السبت، أكتوبر 15، 2005

سوريا... اليابانية!؟

أحمد الربعي - الشرق الأوسط
في كل التاريخ العربي الموغل في القدم، هناك قاتلون ومقتولون ولكن ليس هناك منتحرون، ومفهوم الانتحار المرتبط بالمسؤولية العامة او بمفهوم تحمل المسؤولية لا أثر له في الثقافة العربية، ولكنه شائع في ثقافات اخرى اهمها الثقافة الآسيوية وتحديدا اليابانية، فتاريخ اليابان السياسي يسجل حوادث كثيرة لانتحار مسؤولين تكفيرا عن خطأ وتحمل المسؤولية. ضباط يابانيون فشلوا في مهماتهم ففضلوا الانتحار، ووزراء انتحروا بسبب اصطدام قطارات او فضائح مالية.
انتحار غازي كنعان وزير الداخلية السوري يثير كثيرا من القضايا التي تستحق ان تفكر فيها القيادة السورية وتتأملها، فسوريا ليست اليابان، وان ينتحر رئيس وزراء في سوريا ثم بعده بمدة قليلة ينتحر وزير داخلية ضمن ثقافة عربية لم ينتحر فيها قادة نحروا أمتهم ودفعوها من هزيمة الى اخرى هو أمر يستحق التأمل.
السؤال لماذا قبل ان يكتمل خبر انتحار غازي كنعان بدأت التأويلات وطرح السؤال في معظم وسائل الاعلام العربية والاعلامية «هل انتحر أم نحر»؟
هل المسألة مجرد جزء من حملة اميركية ضد سوريا، او كما يقول وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع بسبب الصحافة اللبنانية أم ان الحقيقة التي يجب ان يقولها المسؤولون السوريون تتعلق بطبيعة الوضع السوري، ففي بلد لا وجود فيه للاعلام الحر، ويسيطر فيه الحزب الحاكم على وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة تكون الارضية مناسبة لتكذيب الاعلام الرسمي حتى لو كان صادقا. ومهما كان تقرير الطب الشرعي السوري والتقارير الرسمية صادقة فإن التشكيك سيظل قائما في بلد ليس فيه مصدر محايد يستطيع ان يتحدث.
لماذا مثلا يصل السيد فاروق الشرع لاستنتاج بمسؤولية الاعلام اللبناني بدون ان ينتبه الى ان قوة الاعلام اللبناني هي بسبب الحرية وبسبب ضعف وغياب الاعلام السوري الحر.
استمرار النظام الشمولي في سوريا في الاعلام والسياسة هو ما يجب ان يفكر فيه متخذو القرار السياسي في دمشق وهو افضل من توزيع التهم. ولاننا محللون سياسيون ولسنا اطباء شرعيين فليس امامنا سوى ان نصدق ان الراحل غازي كنعان قد انتحر حتى يثبت العكس!!

ليست هناك تعليقات: