إحسان طالب
في غمرة السجال السياسي داخلياً وزخم الحراك لأممي خارجياً تقف سوريا النظام وسوريا الشعب في حالة من عدم الاستقرار والقلق والترقب المشوب بالحذر.
فعامة أبناء سوريا ليس لديهم رؤية واضحة عن المستقبل القريب وتستحوذ عليهم خشيه من ليل الغد المجهول و يضمرون ويصرحون بأنهم غير جاهزين للمواجهة مع أركان المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة وتحالف أوربا والولايات المتحدة.
وبغض النظر عن تقييمهم لموقف النظام أخلاقياً فإن لديهم شك واضح بقدرة أجهزة الدولة الأمنية على تجاوز الصعاب القادمة والمعارك الآتية لا محالة.
فالصمود والتصدي والمقاومة والمجابهة لم تعد كلمات طوبائية ترد في قاموس نشرات الأخبار ودروس التوجيه القومي ( والآن في خطب يوم الجمعة وحلقات الذكر ومجالس الصلاة على النبي ) لم تعد تلك الكلمات لافتات تكتب بالأضواء على قمة جبل قاسيون ولا يلقي لها الناس بالاً لعلمهم بقدرة السلطة على إبقاء تأثيرها محصوراً خلف الأبواب الموصدة وتحت طاولة الصفقات الإقليمية التي برع نظام الأسد الأب في إتمامها بما يكفل لهم تجاوز الأزمات وحصد المزيد من المكاسب بدون تقديم أية تنازلات باتجاه الداخل شعباً وأرضاً.
لقد غدت تلك الكلمات في عهد الأسد الابن بعد خطابه الأخير التزامات وأثقال وأثمان تقع على كاهل الأفراد من أبناء الوطن وتحمل وزرها المؤسسات المدنية والاقتصاد المرهق . فلقد حسم النظام أمره في المواجهة والتصدي متسلحاً بإرث طويل من المراوغة السياسية ولعب بورقة الوقت واستناد إلى شعارات رنانة مع تضخيم لنظرية المؤامرة وتورم للأهداف والغايات التي مازال أبناء الشعب السوري يشقون بها عباب الفضاء كل صباح في المدارس والثانويات وكل مساء في المحاضرات والاجتماعات وأضافوا إليها شعارات سوقية تتناول الأفراد والأشخاص أجانب وعرب كتاباً ومسئولين نواباًً ورؤساء بأوصاف وأحكام كنا نظن أن الإعلام المسئول يربأ عن ذكرها ذلك الإعلام الذي اشتط غضباً وغيظاً وهو ينسب كل ما يخالفه إلى الخيانة والعمالة واللاوطنية .
لقد تم تحديث وتطوير سياسات المواجهة بالتمترس والتدرء بالوطن والشعب للحماية والبقاء والتشبث بالمناصب والمكاسب وثمار الفساد الذي تشيب له رؤوس الأطفال الصغار الذين يرددون الأهداف والشعارات بحناجر ضعيفة وقلوب خائفة.
لقد أثارت كلمات وصفات أطلقت على رئيس وزراء لبنان الشهيد رفيق الحريري أجواءً مشحونة بالغضب ومبررات أفضت في النهاية إلى اغتياله وتوالت الأحداث إلى وصول فؤاد السنيورة إلى ذات المنصب فهل من الحكمة بمكان أن نعيد الصفات والتقييمات بالعمالة والعبودية لشخص رئيس حكومة لبنان ونحن ما زلنا نخوض ونتهم بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد .
السعيد من اتعظ بغيره:
وقفنا ضد غزو العراق ودعمنا ما ندعوه بالمقاومة الشريفة في العراق ( رغم عدم وجود تفريق لدى عناصر المقاومة المسلحة في العراق بين المعارضة السياسية للاحتلال والإرهاب الذي يحصد أرواح العراقيين والأبرياء ) فما الذي حصل ؟ تم اجتياح العراق من جنوبه إلى شماله ببضعة أسابيع وسقط الطاغية صدام ببضعة دبابات واستطاع أكثر من عشرة ملايين عراقي ممارسة العمل السياسي وبناء قواعد اللعبة الديمقراطية وكتابة دستور دائم وانتخاب مجلس نيابي والدعوة إلى انتخابات تشريعية في بداية العام المقبل تشمل كل مكونات الطيف العراقي بما يضمن زيادة كبيرة في أعداد الناخبين بنسب ومستويات عالية يندر الوصول إليها في أعرق الأنظمة الديمقراطية الدولية.ثم نأتي نحن في خطاب المواجهة ندعو لدعم المقاومة العراقية وننصب أنفسنا معلمين وموجهين للآخرين بما يفعلون وما لا يفعلون أليس من الحكمة والعدل أن ننقذ سفينتنا التي على وشك الغرق قبل إلقاء الحبال وطوق النجاة لسفينة العراق التي تعبر بحر الصعاب بانتظام نحو هدف مرسوم .
( أعلنت خمس فصائل عراقية مسلحة استعدادها للمصالحة في بيان نشرته على شبكة الانترنيت ورحبت الحكومة العراقية على الفور بأي فصيل يلقي السلاح )
لقد أثبتت التجربة العراقية خطأ توجهاتنا وبينت بجلاء قدرات الآخرين الذين نناصبهم العداء فهل من الحكمة والصواب أن نكون الشقي الذي لا يتعظ إلا بنفسه.
جولاننا محتل وفي كل مناسبة أو غير مناسبة ندعو فصائل المقاومة الفلسطينية للاجتماع وأخذ التوجيهات والتعليمات لتحرير فلسطين وإنهاء دولة إسرائيل حسب ما تريده المقاومة الإسلامية .في حين أن ما يجري على الأرض هناك في فلسطين عملية سياسية ومفاوضات تتعثر أو تتوقف لكنها في المجمل تسير وتحقق نجاحات وإنجازات يقابلها تراجع في العمل المسلح وخفوت لنبرة الحرب ( قال الزهار إن حماس ليس لديها مانع من التفاوض مع إسرائيل إذا كان في ذلك تحقيق لمصالح الشعب الفلسطيني ). وحماس ستشارك في الانتخابات القادمة وتخشى من تأجيلها .
شافيز ليس نموذجاً يحتذى :
وصف الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز نظيره المكسيكي بأنه كلب أو جرو أمريكي وذلك في معرض رده على الاتفاق المكسيكي الأمريكي حول السوق الحرة في أمريكا اللاتينية . نحن وصفنا رئيس الحزب التقدمي كمال جنبلاط بأكثر من ذلك ووصفنا رئيس وزراء لبنان بالعبد المأمور ورئيس كتلة المستقبل النيابية بالعبد المأمور، ووصفنا الإعلام العربي الذي ينشر الوقائع بأنه مأمور ومأجور ( قناة العربية يهودية يهودية ).
حاولت المعارضة الوطنية الفنزويلية محاربة شافيز لكنها لم تنجح رغم الدعم الذي تلقته من الولايات المتحدة وهذه حقيقة ولكن نظام شافيز أو أحداً من أركانه ليس مشتبهاًً به في قتل رئيس وزراء أو دعم منظمات تحارب السلام وليس هناك قرارات دولية أرغمته على سحب جيوشه من دولة مجاورة وليس هناك قرارات دولية تجبره على التعاون غير المشروط مع لجان تحقيق دولية.كما هو الحال لدينا .شافيز يجلس فوق بحر من النفط وسوريا تستورد ما يسد حاجتها من البترول ومشتقاته من خارج الحدود.
إن الذي يقع على عاتقه تجنب الكوارث والآلام والحفاظ على أرواح الأبرياء هو النظام الذي يملك خيار التعاون قبل خيار المواجهة، وليست المعارضة التي تجاهلها الخطاب الرئاسي وحمل عليها.
فالمعارضة السورية ليس لديها ما تتخلى عنه وليس في مطالبها ما يدعو إلى الخوف أو الخجل ولقد قدمت إعلان دمشق ومبادرة الترك ولخصت من خلالهما مطالبها وطروحاتها لحل الأزمة ونجاة الوطن فهل من الصواب أو الحكمة أو العدل تجاهل خطابها وتخوينها وجر البلاد والعباد إلى مواجهة لا يعلم أحد نتائجها الأزماتية والكوارثية وسيدفع أبناء سورية أثمان باهظة لا طائل لهم بتسديدها ولا ذنب لهم بالأسباب التي كانت وراء فرضها .
أخيراً :
إن معركة النظام ليست مع الشعب السوري الذي ما زال يبحث عن لقمة العيش وليست مع المعارضة التي تبحث عن مازوت للتدفئة بل هي مع المجتمع الدولي الذي لا يحترمه ولا يقدره ولا يدرك حجم الضعف الذي وصلت إليه سورية دولة وسلطة .
النظام ما زال يمارس لعبة الهروب إلى الأمام غير عابئ بهول التغيرات التي شملت المحيط السوري وأحدثت فيه تبدلات جذرية لا تخفى إلا على أعمى البصيرة حتى ولو استعان بميكروسكوبات روسية وصينية .
لقد أثار إعلان دمشق حراكاً سياسياً أزال حالة الركود والترقب التي سيطرت على الجو السياسي المحيط بقبة السلطة وبين بوضوح قدرة المعارضة السورية على إحداث التغيير الديمقراطي كما أبان عن رؤية سياسية مستقلة تحمل مشروعاً وبرنامجاً محدداً قادراً على أن يكون حاملاً عملياً لمنهج فكري وسياسي لديه ما يكفي لتحمل أعباء المسؤولية وتجنيب الوطن والشعب خطر المواجهة والتصدي لمجلس الأمن والتحالف الدولي الذي أيد قراراته بالإجماع .
يقول برهان غليون ( والسلطة التي لا تستطيع أن تحمي المجتمع وأفراده من الاعتداء ولا أن تضمن تطبيق القانون وإحقاق العدالة تفقد صدقيتها وشرعيتها معاً. والمطلوب منها أن تستقيل لتترك مكانها لسلطة أخرى قادرة على حماية المجتمع وضمان تطبيق القانون أي لسلطة قادرة على وقابلة ل تحمل المسؤولية ).
إن الظروف الحرجة والأزمات الصعبة تظهر مدى قدرة القادة والزعماء على الخروج بالأوطان والشعوب إلى بر الأمان وتجنب الكوارث والحروب وليس من الرجولة بمكان تجاوز حدود الإمكانيات والقدرات الخاصة والسير بالوطن نحو الهاوية .
يذكر التاريخ أن خالد بن الوليد سمي سيف الله المسلول بعد قدرته على سحب جيش المسلمين من أمام الرومان إبان غزوة مؤتة واستطاع تجنيب جنوده الموت أو الأسر ولا ننسى موقف الزعيم الراحل عبد الناصر الذي تحمل المسؤولية كاملة بعد هزيمة السابع من حزيران عام 1967 م وعرض الاستقالة على الشعب الذي رفضها آنذاك.
في غمرة السجال السياسي داخلياً وزخم الحراك لأممي خارجياً تقف سوريا النظام وسوريا الشعب في حالة من عدم الاستقرار والقلق والترقب المشوب بالحذر.
فعامة أبناء سوريا ليس لديهم رؤية واضحة عن المستقبل القريب وتستحوذ عليهم خشيه من ليل الغد المجهول و يضمرون ويصرحون بأنهم غير جاهزين للمواجهة مع أركان المجتمع الدولي المتمثل بالأمم المتحدة وتحالف أوربا والولايات المتحدة.
وبغض النظر عن تقييمهم لموقف النظام أخلاقياً فإن لديهم شك واضح بقدرة أجهزة الدولة الأمنية على تجاوز الصعاب القادمة والمعارك الآتية لا محالة.
فالصمود والتصدي والمقاومة والمجابهة لم تعد كلمات طوبائية ترد في قاموس نشرات الأخبار ودروس التوجيه القومي ( والآن في خطب يوم الجمعة وحلقات الذكر ومجالس الصلاة على النبي ) لم تعد تلك الكلمات لافتات تكتب بالأضواء على قمة جبل قاسيون ولا يلقي لها الناس بالاً لعلمهم بقدرة السلطة على إبقاء تأثيرها محصوراً خلف الأبواب الموصدة وتحت طاولة الصفقات الإقليمية التي برع نظام الأسد الأب في إتمامها بما يكفل لهم تجاوز الأزمات وحصد المزيد من المكاسب بدون تقديم أية تنازلات باتجاه الداخل شعباً وأرضاً.
لقد غدت تلك الكلمات في عهد الأسد الابن بعد خطابه الأخير التزامات وأثقال وأثمان تقع على كاهل الأفراد من أبناء الوطن وتحمل وزرها المؤسسات المدنية والاقتصاد المرهق . فلقد حسم النظام أمره في المواجهة والتصدي متسلحاً بإرث طويل من المراوغة السياسية ولعب بورقة الوقت واستناد إلى شعارات رنانة مع تضخيم لنظرية المؤامرة وتورم للأهداف والغايات التي مازال أبناء الشعب السوري يشقون بها عباب الفضاء كل صباح في المدارس والثانويات وكل مساء في المحاضرات والاجتماعات وأضافوا إليها شعارات سوقية تتناول الأفراد والأشخاص أجانب وعرب كتاباً ومسئولين نواباًً ورؤساء بأوصاف وأحكام كنا نظن أن الإعلام المسئول يربأ عن ذكرها ذلك الإعلام الذي اشتط غضباً وغيظاً وهو ينسب كل ما يخالفه إلى الخيانة والعمالة واللاوطنية .
لقد تم تحديث وتطوير سياسات المواجهة بالتمترس والتدرء بالوطن والشعب للحماية والبقاء والتشبث بالمناصب والمكاسب وثمار الفساد الذي تشيب له رؤوس الأطفال الصغار الذين يرددون الأهداف والشعارات بحناجر ضعيفة وقلوب خائفة.
لقد أثارت كلمات وصفات أطلقت على رئيس وزراء لبنان الشهيد رفيق الحريري أجواءً مشحونة بالغضب ومبررات أفضت في النهاية إلى اغتياله وتوالت الأحداث إلى وصول فؤاد السنيورة إلى ذات المنصب فهل من الحكمة بمكان أن نعيد الصفات والتقييمات بالعمالة والعبودية لشخص رئيس حكومة لبنان ونحن ما زلنا نخوض ونتهم بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد .
السعيد من اتعظ بغيره:
وقفنا ضد غزو العراق ودعمنا ما ندعوه بالمقاومة الشريفة في العراق ( رغم عدم وجود تفريق لدى عناصر المقاومة المسلحة في العراق بين المعارضة السياسية للاحتلال والإرهاب الذي يحصد أرواح العراقيين والأبرياء ) فما الذي حصل ؟ تم اجتياح العراق من جنوبه إلى شماله ببضعة أسابيع وسقط الطاغية صدام ببضعة دبابات واستطاع أكثر من عشرة ملايين عراقي ممارسة العمل السياسي وبناء قواعد اللعبة الديمقراطية وكتابة دستور دائم وانتخاب مجلس نيابي والدعوة إلى انتخابات تشريعية في بداية العام المقبل تشمل كل مكونات الطيف العراقي بما يضمن زيادة كبيرة في أعداد الناخبين بنسب ومستويات عالية يندر الوصول إليها في أعرق الأنظمة الديمقراطية الدولية.ثم نأتي نحن في خطاب المواجهة ندعو لدعم المقاومة العراقية وننصب أنفسنا معلمين وموجهين للآخرين بما يفعلون وما لا يفعلون أليس من الحكمة والعدل أن ننقذ سفينتنا التي على وشك الغرق قبل إلقاء الحبال وطوق النجاة لسفينة العراق التي تعبر بحر الصعاب بانتظام نحو هدف مرسوم .
( أعلنت خمس فصائل عراقية مسلحة استعدادها للمصالحة في بيان نشرته على شبكة الانترنيت ورحبت الحكومة العراقية على الفور بأي فصيل يلقي السلاح )
لقد أثبتت التجربة العراقية خطأ توجهاتنا وبينت بجلاء قدرات الآخرين الذين نناصبهم العداء فهل من الحكمة والصواب أن نكون الشقي الذي لا يتعظ إلا بنفسه.
جولاننا محتل وفي كل مناسبة أو غير مناسبة ندعو فصائل المقاومة الفلسطينية للاجتماع وأخذ التوجيهات والتعليمات لتحرير فلسطين وإنهاء دولة إسرائيل حسب ما تريده المقاومة الإسلامية .في حين أن ما يجري على الأرض هناك في فلسطين عملية سياسية ومفاوضات تتعثر أو تتوقف لكنها في المجمل تسير وتحقق نجاحات وإنجازات يقابلها تراجع في العمل المسلح وخفوت لنبرة الحرب ( قال الزهار إن حماس ليس لديها مانع من التفاوض مع إسرائيل إذا كان في ذلك تحقيق لمصالح الشعب الفلسطيني ). وحماس ستشارك في الانتخابات القادمة وتخشى من تأجيلها .
شافيز ليس نموذجاً يحتذى :
وصف الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز نظيره المكسيكي بأنه كلب أو جرو أمريكي وذلك في معرض رده على الاتفاق المكسيكي الأمريكي حول السوق الحرة في أمريكا اللاتينية . نحن وصفنا رئيس الحزب التقدمي كمال جنبلاط بأكثر من ذلك ووصفنا رئيس وزراء لبنان بالعبد المأمور ورئيس كتلة المستقبل النيابية بالعبد المأمور، ووصفنا الإعلام العربي الذي ينشر الوقائع بأنه مأمور ومأجور ( قناة العربية يهودية يهودية ).
حاولت المعارضة الوطنية الفنزويلية محاربة شافيز لكنها لم تنجح رغم الدعم الذي تلقته من الولايات المتحدة وهذه حقيقة ولكن نظام شافيز أو أحداً من أركانه ليس مشتبهاًً به في قتل رئيس وزراء أو دعم منظمات تحارب السلام وليس هناك قرارات دولية أرغمته على سحب جيوشه من دولة مجاورة وليس هناك قرارات دولية تجبره على التعاون غير المشروط مع لجان تحقيق دولية.كما هو الحال لدينا .شافيز يجلس فوق بحر من النفط وسوريا تستورد ما يسد حاجتها من البترول ومشتقاته من خارج الحدود.
إن الذي يقع على عاتقه تجنب الكوارث والآلام والحفاظ على أرواح الأبرياء هو النظام الذي يملك خيار التعاون قبل خيار المواجهة، وليست المعارضة التي تجاهلها الخطاب الرئاسي وحمل عليها.
فالمعارضة السورية ليس لديها ما تتخلى عنه وليس في مطالبها ما يدعو إلى الخوف أو الخجل ولقد قدمت إعلان دمشق ومبادرة الترك ولخصت من خلالهما مطالبها وطروحاتها لحل الأزمة ونجاة الوطن فهل من الصواب أو الحكمة أو العدل تجاهل خطابها وتخوينها وجر البلاد والعباد إلى مواجهة لا يعلم أحد نتائجها الأزماتية والكوارثية وسيدفع أبناء سورية أثمان باهظة لا طائل لهم بتسديدها ولا ذنب لهم بالأسباب التي كانت وراء فرضها .
أخيراً :
إن معركة النظام ليست مع الشعب السوري الذي ما زال يبحث عن لقمة العيش وليست مع المعارضة التي تبحث عن مازوت للتدفئة بل هي مع المجتمع الدولي الذي لا يحترمه ولا يقدره ولا يدرك حجم الضعف الذي وصلت إليه سورية دولة وسلطة .
النظام ما زال يمارس لعبة الهروب إلى الأمام غير عابئ بهول التغيرات التي شملت المحيط السوري وأحدثت فيه تبدلات جذرية لا تخفى إلا على أعمى البصيرة حتى ولو استعان بميكروسكوبات روسية وصينية .
لقد أثار إعلان دمشق حراكاً سياسياً أزال حالة الركود والترقب التي سيطرت على الجو السياسي المحيط بقبة السلطة وبين بوضوح قدرة المعارضة السورية على إحداث التغيير الديمقراطي كما أبان عن رؤية سياسية مستقلة تحمل مشروعاً وبرنامجاً محدداً قادراً على أن يكون حاملاً عملياً لمنهج فكري وسياسي لديه ما يكفي لتحمل أعباء المسؤولية وتجنيب الوطن والشعب خطر المواجهة والتصدي لمجلس الأمن والتحالف الدولي الذي أيد قراراته بالإجماع .
يقول برهان غليون ( والسلطة التي لا تستطيع أن تحمي المجتمع وأفراده من الاعتداء ولا أن تضمن تطبيق القانون وإحقاق العدالة تفقد صدقيتها وشرعيتها معاً. والمطلوب منها أن تستقيل لتترك مكانها لسلطة أخرى قادرة على حماية المجتمع وضمان تطبيق القانون أي لسلطة قادرة على وقابلة ل تحمل المسؤولية ).
إن الظروف الحرجة والأزمات الصعبة تظهر مدى قدرة القادة والزعماء على الخروج بالأوطان والشعوب إلى بر الأمان وتجنب الكوارث والحروب وليس من الرجولة بمكان تجاوز حدود الإمكانيات والقدرات الخاصة والسير بالوطن نحو الهاوية .
يذكر التاريخ أن خالد بن الوليد سمي سيف الله المسلول بعد قدرته على سحب جيش المسلمين من أمام الرومان إبان غزوة مؤتة واستطاع تجنيب جنوده الموت أو الأسر ولا ننسى موقف الزعيم الراحل عبد الناصر الذي تحمل المسؤولية كاملة بعد هزيمة السابع من حزيران عام 1967 م وعرض الاستقالة على الشعب الذي رفضها آنذاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق