صبحي الحديدي - شفاف الشرق الأوسط
اغتيل جبران تويني لأسباب عديدة، معظمها يذكّر باغتيال شهيد دار "النهار" الأوّل وأحد أنبل شهداء لبنان والعرب سمير قصير، وبعضها وثيق الصلة بمعادلة الصوت الذي يستفزّ كاتم الصوت والكلمة الشريفة فضّاحة الكلمة المرتزقة، وجلّها يعود إلى حرب الاستقلال الثاني التي يخوضها لبنان معركة تلو أخرى. أخال استطراداً أنه يحقّ لي، أنا المواطن السوري، أن أشدّد على السبب السوري تحديداً: أن الراحل، ورغم بعض الاختلاف في وجهات النظر، كان أحد أبرز أصدقاء نضالات السوريين من أجل سوريا ديموقراطية، كريمة، حرّة، ومتحرّرة من الاستبداد.
وما خلا القليل من الأصوات الشريفة الشجاعة، لم تحظ حركة المثقفين السوريين المطالبين بالتغيير الديموقراطي وإحياء المجتمع المدني بتعاطف ملموس، صريح أو حتى خجول، من المثقفين العرب الذين كان في وسعهم، بل كان من واجبهم، رفع صوت التأييد عالياً بليغاً. ورغم أنّ ما جرى في سوريا من وراثة وتوريث، ثمّ وأد في المهد لتجربة المنتديات وما سُمّي "ربيع دمشق"، كان ويظلّ بمثابة «بروفة» لما سيحدث على الأرجح في أنظمة عربية أخرى، فإن الغالبية الساحقة من المثقفين العرب لزمت الصمت أو اكتفت بغمغمة أو تأتأة هناك.
وفي صفوف ذلك الصنف الخاص من المثقفين والكتّاب والصحافيين العرب الذين يجمعون بين مهنة القلم ومهنة السياسة، لم تكن حال التضامن هذه غائبة فحسب، بل حدث أحياناً أنها لعبت الدور النقيض، فطبّلت وزمّرت لنظام الاستبداد، وجمّلت المستبدّ الابن استكمالاً لتجميلها المستبدّ الأب، وأشبعت المعارضة السورية دروساً في علم السياسة وعلم الديموقراطية وعلم المجتمع المدني!
لهذا فإن خبر اغتيال تويني ذكّرني، على الفور، بأحد هؤلاء الفرسان: النائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلية عزمي بشارة.
وذات يوم غير بعيد، لم يكن غريباً على الذين سنحت لهم فرصة مشاهدة الرجل في برنامج «حوار العمر» على الـ LBC، والإصغاء إليه يتهكم على المثقفين السوريين ويسخر من بياناتهم ويؤكد جهلهم بمعنى الديمقراطية، أن يفركوا الأعين قليلاً قبل أن يتساءلوا: أهذا وزير الإعلام السوري، أم عزمي بشارة؟ أهذا ناطق باسم حزب البعث الحاكم في سوريا، أم زعيم "التجمع الوطني الديموقراطي" في فلسطين؟ أهذا لسان حال الاستبداد والقمع، أم داعية الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ والرجل الذي أتاحت له الديموقراطية الإسرائيلية، أيّاً تكن اعتراضات بشارة واعتراضاتنا عليها، أن يصل إلى الكنيست، وأن يجاهر بآرائه في الناصرة كما في عمّان وبيروت والقرداحة، وأن يتحدّى العنصرية الصهيونية من داخل قوانينها... كيف يحقّ له أن يسخر من أشقائه المثقفين السوريين إذا كانوا يطالبون بعُشر الحقوق العامّة التي تجعل من عزمي بشارة... عزمي بشارة؟
كيف يكون من حقّه أن يتّهم الإسرائيليين بأنهم "تلاميذ صغار بالديموقراطية وحقوق الإنسان"، على خلفية محاولات الكنيست رفع الحصانة عنه، هو الذي استكثر على المثقفين السوريين أنهم يتطلعون إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ أم أن النقب والمثلث والجليل جديرة بالديموقراطية، ودمشق وحلب وحمص ليست جديرة إلا بالجمهوريات الوراثية وحكم الحزب الواحد الأوحد؟
في الحقبة نفسها كانت "النهار" تفتح صفحاتها للصوت السوري الديموقراطي على اختلاف تيّاراته، وكان مديرها العام نفسه لا يكتفي بالافتتاحيات المساندة بل يشارك شرفاء لبنان تضامنهم المباشر مع أمثال رياض الترك ورياض سف وعارف دليلة. فكيف، اليوم، لا يذكّرنا غياب النائب جبران تويني بهذا الحضور الغائب للنائب عزمي بشارة؟.
اغتيل جبران تويني لأسباب عديدة، معظمها يذكّر باغتيال شهيد دار "النهار" الأوّل وأحد أنبل شهداء لبنان والعرب سمير قصير، وبعضها وثيق الصلة بمعادلة الصوت الذي يستفزّ كاتم الصوت والكلمة الشريفة فضّاحة الكلمة المرتزقة، وجلّها يعود إلى حرب الاستقلال الثاني التي يخوضها لبنان معركة تلو أخرى. أخال استطراداً أنه يحقّ لي، أنا المواطن السوري، أن أشدّد على السبب السوري تحديداً: أن الراحل، ورغم بعض الاختلاف في وجهات النظر، كان أحد أبرز أصدقاء نضالات السوريين من أجل سوريا ديموقراطية، كريمة، حرّة، ومتحرّرة من الاستبداد.
وما خلا القليل من الأصوات الشريفة الشجاعة، لم تحظ حركة المثقفين السوريين المطالبين بالتغيير الديموقراطي وإحياء المجتمع المدني بتعاطف ملموس، صريح أو حتى خجول، من المثقفين العرب الذين كان في وسعهم، بل كان من واجبهم، رفع صوت التأييد عالياً بليغاً. ورغم أنّ ما جرى في سوريا من وراثة وتوريث، ثمّ وأد في المهد لتجربة المنتديات وما سُمّي "ربيع دمشق"، كان ويظلّ بمثابة «بروفة» لما سيحدث على الأرجح في أنظمة عربية أخرى، فإن الغالبية الساحقة من المثقفين العرب لزمت الصمت أو اكتفت بغمغمة أو تأتأة هناك.
وفي صفوف ذلك الصنف الخاص من المثقفين والكتّاب والصحافيين العرب الذين يجمعون بين مهنة القلم ومهنة السياسة، لم تكن حال التضامن هذه غائبة فحسب، بل حدث أحياناً أنها لعبت الدور النقيض، فطبّلت وزمّرت لنظام الاستبداد، وجمّلت المستبدّ الابن استكمالاً لتجميلها المستبدّ الأب، وأشبعت المعارضة السورية دروساً في علم السياسة وعلم الديموقراطية وعلم المجتمع المدني!
لهذا فإن خبر اغتيال تويني ذكّرني، على الفور، بأحد هؤلاء الفرسان: النائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلية عزمي بشارة.
وذات يوم غير بعيد، لم يكن غريباً على الذين سنحت لهم فرصة مشاهدة الرجل في برنامج «حوار العمر» على الـ LBC، والإصغاء إليه يتهكم على المثقفين السوريين ويسخر من بياناتهم ويؤكد جهلهم بمعنى الديمقراطية، أن يفركوا الأعين قليلاً قبل أن يتساءلوا: أهذا وزير الإعلام السوري، أم عزمي بشارة؟ أهذا ناطق باسم حزب البعث الحاكم في سوريا، أم زعيم "التجمع الوطني الديموقراطي" في فلسطين؟ أهذا لسان حال الاستبداد والقمع، أم داعية الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ والرجل الذي أتاحت له الديموقراطية الإسرائيلية، أيّاً تكن اعتراضات بشارة واعتراضاتنا عليها، أن يصل إلى الكنيست، وأن يجاهر بآرائه في الناصرة كما في عمّان وبيروت والقرداحة، وأن يتحدّى العنصرية الصهيونية من داخل قوانينها... كيف يحقّ له أن يسخر من أشقائه المثقفين السوريين إذا كانوا يطالبون بعُشر الحقوق العامّة التي تجعل من عزمي بشارة... عزمي بشارة؟
كيف يكون من حقّه أن يتّهم الإسرائيليين بأنهم "تلاميذ صغار بالديموقراطية وحقوق الإنسان"، على خلفية محاولات الكنيست رفع الحصانة عنه، هو الذي استكثر على المثقفين السوريين أنهم يتطلعون إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان؟ أم أن النقب والمثلث والجليل جديرة بالديموقراطية، ودمشق وحلب وحمص ليست جديرة إلا بالجمهوريات الوراثية وحكم الحزب الواحد الأوحد؟
في الحقبة نفسها كانت "النهار" تفتح صفحاتها للصوت السوري الديموقراطي على اختلاف تيّاراته، وكان مديرها العام نفسه لا يكتفي بالافتتاحيات المساندة بل يشارك شرفاء لبنان تضامنهم المباشر مع أمثال رياض الترك ورياض سف وعارف دليلة. فكيف، اليوم، لا يذكّرنا غياب النائب جبران تويني بهذا الحضور الغائب للنائب عزمي بشارة؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق