السبت، نوفمبر 12، 2005

خطاب الرئيس الاسد بين مؤيد ومنتقد

ايلين فضول - إيلاف
ارضاء الناس غاية لا تدرك
مع أن الجميع تلقى باهتمام خبر الخطاب الذي كان من المقرر أن يلقيه الرئيس بشار الاسد يوم الخميس، لكن التوقعات كانت مختلفة بخصوصه وآثر معظم المهتمين تأجيل التعليق على الخطاب لحين الانتهاء من الادلاء به. مع أن التوقعات كانت معروفة مسبقاً عن أولئك الذين سيعلقون ايجاباً والاخرين الذين سيعلقون سلباً، لكن كان من الطريف أن يعلن أحد المحللين السياسيين المهتمين بالشأن السوري أنه كان يعرف ما سيقوله الاسد سلفاً، وأنه أجل كتابة تعليقه فقط ليقطع الشك الدي قارب اليقين.
من الطبيعي ألا يجيب الخطاب على كل الاسئلة التي أثارت قلق الشعب السوري على مدى الايام أو الاسابيع الماضية وليس غريباً أن يحتوي الخطاب على بعض الثغرات، كون الشعب السوري يعيش الخوف الحقيقي من الغد الغامض، وأمامه مثال حي لما يحدث في العراق، بغض النظر عن المسبب الحقيقي لتلك المأساة لان عامة الشعب هي التي تتولى في النهاية دفع الثمن الباهظ، وبالتالي سيتمنى أن يسمع كل ما يطمأنه ولا مانع أن يتمنى أيضاً أن يتمتع الرئيس بقدرات خارقة أو كما قال شخصياً ذات مرة العصا السحرية، مع أن الجميع يعرف تماماً أن تلك القدرات لا يملكها البشر عادة لحل هذه المشكلة العويصة التي جعلت سوريا تقف بمواجهة العالم.
انتهى الخطاب بين مؤيد ومعارض وكل يصر على أن رؤياه هي الاصح، ويتوعد الآخر المخالف بالويل الذي سيجره الى الكارثة، وأصر كل طرف على أن الحق بجانبه، ودلل على ذلك.
الاعلام الذي لا يرى الا ما يريده
اشتقت كلمة إعلام من الفعل أعلم أي أخبر، لكن السؤال هو ماذا يخبر الاعلام المتلقي؟ وما هي المعلومات التي ينقلها؟ من البديهي أن الاعلامي مهما حاول أن يكون حيادياً لن يستطيع تحاشي الوقوع في مزالق التحيز، يدفعه لذلك آراءه السابقة وسياسة القناة التي ينقل الاخبار لصالحها والجهة الداعمة لها، والمعلنين الذي تتداخل علاقتهم مع القناة والجمهور حتى يصبح من الصعب، بعد أن يشتد عود وسيلة الاعلام سواء كانت مرئية أم مسموعة أم كلاهما، التمييز بين اتجاهات الوسيلة الاعلامية وآراء جمهورها وأي منهما يقود الى الاخر.
تصر كل وسيلة اعلامية على رؤية جانب محدد من الحقيقة وهذا لا ينفي أنها صادقة في تسليط الضوء على جزء من الواقع. لكن تهمة التحيز التي تحاول كل وسائل الاعلام نفيها، يمكن بكل سهولة اثباتها عند تحليل مضمون أي خبر تناقلته كافة وسائل الاعلام، وطريقة صياغة هذا الخبر ليحدث الاثر المطلوب، مع أن مصدر الخبر قد يكون واحداً في بعض الاحيان. ويساهم الجمهور في تحقيق الغرض من أسلوب إيراد الرسالة المنقولة، لان كل فرد يثق بقناة محددة يعتمدها مرجعاً لتكوين أحكامه على مجمل الاحداث أو القضايا التي تواجه وطنه.
ومن الطريف أن الرقابة أصبحت ذاتية أي أن الفرد يطبقها من تلقاء نفسه و يتجاهل وجود وسائل اعلامية أخرى ويصر على استقبال الاخبار من قناة محددة، يتهم كل المصادر الاعلامية التي تخالفها بالتدليس والتحيز.
وفي عصر الصورة احتلت الانترنت المركز الاول في تحقيق التفاعل المباشر والزهيد الثمن، بين المرسل أي المواقع الالكترونية والمستقبل المتمثل بالجمهور.
وباطلاع سريع على تعليقات القراء نجد أن غالبية المعلقين في كل موقع هم من نفس الاتجاه، أي أن معظمهم يكون مع، أو يكون ضد، وتنقلب الاية في موقع آخر، فجمهور هذا الموقع الذين يحملون رأياً معاكساً، هم في الواقع من رواد هذا الموقع لانه يتبنى آراءهم وبالتالي تمثل مصداقية الموقع بالنسبة لهم مدى تطابق ما يقول مع ما يعتقدونه.
وبالتغاضي عن شهادة وسائل الاعلام السورية لانها مجروحة أي متحيزة بالطبع لصالح جدوى الخطاب وأهميته، يمكن التنبؤ بتعليقات القراء بالاعتماد على اتجاه الموقع أو الوسيلة الاعلامية التي قدمت مقتطفات من خطاب الرئيس أو تحليل له.
وحده موقع العربية الذي اتهم أكثر من مرة بانتقاء المواضيع أو صياغة الاخبار التي تسيء الى سوريا، كانت معظم تعليقات قرائه تشيد بالسيد الرئيس وبصموده، وهنا لا يمكن التأكيد تماماً إذا كانت التعليقات من بلاد عربية أخرى كما ادعى أصحابها، أو هم في الواقع سوريون، ساءهم أن يجتمع العالم بأكمله على اتهام دولة صغيرة، وينفد الحكم فيها أو على الاقل يهدد بتنفيذه، قبل أن تثبت إدانتها بالفعل.
والشعب الذي ينعم بالبطالة والفقرمنذ عقود آن له الان أن يجد هماً ينسيه الهموم الاخرى التي أصبحت ثانوية بالمقارنة مع تهديد الدافع الاساسي الذي يحرك الانسان وهو غريزة البقاء والبحث عن الامان.