الجمعة، أكتوبر 28، 2005

التقرير الأخير لفولكر: 2200 شركة وفرت 1,8 مليارات غير شرعية لصدام

النهار
وفرت نحو 2200 شركة، بينها مؤسسات في الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وروسيا، ما مجموعه 1,8 مليارات دولار دخلاً غير مشروع في اطار عمليات تلاعب وابتزاز وضرائب اضافية غير شرعية على الاسعار، لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، على ما اظهر التقرير الخامس الاخير للجنة التحقيق المستقلة في فضيحة الفساد في برنامج "النفط مقابل الغذاء"، كما استفاد سياسيون بارزون من التلاعب الواسع بالبرنامج.
وكان "النفط مقابل الغذاء" بدأ في كانون الاول 1996 وانتهى العمل به عام 2003، وقد استهدف تخفيف آثار العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق عام 1990 بعد غزو الكويت. وحقق البرنامج نجاحا ملحوظا في توفير الغذاء
للعراقيين واتاح للنظام بيع النفط لتسديد ثمن الاغذية والادوية وغيرها من السلع، وبلغت قيمته الاجمالية اكثر من مئة مليار دولار، بينها 64 ملياراً للنفط و39 مليارا للغذاء.
وورد في تقارير سابقة، آخرها في ايلول، ان النظام العراقي اتبع سياسة "محاباة متعمدة" حيال الدول "الصديقة" للحصول على دعمها لرفع العقوبات الدولية المفروضة على بغداد. ومنحت مزايا تفضيلية لشركات من فرنسا وروسيا والصين، وكلها دول دائمة العضوية في مجلس الامن كانت مؤيدة لرفع العقوبات، بالمقارنة مع الولايات المتحدة وبريطانيا. واتاحت العمولات والاضافات في اسعار النفط وتهريب البضائع حصول النظام العراقي على عملات اجنبية.
وجاء في التقرير الاخير الذي اعدته اللجنة التي ترأسها الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيديرالي بول فولكر ويقع في 613 صفحة ويسمي المتورطين في عمليات الاختلاس، ان شركات وافرادا من 66 دولة دفعوا عمولات غير شرعية لبيع العراق بضائع ومستلزمات انسانية، بينما قدمت شركات مسجلة في 40 دولة اموالا غير شرعية في شكل اضافات الى الاسعار في عقود النفط. وهناك نوعان من التلاعب بالبرنامج، الاول هو اضافات الى العقود الانسانية لشراء آلات زراعية وقطع غيار ومعدات طبية تبرر على انها "رسوم" لنقل البضائع او "ثمن خدمات" للسلع بعد البيع، والثاني هو رشى وابتزاز في ابرام عقود النفط.
واعتبر ان الفساد الذي شاب البرنامج كان يمكن الا يكون بهذا الحجم لو "كانت ثمة ادارة مجتهدة من الامم المتحدة والوكالات التابعة لها".
الشركات
وفصل التقرير التلاعب في البرنامج من شركات واشخاص وجماعات وحكومات، مشيرا الى ان نحو نصف الشركات التي شاركت في البرنامج دفعت اموالا بطريقة غير شرعية. واكد انه "بحلول عام 2000 ادى فرض الرشى والاضافات على الاسعار من النظام العراقي بزعامة صدام حسين الى ظهور مدفوعات بطريقة غير شرعية... هذا الامر غير طبيعة البرنامج تماما".
ومن الشركات التي قدمت اضافات غير شرعية الى الضرائب والاسعار "دايوو" الكورية الجنوبية وثلاث شركات تابعة لـ"سيمينز آ ج" الالمانية. وجاءت اكبر رشوة من شركة "مكاستيك" الماليزية التي قدمت اكثر من عشرة ملايين دولار اضافات الى الاسعار الى الشركة العراقية لتسويق النفط، وذلك بين عامي 2001 و2002.
وفي الشق النفطي، سمى التقرير شركتي "باي أويل" و"كوستال كوربورايشن" ومقرها ولاية تكساس الاميركية، والشركة الروسية العملاقة "غازبروم" و"لوك أويل آسيا باسيفيك" التابعة لشركة "لوك أويل".
وحصلت الشركات الروسية على عقود نفطية بقيمة 19,3 مليار دولار، أي نحو 30 في المئة من قيمة الصادرات العراقية.
ودفعت شركة السيارات "دايملر كرايسلر" سبعة آلاف دولار ثمنا لعقد تبلغ قيمته 70 الف دولار. وأمس أعلنت مصادر الشركة انها اطلعت على تقرير فولكر، لكنها امتنعت عن التعليق عليه.
وفي المقابل، قدمت شركة "فولفو لمعدات البناء"، ومقرها بروكسيل، 317 الف دولار اضافية على عقد تبلغ قيمته 6,4 ملايين دولار. وهذه الشركة جزء من "مجموعة فولفو" ومقرها أسوج، ولا صلة لها بسيارات فولفو التي تملكها شركة "فورد".
وأورد التقرير ايضا ان "بنك باريس الوطني"، وهو المؤسسة الفرنسية المكلفة ادارة حسابات برنامج "النفط مقابل الغذاء" لحساب الامم المتحدة، وجد نفسه في "وضع تضارب مصالح"، ذلك انه كان يدير حسابات الامم المتحدة المرتبطة بالبرنامج لجهة تلقي الاموال او تسديدها، لكنه كان كذلك بمثابة الضامن لمؤسسات مشاركة في البرنامج، مما شكل بالنسبة اليه "ولاء مزدوجا". وأضاف ان هذا الوضع أحرج المصرف حين تحرك لتحذير الامم المتحدة زبونه الرئيسي، من علاقات مالية غير شرعية نشأت بين بعض المؤسسات والنظام العراقي، خصوصا انه علم بتفاصيل تلك العلاقات.
ورد المصرف ببيان اكد فيه انه تعاون تماماً مع التحقيق وادى واجباته "باخلاص وبأسلوب يتفق مع الامم المتحدة روحاً ونصاً".
السياسيون
وقال التقرير ان المندوب الفرنسي السابق لدى الامم المتحدة السفير جان برنار ميريميه حصل على 165725 دولاراً عمولات على حصص من عقود نفطية قدمها اليه النظام العراقي، وهو يخضع حالياً لتحقيق فرنسي. وقد "بدأ تلقي حصص النفط التي تساوي في النهاية ستة ملايين دولار، وذلك من حكومة العراق".
ومن "المستفيدين السياسيين" الآخرين النائب البريطاني جورج غالواي والكاهن جان ماري بنجامين الذي عمل مرة مساعداً لوزير خارجية الفاتيكان ثم تحوّل ناشطاً في المطالبة برفع العقوبات عن العراق.
وفي روسيا، هناك فلاديمير جيرينوفسكي الذي يتزعم الحزب الليبرالي الديموقراطي، وقد تلقى ملايين من براميل النفط التي يستطيع بيعها لتحقيق ارباح.
وتظهر سجلات وزارة النفط العراقية انها قدمت 4,3 ملايين برميل نفط الى الكسندر فولوشين الذي شغل منصب كبير موظفي الادارة التابعة للرئيس الروسي.
ردود
وبدأت السلطات السويسرية اجراءات جنائية في حق اربعة اشخاص وردت اسماؤهم في التقرير.
واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك: "اعتقد ان التقرير يسلط الضوء على ان هناك ممارسات اكيدة داخل الامم المتحدة تحتاج الى اصلاح. سنواصل الحض والدفع لتحقيق اصلاحات في ادارة الامم المتحدة".
ودعا الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الدول الاعضاء في المنظمة الدولية الى معاقبة الشركات التي دفعت رشى للافادة من "النفط مقابل الغذاء".