الجمعة، ديسمبر 02، 2005

معبر رفح المفتاح الذهبي للاقتصاد الفلسطيني

بعد خسائر بمليارات الدولارات
إيلاف

المكان: الحدود الفلسطينية المصرية، الزمان: يوم الجمعة الموافق23/11/2005، الحدث: افتتاح معبر رفح... نافذة قطاع غزة للعالم الخارجي، "كل من يحمل في جيبه جواز سفر فليتفضل ويسافر عبر المعبر بالشكل الذي يريد، وأهلا وسهلا بكم"، هكذا أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خطابه خلال الاحتفال الرسمي بمناسبة افتتاح المعبر الذي يعتبر المفتاح الذهبي للاقتصاد الفلسطيني، ونافذته لغد مرتقب منه بأن يحمل آمال منتظرة قادرة على إحياء وإنعاش الحياة الفلسطينية بكافة نواحيها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، المعبر الحلم لسكان قطاع غزة بعد أن كان كابوسا بفعل ممارسات الإهانة والإذلال التي كان يمارسها الجنود الإسرائيليين، حين التوقف على عتبات الاقتصاد الفلسطيني وتأملها عن قرب تذهلك حجم العراقيل والكوابيس التي تعرض لها على مدار سنوات كان الحصار والإغلاق والتدمير عناوينها الفرعية والرئيسية في كل المحطات.

الاقتصاد الذي وصلت خسائره بمليارات الدولارات، وبات فك رمزه النادر وإنعاشه مجددا مهمة مستحيلة في بعض الأحيان، لكنه تمكن أن ينهض من بين الرماد كطائر الفينيق ويملك فرصة ذهبية يكون من خلالها من أنجح الاقتصاديات العربية الجاذبة للاستثمار بعد دخول مرحلة التنافسية كما اتفق المشاركون في "ملتقى الأردن الاقتصادي الثاني" الذي اختتم أعماله قبل يومين في العاصمة الأردنية عمّان. معبر رفح يشكل لغزًا طال انتظاره بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني الذي راوح مكانه مترنحا مرارا في الماضي عندما كانت كل الأبواب الخارجية جميعها مغلقه أمامه، ولكن بعد طول مجادلات عجت بها العديد من الاجتماعات، استطاع الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي برعاية اميركية التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه فتح المعبر تحت رقابة أوروبية، وينص الاتفاق على استعمال مسؤولين أمنيين فلسطينيين وإسرائيليين كاميرات يجري التحكم بها عن بعد من غرفة مراقبة يديرها الإتحاد الأوروبي، وتقع على بعد كيلومترات من معبر رفح لمراقبة حركة العبور. وإذا أراد الإسرائيليون وقف أو اعتقال أي شخص فعليهم أن يطلبوا ذلك من نظرائهم الفلسطينيين. وفي حال الرفض يمكن لهم أن يقدموا طلبا في الموضوع إلى المراقبين الأوروبيين، فيما يحتجز المعني بالأمر لفترة أقصاها ست ساعات.
ويتولى ما يقارب 100 موظف مدني فلسطيني عمليات المتابعة والإشراف على حركة الخروج والدخول من والى قطاع غزة داخل المعبر، بالإضافة لعناصر الأمن والشرطة الفلسطينيين الذين يتولون عمليات الأمن والفحص والتفتيش بوجود المراقبين الدوليين.
وسيساهم المعبر في إعطاء دفعة كبيرة للاقتصاد الفلسطيني، حيث سيبلغ عدد الشاحنات المحملة بالصادرات الفلسطينية للخارج أكثر من 70 شاحنة وكان في الوقت السابق يحدد عدد الشاحنات من قبل الإسرائيليين ولم يكن يسمح بخروج أكثر من 40 شاحنة، ومن المتوقع أن يؤدي فتح المعبر إلى خفض نسبة البطالة في قطاع غزة التي زادت بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بتاريخ 14/8/2005 عن 38% لما كانت تشكله المستوطنات الإسرائيلية من مكان للأيدي العاملة الفلسطينية.وحسبما تظهر استطلاعات الرأي فإن (51.7%) من الشعب الفلسطيني متفائلون بقدرة الرئيس محمود عباس على تحقيق إنجازات اقتصادية في المناطق الفلسطينية المحررة في المستقبل القريب، وجاء في استطلاع للرأي أعده المركز الفلسطيني لاستطلاعات الرأي أن(45.1%) من الجمهور بأنهم متشائمون، وتحفظ (3.2%) عن الإجابة، وجواباً عن سؤال، إلى أي مدى توافق أو لا توافق الرأي الآتي: التعاون المتبادل والمشاريع المشتركة بين جميع شعوب المنطقة شاملة الإسرائيليين والفلسطينيين في مجالات مثل: المياه، الصحة، البيئة، السياحة، وغيرها يجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن وحتى قبل التوصل إلى اتفاقيات سلام نهائية؟ أجاب (26.7%) أوافق بشدة، (45.1%) أوافق إلى حد ما، (14.3%) لا أوافق إلى حد ما، (11.5%) لا أوافق بشدة، (2.4%) أجابوا "لا رأي لدي"، كما يظهر الاستطلاع أن ثلثي الجمهور الفلسطيني متفائلون بتحسن أوضاعهم الاقتصادية، ورداً على سؤال حول مدى تأثير الانسحاب الإسرائيلي من الضفة والقطاع على تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني بصورةً عامة أجاب (16.8%) بشكل كبير، (45.3%) بشكل متوسط، (28.4 %) بشكل ضئيل، (6.8%) بلا شيء، (2.7%) أجابوا " لا أعرف".
ويشهد معبر رفح هذه الأيام حركة كبيرة بين المغادرين والعائدين، وتوقع وزير الاقتصاد الفلسطيني في السلطة الفلسطينية مازن سنقرط أن يكون فتح معبر رفح أمام البضائع الفلسطينية خطوة بالاتجاه الايجابي للاقتصاد الفلسطيني، وأوضح الوزير الفلسطيني أن الصادرات والواردات سوف تتضاعف خلال الأيام المقبلة، مضيفا أن معبر رفح أعطى قيمة إضافية جديدة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، منوها أن هناك حاليا خيارات جديدة متعددة أمام القطاع الخاص للبحث عن شركاء جدد عبر هذا المعبر، وبالتحديد في قطاعات التجارة والصناعة والزراعة والخدمات، كما أعرب الوزير عن أمله عن أن يفتح هذا الشأن ميزة تنافسية جديدة للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني، بعد أن تحكمت به إسرائيل 38 عاماً لم تتجاوز خلالها الواردات المصرية للسوق الفلسطيني 20 مليون $ سنويا ما بين التجارة المنظمة وتجارة الشنطة.كما راى وزير التخطيط الفلسطيني غسان الخطيب ان افتتاح معبر رفح يعتبر بالخطوة الهامة في تجاه معالجة معيقات الاقتصاد الفلسطيني، وأشار الخطيب الى أن اغلاق معبر رفح في الماضي كان من ابرز المعيقات للاقتصاد الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بخاصة، منوها أيضا أن إسرائيل من خلال الاتفاق حققت مجموعة من المتطلبات التي أرادتها. ففي المرحلة الأولى السفر محصور لحملة الهويات والبضائع القادمة لغزة تمر من "كيرم شلوم" وليس من رفح لفترة مؤقتة، وتكون إسرائيل مطلعة من خلال غرفة عمليات، ولها الحق من خلال الإطلاع على إبداء الملاحظات والتي يمكن أن يأخذ أو لا يأخذ بها، فالأمر متروك للجانب الفلسطيني.
وكشف الوزير الفلسطيني أن فتح المعبر سيتيح فرصة لنقل البضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية وإسرائيل والعالم عبر معبر "المنطار" ، حيث تضمن الاتفاق أن تسمح إسرائيل بنقل المنتجات الزراعية مهما بلغت كميتها من قطاع غزة، وان لا يقل عدد الشاحنات المسموح بها يوميا عن 150 شاحنة ابتداء من الآن لمدة عام على أن ترتفع إلى 400 بعد نهاية العام القادم، مشيرا إلى أن ذلك يتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية الوطنية التي تم تحديدها في دراسة البنك الدولي المشتركة مع الجانب الفلسطيني.

ليست هناك تعليقات: