الشرق الاوسط
تهيمن تقارير إساءة معاملة السجناء على نشرات الأخبار في العراق، لكن الفقر يظهر في صور مروعة لعائلات تعيش على ما تتيحه لهم مستودعات القمامة المتعفنة.وقال موسى جبر، بينما كان الذباب يحوم حول وجه طفله الصغير بالقرب من طعام فاسد وحقائب بلاستيكية صغيرة وعلب خاوية رصت فوق بعضها «نحن ضائعون. لا أحد يهتم بنا».وتحتل أعمال العنف والحملات الأمنية عناوين الاخبار، لكنها تغطي على العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تتفشى في العراق منذ ان اطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة بالرئيس العراقي السابق، صدام حسين، في عام 2003 بوعد بجلب الديمقراطية والرفاهية.ومعدل البطالة المرتفع وإراقة الدماء يبعدان المستثمرين عن الاقتصاد المدمر، مما أجبر بعض العراقيين على الاحتيال على العيش بتفتيش القمامة بحثا عن بقايا طعام. واسر مثل اسرة جبر تخشى من انه لا سبيل للخروج من هذه الاوضاع. وقال جبر الذي يعيش بالقرب من مستودع قمامة على مشارف بغداد «نريد من العراق أو بقية العالم ان يتنبه الينا».وعندما دمر جنود صدام منازلهم في منطقة الاهوار في جنوب العراق، انتقلت اسرة جبر واسر اخرى الى بغداد للبحث عن عمل. كانت الاموال شحيحة وتدهورت الاحوال المعيشية أكثر بعد الاطاحة بالرئيس العراقي السابق. وفي كل يوم يمشطون احياء بغداد بحثا عن النفاية على امل ان يعثروا على اشياء ثمينة يبيعونها أو بقايا اطعمة. وهم يملأون حقائب بلاستيكية بالنفاية ويحضرونها الى مستودع القمامة. كما تفتش الطيور والابقار في النفايات بينما تحلق طائرات الهليكوبتر الاميركية في السماء.وفي غياب الكهرباء، فإن مثل هذه الأسر تبحث عن ملجأ من برد الشتاء الشديد وحرارة الصيف اللافحة في أكواخ صغيرة مصنوعة من علب زيت الطعام وبعض قطع الخشب والطين. ويقومون بجمع الماء من أنابيب قريبة قذرة بها تسريب ويوضع الماء في أوعية بلاستيكية تنقل على حمير.ونادرا ما تصنع هذه الأحوال المعيشية القاسية عناوين الأخبار في وسائل الاعلام العراقية أو الاجنبية التي يتركز اهتمامها على مجموعة من السجناء عثر عليهم محتجزين في قبو تابع لوزارة الداخلية.وبغداد حيث يعيش أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ليست المكان الوحيد الذي يكافح فيه فقراء بائسون من أجل البقاء. ففي مدينة النجف الجنوبية تحتل نحو 100 أسرة أكثر من 50 ملجأ يشبه الخيمة مصنوعا من علب صفيح وحقائب بلاستيك اعلى مستودع قمامة يزداد اتساعا. وقال الطفل سعد حسن البالغ من العمر ثماني سنوات: «إنني أعمل مع والدي في جمع القمامة». وأضاف: «انني أجلس كل يوم وأجمع الخيوط وعلب الصفيح وأشياء أخرى مفيدة». وقال: «وبعد أن أنتهي من عملي أصنع كرة من الخيوط وألعب بها مع الأطفال الآخرين الذين يعيشون هنا. كنت أتمنى لو كان بإمكاني أن أتعلم في مدرسة بالنجف».ويكسب مخلد خضر ما يزيد قليلا على دولار يوميا من جمع الحديد والعلب المعدنية لبيعها للمصانع، وهو نفس العمل الذي كان يقوم به أثناء العطلات عندما كان جنديا في جيش صدام. وقال: «هذه الأيام بعد سقوط النظام، لا أحد يأتي من الحكومة ليرى المأساة التي نعيش فيها».ووعدت الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة مرارا بالقضاء على التمرد وإنعاش الاقتصاد، لكن قلة من العراقيين بينهم أسرة جبر هم الذين يتوقعون أن يحدث ذلك قريبا. وقال موسى جبر: «سمعنا وعودا. لكننا نعيش هنا ونسمع من حولنا قنابل. كل ما لدينا هو دبابات أميركية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق