الجمعة، يناير 06، 2006

قصة "انقلاب القصر" الفاشل في سورية

إيلاف تكشف حقيقة لقاء مبارك وخدام سرا
نبيل شرف الدين - إيلاف
بينما عاد الرئيس المصري حسني مبارك إلى القاهرة اليوم الخميس من باريس، مختتماً جولة مكوكية عبر خلالها البحرين الأحمر والأبيض، ليحاصر أزمة توشك أن تعصف بالنظام الحاكم في دمشق، فقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية عما أسمته "انقلاب قصر" فاشل جرى إحباطه مؤخراً في سورية، موضحة أن سبب عدم مشاركة الرئيس السوري في اجتماع القمة الطارئ، الذي استضافته مدينة جدة السعودية بين الرئيس المصري والعاهل السعودي، يرجع إلى نصيحة تلقاها بالبقاء في دمشق لمتابعة الأوضاع هناك، إثر تلك الأنباء التي أشارت إلى "انقلاب قصر"، قاده مقربون من الرئيس السوري، في صدارتهم السيدة بشرى شقيقة الرئيس بشار الأسد، وزوجة آصف شوكت رئيس الاستخبارات العسكرية، التي قادت احتجاجاً صاخباً داخل القصر ضد توجه نحو موافقة بشار الأسد على السماح بالتحقيق مع صهره، الذي أشار إليه تقرير ميليس باعتباره متهماً في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري .
اتصالات بخدام
وحسب معلومات توافرت لدى (إيلاف) فقد التقى بالفعل مسؤولان مصريان كبيران عبد الحليم خدام في باريس، إلا أنه لم يتسن التحقق مما إذا كان الرئيس مبارك ذاته قد استقبل خدام، لكن في كل الأحوال فإن الاتصالات المصرية مع نائب الرئيس السوري السابق أصبحت مسألة محسومة، واستهدفت في المقام الأول، وفقاً لدبلوماسي غربي، محاولة لإثنائه عن المضي قدماً في اتجاه توريط دمشق مع المجتمع الدولي، وأوضح ذات المصدر أن باريس لم تمانع في إجراء اتصالات بهذا الشأن، إذ تنفي أي صلة لها بما أثاره خدام من تصريحات، كما تنفي أيضاً علمها بأية خطوات أخرى ربما يقدم عليها الرجل الثاني سابقاً في النظام الحاكم بدمشق .
ونفى دبلوماسي فرنسي وجود اتصالات بين باريس وخدام، وقال إن بلاده ليست معنية بمغادرة خدام سورية التي تركها لأسباب داخلية، و"إنه ليس من مصلحة باريس أن يكون لها اتصال معه، لأن ذلك يضعف موقفها حيال دمشق، فضلاً عن أن خدام لم يكن يوماً صديقاً لباريس"، حسب تعبير الدبلوماسي الفرنسي . ويبدي مراقبون مخاوف من ألا يكون انشقاق خدام هو الأخير من نوعه، لهذا تلقت دمشق نصائح باتخاذ سلسلة إجراءات عاجلة لإعادة ترتيب البيت السوري من الداخل، وهي المهمة التي يبدو أن فريقاً يقوده الرئيس بشّار الأسد يضطلع بها الآن، وتشير معلومات (إيلاف) إلى أن هذه الإجراءات ربما تطال بعض المقربين من القصر الحاكم .
أما عبد الحليم خدام الذي يعيش حالياً في منفاه الباريسي منذ اشهر عدة، كان أحد أبرز القريبين من الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، الذي حكم سورية طوال ثلاثين عاما، ولدى وفاته في العام 2000، قاد خدام مخطط تمهيد الطريق أمام نجله بشار ليتسلم مقاليد الحكم، لكن الحرس القديم اتهم لاحقا بعرقلة انفتاح النظام نحو مزيد من الديمقراطية والإصلاحات في البلاد .
مصر والسعودية
كرة الثلج الشامية تكبر إذن، وعلاقات القاهرة وواشنطن لا تمر الآن بأفضل أحوالها، لهذا كانت بداية تحرك الرئيس المصري حسني مبارك لدى السعودية للعمل معاً في اتجاهين : الأول أن تتحرك الرياض لدى واشنطن لتخفيف الضغوط على دمشق، حيث دعا العاهل السعودي لضرورة إقناع واشنطن بإثناء اللجنة الدولية عن طلبها باستجواب بشار الأسد، والبحث عن أي صيغة أخرى من شأنها حفظ ماء وجه النظام السوري، حتى لا يضطر رأسه إلى المثول أمام لجنة التحقيق بأي طريقة كانت .
الأمر الثاني الذي تصدر أجندة الرئيس المصري والعاهل السعودي هو إقناع الرئيس السوري بأهمية الإقدام على خطوة قوية وحاسمة تكفل استمراره على رأس السلطة، وتعزز مكانته كحاكم قوي في البلاد، من خلال ضرب بعض "مراكز القوى"، التي وصفت بأنها أصبحت عبئاً على النظام أكثر مما تشكل دعماً له في هذه الظروف الدقيقة التي يمكن أن تعصف بالبلاد وربما تمتد تداعياتها إلى المنطقة برمتها . ويسود اتفاق بين المراقبين للشأن السوري مؤداه أن بشار الأسد لا يملك سلطات ولا خبرات ولا "كاريزما" والده، لذلك كان عليه من اللحظة الأولى تقاسم السلطة مع الآخرين، خاصة شقيقه ماهر قائد الحرس الجمهوري، وصهره آصف شوكت مدير الاستخبارات العسكرية، وزوجته بشرى (شقيقة بشار)، والتي يتردد بقوة أنها تلعب أدواراً هامة ومفصلية من وراء الستار"، على حد تعبير مراقبين تحدثت معهم (إيلاف) في هذا الملف . أما الأمر الأخير فيتمثل في إقناع النائب سعد الحريري بضرورة تهدئة التصعيد الذي يقوده الآن، حتى لا تخرج الأمور والضغوط من دائرة السيطرة الإقليمية .

ليست هناك تعليقات: