الثلاثاء، أكتوبر 25، 2005

وفاة البعث والاآت الخمسة

نورا دندشي - إيلاف
مني حزب البعث العربي الإشتراكي منذ بداية إستيلاءه على السلطة في سوريا بهزيمة حزيران عام 1967، واليوم قد إنتهى بفضيحة جريمة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فصدور تقرير لجنة التحقيق الدولية يعتبر بمثابة نعي رسمي لوفاة حزب البعث حيث كان قد دخل في غيبوبة وبدأ في الإحتضار منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق، ومع سقوط البعث سقط معه تجار القومية وحماة العرب، وتجار القضايا العربية، وسقط معه اللصوص والمرتزقة وكل من تاجر بالشعب السوري والعربي بشكل عام لعقود عدة...!هؤلاء من حكموا سوريا وتحكموا في سياسات العالم العربي وكانوا يحظون بالتاييد والدعم الكامل من الدول العربية والغربية والثمن الذي دفعه وسيدفعه المواطن السوري لا يمكن تقديره بفاتورة.ومع تداعيات هذا التقرير، سواء كان رؤوس النظام السوري براءة منه أم ضالعين بالجريمة ففي المحصلة يعتبر التقرير بحد ذاته شهادة وفاة لحزب البعث وأزلامه ورموزه السابقين او الحاليين ممن عاثوا في الأرض العربية فسادا والحقوا الدمار بسوريا والشعب السوري.فما خلفه البعثيين ورائهم جملة من الهزائم والإنكسارات والإندحارات والسياسات الفاشلة سواء على المستوى الداخلي أو العربي أو العالمي، ولم يفلحوا يوما الا بسياسة السلب والنهب والإستيلاء على الأموال العامة وبشكل مدروس ومنظم، والشواهد كثيرة لا يسعنا الحديث عنها وأن غدا لناظره لقريب.اليوم تمر سوريا في أخطر مراحلها السياسية وربما عبر تاريخها لم تشهد أسوأ من هكذا أوضاع، ومن يقرأ ما بين سطور المشهد السوري لتبين أن الوضع اخطر مما يتصوره أو يتوقعه الجميع، والخطورة لا تكمن في مجرد إتهام لبعض رؤوس النظام بجريمة إغتيال الحريري، إنما الأمر أكبر من ذلك بكثير في ظل غياب كامل لأي قوى سياسية تكون الممثل الحقيقي عن الشعب السوري، وهذه هي المعضلة الكبرى والتحدي الأعظم أمام الشعب السوري، هذه الأخطار التي تختذلها من تطلق على نفسها القوى السياسية بالتدخل الخارجي في حين أنها أبعد من ذلك بكثير وتكمن في صراع العقائد الحزبية التي هي أشد وأخطر على الوضع الداخلي السوري، وهذه المرحلة الحالية وما نشهده من صراع على السلطة موزع بين الشيوعية وغيرها من الأحزاب اليسارية والاشتراكية وتعيد الى الاذهان فترة أواخر الخمسينيات والتي أدت في النهاية الى الإرتماء في أحضان عبد الناصر ونتساءل اليوم في ظل هذه الأوضاع بأية أحضان سوف ترمى سوريا هذه المرة... ؟فالصراع الخفي الذي نشب في فترة الخمسينيات فيما بين الحزب الشيوعي وحزب البعث وانتهت الغلبة لحزب البعث نتيجة للخطيئة التي ندفع ثمنها حتى اليوم وهي الوحدة مع مصر، ومن يراجع تاريخ الأحزاب السياسية الموجوده على الساحة السورية لتبين أنها عبارة عن إمتداد لحزبي البعث والشيوعي والأحزاب التي تفرخت عنهما بعد الانشقاقات في صفوفهما وكل ما هو جديد على الساحة هو دخول جماعة الأخوان المسلمين في اللعبة السياسية وهذا ما زاد الأمور تعقيدا، وفي الوقت الراهن نشهد حربا باردة فيما بين تلك الفصائل وقد تصبح ساخنة الى درجة الغليان في أي لحظة وينفجر الوضع على الساحة السورية لتكون مسرحا لتصفية الحسابات الحزبية ذات العدواة التاريخية فيما بينها وصراعا داميا على السلطة.واليوم الشعب السوري أمام أكبر تحدي وعليه أن يقول كلمة الفصل للحيلولة دون سقوط البلاد في أتون الحروب العقائدية الحزبية والتناحر على السلطة، ونقول لتلك الفصائل التي تفرض نفسها على الشارع السوري وتعتبر نفسها قوة سياسية وبأعلى صوتنا نصرخ ونقول لاآتنا الخمسة :1- ( لا ) للشيوعية ودعاتها حتى وإن غيروا جلدوهم فسوريا لن تكون جائزة ترضية لهم أو لغيرهم ولو حالف الحظ لدعاة الشيوعية لحكم سوريا لكان الان الشعب السوري من عبدة لينين واستالين وتحولت سوريا الى كوبا ثانية.
2- ( لا للناصريين والقومجيين ) فهم بائعي شعارات زائفة وعبد الناصر أكبر وهم أصيبت به الأمة العربية وما تدفعه المنطقة العربية بشكل عام ثمنا لسياسات عبد الناصر الفاشلة باهظا وساعد بشكل كبير الى ظهور تلك الديكتوريات في المنطقة وما كانت الا إمتدادا للنظام الناصري الديكتاتوري.
3- ( لا ) للبعثيين خصوصا القدماء منهم لأننا وبصريح العبارة نحملهم مسؤولية ما آلت اليه أمور البلاد وتكفيهم قصورهم وشققهم في باريس وما جنوه من ثروات، فالبعثي لا يقبل بديلا عن الكرسي إلا باريس مع أن معظمهم من طبقات فقيرة أو معدمة لا تعرف المدنية حتى اليوم ووصلوا الى الكراسي حفاة عراة وكما يقول المثل السوري ( نطوا من القفة على آذانها) وأصبح أغلبهم من أبرز رواد الشانزليزيه والافنيو فوش.4- ( لا ) لكافة الأحزاب الأشتراكية المنشقة عن حزب البعث فثقة الشعب السوري معدومة بهؤلاء الزمر التي تفرض نفسها قوة سياسية.4- ( لا ) للأخوان المسلمين فسوريا دولة متعددة الأديان والطوائف وتركيبتها المجتمعية تختلف عن التركيبة في المملكة العربية السعودية، والمجتمع السوري يجنح الى الليبرالية بطبيعته التاريخية ولا يمكن ان تكون الشريعة الاسلامية هي المحرك الاساسي للدولة.
وأمام هذه الاآت الخمسة فان الفئة المقبولة لدى الشارع السوري هي القوى الليبرالية ذات التاريخ النظيف والخالية من أية شوائب عقادئية حزبية، ولم يسبق لها وحظيت بشرف الإنتماء لأي من الأحزاب السابقة الذكر، والكرة الآن في ملعب تلك القوى الليبرالية والتي نعول عليها الكثير لإنقاذ البلاد من أتون الحرب العقائدية المرتقبة، والعمل باسرع ما يمكن على ترتيب البيت الداخلي، وندعوهم للإعلان عن البديل المنتظر لإستلام مقاليد الحكم بعد سقوط النظام.فطرح البديل ليس بالخطيئة ولا بالأمر المعيب ومن حق أي سوري يجد بنفسه الكفاءة والمقدرة على إدارة دفة الحكم أن يطرح نفسه البديل، قبل فوات الأوان وأنفلات زمام الأمور وسحب البساط من تحت أقدامكم وصعود تلك الفئات المرفوضة شعبيا على أكتاف الشعب السوري لتكون البديل عن البعثيين.