السير سيريل تاونسند - الحياة
بعد نحو سنتين ونصف السنة على قيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ما يسمى «ائتلاف الراغبين» في العراق، بدأ هذا الائتلاف بالانهيار. ففي واشنطن ولندن على حدّ سواء يدور اليوم حديث جدي حول الحاجة إلى استراتيجية للخروج. في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، صوّت مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية 79 صوتاً مقابل 19 على قرار يسمح بانسحاب جنود أميركا البالغ عددهم 160 ألفاً من العراق. وقد قدّم الاقتراح زعيم مجلس الشيوخ الجمهوري بيل فريست ورئيس لجنة الخدمات العسكرية الجمهوري جون وارنر. وأراد المقترحان أن تكون السنة المقبلة سنة «انتقال بارز» تتسلّم فيها قوى العراق الذاتية تدريجاً الدور القيادي من الأميركيين وحلفائهم في العراق. كما اعتبر اصحاب الاقتراح أنّه بحلول نهاية السنة المقبلة لا بد من توفّر «الظروف الملائمة لإعادة الانتشار المرحلي لقوى الولايات المتحدة». وبدا ان حزب الرئيس نفسه بدأ يتململ.
لطالما كان الخطّ بين الجمهوريين والديموقراطيين رفيعاً حيال هذه المسألة شديدة الحساسية. فقد خسر الديموقراطيون بنسبة 40 صوتاً مقابل 58 في مجلس الشيوخ خلال محاولتهم الحصول على مخطّط لجدول زمني لانسحاب مرحلي. وفي 18 تشرين الثاني (نوفمبر) أعلن جون مورثا، وهو عضو ديموقراطي في الكونغرس نال تقديراً خلال مدة خدمته في حرب فيتنام وصوّت لمصلحة اجتياح العراق، أنّ الجنود الأميركيين أصبحوا الهدف الرئيس للتمرد، ورأى أنه حان الوقت لإعادتهم إلى منازلهم. كما أثار غضب البيت الأبيض عند وصفه النزاع في العراق بأنه «سياسة خاطئة مغلّفة بالوهم». وادّعى بعض الجمهوريين في الكونغرس أن جون مورثا يطالب بسياسة «كرّ وفرّ».
ولربما يتمنّى معظم الأميركيين عدم سماع أخبار العراق مجدداً، إذ يعتقد أكثر من 60 في المئة أن الحرب كانت خطأ. كما انخفضت مساندة الرئيس جورج بوش بشكل مفاجئ إلى معدّل منخفض إذ بلغ 34 في المئة بسبب الحرب بشكل أساسي، وهي حرب كلّفت الولايات المتحدة خسارة أرواح زهاء 2020 شخصاً وأكثر من 100 بليون جنيه استرليني.
أما في بريطانيا، فقد أخذ الجدل المتنامي حول إخراج الجنود البريطانيين البالغ عددهم 7500 جندي من العراق منحى غريباً خلال هذا الشهر. فعندما زار الرئيس العراقي جلال طالباني لندن، أفاد خلال برنامج جوناثان ديمبلبي الذي تبثه محطة «أي تي في»، إنّ الجنود البريطانيين يستطيعون مغادرة بلاده مع نهاية 2006. وكان واثقاً بأن الجنود العراقيين سيكونون في وضع يسمح لهم بالاهتمام بالأمن في قطاع البصرة. وبحسب معلوماتي، كانت هذه المرّة الأولى التي تقدم فيها شخصيّة عراقية رفيعة الشأن توقعاً مماثلاً.
أما الجنرال السير مايك جاكسون، رئيس هيئة الأركان، الذي لا شك أنّه يتوق لإخراج جنوده من جنوب العراق ما دامت بريطانيا ستنشر نحو 3000 جندي في أفغانستان، فقد اتّخذ موقفاً علنيّاً أكثر حذراً. فالجنرال العائد لتوّه من البصرة حيث شاهد جنوده يجرون مناورات مع الجيش العراقي تكلم خلال برنامج آندرو مار على قناة «بي. بي. سي» موضحاً: « قال الرئيس إننا نستطيع المغادرة خلال سنة تقريباً. وأنا أوافق على أننا قادرون حتماً على القيام بذلك، لكن الأمر يتعلق بتوفّر الظروف الملائمة».
أما وزير الدفاع البريطاني جون ريد فاعتقد أن آراء الرئيس طالباني تتلاءم تماماً مع أهداف بريطانيا، مؤكداً: «نحن باقون في العراق حتى إتمام المهمة وحتى يصبح في إمكان العراقيين تدبر أمنهم الخاص»، و»أن عمليّة التسليم إلى العراقيين قد تبدأ في خلال السنة المقبلة».
وهناك جزء من خلفية جدل «إخراج الجنود» نادراً ما يتمّ ذكره، وهو أنّ عدداً كبيراً من دول التحالف سبق وسحب جنوده من العراق. فإسبانيا وتايلاند وهنغاريا وهندوراس وجمهورية الدومينيكان ونيكاراغوا والبرتغال ونيوزيلندا والفيليبين والنروج، سحبت جميع أم معظم قواتها الصغيرة.
وبصراحة، فالتقارير التي ترد عن الوضع الحالي للجيش العراقي الجديد والشرطة العراقية متناقضة جداً لدرجة أنّها أصبحت فارغة من أي معنى. فمنذ زمن غير بعيد وقف الجنرال بيتر بايس، رئيس هيئة الأركان في واشنطن، أمام الكونغرس قائلاً إنّ ثلثي الكتائب العراقية والشرطة العراقية بأسرها كانت عاجزة عن القيام بعمليات ضد العصيان من تلقاء نفسها. كما كانت بريطانيا تراقب بقلق تسلل عناصر الميليشيات الشيعية الى داخل صفوف الشرطة في جنوب العراق.
ما زلت أدعم بشكل كامل وضع جدول زمني مرحلي للانسحاب الكامل للجنود البريطانيين. ولا شكّ في أنّه من الأفضل أن يتمّ ذلك بالاتفاق مع الأميركيين، لكن في حال دعت الحاجة، لا بد من انسحاب البريطانيين بمفردهم. ففي بريطانيا كما في أميركا تتراجع شعبية التورّط في العراق بشكل متزايد، فقد قُتل 98 جندي بريطاني ويعتبر معظم الناس أن النزاع خطأ. أجل، تتحمّل بريطانيا مسؤولية معنوية تجاه العراق، ولكن لديها أيضاً مسؤولية معنوية تجاه سلامة جنودها في العراق، وهم من الشجعان الذين يتمتعون بدرجة عالية جداً من الاحتراف.
بعد نحو سنتين ونصف السنة على قيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ما يسمى «ائتلاف الراغبين» في العراق، بدأ هذا الائتلاف بالانهيار. ففي واشنطن ولندن على حدّ سواء يدور اليوم حديث جدي حول الحاجة إلى استراتيجية للخروج. في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، صوّت مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية 79 صوتاً مقابل 19 على قرار يسمح بانسحاب جنود أميركا البالغ عددهم 160 ألفاً من العراق. وقد قدّم الاقتراح زعيم مجلس الشيوخ الجمهوري بيل فريست ورئيس لجنة الخدمات العسكرية الجمهوري جون وارنر. وأراد المقترحان أن تكون السنة المقبلة سنة «انتقال بارز» تتسلّم فيها قوى العراق الذاتية تدريجاً الدور القيادي من الأميركيين وحلفائهم في العراق. كما اعتبر اصحاب الاقتراح أنّه بحلول نهاية السنة المقبلة لا بد من توفّر «الظروف الملائمة لإعادة الانتشار المرحلي لقوى الولايات المتحدة». وبدا ان حزب الرئيس نفسه بدأ يتململ.
لطالما كان الخطّ بين الجمهوريين والديموقراطيين رفيعاً حيال هذه المسألة شديدة الحساسية. فقد خسر الديموقراطيون بنسبة 40 صوتاً مقابل 58 في مجلس الشيوخ خلال محاولتهم الحصول على مخطّط لجدول زمني لانسحاب مرحلي. وفي 18 تشرين الثاني (نوفمبر) أعلن جون مورثا، وهو عضو ديموقراطي في الكونغرس نال تقديراً خلال مدة خدمته في حرب فيتنام وصوّت لمصلحة اجتياح العراق، أنّ الجنود الأميركيين أصبحوا الهدف الرئيس للتمرد، ورأى أنه حان الوقت لإعادتهم إلى منازلهم. كما أثار غضب البيت الأبيض عند وصفه النزاع في العراق بأنه «سياسة خاطئة مغلّفة بالوهم». وادّعى بعض الجمهوريين في الكونغرس أن جون مورثا يطالب بسياسة «كرّ وفرّ».
ولربما يتمنّى معظم الأميركيين عدم سماع أخبار العراق مجدداً، إذ يعتقد أكثر من 60 في المئة أن الحرب كانت خطأ. كما انخفضت مساندة الرئيس جورج بوش بشكل مفاجئ إلى معدّل منخفض إذ بلغ 34 في المئة بسبب الحرب بشكل أساسي، وهي حرب كلّفت الولايات المتحدة خسارة أرواح زهاء 2020 شخصاً وأكثر من 100 بليون جنيه استرليني.
أما في بريطانيا، فقد أخذ الجدل المتنامي حول إخراج الجنود البريطانيين البالغ عددهم 7500 جندي من العراق منحى غريباً خلال هذا الشهر. فعندما زار الرئيس العراقي جلال طالباني لندن، أفاد خلال برنامج جوناثان ديمبلبي الذي تبثه محطة «أي تي في»، إنّ الجنود البريطانيين يستطيعون مغادرة بلاده مع نهاية 2006. وكان واثقاً بأن الجنود العراقيين سيكونون في وضع يسمح لهم بالاهتمام بالأمن في قطاع البصرة. وبحسب معلوماتي، كانت هذه المرّة الأولى التي تقدم فيها شخصيّة عراقية رفيعة الشأن توقعاً مماثلاً.
أما الجنرال السير مايك جاكسون، رئيس هيئة الأركان، الذي لا شك أنّه يتوق لإخراج جنوده من جنوب العراق ما دامت بريطانيا ستنشر نحو 3000 جندي في أفغانستان، فقد اتّخذ موقفاً علنيّاً أكثر حذراً. فالجنرال العائد لتوّه من البصرة حيث شاهد جنوده يجرون مناورات مع الجيش العراقي تكلم خلال برنامج آندرو مار على قناة «بي. بي. سي» موضحاً: « قال الرئيس إننا نستطيع المغادرة خلال سنة تقريباً. وأنا أوافق على أننا قادرون حتماً على القيام بذلك، لكن الأمر يتعلق بتوفّر الظروف الملائمة».
أما وزير الدفاع البريطاني جون ريد فاعتقد أن آراء الرئيس طالباني تتلاءم تماماً مع أهداف بريطانيا، مؤكداً: «نحن باقون في العراق حتى إتمام المهمة وحتى يصبح في إمكان العراقيين تدبر أمنهم الخاص»، و»أن عمليّة التسليم إلى العراقيين قد تبدأ في خلال السنة المقبلة».
وهناك جزء من خلفية جدل «إخراج الجنود» نادراً ما يتمّ ذكره، وهو أنّ عدداً كبيراً من دول التحالف سبق وسحب جنوده من العراق. فإسبانيا وتايلاند وهنغاريا وهندوراس وجمهورية الدومينيكان ونيكاراغوا والبرتغال ونيوزيلندا والفيليبين والنروج، سحبت جميع أم معظم قواتها الصغيرة.
وبصراحة، فالتقارير التي ترد عن الوضع الحالي للجيش العراقي الجديد والشرطة العراقية متناقضة جداً لدرجة أنّها أصبحت فارغة من أي معنى. فمنذ زمن غير بعيد وقف الجنرال بيتر بايس، رئيس هيئة الأركان في واشنطن، أمام الكونغرس قائلاً إنّ ثلثي الكتائب العراقية والشرطة العراقية بأسرها كانت عاجزة عن القيام بعمليات ضد العصيان من تلقاء نفسها. كما كانت بريطانيا تراقب بقلق تسلل عناصر الميليشيات الشيعية الى داخل صفوف الشرطة في جنوب العراق.
ما زلت أدعم بشكل كامل وضع جدول زمني مرحلي للانسحاب الكامل للجنود البريطانيين. ولا شكّ في أنّه من الأفضل أن يتمّ ذلك بالاتفاق مع الأميركيين، لكن في حال دعت الحاجة، لا بد من انسحاب البريطانيين بمفردهم. ففي بريطانيا كما في أميركا تتراجع شعبية التورّط في العراق بشكل متزايد، فقد قُتل 98 جندي بريطاني ويعتبر معظم الناس أن النزاع خطأ. أجل، تتحمّل بريطانيا مسؤولية معنوية تجاه العراق، ولكن لديها أيضاً مسؤولية معنوية تجاه سلامة جنودها في العراق، وهم من الشجعان الذين يتمتعون بدرجة عالية جداً من الاحتراف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق