الثلاثاء، يناير 17، 2006

الإدارة الكوردية الموحدة..أخيراً

زيور العمر - إيلاف
أخيراً، توصل الحزبان الكورديان الرئيسيان في إقليم كوردستان العراق الى إتفاق نهائي حول توحيد الإدارة و مؤسسات الإقليم. الإتفاق، كما صرح رئيس الإقليم السيد مسعود البارزاني،سوف يدخل حيز التنفيذ بعد أن يتم إقراره من قبل برلمان إقليم كوردستان بعيد الإنتهاء من إحتفالات عيد الأضحى مباشرة.و بعيداً عن مضمون الإتفاق و تفاصيله المتعلقة بتوزيع الحقائب الوزارية و المناصب المهمة بين الحزبين الكورديين و باقي الأحزاب و القوى الكوردستانية الأخرى فإن المهم هنا هو توقيت هذا الإتفاق و تاثيراته على مستقبل الإستقرار في الإقليم و باقي العراق في الوقت الذي ماتزال فيه المشاورات و المناقشات مستمرة بين القوى و الكيانات السياسية حول تشكيل حكومة عراقية توافقية تشمل جميع الكيانات العراقية الفائزة في الإنتخابات الأخيرة.بيد أن الإتفاق مهم و حيوي من جهة اخرى أيضاً في كونه إستطاع أن يطمئن شعب كوردستان الى درجة الحساسية العالية لدى قياداته السياسية في هذه الظروف الحساسة و الخطيرة التي يمر بها العراق فكان بمثابة صمام الأمان و مؤشر أخر على تجاوز قيادة الحزبين الرئيسيين لخلافاتهم و حزازياتهم التاريخية التي تراكمت على إمتداد عقود و خلفت وراءها العديد من الضحايا الأبرياء في الجانبين حتى وصلت في مراحل الى الإستقواء بالأنظمة الغاصبة لكوردستان لحسم الصراع بينهما.و لكن يبقى الأهم من كل هذا و ذاك قضية التنمية و إعادة إعمار كوردستان و بناء البنى التحتية للإقليم التي يجب ان تتصدر جدول أعمال الحكومة الكوردية القادمة سيما و أن كوردستان كانت ساحة تصفية عرقية و إثنية تعرض إليها الشعب الكوردي على يد الحكومات العراقية المتعاقبة على سدة الحكم في العراق، تعرضت جرائها القرى و البلدات الكوردية الى سياسة الأرض المحروقة التي لم تسلم منها حتى الدواب و الحيوانات الأليفة.و لعل في هذا السياق من المهم التركيز على الشفافية و نظافة اليد في إستثمار و توظيف خيرات أرض كوردستان في تنمية الإقليم و سد كل الأبواب على الفاسدين للعبث في اموال المواطنين الكورد من خلال إعتماد سياسة السوق الحر و إقرار القوانين و التشريعات التي تشجع على الإستثمار و توظيف الرساميل في تشيد المشاريع الإقتصادية الحيوية في كوردستان.و إذا كان الإقتصاد هو العماد الأساسي لاي كيان سياسي و إقليمي فإنه من المهم التذكير بأن الإقتصاد السليم والقوي لا يستقيم إلا في مناخ سياسي صحي يتشكل حصراً بفعل الحرية و سيادة القانون و تطبيق العدالة، أي في ظل نظام ديمقراطي تحكمه مؤسسات منتخبة من قبل الشعب بعيداً عن مؤثرات العهود الغابرة. و لعل في هذا السياق كان واضحاً ان التجربة الكوردستانية ما تزال في أول الطريق فيما يتعلق بالديمقراطية و الحريات العامة و مجمل الآليات التي تتخذ بفعلها القرارات المصيرية فضلا ً عن آلية تشكيل الحكومة و تنصيب الإفراد في المراكز السيادية و الحساسة و منطق تقاسمها. و هي بالتالي تحتاج الى عملية إعادة نظر في الآمد القريب لكي تنتقل التجربة الديمقراطية في كوردستان من الهامش الى الأساس على أساس أن أية ديمقراطية لا تستقيم إلا في ظل وجود حكومة و معارضة لكي تتم المنافسة على أساس البرامج السياسية و الإقتصادية و غيرها من الصعد المهمة في حياة المجتمع.الإتفاق هو بلا شك إنجاز تاريخي، إنتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر و هو يحتاج الى تنفيذ فوري و سريع لبنوده و فقراته حتى تحافظ الورقة الكوردية على قوتها و وزنها في المعادلة الوطنية العراقية الأمر الذي يستدعي منا جميعاً توجيه التهنئة الحارة الى القيادة الكوردستانية و على رأسها المناضلان مسعود البارزاني و جلال الطالباني لما لعبا من دور مهم و كبير في جعل هذا الإتفاق يرى النور بعد طول غياب.

ليست هناك تعليقات: