السبت، أكتوبر 15، 2005

ميليس يعود بعد التقرير ويطالب دمشق بتشريح جثة غازي كنعان

حديث الأسد عن <<الخيانة>> و<<المحكمة الدولية>> يسرّع تحديد مسؤوليات المشاركين ..
الشبكة المغلقة للهواتف الستة تكشف مطاردي موكب الحريري
السفير
دخل لبنان ومعه أطراف أخرى في المنطقة والعالم في <<أسبوع الترقب والتوتر>> المتصل بانتظار تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي ديتليف ميليس، الذي ستتسلمه الحكومة في الواحد والعشرين من الشهر الجاري، وسط تضارب هائل في التوقعات والتسريبات، علما أن المناخ العملاني الذي يسود لبنان منذ ثلاثة أيام وما هو متخذ من خطوات امنية وإجرائية وما هو ظاهر من مؤشرات، يعكس تصعيدا في الخطوات والإجراءات التي تقود نحو توجيه التهمة المباشرة من جانب لجنة التحقيق الدولية إلى الجهاز الأمني اللبناني السوري واتهامه بالتورط في الجريمة. وتوقفت المراجع المعنية مجددا عند معاني ورسائل اراد الرئيس السوري بشار الاسد توجيهها في مقابلته الاخيرة مع شبكة <<السي. إن. ان>> الاميركية، لا سيما اشارته الى ان سوريا سوف تعتبر ان أي شخص سوري يظهره التحقيق متورطا في الجريمة على انه خائن، وتحديده لاستعداد سوريا بان تتم محاكمته دوليا او امام القضاء السوري. واعتبرت ان هذا الموقف <<سرّع>> في التحقيقات وربما في تحديد مسؤولية المشاركين في الجريمة. وقالت مراجع امنية لبنانية ل<<السفير>>، ان ميليس الذي غادر فجر أمس، إلى فيينا لعقد اجتماع تشاوري أخير مع فريقه قبل الانتقال إلى الأمم المتحدة، كان قد ابلغ فريق التحقيق اللبناني القضائي والامني بآخر المستجدات لدى فريق التحقيق الدولي وأعطى إشارات واضحة إلى نية اللجنة طلب خطوات إجرائية وقانونية من بينها توقيف عدد من المشتبه بهم من شخصيات عدة أمنية وسياسية ومدنية. وذكرت المراجع ان الهدوء الذي ساد عمل اللجنة خلال الاسبوعين الماضيين، خرق بصورة لافتة خلال الايام القليلة الماضية، وان هناك ملفات كثيرة وفي مقدمها ملف الاتصالات وملف التحقيقات في سوريا، اعادت الحيوية الى الفريق الدولي المتابع لها. وان هناك خارطة من المعطيات التي تخص التحقيق تعكس التوجه الذي سوف يذهب اليه تقرير ميليس والخطوات التي تليه وتضم هذه الخارطة الاتي: اولا: بما خص التقرير، رجحت المراجع ان يعمد ميليس الى تقديم لائحة اتهامية الى الجهاز الامني اللبناني السوري المشترك تستند الى وقائع وملفات بعضها انجز وبعضها يحتاج الى متابعة تفصيلية في مرحلة لاحقة. ثانيا: ان ميليس سوف يضمّن تقريره التفاصيل الضرورية ويحجب ما يراه مناسبا ويبقي على توصيته بتوقيف الضباط الامنيين الاربعة وغيرهم ويعلن عن اشتباه لجنة التحقيق باخرين من بينهم مسؤولون سوريون. ثالثا: سوف يعرب ميليس عن عدم رضاه عن التحقيقات التي اجراها في سوريا وسوف يكرر الاشارة الى صعوبة اظهار بعض الشهود وبعض الادلة أمام القضاء اللبناني ويوصي بإنشاء محكمة دولية خاصة لمتابعة القضية. وانه تبين ان لجنة التحقيق الدولية لم تعد تتعامل بجدية مع شهادة المجند السوري محمد زهير الصديق وانه يوجد شاهد سوري اخر لم يعلن ميليس عن هويته. رابعا: سوف يعود ميليس الى بيروت مجددا بعد تقديم تقريره الى مجلس الامن وسوف يناقش مع الفريق اللبناني شكل التعاون في المرحلة الممتدة حتى 15 كانون الاول المقبل والتي تختلف كثيرا عن المرحلة السابقة. خامسا: توقف ميليس امام حادثة انتحار وزير الداخلية السورية اللواء غازي كنعان، وطلبه رسميا من سوريا السماح له بالتحقيق في الحادث بما في ذلك اعادة تشريح الجثة. وكذلك فتح تحقيق حول مصدر المعلومات التي اوردتها محطة <<نيو.تي.في>> حول مضمون التحقيق الذي اجرته اللجنة مع كنعان. سادسا: تقاطع المعلومات الخاصة بالتحقيقات الاخرى عند نقاط تقول بتورط الموقوفين الامنيين الاربعة وبقيادات من اجهزة امنية سورية موجودة في سوريا بعدما اظهرت التحقيقات ان الاجهزة السورية في لبنان كانت مكلفة بتقديم التسهيلات اللوجستية. سابعا: توزع اتهام الموقوفين الاربعة بتهم مختلفة بينها المشاركة في التخطيط وربما التنفيذ، واخرين باخفاء معلومات ومحاولة ازالة اثار الجريمة في اطار تضليل التحقيق. وبالمشاركة في <<فبركة>> شريط احمد ابو عدس. ثامنا: توصل لجنة التحقيق الى نتائج متقدمة في ملف ابو عدس من بينها معرفة اسم الشخص الذي اخذه من لبنان الى خارجه ومكان اقامته في سوريا ومكان دفنه لاحقا. وان ميليس طلب هذه المعلومات من القيادة السورية كما طلب الاستماع الى ضباط ومسؤولين امنيين اخرين و لم تحصل المقابلة بينهم وبين محققي اللجنة الدولية بعد. تاسعا: العمل بصورة مركزة على ملف الاتصالات الهاتفية، بعدما اظهرت التحقيقات التي جرت حتى الان ان ستة اشخاص تولوا شراء ثماني بطاقات للهاتف الخلوي من نوع المدفوعة الثمن سلفا، وذلك في نهاية كانون الاول من العام الماضي من محلات لبيع الهاتف الخلوي ثم شراء ثمانية اجهزة خلوية في اليوم نفسه من مكاتب بيع اخرى. ثم تم تشغيل هذه الخطوط ابتداء من يوم الرابع عشر من كانون الثاني الماضي، أي قبل شهر بالتمام من يوم تنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الحريري. وان هذه الخطوط لم تجر أي اتصالات خارج دائرتها وان كل البيانات الخاصة بالاتصالات التي اجريت من هذه الهواتف دلت على انها لم تطلب أي رقم خارج الارقام الستة وان رقمين اخرين لم يشغلا ويبدو انهما كانا للاحتياط. وان هذه الخطوط عملت في وقت واحد في امكنة عدة من بيروت وفاريا وفقرا الاماكن التي كان الرئيس الحريري يزورها وقد تمت مطابقة ذلك مع التواريخ التي قام الحريري خلالها بزيارة هذه الامكنة. وفي يوم الجريمة تم حصر هذه الهواتف من لحظة خروج الرئيس الحريري من المجلس النيابي ومكوثه لبعض الوقت في احد مقاهي الوسط التجاري حيث سجلت مكالمات تدل التقارير الفنية على انها تمت من داخل هذه المنطقة، ثم تحركت باتجاه منطقة النورماندي بعد تحرك موكب الحريري ثم الى منطقة السان جورج فميناء الحصن. وان الهواتف الستة تعطلت دفعة واحدة قبل دقيقتين من الانفجار. ثم لم تشغل بعد هذا التاريخ نهائيا. عاشرا: اظهرت التحقيقات الفنية التي اجريت على حاسوب المصرف البريطاني صور خمسة اشخاص دخلوا الى المصرف وتحركوا في المنطقة يوم الاغتيال وان اثنين منهم استخدموا بطاقة ائتمان واحدة في اكثر من عملية، ويجري العمل على تحديد هوية هؤلاء الاشخاص واماكن تواجدهم بالتعاون بين لجنة التحقيق الدولية وبين فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي. شيراك رايس من جهة ثانية، كتب مراسل <<السفير>> في باريس سامي كليب تقريرا حول نتائج محادثات الرئيس الفرنسي جاك شيراك ووزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس، والتي تناولت ملف التحقيق الجاري وتداعياته على لبنان وسوريا. ونقل الناطق باسم الاليزيه جيرار بونافون عن شيراك قوله <<ان هدف الأسرة الدولية بالنسبة للبنان هو استعادة الاستقلال والديموقراطية الكاملين والتأكد من محاكمة المذنبين والمتواطئين في قضية اغتيال الحريري>>. وأضاف شيراك <<ان على مجلس الأمن استخلاص كل العبر من تقرير ميليس ولكن أيضا من تقرير لارسن الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والمكلف بتطبيق القرار 1559 المتعلق بالانسحاب السوري من لبنان>>. ولم تدل الوزيرة الاميركية باي تصريح في قصر الاليزيه ولكنها عقدت في المقابل مؤتمرا صحافيا مع نظيرها الفرنسي فيليب دوست بلازي حيث كررت التاكيد على <<ضرورة التعاون السوري الكامل>> في قضية الكشف عن قتلة الحريري. ووفق مصادر أميركية مطلعة فان انتحار وزير الداخلية السورية غازي كنعان كان من بين النقاط التي أثارها شيراك ورايس لجهة ما ستعكسه على ملف التحقيق باغتيال الحريري، وجرى التأكيد على ضرورة إلا يكون في ذلك <<ذريعة سورية للالتفاف على النتائج حيث ان الأسرة الدولية مصرة على كشف كل الحقيقة ومعاقبة المتورطين والمخططين والمنفذين>>. وفي ردها على سؤال عما اذا كان شيراك ورايس بحثا الخطوات الواجب اتخاذها بعد نشر تقرير ميليس قالت المصادر الاميركية <<ان ما قاله الرئيس السوري بشار الاسد لشبكة سي أن أن من أنه سيسلم أي متورط في اغتيال الحريري الى محكمة سورية او دولية وانه سيعامله كخائن، مهم في الوقت الراهن لان ذلك يعكس تحولا هاما في مسالة التعاون السوري مع التحقيق ولعله يشير أيضا الى ان الاسد امام احتمالين فاما انه متاكد من عدم تورط سوريين او انه قرر اخذ المسافة اللازمة عمن يتأكد تورطه بحيث يثبت ان قرار هؤلاء كان بعيدا عن الرئاسة>>. ولكن الجانبين الاميركي والفرنسي يعتبران وفق المصادر نفسها <<ان التجارب السابقة مع النظام السوري الحالي أثبتت ان الاقوال شيء والافعال شيء آخر ولذلك فان ثمة متابعة دقيقة لهذا الملف وعن قرب بغية الحؤول دون اية ذرائع من شأنها تضليل او تأخير الكشف عن الحقيقة>>. وتقول مصادر فرنسية انه <<لا حاجة لبحث ما يجب عمله بعد التقرير فهناك القضاء اللبناني الذي عليه ان يثبت انه استعاد استقلاله وانه قادر على تولي الملف ولكن فرنسا وكما قالت في السابق مستعدة لتقديم أي عون بغية مرافقة الحكومة اللبنانية في اصلاحاتها المطلوبة بما في ذلك العون القضائي>>. ما يشير الى ان احتمالات انشاء محكمة دولية ليس مطروحا في الوقت الراهن وانما المطروح على الارجح هو دعم القضاء اللبناني دوليا ومن غير المستبعد الذهاب حتى انشاء محكمة مشتركة على الاراضي اللبنانية خصوصا ان اطرافا فاعلة في لبنان ترفض المحكمة الدولية. واذا كان الطرفان الاميركي والفرنسي مستمرين على قلقهما من التفجيرات والانتهاكات الامنية التي تضرب لبنان، والتي قد تستمر قبل وبعد نشر التقرير، الا انهما كررا استعدادهما لدعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حيث هناك مشاورات على اكثر من صعيد بغية المساعدة الاقتصادية والتي <<قد يرى بعضها النور في فترة قريبة>>.

ليست هناك تعليقات: