سينمائي عراقي عاطل بدأ التجربة عام 1996م
دبي- العربية.نت
إلى جانب برج إيفيل وقوس النصر وجادة الشانزلزيه في العاصمة الفرنسية، يلتفت السواح ومعهم الفرنسيون إلى دخان أبيض كثيف يخرج من مقاهي"الشيشة" المنصوبة إلى جانب المطاعم الفرنسية الراقية, ومقاهي الأرصفة المشهورة، حيث تم افتتاح 140 مقهى للنرجيلة في فرنسا خلال الأعوام الثمانية الماضية في كل المدن والمقاطعات الفرنسية، أكثر من 60 منها في العاصمة باريس. وتشير مجلة "فوربز" العريبة إلى أن الإحصاءات الرسمية حول تلك المقاهي تعود إلى شهر مايو الماضي وتشير إلى 130 مقهى "شيشة" في فرنسا. إلا أن العدد الرسمي غير دقيق حسبما تقول الصحيفة, حيث أضيفت عشرة مقاهٍ جديدة إلى العدد بعد إنجاز الإحصاء.أصحاب المقاهي تلك سحرهم الزحام البشري الذي لاقاه "أم كلثوم"، والذي يعد أول مقهى للنرجيلة افتتح في باريس عام 1996. بالنسبة إليهم, كان الزحام يعني ربحاً مادياً ملحوظاً.سمير خومارو "58 عاماً" صاحب مقهى"أم كلثوم" والذي مازال مقصد الزوّار في حي "موفتار" الشهير في الدائرة الخامسة من باريس، لم يكن يعتقد أن مقهاه سيحقق كل هذا النجاح، يقول: "لم أتوقع إطلاقاً أن يفرخ المقهى رجال أعمال يفتحون مقاهي منافسة", بالنسبة إليه كان مجرد مكاناً لتجمع الأصدقاء تحول إلى علامة تجارية. خومارو, الذي يعود من خلفية سينمائية بحكم أطروحته الأكاديمية, كان يحلم بأن يخرج عملاً سينمائياً عن "ملحمة جلجامش", إلا أن دروب الحياة أوصلته إلى ملحمة أخرى توجهها بمقهى كان الأول من نوعه في فرنسا. يقول خومارو "لا يمضي يوم تقريباً لا يفتح فيه مقهى جديد للشيشة". تسمعه يؤكد أن 60% من أصحاب هذه المقاهي كانوا في الأساس زبائنه في مقهى "أم كلثوم" أو في مقهاه الجديد "بابليونيا". سمير خمارو لم يخرج بعد "فيلمه الكبير" , إلا أن سيرة حياته تشكل بحدّ ذاتها رواية سينمائية، يرويها داخل مقهى "بابيلونيا" أمام عشرات النراجيل التي لم يعد مسموح له بتدخينها بعد عمليتين جراحيتين في القلب. تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، قسم المسرح، قبل أن يأتي إلى فرنسا، كطالب في الإخراج التلفزيوني عام 1976 حيث درس في معهد السمعيات والبصريات (إينا) وتخصص في الإخراج التلفزيوني. بعد انتهاء دراسته، عام 1976 عاد سمير خمارو إلى بغداد، وعمل في التمثيل السينمائي والمسرحي قبل أن ينتقل إلى الإخراج في التلفزيون العراقي، حيث أخرج عدداً من الأفلام والمسلسلات والبرامج الثقافية. ثم عاد إلى فرنسا عام 1979 والتحق بجامعة السوربون لينال شهادة الدكتوراة.عمل في مكتب الإنتاج السينمائي في "اليونسكو" وقام بإخراج عدد من الأفلام التعليمية والوثائقية حتى عام 1983 إذ تم إلغاء المنصب تماماً بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها المنظمة. بعد ذلك انتقل بالصدفة إلى معهد العالم العربي للعمل كمسؤول عن الإنتاج السينمائي المشترك والإبداع في قسم السمعيات والبصريات طوال سبع سنوات حتى تم إعفائه من المهمة لأسباب اقتصادية تعرض لها المعهد بعد حرب الخليج الأولى عام 1991.في مقاهي القاهرة، حيث يتجول خومارو في مقاهي الحسين والسيدة زينب لتجريب الشيشة التي يعشقها, خطرت له فكرة افتتاح مقهى مماثل في باريس. يقول خومارو إن الفكرة ترجمها سريعاً بشراء مجموعة من النراجيل لتصديرها إلى باريس. "فكرت في فتح مقهى ينقل إلى الفرنسيين سحر الشرق العربي", موضحاً أنه قبل ذلك لم تكن"الشيشة" كما تسمى في الخليج, أو"النرجيلة" كما تسمى في بلاد الشام, معروفة بين أوساط الفرنسيين.افتتح سمير خومارو، في أواسط عام 1996 أول مشروع مقهى شيشة تجاري في باريس قرب جامعة السوربون والحي اللاتيني الشهير. طابق أرضي وقبو، حولهما إلى مجلس عربي التصميم يقدّم الشاي والقهوة والوجبات العربية. كان في البداية يخجل من حكم الآخرين على المخرج السينمائي ورئيس قسم السمعيات والبصريات في معهد العالم العربي سابقاً الذي تحوّل إلى صاحب مقهى يبيع الشاي والنرجيلة لزبائنه. إلا أن الفكرة نجحت منذ يوم الافتتاح الأول. وفيما كان يعتقد أنه سوف يتحمل خسائر في الأشهر الثلاثة الأولى على الأقل، وجد نفسه في مقهى لا يخلو من الزبائن ليل نهار. "لم أغط فقط التكاليف البسيطة التي وظفتها بل حققت أرباحاً من الشهر الأول على الرغم من ضيق المقهى الصغير الذي لم يكن يتسع لأكثر من 40 شخصاً". يقولها بنشوة وكأنه مازال يشعر بسخونة النقود الأولى. في يوم الافتتاح دعا سمير كل الجيران وسكان الحي الفرنسيين, إلا أن أحداً منهم لم يحضر باستثناء شخصين جاءا بداعي الفضول. جاك دوبوا، من روّاد "أم كلثوم" ويقيم في الشارع نفسه يروي كيف أن جيرانه من سكان الحيّ ارتابوا في بادئ الأمر من المقهى الغريب. كانوا في البداية على يقين أن "النرجيلة" تحتوي على حشيشة الكيف". بعضهم ذهب به الشك إلى تقديم الشكاوى بحجة أو بأخرى، كالاعتراض لدى البلدية على لون الواجهة أو الإنارة، أو ما شابه ذلك في محاولة لإغلاق المكان.سمير خومارو يعلق لـ"فوربز العربية" على كلام جاره "البلدية وافقت على الطلب الذي قدّمته لفتح مقهى وصالون شاي شرقي مع نرجيلة، لجهل العاملين فيها تماما معنى النرجيلة". ولكن الأمر لم يطل، فبعد عام واحد، ومع رواج مقاهي النرجيلة في باريس، فرضت البلدية ضريبة خاصة على مقاهي النرجيلة. وما هي إلا ثلاثة أعوام حتى حصرت بيع التبغ المخصص للنرجيلة بمحال بيع السجائر، مشرفة في الوقت نفسه على الاستيراد وتحديد الأسعار. خومارو كان في البداية يعتمد في سياسة تسويقه على تجنب حصر زبائن المقهى على العرب فقط, وتحويله إلى ملتقى للفرنسيين والعرب معاً. ولأن الفرنسيين هواهم ثقافي, كان خومارو يعلق ملصقات ثقافية على واجهة المقهى تشرح تاريخ النرجيلة وقصائد نظّمت فيها، منها قصيدة كتبها الشاعر الفرنسي الشهير الفونس دي لامارتين خلال رحلته إلى لبنان وسوريا في القرن التاسع عشر, تغني فيها بحسناء من حلب تدخّن النرجيلة. يقول: "في البداية كنت أوضح للفرنسيين أن النرجيلة لا تعني الحشيشة وأن ما بداخلها لا يتعدّى التبغ المعسّل". هذه المقاربة، جعلت نصف الزبائن من الفرنسيين وبات المقهى ملتقى للصحافيين والرسامين والفنانين والموسيقيين وطلاب الجامعات، وكان هؤلاء يأتون بعد الظهر بينما الأدباء والفنانون في المساء. حرص سمير خومارو على عدم حصر المقهى على الرجال فقط، وبذل ما بوسعه ليجتذب الزبائن من الجنسين، حتى أصبح أكثر من 50% من زبائنه من السيدات، وهو يفخر أن سبعة فتيان وفتيات تعرفوا إلى أزواجهم في مقهاه. وتقول المجلة إنه بعد أقل من عام على افتتاح "أم كلثوم" بدأ زبائن المقهى يفتحون مقاهي مماثلة بعد أن أغراهم الإقبال المنقطع النظير. "حوالي 60 أو 70 شخصاً من زبائن المقهى فتحوا مقاهي منافسة " مشيراً إلى أن بعضهم كان يأتي المقهى للتجسّس قبل التقليد.إلا أن بعض المقاهي تحوّلت، مع "أسفه" إلى أماكن شبه مشبوهة، وخاصة في الشانزيليزيه بسبب وجود بعض الجنسيات العربية التي تجتذب بائعات المتعة العربيات.في عام 2002 وبعد عمليتين في القلب وضيق في التنفس فتح سمير خومارو قهوته الثانية "بابيلونيا" "لا من أجل الربح" كما يقول، بل لكونها أوسع وأكبر حجماً من الأولى. فهي تحتل 170 مترا مربعاً وتشتمل على أربع صالات مبنية من الحجر القديم المصمَّم على شكل عقود. في "بابيلونيا" تمكن من تحقيق طموحه بعرض بعض الأعمال الفنية العربية. كما فتح، لفترة وجيزة، مقهى "شهرزاد" بالشراكة مع أحد زبائنه واصدقائه السوريين في شارع المسارح في مدينة "أفينيون" الفرنسية وكان أول مقهى من هذا النوع في الجنوب الفرنسي.عن أرباحه يقول خومارو "إن "أم كلثوم" لم توفر له ربحاً وفيراً نظراً إلى ضيق المكان وبقاء الزبائن فترات طويلة. "لقد ارتكبت خطأ في الأصل لأنني لم أفتح منذ البداية مقهى كبيراً" ولو فعل كما يقول لكان قد حقق أرباحاً كبيرة. كما أنه لم يسجل أية علامة تجارية, الأمر الذي ساعد في تكاثر المقاهي المنافسة.مقهاه الجديد "بابيلونيا" لم يحقق النجاح نفسه، وحتى"أم كلثوم" لم يعد اليوم كما كان عليه في السابق بسبب افتتاح عدد كبير من المقاهي. فالفرنسي بدلاً من أن يدور في باريس ويجتازها ليجد قهوة، يقصد المقهى الأقرب إلى مقرّ عمله أو سكنه. ولكن سمير لا يأسف لهذا, يكفيه سماع عبارته المفضلة من زبائنه الفرنسيين: "نسافر إلى الشرق دون أن نغادر باريس".
دبي- العربية.نت
إلى جانب برج إيفيل وقوس النصر وجادة الشانزلزيه في العاصمة الفرنسية، يلتفت السواح ومعهم الفرنسيون إلى دخان أبيض كثيف يخرج من مقاهي"الشيشة" المنصوبة إلى جانب المطاعم الفرنسية الراقية, ومقاهي الأرصفة المشهورة، حيث تم افتتاح 140 مقهى للنرجيلة في فرنسا خلال الأعوام الثمانية الماضية في كل المدن والمقاطعات الفرنسية، أكثر من 60 منها في العاصمة باريس. وتشير مجلة "فوربز" العريبة إلى أن الإحصاءات الرسمية حول تلك المقاهي تعود إلى شهر مايو الماضي وتشير إلى 130 مقهى "شيشة" في فرنسا. إلا أن العدد الرسمي غير دقيق حسبما تقول الصحيفة, حيث أضيفت عشرة مقاهٍ جديدة إلى العدد بعد إنجاز الإحصاء.أصحاب المقاهي تلك سحرهم الزحام البشري الذي لاقاه "أم كلثوم"، والذي يعد أول مقهى للنرجيلة افتتح في باريس عام 1996. بالنسبة إليهم, كان الزحام يعني ربحاً مادياً ملحوظاً.سمير خومارو "58 عاماً" صاحب مقهى"أم كلثوم" والذي مازال مقصد الزوّار في حي "موفتار" الشهير في الدائرة الخامسة من باريس، لم يكن يعتقد أن مقهاه سيحقق كل هذا النجاح، يقول: "لم أتوقع إطلاقاً أن يفرخ المقهى رجال أعمال يفتحون مقاهي منافسة", بالنسبة إليه كان مجرد مكاناً لتجمع الأصدقاء تحول إلى علامة تجارية. خومارو, الذي يعود من خلفية سينمائية بحكم أطروحته الأكاديمية, كان يحلم بأن يخرج عملاً سينمائياً عن "ملحمة جلجامش", إلا أن دروب الحياة أوصلته إلى ملحمة أخرى توجهها بمقهى كان الأول من نوعه في فرنسا. يقول خومارو "لا يمضي يوم تقريباً لا يفتح فيه مقهى جديد للشيشة". تسمعه يؤكد أن 60% من أصحاب هذه المقاهي كانوا في الأساس زبائنه في مقهى "أم كلثوم" أو في مقهاه الجديد "بابليونيا". سمير خمارو لم يخرج بعد "فيلمه الكبير" , إلا أن سيرة حياته تشكل بحدّ ذاتها رواية سينمائية، يرويها داخل مقهى "بابيلونيا" أمام عشرات النراجيل التي لم يعد مسموح له بتدخينها بعد عمليتين جراحيتين في القلب. تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، قسم المسرح، قبل أن يأتي إلى فرنسا، كطالب في الإخراج التلفزيوني عام 1976 حيث درس في معهد السمعيات والبصريات (إينا) وتخصص في الإخراج التلفزيوني. بعد انتهاء دراسته، عام 1976 عاد سمير خمارو إلى بغداد، وعمل في التمثيل السينمائي والمسرحي قبل أن ينتقل إلى الإخراج في التلفزيون العراقي، حيث أخرج عدداً من الأفلام والمسلسلات والبرامج الثقافية. ثم عاد إلى فرنسا عام 1979 والتحق بجامعة السوربون لينال شهادة الدكتوراة.عمل في مكتب الإنتاج السينمائي في "اليونسكو" وقام بإخراج عدد من الأفلام التعليمية والوثائقية حتى عام 1983 إذ تم إلغاء المنصب تماماً بسبب الصعوبات المالية التي واجهتها المنظمة. بعد ذلك انتقل بالصدفة إلى معهد العالم العربي للعمل كمسؤول عن الإنتاج السينمائي المشترك والإبداع في قسم السمعيات والبصريات طوال سبع سنوات حتى تم إعفائه من المهمة لأسباب اقتصادية تعرض لها المعهد بعد حرب الخليج الأولى عام 1991.في مقاهي القاهرة، حيث يتجول خومارو في مقاهي الحسين والسيدة زينب لتجريب الشيشة التي يعشقها, خطرت له فكرة افتتاح مقهى مماثل في باريس. يقول خومارو إن الفكرة ترجمها سريعاً بشراء مجموعة من النراجيل لتصديرها إلى باريس. "فكرت في فتح مقهى ينقل إلى الفرنسيين سحر الشرق العربي", موضحاً أنه قبل ذلك لم تكن"الشيشة" كما تسمى في الخليج, أو"النرجيلة" كما تسمى في بلاد الشام, معروفة بين أوساط الفرنسيين.افتتح سمير خومارو، في أواسط عام 1996 أول مشروع مقهى شيشة تجاري في باريس قرب جامعة السوربون والحي اللاتيني الشهير. طابق أرضي وقبو، حولهما إلى مجلس عربي التصميم يقدّم الشاي والقهوة والوجبات العربية. كان في البداية يخجل من حكم الآخرين على المخرج السينمائي ورئيس قسم السمعيات والبصريات في معهد العالم العربي سابقاً الذي تحوّل إلى صاحب مقهى يبيع الشاي والنرجيلة لزبائنه. إلا أن الفكرة نجحت منذ يوم الافتتاح الأول. وفيما كان يعتقد أنه سوف يتحمل خسائر في الأشهر الثلاثة الأولى على الأقل، وجد نفسه في مقهى لا يخلو من الزبائن ليل نهار. "لم أغط فقط التكاليف البسيطة التي وظفتها بل حققت أرباحاً من الشهر الأول على الرغم من ضيق المقهى الصغير الذي لم يكن يتسع لأكثر من 40 شخصاً". يقولها بنشوة وكأنه مازال يشعر بسخونة النقود الأولى. في يوم الافتتاح دعا سمير كل الجيران وسكان الحي الفرنسيين, إلا أن أحداً منهم لم يحضر باستثناء شخصين جاءا بداعي الفضول. جاك دوبوا، من روّاد "أم كلثوم" ويقيم في الشارع نفسه يروي كيف أن جيرانه من سكان الحيّ ارتابوا في بادئ الأمر من المقهى الغريب. كانوا في البداية على يقين أن "النرجيلة" تحتوي على حشيشة الكيف". بعضهم ذهب به الشك إلى تقديم الشكاوى بحجة أو بأخرى، كالاعتراض لدى البلدية على لون الواجهة أو الإنارة، أو ما شابه ذلك في محاولة لإغلاق المكان.سمير خومارو يعلق لـ"فوربز العربية" على كلام جاره "البلدية وافقت على الطلب الذي قدّمته لفتح مقهى وصالون شاي شرقي مع نرجيلة، لجهل العاملين فيها تماما معنى النرجيلة". ولكن الأمر لم يطل، فبعد عام واحد، ومع رواج مقاهي النرجيلة في باريس، فرضت البلدية ضريبة خاصة على مقاهي النرجيلة. وما هي إلا ثلاثة أعوام حتى حصرت بيع التبغ المخصص للنرجيلة بمحال بيع السجائر، مشرفة في الوقت نفسه على الاستيراد وتحديد الأسعار. خومارو كان في البداية يعتمد في سياسة تسويقه على تجنب حصر زبائن المقهى على العرب فقط, وتحويله إلى ملتقى للفرنسيين والعرب معاً. ولأن الفرنسيين هواهم ثقافي, كان خومارو يعلق ملصقات ثقافية على واجهة المقهى تشرح تاريخ النرجيلة وقصائد نظّمت فيها، منها قصيدة كتبها الشاعر الفرنسي الشهير الفونس دي لامارتين خلال رحلته إلى لبنان وسوريا في القرن التاسع عشر, تغني فيها بحسناء من حلب تدخّن النرجيلة. يقول: "في البداية كنت أوضح للفرنسيين أن النرجيلة لا تعني الحشيشة وأن ما بداخلها لا يتعدّى التبغ المعسّل". هذه المقاربة، جعلت نصف الزبائن من الفرنسيين وبات المقهى ملتقى للصحافيين والرسامين والفنانين والموسيقيين وطلاب الجامعات، وكان هؤلاء يأتون بعد الظهر بينما الأدباء والفنانون في المساء. حرص سمير خومارو على عدم حصر المقهى على الرجال فقط، وبذل ما بوسعه ليجتذب الزبائن من الجنسين، حتى أصبح أكثر من 50% من زبائنه من السيدات، وهو يفخر أن سبعة فتيان وفتيات تعرفوا إلى أزواجهم في مقهاه. وتقول المجلة إنه بعد أقل من عام على افتتاح "أم كلثوم" بدأ زبائن المقهى يفتحون مقاهي مماثلة بعد أن أغراهم الإقبال المنقطع النظير. "حوالي 60 أو 70 شخصاً من زبائن المقهى فتحوا مقاهي منافسة " مشيراً إلى أن بعضهم كان يأتي المقهى للتجسّس قبل التقليد.إلا أن بعض المقاهي تحوّلت، مع "أسفه" إلى أماكن شبه مشبوهة، وخاصة في الشانزيليزيه بسبب وجود بعض الجنسيات العربية التي تجتذب بائعات المتعة العربيات.في عام 2002 وبعد عمليتين في القلب وضيق في التنفس فتح سمير خومارو قهوته الثانية "بابيلونيا" "لا من أجل الربح" كما يقول، بل لكونها أوسع وأكبر حجماً من الأولى. فهي تحتل 170 مترا مربعاً وتشتمل على أربع صالات مبنية من الحجر القديم المصمَّم على شكل عقود. في "بابيلونيا" تمكن من تحقيق طموحه بعرض بعض الأعمال الفنية العربية. كما فتح، لفترة وجيزة، مقهى "شهرزاد" بالشراكة مع أحد زبائنه واصدقائه السوريين في شارع المسارح في مدينة "أفينيون" الفرنسية وكان أول مقهى من هذا النوع في الجنوب الفرنسي.عن أرباحه يقول خومارو "إن "أم كلثوم" لم توفر له ربحاً وفيراً نظراً إلى ضيق المكان وبقاء الزبائن فترات طويلة. "لقد ارتكبت خطأ في الأصل لأنني لم أفتح منذ البداية مقهى كبيراً" ولو فعل كما يقول لكان قد حقق أرباحاً كبيرة. كما أنه لم يسجل أية علامة تجارية, الأمر الذي ساعد في تكاثر المقاهي المنافسة.مقهاه الجديد "بابيلونيا" لم يحقق النجاح نفسه، وحتى"أم كلثوم" لم يعد اليوم كما كان عليه في السابق بسبب افتتاح عدد كبير من المقاهي. فالفرنسي بدلاً من أن يدور في باريس ويجتازها ليجد قهوة، يقصد المقهى الأقرب إلى مقرّ عمله أو سكنه. ولكن سمير لا يأسف لهذا, يكفيه سماع عبارته المفضلة من زبائنه الفرنسيين: "نسافر إلى الشرق دون أن نغادر باريس".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق