الأربعاء، ديسمبر 28، 2005

زوجات التسونامي

مانياما: فقدت زوجتي وأطفالي وهي فقدت زوجها وطفلها.. والتقينا في أحد المخيمات وبعد شهرين تزوجنا فالحياة يجب أن تستمر
الشرق الأوسط
تحاول مالار البالغة من العمر 38 عاما من ولاية كودالور الهندية، أن تحمل مرة أخرى فهي فقدت أطفالها الثلاثة قبل عام خلال موجات المد البحري القاتلة «التسونامي»، ومع انها وزوجها تمكنا من النجاة، الا انها تعيش في محنة تتجاوز موت اولادها الثلاثة. ومحنتها اليوم هي أن زوجها فيلور تم استئصال قناته المنوية ضمن برنامج تخطيط الأسرة الخاص بالولاية، التي يعيشان فيها قبل التسونامي. وتحاول منظمة غير حكومية تدبير النقود لها كي يتم تخصيبها بشكل اصطناعي، كى تتمكن من الحمل مجددا. وهناك الكثير مثل مالار، يحاول التكيف مع الحياة بدون أحبائهم الذين أخذتهم أمواج تسونامي. وفي جولة قامت بها «الشرق الأوسط» للمنطقة الهندية المنكوبة التي ضربها تسونامي، اتضح كم ان الناجين ما زالوا يعيشون اوضاعا صعبة، ابعد ما تكون عن الحياة العادية. وتعيش النساء خصوصا، في كآبة حادة، والكثير منهن حصلن على مساعدة نفسية، بينما تحول الرجال إلى ادمان الكحول كي يتمكنوا من التغلب على المأساة الرهيبة. ويقول الكثير إنهم ما زالوا يشاهدون كوابيس، يسمعون خلالها أطفالا يصرخون طلبا للمساعدة أو متشبثين بالأشجار، التي اقتلعت بدون رحمة من قبل الأمواج القاتلة. غير ان الوحدة هي المرض الاكبر في هذا المكان، وما من عائلة لم تتشتت او تفقد العديد من افرادها. فهناك آلاف الزوجات فقدن ازواجهن في التسونامي، وآلاف الازواج فقدن زوجاتهم، وآلاف الآباء الذين فقدوا أطفالهم. وبسبب هذا الوضع أعلنت حكومة الولاية عن تقديم مساعدة مالية للمساعدة على الزواج، ولتشجيع الآباء على تبني أطفال يتامى حينما يكون ذلك ممكنا كي يتمكنوا من تعويض الأطفال الذين فقدوهم. وقد انتشرت ظاهرة «زواجات تسونامي» في ولايات اخرى، فالحكومة في ولاية «تاميل نادو» الجنوبية شجعت على الزواج عن طريق منح ما يعادل 230 دولارا للناجين كي يتزوجوا. وتبرر الحكومة المحلية ذلك بأن هذه المساعدة المالية ستساعد الناس الذين فقدوا شركاء حياتهم على أن يعيدوا بناء حياتهم من جديد. وقد تزوج مانياما من منطقة كالباكام من أرملة قتل التسونامي زوجها، وينتظر الزوجان الآن ولادة طفلهما في فبراير (شباط) المقبل. وقال مانياما الذي يعمل صيادا «أنا فقدت زوجتي وثلاثة من أطفالي، بينما هي فقدت زوجها وطفلها، ونحن التقينا عند أحد المخيمات المؤقتة، وبعد شهرين تزوجنا وبدأنا نمسك بخيوط حياتنا من جديد. نحن نفتقد أسرنا لكن الحياة يجب أن تستمر». وحكايات الأحياء مع المعاناة لا تنتهي، فسلاذا التي فقدت أسرتها بالكامل ما زالت تراجع مكتب الولاية للحصول على شهادة وفاة لكل أسرتها كي تحصل على التعويضات التي تريد أن تستثمرها في الاعمال الخيرية.
كذلك هو الحال مع يروانا، 65 سنة، الذي فقد ولديه المتزوجين وزوجتيهما وحفيديه. ولديه حاليا حفيدان هما «أمور» و«أبو» يبلغان 4 و5 أعوام من العمر. وهو فقد بيته وسفينته الخاصة، وبعد عام ما زال ينتظر التعويض المالي بسبب فشله في اثبات كل عائلته. ويقول «أنا بحاجة لمال فوري، كي أربي حفيدي. أنا أريد أن أرسلهما إلى المدارس لكن ذلك صعب القيام به من هذا الملاذ المؤقت».
لكن بعد عام من المأساة ما زالت المنطقة ابعد ما تكون عن العودة لحياتها الطبيعية، المنازل التي هدمت لم يتم اعادة بنائها بعد، وعليه فان الاغلبية الساحقة من الناجين ما زالت تعيش في خيام لا تتوافر فيها ادنى متطلبات الحياة العادية. وتقول الكثير من المنظمات الانسانية الاسيوية ان الكثير من الظواهر الخطيرة ترتبت على هذا، منها الاعتداء الجسدي على النساء، وخطف الاطفال، وأشكال اخرى متعددة من الجريمة. وقد قام «معهد فريتز» غير الربحي، والذي مقره سان فرانسيسكو باستقصاء عينة صغيرة تتكون من 2300 شخص من قرى ضربها التسونامي بقوة في الهند وسري لانكا والمنطقة الشمالية من اندونيسيا. وأشار تقرير هذا المعهد المتخصص في تقديم الخبرة لمنظمات المساعدة الانسانية إلى أن 100% من المشاركين في الاستطلاع من المناطق الاندونيسية المتضررة ما زالوا يعيشون في مخيمات مؤقتة تديرها الحكومة أو بعض منظمات الإغاثة، مقابل 92% في الهند و78% في سري لانكا. وأظهر الاستطلاع أن جهود الإغاثة الضخمة التي جرت على مستوى عالمي، نجحت في إيصال المساعدة إلى ملايين من الناس الذين تضرروا من التسونامي، لكن هناك الكثير من الناجين فقدوا وسائل عيشهم، ولم يسترجعوا ما كانوا يكسبونه قبل الكارثة. ففي اندونيسيا وجد 93% من الضحايا أن دخلهم هبط بنسبة 50%، أما في سري لانكا فكانت النسبة 59% وفي الهند كانت النسبة 47%. وهذا يعني ان الناجين يعانون مشكلة اخرى لم يعانها اغلبهم قبل الكارثة وهي الفقر.

ليست هناك تعليقات: