السبت، ديسمبر 31، 2005

عبد الحليم خدام يعلن انشقاقه عن النظام السوري مع استمراره في العمل السياسي

انتقد الرئيس الأسد وأخطاء الحكومة وامتدح مهنية تقرير ميليس
العربية .نت
وجه نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام في حوار مع قناة العربية انتقادات حادة للنظام السوري وللرئيس بشار الأسد، مشيرا إلى أخطاء عديدة في الإدارة السورية الحالية وفي التعامل مع الملف اللبناني الأمر الذي جعله ينشق عن النظام السوري الحالي رغم استمراره في ممارسة العمل السياسي.
وامتدح خدام في حوار فريد من نوعه بثته العربية مساء يوم الجمعة (30-12-2005) موضوعية تقرير ميليس وكون ميليس لم يسيس التقرير، وهو ما يخالف تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، كما أكد أن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لا يمكن إلا أن يكون قد نظم من خلال جهاز أمني ذي قدرة خاصة، ولا يمكن تنظيمه من قبل أفراد أو منظمات، مؤكدا كذلك أنه لو تورطت أجهزة الأمن السورية في مقتل الحريري فإن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بعلم الرئيس السوري. ووجه خدام انتقادات حادة لرستم غزالي وانتقد الرئيس الأسد لأنه لم يبادر بعزله ومعاقبته على سلوكياته أثناء وجوده في لبنان، وخاصة أنه كان يتصرف وكأنه "حاكم مطلق للبنان" وصدرت عنه سلوكيات كثيرة تسيء لسوريا حسب تعبير خدام.
عبد الحليم خدام الذي شارك في حكم سوريا إلى جانب الرئيس حافظ الأسد ومن بعده الرئيس بشار الأسد لأكثر من ثلاثين سنة، بدأ حواره مع "العربية" بأنه لم يغادر سوريا بسبب تلقيه تهديدات أو مضايقات، وإنما لرغبته التفرغ لكتابة تاريخ جديد للبلاد و"تأريخ المرحلة للاطلاع على الوقائع الصحيحة" في سياق ما أسماه بالواجب الوطني.وأكد خدام في حوار العربية الجمعة أن وجوده في باريس يعود إلى رغبته في الكتابة بهدوء "بعيدا عن الضجيج السياسي" وأنه غادر سوريا وعلاقته مع الرئيس بشار الأسد "ودية"، مؤكدا أنه لم يتلق تهديدات بشأن وجوده في باريس "حتى الآن".وأوضح خدام انه تعرض لخمس محاولات اغتيال "ليس لاختلاف في كازينو ولكن لأني مدافع عن سمعة سوريا"، مهددا من سيحاول إيذاءه بأنه سيكون في قفص الاتهام، وقال "لدي الشئ الكثير مما أقوله ولكنني لن أقوم بذلك لمصلحة البلاد، ومن يحاول أو يفكر في ذلك يعرف جيدا ما لدي ويعلم ان لدي الكثير والخطير".
وأقر عبد الحليم خدام بأنه ترك سوريا في الزمن الصعب، لأنه يريد كتابة تاريخ سوري جديد، مؤكدا أنه كانت له عدة لقاءات مع الرئيس بشار الأسد كان محورها الوضع الداخلي والعربي والدولي، ودعا خلالها إلى وجوب إحداث إصلاحات جذرية في البلاد فيما يتعلق بتوسيع مساحة المجال الديمقراطي عن طريق الأحزاب السياسية وإصلاح الوضع الاقتصادي مما يوفر لسوريا فرص الرفع من قيمة المعيشة ومحاربة البطالة.


دراسة لتطوير النظام السوري
وأكد خدام انه قدم دراسة مستفيضة -بعد اداء الرئيس بشار الأسد القسم الرئاسي- حول تطوير الحزب والنظام السياسي، من قبيل قضية الحريات العامة والديمقراطية والوضع الاقتصادي، وكيفية الخروج من الأزمة التي تواجه سوريا، وأضاف خدام بأنه لو تم تبني ماجاء في الدراسة "لما وقعت سوريا في هذه الحقول من الألغام، ولما واجهنا هذه الصعوبات الخارجية والداخلية، لأن المشكل هو أن الدولة التي لا سياسة لها تسير في حقول من الألغام، وفي ظلام دامس".
وأوضح عبد الحليم خدام أنه تم اتخاذ قرارات هامة بخصوص الإصلاح الاقتصادي من قبل حزب البعث عام 2000م تم إرسالها إلى الحكومة إلا أنها لم تر النور، موضحا أنه طلب من الرئيس الفرنسي جاك شيراك الاستعانة ببعثة من الخبراء الفرنسيين لدراسة سبل تطوير الإدارة في سوريا، و هو ما تم فعلا حيث قدم هؤلاء الخبراء مقترحات عديدة "إلا أنها نامت في أدراج الحكومة، ولم ينفذ منها شئ".وقال خدام إن اتخاذه قرار الاستقالة من منصبه، جاء بعدما تكونت لديه قناعة أن الإصلاح سياسيا وإداريا لن يتحقق، و"بعد مراجعة نفسي كنت أمام خيارين إما ان أكون مع الوطن أو مع النظام، فاخترت الوطن، لأن النظام حالة عابرة".


موظف يموت عن ثروة 4 مليارات
وأكد خدام انفراد الرئيس بشار الأسد وفريقه بالسلطة، بشكل غابت فيه المؤسسات الدستورية حسب قوله، "وأصبح على الحزب تغطية القرارات الصادرة من الرئيس"، مشيرا إلى أن توقف الإصلاح أدى إلى ارتفاع حالات الفساد "لدرجة أن موظفا في الأمن عام 1970كان يتقاضى 200 ليرة توفي عن ثروة 4 مليار دولار، وان محاسبا في شركة للطيران يملك ثروة لا تقل عن 8 مليار دولار في الوقت الذي يزداد فيه الفقر، وهذا الأمر ظاهرة ملفتة وغير مسبوقة في تاريخ سوريا".
واتهم خدام الدائرة الضيقة في الحكم، بتراكم الثروة في أيديها "في الوقت الذي لا يجد فيه ملايين السوريين ما يأكلون، ويبحثون عن الطعام في القمامة، ونصف الشعب تحت خط الفقر والآخر في خط مواز له، والقلة القليلة تعيش في بحبوحة من العيش" مؤكدا ان الشعب السوري مصادر في حريته.وأكد خدام أنه اخذ على عاتقه الدعوة إلى إصلاح الحزب الحاكم، ولم يفوت فرصة خلال اجتماعات القيادة القطرية، إلا واستفاد منها للمطالبة بالإصلاح، "كنت حريصا على إجراء إصلاحات سياسية داخلية، في البلاد وكثيرا ما طرحت الأمر في اجتماعات القيادة القطرية، حتى لو كان الاجتماع يتعلق بمناقشة الأمور الاقتصادية".
ونفى نائب الرئيس السوري السابق أن يكون قد اتخذ موقفا متطرفا ضد إصلاحات داخلية بحسب ما تردد عموما من الحرس القديم في سوريا أعاق جهود الرئيس الأسد الإصلاحية، وقال "أجهزة الأمن أرادت أن تغطي تقصيرها الواضح، في تسيير عملية الإصلاح في السلطة، عندما روجت عن موقفي ضد الإصلاح بسبب رغبتها في الانفراد بالسلطة".



الرئيس أخطأ فهم الموقف الأمريكي
وأضاف خدام أن القيادة السورية لم تفلح في قراءة الوضع الدولي والظروف المحيطة، وأن الرئيس بشار الأسد جانبه الصواب، عندما راهن على وقوف الولايات المتحدة الأمريكية مع سوريا في لبنان، بحجة أن واشنطن ستفاوض المسؤولين السوريين، بخصوص العراق التي تهم الأمريكيين بدرجة اكبر، ولن تهتم بلبنان.وانتقد خدام عدم قدرة الرئيس بشار الأسد على التعامل مع الأحداث بسبب انفعاله الدائم، الذي يفقده استخلاص القرار المناسب، مضيفا الرئيس بشار يتحمس وينفعل ثم يتخذ قرارا خاطئا قبل أن يتراجع لاحقا، بعدما يكتشف أنه لم يتخذ القرار السليم ... من المؤسف أن هناك من المحيطين به، من يحاول أن يزرع به أنه على صواب بصفة دائمة، وهو ما أضاع الحقيقة، وغيب العدل.
وعن علاقته بوزير الخارجية فاروق الشرع قال نائب الرئيس السوري الأسبق لا أشعربالغبن من الشرع، ولا اقبل أن أضعه في مواجهتي، وليس صحيحا أن خدام الرجل الثاني في سوريا، لأنه ليس الثاني، ولا حتى العاشر.ونفى خدام أن تكون لديه معلومات عن انتحار غازي كنعان وقال بأن أحدا من المحيطين به لم يتصل به، ولكن لو أخذنا بالظروف النفسية الصعبة التي وضع بها كنعان يمكننا ترجيح أن يكون قد أقدم على الانتحار، وأضاف خدام بأنه حتى الآن لا يعلم ما إذا كان قد حصل تحقيق جاد في انتحاره.
وقال خدام عن علاقته بكنعان أنه لم يجتمع به منذ عام ونصف واقتصرت علاقته به على بعض الاتصالات الهاتفية، معبرا عن اعتقاده بأن هناك من طلب من غازي كنعان عدم الاجتماع به.وتحدث خدام عن تجاوزات رستم غزالي في لبنان، وأنه طلب كثيرا من الرئيس بشار الأسد معاقبته، مشيرا إلى أن غزالي كان يتصرف كحاكم للبنان وكثيرا ما شتم مسؤولين مثل الحريري وجنبلاط ونبيه بري وغيرهم، مؤكدا أنه طلب من الرئيس بشار الأسد أن يستدعي رستم إلى دمشق وأن "يقطع رقبته"، لأن غزالي رجل فاسد وساهم في قيادة العلاقات السورية – اللبنانية إلى أسوأ حال، وعلى الرغم من ذلك بدا واضحا أنه يحصل على حماية خاصة لأنه لم يعاقب حسب ما قال خدام.


سوريا هددت الحريري
وطالب خدام بانتظار نتائج التحقيق في اغتيال الحريري قبل توجيه اتهامات، ولكنه أشار أن تسليط الأضواء على العلاقة بين سوريا والحريري ستساهم في توضيح كثير من الأمور.وكشف خدام أن الرئيس بشار الأسد وجه تهديدا لرئيس وزراء لبنان رفيق الحريري في حال لم ينفذ الرغبة السورية في لبنان موضحا أن الأسد أخبره أنه أسمع الحريري تهديدا وقال له كلاما قاسيا، ملمحا أن الأسد قال بأنه سيسحق من يخرج عن قرار سوريا، وهو ما أدى إلى تعرض الحريري لنزيف في أنفه.
وأضاف خدام قائلا بأنه كان يتمتع بعلاقات صداقة متميزة مع الحريري، ولذلك ذهب إلى لبنان للمشاركة في جنازته بصفة شخصية، ولم يكن موفدا من الحكومة السورية، موضحا أن الحريري كان صديقا للسوريين وساعد البلاد كثيرا، وأن العلاقة مرت معه بمرحلتين، كانت الأولى في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، تميزت بعلاقات الصداقة والمواقف المشتركة والتعاون الدائم خصوصا أن الرئيس حافظ الأسد ضغط على الرئيس اللبناني أميل لحود لتعيين الحريري رئيسا للوزراء بديلا عن سليم الحص مؤكدا أن المرحلة التالية كانت في عهد الرئيس بشار، ولم تكن علاقة سوريا بالحريري جيدة بسبب أن المخابرات شنت حملة ضده وكان الرئيس بشار يتأثر بها مما جعل الحريري يقدم الكثير من التنازلات حتى لا يغضب الحكومة السورية، وأضاف خدام أنه في أحد زيارات الرئيس الحريري لسوريا طلب منه المغادرة حرصا على سلامته لأنه وضعه أصبح معقدا في سوريا، وكان هذا قبل أشهر من اغتياله.وينشر موقع العربية.نت يوم غد النص الكامل لحوار "العربية" مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام، والذي يتضمن توضيحات لعدد من القضايا اللبنانية وقضايا الوضع الداخلي في سوريا.

ليست هناك تعليقات: