الثلاثاء، أكتوبر 18، 2005

رسالة إلى إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي

غسان المفلح - الحوار المتمدن
بداية هي تحية حقيقة .. تحية الحدث الحقيقي السوري .. تحية الناس الذين يصرون على التعرض للقمع من أجل مخاضهم الديمقراطي الحر .. من أجل سوريا .. سوريا ..أمنا .. سوريا دمعة تنز منعيني .. وأشتاق إلى كل حارة فيها .. إلى أصدقائي في التجمع الوكني الديمقراطي والحركة الكردية..الخ إلى رفاقي في حزب العمل الشيوعي في سوريا الذين لم أسمع صوتهم في هذا الإعلان .. إلى أصدقائي الذين .. رافقوني ورافقتهم في محنتنا السورية .. إلى حواري المخيم ,, إلى مهاجع سجن صيدنايا وفرع فلسطين عندما كنا مصابين بمرض الجرب مرض الجرب ولا أظن أن أحدا لايعرف هذا المرض . إلى مراحيض فرع فلسطين التي كانت تستقبل روائحنا دون أن تتذمر.. إلى بسام الحسن قائد سجن فرع فلسطين للمخابرات العسكرية الذي كان يسرق مخصصاتنا وما كان معنا من نقود , أو ما يجلبه بعض رفاقنا من أهاليهم في زيارة بالواسطة .. إلى الجلاد البطل أكرم حلوم .. وفي غرفة مساحتها 15 خمسة عشر مترا مربعا . كنا فيها 55 خمسون وخمسون.رفيقا سجينا بنفس التهمة : حزب العمل الشيوعي في سوريا .. إلى صوت ألسجان أحمد خليل الذي كان .. يذكرنا بحضور الكبل والدولاب .. والشبح على السلالم .. إلى .. مزرعة أهل رفيقنا ياسر مخلوف والتي عندما زرتها ذكرتني [بأمه أم ياسر وهي تحمل لنا كل ما يتسنى لها من نقود وأغراض وملابس إلى السجن في صيدنايا وقبل ذلك إلى تدمر حيث سجن الله هناك ..أم ياسر لم تكن تميز بين السني والعلوي والكردي والدرزي والمسيحي ..الخ من رفاق ياسر في السجن .. .. إلى خلافنا مع عبد العزيز الخير .. والذي لازال سجينا لأنه .. مناضلا من أجل الحرية .. ومن مدينة القرداحة .. القرداحة بلد السلطة .. وعبد العزيز صوت الشعب الباحث عن الحرية في قلب القرداحة .. بلد السيد الرئيس .. عبد العزيز الذي أخذ حكما 22 إثنين وعشرين عاما قضى منها أربعة عشر عاما تقريبا .. إلى الصداقة والحوار التي جمعتنا بمعتقلي الأخوان المسلمين .. وبعث العراق ــ كما يسمى عند السلطة ــ .. إلى العرفاتيين .. إلى حزب التحرير .. إلى رفاقنا في المكتب السياسي جورج صبرا وأبوماهر مسوتي الخ .. إلى خلافاتنا الحزبية الضيقة والواسعة .. إلى أصدقائنا من المعتقلين اللبنانيين جميعهم بلا تمييز طائفي أو سياسي .. إلى أبو طعان .. أقدم سجين فلسطيني .. وقائد قوات الكفاح المسلح .. إلى المساعد محمد مساعد انضباط سجن صيدنايا .. الذي كان إنسانا حقيقيا .. إلى العميد محي الدين محمد الذي كان مدير سجن صيدنايا .. الذي كان يحاول أن يحاور السجناء .. أو يعذبهم أحيانا .. وخصوصا سجناء الأخوان المسلمين .. إلى كل ذرة تراب في سوريا .. ألا يستحق كل هذا أن يكون حزب العمل الشيوعي وغيره من فصائل الحركة الديمقراطية السورية موقعين على هذا الإعلان .. أتحدث من باب العتب .. رغم أنني الآن مواطن عربي سوري مستقلبالمعنى التنظيمي .. هذه سوريا ألا تستحق كل أبنائها .. وهؤلاء أبناء سوريا .. ألا يستحقون جميعهم سوريا حرة ديمقراطية .. سوريا لكل أبنائها .. لكل أحزابها لكل تنظيماتها المدنية .. وشخصياتها المستقلة .. وشعبها الذي لم يذق طعم الحرية منذ خمس وثلاثون عاما .. إلى الفساد والمفسدين من أبناء هذا الشعب المنكوب بجزء من أبناءه .. وأخوته .. وأصدقاءه .. لم يعد هنالك بيت سوري واحد خاليا من فاسد أو مفسد .. ألا تستطيع هذه السوريا أن تنتج أخلاقها الوطنية .. لم يبق مواطنا في سوريا إلا لوثته سلطة الفساد .. لوثته بأخيه أو أبيه أو لوثته بنفسه .. غن خطوتكم في هذا اليوم التاريخي تستحق : الوقوف دقيقة صمت على كل ضحايا السلطات في سوريا .. كل هذا الألم .. كي ننسى .. ننسى من أجل سوريا .. يجب أن ننسى .. يجب أن نخرج من هذا السجن السلطوي دون أحقاد على بعضنا .. إلى روحية المسامحة والمصالحة .. إلى وطن من جديد .. هل يمكن أن يكون هذا اليوم بداية لمرحلة جديدة لا اٌصاء فيها ولا استبعاد .. لأحد مهما كان ..إنني معكم يا رفاقي وأصدقائي .. كي تكتمل خطواتكم بكل السوريين.. دون استثناء..