الأحد، أكتوبر 30، 2005

الأمم المتحدة وحدها تقر إجراءات في حق سورية... الخاسرة في كل الأحوال

مارتين انديك/تسفي برئيل - الحياة
مارتين انديك في ذا فاينانشل تايمز البريطانية
أدى العمل الدؤوب الذي تولاه رئيس لجنة التحقيق الدولية، ديتلف ميليس, الى معرفة العالم ان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، كان ثمرة تخطيط دقيق استغرق شهوراً. ولكن القرار الأخير، بحسب أحد الشهود، صدر عن أعلى رتبة استخباراتية في البلدين، قبل أسبوع واحد من التنفيذ. (...) وعلى رغم ان تقرير ميليس، بالمعنى القانوني، هو مرحلة انتقالية على طريق الادانة المحتملة لمسؤولين لبنانيين وسوريين, الا ان ما كشف النقاب عنه أثار زوبعة سياسية عميقة الأصداء والارتدادات.
فيترتب، الآن، على مجلس الأمن ان يتخذ الخطوة التالية على طريق الضغط على النظام السوري. فالتقرير يوضح ضرورة المضي على التحقيقات, وامتناع دمشق من التعاون. والفرصة سانحة لتمديد عمل اللجنة، وفرض عقوبات على سورية اذا لم تتجاوب. ولكن ذلك يضع الرئيس السوري امام حلين احلاهما مر. فاما ان يتعاون مع اللجنة، ويقدم قريبه الى المحكمة الدولية, وهي خيانة عائلية قد تؤدي الى قلب النظام بالكامل, واما ان يرفض التعاون، فيضع بلاده تحت وطأة العقوبات والعزلة السياسية. وهذا يهدد الحكم الأقلوي على المدى البعيد.
انتهى الرئيس الاسد الى حل وسط لمعضلته. فأرسل موفداً الى واشنطن يفاوض على «حل على الطريقة الليبية». وهذا يقضي بتسليم عدد أقل من المسؤولين المطلوبين لقاء عودة عن بعض التصرفات العدائية. ولكن العرض جاء بعد فوات الاوان.
فالرئيس جورج بوش وزن الامور، ووجد الرجل غير موثوق. فوعود الاسد بوقف عبور المقاتلين الى العراق, ذهبت سدى. وانسحاب قواته من لبنان تبعته موجة تفجيرات أدت الى هرب السياسيين. وبعض الناس في واشنطن, وأنا منهم, الذين كانوا أيدوا سياسة «الجزرة والعصا», فقدوا الأمل فيه. ونظراً الى ضعف الرئيس الاسد, والى طبيعة الاشخاص المحيطين به, علينا ان نتوقع ردات فعل سيئة على القرارات الدولية، وليس الانصياع لها. وسورية اليوم تحت المجهر الدولي. فالأكاذيب واعاقة العدالة, ورعاية الهجمات الإرهابية والعمليات الانتحارية والاغتيالات، أمور كلها تشد الحبل حول عنق البلد.
وفي هذه الظروف, يترتب على الثنائي بوش- شيراك, الرئيس الفرنسي, ان يبدي بعض الحذر في مسألة العقوبات. فالحال حرجة. وعليهما، في المقابل، تفادي الإقدام على خطوة متسرعة. ولحسن الحظ، لم تنسَ دروس العراق. فكبح جماح المنادين بإطاحة نظام الأسد. فتصرف كهذا قد يخلع الشرعية الدولية عن العملية برمتها. وأي تدخل عسكري قد يعكس الأمور، ويرمي سورية في الفوضى. فينخرط أنصار السلطة والمقاتلون السنّة في حمام دم. وخيرما يمكن للمجتمع الدولي أن يقوم به، الآن، هو إحالة الملف الى مجلس الأمن، وطلب تعاون سورية تحت طائلة العقوبات. وهذا يستدعي دوراً أميركياً غير ظاهر. فكلما رفع الأميركيون الصوت ضد سورية، شعر الآخرون بوجوب حمايتها. وعلى القوى الغربية أن تتحلى بالصبر، فيما هي تحاسب آخر الأنظمة العربية المتصلبة. وينبغي اتخاذ اجراءات فاعلة تمنع سورية من التدخل في لبنان والعراق. وليترك بوش وشيراك سورية تتولَّ البقية.
* (مدير مركز سابان للدراسات الشرق أوسطية، بروكينغز، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى)، ذا فاينانشال تايمز البريطانية، 23/10/2005
تسفي برئيل في هآرتس الاسرائيلية
وُصف تقرير ديتليف ميليس، رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري بـ «الزلزال». فكبار المسؤولين في الحكم السوري واللبناني، وبينهم وزير الخارجية فاروق الشرع، متورطون مباشرة أو غير مباشرة في هذا الاغتيال. ولكن الهزة الأرضية المتوقعة غير مبررة. فلبنان شهد من قبل اغتيال كبار ساسته. وقبل اغتيال الحريري اعتبرت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش سورية جزءاً من «محور الشر»، واتهمتها بعرقلة العملية العسكرية الأميركية بالعراق، وتشجيع الإرهابيين على محاربة القوات الاميركية. ولو تعاونت سورية مع الولايات المتحدة، وسمحت لقواتها بالعبور من سورية الى العراق في بداية الحرب، وعادت الحكومة على ما فعلت في حرب الخليج الاولى، لما شُكلت لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية، ولا صدر القرار 1559 الداعي الى خروج القوات السورية من لبنان.
ولا يحتاج تقويم حكمة الرئيس بشار الاسد الى لجنة تحقيق. ففي أقل من خمس سنوات ارتكب الرئيس الاسد الأخطاء الممكنة كلها مع الولايات المتحدة ولبنان. وفعل ما لا يُصدّق. فحوّل الدولة الخاضعة لوصايته الى ذريعة لمعاقبة دولته. ولم يكن في وسع واشنطن طرد الاسد من لبنان من دون حركة الاحتجاج اللبنانية الشعبية بعد اغتيال الحريري. وخالفت نتيجة الاغتيال الغاية منه، أي خدمة المصلحة السورية، وتخويف معارضيها، وإحكام القبضة على لبنان. فنالت واشنطن ما لم يكن في حسبانها من دون جهد يذكر. وأخرج لبنان، نيابة عنها وخدمةً لمصلحته، سورية من أراضيه.
ولا شك في أن سورية بشار الاسد هي دولة خاسرة.
وينبغي توجيه الاهتمام الى لبنان، حيث يتوقع حصول تغيرات سياسية مؤثرة في الشرق الاوسط. وبعد مرحلة التطهير السياسي والعسكري المرتبطة بتحقيق ميليس، وبعد زوال رواسب الهيمنة السورية، يتوقع حدوث تطورات مهمة في لبنان، مثل تجريد «حزب الله» من سلاحه، والبحث في اعتبار اسرائيل جسراً برياً يربط لبنان بالدول العربية عوض سورية التي أغلقت حدودها مراراً معه.
* هآرتس الاسرائيلية، 23/10/2005

ليست هناك تعليقات: