حسين ديبان - إيلاف
لي في هذا اليوم ما لأخوتي العراقيين من غبطة وسرور، و كثيرا من الشماتة والتشفي،مع بدء محاكمة ديكتاتور زمانه وكل الأزمان..المسخ العروبي الشعوبي صدام حسين..حيث اليوم لا يتشابه مع سوابقه من ماضي الأيام..اليوم يحاكم القاتل على ماإقترفت يداه من قتل تعذيب وتشريد ونفي وهتك للأعراض والحرمات،وسلب للأموال والممتلكات في سالف الأيام..اليوم يخضع المجرم ذليلا في قفصه..عيونه لا تجرأ أن تواجه عيون ضحاياه وآهاليهم الذين لم يمنحهم الديكتاتور أبدا حق المحاكمة الذي يتنعم بها اليوم..وهو الحق الذي لا وجود له في دساتير الطغاة ومصطلحاتهم..اليوم موعد المحاكمة وحتى تاريخ إعدام الديكتاتور الذي أتمنى أن يكون قريبا جدا...ستبقى أرواح الضحايا قلقة..الضحايا الذين عثر على رفاتهم في مقابر الديكتاتور التي غطت أرجاء الوطن العراقي...وأرواح أولئك الذين لم يعثر على رفاتهم الطاهر بعد...منهم في أرض العراق قتلوا غيلة بأيدي الديكتاتور وأزلامه..ومنهم من يرقد رفاته الطاهر في مكان ما من هذه الأرض..من أقصاها الى أقصاها..ممن قضوا نفيا وقهرا.. اليوم وإلى حين موعد تنفيذ القصاص ستبقى روح صديقي العراقي(الشيوعي المستقيل)تسائلني هل آن لي أن أرتاح أم بعد؟...صديقي الذي كنت وإياه نحتفل سنويا بميلاد ابنته ولمدة تجاوزت العشر سنوات هي عمر صداقتنا حتى فارقني قهرا... ابنته التي لم تمكنه أفعال الديكتاتور وأزلامه من أن يراها..حيث غادر وطنه وهي لم تزل بعد في بطن أمها...صديقي الذي فارقني ولم يجد قبرا له، ذلك أن الإسلاميين قالوا شيوعيا والشيوعيون قالوا لقد استقال،مم اضطرني بعد هذا الفصل المؤلم حتى النزيف أن أزوَر بعض الأوراق حتى أتمكن من أن أواريه الثرى كشهيد(وهو من يستحق صفة الشهادة بكل جدارة) في مقبرة شهدائنا في مخيم اليرموك...ذلك الصديق الذي فارقني وتركني وحيدا أضيئ شمعة بمناسبة غيابه وشمعات بعيد ميلاد ابنته التي لم يراها ولا أنا رأيتها. صديقي هذا واحدا من ملايين ضحايا الديكتاتور الذي يحاكم اليوم، هذا الديكتاتور الذي مازال يجد من يصفق ويطبل ويزمر ويسبح بحمده من الكثير الكثير من العروبيين،ولأسفي الشديد من هؤلاء الكثير من أبناء جلدتي الفلسطينيون...وهم الذين يفترض بهم أن يكونوا الأكثر احساسا بمعاناة إخوتهم العراقيين..لأنهم ولدوا من رحم الألام والمعاناة..ولكنهم لم يفعلوا..وكان المنطقي أن يكونوا هم قبل غيرهم ضد الديكتاتور وأفعاله الإجرامية ومنها إحتلاله لدولة الكويت...لأنهم عرفوا وعايشوا الإحتلال وقسوته..ولكنهم لم يفعلوا..ولافرق بين احتلال واحتلال...والسكوت والرضا عن احتلال الصداميون للكويت يقدم للإسرائيليين مبررا ذهبيا لأن يشرَعوا إحتلالهم لبلدنا...ولماذا كان هذا الموقف الغريب ومازال؟ ولم يجني الفلسطينيون حقيقة من الدكتاتور غير الدمار والقتل وشق صفوفهم وصفوف منظماتهم وإطالة أمد معاناتهم...بينما قد نجد تبريرا(مصلحيا رخيصا وطائفيا ضيقا) لهؤلاء الذين يطلقوا على أنفسهم مثقفين وهم الذين باعوا بقية ضمائرهم وأقلامهم الموبوءة في سبيل كوبونات النفط،وهدايا الديكتاتور الثمينة المسلوبة من خيرات وأموال العراق والعراقيين،ومنهم من وقف مع الديكتاتور لأن أغلب ضحاياه من الشيعة(الروافض الكافرين). بالأمس صوت العراقيون على دستورهم الجديد وبغض النظر عن النتيجة فقد سجل العراقيون أكبر نسبة في التاريخ العربي تذهب الى صناديق الإقتراع رغم الإرهاب ومفخخات الموت...ذهبوا للصناديق راضين مرضيين،وقد أرادوها رسالة مدوية تصل للديكتاتور ولغيره من العروبيين والمتأسلمين بأن العراق بخير وما ينقصه سوى أن يرفع الحاقدين الحاسدين أياديهم عنه وعن أهله،واليوم هو يوم الحساب المبين..ليس للدكتاتور وأزلامه فحسب..ولكنه يوم حساب لكل من وقف وساند ودعم الديكتاتور وأفعاله من العروبيين القومجيين والسلفيين الإرهابيين وبقية القوم العنصريين.