حازم صاغية - الحياة اللندنية
يستحق «الحزب الإسلامي» في العراق إقراراً بإيجابية دوره يعادل الإنكار الذي واجهته به القوى السنية الراديكالية. فمن طريق مشاركته في الاستفتاء على الدستور، قفز الحزب المذكور فوق مصاعب عدة، وتعالى فوق جراحات وإهانات شخصية تعرض لها بعض قادته، فيما لم يتردد في تجاوز الاتهام والتشكيك يهبّان عليه من أطراف بعضها ارهابي وبعضها الآخر يتمنى الخير للارهاب.
وبهذا، سجّل «الحزب الاسلامي» لنفسه شجاعة من يتصدى لقيادة الرأي العام وتحويله، وهي من أبرز مهمات السياسي، بدل الانقياد بالرأي العام ومحاكاته، وهو ما قامت وتقوم عليه «السياسة الجماهيرية» في منطقتنا.
ولم يكن إقدام الحزب على ما أقدم عليه مجرد تبرّع مجاني بهدية كبرى للاحتلال. فهو، مثل «تجمع العلماء المسلمين»، كان من دعاة مقاطعة الاستفتاء الى أن حصلت التعديلات المهمة التي نجح الضغط الأميركي (للأسف ضغط الأميركان على الشيعة والأكراد!) في إحداثها. وجاء أبرز التعديلات تلك أن المعترضين على الدستور صار يسعهم، في الأشهر الأربعة الأولى من عمر البرلمان الجديد، إلحاق تغييرات به تتيحها الآليات الشرعية.
لقد انحاز الحزب، بموقفه الجديد، الى السياسة والتسوية، معتمداً التمييز بين ما قبل التعديلات وما بعدها. فهو، بالتالي، لم يقع في موقف جوهري مغلق تختصره النَعم المطلقة أو اللا مطلقة في معزل عما يحدث ويستجدّ ويثبت.
لكن «الحزب الاسلامي»، بعمله هذا، لم يحاول فحسب ان يساهم في إنجاح الاستفتاء. فهو، أيضاً، حاول ان ينفي عن السنّة العراقيين تهمة الإجماع على الرجوع الى نظام الهيمنة السنية القديم. وهو، كذلك، حاول ان يشارك في أن يرسم للعراقيين أفقاً لاجتماعهم ينهض على السياسة واشتغال المؤسسات، بدلاً من أفق الاحتراب الأهلي المفتوح. وغني عن القول ان ما تتعرض له المدن ومراكز السكن السنية من تدمير، في ظل احتراب مداور، قد يتحول تفصيلاً عارضاً بقياس ما تفعله النزاعات المفتوحة والمباشرة.
ثم ان نهجاً كالذي سار «الحزب الاسلامي» على هديه كان يمكنه، نظرياً، في حال التضافر مع جهود سياسيين شيعة، معتدلين وتسوويين، كإياد علاوي مثلاً، أن يصنع الكثير - أن يمنع، مثلاً، بعض الملالي من السيطرة على العراق، وأن يعقّد المهمة الايرانية في الامساك بجنوبه ووسطه. وفي الأحوال كافة، يبقى النهج الجديد المذكور المدخل الوحيد لزيادة الوزن السني في القرار السياسي لبرلمان ما بعد انتخابات كانون الأول (ديسمبر) المقبل، خصوصاً ان الأمم المتحدة وأوروبا أيّدتا بحماسة، هذه المرة، خطوة الاستفتاء.
وقد تكون المصاعب التي سيلاقيها الحزب كبيرة، هو الذي هُددت مقارّه في بغداد وهوجمت في الفلوجة، خصوصاً وقد اتهمه «تجمع العلماء» بـ «الخيانة»، ما قد تترجمه البندقية الارهابية الفالتة توجيهات، أو رغبات، للتنفيذ المباشر. وما لا شك فيه ان الجلافة العسكرية الاميركية، في هذه المدينة السنية أو تلك، تضاعف المصاعب والاحراجات التي يتعامل معها «الحزب الاسلامي».
بيد أن شيئاً ما شرع، على ما يبدو، يتبلور في البيئة السنية. فالانتقال من المقاطعة شبه المطلقة التي سجلتها انتخابات كانون الثاني (يناير) الماضي، الى المشاركة من موقع الاعتراض، تجعل الأمور أقل سؤاً قليلاً. وها هي أصوات سنيّة، شبابية ومتعلمة، تزداد ارتفاعاً في تأييدها لعلاج المشاكل بالسياسة من خلال الانخراط، على ضعفه، في العمليات السياسية والدستورية المتوافرة.
و»الحزب الاسلامي» هو بعض هذه الوجهة التي يستحيل، طبعاً، الجزم بنجاحها. إلا أن الجزم بفشلها تراجع قليلاً. وللحزب الفضل الأساسي في هذا.
وبهذا، سجّل «الحزب الاسلامي» لنفسه شجاعة من يتصدى لقيادة الرأي العام وتحويله، وهي من أبرز مهمات السياسي، بدل الانقياد بالرأي العام ومحاكاته، وهو ما قامت وتقوم عليه «السياسة الجماهيرية» في منطقتنا.
ولم يكن إقدام الحزب على ما أقدم عليه مجرد تبرّع مجاني بهدية كبرى للاحتلال. فهو، مثل «تجمع العلماء المسلمين»، كان من دعاة مقاطعة الاستفتاء الى أن حصلت التعديلات المهمة التي نجح الضغط الأميركي (للأسف ضغط الأميركان على الشيعة والأكراد!) في إحداثها. وجاء أبرز التعديلات تلك أن المعترضين على الدستور صار يسعهم، في الأشهر الأربعة الأولى من عمر البرلمان الجديد، إلحاق تغييرات به تتيحها الآليات الشرعية.
لقد انحاز الحزب، بموقفه الجديد، الى السياسة والتسوية، معتمداً التمييز بين ما قبل التعديلات وما بعدها. فهو، بالتالي، لم يقع في موقف جوهري مغلق تختصره النَعم المطلقة أو اللا مطلقة في معزل عما يحدث ويستجدّ ويثبت.
لكن «الحزب الاسلامي»، بعمله هذا، لم يحاول فحسب ان يساهم في إنجاح الاستفتاء. فهو، أيضاً، حاول ان ينفي عن السنّة العراقيين تهمة الإجماع على الرجوع الى نظام الهيمنة السنية القديم. وهو، كذلك، حاول ان يشارك في أن يرسم للعراقيين أفقاً لاجتماعهم ينهض على السياسة واشتغال المؤسسات، بدلاً من أفق الاحتراب الأهلي المفتوح. وغني عن القول ان ما تتعرض له المدن ومراكز السكن السنية من تدمير، في ظل احتراب مداور، قد يتحول تفصيلاً عارضاً بقياس ما تفعله النزاعات المفتوحة والمباشرة.
ثم ان نهجاً كالذي سار «الحزب الاسلامي» على هديه كان يمكنه، نظرياً، في حال التضافر مع جهود سياسيين شيعة، معتدلين وتسوويين، كإياد علاوي مثلاً، أن يصنع الكثير - أن يمنع، مثلاً، بعض الملالي من السيطرة على العراق، وأن يعقّد المهمة الايرانية في الامساك بجنوبه ووسطه. وفي الأحوال كافة، يبقى النهج الجديد المذكور المدخل الوحيد لزيادة الوزن السني في القرار السياسي لبرلمان ما بعد انتخابات كانون الأول (ديسمبر) المقبل، خصوصاً ان الأمم المتحدة وأوروبا أيّدتا بحماسة، هذه المرة، خطوة الاستفتاء.
وقد تكون المصاعب التي سيلاقيها الحزب كبيرة، هو الذي هُددت مقارّه في بغداد وهوجمت في الفلوجة، خصوصاً وقد اتهمه «تجمع العلماء» بـ «الخيانة»، ما قد تترجمه البندقية الارهابية الفالتة توجيهات، أو رغبات، للتنفيذ المباشر. وما لا شك فيه ان الجلافة العسكرية الاميركية، في هذه المدينة السنية أو تلك، تضاعف المصاعب والاحراجات التي يتعامل معها «الحزب الاسلامي».
بيد أن شيئاً ما شرع، على ما يبدو، يتبلور في البيئة السنية. فالانتقال من المقاطعة شبه المطلقة التي سجلتها انتخابات كانون الثاني (يناير) الماضي، الى المشاركة من موقع الاعتراض، تجعل الأمور أقل سؤاً قليلاً. وها هي أصوات سنيّة، شبابية ومتعلمة، تزداد ارتفاعاً في تأييدها لعلاج المشاكل بالسياسة من خلال الانخراط، على ضعفه، في العمليات السياسية والدستورية المتوافرة.
و»الحزب الاسلامي» هو بعض هذه الوجهة التي يستحيل، طبعاً، الجزم بنجاحها. إلا أن الجزم بفشلها تراجع قليلاً. وللحزب الفضل الأساسي في هذا.