الأربعاء، نوفمبر 02، 2005

محمد الصباح نقلا عن الأسد: سنتعاون مع التحقيق في اغتيال الحريري

تغييرات في القيادة السورية تشمل إبعاد الشرع ودخل الله
* طوارئ سورية محتملة لمنع اضطرابات.. وفريق أزمة لمواجهة العقوبات الاقتصادية
القبس الكويتية
نقل وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح عن الرئيس السوري بشار الاسد قوله ان مرتكب جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري شخص خائن ويستحق العقاب وان كان سورياً.وقال الشيخ محمد الصباح، الذي زار دمشق لساعات الليلة قبل الماضية وعاد فجرا، ان الرئيس الاسد اطلعه على عمل برنامج الحكومة السورية للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري. وشدد الشيخ محمد على اهمية تنفيذ القرارات الدولية.وعلمت «القبس» ان الرئيس السوري حمل وزير الخارجية وعودا بأن دمشق ستظهر خلال الفترة المقبلة تجاوبا كبيرا، وان كان الرئيس الاسد اعتبر ان بلاده تتجاوب بشكل لا يدعو الى اصدار قرار دولي، في حين علمت «القبس» من مصدر سوري رفيع المستوى ان الرئيس الاسد سيجري سلسلة تغييرات قيادية ابرزها ابعاد وزير الخارجية فاروق الشرع عن منصبه على ان يحل مكانه نائب وزير الخارجية السفير وليد المعلم، كما كشفت المصادر ان هناك اتجاها لتغيير وزير الاعلام السوري محمد دخل الله وتعيين وزير اكثر واقعية في التعامل مع المرحلة الحالية.وعلى الرغم من اعلان نائب رئيس الوزراء السوري عبدالله الدردي الاربعاء ان بلاده ستتغلب على اي عقوبات اقتصادية محتملة، وقوله لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية انه جرى تشكيل فريق ازمة اقتصادي يخطط «لكل السيناريوهات»، فإن دبلوماسيين ومراسلين اوروبيين لا يستبعدون حصول تطورات دراماتيكية في سوريا مع استئناف تحقيقات القاضي ميليس في بيروت، والضغوط الاميركية والدولية على دمشق.ولم يستبعد احد السفراء قيام نوع من حالة الطوارئ، بايحاء من القيادات العسكرية الموالية للرئيس بشار الاسد خوفا من تحرك «جهات ما» داخل السلطة في اللحظة المناسبة، لاثارة الاضطراب في الداخل.ويحتمل حصول تغييرات مهمة في مواقع السلطة، فيما اقترحت احدى الجهات تفجير جبهة الجولان (رغم الفارق الهائل في نسبة القوى) او جبهة جنوب لبنان.
*ــــــــــــــــــــــــ* التفاصيل *ـــــــــــــــــــــــــ*
عمرو موسى إلى دمشق وبيروت ومخاوف من تكرار السيناريو العراقيالإجماع الدولي يثير قلق سوريا..ولا قمة عربية والجميع ينصح دمشق بالتعاوندمشق، القاهرة - القبس والوكالات:تجد القيادة السورية نفسها امام وضع في غاية الدقة في ضوء الالحاح الدولي على ضرورة تنفيذ قرارمجلس الامن رقم 1636 وكذلك عدم اقتناع الجامعة العربية (والدول العربية عموما) بعقد اجتماع استثنائي لدعم سوريا في مواجهة الضغوط.وكان وزير الخارجية فاروق الشرع الذي حضر جلسة مجلس الامن، اعتبر ان تبني القرار 1636 «غيرمنطقي» لكنه اكد رغبة بلاده في التعاون مع اللجنة. لكن مصدرا سوريا رسميا عبر لوكالة فرانس برس الثلاثاء عن «اسف» دمشق لحصول القرار 1636 على الاجماع، الامر الذي «يبعث على القلق والاسف لدى السوريين».وتوحي هذه التصريحات بان التعاون مع الامم المتحدة سيكون صعبا، وتعكس شعورا خطيرا بالعزلة على الساحة الدولية.وهذاالموقف يبدو واضحا في الصحف السورية التي عبرت الثلاثاء عن ارتياحها لان القرار لا ينص على عقوبات بعد ان شطبت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من مشروعها تهديدا مباشرا بذلك.. فيما تجنبت وسائل الاعلام السورية ابراز الفقرات المزعجة لدمشق في القرار وخصوصا الاشارة الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، الذي ينص على امكان فرض عقوبات.كما اغفلت النقاط التي تطلب من دمشق وضع المشبوهين بالتصرف الكامل للجنة التحقيق.
مصيبة إذا لم يعرفوا التصرف
من جهة اخرى، رأى محللون ان الوقت ليس في مصلحة سوريا وتعاونها يجب ان يكون فعالا اذا كانت تريد تجنب الغرق في سيناريو عراقي.وقال الكاتب المعارض ميشال كيلو لوكالة فرانس برس «بدون اي شك انها فرصة ذهبية واذا لم يعرفوا ان يستغلوها فستقع مصيبة كبيرة».واكد ايمن عبدالنورالقريب من التيار الاصلاحي في حزب البعث الحاكم ان «سوريا امامها فرصة عليها ان تستغلها لمصلحتها وعليهم ان يجددوا اساليبهم في لعبة الحقيقة مع اللجنة الدولية»، داعيا الرئيس بشار الاسد الذي اكد عدة مرات انه سيعاقب المذنبين في حال ثبتت ادانتهم، الى التحدث الى الشعب ومصارحته حول كيفية التحرك لاخراج البلاد من المأزق، وعندها فالشعب سيصطف وراءه.من جانبه، قال المحلل سمير تقي ان «القرار 1636 سيئ جدا بالنسبة لسوريا وهو يوم غير سعيد لي»، لكنه يحتوي على «عناصر ايجابية تتيح الفرصة لسوريا لتتكيف مع مطالب المجتمع الدولي.
تحرك عمرو موسى
في القاهرة، اعلن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى انه سيزور سوريا ولبنان الاسبوع المقبل لاجراء محادثات حول الموقف بعد صدور قرار مجلس الامن.وحول موقف الجامعة من القرار اكتفى بالقول انه ليس هناك اكثر مما قاله وزير خارجية سوريا فاروق الشرع الذي صرح بان بلاده ستتعاون مع القرار.وكان مندوب سوريا الدائم لدى الجامعة العربية يوسف احمد، اعلن بعد اجتماع مع موسى الثلاثاء ان هذاالاخير سيزورسوريا قريبا.
مسألة القمة
ونفى المندوب السوري التقارير الصحفية التي افادت ان بلاده طلبت عقد قمة عربية، وقال ان «هذا الكلام ليس له اصل ولا اساس».وفي وقت سابق الثلاثاء، اكد هشام يوسف رئيس مكتب الامين العام ان الجامعة «لم تتلق اي طلب سوري».واستبعد دبلوماسي عربي في القاهرة انعقاد مثل هذه القمة، موضحا ان الدول العربية «لا تستطيع ان تتخذ موقفا يتعارض مع قرارات مجلس الامن والشرعية الدولية». واعتبر انه «ليس امام سوريا سوى الاستجابة لقرار مجلس الامن والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية».وقال دبلوماسيون عرب ان مصر والسعودية تسعيان من خلال تحرك دبلوماسي مكثف ومنسق لتجنيب سوريا السيناريو العراقي.
رفض اقتراح جعجع «المؤتمر المسيحي»
ميشال المر يرشح عون للرئاسة
اعتبر النائب ميشال المرّ ان اغتيال الرئيس رفيق الحريري «كارثة وطنية وعربية»، مشيرا الى «ان التعليق على التحقيق سيكون في آخر ديسمبر لاننا في التقرير الاول لم نعرف من هو المتهم».ورأى المرّ «ان معركة رئاسة الجمهورية لم تفتح بعد للتكلم بالاسماء، طالما الرئيس اميل لحود يقول انه باق»، مشيرا الى ان «الحملة على الرئىس بهذا الشكل كانت خطأ، وعندما يبحث جديا موضوع الرئاسة فلن يقرر المسيحيون وحدهم من هو الرئيس».ورداً على سؤال ابدى تأييده لترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وقال «هذا طبيعي انا حليفه ومعه في كتلة نيابية يرأسها، انا قلت هذا الكلام للبطريرك مار نصر الله بطرس صفير، وهو ايضا تحدث مع غبطة البطريرك في هذا الموضوع».ورأى المرّ انه «لا يجوز عقد مؤتمر مسيحي في بكركي كي لا يشكل ذلك احراجا للبطريرك الذي هو اب لجميع اللبنانيين»، وهذا بمثابة رفض للاقتراح الذي تقدم به قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع.وعن اللقاء الذي لم يعقد بين لحود وعون رد المرّ «السبب الجراحة التي خضع لها عون».وحول رفض بعض الاطراف «العسكر» في الحكم قال «العماد عون لم يعد عسكريا انما اصبح سياسيا».
عتب لبناني لعدم تحرك العرب منذ البداية لكشف القتلة
الترويكا الأوروبية للسنيورة: كل الدعم لإجراءاتكم والضغط لتنفيذ الـ 1636
تفاوتت ردات الفعل في لبنان حول قرار مجلس الامن رقم 1636. رئيس الجمهورية اميل لحود استعاد مواقفه السابقة لجهة «توفير الأدلة الثابتة» ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة عاود التمني على السوريين بالتعاون، فيما رأى زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري «ان كل المحاولات الجارية للهروب الى الامام لن تجدي نفعاً».لحود اعتبر ان القرار «يجب ان يكون هدفه كشف كل الملابسات التي تحيط بالجريمة.. وتوفير الادلة الثابتة التي تحدد هوية المخططين والمنفذين والمتواطئين تمهيداً لتقديمهم الى المحاكمة وانزال اشد العقوبات بهم»، مؤكدا «ان لجنة التحقيق الدولية ستلقى دائما الدعم من جميع الاطراف المعنيين، لبنانيين وغير لبنانيين لتواصل مهمتها بمهنية وموضوعية وتجرد بعيدا عن اي استغلال لعملها..».السنيورة قال انه لم يكن يتمنى «ان نصل الى ما وصلنا اليه.. وكنت اتمنى ان تكون المبادرة في اليوم الأول لاستشهاد الرئيس الحريري بتعيين لجنة تحقيق قضائية في سوريا قبل ان تتفاعل الامور»، مشيرا الى انه كان على العرب ان يبادروا الى تعيين لجنة مماثلة.اضاف: «تمنياتي الشديدة ومن موقعي القومي على الاخوة السوريين لما يربطنا جميعاً من رباط قومي ومستقبل وتاريخ وجغرافيا، ان يصار الى التعاون مع هيئة التحقيق لتجنب التداعيات السلبية».واوضح ان اغتيال الحريري جريمة في حق لبنان وبحق سوريا والعرب والانسانية، وبالتالي من مصلحتنا جميعاً ان نعرف كل الملابسات».ورأى الحريري ان قرار مجلس الامن «يعيد الاعتبار لكرامة اللبنانيين التي اريد لها ان تذبح في الرابع عشر من فبراير، يمثل ما يعيد الاعتبار للكرامة العربية التي يراد لها ان تسقط دائما تحت وطأة بعض السياسات المجنونة».واذ لم ترد، في تعقيبه، كلمة سوريا فقد اكد ان الجريمة «لن تتمكن من عزل لبنان عن عروبته وعن محيطه الطبيعي وولائه القومي، غير ان تلك الحفنة من الاشرار لن يكون بامكانها ان تستخدم بعض المنابر العربية سيفاً مصلتاً على لبنان وحريته واستقلاله، أو اداة لطمس الحقيقة والتحايل على العدالة، ونحن على ثقة تامة بان كل العرب الشرفاء يقفون معنا».
السنيورة والوفد الأوروبي
الى ذلك، استقبل السنيورة مساء الثلاثاء وفد ترويكا الاتحاد الاوروبي الذي ضم سفير بريطانيا جيمس واط الذي ترأس بلاده الاتحاد، وسفير النمسا جورج مونتر ماركوف وممثل رئيس المفوضية الاوروبية ماوريسيو تشان.وصرح واط انه تم البحث في القرار 1636 وان الترويكا اشارت الى تأكيد مجلس الامن دعوته الاحترام الصارم لسيادة لبنان وسلامته الاقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة والحصرية لحكومة لبنان.وقال ان القرار حذر من انه لا تسامح مع محاولات تقويض استقرار لبنان، كما اعلن المجلس رغبته في الاستمرار في مساعدة لبنان في البحث عن الحقيقة ومحاسبة مرتكبي العمل الارهابي.واضاف ان ترويكا الاتحاد عبرت للسنيورة عن دعم الاتحاد الحازم للاجراءات التي يتطلبها القرار 1636 ولما ستقوم به الحكومة اللبنانية.
الـحريري «يتغيب» عن عيد ميلاده
هذا العام كان رفيق الحريري الغائب بقوة، الحاضر بقوة، عن عيد ميلاده.الرجل الذي انهمرت على ضريحه اكبر كمية من الازهار، واكبر قدر من الدموع، في تاريخ لبنان، لم يكن هناك في عيد ميلاده الحادي والستين.في آخر لقاء في منزله استوقفني ليناقشني في مقالة في «القبس» حول التغير أكثر فأكثر نحو الانسان في سياسة رفيق الحريري. كان واضحا انه يحمل آلاما كثيرة وكان واضحا اكثر ان رهانه كان الامل، قتلوه في منتصف الامل!أهم ما يفعله الذين يحبونه، وبعيدا عن ذاك الضجيج اللبناني الذي يدمر كل شيء، هو ان يعيدوا ترتيب الأمل.تبعثر كثيرا.. البعض يقول ان لا امكانية للعثور عليه لا. لا. مجرد ان تنهمر الازهار والدموع هكذا، يعني ان ثمة افقا.نازك الحريري، الرفيقة المعذبة في الحلم وما بعد الحلم، عاهدته على «ان نسير في نهجك وخطاك في هذا اليوم الاغر، ليبقى يوم عيدك هو تاريخ لانطلاق مسيرتك وتكملتها، مسيرة الشهيد رفيق الحريري لأجل لبنان وسيادته وحريته وحرية هذا البلد».رئيس تحرير «المستقبل» هاني حمود كتب رسالة مفتوحة الى القتلة: «عشر سنوات وانتم تضربون السكاكين فيه، تشحذونها على عظامه، تدربونها في احشائه، تصقلونها على اوصاله، عشر سنوات، وانتم تنظمون قتلا معلنا، تفجيرا مبرمجا، حرقا معدا بعناية، مجزرة ممسرحة حتى ادق تفاصليها».(ن.ب)
شمعون: رئيس الـجمهورية معزول وغير دستوري
اعتبر رئيس حزب «الوطنيين الاحرار» دوري شمعون «ان معركة رئاسة الجمهورية فتحت مع دخول قادة الاجهزة الامنية الى السجن، وان رئيس الجمهورية غير دستوري لانه معزول محليا ودوليا معلنا «عدم تأييده وصول العسكر الى رئاسة الجمهورية».ورأى ان الامور اذا بقيت تسير كما هي اليوم فلا احد سيزور قصر بعبدا ولا يجوز ان يبقى مركز رئاسة الجمهورية معطلا بالشكل الذي هو معطل فيه».
«ليس عندنا شيء نخفيه»
اعتصامات في دمشق وهتافات ضد «الضغوط الأميركية»
اقامت المنظمات الاهلية في دمشق الثلاثاء ثلاثة اعتصامات احدها في ساحة الروضة في دمشق قرب السفارة الاميركية احتجاجا على «الضغوط الاميركية التي تستهدف سوريا».ففي مركز الروضة القريب من السفارة تجمع اكثر من الف شاب رافعين الاعلام السورية، ورفعوا قائمة لافتات كتب عليها بالانكليزية «لا يوجد عندنا شيء نخفيه» و«اذهب وانظر في ماضي ميليس».كما رددوا هتافات تقول «يا اميركي الويل الويل ما بيدوم هذا الليل»، و«سوريا ولبنان وفلسطين حرة ابية» و«ياشارون اسمع اسمع شعبي ابدا ما رح يركع» و«التضامن الحقيقي بضرب السافل الاميركي».وجرى التجمع بدعوة من «الجمعية الاهلية السورية للعلاقات العامة» وشرائح من المجتمع السوري وجمعيات اخرى وطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية.وطوق رجال حفظ النظام كل المداخل المؤدية الى السفارة الاميركية القريبة.وقال كامل صقر ان «هذا الاعتصام جاء عفويا يعبر عن رفض الشعب السوري للاتهامات.. لان الحقيقة لمصلحة سوريا».وقالت ندى العبد «نعرف تماما الطبخة الاميركية، والتقرير الذي قدمه ميليس لم يخرج عن التوجيهات الاميركية».واكد زكريا تامر «نحن خائفون من لعبة اميركية وننتظر نتائج كامل التحقيق، لا نريد الديموقراطية الاميركية التي جلبوها الى العراق وفلسطين».كذلك اقيم اعتصام في حديقة المدفع في دمشق شارك فيه العشرات من المواطنين والعمال والطلبة.
أميركا وحلفاؤها معلوماتهم هزيلة عن «الداخل السوري»
واشنطن تريد الأسد ضعيفا لكن التطورات قد تدفع إلى الفوضى أو الانقلاب
تهدف الولايات المتحدة تضييق الخناق على القيادة السورية الى ضمان وجود حكومة ضعيفة مطيعة في دمشق دون استخدام القوة.فادارة الرئيس جورج بوش التي صقلتها تجربتها في العراق تتعامل مع الصراع المتعلق باغتيال الرئيس رفيق الحريري بالمزيد من الحذر.ويقول جون الترمان رئيس برامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية انها تجاهد للوصول الى وضع لا يخسر فيه احد «بقاء بشار الاسد الضعيف الخائف (في السلطة) سيجعله اكثر تعاونا».لكن بعض الخبراء يشعرون بالقلق من ان تنامي الضغوط الدولية قد يدفع الاحداث في سوريا للخروج عن نطاق السيطرة.
عراق آخر
وقد ألقت تجربة العراق بظلالها على مناقشات مقرالامم المتحدة مما اثار تساؤلات حول ما اذا كانت الولايات المتحدة قد تلجأ في نهاية الامر الى عمل عسكري لتنفيذ القرار الذي اقر حسب الباب السابع من ميثاق الامم المتحدة.وقال وزير الخارجية البريطانية جاك سترو للصحافيين «لا احد يتحدث عن شيء من ذلك».تلويح بالقوة ولكن..واكدت كونداليسا رايس وزيرة الخارجية الاميركية ان القرار دعا الى المزيد من المشاورات داخل مجلس الامن اذا كان يتعين فرض اجراءات ضد سوريا.وحتى السفير الاميركي لدى الامم المتحدة جون بولتون وهو من المتشددين في الادارة الاميركية، كان يتحدث بحذر اثناء مناقشة اجراءات مستقبلية محتملة.وقال «اعتقد ان السوريين يجب ان يقرأوا هذا (القرار) باعتباره تصريحا من المجلس باننا مصرون على ان يتعاونوا».وفي حين ان هناك اتفاقا واسع النطاق على الابقاء على الضغوط المفروضة على سوريا حتى مثول قتلة الحريري امام المحكمة يقر بعض المحللين بان الوضع في سوريا قد يتحول الى فوضى شاملة او انقلاب.وابلغ مسؤول اميركي رويترز ان وجهة النظرالاميركية هي ان اسلوب الضغوط الدولية «لا يتعين ان يقود الى تغيير النظام»، اذا اتخذ الاسد وغيره من المسؤولين القرارات الصحيحة.وافاد دبلوماسي اوروبي ان واشنطن وحلفاءها ليس لديهم ما يذكر من معلومات المخابرات الجيدة بشأن ما يجري على الساحة السياسية في دمشق. وابدى خبير من الكونغرس قلقه من ان «الادارة لم تفكر جيدا فيما قد يكون عليه السيناريو السوري».
حجم المعارضة للأسد
وقال «ما اسمعه باستمرار من الجميع هو ان النظام يضعف وعنصر الخوف (بين السوريين) يتضاءل». لكنه تساءل عما ا ذا كانت المعارضة لحكم الاسد قد وصلت الى حجم خطير.ويقول مسؤولون ان الكثير يعتمد على تحقيق ميليس وما اذا كان سيشير ضمنا الى تورط الاسد نفسه في الاغتيال.واوضح مسؤول الكونغرس غيرالمسموح له التحدث الى الصحافيين بشكل رسمي «اذا اقتنع المجتمع الدولي ان الاسد والدائرة المحيطة به مذنبون في قتل الحريري سيكون من الصعب للغاية ان يبقوا في الحكم».لكن والترمان قال انه لم يتضح من الذي قد يخلف الاسد. فلا الجيش ولا المعارضة المطالبة بالديموقراطية تملك القدرة على تولي الحكم.
روسيا تدافع عن موقفها: تفادي التهديد المباشر بالعقوبات
رافعت روسيا عن موقفها في الامم المتحدة وقالت ان تحركها بمجلس الامن جنب دمشق التهديد بفرض عقوبات والربط دون وجود ادلة بينها وبين الانشطة الارهابية.وافاد بيان للخارجية «التهديد بفرض عقوبات تلقائية كدولة تم اسقاطه».واوضحت روسيا، الحليف المقرب من سوريا منذ عهد الحرب الباردة، ان قرار مجلس الامن بالصيغة التي صدر بها فتح الطريق امام «حوار اوسع واكثر فاعلية للجانب السوري مع المحققين»
... والجزائر تعلن أنها «خففت» حدة القرار
افاد مصدر دبلوماسي جزائري ان بلاده - بصفتها عضوا عربيا في مجلس الامن بذلت جهودا كبيرة وخاصة في الاربع والعشرين ساعة الاخيرة للتخفيف من حدة مشروع القرار الفرنسي الاميركي الذي كان «غاية في الصرامة» مشيرا الى ان الجزائر كثفت اتصالاتها مع صاحبي مشروع القرار ومع الدول التي كانت تشاركها قلقها للتوصل الى نص لا يخدم الا العدالة والقانون».اضاف المصدر انه وبطلب من الجزائر «تم الغاء الفقرة 4 من القرار».
ماذا بعد صدور القرار 1636؟
سوريا لن تتعاون مع اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري بموجب القرار 1595، وذلك واضح لاسباب عدة، اولها وابرزها عدم تعاونها السابق ومحاولتها تضليل التحقيق بموجب افادة ديتليف ميليس، وثانيها ذلك الوصف الذي اطلقه وزير الخارجية فاروق الشرع على تقرير ميليس بانه يعود للقرون الوسطى، وثالثها التجاؤها للواسطات والرافعات العربية وغير العربية لتحاشي التعاون مع اللجنة، وآخرها يعود الى ان تسلم المطلوبين بعد القاء القبض عليهم سيجر، لا محالة، الى طرح اعلى المراجع في سوريا للمحاسبة.لا احد يشك اليوم في ان القيادة السورية تواجه حاليا معضلة كبيرة وامتحانا عسيرا، فهي لا تستطيع تسليم ولو واحدا من المطلوبين، صغارهم وكبارهم.وعدم تسليمهم يعني الكثير بالنسبة لعلاقتها بالامم المتحدة ومجلس الامن لقراره 1636. وهو قرار الزامي ومفتوح على المجهول لانه يبقي موضوع تعاون سوريا من عدمه امام مجلس الامن ويمهلها حتى الخامس عشر من ديسمبر، او قبل ذلك اذا ما اشارت اللجنة الدولية الى عدم تعاون سوريا فلعل ذلك سيفتح باب العزلة الدولية وفرض العقوبات وايضا فتح باب جهنم.سوريا اليوم ليست هي سوريا قبل عام من الان. فالتمديد لاميل لحود كان يمكن معالجته بخروج القوات السورية من لبنان، لكن اغتيال رفيق الحريري لا يمكن معالجته الا بالقبض على قيادات الاجهزة الامنية العليا في سوريا، وذلك معناه لوحده اهتزاز «هيبة الحكم»، وان كان اولئك القادة مشاركين في تصفية الحريري، عندها تكون الكارثة الكبرى، وساعتئذ لن يقول سوري واحد «معا الى الابد».ديتليف ميليس اليوم في بيروت، وغدا او بعد غد سيقدم طلباته للجانب السوري، وما على دمشق سوى الالتزام بموجب الفصل السابع من الميثاق الذي صدر بموجبه قرار مجلس الامن.
غازي الجاسم

ليست هناك تعليقات: