غسان شربل - الحياة
الدول كما الأفراد تتمسك بأدوارها. تلتصق بحقبات القوة وصورة المراحل الزاهية. تتشبث بالنجاحات أو المكتسبات. وتميل الى رفض القراءة في المتغيرات. الدول كما الأفراد تكابر وتعاند وأحياناً تجازف. في انتزاع الأدوار، تحتاج الدول الى قرارات كبرى وجريئة. وتحتاج الى النوع نفسه من هذه القرارات للتنازل عن دور غابت ركائزه الواقعية، ولبلورة دور جديد يسعى الى ضمان المصالح الوطنية بموجب قراءة جديدة لها والى إبرام مصالحة بين هذا الدور وموازين القوى الدولية والاقليمية الحالية.
نكتب عن سورية لأنها مدعوة الى اعتماد خيارات واتخاذ قرارات. لا مجال للمراوحة في حال الممانعة. ولا مجال لاستنفاد الوقت المتاح في تقليب الخيارات وأثمانها وإرجاء القرارات.
لا مبالغة في القول ان سورية هي اليوم قيد رقابة دولية صارمة. وأن القوى التي كانت وراء اصدار القرار 1636 ستتوصل في غضون أسابيع الى استنتاج حول رد دمشق على القرار الذي يطالبها بتغيير سلوكها في ملفين صارمين، الأول اغتيال الرئيس رفيق الحريري والثاني دور سورية الاقليمي.
ستعثر سورية بالتأكيد على من يمتدح قدرتها على الممانعة وعدم الرضوخ للاملاءات. وستعثر ايضاً على من يندد بسياسة الكيل بمكيالين، لافتاً الى سكوت مجلس الأمن عن قرارات اتخذت قبل عقود ولم تنفذ وحرصه اليوم على التنفيذ الكامل والسريع للقرارات الضاغطة على دمشق. ولا غرابة في هذا الأمر، فكل اصطدام بسياسة الولايات المتحدة يلقى تشجيعاً في الشارع العربي والاسلامي. لكن هذه الدعوات تعزز المشكلة وتقفل طريق الحل وتدفع سورية الى نزاع يفوق طاقتها. فتشجيع سورية على التمسك بدور انتزعته في عالم مختلف يمكن أن يؤدي الى تهديد استقرارها.
كانت ساعة التصويت على القرار 1636 بالغة الدلالات. لا مصلحة لروسيا والصين في استخدام سلاح الفيتو. حجم مصالح الدولتين مع الدول الغربية الكبرى وحاجة كل منهما الى علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، بسبب أزمة الشيشان أو مشكلة تايوان أو غيرها، يجعلان الرهان على الفيتو غير واقعي.
يمكن القول إن الصين بدت مرة جديدة بلداً بعيداً وان روسيا فعلت ما تستطيعه. ولعبت جريمة اغتيال الحريري دورها، إضافة الى عوامل أخرى، في توفير فرص صدور القرار بالاجماع. وكان الاجماع رسالة قاسية الى دمشق مفادها أنها لا تملك في نادي الكبار حلفاء قادرين على توفير مظلة أو اصدقاء قادرين على توفير محطة انتظار. الجريمة نفسها ساهمت في تصدع أصاب المثلث السوري - المصري - السعودي الذي كان يمكن أن يخفف عن سورية وطأة الضغوط الدولية.
إن أخطر ما تواجهه سورية حالياً هو أن القرار الغربي بشطب دورها الاقليمي السابق تحول قراراً دولياً صارماً يلزمها بخيارات عاجلة. إن الرسالة التي تحملها القرارات الدولية هي أن على سورية أن تبدي «تعاوناً كاملاً وغير مشروط» مع لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس وأن تظهر في موازاة ذلك تغييراً ملموساً في سلوكها. والمقصود بتغيير السلوك التنازل عما تعتبره أوراق قوة لها خارج حدودها، أي في العراق ولبنان وفلسطين، من دون السؤال عن مقابل بعدما اعتبرت أوراق القوة هذه تهماً ومآخذ على سورية في عالم ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) وغزو العراق.
ما تطلبه الإرادة الدولية من سورية اليوم كبير وكثير وخطير. لكن السؤال هو عما إذا كانت دمشق تملك خيارات أخرى. لا شيء يدفع الى الاعتقاد بأنها قادرة على الاحتفاظ بالدور والمحافظة على الاستقرار في آن. يمكن القول ان انقاذ الاستقرار يمر حكماً بثمن لا بد من دفعه، وتحديداً من حجم الدور السابق. وأغلب الظن أن مفتاح انقاذ الاستقرار هو «التعاون الكامل» مع ميليس حتى ولو رتب هذا التعاون قرارات صعبة أو مؤلمة. فهذا التعاون سيعطي سورية فرصة لبلورة صيغة لتغيير سلوكها في الملفات الخارجية يمكن ان تترافق مع اعادة اطلاق عملية الاصلاح والتغيير في الداخل.
ان استقرار سورية مسألة تعني السوريين وتعني أيضاً الدول المجاورة وأهل المنطقة. وتستحق المحافظة على هذا الاستقرار اتخاذ أصعب القرارات.
الدول كما الأفراد تتمسك بأدوارها. تلتصق بحقبات القوة وصورة المراحل الزاهية. تتشبث بالنجاحات أو المكتسبات. وتميل الى رفض القراءة في المتغيرات. الدول كما الأفراد تكابر وتعاند وأحياناً تجازف. في انتزاع الأدوار، تحتاج الدول الى قرارات كبرى وجريئة. وتحتاج الى النوع نفسه من هذه القرارات للتنازل عن دور غابت ركائزه الواقعية، ولبلورة دور جديد يسعى الى ضمان المصالح الوطنية بموجب قراءة جديدة لها والى إبرام مصالحة بين هذا الدور وموازين القوى الدولية والاقليمية الحالية.
نكتب عن سورية لأنها مدعوة الى اعتماد خيارات واتخاذ قرارات. لا مجال للمراوحة في حال الممانعة. ولا مجال لاستنفاد الوقت المتاح في تقليب الخيارات وأثمانها وإرجاء القرارات.
لا مبالغة في القول ان سورية هي اليوم قيد رقابة دولية صارمة. وأن القوى التي كانت وراء اصدار القرار 1636 ستتوصل في غضون أسابيع الى استنتاج حول رد دمشق على القرار الذي يطالبها بتغيير سلوكها في ملفين صارمين، الأول اغتيال الرئيس رفيق الحريري والثاني دور سورية الاقليمي.
ستعثر سورية بالتأكيد على من يمتدح قدرتها على الممانعة وعدم الرضوخ للاملاءات. وستعثر ايضاً على من يندد بسياسة الكيل بمكيالين، لافتاً الى سكوت مجلس الأمن عن قرارات اتخذت قبل عقود ولم تنفذ وحرصه اليوم على التنفيذ الكامل والسريع للقرارات الضاغطة على دمشق. ولا غرابة في هذا الأمر، فكل اصطدام بسياسة الولايات المتحدة يلقى تشجيعاً في الشارع العربي والاسلامي. لكن هذه الدعوات تعزز المشكلة وتقفل طريق الحل وتدفع سورية الى نزاع يفوق طاقتها. فتشجيع سورية على التمسك بدور انتزعته في عالم مختلف يمكن أن يؤدي الى تهديد استقرارها.
كانت ساعة التصويت على القرار 1636 بالغة الدلالات. لا مصلحة لروسيا والصين في استخدام سلاح الفيتو. حجم مصالح الدولتين مع الدول الغربية الكبرى وحاجة كل منهما الى علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، بسبب أزمة الشيشان أو مشكلة تايوان أو غيرها، يجعلان الرهان على الفيتو غير واقعي.
يمكن القول إن الصين بدت مرة جديدة بلداً بعيداً وان روسيا فعلت ما تستطيعه. ولعبت جريمة اغتيال الحريري دورها، إضافة الى عوامل أخرى، في توفير فرص صدور القرار بالاجماع. وكان الاجماع رسالة قاسية الى دمشق مفادها أنها لا تملك في نادي الكبار حلفاء قادرين على توفير مظلة أو اصدقاء قادرين على توفير محطة انتظار. الجريمة نفسها ساهمت في تصدع أصاب المثلث السوري - المصري - السعودي الذي كان يمكن أن يخفف عن سورية وطأة الضغوط الدولية.
إن أخطر ما تواجهه سورية حالياً هو أن القرار الغربي بشطب دورها الاقليمي السابق تحول قراراً دولياً صارماً يلزمها بخيارات عاجلة. إن الرسالة التي تحملها القرارات الدولية هي أن على سورية أن تبدي «تعاوناً كاملاً وغير مشروط» مع لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس وأن تظهر في موازاة ذلك تغييراً ملموساً في سلوكها. والمقصود بتغيير السلوك التنازل عما تعتبره أوراق قوة لها خارج حدودها، أي في العراق ولبنان وفلسطين، من دون السؤال عن مقابل بعدما اعتبرت أوراق القوة هذه تهماً ومآخذ على سورية في عالم ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) وغزو العراق.
ما تطلبه الإرادة الدولية من سورية اليوم كبير وكثير وخطير. لكن السؤال هو عما إذا كانت دمشق تملك خيارات أخرى. لا شيء يدفع الى الاعتقاد بأنها قادرة على الاحتفاظ بالدور والمحافظة على الاستقرار في آن. يمكن القول ان انقاذ الاستقرار يمر حكماً بثمن لا بد من دفعه، وتحديداً من حجم الدور السابق. وأغلب الظن أن مفتاح انقاذ الاستقرار هو «التعاون الكامل» مع ميليس حتى ولو رتب هذا التعاون قرارات صعبة أو مؤلمة. فهذا التعاون سيعطي سورية فرصة لبلورة صيغة لتغيير سلوكها في الملفات الخارجية يمكن ان تترافق مع اعادة اطلاق عملية الاصلاح والتغيير في الداخل.
ان استقرار سورية مسألة تعني السوريين وتعني أيضاً الدول المجاورة وأهل المنطقة. وتستحق المحافظة على هذا الاستقرار اتخاذ أصعب القرارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق