغلب على الظن اختلاط منيها بمنيه فإذا خرج منها ذلك المختلط فقد خرج منها منيها : أما في الصغيرة والمكرهة والنائمة إذا خرج المني بعد الغسل لم يلزم إعادة الغسل لان الخارج منى الرجل وخروج منى الغير من الإنسان لا يقتضى جنابته) ، فهو هنا يتحدث عن مني يخرج من الصغيرة بسبب وطئها ، ولم يتوجه احد باللوم إليه بسبب كلامه هذا واعتبروا الموضوع فقهي ، ولم يشنع احد عليه بسبب ذلك ، فلماذا يشنعون على السيد الإمام الخميني (قدس سره) لأقل مما ذكره ؟!

• والنووي أيضا سار على نفس هذا النهج فنجده يقول في كتابه المجموع ، ج2 ص151 : (قال المتولي كان القاضي حسين يقول مراد الأصحاب إذا كانت الموطوءة صغيرة لا تنزل أو كبيرة لكن أنزل الزوج عقيب الإيلاج بحيث لم تنزل هي في العادة فأما إذا امتد الزمان قبل إنزاله فالغالب أنها تنزل ويختلط المنيان فعليها الغسل ثانيا : وذكر الروياني عن الأصحاب انه لا غسل عليها) ، إذن فالصغيرة التي لا تنزل ليس عليها الغسل بعد الإيلاج بها ؟! فما الفرق بين الإيلاج في الصغيرة التي لا تشتهي ـ بحسب تعبير الفقهاء ـ أي وطئها وبين مفاخذة الرضيعة ! بالتأكيد فإن وطء الصغيرة أشد من مفاخذة الرضيعة !

• وأيضاً قال النووي في المجموع ، ج61 ص168 : (قوله تعالى ( واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ، واللائى لم يحضن ) وتقديره وكذلك عدة اللائى لم يحضن ، وإنما يجب على الزوجة الإعداد من الطلاق بعد الوطء فدل على أن الصغيرة التى لم تحض يصح نكاحها ، ولا جهة يصح نكاحها معها إلا أن يزوجها أبوها) ، فالنووي شرَّع نكاح الصغيرة بدون تحديد عمر معين ، بينما السيد الإمام الخميني (قدس سره) ذكر انه لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمالها التسع سنين ، وهو الأمر الأكثر إنصافا وقبولاً.

وقد اشتهر عن الشافعية قولهم بجواز زواج الرجل من ابنته من الزنى ، وهو أمر مستفيض نقله عنهم وموجود بكثرة في كتبهم ، ففي مغني المحتاج لمحمد بن الشربيني ج3 ص175 : (كانت المخلوقة من ماء الزنا قد يتوهم أنها بنت الزاني فتحرم عليه دفع هذا التوهم بقوله : ( قلت : والمخلوقة من ) ماء ( زناه ) سواء أكانت المزني بها مطاوعة أم لا ، سواء تحقق أنها من مائه أم لا ، ( تحل له ) لانها أجنبية عنه ، إذ لا حرمة لماء الزنا بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من إرث وغيره عنها). فأيهما من يستحق التشنيع من يتزوج ابنته من الزنى ام من يفاخذ زوجته الرضيعة ! )انتهى النقل -2 –
إن العمل بتلك الفتوى مازال مقبولا ومعقولا للأسف وله صدى واسع في الأوساط الشعبية والنخبوية الإسلامية ،فالسعي من أجل التطبيق العملي لتك الفتاوى جاد وقوي يجد له صدى في مراكز علمية و تربوية عربية وإسلامية ، فردود الأفعال على فتوى زواج الرضية كانت ايجابية في معظمها لدى المتدينين والأصوليين حتى إن بعض المقامات العلمية و الفقهية دافعت عن الفتوى لما تحمله من سند شرعي ودليل فقهي متين –3–
ولا يقتصر العبث الفقهي والفتاوى المناقضة للحقوق الإنسانية للمرأة والطفل على مذهب بعينه أو طائفة دون سواها من الطائفتين الإسلاميتين ،فأمثال تلك الرؤى موجودة ومتوفرة في كتب الفقه والتشريع السنية كما في الشيعية ، ففي الحقيقة هناك ما يمكن عده وحدة أو تقاربا شديدا في التصور حيال المرأة و ما يلزم لها لتحظى بالمكانة الشرعية الإيمانية العليا المرتبطة أصولا بشهوات الرجل الشرعية وتطلعاته الجنسية المحددة فقهيا حتى لو تجاوز ذلك أبسط المعاير الإنسانية والحقوقية المتعارف عليها دوليا طالما أنه يحظى بالتأيد الشرعي و السند الفقهي الديني –4-


هوامش :
1 - جدل تثيره آراء المعبي

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)--



تزايدت النقاشات داخل منتديات الدردشة الإلكترونية حول رأي مأذون مدينة جدة
السعودية الشرعي أحمد المعبي بشأن "إجازة الزواج برضيعة والدخول بها عندما تبلغ التاسعة من العمر."

وقال المعبي في برنامج تلفزيوني، بثته قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBC، مؤخرا ويمكن الاطلاع عليه أيضا على مواقع الدردشة بالفيديو مثل Youtube وغيرها، ردا على أسئلة المتدخلين إنّ "الزواج قسمة وهو يتشكّل من أمرين مختلفين: إجراء العقد والبناء الذي هو موضوع آخر."

وأضاف "إنه من الممكن أن يعقد الرجل على فتاة يبلغ عمرها عاما واحدا على أن يبني بها لاحقا عندما تكون مهيأة لذلك."

واشترط لذلك حضور ولي أمرها، أي والدها، نيابة عنها. أما فيما يتعلق بسنّ الدخول فهو أمر مختلف."

وأوضح أنّ هذا الأمر يتحدد بناء على التقاليد والبيئة "ففي اليمن تتزوج الفتيات في سنّ التاسعة والعاشرة، وفي دول أخرى في سنّ السادسة عشرة. وبعض الدول حددت قوانين لسنّ الزواج تمنعه إذا كانت الفتاة لا تبلغ الثامنة عشرة."

وأكّد المعبي أنّه "لنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلّم قدوة وأسوة حسنة حيث عقد على عائشة عندما كانت تبلغ السادسة من العمر ثمّ دخل بها عندما كانت في التاسعة."

ومن الأسئلة التي طرحت على المعبي ما إذا كان يجيز زواج صبي في الثانية عشرة، من بنت في الحادية عشرة، فأجاب أنّه في حال "حضور الولي وهو الأب ويوافق على تزويج ابنته وفق الضوابط الشرعية فإنّه "من البديهي أن يكون الزواج شرعيا."

ورأى أنّه ليس لأفضل لوالد من أن يكون مطمئنا لمصير ابنته الصغيرة في حال سفره "حيث يزوجها لرجل يتولى حمايتها وتوفير مستلزماتها إلى أن تكون صالحة للبناء."

وعلى المنتديات الإلكترونية، تراوحت المداخلات بين الموافقة على آراء المعبي ومنتقد لها.

وفي الوقت الذي أكّد فيه بعض المتدخلين على أنّه ينبغي "الاقتداء بالرسول" رأى الكثيرون أنّ الزمن تغيّر وأنّه من غير الممكن عقد مثل هذه الزيجات حاليا.

وقال البعض إنّه حتى في الديانات الأخرى، كان مثل هذا الزواج مجازا لكنّ "بتغيّر الظروف والزمن تغيّرت المعطيات."

ومعروف عن المعبي إجازته لعدة أنواع من الزواج مثل زواج "الوناسة" و "المسيار"، و"زواج الإنجاب" و"المحارم" و"الفريند."
كما اعتبر، مؤخرا، زواج المصياف ضروريا لحصانة الرجل من المحرمات خلال سفره وتنقلاته خارج البلاد. انتهى


:http://muhamadianislam.blogspot.com/.../2-241-12.html -2-
-
عضو مجمع بحوث إسلامية: الزواج بالرضيعة مباح يرفضه الجندى والزفزاف -3-




كتبت - هناء رأفت:

فى واقعة مثيرة وجديدة من نوعها.. انقسمت آراء علماء الأزهر بين مؤيد ومعارض حول الفتوى التى أطلقها الشيخ أحمد المعبى المأذون الشرعى لمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية حول إباحة زواج الرضيعة والدخول بها فى سن التاسعة، توجهنا بهذه الفتوى لعلماء الأزهر وأحد المأذونين وتباينت آراؤهم.. فيرى د. مصطفى عكوش - عضو بمجمع البحوث الإسلامية وأستاذ الفلسفة بأصول الدين جامعة الأزهر.
أن الإسلام أباح الزواج فى الصغر فقد تزوج الرسول «صلى الله عليه وسلم» من السيدة عائشة رضى الله عنها وهى بنت ست سنوات ودخل بها وهى بنت تسع سنوات مما يجيز للصغيرة أن تزف إلى زوجها إذا كانت صالحة للرجال وجاء فى الحديث أنهم سمنوها فلما سمنت زفت إلى الرسول وكل بنت لها ظروفها الفسيولوجية.
والصغيرة التى لم تصل بعد لسن البلوغ يزوجها ولى أمرها وعندما تكبر وتبلغ يحق لها أن تختار إما أن تستمر وإما أن تُطلق.
ويؤكد د. عكوش أن هذا الزواج مباح فى الشرع تحت ظروف معينة كحالة «اليتم» بهدف حمايتها والحفاظ عليها.
أما د. مصطفى الشكعة - عضو مجمع البحوث الإسلامية فيختلف فى الرأى السابق مشيراً إلى أن زواج الفتاة لا يجوز إلا إذا وصلت لمرحلة البلوغ ويجب أن تأخذ الطفلة حقها في الرعاية كاملة وهى صغيرة ولا يجوز زواجها إلا بإذنها وعليها أن تختار من تشاء.
أما الشيخ فوزى فاضل الزفزاف - وكيل الأزهر سابقا وعضو مجمع البحوث الإسلامية فيرى أن مأذون جدة استدل فى فتواه بزواج الرسول من عائشة وهى صغيرة بنت ست سنين ودخل بها وهى بنت تسع سنين.
وأوضح بأن المتعارف عليه بين الفقهاء أنه لا يجوز تزويج الصغير والصغيرة حتى يبلغا.
كما يؤكد الشحات الجندى - رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أنه لا يجوز شرعاً الزواج بالرضيعة لأن الزواج له مقومات شرعية أولها أن ترعى الزوجة الأسرة وتقوم على شئونها بذلك لا توجد للرضعية أهلية الزواج.
نقلا عن موقع الرسمي للحزب الوطني الديمقراطي المصري. انتهى
-
هل يجوز التمتع بالرضيعه تفخيذا ..؟ -4-
الجواب : يجوز لترتب المحرميه على أمها ...
ان هذا الموضوع موضوع فقهي اكثر منه جدل واقعي ... بمعنى انه مذكور في كتب جميع مذاهب المسلمين
اذ انه يفترض امر يجب على الشرع اجابته ... ويقول بجوازه ..واليكم الأمثلة في كتب السنه:

روضة الطالبين ج 5 ص 315 :
ولا يشترط حصول المنفعة والفائدة في الحال بل يجوز وقف العبد والجحش الصغيرين والزمن الذي يرجى زوال زمانته كما « يجوز نكاح الرضيعة » ..

وهذا رأي الحنابلة !!!
المغني لابن قدامة ج 8 ص 120 :
فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها وهو ظاهر كلام أحمد وفي أكثر الروايات عنه قال « تستبرأ وإن كانت في المهد » وروي عنه أنه قال إن كانت صغيرة بأي شيء تستبرأ « إذا كانت رضيعة » !! وقال في رواية أخرى تستبرأ بحيضة إذا كانت ممن تحيض وإلا بثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ وتحبل « فظاهر هذا أنه لا يجب استبراؤها ولا تحرم مباشرتها » .
وهذا اختيار أبي موسى وقول مالك وهو الصحيح لأن سبب الإباحة متحقق وليس على تحريمها دليل فإنه لا نص فيه ولا معنى نص لأن تحريم مباشرة الكبيرة إنما كان لكونه داعيا إلى الوطء المحرم أو خشية أن تكون أم ولد لغيره ولا يتوهم هذا في هذه فوجب العمل بمقتضى الإباحة ..

البحر الرائق لزين الدين بن إبراهيم ج 8 ص 228 :
على رواية كتاب الاستحسان بينهما إذا أخبر عن ردتهما قبل النكاح فقال إذا قال للزوج تزوجتها وهي مرتدة لا يسعه أن يأخذ بقوله وإن كان عدلا وإذا أخبر عن ردتها بعد النكاح وسعه أن يصدقه فيما قال ويتزوج بأختها وأربع سواها ؛ وكذلك لو أن رجلاً تزوج جارية رضيعة ثم غاب عنها فأتاه رجل وأخبره أنها أمه أو بنته أو أخته أو رضيعة امرأته الصغيرة فإن كان المخبر عدلاً وسعه أن يصدقه ويتزوج بأختها وأربع سواها وإن كان فاسقاً يتحرى في ذلك !

لو تزوج رضيعة وكبيرة !!
شرح فتح القدير للسيواسي ج 3 ص 457 :
وإذا تزوج الرحل صغيرة رضيعة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمتا على الزوج لأنه صار جامعاً بين الأم والبنت من الرضاعة وذلك حرام كالجمع بينهما نسباً ثم حرمة الكبيرة حرمة مؤبدة لأنها أم امرأته والعقد على البنت يحرم الأم وأما الصغيرة فإن كان اللبن الذي أرضعتها به الكبيرة نزل لها من ولد ولدته للرجل كانت حرمتها أيضا مؤبدة كالكبيرة لأنه صار أبا لها وإن كان نزل لها من رجل قبله ثم تزوجت هذا الرجل وهي ذات لبن من الأول جاز له أن يتزوجها ثانيا لانتفاء أبوته لها إلا إن كان دخل بالكبيرة فيتأبد أيضا لأن الدخول بالأم يحرم البنت ..

لو تزوج رضيعتين أو أكثر !!
التاج والإكليل لأبي القاسم العبدري ، ج 4 ص 180 :
من تزوج صغيرتين فأكثر فأرضعتهن امرأة اختار واحدة وله أن يختار الأخيرة فإن كانت المرضع زوجته ولم يبن بها حرمت مع ذلك وإن كان بنى حرم الجميع وتؤدب المتعمدة للإفساد ولا غرم عليها:ا لمصدر:
http://vb.roro44.com/58496.html

الأحد، يوليو 13، 2008

في الانتظار !


أحسان طالب
15/6/2008

أنائم أنت .. تنام وحدك
هكذا بكل بساطة
تغمض عينيك و تغفل
ألم تعدني بالانتظار ؟
تنام باكرا بعد منتصف الليل
وقبل الفجر
قبل أن أعود
قلت لك ابق على الانتظار
كن مستعدا دائما
سآتي يوما ما
ساعة ما
****
أنا في الانتظار دائما
في حالة تذكر لا تنتهي
تعال وقت تشاء
ستجدني في كل مكان
في الطريق وفي الفراش
في السيارة وعلى مائدة الطعام
*****
كانت دقات قلبي تعد الثواني
في الانتظار
أسمع النبضات كوقع الجنود
تدق في رأسي
تتسارع تتصاعد حتى نقطة الانفجار
وعند رؤيتك ينتهي كل شيء
يعود السلام
يرتاح القلب وتطمئن الروح
***
رحلت بعيدا في ثقب أسود
تغادرني روحي بحثا عنك
تصطاد صوتك
صورتك
كلماتك ضحكاتك
أسترق السمع إلى داخلي
أتلصص على مشهد أدخل البهجة إلى قلبك
أهرب من النظرات
أبتعد عن العيون
تخونني الدمعات
تخونني السيطرة
***
لا تزعج الآخرين بمأساتك
هكذا تحدثني نفسي
وكأنها لا تعلم
تطلب من التجلد و التحكم
وكأنها تجهل
الروح الهائمة
و النفس الضليلة
تنعش التفاصيل
تفترش لحظات الهروب
تملؤها بذكراك

أنا و الموت يجذبني


إحسان طالب
7/6/2008

يستهلكني الحزن
تتآكل مشاعري بفعل الوحدة
أنا و الموت يجذبني
أدمنت معاقرة الأسى
الفرح الجميل يأنفني دونه قطف النجوم وسد الثقوب
أهرول معزولا إلى أحضان ذاتي
أنثر رماد سعاتي
فوق ذرى الزمن الجامد
أنهكت الخيبات لحظات أنس
بحثت عنها طويلا
قوة الألم أمتصت نقي عظامي
غرست الجرح في قلبي
نست أن تخرج النصل المسنن من أحشائي
أدمت الشقاء
فلا انتظار الفرج بريق
ولا اليد المرفوعة نور
ظلمة تعشش في قعر روحي
تنبذ كل ما عرفت من شهوة
تقدم كأس العنت وقت العطش
صدأ مفتت كرمل الصحراء
بعد الغزو
صفوان على حجر فؤادي
غبار في عيون الأطفال أحلامي
****
استوطنت الكأبة مستودع الرغبات
وهربت اللذة إلى غير رجعة
حرب مسعورة تمارسها الأيام
تغتال أجنة المتعة تقرض أطراف الأصابع
بعد حين تتضخم الأرضة
وتتعفن الروح داخلها
تنتظر يوم البعث الموعود
تستذكر عمرا مديدا
لا يستحق الحساب
استمرأ اللهب
نسي الثواب و الجزاء
أيتها الروح المعذبة أنى لك ؟
الوقوف في ميزان الثواب و العقاب
أيها الرجل المكلوم
هل حقا ستتقاذفك المرزبات ؟
أيها الحظ العاثر
هل حقا يحصي عليك القدر الأنفاس و الكلمات ؟
يحدد المسالك و ينهي الطرقات
يقف في أخر نفق العتمة
يسألك عن زمن وجسد ومال و عمل
أنى يصح السؤال وقد حمل الشقاء
النعش من التراب إلى التراب

مآخذ منهجية على الليبرالية العربية


إحسان طالب

28/5/2008

تلتقي كثير من التيارات في عالم الفكر والثقافة و السياسة الإصلاحية الصاعدة في تطلعاتها قبالة العدالة و المشاركة و المساواة وتتشاطر مقارباتها لحالة الشعوب و المجتمعات العربية الراهنة ضرورة الخروج من بؤس الواقع ووقف حال التدهور و الجمود المهيمن ،إلا أن الجو السياسي المضطرب وتأزم الموقف والقرار ينقلب إرباكا شديدا ولدته النتائج المخيبة للآمال لمشاريع نشر الديمقراطية وتبني منظومة أفكار حقوق الإنسان، وإذا كان اللوم لا يلقى على عاتق الفكرة و المبدأ فان سهام النقد والتجريح توجه حيال المنهج الليبرالي ومفرزاته وتحمله مسؤولية الوضع المتردي ومآلا ته المستقبلية، وبصرف النظر عن دقة ذلك التقويم أو مبالغته فالوقوف عند النقاط الرئيسة المعالجة لذلك المنهج مسألة موضوعية تلزمها قواعد البحث والتقصي .
كان رواد النهضة العرب وهم أبرز الوجوه الليبرالية واثقون من مثالية النموذج الغربي الأوربي واستشرفوا فيه العلاجات الناجعة لأمراض الشرق وكان اعتقادهم بضرورة تطبيقه حتمية: يقول طه حسين : نريد أن نتصل بأوربا اتصالا يزداد قوة من يوم إلى يوم حتى نصبح جزءا منها لفظا و معنى وحقيقة وشكلا،وعلينا أن نشعر الغربي بأننا نرى الأشياء كما يردها ، ونقوم بالأشياء كما يقومها ،ونحكم على الأشياء كما يحكم عليها ) (1) . تلك الرغبة في استنساخ التجربة الأوربية لم تكن في الواقع عملية ولا علمية لاختلاف الخلفية التاريخية للمنطقة العربية اجتماعيا و فكريا و سياسيا كونها منيتة عن البيئة التي طرحت فيها ولعل ذلك أحد الأسباب التي ألت بالتجربة الليبرالية للبقاء ردحا من الزمن حبيسة فكر النخب ولم تتمكن من خلق جذور جماهيرية لغربة الخطاب و انعدام تماسك الهوية الليبرالية . يقول كمال عبد اللطيف في كتابه (سلامة موسى و إشكالية النهضة : إن مسيرة الثورة الكمالية كانت تتجه نحو غرب رأسمالي أي نحو تمثل مكتسبات البرنامج الليبرالي بشكل كاريكاتوري ، نقل الفكر و الممارسة الجاهزة و محاولة تطبيقها في مجتمع تحكمه شروط مخالفة لشروط تحققها التاريخي )صفحة 185
لقد كانت التوجهات الليبرالية العربية في سياقها خارج التاريخ الذي نشأة فيه وفي بعض جوانبها اندهاش بلغ حد الصدمة بالغرب المتطور علميا و المتقدم سياسيا و اجتماعيا تسبب بردة فعل أحدثتها المطروحات الغربية قبالة سيادة الفكر الغيبي واستبدادية الحكم الفردي ، لقد كان تشخيص الداء واضح الملامح محدد الأطر لكن العلاجات كانت مقلدة و منسوخة عن وصفة طبيب بعيد لمريض أخر لم يعاينه ولم يختبر أوجاعه فآلت التجربة إلى نتائج سطحية استعجلت الشفاء فكانت انتكاسة المريض أشد وطأة و تأخرت طويلا لتتطور وتحدد ملامحها وإلى حد ما هويتها. ردة الفعل تلك تجلت في محاولة دائمة لاستجلاب الصورة الغربية وتعليقها مكان النموذج السلفي السائد :(إن ازدواجية المثقف السلفي وتوتره بين الشرق و الغرب ، ثم تمسكه بالشرق وبالتراث تقابل عند المثقف الليبرالي بالسعي الدائم للبحث في التاريخ الثقافي للغرب ، ومحاولة استنساخ جوانب من بالصورة التي تجعل الشرق غربا تابعا مهيمن ، أي لغرب لا مفر من سطوته و جبروته ، الانتقائية هنا بديل لا تاريخي لازدواجية وتخلف الرؤية السلفية ( المصدر السابق 232
وفقا لذلك التحليل يمكننا القول بأن الليبرالية العربية لم تبحث عن خطاب تأسيسي ( وهذا ما نسعى في الواقع لنقوم به هنا ) يصلح منصة انطلاق لصيانة وبلورة قراءة قادرة على تحديد قاعدة ينيوية يتشكل حولها و عليها كيان فلسفي فكري يجادل السلفية والشمولية من شط عقلاني محايد مؤهل بالمنطق التاريخي يطرح حلولا قريبة في سياقها من الشرط المكاني و الزماني للبيئة التي يرجى علاجها من سطوة الغيب ومبررات الاستبداد
ينحاز المنهج الليبرالي إلى قناعة إستراتيجية ترى العالم فضاء مفتوحا أمام المنطلقات الإنسانية ، يتجاوز الحدود ولا يعبأ بالموروثات الوطنية والقومية الممانعة و المعارضة، ويتبنى فكرة إعادة صياغة قيم ومفاهيم السيادة وحدود التدخل الدولي في المسألة الوطنية ، ولا يرى تدويل الصراعات الداخلية خطرا أو سببا لضياع الهوية .هذه الرؤيا تأسست وفق معلمين رئيسيين الأول هو الميل بالعموم صوب النموذج الغربي واتخاذه أمثولة وقبلة تميل القلوب و العقول إليها تستجدي الحلول وتقتفي أثر المدارس الحديثة في الاقتصاد و الاجتماع و السياسة .ومبرر ذلك الفشل المزمن لمشاريع تاريخية و أخرى تقليدية تواءمت مع أنظمة شمولية ورثت الهزيمة وجذرت التخلف،كانت على الدوام متصدية لأفكار الحرية والديمقراطية لا تعبأ بحقوق الإنسان أذاقت الشعوب ويلات القهر بذريعة التصدي لسياسات الهيمنة و التسلط العالمي . المعلم الثاني هو إعادة صياغة الأولويات وبروز المفهوم الإنسان المجرد كقيمة عليا تطغى على ما دونها من القيم حيث غدا تحرير العقل مقدما على تحرير الأرض ، وصارت القيم الإنسانية مقدمة على القيم الوطنية وباتت حقوق الأقليات العرقية و الدينية في طليعة هموم الكتاب وهيئات الحقوق المدنية، في خضم هذا المنهج العمومي مالت بعض القوى العربية إلى تبني العولمة وارتبطت بها ورأت في أجواء التدخل الدولي حلا قريبا لأزمات الشعوب ومشاكل الدول .راجع الملحق رقم واحد :مشروع لبرنامج ليبرالي سوري.
كذلك يميل المنهج الليبرالي صوب أيديولوجية رأسمالية بعيدة في منطلقاتها النظرية عن أولوية العدالة الاجتماعية قريبة من قبول تحقيق الربح على حساب الطبقات الأكثر عوزا و حرمانا،وإذا كان التطور المدني و السياسي في الغرب سمح بمستويات معقولة تحقيق التوازن الاجتماعي وفق منظومة حقوقية و دستورية ،فإن الانعكاسات الخارجية للبرالية الجديدة على شعوب العالم الثالث باتت تشكل خناقا شديدا على مقدرات وثروات البلدان النامية وتحرمها من السيطرة وإدارة إمكاناتها الطبيعية يما يمنع من تحقق متطلبات وحاجات الأفراد و المجتمعات وطموحاتها الوطنية و القومية.
تلك المسؤولية الملقاة على عاتق السياسات الغربية و الأمريكية حملتها رياح الضيق من مأساة عالمية تحل الفوضى و الاضطراب في أماكن مختارة على الخريطة الدولية نالت منطقتنا العربية قسطا وافرمنها وألقتها فوق الفكرة الليبرالية العربية و متبنيها بالتبعية و التسلسل
هذه الرؤيا السطحية أججت الهجوم على المنظومة الفكرية الليبرالية وأشعلت هاجس ارتباطها بالأمركة وما نجم عن عسكرة العولمة من تشظي الصراعات الوطنية نحو صراعات طائفية وعرقية وتفاقم النزاعات الإقليمية على الحدود و الموارد وتحولها لنزاعات مسلحة . وربطت أشكال مناهضة العولمة بالعداء لتك المنظومة وحملتها أوزار ومفاسد النظام العالمي الجديد :( حددت حركات مناهضة العولمة موقفها المبدئي بمعارضة الليبرالية الجديدة السائدة على نطاق العالم باعتبارها لا يمكن أن تنتج سوى ما تراه حاليا وهو استقطاب الثروة و التدهور في أحوال شعوب بكاملها وتنامي الزعامة العسكرية و الاحتلال ..) 6
تزامنت الدعوة إلى ممارسة الديمقراطية ونشر ثقافة حقوق الإنسان وحماية وجود وحقوق الأقليات العرقية و الدينية في نهايات القرن الماضي مع سيادة الليبرالية الجديدة، وباتت سيادة الديمقراطية متداخلة بصورة مباشرة مع حرية السوق وسياسة الانفتاح الاقتصادي مما تسبب في إلحاق الضرر بالمبدأ و الفكرة الليبرالية القائمة أساسا على فلسفة الحرية وقيمة الفرد العليا .وتكمن المشكلة الرئيسة هنا بذلك الربط الذي يفاقم الخشية من سيطرة أو انتشار تلك الفلسفة المتزامن مع اتساع الهوة بين الفقراء و الأغنياء بين الشمال و الجنوب وبين الشرق و الغرب بما تحمله الجهات الأربع من تنوع وتعدد ثقافي وسياسي و اجتماعي . وتباين مجحف لطبيعة الحياة المعيشية لأناس ينفقون المليارات من الدولارات على الكماليات بينما لا تجد الملاين على الطرف الآخر ما تسد به رمقها، تلك الخشية بجانبها الاقتصادي الخارجي محقة في حين أنها مجحفة إذا ما طبقت مقاييسها على الداخل فالليبرالية المتوحشة كما يعرفها عبد الرزاق عيد ( هي تلك النخب من أساطين المال الذين يفترسون الحدود الدولية و القيود والوطنية على حركة رأس المال حيث تنتشر على ساحات القارات دون رقابة ضريبة أو جمركية أو حدود سياسية). وهي (الحرب ضد أي عائق يقف ضد الربح ، هي القوة العسكرية والاقتصادية التي تفتت أي مفهوم أو قيمة تقف في طريق مشاريعها في الهيمنة و السيطرة )هي السياسات الدولية التي لا تمانع بإسالة الدماء البشرية مقابل إسالة النفط والسيطرة على إمدادات الطاقة ذلك هو الجانب الموحش حقا الذي يستغل عن سوء قصد لضرب التوجهات الليبرالية الإنسانية العربية البريئة من سياسات لا تقيم اعتبار للبشر خارج منظومة الغرب الجغرافية و الثقافية والبعيدة كل البعد عن تصورات فلسفة الحرية المنبعثة أصلا من الإنسان المتقمص لصورة المطلق . لقد تطورت الفلسفة الاقتصادية الليبرالية التي بدأت متوحشة وسارت نحو آفاق إنسانية و اجتماعية و ما نشهده في العشر الأول من القرن الواحد و العشرين هو ارتداد لفعل وتشويه لفكر استمر في المعالجة و الصيانة ليبلغ منطقة يكون التقدم والتطور في خدمة البشرية كلها وسببا لوقف معاناتها وليس العكس .
على الصعيد السياسي الذي تشكل الانتخابات العامة انعكاسا لتاريخه يأخذ على الليبراليين العرب عجزهم الحالي عن تشكيل تنظيم سياسي جماهيري ذو امتدادات عربية أو إقليمية خلافا للأحزاب الدينية و القومية التي استطاعت رغم كل الصعوبات تحقيق حشد جماهيري عريض مؤيد لها و مناصر لمنطلقاتها ، فأحزاب الإسلام السياسي ما زالت تحظي بجماهيرية عالية و في كل الفترات بما في ذلك فترة صدامها مع السلطة و إلى الآن، كذلك مازال حزب البعث العراقي يحظى بتأيد معقول بعد احتلال العراق و توابعه ذلك الواقع كان في الماضي و لم يتغير كثيرا في الحاضر و إن باتت الغلبة للتيار الديني غير مسبوقة . وإذا كانت بعض لأحزاب المعروفة سابقا كأحزاب يسارية تحولت بطريقة أو بأخرى صوب الفكرة الليبرالية فان ذلك لا يعني قيام أحزاب ليبرالية بما تحمله الكلمة من معنى ومازالت قاصرة عن تلبية مقومات المنظومة الفكرية والسياسية لليبرالية بمفهومها الفلسفي .وربما يمكن عد حزب الوفد المصري أول حزب ليبرالي عربي إلا إننا لا نستطيع إيجاد امتداداته العربية أو الإقليمية خارج مصر ، و حتى في مصر لم يستطع الاستمرار بصورة فاعلة في الحراك السياسي داخل الشارع المصري بعد ثورة يوليو مع أن السبب يعود لسياسة الحزب الواحد المطبقة آن ذاك لكن على الصعيد الجماهيري لكنه لم يتمكن من استقطاب الجماهير عندما أتيحت له الفرصة أيام حكم الرئيس السادات وازداد الوضع سوءا في الوقت الحاضر .في عام 1984 حصل حزب الوفد على 58 مقعدا في البرلمان وفي عام 1987 حصل الحزب على 25 مقعدا وفي عام 1995 حصل على ستة مقاعد وفي سنة 2000أبقى على نفس العدد و في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لمجلس الشعب المصري و التي جرت في 20|10 عام 2005 نالت قوى المعارضة المتمثلة في الجبهة الوطنية للتغير و التي تضم حزب الوفد و حزب التجمع اليساري و آخرون ستة مقاعد فقط ، وهذا يشكل في الواقع فشلا شعبيا مريعا للأحزاب السياسية العلمانية عموما جديرا بالدراسة و التحليل . ولعله يعكس الهوة العميقة الموجودة بين ما تذهب إليه النخب الثقافية _ خارج التيار الديني _ و بين الرأي العام العربي.
الليبرالية المفرطة :
التعبير المباشر الواضح عن العولمة الليبرالية المفرطة هو التحكم المطلق لرأس المال على ما سواه في العالم ، و اتخاذ ما يلزم للوصول إلى الهيمنة و السيطرة .
لقد شكل المنهج الليبرالي الاقتصادي على الدوام عائق أمام قبول الحريات والقيم الليبرالية عموما وطغى في كثير من الأحيان على الرؤية الفلسفية للإنسان التي تلتقي حولها النظريات الفكرية الوضعية، لما يعتري ذلك الجانب من مخاطر وإشكالات بالغة التأثير في حياة الفرد وعلاقات الإنتاج وتوزيع الثروة بين أبناء الوطن الواحد ، تلك المخاطر أخذت منحا تصاعديا متطورا تنامى ليصبح هما كونيا تلتئم حوله مجموعات و منظمات في الدول النامية و المتقدمة على حد سواء . جزء مهم من ذلك عائد للخلفية اليسارية الفكرية والسياسية التي توارثت العداء للغرب دغمائيا وعارضت منتجاته الإنسانية وشككت في أطروحاته المنادية بالحرية و الديمقراطية استنادا للنتائج المخيبة و الخطيرة لتك الدعوات و انعكاساتها السلبية. .على الضفة الأخرى أفرزت التطورات الجيوسياسية العالمية و التغيرات الإستراتيجية الإقليمية المرافقة لرزمة الهزائم و الإخفاقات المحلية منذ ثمانينيات القرن الماضي، نخبا ثقافية فكرية دأبت على المراجعة و النقد الذاتي بموضوعية حينا ً و ردود أفعال أحيانا أخرى نقلت البعض إلى الجانب الآخر تماما نحو الليبرالية المفرطة - بذات الطريقة التي تبنت فيه أفكارها القديمة - فلم تعد ترى مشكلة في التوسع الرأسمالي وعولمة الموارد الكونية، غير معترضة على حرية حركت الكتل النقدية و الاحتكارات الدولية متناغمة مع التحرر الكامل للتجارة العالمية متغافلة عن احتكار التكنولوجيا و تصدير الصناعات الخطرة إلى دول العالم الثالث عازية التخلف والفقر لبيئة داخلية بحتة .تلك التصورات المفرطة الجانحة نحو المحافظين الجدد أغفلت الأخطار الكونية الناجمة عن سياسات صناعية ألحقت بالبشرية كوارث كونية تثيرها بإلحاح أزمة الغذاء العالمي الخانقة و ارتفاع أسعار المواد المعيشية الرئيسة.
إن أيديولوجيا ألاستهلاك الرأسمالية باعتبارها منظومة أفكار مترابطة تتحكم وتسير سلوكيات الدول و المجتمعات الغربية، انقلبت ندرة خطرة و صراعات مدمرة و استنزافا مجحفا للموارد الطبيعية ، تجاوزت حدود أثاره السلبية حاضر البشرية ليصبح خطرا على مستقبل الإنسان و الأرض . وتحمل الدراسات العلمية الحديثة السياسات الصناعية للدول المتقدمة مسؤولية التداعيات الخطرة للتغيرات المناخية و الاحتباس الحراري التي باتت تنذر بكوارث إقليمية بدأت نتائجها الوخيمة بالظهر تباعا من ارتفاع لدرجة حرارة الأرض وذوبان لثلوج القطبين المهدد بارتفاع مستوى البحار ما يعني غرق مدن مأهولة للأسف الشديد تتمركز مخاطرها الأولية في مدن الساحل الأسيوي و دلتا النيل المصري ولم يعد مقبولا علميا تبرئة الدول المتقدمة مت مسؤوليتها المباشرة عن تصاعد تكرار الكوارث الطبيعية : راجع الملحق رقم 2.
للبرالية المفرطة جانب آخر مهم ينفرد بتحليل مسرف لأزمة النهضة العربية حيث يبتعد في مقاربته عن العنصر الخارجي ويتجاهل مصائر زرع و إنبات دولة إسرائيل في قلب البلدان العربية وينقلب بمفرداته النظرية نحو الداخل كرد فعل تلقائي على التحليل الا موضوعي الذل يلقي بالمسؤولية الكاملة على المآلات العربية المعاصرة على الغرب و الاستعمار و بنفس السوية على إسرائيل.
هذا الخلل المنهجي في التحليل عائد لطريقة تفكير المدارس الشمولية القديمة، القومية المتعنتة و الماركسية الجامدة و الإسلامية التقليدية التي خرج من عباءتها كتاب و باحثون و سياسيون أرادوا قلب الطاولة القديمة بكل ما عليها كونها لم تفرز سوى التخلف والتعصب و الجمود المقرون بسلاسل لا تنتهي من التراجعات والهزائم. وبدت المسألة و كأنها تبادل للتهم و الأدوار فإذا كانت النخب السلطوية تحمل الخارج إسرائيل كل المسؤولية فان نخب اليمين العربي تحمل الذات و الداخل كل المسؤولية، هذه الحالة في دلالتها المباشرة تنقلب نحو التركيز على قضية النقد و المراجعة الحقيقية والاعتراف بقصور الامكانات و الأدوات و الوسائل المستخدمة في النقد و التحليل .
ذلك المنهج المفرط سارع لتأييد غزو العراق و تبنى عناوين المشروع الأمريكي للمنطقة ونعى ثقافة المقاومة كحالة من حالات النهضة و مقارعة الظلم و الاحتلال و الاستبداد جملة و تفصيلا ونأى عن المشاق واستمرئ جني الثمار دون عناء ، هنا أيضا جاء ذلك الموقف كرد فعل لا عقلاني على الترويج لثقافة الموت وقتل الذات والتضحية بالمختلف واحتقار قيمة الإنسان قبالة العقائد و الأيديولوجيات ! وجاء كرد فعل على الدعوات و الشعارات المعارضة للحداثة و العقلنة المنتجة لفكر أصولي متصلب لا يرى الفلاح و النجاح إلا في ركوب الجمل و تقصير الثوب و إطالة اللحية أو يؤخر مشاريع التنمية و التطور إلى ما بعد تحقيق دولة الوحدة العربية النقية الطاهرة لا يوجد فيها جزء محتل أو مغتصب لو تسبب ذلك في تكريس الاستبداد و الظلم وإهدار كرامة الإنسان فلا صوت يعلو على صوت التحرير و الجهاد.
هذا المنهج المفرط يقال فيه النقد التالي ((لا يتورع الليبرالي العربي عن اللجوء المسرف لآلية النقد الذاتي في معالجته لكافة القضايا المعاصرة ، إذ لا يرى في الاستعمار الأجنبي إلا قابلية داخلية ولا يجد في احتلال العراق إلا خروج البعض قوميا عن المنظومة الدولية ، بل لا يعد المقاومة في العراق وفلسطين أكثر من لعبة خطرة لا يدرك " المتشددون " أبعادها أما العولمة بوجهها الأمريكي السافر فتحول لدى بعضهم نتيجة طبيعية للتطور الديالكتيكي للمجتمع الإنساني _ بالمفهوم الهيوماني الشامل _ والذي مازال يعمل على كتابة صفحات تاريخه الأولى ))أحمد دعدوش الليبراليون العرب : هل هم حقا ليبراليون :مجلة البيان
تلك الليبرالية المفرطة لا تشكل في الواقع كتلة أو تجمعا ملموسا يصح أن نطلق علية تلك التسمية صحيح أن هناك تناغما ملموسا بين ما يطرحه ليبراليون كانوا بالأمس ماركسيون أو قوميون أو إسلاميون لكن في الحقيقة يندر أن تجتمع صفات المنهج المفرط في تجمع أو تيار ليبرالي بعينه أو في باحث وكاتب بذاته وكما هي الحال في المنظومات الفكرية و الفلسفية ذوات التوجهات المشتركة تحت عنوان أو مسمى معروف يصح القول بوجود مناطق ليبرالية متفاوتة يقف عندها أو يبتعد عنها تيار أو مفكر ، وعلى هذا الأساس لا يصح إطلاق التقويمات الكلية قبالة مجموعة أو أفراد ونقلهم إلى خانة العمالة و الخيانة للاختلاف معهم في التفكيك و التحليل فذلك هو النقد الدوغمائي و الحكم المسبق دون محاكمة أو معالجة قد يصح وصف الإسراف و الإفراط في موقف معين أو رأي محدد توجه له سهام الاتهام الفكري أو السياسي ولكن بعيدا عن منصة الفضيلة و الأخلاق أي لا يتحول الاتهام الفكري أو السياسي لاتهام أخلاقي ومن باب أولى أن لا يتحول الاختلاف في التقويم التحليل إلى اتهام حقوقي ينتج عن زج المعترض أو المختلف خلف القضبان وفقا للائحة اتهام مسبق باتت صيغة معروفة و ثابتة ترفع الراية الحمراء في وجهة المعارض تحمله وزره و وزر أقوام سبقوا و أقوام لحقوا .
1 -- طه حسين مستقبل الثقافة في مصر، القاهرة مطبعة المعارف 1944 ص 34، 44. الإختلاف الفلسفي عبد الله ابراهيم

الاثنين، مايو 12، 2008

الخيار الوطني لإعلان دمشق

إحسان طالب

16/4/2008


النقد و المراجعة وسيلتان أساسيتان في تطوير العمل السياسي والنهوض به نحو أداء جماعي ديمقراطي يعي تجارب الماضي ويستفيد من أحداث الحاضر وما يفرزه من ردود أفعال تتفاوت قيمتها وتتباين قدرتها على الإفادة و التأثير .
أثير في الآونة الأخيرة قراءات نقدية تتعرض لأداء المجلس الوطني لإعلان دمشق و ما صدر عنه من وثائق سياسية و مبدئية و إجرائية توخ بعضها دعم مسيرة العمل وإسناده بقراءات موضوعية تشكل إضافة هامة لفعل تراكمي يخدم الهدف الإستراتيجي للتغير الوطني الديمقراطي السلمي المتدرج .
في حين شكلت بعض التوجهات هروبا نحو الأمام و أثقلت كاهل الإعلان بمهام بعيدة المنال شديدة التشعب ربطت الأهداف القومية الكبيرة، والشعارات الأممية القديمة بالهدف الإستراتيجي الوطني المرحلي، وهي بذلك تكرر أخطاء الماضي التي ساهمت وما تزال في وضع العقبات والعراقيل ـ عن حسن نية ـ في طريق المعارضة الوطنية السورية .
لقد أجمعت القوى المتآلفة في إعلان دمشق على نقاط مركزية تمثلت في:
1 ـ التغير الوطني الواثق بمقدرات الشعب السوري المعتمد على ذاته و إمكاناته ودون اللجوء للقوى الخارجية و أجندتها المتقاربة حينا و المتباعدة أحيانا .المتفهم لطبيعة التغيرات الدولية والمشاريع الخارجية
2 ـ الديمقراطية و التنمية كثقافة و فكر و منهج متوائم مع الحالة السورية ،مستفيد من التجارب العربية و الإقليمية .
3 ـ مكونات الشعب السوري المتعددة و المتنوعة بانتماءاتها العرقية و الدينية تمثل حالة فريدة جديرة بالحفاظ عليها ،يلزم التأكيد على حقوق تلك المكونات و خصوصيتها
4 ـ الوقوف إلى جانب معاناة الشعب السوري والطبقات الاقتصادية و الاجتماعية الأدنى التي تتحمل العبء الأكبر و الأهم جرا الغلاء و التضخم و السياسات المرتجلة
5ـ الهوية العربية للغالبية المطلقة من السورين مسألة مبدئية لا تنفصل عن الهوية الوطنية وسوريا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية كما جاء في البيان الختامي للمجلس الوطني .
لقد شكل المجلس الوطني سابقة في عمل المعارضة السورية .ذلك أنه للمرة الأولى منذ تأسيس التجمع الوطني تقوم المعارضة السورية بالمبادرة بالفعل ولا تنتظر أفعال من النظام لتبني عليها تحركها ، و إنها المرة الأولى التي يتحقق فيها المطلب المهم في إعادة السياسة إلى المجتمع و إعادة المجتمع إلى السياسة.و إشراك المستقلين نواة المجتمع المدني و الأكثر التصاقا بالناس و المجتمع .فدعونا نحمي منجزا قد نختلف في حجمه لكننا متفقون على ريادته و أهميته .
بل لقد انعقد المجلس في ظل أجواء إقليمية و دولية توحي بتسويات و تقاربات أبعد ما تكون عن إرادات التغير و الإصلاح , وشكلت العوامل الخارجية ثقلا إضافيا ساهم بشكل مباشر في رفع وتيرة التصدي و مواجه الإرادة الوطنية المدافعة عن حقوق الناس في حياة كريمة بعيدة عن الفقر و الحاجة و الازدراء الإنساني ، بعيدة عن القمع و التسلط و كم الأفواه و كسر الأقلام .
أسس إعلان دمشق بتحركه السياسي بعيدا عن السطحية و القشرية عملا نموذجيا في تاريخ المعارضة السورية حيث جعل الداخل منطلقا و مركزا للقرار و الموقف في ظل دينامكية مرنة تترك لكل أطياف المعارضة ممارسة الحراك السياسي بالطريقة و الأسلوب اللذين تراهما مناسبين لظرفها الزماني و المكاني ،بما لا يتعارض مع وثائق الإعلان المقرة من قبل المجلس . و إذا كان البعض يرى اختلافا في التفسيرات و التأويلات لنصوص الوثائق فإن ذلك أمر طبيعي و عادي بل ومرغوب في ظل إاتلاف يجمع ألوان الطيف السوري الفريد و الجميل .
معارضة الخارج و حرب النظارات :
تلقى إعلان دمشق دعما لا يستهان به من قبل القوى الوطنية السورية المنفية قسرا أو اختيارا ،و أدى ذلك الدعم إلى ظهور لجان مساندة و مؤيدة اتخذت من وثائق المجلس عنوانا و منطلقا لحراكها و عملها السياسي ، كما ساهم في نقل الصورة الأقرب للواقع السوري إلى الهيئات و المنابر الدولية وذلك أمر ايجابي يضيف لبنة جديدة لكيان البناء المعارض ، و إذا كان البعض ممن ركبوا تيار الإعلان الصاعد تجاوزا السقف الوطني و انفردوا بتوجهات لا تنسجم مع وثائق المجلس فإن التبعية هنا منفصلة و تقع على عاتق الفاعل دون سواه ولا يأخذ الآخرون بخطيئة ارتكبت بمعزل عن القرار الداخلي و انفردت في التصور و التوجه حتى لو رفعت أسماء وشعارات تلتصق بالإعلان رغبة منها في الصعود السريع و جني الثمار قبل نضوجها بل ربما قبل إزهارها.
إن التسرع و قلة الصبر و التأثر بالأجواء الإعلامية المجانبة للواقع صفة تكاد تكون ملازمة للمعارضة الوطنية في الخارج , وكثيرا ما ينطلق البعض الآخر لتحديد سقف زمني خيالي للتغير يعكس رغبة و أمنيات ذاتية في الوصول إلى السلطة دون المرور بالولادة الطبيعية لجنين التغير الضعيف
وهنا يقع الكثيرون في فخ الخلط بين الحقائق و المعلومات من جهة و بين التمني والرغبات من جهة أخرى فتحل الثانية محل الأولى وتتحول وهما وخيالا مرضيا ينقل صاحبه لتحليلات و تنظيرات لا تذهب ابعد من أنف صاحبها ترى الأفق البعيد سرابا عامرا بوقائع و أحداث لا تغادر المخيلة و لا تصل لنتيجة سوى التخبط و التعثر وإلقاء التبعية يمينا وشمالا كما ينثر الدجاج التراب ليبحث عن الحب فيؤدي نفسه ومن حوله ويعيق الآخرين ويسيء لصورة الجميع .
وفي مقابل المتفائلين بالسراب يقف أصحاب نظرية المستحيل ،يضعون العراقيل والعصي في عجلة العمل الدائر ويتناولون نشاط الآخرين بفوقية وتعال المنظر العالم ببواطن الأمور الذي لا تفوته شاردة ولا واردة ,أحاط بكل شيء علما، فتراه يستخف التضحيات و يقلل من قيمة الأثمان الباهظة التي تدفع عمرا و حياة و مالا في سبيل تحقق هم وطني شعبي إنساني لا يستحق سوى التقدير و الامتنان .يقبع بعيدا عن ساحة الصراع يتقدم خطوة ويتراجع خطوات كنافخ الكير لا تنال منه سوى الشرر و الرائحة الكريهة.
ومن أغرب ما نشر زعما لتحليل مواقف المعارضة طلب تحويل القرار للخارج بذريعة العجز أو الضعف أو البطء .فهكذا وبكل بساطة بعد استعراض عشوائي لما صارت إليه الأمور و بعد إحكام القبضة على قياديين في الإعلان لا يرى سوى نقل التحكم إلى الخارج بزعم القدرة و الحرية ! إنه يتصور المعركة خلف الشاشة ينظر و ينظر و يتحكم عن بعد لا يتحمل عبئا أو ثمنا ولا حتى خطرا ولا يعنيه أن يرى الرجال و النساء في ساحة المواجهة يلاقون مصيرهم الصعب ويدفعون أثمان باهظة لسلعة توزع على الملايين وربما لا ينالون من منافعها سوى متعة وصول الناس لبعض مطالبهم .
الصدق و الوجدان و التعاطف كل ذلك كان أمره محمودا لكن الوقوف بواقعية وقراءة المعطيات و الحقائق بترو وصبر لا يقل أهمية عن الموقف الأخلاقي الشريف . لقد كان و ما يزال النقد ضرورة و حاجة حيوية لآي حراك أو نشاط سياسي أو ثقافي والالتفات و التنبه للقراءات النقدية الصادقة وحتى المغرضة سبب لتلافي الأخطاء وتجاوز العثرات والانتقال نحو الأصوب والأفضل. وإذا كان التكلس والتخشب صفة غير بعيدة عن فكر سائد أو ثقافة رائجة في صفوف معارضة سورية، فإن التعميم و التثبيط و التجهيل و التخوين أمراض مستعصية مزمنة اختلطت ببيئة النقد و تجاوزت المفاهيم إلى المواقف و التوجهات .

إحسان طالب : كاتب سوري

الأربعاء، أبريل 09، 2008

نقد نظرية الحكم الإسلامي


إحسان طالب

تمارس المدرسة التقليدية في الفكر الديني النقد على مستويين :داخلي يقوم على أركان ثلاثة، أولها الإثبات
وثانيها التفسير و ثالثها التبرير، و خارجي يقوم على مبدأ الهداية والضلال، فالآخر إما ضال ممانع للهداية محارب يواجه بالقوة و إما ضال مستعد لقبول الهداية و الانخراط فيها و بالتالي يكون جزءا منها أو منطويا تحت ضوابط ناظماتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.والخروج عن أدوات تلك المدرسة ووسائلها ومناهجها
والبحث خارج مكوناتها ونقدها ،هو سعي جاد لمطروحات حداثية تقدم رؤية ومفاهيم تؤهل المجتمعات العربية والإسلامية للخروج من حالة الاستعصاء و التقهقر التي تلازمها في الحاضر وفي الماضي القريب . وليس محل خلاف الظن بأهمية القراءات النقدية للموروث السلفي المنقول و الفيض المتجدد و المتنامي لمؤثراته الراهنة
والمستقبلية، إلا أن الخلاف يبدأ ثم يشتد عندما يغوص النقد في مسلمات و ثوابت يعد تخطيها أو حتى الاقتراب منها لعبا بالنار وخوضا ً في المحرمات . وربما يكون التخوف عائدا في قسط منه إلى الالتباس في مفهوم النقد
والتوجس من تفكيكه للمكون العام للبنيان الديني الذي يشكل الرابط الاجتماعي الأهم ونقطة الجذب المركزية لمختلف العناصر المشكلة للمجتمعات ذات الغالبية المتدينة .و قد يكون خوفا من التغريب وضياع الهوية إلى جانب العامل الغيبي المتمثل في رهاب الخروج عن إرادات المطلق و النتائج الوخيمة لذلك الخروج .
" إن الرهان على مستقبل جديد للأمة العربية و الإسلامية مرتبط بمدى إنجازها لنقد الأسس التي قام عليها العقل الإسلامي مما يطرح تساؤلا جدليا هو مدى ارتباط حداثة المجتمعات بنقد الأسس العقلية التي قامت عليها هذه المجتمعات "(2)
و النقد بداية لا يعني الإعابة أو الانتقاص بقدر ما هو فتح أو تجلي و ربما كشف على الطريقة الصوفية و هو في بعض جوانبه يصح وصفه بالنقد التأملي لهذا سنلجأ إلى الأدوات المعرفية الحديثة مع إدراكنا للأنماط السائدة
والموروثة طالما أننا نجري نقدا بحثيا ً يمارس خطابا ً حول الخطاب يتناول المعنى بعيدا ً عن الشعور بالخوف أمام حضور جلالة النص. (1)
قد تكون خياراتنا النقدية فكرية أو ثقافية في المقام الأول لكنها في الحقيقة تخفي بعداً سياسيا واجتماعيا تغيريا ً نهدف إليه، خصوصا في مواجهة الهجوم الشامل و العنيف للأصولية السياسية و الاجتماعية الجادة في أسلمة البيئة و الفضاء و الهواء، المسيطرة على الأجواء العربية و الإقليمية الشعبية و الرسمية إلى حد بعيد، تجرها نحو صدام و تناقض مع العالم و الواقع . في هذا الخضم الهائل من الضغط في مواجهة العقلنة و التجديد و الإصلاح كان لزاما العمل بمنهج تفكيكي قبالة البناء الأيديولوجي العظيم المتجذر عبر إرث تاريخي تراكمي حظي بأفضلية الممارسة و التطبيق استعصى على التغير و عاند الإصلاح و التجديد ولن يتحقق تقدم أو تطور نسبي ما لم يتم نقده بالمفهوم اللغوي للكلمة.
شرح نظرية الحكم في الإسلام:
النظرية التي نحن بصدد بحثها و دراستها هي الوعاء الذي خرجت منه الأشكال المتعددة لأنظمة الحكم الإسلامي عبر التاريخ وهي التي ستستخدم لإنشاء أشكال جديدة في المستقبل وفقا للتغيرات الجيوسياسية. ومطلبنا الوقوف عند النبع الذي ألهم وأوحى ذلك الكم الكبير من التنوع وتأطيرالفضاء الحاوي لأركان وقواعد تلك النظرية
ومراحل تطورها و مدارسها و أشكالها العملية.
نظرية الحكم في الإسلام جزء من نظرية شرعية كاملة تتسق بمجموعة من الضوابط والقواعد تشترك فيها كافة أشكال النظم السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية، أي أنها أيديولوجية كاملة مغلقة ذات مصدر إلهي الواجب الرئيس فيها الملقى على عاتق العالم و الفقيه والباحث هو معرفة مراد المشرع في المقام الأول، وفي حال الوصول إلى ذلك المراد ليس هناك خيار بين الرفض أو القبول بل لابد من الانصياع التام و الطاعة المباشرة.
((ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ))الأحزاب 36
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن عند شرحه لهذه الآيـة:
"روى قتادة وابن عباس ومجاهد في سبب نزول هذه الآية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش، وكانت بنت عمته, فظنت أن الخطبة لنفسه, فلما تبين أنه يريدها لزيد مولاه كرهت وأبت وامتنعت وامتنع معها أخوها عبد الله بن جحش لنسبها من قريش، وأن زيدا كان بالأمس عبداً, إلى أن نزلت هذه الآية فقال له أخوها مرنا بما شئت, فزوجهـا من زيد".
المسألة الأصولية المعروفة وهي: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إذ سبب نزول الآية كـان امتناع زينب من الزواج بزيد، ولكن حكمها عام في كل مؤمن ومؤمنة كما دلت عليه الصيغة الكلامية. والشاهد أيها القارئ من هذه المقدمة أن تعلم أن هذه الآية الكريمة { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ } هي معيار الإيمان ودليل وجوده أو عدمه؛ فمن جاءه أمر الله أو أمر رسوله الجـازم ورده بوصفه أنه حر ومختار في تصرفاته الشخصية إن شاء قبل الأمر أو رفضه، وإن شاء نفذ حكم الله تعالى وحكم رسوله أو نبذه وأهمله، فهذا العبد ما هو بمؤمن ولا يعد فرداً من أفراد المؤمنين إذ الآية تنفي وجود إيمان صحيح مع اختيار حر بالرفض والقبول, لأحكام الله ورسوله - ص-3 انسجاما مع المفهوم المركزي للإسلام بأنه استسلام وانقياد لمراد المشرع الأول جل شأنه كانت القاعدة المبدئية في تلك النظرية نفي حرية الاختيار و تجاوز أصل الرفض أو القبول المرتبط بحرية الإنسان.هذا الخضوع يقابله الانصياع للأنظمة و القوانين الوضعية و الفارق هنا قابلية التشريع الوضعي للتغير التعديل وحق الفرد في إعلان معارضته وعدم رضاه وسعيه للتغير ،في مقابل التصديق المطلق والحب الخالص للشريعة الدينية .
((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما))النساء65.
تحمل هذه الآية بعداً إضافيا داخل مفهوم الانقياد والتسليم الفعلي و الوجداني يمتد ليشمل قضاء و حكم الرسول خارج القرآن، أي ما صدر عن النبي من أقضية و أحكام دنيوية ولا تنازع بين القرآن و السنة فالآية نزلت لإعطاء الشرعية الإلهية لأحكام وأوامرالرسول وخاصة تلك التي لم ترد في القرآن هكذا هو الأمر في حياة النبي وبعد وفاته يفترق التأويل والتفسير فعند أهل السنة يستمر الحكم الملصق بالنبي إلى ما ورد عنه ومن ثمة بالوكالة للحاكم الملتزم بتطبيق الكتاب والسنة, عند الشيعة تنحصر مسألة الانقياد والتسليم بالأئمة المنصوص على إمامتهم
وبالوكالة للولي لحين عودة الإمام الغائب وفي كتب التفاسير أحاديث نبوية بأسانيد تذكر أسماء الأئمة و تحصر و لي الأمر فيهم
عن الإمام الصادق عليه السلام:لو أن قوما عبدوا الله و أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه رسول الله ألا صنع خلاف ما صنع ؟أو وجدوا في ذلك حرجا في أنفسهم لكانوا مشركين ـ4ـ
جاء في فتح القدير في تفسير الآية أعلاه: و التقدير فوربك لا يؤمنون حتى يحكموك أي يجعلونك حكما بينهم في جميع أمورهم ولا يحكمون أحدا سواك، أي ينقادوا لأمرك و قضائك انقيادا لا يخالفونه في شيء، والحرج الضيق وقيل الشك ــ5ــ
لا تكتفي النظرية الكلية للفقه السياسي الإسلامي بإلزام المسلمين و المؤمنين برؤيتها وتصورها لطبيعة الحكم و آثاره بل تذهب أبعد من ذلك بكثير لتشمل أهل الأرض كافة.
فالرسالة عالمية شمولية لا تقبل الرفض أو الشك ممن حولها، والاعتقاد بمطلق الحق والصواب فيها جوهري و خطير ملزم و حجة لكل من سمع بها، وفي ظل الثورة الكونية الإتصالاتية بات من المفروغ من وصول و معرفة أمر هذا الدين لكل البشر على سطح المعمورة، و كل من لا يؤمن به من أصحاب النار، فهي رسالة تحمل البشر و الخير لأهلها والنذير و الثبور لم خرج عنها أو منها.
((و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون ))سبأ28"أي ما أرسلناك إلى الناس إلا جامعا لهم بالإنذار والإبلاغ أو مانعا لهم من الكفر والمعاصي "ــ 6ــ
(( إن الدين عند الله الإسلام و ما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ))آل عمران 19ــ
قال العلامة حسين الطبطبائي في تفسير تلك الآية:أن المراد بكون الدين عند الله وحضوره لديه سبحانه هو الحضور التشريعي بمعنى كونه شرعا واحداً لا يختلف إلا بالدرجات، و بحسب استعدادات الأمم المختلفة دون كونه واحدا بحسب التكوين بمعنى كونه واحدا مودعاً في الفطرة الإنسانية على وتيرة واحدة ـ اـ هـ ــ 7ــ
((و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل من و هو في الآخرة من الخاسرين ))آل عمران 85 ــ
وفي الحديث الصحيح : و الذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار .
ــ قال النووي في شرح الحديث: هذه الأمة أي من هو موجود في زمني و بعدي إلى يوم القيامة فكلهم يجب عليهم الدخول طاعته و إنما ذكر اليهود و النصارى تنبيها على من سواهم، و ذلك لأن اليهود و النصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى. إ ـ هـ ـ 8 ـ
تشترك الأشكال و أنظمة الحكم الإسلامية الأصولية المختلفة بالمبادئ المستنبطة من الآيات والحديث أعلاه و غيرها كثير تعطي ذات الدلالة و ترسخ ذات المفاهيم التي يصعب جدا تجاوزها و القفز فوقها لثباتها و قوة الحجة و الدليل فيها ، فشمولية الرسالة و فطرية الدين بمفهومه الشرعي تلقي بظلالها الثقيلة على الباحث عن الحرية السياسية والاعتقادية تحت سقف نظرية كلية للحكم في الإسلام.
ويعزى جزء مهم من ذلك الإرث المتراكم من التنوع في مظاهر التفسير و التطبيق إلى طبيعة النص القرآني المولد لقائمة لا متناهية من الأحكام ولفتوته وحيويته عبر العصور، كما ينصرف قسم أخر إلى محاولة الباحثين المسلمين تركيب ما وصلوا إليه من أراء و مواقف و مفاهيم على الأسس و القواعد المستوحاة و المستنبطة من الموروث المنقول لإكساب مقولاتهم السند الشرعي و لإثبات قدرة الوحي في التحكم في متغيرات الزمان و المكان, ودائما كان هناك فرقَ و حتى تعارض بين المثالية والمبادئ النظرية التي تطرح في كتب الفقه السياسي و بين التطبيق العملي المختلف كثيرا عن الأهداف و الغايات والمقاصد. هذا الإشكال ليس خاصا بالمنطلقات الإسلامية بل هو في واقع الحال عام تاريخيا في كل الأيديولوجيات التي عرفتها البشرية. إلا أن الإشكال الخاص بالفقه السياسي الإسلامي له شقان أساسيان:الأول: التباين الصريح في مدلولات الآيات القرآنية و الأحاديث الثابتة المروية عن النبي، فلغة النص و مدلولاته المتعددة تنعكس إرباكا واضحا في استنباط أحكام متناقضة تماما من نص واحد، واختلاف مدارس التفسير والتأويل مازالت قضية مستعصية على الحل، ناهيك عن قضية الاختلاف في إثبات النص ومذاهب التفسير و علومه. فمسألة قتل المرتد أي المغير لدينه أو المنكر لكل أو بعض ما علم من الدين بالضرورة مازالت غير محسومة إلى الآن بعد أربعة عشر قرنا من البعثة، ومثلها كذلك القبول بالتعدد المرجعي للتشريع و القوانين ـ.
من خلال العصور التاريخية المختلفة التي تلت عصر التأسيس أي عصر النبوة لم تعجز أي من المذاهب و الفرق و أنظمة الحكم حتى الحديثة منها عن إسناد أرائها و مواقفها المتناقضة بدليل شرعي من الكتاب و السنة و تراث الأئمة والفقهاء وكل منها يدعي الحق المطلق وامتلاك الإسلام الصحيح. و تستمر الاجتهادات و النظريات الحديثة في السياق ذاته تسخر الدليل لخدمة أطروحاتها و مواقفها و تدعم الواقع الراهن بالسند الشرعي.
الثاني: مفهوم قداسة و قطعي النص و نهائيته تنعكس على الموقف و الحكم المأخوذ عنهويترتب على ذلك وجوب إخضاع أو إقصاء أو إنهاء المخالفين والمعارضين. فالموقف السياسي أو النظرية السياسية المدعومة بالسند الإلهي تنتقل إليها ميكانيكيا القداسة والنزاهة والعصمة ويصبح معارضوها محل شك و ريبة وخارجين عن الدين و معادين للأمة و الوطن. فالحزب الإلهي لا يقبل النقد ولا المراجعة ولا يصح البحث في سياساته إلا من باب المدح والتعظيم والإجلال ويحظر الحديث عن قادته دون ألقاب التبجيل والتفخيم. عندما تكتسي السياسة وأنظمتها ونظرياتها بحلة الدين تغدو مفاهيم التعدد والاختلاف والمعارضة أمرا مكروها بل ومحرما.
تلك العلاقة الجدلية بين الدين و السياسة كانت في النهاية لمصلحة السياسة على حساب الدين والمتتبع لتاريخ الدول و الأنظمة الإسلامية بعد مرحلة التأسيس و البناء يلحظ بوضوح خضوع الدين للسياسة و ليس العكس . كلما جد منطق أو نظام جديد وفقا للظروف و الحاجات و مصالح الحكام استطاع فقهاء السلطان إسناد الفعل بالدليل الشرعي.

استعراض لسمات النظرية:

من الصعب تحديد سمات رئيسة واضحة ومحددة لنظرية الحكم في الإسلام متفق عليها تحظى برضي وتأييد التيارات الفقهية و السياسية المذهبية السائدة في عالمنا المعاصر، و ذلك لأسباب تتعلق بالمرجعية وآليات إثبات الموروث النصي وفهمه من حيث المبدأ، ولأسباب مرتبطة بالموقف من أصحاب الممارسة العملية للأسس والمبادئ المكتوبة. فتاريخيا تعامل المسلمون، علماء وقادة سياسيين مع الدليل الشرعي بصورة معكوسة للمنهج التجريبي قبالة الدليل الشرعي، فالأصل هو البحث في النص ومن ثمة استنباط الحكم، ما حدث عبر التداول الزمني لقيادة دفة الحكم و الفقه العكس تماما،وذلك في الجانب السياسي تحديدا حيث برع علماء السلطان في توصيف الحالة الواقعية بمدلولات مسبقة للدليل.
لكن بالتأكيد هناك سمات و أركان جامعة تلتقي حولها المتفارقات من حيث المنطق و اللغة والقيم المبدئية ويمكننا تكثيف عرضها على الشكل التالي: هي نظرية إلهية ربانية شاملة ملزمة قوامها الخضوع و الانقياد لمشيئة الوحي ومراده بما في ذلك من صلاح ونجاة للبشر وعمران للأرض ((فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقى * و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى))طه 122ــ123ــ
و لمفهوم الغلبة و القهر و ذوي الشوكة ثقله البارز في صياغة النظرية و سيبرز ذلك واضحا في التفاصيل.و العقد الاجتماعي فيها محصور في مفاهيم الخلافة و الإمارة، فالبيعة تفويض مطلق لا يراجع بعده المفوض إلا من باب النصح و هي، أي البيعة واجب من الرعية تجاه الراعي أي الحاكم، وهي مناطة في المقام الأول بأهل الحل والعقد و ذلك جلي واضح في المذهب السني . أما عند الشيعة التي كانت تشكل على الدوام معارضة ممنوعة ومحاربة اختزلت المسالة بالأئمة المعصومين وتحول الإمام بصلاحياته وعصمته إلى مطلق الحق و الصواب وزاد المسألة تعقيدا تبني الأكثرية الشيعية لولاية الفقيه التي تكسب رجلا واحدا صلاحيات نهائية، تتحكم بمصير أمة ، ولم يتحدث القرآن الكريم في أساسيات الحكم و تنظيمه و لم ترد فيه أشارات أو بيانات واضحة لقضية الخلافة أو طريقة انتقال الأمر بعد النبي و اكتفى بالأمر بالحكم بما أنزل الله و الطاعة له و لرسوله و لولي الأمر وذكر الشورى و حض على العدل. وان كان علماء الشيعة يذهبون بعيدا في تفسير آيات طاعة ولي الأمر في دراساتهم الماورائية إلا أن المسألة تبقى مناطة بما يسند من أحاديث للنبي و للإمام علي ومن بعده من الأئمة وفي الجانب الآخر لم يعز على أصحاب مذهب السنة إسناد أدلة شرعية كثيرة بدءا من صحيح الحديث إلى أقوال و اجتهادات الصحابة و من بعدهم تصبغ ممارساتهم و طريقة حكمهم بالشريعة الربانية .
والدليل الشرعي خارج القرآن الكريم في غاية الأهمية كونه وضع الأطر التنفيذية لما نزل به الوحي ومن هنا كانت الأحاديث النبوية الأساس والمنطلق لمبادئ و قواعد مركزية تناقلها العلماء و الفقهاء و الباحثون من زمن بدء التدوين إلى راهن البحث السياسي المعاصر.و بالرغم مما قد يثيره المحققون من إشكاليات حول البنية الكلية للحديث فإنه كان و مازال المرجع الثاني الأهم في تتبع نشأة الفكر السياسي الإسلامي و نموه و تطوره.
عن النبي قال : كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي ويكون خلفاء فيكثرون ، قالوا فما تأمرنا ؟ قال: فوا بيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم "
رواه مسم برقم 3429باب وجوب الوفاء بيعة الخلفاء أول بأول .
و عنه أيضا :من كره من أميره شيئا فليصبر عليه ، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية" رواه الإمام أحمد في مسنده و البخاري مثله برقم 6530 هذه الأحاديث وأمثالها كانت ومازالت تتداول و يستند إليها في استنباط الأحكام و تنظيم السياسة .
اعتنى فقهاء السياسة المسلمون بالمفهوم الديني للأخلاق في علاقات الراعي بالرعية و اهتموا بنصيحة الملوك وتوجيه سلوكهم إلا أنهم لم يتطرقوا لقضايا المشاركة بالحكم و المساواة كقيمة إنسانية لا تقيس الفرد بميزان الدين و تركزت أبحاثهم حول الخلافة والإمامة وجواز استيلاء الأقوى على السلطة وحق الأمة على السلطان العدل وحراسة الدين وحق الإمام على الجماعة الطاعة ، وعدت الإمامة عقدا لازما غير محدود بزمن لا يحل إلا بشروط عظمى تساوي الكفر الصريح أو الجنون ، ووقفوا عند العهد و الاستخلاف كأدوات لانتقال السلطة و كان الموت أو القتل طريقا واقعيا لتداول الملك .أما الحديث عن العقد الاجتماعي فيظل محصورا بالبيعة المناطة بمشورة أهل الحل و العقد و التي باتت منذ بيعة السيف ليزيد بن معاوية مشروعة بالقوة و الغلبة .
يقول الماوردي في الأحكام السلطانية: إذا استقرت الخلافة لمن تقلدها بعهد أو اختيار ــ بعد معرفته باسمه وصفاته ــ ... فعلى كافة الأمة تفويض العامة إليه ليقوم بما و كل إليه من وجوه المصالح و تدبير الأعمال ـ أ ـ هـ
يقول ابن تيمية في منهاج السنة : " فبين رسول الله أن الإمام الذي يطاع هو من كان له سلطان سواء كان عادلا أو ظالما .أ ـ هـ
وكان يعتقد بالغلبة والقهر صفتين من صفات الخلافة الراشدة إذ يقول: إن الإمام هو من يقتدى به و صاحب سيف يطاع طوعا و كرها و هذان الوصفان كانا كاملين في الخلفاء الراشدين.اــ هـ
وللإمام أحمد بن حنبل قول مشهور أورده أبو يعلى في الأحكام السلطانية :إن من غلبهم و صار خليفة و سمي أمير المؤمنين ،لا يحل لأحد يؤمن بالله و اليوم الأخر أن يبيت ولا يراه إماما برا كان أو فاجرا ـ أ هـ
فالحاكم الذي يعتلي العرش بالقوة و قتل منافسيه و ذبح معارضيه تجب له الطاعة بالحق ولا يجوز الخروج عليه ولو شبرا و يعد تاركه خارجا عن الدين .فالحاكم له الطاعة المطلقة ما لم يخالف الشرع و له مطلق الحرية في اتخاذ القرارات بدون مراجعة و تسن له الاستشارة.
و الفرد في تلك المنظومة السياسية مثقل بقيود البيعة و الطاعة و الولاء إلى جانب واجباته الدينية اليومية و ليس من الضروري معرفته حتى باسم السلطان إذ تكفي معرفة السلطان لأهل الحل و العقد و تبقى ضرورة تحقيق العدل لإقامة الحكم فالعدل أساس الحكم، و اشتهر عن ابن تيمية قوله " و أمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي يكون فيه الاشتراك في بعض الإثم أكثر مما تستقيم مع الظالم في الحقوق و إن لم تشترك في إثم لذلك قيل إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة"ـ 9ـ ما ذكره ابن تيمية هنا هو نصيحة للملوك و السلاطين كي يتحلوا بالعدل لإدامة ملكهم إلا أن تلك القاعدة لا أثر ولا مفاعيل قانونية لها تترتب على الحاكم في حالة اقترافه للظلم ولا تملك الخاصة و العامة حيال بطش و ظلم السلطان سوى النصيحة و الدعاء . فمفهوم العدل و قيمة العدالة تتراجع درجات أمام أولوية حراسة الدين وسياسة الدنيا أي استمرار السلطان بالقوة له الأولوية على تطبق العدل حال تعذر الجمع بينهما.
ويرى ابن تيمية أن السياسية الشرعية تقوم على القوة و الأمانة ((إن خير من استأجرت القوي الأمين ))القصص26 .
و القوة ترجع إلى العلم بالعدل و إلى القدرة على تنفيذ الأحكام. أما الأمانة فترجع إلى خشية الله و الاعتصام إليه و التزام الحق و حسن الأداء و التضحية في سبيل الخير العام .و هذا نلاحظ عدم وجود محددات سياسية أو ناظمات مؤطرة لبرامج و آليات تصلح أدوات سياسية تبنى عليها أطروحات عامة مرنة و حوض يقبل و يلائم ما يوضع فيه.
"الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد له حكم الإمام في جميع الأشياء و لولا هذا ما استقامت الدنيا "محمد بن عبد الوهاب 10ــ
و بالمحصلة فان الخليفة أو السلطان حاكم مطلق بصرف النظر عن الوسيلة التي وصل بها إلى الحكم ومن استولى على العرش أطلقت يده في التصرف كونه منفذا للشرع و مفوضا من قلة مختارة أو معصوما بالولاية و السند الشرعي .
يقول شيخ الإسلام ابن جماعة: فإذا خلا الوقت من إمام عادل مستحق للإمامة فتصدى لها من هو ليس من أهلها و قهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة أو استخلاف، انعقدت بيعته و لزمت طاعته لينتظم شمل المسلمين و تجمع كلمتهم، ولا يقدح في ذلك كونه جاهلا أو فاسقا في الأصح . و إذا انعقدت الإمامة بالشوكة والغلبة لواحد ثم قام آخر فقهر الأول بشوكته وجنوده، انعزل الأول و صار الثاني إماما لما قدمناه من مصلحة المسلمين و جمع كلمتهم ـ أ هـ 11 ـ و سميت تلك البيعة بالبيعة القهرية و لا يملك المتتبع لمثل تلك الفتاوى والأحكام إلا أن يتعجب من ارتباط البيعة والخلافة بالقوة وإذا كانت الحالة السياسية التي وضع فيها ابن جماعة كتابة شهدت اضطرابات عنيفة في العهد المملوكي و إبان غزو التتار فيمكن لنا اعتبار تلك الأحكام ظرفية تاريخيا إلا أن المدهش و المثير أيضا أنها مازالت مراجع أساسية و معتمدة و تجدها لدى دعاة الخلافة و الجهاد و حتى عند الوسطيين من الباحثين المعاصرين، و ما زالت تذكر في مواضيع و دراسات الإسلاميين الحديثة كمراجع أصيلة أولية.و يستند إليها لتأصيل الإسلام السياسي و تأكيد مبدأ الإسلام دين و دولة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:فالدين الحق لابد فيه من الكتاب الهادي و السيف الناصر، فالكتاب يبين ما أمر الله به و ما نهى عنه و السيف ينصر ذلك و يؤيده . أ ــ هـ 12
إن متلازمة القوة و الفكرة شديد الأصالة في النظرية السياسية الإسلامية فهي ليسن فقط مطلوبة لنشر الدين وهداية الناس بل هي أيضا وسيلة مقبولة و شرعية ـ و إن كانت غير مفضلة لدى البعض ـ للوصول إلى الحكم واستلام السلطة، و هذا يفسر الجنوح الشديد لدعاة الإسلام السياسي الأصولي لتبرير اللجوء للقوة كوسيلة مشروعة لتولي الحكم و إقامة دولة الخلافة و الحكم بما أنزل الله.و لعلنا تستطيع الاستدلال على حيوية تلك النقول ومرجعيتها فضلا عن وجودها و حضورها الدائم و المستمر في الدراسات والمباحث السياسية السنية ، بما أكده الدكتور رضوان السيد من استفادة الشيعة من تلك المصادر، يقول السيد : إن مدوني الدستور الإيراني يستمدون مواد كاملة من الأحكام السلطانية للماوردي في المهام الدينية و الدنيوية لمرشد الثورة و الفقيه .المرجع ـ 13 ـ
يقول الإمام الخميني: إن الحكومة الإسلامية تمتاز عن غيرها بكونها حكومة القانون الإلهي، و هذا ما يوفر للمجتمع معطيات تعجز الحكومات الوضعية عن تحصيلها. فان اتصافها بالقانون يحول دون تحولها نحو الاستبداد إذ لا يكون الفرد الحاكم شبحا يحكي القانون المهيمن على حية الأمة. واتصاف قانونها بالإلهية يمنحها قدرة تنفيذية عالية إذ يحل الخالق العظيم محل السلطة التشريعية و تكون الدولة سلطة تنفيذية له ـ14ـ
والأمر يأخذ منحى مختلفا في التوصيف الشيعي للإمامة فهي ليست من المصالح العامة التي يترك للأمة النظر فيها بل هي ركن من أركان الدين و قاعدة من قواعد الإسلام على أعلى و أرقى مستوى من الأهمية الافتراضية أو النظرية لزم وجوبا أن ينص النبي على خليفته ووجب أيضا تعيين الإمام بالنص.ولكي يكون مؤهلا وجبت له العصمة من الصغائر و الكبائر فلا يقترض في الإمام السهو أو الغفلة و يفترض له الإحاطة بكل ما فيه مصلحة المسلمين .تلك المنزلة مخصوصة بأصحاب الولاية التكوينية كما يقول الخميني وهم الأئمة الإثنا عشر و ينتظر ظهور آخرهم الغائب ،و لحين ظهوره يقوم مقامه الولي الفقيه الذي يحظى بالمحصلة بذات المكانة الاعتبارية . ونعود لنقع بذات مأزق سيادة الفرد على الأمة في النظرية السياسية الدينية السنية.

و يمكننا رصد مراحل تشكل النظرية السياسية الإسلامية في أربع مراحل :
الأولى هي المرحلة التأسيسية وهي فترة الوحي و البناء النص للقرآن الكريم وما تلاه من تدوين للسنة العملية والقولية للنبي ، وتعد هذه المرحلة الأهم باعتبارها القاعدة والأساس الذي ستمارس على وفقه النظرية و تتطور وتنضج. الثانية هي مرحلة قيام المدارس الفقهية وتأصيل العلوم الدينية التقليدية التي أسسها أبو حنيفة صاحب مدرسة الرأي و تلميذاه أبو يوسف و أبو عبيد مؤلفا أهم كتابين تراثيين يمكن عدها الأساس في تقنين النص الديني و هما كتابا الخراج و الأموال. الثالثة هي مرحلة الشروح على المتون و اقتفاء أثر المجتهدين الأوائل و أصحاب المذاهب الفقهية الخمسة الكبرى ، الحنفية و المالكية و الشافعية و الحنبلية و الجعفرية. الرابعة هي المرحلة الحديثة و المعاصرة بدأ بـمجلة الأحكام العدلية العثمانية وصولا إلى كتاب علي عبد الرازق الإسلام وأصول الحكم و الذي ألفه بدعم من حزب الدستوريين الأحرار لرفض دعوة بعض شيوخ الأزهر تنصيب الملك فؤاد خليفة وإعادة الخلافة بعدما ألغاها مصطفى أتاتورك في العام السابق وهي زمن الانفتاح على العلوم السياسية الغربية ومحاولة التماهي مع النظريات و النظم الوضعية و السعي للحاق بركب الحضارة الغربية و مسايرة تطورات العصر . و لم يستطع رواد تلك الفترة ترسيخ قاعدة صلبة من الحداثة واضطر علي عبد الرازق تحت ضغط علماء الأزهرإلى التراجع و التوبة عن كتابه و تتابع التراجع لنصل إلى راهن اضطراب الفكر السياسي الديني عبر منظري الإسلام السياسي الأصولي المتشددة ما رافقه من عنف و صدام بين القوى السياسية قد يتحول إلى صدام بين الشعوب والحضارات ما لم نعمل على لجم التوق و الشغف بالتعصب و التزمت و التشدد.

الإشكال الأساسي في النظرية بنيوي في العمق:

إذا كنا نعتقد بأن التدوين الفقهي يشكله الجزئي و المبسط قد بدأ في النصف الثاني من القرن الأول الهجري ــ ما كتبه عبد الله بن إباض. ولم يصل إلينا ـ إلا أن مسألة الخلافة و سياسة الملك لم تبحث بشكل جدي و متكامل إلا في القرن الخامس الهجري على يد أبي الحسن علي بن محمد الماوردي (364ــ0 45 ) ــ هـ الذي ألف أربعة كتب مختصة في الفقه السياسي هي :الأحكام السلطانية ,قوانين الوزارة و سياسة الملك ,نصيحة الملوك , تسهيل النظر و تعجيل الظفر في أخلاق الملك و سياسة الملك. وحققها و قدم لها و بحث فيه الدكتور رضوان السيد المختص في الدراسات السياسية التراثية. وجاء بعده بدر الدين ابن جماعة ولد في حماة سنة639 ـ وتوفي 733 هجرية و كتب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام. وسبقه زمنيا شهاب الدين أحمد بن الربيع المتوفى 227هجرية كتب في عهد الخليفة المعتصم كتاب سلوك المالك و تدبير الممالك إلا أنه لا يشكل نظرية سياسية كما يقول محققه حامد ربيع: بأنه وثيقة ليست فلسفة سياسية و ليست علما، لكنها تحليل للإدراك السياسي الجماعي الذي قاد الحضارة الإسلامية خلال النصف الثاني من القرن الثالث الهجري.و يرى بعض الباحثين أن مؤلف سلوك الممالك يقوم على الفكر السياسي اليوناني و بخاصة فكر أرسطو و أفلاطون وهو يؤكد شكل الحكومة الملكي الذي يقوم على حكم الفرد مقرونا بالتفويض الرباني للحكام بقول ابن الربيع: إن الله خص الملوك بكرامته و مكن لهم في بلاده وخولهم عبادة.
و جاء قبله جنس مرايا الأمراء و نصائح الملوك وفيه كتابات ابن المقفع المتوفى 139هجرية و اختص بالنصائح و إقرار قواعد أخلاقية موجهة للحكام .ولا يصح تصنيف تلك المؤلفات في مجلد البحث السياسي الديني بقدر ما تنطبق عليها أبحاث فلسفية و أدبية سياسية تداخلت مع الموروث الفارسي التاج في أخلاق الملوك المنسوب للجاحظ المتوفى 252 هـ كتاب في الأدبيات و الأخلاقيات لا يصنف في المبحث السياسي المختص.
لا يستطع باحث في فقه السياسة التراثي نفي التأثيرات المهمة للحضارات التي سادت أرض الإمبراطورية الإسلامية خاصة الحضارة الساسانية كما يؤكد رضوان السيد كما لا ينكر الإفادة من المترجمات اليونانية في صياغة الفلسفة الإسلامية. و هذا لا يبرئ الفقه السياسي من الإشكالات التي و قع فيها، و من و جهة نظرنا فان الأفكار المنقولة و جدت لها صدى و قواعد جاذبة في عمق النص ما مكن الفقهاء من خلق سبيكة صلبة لها كل المواصفات و الميزات الإسلامية. وتأسيسا على ما سبق نرى أهمية العمل في حفريات التراث على مناقشة الأصل و الأس الذي نهلت منه العلوم السياسية الإسلامية.
إن عشرات الكتب التراثية المختصة في الفقه السياسي عبر أكثر من ألف سنة ليست دليلا مؤهلا لتأكيد أحقية الدين في قيادة السياسة، كما و أنها ليست كافية لمقارعة العلوم السياسية المختصة بالنظريات و الأنظمة السياسية الوضعية.
يجب أن يدرك الدعاة الجدد للإسلام السياسي أن تراث الفقه السياسي خلا تماما من مفاهيم المشاركة في القرار والحكم ولم يلتفت إطلاقا إلى مسألة تداول السلطة. وابتعد كل البعد عن الحرية والمساواة كقيم إنسانية مقاييسها مهملة للانتماء الديني والعرقي ولم يتبن المواطنة كمفهوم ومبدأ، ولا تكفي الإشارة القرآنية والدلالات العملية المحدودة في السيرة النبوية للشورى كأساس ومنطلق للمشاركة السياسية خاصة وأن الفقه السياسي أجمع على عدم إلزامية الشورى.

في النظام السياسي الإسلامي:

إشكالية انتفاء المعارضة وعزل الخليفة :
عندما تبايع الأكثرية الخليفة أو الأمير أو القائد تكره أي تجبر الأقلية على المبايعة و مفهوم الأكثرية المقصود هنا هو قرار النخبة الغالبة أي الأقوى أو المسيطرة وهذا عائد لطبيعة التفكير السياسي الديني المرتبط بوحدانية الحق و مطلق الحقيقية ،فبعد مبايعة أبي بكر على الخلافة أجبر ـ أكره علي على البيعة وبعد مبايعة علي أميرا للمؤمنين أجبر الزبير و طلحة على البيعة ،كماأجبر معاوية بن سفيان علماء المدينة و بقية أصحاب الرسول على مبايعة ابنه يزيد و اشتهرت تلك الحادثة ببيعة السيف ، و كانت حجة يزيد في محاربة الإمام الحسين وقتله شديدة اللصوق بضوابط البيعة . و أصبح الأمر فيما بعد صوريا, حيث تنتقل الخلافة ـ أي رئاسة الدولة أوتوماتيكيا لولي العهد دون شورى أو انتخاب من باب أولى و بطبيعة الحال كان الرعايا مبعدين تماما عن مسألة من يتولى قيادتهم و حكمهم ولم يكن للعامة أي دور يذكر في هذا الشأن و استمر الحال على ما هو عليه إلى عام ـ 1876تاريخ أول برلمان في الدولة الإسلامية وقد استمر سنة واحدة ثم حله السلطان عبد الحميد الثاني بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها الجيش العثماني على يد الروس واعتبر عبد الحميد البرلمان مسئولا عن الهزيمة . هذا بالاستعراض التاريخي .
في الراهن فإن الحكم الإسلامي في إيران رغم وجود مظاهر ديمقراطية من انتخابات حرة وشفافة نسبيا وتنافس و تعددية إلا أن انتفاء و جود المعارضة خلل جوهري في النظام السياسي الإيراني خاصة والإسلامي عموما.ولا ينكر وجود المعارضة على الدوام في التاريخ الإسلامي لكنها معارضة مضطهدة و محاربة كما هو الحال في الأنظمة الفردية الاستبدادية المعاصرة.
ولما كان نظام الحكم في الإسلام غير محدد وغير واضح لم تتعرف في العهود الأولى طرق لتنصيب الخليفة و لم يتطرق البحث إلى وسائل عزله. و لقد تجلى ذلك النقص في الحيرة و العجز حيال الموقف من الخليفة الثالث عثمان بن عفان و تمت محاصرة بيته لثلاثة شهور ثم فك الحصار بعد تسليمه كتاب عزل والي مصر ولما أكتشف ما في الكتاب من أمر للوالي بقتل حاملي الرسالة عادت الفتنة من جديد و تمت محاصرة عثمان واقتحم قصره و قتل وهو يتلو القرآن .آخذين هنا بعين الاعتبار الروايات السنية عن الموضوع والدالة إلى وجود مؤامرة يهودية هدفها إثارة الفتنة بين المسلمين ، إلا أن الوقائع وما آلت إليه الأمور هي بؤرة البحث و مصب استخلاص النتيجة .
الإباضية و الخوارج:
ينتسب الإباضيون إلى جابر بن زيد الأزدي التابعي العماني و لد عام 22هجرية كما ينسبون إلى عبد الله بن يحيى بن إباض المري الذي عاصر معاوية وخرج على حكام بني أمية عام 128هـ و قتل عام 130 على يد جيش مروان بن محمد و يعتبرهم الشيعة من الخوارج لخروجهم على الإمام علي،وأنكروا التحكيم ورفعوا شعار :قبلت الدنية و لا حاكم إلا الله ولعل هذا هو أهم رابط بينهم و بين الخوارج ويعدهم السنة من الشيعة لسبهم عثمان. والمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه و نشأته أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرستي العراق و البصرة خصوصا واستخدم الرأي و القياس بالرغم من أن جابر محدث . أهمية الوقوف عند هذا المذهب هو أن أصحابه دعوا إلى إمامة المسلمين عن طريق حرية الاختيار و الكفاءة الشرعية لهذا المنصب ولم يشترطوا الإمامة في قريش و لا يجوز عندهم الخروج على الإمام العادل أما الظالم فالخروج عليه ليس ممنوعا كما عند الأشاعرة.و ما زال أتباعهم حاضرين كثرا وهم قريبون من أهل السنة .
ومن غرائب النظام السياسي الإسلامي أن الخوارج و هم فئة ضالة بنظر أهل السنة و الشيعة، اعتقدوا بأن الخليفة لا يكون إلا بانتخاب حر وصحيح يقوم به عامة المسلمين، لا فرق بينهم و يستمر خليفة مادام قائما بالعدل مقيما للشرع مبتعدا عن الخطأ فان حاد وجب عزله و قتله. و الإمامة في نظرهم جائزة وليست واجبة تقتضيها المصلحة العامة فإذا أمكن أن يعيشوا فيما بينهم بالعدل و الإنصاف لا ضرورة للحاكم فإذا فسد الحال
وجبت الإمامة .إلا أنهم أسسوا لمذاهب العنف و القتل و تسرعوا في أحكامها الجائرة و قتلوا المخالف و لم يرحموا طفلا أو شيخا أو حاملا و كانوا شديدي التعصب و الالتزام. و تقتفي أثرهم بعض الفئات الإرهابية الضالة في عصرنا الراهن.
والواقع أن رؤية الخوارج لنظرية الحكم رؤية بدائية غوغائية تعود بمآلها إلى التصورات العشائرية و مجتمعات الإنسان ما قبل الدولة. يتجلى ذلك من خلال قولهم بعدم وجوب الإمامة و أمرهم بقتل الخليفة أو الإمام عندما يحيد أو يخطئ

نتيجة البحث :
لقد أثرى العلماء و الفلاسفة المسلمون الحضارة الإنسانية بمؤلفات قيمة و ساهموا في إغناء التراث الحضاري الإنساني ومازالت علوم أبن خلدون الاجتماعية صالحة ليومنا هذا و مازالت آداب الحكم حرية ً بالقراءة والفهم. ولا ينسى العالم حكاماً مسلمين قل و ندر أن تعرف البشرية أمثالهم كيوسف بن أيوب الفارس النبيل صلاح الدين الأيوبي.
ألا أن الأزمة تستمر وتعود من جديد كلما تجدد البحث السلفي في النصوص و زاد الإصرار على أولوية ووحدانية المرجعية الدينية و تجاوز العلوم و المعارف التي اشتغل عليها وأنتجها العلماء و الفلاسفة، و حصر البحث في قائمة من الكتب التراثية المذهبية و تصنيف الناس على أساسها و يمارس العنف بفتاواها ويعمل من أجل إعادة عجلة التاريخ إلى الخلف. إن ارتباط السياسي بالديني كان على الدوام لمصلحة السياسي و كل الجرائم الإنسانية التي ارتكبت بقرار سياسي تمت تحت مظلة قرار ديني أو أيديولوجي.
وحتى عصرنا الراهن لم يتمكن العلماء و المختصون في علوم الشريعة و مذاهبها من إبرام نظرية حكم متكاملة تمتلك الآليات و الوسائل الإجرائية العملية المنظومة في أطر و قواعد مضبوطة و محددة.وكل ما دار الحديث حوله ومازال منصب في إقامة مراد الوحي الذي يعتقد بتفاهة الحياة الدنيا مقابل عظمة وسرمدية الحياة الثانية بعد الموت.وما زال البحث قائما في اجترار صور و أشكال مبعثرة لأساليب الحكم التي عرفها تاريخ الدولة الإسلامية التي غابت عنها على الدوام إرادة العامة و مراقبتها.وما نظرية ولاية الفقيه التي ينص عليها الدستور الإيراني إلا وجه جديد لقالب قديم منح الحاكم أو الملك صلاحيات مطلقة بتفويض رباني.
يقول سيد القمني مختصرا المسيرة التاريخية لنظرية الحكم في بلادنا التي سيطر عليها نظام الحكم الفردي المستند إلى مرجعية دينية وما أل إليه الراهن كمسيرة طبيعية لتولي الهيمنة المرجعية: (في معظم عالمنا الإسلامي ديكتاتوريتان تتصارعان على استمرار الديكتاتورية و ليس إقامة الديمقراطية:
1. ديكتاتورية عسكر و أسر حاكمة و يمثلون الخليفة الإسلامي التاريخي، و يحاكون نظامه.
2. ديكتاتورية دينية سواء حليفة للسلطة أو معارضة لها ، و يمثلها الإمام أو الشيخ.
و كلاهما الحاكم أو الخليفة، و الشيخ أو الإمام، في حالة صراعية حول من يأخذ أكثر من نصيب الآخر من الفريسة، لكنهما لا يختلفان مصيرياً و لا منهجياً ، إنه صراع الإمام و الخليفة منذ فصل معاوية بين سلطة الحكم و إمامة الصلاة و عين للصلاة الجامعة شيخاً إماماً ) "الحوار المتمدن 2208"
لقد كانت الديمقراطية وما تزال غائبة و مغيبة ولم تعرف أنظمة الحكم الإسلامية تاريخيا مفهوم سيادة الشعب ولا مشاركته، وفي عصرنا الراهن تزداد قيم الحرية و المشاركة السياسية غربة وحصارا حيث استطاعت الأنظمة السائدة التغلغل في الوجدان الشعبي المكون من دغمائية دينية بحتة وأوجدت حالة من العداء مع الفكرة والمفهوم الديمقراطي باعتبارها مستوردة وغريبة لم تعرف المنقولات التراثية دليلا عليها ولم تثبت ممارستها.وفي الجانب الآخر ما زالت الأحزاب الدينية تعد الديمقراطية عربة تستقلها للوصول ثم تتركها عند أخر محطة تريد الوصول إليها وهي كرسي الحكم ،وبعد تلك المحطة تحيل المركبة للتقاعد وتحيي أساليب وطرائق الحكم الموروثة ضاربة عرض الحائض بالمبادئ و القيم التي أوصلتها وكانت تنادي بها وتناضل من أجلها .ولعل الفتوى التي أصدرتها جماعة أنصار السنة في الشهر الثاني من العام 2008 في مصر ـ وهي جماعة سلفية تعتقد بوجوب الرجوع إلى الكتاب و السنة في كامل توجهاتها الدنيوية و الدينية ـ بجواز توريث الحم على أساس أنه ينطبق مع التوجهات الشرعية، دليل رمزي على ما أسسنا له و استنتجناه .
إن البحث السياسي الديني يدور حول السياسة و أخلاقياتها وغاياتها يدعم السلاطين في الأغلب ولا يدخل في عمق البحث السياسي و علومه إلا من خلال الدراسات الوضعية الشرقية و الغربية.

نماذج حديثة للنظرية السياسية الإسلامية:
من وجهة نظر سنية:
أولا :أنها نظام رباني في أسسها و قواعدها ،ليست من وضع البشر بل هي من و ضع خالقهم
((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يقنون )) المائدة 50
ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))الملك 13
ثانيا : أنها نظام أخلاقي يقوم على الفضيلة و احترام حقوق الإنسان .
ثالثا :أنها نظام عقائدي يقوم على أساس عقيدة التوحيد.
رابعا: أنها نظام شامل كامل .
خامساً: أنها نظام العدالة والمساواة.
سادسا : أنها نظام عالمي صالح لكل زمان و مكان
وأما أهداف هذه السياسة الشرعية الإسلامية فهي أهداف سامية،أهمها:
أولا: إقامة الدين لله وتحقيق العبودية الخالصة لرب العالمين.
ثانياً: إقامة العدل ودفع الظلم عن الناس.
ثالثاً: إصلاح الدنيا وعمارة الأرض.
والمتأمل لمقاصد قواعد النظام السياسي الإسلامي يجده يهدف إلى ثلاثة مقاصد مهمة (درء المفاسد وجلب المصالح والحث على مكارم الأخلاق).
وإما قواعد هذا النظام السياسي فهي الشورى والطاعة والعدل والحرية.
ولهذا يجب أن تكون سياستنا سياسة شرعية قائمة على أصول الكتاب والسنة وان نضع القوانين الملائمة لزماننا ومقتضيات واقعنا الحالي شريطة أن لا نبيح لأنفسنا سنّ قوانين تتعارض مع الشريعة أو مقاصدها، وذلك لتحقيق الغاية والهدف الأسمى وهو إقامة المجتمع المسلم على منهاج النبوة ــ15ــ الخلافة الراشدة) ـ
يتطرق النموذج لعموميات تصلح عناوين كبيرة لبحث ديني لا ينحصر ولا يتخصص في العلوم و المبادئ السياسية ولا يصلح بحال من الأحوال كنظرية سياسية للحكم.ذلك أن القواعد
والأهداف والمهام المطروحة تسبغ الطابع الديني العام المعاد و المكرر عند الإنشاء أو التأسيس لأي من المناهج و العلوم و المعارف الإنسانية من منطلقات إسلامية . فهو يصلح منطلقا لعلم الاجتماع و أساسا لعلم النفس وضابطا لعلوم الاقتصاد ، ومؤسسا لمناهج الثقافة.هكذا هو الحال في غالبية الدراسات الإسلامية الحديثة المتنطعة لشرح و بيان النظرية السياسية للحكم من منظور ديني إسلامي، تضع عناوين وشعارات تصلح لتكون وعاءا ولباسا يوضع فيه ما يتواءم معه و ما يتفق مع التوجهات المرحلية و الإستراتيجية المؤقتة للمستقبل المنظور .

و بالنظر إلى نماذج لمدارس فقهية شيعية :
بكونها نموذج متطور ومحاولة جادة وقيمة ينطوي على إضافة وتجديد هامين إلا أنه يبقى أسير الدليل الشرعي المختلف علية و المتناقض أحيانا عند المرجعيات الشرعية المذهبية
وهو في الواقع يظهر بجلاء ووضوح العملية التركيبة المتبعة من قبل الباحثين الإسلاميين عندما يدخلون أعمق من العناوين و الشعارات و يكونون أكثر تحديدا في مجال البحث و التخصص يلجئون للدراسات و الأبحاث و النظريات الوضعية شرقية كانت أم غربية و يحاولون صبغها أو تلوينها باللون الديني ويمارسون الشرح و التوصيف باعتبارها مباحث و معارف إسلامية ، و إذا كانت تلك الطريقة و ذلك الأسلوب خطوة متقدمة و توجها سليما َ باتجاه البحث العلمي فإن المأخذ الأساس عليها هو محاولة أسلمة النظريات و العلوم بحيث تنطبق عليها محاذير الوقوف عند المرجعيات الدينية فقد يغدو المخالف لما تم تبنيه خارجا عن الدين مفارقا للجماعة ، كما يحظر نقدها أو تخطيئها .
هكذا تستمر إشكالية البحث الديني السياسي و يتفاقم تناقضه مع المفهوم المركزي للسياسة باعتبارها علما و فنا مرنا متغيرا يراعي الحاجات و المصالح البشرية غير ملتزم بثوابت مطلقة غيبية لا تعدل ولا تتغير ومن باب أولى ألا تناقش.

موجز حول مسألة التعددية:
في مجمل بحثنا لنقد نظرية الحكم الإسلامية قدمنا نماذج مطولة من الدراسات و الأبحاث التي تدور في فلك الموضوع و تغوص داخل تفاصيل بنيانه و تراكيبه , وذلك توخيا للموضوعية في الدراسة و البحث ،و نستطيع الوقوف حيال تلك المطروحات بعين التقدير و الاهتمام لما تقدمة من طرح جديد و محاولة لتأسيس نظرية متكاملة تكون ذات مرجعية مقبولة و معتمدة من الأكثرية الملحقة بضرورة سيادية الإسلام السياسي . ولقد سعت الأبحاث المنقولة لإسناد أطروحاتها بالدليل الشرعي من المصادر الأولية الكتاب و السنة و أدلة المذاهب الفقهية و أراء
ومواقف أقطاب الفكر الديني الحديث و المعاصر وذلك بهدف حشد التأيد اللازم و الكافي لتبنيها والتعامل بها .
وبالنظر بعمق نجد بعض المسائل الإشكالية الحائلة دون انتقال تلك النظريات إلى عالم التطبيق و الواقع .فهي بداية مازالت تبحث في أساسيات لعلها باتت مسلمة في علوم السياسة و مناهجها فمثلا لم يتمكن فريق من أقطاب الإسلام السياسي من حسم مسألة التعددية في الحكم دون الخروج من دائرة الدليل أو قيد النص حيث مازال تفسير النصوص محل جدل و اختلاف لم يستقر بعد على رأي أو توافق .مازالت تلك المحاولات الجادة تبحث في قضايا و أمور تجاوزها نظام الدولة المعاصرة و تخطى البحث فيها ، فأشكال المبايعة و الأمارة لم تعد ذات بال في المنظومة السياسية الحديثة للمجتمعات و إذا كانت ما تزال مطروحة و معتمدة في بعض الدول العربية فلا يعني ذلك سوى تخلف تلك الدول و أنظمتها عن ركب العلاقات السوية بين الحاكم المجتمع المدني .
تظهر الأبحاث السياسية الدينية عموما بجلاء محاولة فرش النص و إطالته أفقيا ليكون مناسبا لتغطية وجهة نظر ما في سعي متكلف يظهر العجز عن مغادرة الأنموذج التراثي في الحكم ( استدل القائلون بجواز التعددية: بالقرآن، والسنة، وقواعد الشريعة ومقاصدها، وكذلك بالمعقول:
أولاً: القرآن الكريم:
1. قال الله تعالى: " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَـوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "سورة آل عمرن الآية رقم 104.
وجه الدلالة: يأمر الله تعالى جماعة من المسلمين أن تكون متصدية لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالأمر الرباني يفيد الوجوب في قوله: " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ " وأمة يقصد بها جماعة، وفي هذا دلالة على مشروعية العمل الجماعي، والناس بطبيعتهم يختلفون في الأفكار والسياسات لتحقيق أهدافهم، فتتشكل الأحزاب السياسية كوسيلة شرعية للقيام بهذه الفريضة.)
كم يبدو التكلف واضحا في إسناد حكم التعددية لآية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فالآية شديدة العمومية و لم يتطرق أي من التفاسير التقليدية المعروفة ـ عند السنة ـ للوصول إلى تلك الدلالة البعيدة المنال من النص القرآني الكريم .
وللأسف فان حجج المعارضين للتعددية السياسية أقوى و أوضح وأشد، وتمتلك و البراهين المختلفة و المتعددة بدأ من التفاسير المنقولة و الموروثة للنصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وصولا إلى التطبيق العملي تاريخيا في مختلف حقب و عصور الحكم الإسلامي .ويستدل أصحاب الرأي المناهض للتعددية بحزمة واسعة من العناصر تبدأ بقوله تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ "سورة الأنعام الآية رقم 159.
كذلك قوله تعالى : "ولا تكونوا من المشركين* من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون " سورة الروم الآيتان 31 ـ32
و التوجه العام في الفكر السياسي الديني منصب نحو التوحيد و الوحدة و ينفر من التعدد و الاختلاف وهذا منطق شديد البساطة و الوضوح فالأصل واحد و المرجع معروف ومحدود والاجتهاد يبقى محصورا بالمفهوم الأصولي في حدود الفهم الصحيح القائم على الدليل و مخالفته لا تكون من باب الرأي الأخر بل من نافذة الخروج عن الجماعة.
موجز حول طاعة ولي الأمر :
ولي الأمر مصطلح شديد الأهمية في فقه السياسة الشرعية تقوم على بنيته القواعد و الأسس الناظمة لأنظمة وطرائق وأساليب الحكم الشرعية ن فالخليفة أو الإمام أو الولي وصولا إلى الملك و السلطان قائمون على تنفيذ أوامر و توصيات و توجهات المقام الأعلى وهو الوحي الإلهي وما نزل موازي له ( ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه) وعلى مبدأ ضبط العلاقة بين الراعي و الرعية و مهام وواجبات كل منهما دارت الأحكام السلطانية وتطور مفهوم ولي الأمر في المذاهب السنية ليسترسل وصولا إلى أمير الجماعة وقائد الجند وحتى المسئول الموكل من قبل سلطة أعلى لإدارة شأن ما عام أو خاص .في حين تطور ذلك المفهوم في المدارس الشيعية باتجاه معاكس ليضيق ويحصر بالإمامة ووكلائها لحين ظهور المهدي المنتظر ، ويرى بعض علماء التفسير أن ولي الأمر يكون في المرتبة الأولى صاحب العلم و الفقه الشرعي وهذا منطق وسط بين المذاهب فهو يميل نحو الفهم الضيق للمدارس الشيعية و ينفتح نحو الحاكم بوصفة خليفة أو وكيلا لتنفيذ إرادة الوحي عند السنة .
"" ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولى الأمر منكم "" سورة النساء الآية 59
تدل الآية بوضوح على تراتبية في الطاعة فطاعة الله في المقام الأول و منها طاعة الرسول (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )( قل أطيعوا الله و الرسول ) سورة آل عمران الآيتان 31 ـ 32
أما و لي الأمر بمختلف دلالاته فلا طاعة له إلا في حدود طاعة الله فإذا خالف أمر ه فلا طاعة له، ولكن عندما يكتسي ولي الله كسوة العصمة تتبخر تلك القاعدة و ينوب الولي نيابة عامة لا تنتقص
هكذا يتداخل دائما السياسي بالديني و يختلط الأمر الدنيوي بالسماوي وتجد النظريات السياسية الدينية نفسها مضطرة للف والدوران حول نفسها و حول النص في مسعى للخروج من أسره مرة و الاستناد إليه أخرى. لقد وجدنا ضرورة لعرض نماذج مختارة من الأطروحات الحديثة المتناولة للنظرية و النظام السياسي الإسلامي لنكون أكثر موضوعية وأشد قربا وعمقا من مادة بحثا وذلك في محاولة جادة للبعد عن النتائج المسبقة والأحكام النمطية ،وحرصنا على الوصول إلى نتيجة مدعومة بالمعلومة والبحث الأكاديمي .
مجمل القول فإنني أعتقد بأن الحقيقة مسيرة دائمة لا تتوقف، يصعب بل يعجز احتكارها ، وهي في ذات الوقت مجزئة تقبل القسمة و الزيادة والطرح والجمع، متغيرة بقدر ما هي ثابتة ويبقى الإنسان وحريته وكرامته وحقوقه هي القيم الأسمى التي تدور في فلكها.

هوامش :

1 ــ يعرف هشام جعيط القداسة بأنها الشعور بالخوف أمام حضور الجلالة وليست مسألة أخلاقية . كتاب : الوحي القرآن النبوة ـ صفحة 111
2ــ محمد أركون الإسلام و أوربا : ترجمة هاشم صالح 1995
3ـ الشيخ أبو بكر جابر الجزائري العالم المفسر الداعية المصلح رئيس قسم التفسير و أستاذ الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة
4ــ هذه الرواية موجودة في العديد من تفاسير القرآن الكريم الشيعية كتفسير نور الثقلين للحويزي ومجمع البيان للطبرسي و الميزان للطبطبائي
5ــ تفسير فتح القدير لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني ج2ص483
ــ6المصدر السابق المجلد الرابع ص328
ـ 7الميزان في تفسير القرآن للعلامة محمد حسن الطبطبائي النسخة الألكترونية
ـ 8ــ رواه مسلم برقم 153ـوصحح مثله الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 157
ــ 9 ــرسالة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ص4
10ـ ـالدر السنية في الأجوبة النجدية 7/ 239ـ
11ـ تحرير الأحكام صفحة 55
12ــ منهاج السنة 1/142
13ــ جريدة الشرق الأوسط21/8/2003
14ــ كتاب الحكومة الإسلامية للإمام الخميني صفحة 43
51ـ فقه السياسة الشرعية في ضوء الكتاب والسنة : الشيخ ضياء الدين عبد الحميد محمد
اخترنا تلك الصيغة المعبرة عن السياسة الشرعية لكونها مختصرة و تحتوي على كل العناصر المطلوبة بدون إطالة