الأحد، يناير 01، 2006

طقوس قبل مسيحية في أعياد الميلاد ورأس السنة

توفيق محمد السهلي - BBCArabic.com
عيد الميلاد المجيد الذي يحتفل به المسيحيون في أنحاء العالم سنويا( في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عند معظم الكنائس، لكن في بداية كانون الثاني/يناير عند بعض الكنائس، ومنها الكنيسة الشرقية) عادة بدأتها الكنيسة الغربية في مطلع القرن الرابع للميلاد.

وحسب "قاموس ووردسوورث للمعتقدات والأديان"Wordsowoth Dictionary of Beliefs &Religions"" فقد "كان عيد الميلاد في الأساس بديلا عن عيد وثني كان يقام في نفس التاريخ احتفالا بمولد الشمس التي لا تقهر".
وفي انكلترا الأنغلوساكسونية كانت السنة تبدأ في الـ25 من ديسمبر/كانون الثاني، لكن اعتبارا من نهاية القرن الـ12 وحتى اعتماد "التقويم الغريغوري" عام 1752 كانت السنة تبدأ في "عيد السيدة"( Lady Day)الموافق للـ25 من آذار مارس."
وليس تاريخ إقامة عيد الميلاد وحده من أصل قبل مسيحي، فالعديد من الطقوس الخاصة بعيد الميلاد نفسه ترجع لأصول غير مسيحية.
وأبرز تلك الطقوس استخدام أشجار عيد الميلاد، حيث كانت معابد الرومان تزين بالأشجار دائمة الخضرة في عيد ساتورن، فضلا عن تزيينات نبات الآس البري( والذي كان مرتبطا بشعب الدرويدز) ونبات الدِّبق (أبو الهدال، أو الكُشوت)( الذي كان مرتبطا بالساكسون)، وهذه معظمها ترجع في الأصل إلى المنطقة الاسكندنافية( شمالي أوربا).
رمزية شجرة الميلاد
كان للشجرة التي تضيء في الليل معنى رمزي قبل المسيحية، فحسب "الموسوعة المصورة للرموز التقليدية ""An Illustrated Encyclopedia of Traditional Symbols" لمؤلفته (دجي سي كوبر) كانت الشجرة تسمى "شجرة الضوء " أو "الشجرة السماوية" وترمز للولادة والبعث من الموت.
أما المصابيح أو الشموع التي توضع على الشجرة السماوية فكل منها يرمز إلى روح.
وكانت الشجرة ترمز إلى العام الجديد أو الانقلاب الشتوي كما ترمز إلى الجنة.
تزيين الشجرة
وترمز الأضواء والكرات المنيرة أيضا التي تزين بها الشجرة إلى الشمس والقمر والنجوم حيث تعلق على أغصان الشجرة التي تمثل الوجود فتسمى الشجرة الكونية.
الهدايا
أما عادة وضع الهدايا عند الشجرة فهي أيضا ترجع إلى ما قبل ظهور المسيحية، فقد كانت العطايا والهدايا تقدم إلى الإله ديونيسيوس( إله الاحتفالات عند الاغريق) والاله "أتيس" والآلهة "أتارغاتيس" و"سيبيل" عند الإسكندنافيين.
فقد كانت الهدايا توضع تحت الشجرة التي يجري حرقها بعد انتهاء الاحتفالات.
رمزية الشجرة المسيحية
والشجرة في الرمزية المسيحية عموما تمثل صورة الإنسان، كما تمثل البعث من الموت من خلال "موت" المسيح، وفقا للعقيدة المسيحية.
وهناك اعتقاد رمزي مسيحي بأن الشجرة التي صنع منها الصليب الذي صلب عليه المسيح هي شجرة المعرفة وبالتالي يمكن تحقيق الخلاص والحياة بالشجرة التي جاء من خلالها هبوط آدم وحواء من الجنة وكذلك موت المسيح.
وكان للشجرة معنى رمزي في مسيحية القرون الوسطى حيث ترمز إلى شجرة الموت والحياة التي تحمل ثمارا طيبة على جانب، وثماراعفنة فاسدة على الجانب الآخر، ممثلة لأعمال الإنسان الخيرة الحميدة وأفعال الشر الخبيثة، بينما جذع الشجرة هو المسيح نفسه.
أول شجرة لعيد الميلاد
تقول إحدى الأساطير الاسكندنافية إن البعثات التبشيرية المسيحية عندما قامت بقطع شجرة سنديان مقدسة باسقة عملاقة، نبتت من بين جذورها شجرة صنوبر صغيرة، كانت هي أول شجرة لعيد الميلاد.
أما أول شجرة عيد ميلاد يتم تزيينها فقد كانت في ريغا عاصمة لاتفيا( إحدى دول البلطيق في عام 1510م.
أما ليلة عيد الميلاد، كما يقول الراهب والمؤرخ والباحث فينيربالي بيدي( 672م-735م) ففقد "كانت قبل ذلك ليلة احتفال تخص الانقلاب الشتوي مرتبطة بالاله الاسكندنافي "أودين" وكانت تسمى" ليلة الأمهات"، وكانت من أهم المناسبات الاحتفالية في بريطانيا في القرن الثامن".
وكانت قراءة الطالع والبخت والحظ والمستقبل تتم عادة في تلك الليلة بالتحديد، وكان السائد أن الأحلام في تلك الليلة تكشف عن المستقبل.
وتقول "جوديكا إيليز" الباحثة في مجال الأساطير والمعتقدات :" حتى وقت قريب كان الاحتفال بعيد الميلاد وبعض العناصر الوثنية شيئا مشينا. وكان ذلك الاحتفال برأي المعارضين تحديا يسمح لقوى الأرض الفوضوية( متمثلة بالرقص وارتداء الملابس التنكرية) بالسعي للسيطرة."
وتستشهد "إليز" بالقول إن طائفة "المسيحيون المتزمتون"( PURITANS) في نيوإنغلاند في الولايات المتحدة كانت أتباعها يرفضون الاحتفال بعيد الميلاد، بينما في 1801 على سبيل المثال حظر مجلس النواب في ولاية" بنسلفانيا" الأمريكية ارتداء الملابس التنكرية في عيد " يول".

وفي عام 1881 حظرت قوانين ولاية فيلادلفيا ارتداء الملابيس التنكرية في ليلة عيد الميلاد، وهذا ما حدا بالراغبين في مواصلة ذلك إلى التحايل على القانون بنقل توقيت هذا إلى ليلة رأس السنة.
أصل بابا نويل
الاعتقاد الشائع أن تسمية "سانتا كلوز" منحوتة من اسم "سانت نيكولاس" وهو القديس الراعي للأطفال حسب التسمية المستقاة من الألمانية، ورغم أن بعض المصادر تقول إنه شخصية حقيقية عاشت في أزمير(تركيا حاليا) في القرن الرابع للميلاد، إلا أن كثيرا من الباحثين يرون أن هذه الشخصية ومعاونيه من الأقزام السحريين ترجع إلى ما قبل المسيحية أيضا.
ومن هؤلاء الباحثة إيليز التي تقول " إن الإله الاسكندنافي الشمالي "أودين" -وبشكل ما الإله الروماني ساتورن- باتا متخفيين تحت قناع شخصية بابا نويل، وإذا كان الأمر كذلك، فإن مرافق أودين المخلص ومساعده الروح المشاكسة "لوكي" (وهو رجل ذو رأس كالماعز) بات متخفيا تحت قناع معاون بابا نويل المعروف باسم كرامبوس( في أساطير وسط أوربا) الذي يعاقب الأطفال المسيئين العاقين للوالدين ويقدم لهم بدلا من الحلوى قطعا من الفحم الأسود."

وحتى غزلان الآيل التي تجر عربة بابا نويل الثلجية ما هي إلا الحيوانات المقدسة للأم العظمى المقدسة-" إيزا" أو" ديزا" عند الشعوب الإسكندنافية القديمة، كما يورد "قاموس الرموز التقليدية".
رأي كنسي
وفي مقال للأب "فيرنون آر إنغ" تحت عنوان "أصول وثنية في العادات المسيحية" يقول بخصوص شجرة الميلاد:" إن التقليد الذي كان متبعا في العبادات الوثنية يمكن أن يستخدم لتمجيد الله طالما لم يكن في ذلك أي إثم إو إساءة. وإذا أحب الأطفال الأضواء والزينة على شجرة الميلاد فإنها إذن أداة جيدة يمكن استخدامها لتوضيح حقيقة الله لهم."
وبخصوص شخصية "سانتا كلوز" يقول الأب فيرنون:" قصة سانتا كلوز ليست سيئة إذا قـُصت على أنها مجرد حكاية، وطالما أخبر الأهل أطفالهم بحقيقة سانتا كلوز، إذا سألوهم عن تلك الحقيقة.

ليست هناك تعليقات: