السبت، أكتوبر 29، 2005

إعلان دمشق جدير بالتحية

أدونيس - كلنا شركاء في الوطن
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي» جديرٌ بالتحية والتقدير والمساندة، خصوصاً انه ينهض على رؤية في التغيير والعمل السياسي بالغة الأهمية في تاريخ سورية الحديث: رفض الايديولوجية الشمولية، رفض العنصرية، والإقصائية، والعنف، التوكيد على المواطنية، أياً كان اتجاه المواطن، السياسي، وأياً كان انتماؤه، مما يؤكد الإيمان بالديموقراطية والتعددية. أقول ذلك، وآمل أن أعود لاحقاً الى طرح تساؤلاتٍ فكرية حول هذا الإعلان، ترتبط، على نحو خاص، بالمسألة الدينية، وبالآخر (العربي والأجنبي)، وبالانسان – مُفرداً، وجمعاً، في الحياة السياسية – الاجتماعية السورية. ظاهرة المعارضة في العالم العربي صحية وضرورية، فلا يأخذ العمل السياسي أو الفكري أبعاده الإنسانية الحقة إلا اذا كانت المعارضات شريكة فيه، وجزءاً عضوياً منه. وذلك، خلافاً لما حدث في تاريخنا السياسي، حيث ألغيت المعارضة في مختلف أشكالها السياسية والفكرية، ونظر اليها بوصفها «خروجاً» أو «مروقاً» أو «كفراً»... الخ. وبما أن هذه الظاهرة تتزايد وتنمو وتتنوع، فإنني أحرص، إسهاماً في تأصيلها، وجعلها أكثر فعالية، أن أشير الى بعض المفارقات عند بعض الحركات العربية المعارضة، وبعض المفكرين والكتاب المعارضين، أوجزها كما يلي:
1 – كيف يكون الدين «وطنياً» و «ديموقراطياً» و «تقدمياً» في بلد، مثل فلسطين والعراق، ويكون في بلد آخر، مثل إيران ولبنان، «غير وطني»، و «غير ديموقراطي»، و «رجعياً»؟
2 – كيف يمكن العمل لإقامة حياة اجتماعية «مَدنية»، في مجتمع نقبل بأن يبقى قائماً على مؤسسات تشريعية دينية، لا تقتصر على الفرد، بوصفه فرداً، وإنما تشمل الجماعة، بوصفها جماعة؟
3 – كيف تمكن الدعوة الى «عدالة» و «مساواة» و «وحدة» في مجتمع نواصل في كلامنا عليه استخدام مفهومات تناقض هذه القيم، كمثل «الأكثرية» و «الأقلية»، ويقوم فيه أفرادٌ كثيرون بجميع الواجبات، من دون أن تكون لهم جميع الحقوق (ليس للمسيحي أو الكردي في سورية، مثلاً، الحقوق كلها التي يتمتع بها مواطنه المسلم العربي). وكيف يصح، ديموقراطياً، استخدام مفهومي «الأكثرية» و «الأقلية» بالمعنى «العرقي» أو «الديني»؟
4 – كيف تصح الدعوة الى «وحدة» ثقافية في مجتمع ينهض أساسياً على «التنوع» و «التعدد» الثقافيين؟
5 – كيف تصح الدعوة الى إقامة الديموقراطية وتوكيد حقوق الإنسان في مجتمع يحرص أصحاب هذه الدعوة أنفسهم على أن يظل الدين فيه مؤسسة جماعية، وشرعاً عاماً، وعلى أن يظل الانتماء فيه إيديولوجياً – «قومياً عربياً»، مع أنه مجتمعٌ يتكوّن موضوعياً، إضافة الى ما هو عربي، من «قوميات» أو «أعراقٍ» أخرى، غير عربية، (آشورية، تركمانية، سريانية، أرمنية، كلدانية، صابئية...) وفيه جماعات تؤمن بأديان أخرى غير الإسلام؟ والمثال الأبرز على ذلك هو العراق قبل سورية.

ليست هناك تعليقات: