الثلاثاء، أغسطس 15، 2006

مرحلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي


إحسان طالب 14/8/2006
تكتسب الحرب الدائرة على لبنان خصوصية جديدة تجعلها مختلفة عن الحروب السابقة التي شهدتها الأراضي اللبنانية منذ ثلا ثينيات القرن الماضي و الذي شهد أول احتكاك مسلح بين القوات اللبنانية و عناصر الانتداب البريطاني لفلسطين المحتلة .
بعد 12-7-006 يمكننا ملاحظة مجموعة من المشاهدات و الوقائع المساعدة على فهم طبيعة و شكل تلك الحرب الدائر رحاها فوق رءوس المدنيين بالدرجة القصوى.
كانت إسرائيل تخطط وتحضر منذ اشهر عديدة لشن عدوان واسع تهدف من خلاله إلى تحقيق رزمة من الأهداف العاجلة و الاستراتيجية تبدأ بالقضاء على القوة الصاروخية المتجمعة لدى المقاومة اللبنانية وإبعاد خطر التهديد الأمني لمدن و مستعمرات الشمال الإسرائيلي ، إضعاف التسلح الفلسطيني المتواجد بالقرب من الخط الأزرق الفاصل و المقيد للحدود الدولية ، إعادة الهيبة والرهبة التاريخية و التفوق الاستراتيجي لجيش الاحتلال إلى ما كان عليه قبل خطف الجنديين و قتل الثمانية من قبل عناصر حزب الله ، المساهمة و المساعدة في خلق أوضاع و ظروف جديدة على الأرض تسمح بوجود قوة دولية فاعلة في الجنوب اللبناني تنسق جهودها مع الجيش اللبناني المفترض انتشاره في المواقع الاستراتيجية لحزب الله ، إيجاد شرخ عريض بين جموع اللبنانيين و حزب الله عن طريق إلحاق خسائر فادحة في البنى التحتية للاقتصاد و الدولة اللبنانية مع تحقيق أرقام عالية من أعداد الضحايا في صفوف المدنيين من كل الفئات و الطوائف و المناطق و يتزامن ذلك مع سقوط ضحايا مدنيين على الجانب الإسرائيلي ، و يتثنى من وراء ذلك نشوية صورة حزب الله أمام الرأي العام العالمي وتاليا إضعاف التأييد الجماهيري و الشعبي العارم الذي حققه حزب الله من خلال رفعه لشعارات تدغدغ أحلام و رغبات الجماهير العربية و المقترنة بمسميات العزة و الكرامة و الانتصار و التحرير و الجهاد و الاستشهاد .
و بالنظر إلى الأهداف المعلنة و الضمنية لحزب الله من خلال بدأ أو قدح شرارة الحرب المدبرة مسبقا من قبل إسرائيل ، فإننا نجد خوض المعارك جزءا من الفكر الأيديولوجي و المنظومة العقائدية القائم على أساسها الكيان السياسي و التنظيمي لحزب الله .
وخلال ست سنوات خلت أنفقت القوى الإقليمية المتحالفة معه ( إيران و سوريا ) مئات الملايين من الدولارات من أجل بناء قوة عسكرية رادعة و قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، معتقدة و متصورة لإمكانية إلحاق هزيمة فاضحة بالغرب عموما بواسطة إذلال ربيبته إسرائيل ، مما يمكن من الوصول إلى توازن استراتيجي يتيح فرصا و إمكانية اكبر للتفاوض حسب الأجندات الخاصة بتلك القوى الإقليمية .
و باستقرائنا لمنطلقات الأطراف الثلاثة المشاركة في الحرب المستعرة فوق التراب اللبناني وفلسطين المحتلة نلحظ وجود مصالح مشتركة ورغبات في اشتعال تلك الحرب والوصول بها إلى النهاية المأمولة، وهي إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر ورفع راية النصر بأيّ ثمن لدى الطرف المقابل. وبعد انقضاء ما يقرب من أربعة أسابيع على بدء المعارك لا يصعب على المراقب التأكيد صعوبة وربما استحالة تحقيق الرغبات والأهداف المعلنة والخفيّة لأطراف الصراع.
فإذا كانت إسرائيل قادرة على تحقيق اختراقات مهمّة على الأرض اللبنانيّة وإلحاق خسائر فادحة في صفوف الإنسان اللبناني ودولته إلى جانب خسائر محدودة في صفوف عناصر المقاومة الإسلامية، فإنها تبدو عاجزة عن تحقيق نصر مبهر وتفوق ميداني غير محدود بسل عليها إلحاق الهزيمة بالأعداء التاريخيّين.
وبالمقابل فإنّ حزب الله الذي حقق ضربات موجعة في صفوف جيش الحرب الإسرائيلي وفي عمق الدولة العبريّة نجده في واقع الحال غير قادر على إلحاق هزيمة نكراء وتفوق ظاهر في الجو أو على الأرض. فسلاحه الصاروخي رغم كثافته وقدرته العسكريّة لم يشكّل ردعاً حقيقيّاً لمنع إسرائيل من العودة ثانية إلى الجنوب اللبناني. كما أن إصاباته المباشرة في عمق فلسطين المحتلة لم يشكل حتى الآن ضغطاً سياسيّاً وشعبيّاً كبيراً قادراً على إجبار قادة الحرب في إسرائيل على وقف العدوان تجنباً لمزيد من الضحايا والخسائر المدنيّة. حيث مازالت إلى الآن ثلاثة أرباع اليهود يقفون إلى جانب أقطاب الحرب.
وإذا كان الأطراف الإقليمية المشاركة بشكل غير مباشر في القتال الدائر رحاه تطمح إلى سلّة من الأهداف والرغبات فإننا نستطيع القول بأن ذلك لم يعد متاحاً ولم يكن بالأمر السهل أو الهيّن. فتوظيف تلك الحرب وتحويلها إلى أوراق على طاولة المفاوضات بدا بعيداً راهناً ومستبعداً مستقبلاً، تؤكّد ذلك الممانعة الدولية والعربية الشديدة التي تتجلّى في مشاريع القرارات الدوليّة والعربيّة المتفقة مبدئياً على دعم الدولة الرسمية اللبنانيّة والمطالب السباعيّة التي طرحها رئيس الحكومة على العرب والعالم والتي تشكل الحدّ المطلوب من التوافق الرّسميّ والشعبيّ اللبنانيّ.
لقد أثبت تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ ما يربو على نصف قرن عجز القوّة العسكريّة عن حلّ الأزمة بشكل وكامل وعادل. لقد عانى الطرف العربيّ طويلاً من تعنّت إسرائيل وهروبها من مقترحات السلام.
إن المكافأة المناسبة والتعويض الأمثل لأرواح الشهداء من المدنيين من أبناء و بنات و أطفال و نساء الشعب اللبناني العظيم والمقاتلين الأبرار الصامدين من حزب الله و الذين يستحقون كل تقدير و إكبار و إجلال ، لا يكون إلا بإيجاد حلّ سريع وفوريّ لوقف التدمير المسلط فوق سماء لبنان ومن ثمّة إرغام الطرف الإسرائيلي على قبول القرارات الأمميّة وتنفيذها وإعادة الأراضي العربية المحتلة والحقوق التاريخيّة للشعبين الفلسطيني واللبناني.
إن توصل المجتمع الدولي إلى القرار 1701بمساهة عربية فعالة و بمبادرات و اقتراحات مهمة لعمرو موسى و الترويكا العربية المفوضة من قبل مجلس وزراء الخارجية العرب يعتبر نجاحا و تطورا لافتا في تدخل المجتمع الرسمي الدولي و العربي في أزمة الصراع العربي الإسرائيلي وذلك في تبني مقرارت يتبعها حلول اشمل و أكمل مما كان يطرح في الماضي
لقد كان الإجماع الدولي و العربي المتضمن موافقة كل من حكومتي لبنان و إسرائيل _ مع تحفظاتهما _
فرصة نادرة لم يسبق تحقيقها في مجمل جوانب النزاع التاريخي بين العرب و الدولة العبرية ، لا تقارن بتفاهم نيسان 1996، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة وقف تبادل إطلاق النار بدأ من صباح الغد الاثنين14-8-006

ليست هناك تعليقات: