جورج كتن
الشعب الكردي ليس اختراعاً جديداً، فهو يقيم على أرضه ولم يهاجر إليها من مناطق أخرى، وهويته القومية لا تحتاج إلى جدال لإثباتها، وإذا كانت تقسيمات الشرق الأوسط عقب الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية لم تلحظ له كياناً خاصاً إلى جانب الكيانات التركية والإيرانية والعربية المتعددة، فإنه لم يتوقف يوماً عن النضال للحصول على حقوقه القومية.إلا أن الحركة الكردية وبعد تجارب طويلة اقتنعت بحلول لقضاياها في إطار الدول التي تتواجد فيها –العراق، سوريا، تركيا، إيران- بشكل مستقل ومنفصل في كل قطر عن البلدان الأخرى، ويماثل ذلك اقتناع العرب أن الكيانية القطرية العربية أصبحت واقعاً غير قابل للتغيير وإن مشاكلهم تحل ضمن بلدانهم, وتأجيل مسألة التوحيد القومي التي هي من أصعب المسائل في الوقت الراهن وتظل حلماً يراود كثيرون، مع تعذر تعميم حل واحد متشابه للمسألة الكردية في كل البلدان فلكل بلد ظروفه والحلول التي تلائمه, والتنسيق بين الأطراف الأربعة للحركة كأقصى ما يمكن الطموح إليه، كما هو الحال أيضاً بين الشعوب العربية. لكنه رغم أن الحركة السياسية الكردية لا تسعى للانفصال في دول تواجدها، بل تسعى لحقوق قومية وديمقراطية ضمن الإطار الوطني، فإنها تتحمل بعض المسؤولية في عدم القدرة على رفع تهمة العمل للانفصال عنها وإقناع الأطراف الأخرى ببرامجها، مما يتطلب المزيد من الجهد لتبديد المخاوف والهواجس والأوهام.من هذا المنطلق من الضروري قيام علاقة قوية تربط الكرد والعرب في كل قطر، خاصة العراق وسوريا، للعمل لنيل الحقوق المشتركة، والحقوق القومية الخاصة بالكرد داخل كيان كل دولة، على أساس أولوية الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية. فالعمل من أجل الحريات وحقوق المواطنة يطال العرب والكرد الذين عانوا من الحكم الاستبدادي، لكن الحريات العامة لا تغني عن الحقوق القومية، إلا في مراحل متقدمة جداً، حين يتقلص تأثير الهوية القومية لصالح هوية أوسع إقليمية أو كونية إنسانية، إذ لا يمكن في بلدان متخلفة تذويب القوميات بالدمج القسري بحجة الوحدة الدينية أو بحجة مواجهة العدو الخارجي، وحتى في دولة ديمقراطية متقدمة لم يثبت حتى الآن أن القوميات زائلة. الاعتراف حالياً بالحقوق القومية للكرد يعزز الوحدة الوطنية ويسهم في إزالة آثار التمييز المرتكب بحقهم، كما يقطع الطريق على بعض العرب الذين يوجهون الاتهامات للقيادات الكردية، مما لا يفيد التعايش بين القوميتين في بلد موحد. فعلىالكرد والعرب تخطي العداء والعنف والصراعات والعمل لمسيرة مشتركة نحو الديمقراطية والتنمية والاندماج الوطني الاختياري والتسامح الإنساني, بعيداً عن الاضطهاد ونكران الهوية القومية.المدخل لذلك الحوار بين النخب السياسية، والقطع مع الأفكار والثوابت القديمة وتاريخ الصراعات والمآسي، إن فتح صفحة جديدة من الحوار والتحالف الكردي العربي يبدأ بالتعامل مع الرأي الآخر والطرف الآخر باحترام, وبتجاوز الماضي وعدم تحميله لمجمل الشعب، بل لأصحابه الحقيقيين: أنظمة وديكتاتوريين.. يحاسبوا مع مرور الزمن على ما اقترفت أيديهم. ويفترض في عالم متغير تجاوز الثورة الصناعية والحداثة ويسير نحو عولمة عابرة للقوميات والحدود والدول والجغرافيا والتاريخ... التوجه لمستقبل أفضل للشعبين، بينما العرب والكرد ما زال تفكيرهم وأهدافهم ووسائلهم وخياراتهم، متخلفة عن العصر بعد أن استغرقتهم خصوصياتهم القومية على حساب الاهتمام الضروري بالمسائل الحياتية المشتركة وقضايا العالم المتغير حيث تتقرر مصائرهم رغم إرادتهم، ما لم يسارعوا لتطوير أوضاعهم للمشاركة في العولمة بكل مجالاتها. إن الكرد في سوريا من قومية مختلفة عن القومية العربية ولا يمكن تذويبهم فيها، فمن حقهم المطالبة بحقوقهم التي ضمنها "إعلان حقوق الأفراد المنتمين لأقليات قومية" الصادر عن الأمم المتحدة عام 1992 والذي أقر حقوق الأقليات بتطوير هويتها وثقافتها وحقها في المشاركة في إدارة مناطقها وواجب المجتمع الدولي بحمايتها في حال تعرضها لانتهاكات. فإذا أهمل هذا سابقاً فلا يمكن الاستمرار في تجاهله بعد أحداث آذار 2004 التي أكدت أن هناك "مسألة كردية" يفترض حلها قبل أن تستفحل.أحداث القامشلي رغم بعض الأخطاء – مثل إعلانات محدودة عن كيان خاص كردي، وتخريب المؤسسات الذي يمكن فهمه كتنفيس عن احتقان طويل -، أخرجت الحركة الكردية من إطار محاولات تهميشها، وأظهرتها كرقم صعب لا يمكن تجاهله بعد الآن، وشريكاً في الوطن له همومه الخاصة بالإضافة للهموم المشتركة للمواطنين جميعاً، فإذا كان هناك من استشعر خطراً من هذه الأحداث، أو استنفاراً ضد الحالة الكردية، فإن ذلك يجب ألا يقابل بالمثل في الجانب الكردي، بل بالسعي لإعادة الحوار بعيداً عن الانفعالات وردود الفعل، إلى مجال العمل للوصول إلى القواسم المشتركة.الأسباب الحقيقية للاحتقان الذي فجر الأحداث تجاهل الوجود القومي الكردي ونفي وجود مسألة كردية، وتعرض الكرد للتمييز ومحاولات تعريبهم من عقود وعدم الاعتراف بحقوقهم كقومية متميزة، وحرمان مئات الآلاف منهم من الجنسية السورية وإنكار حقوقهم الثقافية ومنعهم من تعليم لغتهم وتطويرها واستخدامها في أماكن العمل ومن تسمية أطفالهم بأسماء كردية، وتعريب أسماء مدنهم وقراهم، وتهجير الفلاحين الكرد من أراضيهم في المنطقة التي سميت "الحزام العربي" لتحل محلهم عائلات عربية، وعدم توفير فرص عمل متساوية مع بقية المواطنين للتوظف في دوائر الدولة...هذه السياسات التمييزية أوصلت للاحتقان، بالإضافة لتصعيد التعصب القومي العربي الذي لا يعترف بحقوق القوميات المتعايشة مع العرب، الذي تسبب بتعصب قومي كردي مقابل. روجت بعض الأطراف العربية أثناء الأحداث لرفض الآخر الكردي وربط أية مطالبة بحقوقه بجهات خارجية، بينما أطراف في الجانب الآخر تحدثت عن "احتلال سوري لكردستان الغربية" ونشرت خرائط وأعلام وعملت للتهييج بشعارات قومية متشددة، مما يصب فيما تسعى إليه السلطة من تأجيج للصراعات العنصرية لحرف الحركة الكردية عن مسارها. فيما جميع الأحزاب الكردية ترفض تهمة الانفصال وتدعو لحلول في إطار الوطن السوري، ومعالجة الأسباب الحقيقية للأزمة، وتعبر عن مطالبها واحتجاجها بالوسائل السلمية والعلنية ونبذ العنف ومنع اندلاعه ورفض الانجرار لمواجهات عنصرية مهما كانت الضغوط. لكي لا تتكرر الأحداث بصورة أكثر مأساوية، المطلوب الاعتراف بالوجود القومي الكردي وحقوق الكرد وإلغاء كل تمييز تجاههم وعدم المماطلة في إعطاء الجنسية السورية لكل المجردين منها، والإفراج عن جميع المعتقلين والتوقف عن إثارة التعصب القومي والترويج للدعاية الملفقة حول تواطؤ الكرد مع القوى الخارجية، والبناء لوعي جديد قائم على المواطنة السورية وعلى أن سوريا وطن نهائي لكل مكوناته القومية، دون تخلي الطرفان عن "حلمهم" القومي.إن أحداث آذار للعام الماضي كرست الحركة الكردية كجزء فاعل في المعارضة الديمقراطية السورية، وأن الحقوق الكردية تمر عبر إنجاز التحول الديمقراطي, فانخراط الأحزاب الكردية الإيجابي في "الهيئة التنسيقية" لحركة المعارضة الديمقراطية السورية والانضمام لإعلان دمشق للتغيير الديمقراطي, هو تأكيد للاندماج الوطني المصغر، يجب أن يقابل من أطراف المعارضة بتفهم أكبر للمسألة الكردية السورية، وإدراجها في "وثيقة" أهداف وطنية ديمقراطية مشتركة.أما الأحزاب الكردية التي عارضت "الإعلان" واعتبرت أنه لا يحقق برامجها القومية، فقد تجاهلت طبيعته كبرنامج الحد الأدنى المتوافق عليه لمهمة محددة: الانتقال بسوريا من النظام الأمني إلى النظام الديمقراطي.إن التعدد في الساحة الكردية هو ظاهرة صحية، ولكن ذلك لا يجب أن يمنع في الظروف الراهنة الاتفاق على القواسم المشتركة, وإنشاء ائتلاف يجمع التعبيرات السياسية الكردية وينطق باسمها في الداخل والخارج، ويعتمد خطاباً سياسياً شفافاً يصل الجسور بين أطراف المجتمع الواحد، بالدعوة لأهداف ديمقراطية وطنية واضحة تزيل جميع الشكوك حول أهداف مدعاة "مخبأة" للحركة الكردية، وتركز على الحقوق والمصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوطن الواحد
الشعب الكردي ليس اختراعاً جديداً، فهو يقيم على أرضه ولم يهاجر إليها من مناطق أخرى، وهويته القومية لا تحتاج إلى جدال لإثباتها، وإذا كانت تقسيمات الشرق الأوسط عقب الحرب العالمية الأولى وانهيار الدولة العثمانية لم تلحظ له كياناً خاصاً إلى جانب الكيانات التركية والإيرانية والعربية المتعددة، فإنه لم يتوقف يوماً عن النضال للحصول على حقوقه القومية.إلا أن الحركة الكردية وبعد تجارب طويلة اقتنعت بحلول لقضاياها في إطار الدول التي تتواجد فيها –العراق، سوريا، تركيا، إيران- بشكل مستقل ومنفصل في كل قطر عن البلدان الأخرى، ويماثل ذلك اقتناع العرب أن الكيانية القطرية العربية أصبحت واقعاً غير قابل للتغيير وإن مشاكلهم تحل ضمن بلدانهم, وتأجيل مسألة التوحيد القومي التي هي من أصعب المسائل في الوقت الراهن وتظل حلماً يراود كثيرون، مع تعذر تعميم حل واحد متشابه للمسألة الكردية في كل البلدان فلكل بلد ظروفه والحلول التي تلائمه, والتنسيق بين الأطراف الأربعة للحركة كأقصى ما يمكن الطموح إليه، كما هو الحال أيضاً بين الشعوب العربية. لكنه رغم أن الحركة السياسية الكردية لا تسعى للانفصال في دول تواجدها، بل تسعى لحقوق قومية وديمقراطية ضمن الإطار الوطني، فإنها تتحمل بعض المسؤولية في عدم القدرة على رفع تهمة العمل للانفصال عنها وإقناع الأطراف الأخرى ببرامجها، مما يتطلب المزيد من الجهد لتبديد المخاوف والهواجس والأوهام.من هذا المنطلق من الضروري قيام علاقة قوية تربط الكرد والعرب في كل قطر، خاصة العراق وسوريا، للعمل لنيل الحقوق المشتركة، والحقوق القومية الخاصة بالكرد داخل كيان كل دولة، على أساس أولوية الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية. فالعمل من أجل الحريات وحقوق المواطنة يطال العرب والكرد الذين عانوا من الحكم الاستبدادي، لكن الحريات العامة لا تغني عن الحقوق القومية، إلا في مراحل متقدمة جداً، حين يتقلص تأثير الهوية القومية لصالح هوية أوسع إقليمية أو كونية إنسانية، إذ لا يمكن في بلدان متخلفة تذويب القوميات بالدمج القسري بحجة الوحدة الدينية أو بحجة مواجهة العدو الخارجي، وحتى في دولة ديمقراطية متقدمة لم يثبت حتى الآن أن القوميات زائلة. الاعتراف حالياً بالحقوق القومية للكرد يعزز الوحدة الوطنية ويسهم في إزالة آثار التمييز المرتكب بحقهم، كما يقطع الطريق على بعض العرب الذين يوجهون الاتهامات للقيادات الكردية، مما لا يفيد التعايش بين القوميتين في بلد موحد. فعلىالكرد والعرب تخطي العداء والعنف والصراعات والعمل لمسيرة مشتركة نحو الديمقراطية والتنمية والاندماج الوطني الاختياري والتسامح الإنساني, بعيداً عن الاضطهاد ونكران الهوية القومية.المدخل لذلك الحوار بين النخب السياسية، والقطع مع الأفكار والثوابت القديمة وتاريخ الصراعات والمآسي، إن فتح صفحة جديدة من الحوار والتحالف الكردي العربي يبدأ بالتعامل مع الرأي الآخر والطرف الآخر باحترام, وبتجاوز الماضي وعدم تحميله لمجمل الشعب، بل لأصحابه الحقيقيين: أنظمة وديكتاتوريين.. يحاسبوا مع مرور الزمن على ما اقترفت أيديهم. ويفترض في عالم متغير تجاوز الثورة الصناعية والحداثة ويسير نحو عولمة عابرة للقوميات والحدود والدول والجغرافيا والتاريخ... التوجه لمستقبل أفضل للشعبين، بينما العرب والكرد ما زال تفكيرهم وأهدافهم ووسائلهم وخياراتهم، متخلفة عن العصر بعد أن استغرقتهم خصوصياتهم القومية على حساب الاهتمام الضروري بالمسائل الحياتية المشتركة وقضايا العالم المتغير حيث تتقرر مصائرهم رغم إرادتهم، ما لم يسارعوا لتطوير أوضاعهم للمشاركة في العولمة بكل مجالاتها. إن الكرد في سوريا من قومية مختلفة عن القومية العربية ولا يمكن تذويبهم فيها، فمن حقهم المطالبة بحقوقهم التي ضمنها "إعلان حقوق الأفراد المنتمين لأقليات قومية" الصادر عن الأمم المتحدة عام 1992 والذي أقر حقوق الأقليات بتطوير هويتها وثقافتها وحقها في المشاركة في إدارة مناطقها وواجب المجتمع الدولي بحمايتها في حال تعرضها لانتهاكات. فإذا أهمل هذا سابقاً فلا يمكن الاستمرار في تجاهله بعد أحداث آذار 2004 التي أكدت أن هناك "مسألة كردية" يفترض حلها قبل أن تستفحل.أحداث القامشلي رغم بعض الأخطاء – مثل إعلانات محدودة عن كيان خاص كردي، وتخريب المؤسسات الذي يمكن فهمه كتنفيس عن احتقان طويل -، أخرجت الحركة الكردية من إطار محاولات تهميشها، وأظهرتها كرقم صعب لا يمكن تجاهله بعد الآن، وشريكاً في الوطن له همومه الخاصة بالإضافة للهموم المشتركة للمواطنين جميعاً، فإذا كان هناك من استشعر خطراً من هذه الأحداث، أو استنفاراً ضد الحالة الكردية، فإن ذلك يجب ألا يقابل بالمثل في الجانب الكردي، بل بالسعي لإعادة الحوار بعيداً عن الانفعالات وردود الفعل، إلى مجال العمل للوصول إلى القواسم المشتركة.الأسباب الحقيقية للاحتقان الذي فجر الأحداث تجاهل الوجود القومي الكردي ونفي وجود مسألة كردية، وتعرض الكرد للتمييز ومحاولات تعريبهم من عقود وعدم الاعتراف بحقوقهم كقومية متميزة، وحرمان مئات الآلاف منهم من الجنسية السورية وإنكار حقوقهم الثقافية ومنعهم من تعليم لغتهم وتطويرها واستخدامها في أماكن العمل ومن تسمية أطفالهم بأسماء كردية، وتعريب أسماء مدنهم وقراهم، وتهجير الفلاحين الكرد من أراضيهم في المنطقة التي سميت "الحزام العربي" لتحل محلهم عائلات عربية، وعدم توفير فرص عمل متساوية مع بقية المواطنين للتوظف في دوائر الدولة...هذه السياسات التمييزية أوصلت للاحتقان، بالإضافة لتصعيد التعصب القومي العربي الذي لا يعترف بحقوق القوميات المتعايشة مع العرب، الذي تسبب بتعصب قومي كردي مقابل. روجت بعض الأطراف العربية أثناء الأحداث لرفض الآخر الكردي وربط أية مطالبة بحقوقه بجهات خارجية، بينما أطراف في الجانب الآخر تحدثت عن "احتلال سوري لكردستان الغربية" ونشرت خرائط وأعلام وعملت للتهييج بشعارات قومية متشددة، مما يصب فيما تسعى إليه السلطة من تأجيج للصراعات العنصرية لحرف الحركة الكردية عن مسارها. فيما جميع الأحزاب الكردية ترفض تهمة الانفصال وتدعو لحلول في إطار الوطن السوري، ومعالجة الأسباب الحقيقية للأزمة، وتعبر عن مطالبها واحتجاجها بالوسائل السلمية والعلنية ونبذ العنف ومنع اندلاعه ورفض الانجرار لمواجهات عنصرية مهما كانت الضغوط. لكي لا تتكرر الأحداث بصورة أكثر مأساوية، المطلوب الاعتراف بالوجود القومي الكردي وحقوق الكرد وإلغاء كل تمييز تجاههم وعدم المماطلة في إعطاء الجنسية السورية لكل المجردين منها، والإفراج عن جميع المعتقلين والتوقف عن إثارة التعصب القومي والترويج للدعاية الملفقة حول تواطؤ الكرد مع القوى الخارجية، والبناء لوعي جديد قائم على المواطنة السورية وعلى أن سوريا وطن نهائي لكل مكوناته القومية، دون تخلي الطرفان عن "حلمهم" القومي.إن أحداث آذار للعام الماضي كرست الحركة الكردية كجزء فاعل في المعارضة الديمقراطية السورية، وأن الحقوق الكردية تمر عبر إنجاز التحول الديمقراطي, فانخراط الأحزاب الكردية الإيجابي في "الهيئة التنسيقية" لحركة المعارضة الديمقراطية السورية والانضمام لإعلان دمشق للتغيير الديمقراطي, هو تأكيد للاندماج الوطني المصغر، يجب أن يقابل من أطراف المعارضة بتفهم أكبر للمسألة الكردية السورية، وإدراجها في "وثيقة" أهداف وطنية ديمقراطية مشتركة.أما الأحزاب الكردية التي عارضت "الإعلان" واعتبرت أنه لا يحقق برامجها القومية، فقد تجاهلت طبيعته كبرنامج الحد الأدنى المتوافق عليه لمهمة محددة: الانتقال بسوريا من النظام الأمني إلى النظام الديمقراطي.إن التعدد في الساحة الكردية هو ظاهرة صحية، ولكن ذلك لا يجب أن يمنع في الظروف الراهنة الاتفاق على القواسم المشتركة, وإنشاء ائتلاف يجمع التعبيرات السياسية الكردية وينطق باسمها في الداخل والخارج، ويعتمد خطاباً سياسياً شفافاً يصل الجسور بين أطراف المجتمع الواحد، بالدعوة لأهداف ديمقراطية وطنية واضحة تزيل جميع الشكوك حول أهداف مدعاة "مخبأة" للحركة الكردية، وتركز على الحقوق والمصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوطن الواحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق