غازي دحمان - الحياة
يتضح من مسار الأحداث وتطوراتها في سياق الأزمة السورية، وصول الأمور الى حال من الانسداد الكامل، اذ ان الأفق السياسي لهذه الحال بات متجمداً. ويبدو انه وصل باكراً الى طريق شبه مسدودة، وبخاصة بعد حال التوافق الدولي، والعربي بالتبعية، على الصيغة الأمثل لحل هـذه الأزمة عبر التعاون السوري اللامشروط مع رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس، والذي عبّر عنه قرار مجلس الأمن الرقم 1636 بجلاء ووضوح تامين.
والواضح ان نتيجة التوافق الدولي هذه وضعت القيادة السياسية في سورية، وتحديداً صناع القرار منهم، امام خيارات محددة، اذ فوض المجتمع الدولي لجنة التحقيق ورئيسها مرجعية وحيدة وموثوقاً بها للتعامل مع المسألة السورية، مغلقاً بذلك الباب امام أي إمكان لإحداث اختراقات ما على الجبهة الدولية، عبر تفاهمات وصفقات معينة قد تعقدها مع بعض الأطراف.
وبهذا المعنى، يصبح أي تحرك سياسي وديبلوماسي تقوم به سورية بلا معنى، وفاقداً لأي قيمة، ويتحول الى مجرد مجاملات، وصور إعلامية فارغة لا تفيد سورية في ازمتها الحالية مع المجتمع الدولي. وقد ادركت القيادة السياسية السورية هذه الحقيقة، وعبر عنها بوضوح في خطاب الرئيس بشار الأسد على مدرج جامعة دمشق، معلنة بذلك نهاية الوساطات القطرية والكويتية المصرية، والتي كانت وصلت اصلاً الى طريق مسدود لإصرار الجهات المتوسّط لديها على ضرورة التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية قبل أي شيء.
دفعت هذه الأوضاع بالقيادة السياسية السورية للانتقال الى مستوى آخر من التعامل، وهو ما يمكن وصفه، بالانتقال الى النوعية الأخطر من الخيارات التي طالما حاولت دمشق تجنبها كثيراً التلويح بأوراق القوة التي تملكها في المنطقة، وهو سلوك جديد لم تقدم عليه القيادة السورية، في العلن وبهذه الشفافية، في تاريخها المعاصر.
وبذلك تكون سورية وصلت الى اقصى درجات الممانعة في تعاطيها مع المطالب الدولية ممثلة في قرار مجلس الأمن الرقم 1636، مراهنة بذلك على إمكان تحقيق تسويات مقبولة ومنطقية، وتكون قادرة على الإيفاء باستحقاقاتها من دون ان يؤثر ذلك في الاستقرار والأمن في سورية، ولا في مستقبل النظام السياسي نفسه.
تستحضر الذهنية السورية، في رهانها هذا، بعض الحالات المعاصرة لنماذج الممانعة الدولية في مواجهة إرادة القوى الدولية النافذة في المجتمع الدولي، كنموذجي كوريا الشمالية وإيران، اذ استطاعت هاتان الدولتان الصمود امام ضغوط تلك القوى، وعدم اضطرارها الى تقديم تنازلات مؤلمة كما هو مطلوب من سورية.
ولا شك في ان كلاً من كوريا وإيران استندتا في ممانعتهما تلك الى حجم المقدرات العسكرية التي يمتلكانها، وكذلك جيوسياسية موقعهما وحساسيته، سواء في منطقة تعتبر احدى اهم حلقات العالم الصناعي وما فيه من اسواق واستثمارات بالنسبة الى كوريا، أو في منطقة تعد من اهم مناطق إنتاج النفط وتسيطر على معابر تصديره، بالنسبة الى ايران، فهل تستطيع سورية إحلال هاتين التجربتين واستنساخهما في منطقة الشرق الأوسط؟
ثمة فوارق مهمة بين وضع دمشق وكل من بيونغيانغ وطهران، وذلك من نوع عدم وجود منافسين اقليميين معادين ومعادلين في القوة لكل من ايران وكوريا الشمالية في مناطقهما، وكذلك نوعية التجهيزات العسكرية التي تمتلكانها، وقدرتهما على التأثير في مناطقهما ومحيطهما في شكل عام. ولكن اهم الفوارق على الإطلاق تأتي في كون الأوراق السورية باتت مستهلكة، او على الأقل، جرى ويجرى تجريبها ماضياً وراهناً، وبالتالي فإن الأطراف الدولية باتت تعرف مضادات هذه الأوراق، وإمكان ابطال مفاعيلها، كما ان هذه الأوراق هي بمثابة قوى فاعلة وعاملة وموجودة على الأرض، وتدعي الأطراف الدولية انها تتأثر فيها مباشرة وتريد انهاءها، والحرب إن قامت، فستقوم للتخلص منها، وهي تحمل هذا العنوان بلا وجل ومن دون تخف.
بالطبع، لا يحمل الحديث عن نموذجية كوريا وإيران، في تحدي المجتمع الدولي وممانعته، أي ايجابية قد تدفع أي طرف الى الاقتداء بهما. فالمعروف ان البلدين يشهدان حالات توتر واستنفار وتهديد دائم اثرت وتؤثر في استقرارهما، كما انهما كلفا مجتمعاتهما اثماناً باهظة وتكاليف جمة، في سبيل اهداف وغايات غير واضحة او مفهومة، وبعيدة من حاجيات مجتمعاتهما الراهنة، ولا تلبي استحقاق مستقبلاته الملحة. وبالتالي، فإن بلداً مثل سورية، يتطلع ابناؤه الى التطور والنماء والاندماج بالمجتمع الدولي، يتوجب على ديبلوماسيتها ان تبحث عن نماذج وأنماط اكثر ايجابية وفاعلية في عالم، ان لم تواكبه لحظة بلحظة، فسيكون مصيرك النسيان والضياع، والصور في الاتجاهين كثيرة ومعروفة.
يتضح من مسار الأحداث وتطوراتها في سياق الأزمة السورية، وصول الأمور الى حال من الانسداد الكامل، اذ ان الأفق السياسي لهذه الحال بات متجمداً. ويبدو انه وصل باكراً الى طريق شبه مسدودة، وبخاصة بعد حال التوافق الدولي، والعربي بالتبعية، على الصيغة الأمثل لحل هـذه الأزمة عبر التعاون السوري اللامشروط مع رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس، والذي عبّر عنه قرار مجلس الأمن الرقم 1636 بجلاء ووضوح تامين.
والواضح ان نتيجة التوافق الدولي هذه وضعت القيادة السياسية في سورية، وتحديداً صناع القرار منهم، امام خيارات محددة، اذ فوض المجتمع الدولي لجنة التحقيق ورئيسها مرجعية وحيدة وموثوقاً بها للتعامل مع المسألة السورية، مغلقاً بذلك الباب امام أي إمكان لإحداث اختراقات ما على الجبهة الدولية، عبر تفاهمات وصفقات معينة قد تعقدها مع بعض الأطراف.
وبهذا المعنى، يصبح أي تحرك سياسي وديبلوماسي تقوم به سورية بلا معنى، وفاقداً لأي قيمة، ويتحول الى مجرد مجاملات، وصور إعلامية فارغة لا تفيد سورية في ازمتها الحالية مع المجتمع الدولي. وقد ادركت القيادة السياسية السورية هذه الحقيقة، وعبر عنها بوضوح في خطاب الرئيس بشار الأسد على مدرج جامعة دمشق، معلنة بذلك نهاية الوساطات القطرية والكويتية المصرية، والتي كانت وصلت اصلاً الى طريق مسدود لإصرار الجهات المتوسّط لديها على ضرورة التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية قبل أي شيء.
دفعت هذه الأوضاع بالقيادة السياسية السورية للانتقال الى مستوى آخر من التعامل، وهو ما يمكن وصفه، بالانتقال الى النوعية الأخطر من الخيارات التي طالما حاولت دمشق تجنبها كثيراً التلويح بأوراق القوة التي تملكها في المنطقة، وهو سلوك جديد لم تقدم عليه القيادة السورية، في العلن وبهذه الشفافية، في تاريخها المعاصر.
وبذلك تكون سورية وصلت الى اقصى درجات الممانعة في تعاطيها مع المطالب الدولية ممثلة في قرار مجلس الأمن الرقم 1636، مراهنة بذلك على إمكان تحقيق تسويات مقبولة ومنطقية، وتكون قادرة على الإيفاء باستحقاقاتها من دون ان يؤثر ذلك في الاستقرار والأمن في سورية، ولا في مستقبل النظام السياسي نفسه.
تستحضر الذهنية السورية، في رهانها هذا، بعض الحالات المعاصرة لنماذج الممانعة الدولية في مواجهة إرادة القوى الدولية النافذة في المجتمع الدولي، كنموذجي كوريا الشمالية وإيران، اذ استطاعت هاتان الدولتان الصمود امام ضغوط تلك القوى، وعدم اضطرارها الى تقديم تنازلات مؤلمة كما هو مطلوب من سورية.
ولا شك في ان كلاً من كوريا وإيران استندتا في ممانعتهما تلك الى حجم المقدرات العسكرية التي يمتلكانها، وكذلك جيوسياسية موقعهما وحساسيته، سواء في منطقة تعتبر احدى اهم حلقات العالم الصناعي وما فيه من اسواق واستثمارات بالنسبة الى كوريا، أو في منطقة تعد من اهم مناطق إنتاج النفط وتسيطر على معابر تصديره، بالنسبة الى ايران، فهل تستطيع سورية إحلال هاتين التجربتين واستنساخهما في منطقة الشرق الأوسط؟
ثمة فوارق مهمة بين وضع دمشق وكل من بيونغيانغ وطهران، وذلك من نوع عدم وجود منافسين اقليميين معادين ومعادلين في القوة لكل من ايران وكوريا الشمالية في مناطقهما، وكذلك نوعية التجهيزات العسكرية التي تمتلكانها، وقدرتهما على التأثير في مناطقهما ومحيطهما في شكل عام. ولكن اهم الفوارق على الإطلاق تأتي في كون الأوراق السورية باتت مستهلكة، او على الأقل، جرى ويجرى تجريبها ماضياً وراهناً، وبالتالي فإن الأطراف الدولية باتت تعرف مضادات هذه الأوراق، وإمكان ابطال مفاعيلها، كما ان هذه الأوراق هي بمثابة قوى فاعلة وعاملة وموجودة على الأرض، وتدعي الأطراف الدولية انها تتأثر فيها مباشرة وتريد انهاءها، والحرب إن قامت، فستقوم للتخلص منها، وهي تحمل هذا العنوان بلا وجل ومن دون تخف.
بالطبع، لا يحمل الحديث عن نموذجية كوريا وإيران، في تحدي المجتمع الدولي وممانعته، أي ايجابية قد تدفع أي طرف الى الاقتداء بهما. فالمعروف ان البلدين يشهدان حالات توتر واستنفار وتهديد دائم اثرت وتؤثر في استقرارهما، كما انهما كلفا مجتمعاتهما اثماناً باهظة وتكاليف جمة، في سبيل اهداف وغايات غير واضحة او مفهومة، وبعيدة من حاجيات مجتمعاتهما الراهنة، ولا تلبي استحقاق مستقبلاته الملحة. وبالتالي، فإن بلداً مثل سورية، يتطلع ابناؤه الى التطور والنماء والاندماج بالمجتمع الدولي، يتوجب على ديبلوماسيتها ان تبحث عن نماذج وأنماط اكثر ايجابية وفاعلية في عالم، ان لم تواكبه لحظة بلحظة، فسيكون مصيرك النسيان والضياع، والصور في الاتجاهين كثيرة ومعروفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق