الأربعاء، يناير 04، 2006

سقوط القناع الدبلوماسي عن النظام الأمني

إحسان طالب
في خضم السجال السياسي والثقافي الدائر بين أفراد المعارضة السورية حول مفاهيم الوطن والوطنية والمصلحة والوحدة تطفو على السطح آثار انفجار واحد من الألغام الموقوتة محدثاً دوياً هائلاً لم تعرف أو تحصى آثاره وضحاياه بعد، ولا يعرف أيضاً عدد تلك الألغام المدفونة والمؤقتة تنتظر الإعلان عن نفسها في الوقت الذي تراه مناسباً.
السيد خدام غني عن التعريف فهو شخصية سياسية ( وحالياً اقتصادية ) مشهورة جداً سورياً وعربياً وحتى دولياً . والنظام السوري لم يعرف واجهة دبلوماسيةً حقيقية إلا من خلاله ثم الشرع من بعده.
واستقرار خدام في مناصب ريادية وقيادية في حزب البعث والدولة السورية لما يربو على ثلاثين عاماً يعطيه بدون شك الحق في الحديث عن الداخل السوري ويسمح له بشرح رؤيته ووجهة نظره الخاصة فيما جرى وما يجري على الساحة السورية والإقليمية. ومن حق رفاق الأمس وأعداء اليوم الدفاع عن أنفسهم فيما أدلى به وما خاض غماره خاصة وأنه انطلق من قمة الهرم نزولاً إلى أطفال الحاويات الذين لا تصعب رؤيتهم حول تجمعات القمامة في كبرى المدن السورية يلتقطون منها أشياء توضع في الفم مباشرة وأخرى تجنى بأكياس يعاد استخدامها لاستكمال وجبة يعز الحصول عليها كاملة في جوار آمن تحت سقف دافيء.
مأساة حقيقية أن يتحدث المحافظ وزير الاقتصاد رئيس الدبلوماسية ونائب الرئيس الرجل الفعال في القيادة والحزب لعقود طويلة ، يتحدث عن نتائج حكم نظام أمني تسلطي فردي كان أحد أركانه وواحداً من أشرس المدافعين عنه إبان إمساكه بتلابيب الشعب ومقدراته ، يتحدث عن الآخرين وهو مسئول مباشرة كغيره عن أزمات وكوارث ساهم معهم في صنعها .
مأساة حقيقية أن يقف رئيس مجلس الشعب السوري ليتحدث بلغة ركيكة وأسلوب سوقي مباشرة على الهواء والعالم يتابع بذهول أحداث مسرحية يفترض أن أبطالها منتخبون وممثلون لما يزيد على سبعة عشر مليون سوري .أيها الصم البكم العمي بقيتم طرشاً وخرساً وعمياً طيلة عقد ونصف وأنتم تعرفون تفاصيل حدث إجرامي كوني تجلى بدفن نفايات نووية سامة في أرض مأهولة ظهرت نتائجه المدمرة على البشر والحيوان والشجر .أقول لذلك البدوي الذي قال بأنه يعرف التفاصيل كاملة عن تلك الجريمة ــ ولا يشرفني أن أعرف اسمه ــ أين كان ضميرك ووجدانك وإنسانيتك ووطنيتك وأنت ترى المصابين بالسرطان من أبناء بلدتك يذهبون لتلقي العلاج في دمشق ويعودون أمام مرأى عينيك وما زال المرض يفتك بهم.
وأقول للشيخ حبش لقد أطحت بأسهم كثيرة كانت في رصيدك الشخصي والمهني عندما أدليت بخطبتك العصماء بتشنج وانفعال لتتهم رمزاً لنظام تدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة، ورغم ذلك عندما رأوا أنك خرجت عن الدائرة المرسومة لك أو تطاولت عن الحبل المربوط بعنقك قطعوا عنك الكلام ثم أعادوه عندما عدت . لقد كان حريا بك أن تربأ بنفسك عن الخوض في حقل شائك تعلم قبل غيرك أن ما يعانيه أبناء بلدك جزء منه يعود لخدام وما زال أمثاله والأشد منه فساداً يقتاتون على لحوم أطفالنا ودماء أكبادنا.
إجماع.. إجماع.. إجماع.. أليس بينكم رجل رشيد ! ألا يوجد واحد اثنان ثلاثة كانوا قادرين على الحديث عن مأساة شعب كان الرجل الثاني في قيادته كما تزعمون " الجبان . الكذاب . الوضيع . الانتهازي . الوقح . النتن . البعير الأجرب. الباعر الجرب. الساقط . والعدو . وفاقد العقل . وأبو القبح . ومن لا يصح أن يطلق عليه السيد . وأبو لهب العصر. وكما قال الفصيح البجيح عمران الزعبي المرتد ".
هذه كلمات خرجت من قاموس السادة أعضاء الشعب المفترض أنهم نخبة النخبة من الشعب السوري ! فيا أسفي عليك يا سوريا.
أحد النواب أشاد بالوطني الأكبر والمناضل الأعظم عميل المخابرات لثلاثة عشر سنة والحلاق النصاب المحتال والكذاب على رؤوس الأشهاد والمتلون الذي اتهم اللبنانيين بالخيانة والعمالة للعدو باستثناء من أعطاهم صك البراءة وهم قليل.
إذا كانت الدول تسعى لتجميل صورتها أمام العالم بوجه دبلوماسي نظيف لبق مثقف محترم تختاره من الصفوة وعاده ما يستمر طويلاً في منصبه نجد أن ذلك الوجه تحقق بعبد الحليم خدام الذي قال عنه رفاق الأمس ما قالوا ، ثم جاء فاروق الشرع الذي استطاع بحرفيته البالغة استعداء العالم أجمع وإقحام نفسه في دائرة الشبهات أمام لجنة التحقيق الدولية ، أمام تلك الحالة لا يراود الخاطر سوى القناع الذي كان يظهر في سلسلة أفلام الرعب الشهيرة سكريم ذلك القناع الذي يوحي رعباً وخوفاً في نفس المشاهد وهو في الحقيقة أقل بشاعة من الوجه المتواري خلفه .
ختاماً أيها السادة أعضاء مجلس الشعب لقد جسدتم المقولة الشهيرة : من يأكل على مائدة السلطان يجب أن يضرب بسيفه فهنيئاً لكم بالنظام وليس مهماً أنكم خسرتم الشعب الذي تقتاتون باسمه.

ليست هناك تعليقات: