الاثنين، أكتوبر 24، 2005

غياب بن لادن طوال عام كامل يترك علامات استفهام

مريض جدا.. أسباب أمنية.. أم ميت!!
خالد عويس - العربية.نت
عام كامل مرّ منذ أن ألقى زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن خطابا "متلفزا" وجهه بشكل خاص للأمريكيين الذين كانوا في سبيلهم للادلاء بأصواتهم في الانتخابات الأمريكية، انقطع بعده عن الظهور. وخلال ظهوره الأخير، لم يحمل سلاحا كعادته، وجلس على مكتب وليس على الأرض كما كان يفعل في الماضي. وخلال الفترة من نهاية أكتوبر 2004 إلى نهاية أكتوبر 2005، بدا وكأن مهام مخاطبة الرأي العام والاتصال انتقلت لأيمن الظواهري الذي يوصف عادة بـ"الرجل الثاني" في القاعدة.
أعقب ذلك الظهور التلفزيوني لبن لادن عبر شريط فيديو، رسالة صوتية في 16 ديسمبر بارك من خلالها الأحداث الارهابية في السعودية.
وتختلف آراء خبراء الجماعات الإسلامية اختلافا كبيرا بشأن الغياب اللافت لبن لادن، ففي حين يؤكد بعضهم أن هذا الأخير يعاني من مرض شديد على الأرجح، يقول آخرون إن القاعدة غالبا لجأت إلى وسائل حماية وتأمين أكبر على بن لادن خشية وقوعه في قبضة عدد من أجهزة المخابرات التي تجهد في البحث عنه. ويتفق هؤلاء جميعا تقريبا على أنهم يستبعدون تواجد بن لادن والظواهري معا في الوقت الحالي.

شائعة مصرعه في الزلزال
وكان "مصرعه خلال زلزال باكستان الأخير" شائعة أطلقتها إحدى الصحف الصفراء الباكستانية. الباكستانيون أنفسهم يتحدثون دائما عن استحالة معرفة مكانه أو حتى مجرد تخمين مكانه. منطقة القبائل التي يقال إنه متوار فيها، هي منطقة حدودية شاسعة جدا بين باكستان وأفغانستان "حوالي 2000 كلم طولا و50 كلم عرضا". ويصف مراسل قناة "العربية" في باكستان، عبدالرحمن مطر طبيعة المنطقة بأنها "جبلية وعرة تتخللها وديان سحيقة وغابات، وجبال أخرى جرداء، وجبال رملية".
ويضيف مطر لـ"العربية.نت" أن سكان المنطقة قبليون صارمون جدا في تقاليدهم ومحافظون. وتنشر باكستان بحسب مسؤوليها 75 ألف جندي على حدودها مع أفغانستان. ويقول القيادي السابق في جماعة الجهاد المصرية الدكتور كمال حبيب إن بن لادن يظل الرجل الأول في القاعدة، وهو المقصود بشكل أساسي من قبل أجهزة المخابرات. ويضيف لـ"العربية.نت" إنه يرجح فرضية لجوء القاعدة لتوفير مظلة حماية وتأمين بشكل أكبر على زعيمها، ومحاولة تمويه مكانه إلى أقصى درجة. مستبعدا أن يكون بن لادن مريضا، مشيرا إلى أن المسألة برمتها تبقى متصلة بالأوضاع الحرجة التي يمر بها التنظيم خصوصا على صعيد الجانب الأمني.
ويقول حبيب إن الظواهري يقوم حاليا على الأرجح بعمليات الاتصال بالعالم الخارجي والإعلام، نظرا إلى أن طبيعة التنظيم لا تقوم على أساس رأسي، فالقيادة فيه أوسع من شخص واحد، لكن بن لادن يظل قيمة رمزية واستراتيجية كبيرة بالنسبة للتنظيم.

غياب بن لادن عن مسرح الأحداث!
وعلى عكس ذلك يعتقد عبدالرحيم علي (مستشار قناة العربية لشؤون الحركات الإسلامية)أن وراء اختفاء بن لادن ثلاثة احتمالات، الأول: وفاة بن لادن، وهو احتمال مستبعد، لأنه إن حدث، فسيكون أمرا جللا تعلن عنه القاعدة بحيث يكسبها تعاطفا.
ويضيف علي لـ"العربية.نت" بأن وفاة بن لادن ستحتم ترتيبا جديدا في سلم القيادة بهذا التنظيم، وستعطي القاعدة زخما أخلاقيا ومعنويا لكونه إنسانا قضى عمره في "نضال الأمريكيين" وتعاطفا.
أما الاحتمال الثاني بنظر عبدالرحيم علي، فهو المرض، وخصوصا مشاكل الكلى وضعف النخاع العظمي - هشاشة العظام - منذ أغسطس 1996 وبعد انتقاله من السودان لأفغانستان - والكلام لعلي - بدأ الناس يسمعون بمرضه، وسبق أن ذهب للامارات وبلدان أخرى طلبا للعلاج، كما زارته طواقم طبية في أفغانستان لذات الغرض.
ويشير علي إلى أن منطقة القبائل التي يرجح اختفاء بن لادن فيها حاليا لا تتوفر فيها أي وسائل طبية متقدمة، والقليل الذي يتوفر يأتي تهريبا من باكستان. ومن الصعب كما يقول عبدالرحيم علي، انتقال بن لادن لباكستان بالتهريب أو غيره. ويؤكد علي أن وجود بن لادن بمنطقة القبائل "الذين أقسموا على حمايته" يعرضه لتدهور حالته الصحية.
هناك مؤشران للتمهيد لغياب بن لادن عن مسرح قيادة القاعدة بحسب عبدالرحيم علي، الظهور المتكرر للظواهري بوصفه قائد وملهم للشباب ومخطط أعلى وملهم للكوادر المنتشرين في كل مكان. أما المؤشر الثاني بحسبه فهو وظيفة الظواهري كقائد ميداني التي بدأت تنتقل للزرقاوي "تمت عمليات في الأردن في إيلات والعقبة بايعاز من الزرقاوي، ثم قبض على 10 آخرين من أتباعه في الأردن أيضا، وقبضت بريطانيا على 10 لديهم تعليمات منه بتنفيذ عمليات فيها، وهو كان بعث برسالة تهديد لأوروبا".
ويرجح علي أن يكون هناك ثمة انتقال في سلطة القيادة في القاعدة حاليا، متسائلا "الزرقاوي أمير القاعدة في بلاد الرافدين فكيف له أن يقوم بأعمال في أوروبا إن لم تكن تراتبية القيادة تبدلت قليلا وأخذ مهمة الظواهري". يبدو أن الزرقاوي قادر - والقول لعلي - على تأدية هذا الدور لسهولة حركته في العراق حاليا، ولديه كوادر ومنهم غربيون "ألمان وبريطانيون" يستطيع ارسالهم لأوروبا، ويستطيع قيادة العمل الميداني من العراق. "هذا كله يدلل على غياب بن لادن عن موقع اتخاذ القرار".

هل يتلقى بن لادن العلاج خارج أفغانستان؟
والاحتمال الثالث بنظر علي يتمثل في أن بن لادن يتلقى علاجا خارج الأراضي الأفغانية، و"هذا أيضا غير مرجح، فالمرجح أنه مريض مرض موت، لكن ربما تم تهريبه عبر باكستان إلى إحدى دول الجوار لتلقي العلاج حتى لو في بيت خاص يجهز كمستشفى".
وعلى الرغم من أن بن لادن كان قد سجل غيابا مماثلا في بعض الأحيان، إلا أن بعض الخبراء يقولون إن الفترة الماضية كانت تتطلب ظهوره.
ويقول عبدالرحيم علي "كوادر القاعدة بحاجة لظهوره من أجل الدعم المعنوي، وهم يتساءلون عن غيابه، القاعدة تعاني قلق غيابه، وتتم طمأنتهم بأنه بخير". آخر شريط له كان وجهه غير طبيعي، شاحب جدا.
من جانبه لا ينفي الخبير في الجماعات الإسلامية الدكتور ضياء رشوان احتمال مرض بن لادن. لكنه يقرنه في حديث لـ"العربية.نت" مع احتمالات أخرى أهمها الأسباب الأمنية، أو "للسببين معا : المرض والمخاوف الأمنية".
ويشير رشوان إلى أن الكلام هنا يبقى تحليلا مجهولا لا يستند إلى حقائق دامغة. ويؤكد أن بن لادن سبق أن انقطع عن بث أشرطة ثم تلا ذلك بظهوره على شريط مصور مع الظواهري وهما يتجولان في الجبال.
ويميل رشوان لترجيح الأسباب الأمنية وراء اختفاء بن لادن، لافتا إلى أنه يرجح ألا يكون أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في المكان ذاته. "هناك اتصال ما بينهما، غالبا بشري خاضع للحيطة والحذر". ويشير رشوان إلى أن الظواهري غالبا ما يكون متقدما - على صعيد الجبهة - أكثر من بن لادن الذي يعتقد بأنه في مكان لا تتوفر فيه خدمات حديثة على الأرجح.
"أرجح أن يكون الظواهري قائدا ميدانيا لظهوره وهو يتحدث عن تفاصيل لمعارك خاضتها القاعدة ضد الجيش الباكستاني" ويضيف رشوان "معدلات ظهور الظواهري زادت خلال العام الماضي". ويرى أن بن لادن قد تم تأمينه في مناطق بعيدة عن المعارك، كما يقلل من احتمال مرضه أو حتى موته لأن أشياء خطيرة كهذه "كانت ستجد طريقها للتسريب بشكل أو بآخر".