حازم صاغيّة - الحياة
انضم مهدي عاكف الى خالد مشعل الذي كان، بدوره، انضم الى محمود أحمدي نجاد في إنكار وجود المحرقة النازية لليهود الأوروبيين. وهي مسألة ما عادت تُطرح أو تُناقش إلا في أكثر البيئات تردياً فكرياً وتعليمياً. فحين يكون مردّدوها من العرب والمسلمين يُضاف بُعد آخر الى المسألة هو العجز عن تحقيق أي تقدم فعلي في الواقع، والانتقال من ثم الى طعن التاريخ بسهم الخرافة.
لا بد، للمرة المليون، من تكرار الحقيقة القائلة إن الموقف من المحرقة لا صلة له بالموقف من إسرائيل. أما الذين يربطون بين الموقفين فهم إما من غلاة الصهاينة الذين يرون أن الموقف من الدولة العبرية موقف من المحرقة، والعكس بالعكس، وإلا فمن غلاة العداء لليهود الذين يعتبرون الإقرار بالمحرقة تأييداً لإسرائيل، ونفيها عداء لها.
وكما سبق القول، لم يعد هناك ما يدعو الى مناقشة هذه المسألة المحسومة، على رغم ما ذكره رسمي إيراني حين سمّى رأي نجاد «وجهة نظر أكاديمية»، وعلى رغم مراجع عاكف التي تزكم الأنوف من ديفيد ايرفينغ الى روجيه غارودي.
الموضوع الأهم من هذا كله أن «ثقافة» إنكار المحرقة - وهي، بين أمور أخرى، من ثمار تعليم رديء - غدت تحتل موقعاً حاكماً في حياة العرب والمسلمين. وبعدما كاد الموضوع يُطوى ويقتصر على هوامش ضيّقة تجمع أقصى التعصّب الى أقصى التخلّف، هبّت علينا الأمطار الإيرانية المسمومة كثيفةً فاستقبلتها، بنهم حارق، الصحارى العربية العطشى.
فالمسألة الآن لم تعد حكراً على هوامش ضيّقة. ذاك أن نجاد، لشديد الأسف واللوعة، رئيس جمهورية انتخبته ملايين الإيرانيين. أما مشعل فمن رموز التنظيم الذي قضم بلديات فلسطين، وقد يقضم، في حال اجراء انتخابات اشتراعية، برلمانها أيضاً، محيّراً العالم في كيفية تفادي ورطة كهذه. وأما عاكف، فالنجم الصاعد في سماء مصر بعدما أحرز إخوانه أكثر من ربع مقاعد البرلمان، وكان في وسعهم أن يحرزوا المزيد في ظروف انتخابية أفضل.
وعلى هدي بعض مؤلفات وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، أو بعض رسائل وأحاديث السيدين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، تعجّ مكتبة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» و»حزب الله» بالمقتطفات المطوّلة المستقاة من «بروتوكولات حكماء صهيون» و»الخطر اليهودي» وغيرهما من أوراق صفراء تمتزج برؤى وأحلام خرافيّة تنتسب الى أدبيّات القبر والشهادة.
وهو ما يعني أننا في حال لا نُحسد عليها بتاتاً. فالمرض يتدرّج صعوداً من بطن المجتمعات الى المواقع التقريرية فيها. وليس مصادفاً أن عناصر هذه الكتلة التي تبثّ «الأفكار» المذكورة وتشيعها هي إياها التي تعدنا بالخروج من النفق المظلم للاحتلالات والظلامات الى الأفق الأنور والأبهى. وليس مصادفاً، كذلك، أن الكتلة إياها إنما تتشكّل من حالات تجمع بين الارتداد عن ثقافة الحداثة وبين تكرار لما سبق تجريبه، في السلطات كما في المعارضات، مثنى وثلاثاً ورباعاً.
وما من شك في أن حالات كهذه، نكوصية وارتدادية، ستسيء كثيراً الى قضاياها والى الحقوق التي لها في ذمّة أميركا وأوروبا وإسرائيل. فإذا صحّ أن عدم إحرازها حقوقها زادها تمسكاً بخرافاتها، صحّ أيضاً أن تمسكها بخرافاتها يجعل من الخطير تمكينها بمنحها حقوقها.
أما وعّاظ الديموقراطية في أميركا فيُستحسن بهم أن يعتبروا بما يجري. وهم، مهما جهلوا، يعرفون كيف تقترع المجتمعات، حين تكون مريضة، عندما تقترع.
انضم مهدي عاكف الى خالد مشعل الذي كان، بدوره، انضم الى محمود أحمدي نجاد في إنكار وجود المحرقة النازية لليهود الأوروبيين. وهي مسألة ما عادت تُطرح أو تُناقش إلا في أكثر البيئات تردياً فكرياً وتعليمياً. فحين يكون مردّدوها من العرب والمسلمين يُضاف بُعد آخر الى المسألة هو العجز عن تحقيق أي تقدم فعلي في الواقع، والانتقال من ثم الى طعن التاريخ بسهم الخرافة.
لا بد، للمرة المليون، من تكرار الحقيقة القائلة إن الموقف من المحرقة لا صلة له بالموقف من إسرائيل. أما الذين يربطون بين الموقفين فهم إما من غلاة الصهاينة الذين يرون أن الموقف من الدولة العبرية موقف من المحرقة، والعكس بالعكس، وإلا فمن غلاة العداء لليهود الذين يعتبرون الإقرار بالمحرقة تأييداً لإسرائيل، ونفيها عداء لها.
وكما سبق القول، لم يعد هناك ما يدعو الى مناقشة هذه المسألة المحسومة، على رغم ما ذكره رسمي إيراني حين سمّى رأي نجاد «وجهة نظر أكاديمية»، وعلى رغم مراجع عاكف التي تزكم الأنوف من ديفيد ايرفينغ الى روجيه غارودي.
الموضوع الأهم من هذا كله أن «ثقافة» إنكار المحرقة - وهي، بين أمور أخرى، من ثمار تعليم رديء - غدت تحتل موقعاً حاكماً في حياة العرب والمسلمين. وبعدما كاد الموضوع يُطوى ويقتصر على هوامش ضيّقة تجمع أقصى التعصّب الى أقصى التخلّف، هبّت علينا الأمطار الإيرانية المسمومة كثيفةً فاستقبلتها، بنهم حارق، الصحارى العربية العطشى.
فالمسألة الآن لم تعد حكراً على هوامش ضيّقة. ذاك أن نجاد، لشديد الأسف واللوعة، رئيس جمهورية انتخبته ملايين الإيرانيين. أما مشعل فمن رموز التنظيم الذي قضم بلديات فلسطين، وقد يقضم، في حال اجراء انتخابات اشتراعية، برلمانها أيضاً، محيّراً العالم في كيفية تفادي ورطة كهذه. وأما عاكف، فالنجم الصاعد في سماء مصر بعدما أحرز إخوانه أكثر من ربع مقاعد البرلمان، وكان في وسعهم أن يحرزوا المزيد في ظروف انتخابية أفضل.
وعلى هدي بعض مؤلفات وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، أو بعض رسائل وأحاديث السيدين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، تعجّ مكتبة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» و»حزب الله» بالمقتطفات المطوّلة المستقاة من «بروتوكولات حكماء صهيون» و»الخطر اليهودي» وغيرهما من أوراق صفراء تمتزج برؤى وأحلام خرافيّة تنتسب الى أدبيّات القبر والشهادة.
وهو ما يعني أننا في حال لا نُحسد عليها بتاتاً. فالمرض يتدرّج صعوداً من بطن المجتمعات الى المواقع التقريرية فيها. وليس مصادفاً أن عناصر هذه الكتلة التي تبثّ «الأفكار» المذكورة وتشيعها هي إياها التي تعدنا بالخروج من النفق المظلم للاحتلالات والظلامات الى الأفق الأنور والأبهى. وليس مصادفاً، كذلك، أن الكتلة إياها إنما تتشكّل من حالات تجمع بين الارتداد عن ثقافة الحداثة وبين تكرار لما سبق تجريبه، في السلطات كما في المعارضات، مثنى وثلاثاً ورباعاً.
وما من شك في أن حالات كهذه، نكوصية وارتدادية، ستسيء كثيراً الى قضاياها والى الحقوق التي لها في ذمّة أميركا وأوروبا وإسرائيل. فإذا صحّ أن عدم إحرازها حقوقها زادها تمسكاً بخرافاتها، صحّ أيضاً أن تمسكها بخرافاتها يجعل من الخطير تمكينها بمنحها حقوقها.
أما وعّاظ الديموقراطية في أميركا فيُستحسن بهم أن يعتبروا بما يجري. وهم، مهما جهلوا، يعرفون كيف تقترع المجتمعات، حين تكون مريضة، عندما تقترع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق