علي الزر - الرأي العام الكويتية
لكل مقام مقال ولكل مقال مقام ,,, ومقال رئيس تحرير «الثورة» السورية الرابط بين ورثة الشهيد رفيق الحريري واسرائيل مقاماته معروفة وغير مستغربة، مقامات هلوسة اعلامية وهذيان سياسي وهستيريا بعثية سمع الكثيرون عزفا مشابها لها في مراحل مشابهة، وتمنى كثيرون ألا يروا المشهد يتكرر او يصدقوا انه يمكن ان يتكرر.قبل دخول النظام البعثي العراقي السابق مرحلة المواجهة المفتوحة مع العالم سمع العرب كلاما كبيرا من نوع ان ابواب جهنم ستفتح على الاميركيين، واختصرت القيادة العراقية الموقف بالنظرية الشهيرة: العراق هو خط الدفاع الاخير عن الامة الساقطة عمليا في المحور الاميركي الغربي (من دون توفير سورية طبعا) وصدام هو العراق,,, اذن صدام هو الامة وكل ما يقوله ايمان وما يقوله غيره كفر, كان اعلام محمد سعيد الصحاف يحرض ويشتم ويعبىء فيما كان الوسطاء العراقيون والعرب والاجانب يعملون ليل نهار مع الاميركيين لبيع كل المواقف والمرافق السياسية بما فيها الحزب، والاقتصادية بما فيها النفط، لشراء سلامة النظام.عاش العرب والعالم اجواء هستيريا تعبوية واعلامية وحزبية فيما كانت القيادة العراقية عمليا تطرق كل الابواب لسلامة الشعار: «النظام اولا»، بما في ذلك تسليم كل الاوراق الممكنة من عقد اجتماعات سرية مع الاسرائيليين وابداء كل استعداد لعقد سلام بين بغداد وتل ابيب (قادها طارق عزيز ونزار حمدون),,, الى «انتحار» ابو نضال، لكن فرص التسويات كانت انعدمت لغياب السياسة وحضور الشعار، فكان ما كان واعتقل من اعتقل وهرب من هرب وقتل من قتل واستجدى «الكذبة العربية الكبرى» محمد سعيد الصحاف «العلوج» المحتلين لتأمين خروجه الى الامارات وضمان حمايته وسلامته الشخصية في الجو بعدما تسبب (هو وغيره) في خطابه الهستيري في مقتل آلاف العراقيين على الارض.«من المستفيد من قتل الحريري؟» يتساءل رئيس تحرير «الثورة» السورية فائز الصائغ ويجيب: «هل لنا ان نربط بين من استفاد من ورثة الحريري وبين من استفاد اقليميا وفي المقدمة اسرائيل؟»,,, مقال في مقامه الصحيح، فالصايغ لو لم يقرأ سوى «المستقبل» و«يديعوت احرونوت» لادرك ان كل صحف العالم تساءلت ما اذا كان غازي كنعان انتحر ام قتل، ولو دقق قليلا في ما طلب منه ان يكتبه (كون رئيس التقرير في الاعلام الموجه لا يختلف كثيرا عن رئيس التحرير) لادرك ان سعد الحريري لم يصافح الرئيس الاسرائيلي مرتين ولم يعلن في وسائل اعلام اميركية انه يريد السلام مع اسرائيل بغض النظر عما انتهت اليه المفاوضات السابقة.مقال في مقامه الصحيح، ففي المقام ذاته اقفلت سورية الحدود «التجارية» مع لبنان عقابا على مطالبة جميع اللبنانيين بمعرفة الحقيقة في اغتيال الحريري، وفتحتها للمسلحين الفلسطينيين على اساس انهم ورقة في الهجوم المضاد، كذلك اغلقت اعلامها عن مواكبة الجريمة المروعة وفتحته لكل تعبئة تحريضية بين الشعبين موظفة كل العناصر السياسية والاقتصادية وحتى الفنية لخدمة هذا الهدف، وبعد تحقيقات ميليس في دمشق عاش المشهد السوري خطابين الاول يقود يوميا هجوما مضادا استنادا الى «نتيجة فورية» للتحقيق مفادها عدم وجود اي شبهة، مترافقا مع تهديدات بفتح ابواب جهنم اذا فتحت المواجهة مع الاميركيين, والثاني يقود يوميا حملة وساطات عربية ودولية واميركية للخروج من الازمة، بلغت اوجها في حديث الرئيس بشار الاسد الى «سي ان ان» الذي اعلن فيه استعداده لتسليم اي متورط الى محكمة دولية او محلية وكشف فيه ان سورية سلمت اخ صدام الى الاميركيين في اطار التعاون عراقيا وانها مستعدة للسلام مع اسرائيل لكن اسرائيل غير مستعدة له,,, في الوقت الذي «انتحر» غازي كنعان وانتهى التحقيق الذي استمر دقائق الى انه انتحر، و«اكتشف» وزير الخارجية فاروق الشرع ان وسائل اعلام لبنانية وراء «اغتيال» كنعان (وهو الذي كان اكتشف ان القرار الدولي 1559 سخيف ولا يعني سورية وكأنه لم يكن)، وقبل ان يجف تصريحه «اكتشف» رئيس تحرير «الثورة» ان ورثة الحريري واسرائيل استفادا من اغتياله، وغدا سنقرأ في الصحف الرسمية السورية من يطالب ربما سعد الحريري بالاعتذار لسورية لانه طالب بكشف المتورطين في اغتيال والده ولم يعتبر جريمة تفجير موكبه «انتحارا» ومن يطالب وليد جنبلاط باعتذار لانه سامح ولم ينس من قتل والده، فالارتقاء «الى مستوى المسؤولية القومية» يقتضي التجرد من الامور الوطنية والانسانية والشخصية والعاطفية واقتداء ردود الفعل بنظيرتها في سورية حيث «انتحر» رئيس وزراء (محمود الزعبي) من دون اي تأثير على «المسيرة القومية ومشروع التصدي والمواجهة» وكذلك فعل وزير للداخلية.كل شيء ممكن في زمن الهلوسة والهذيان والهستيريا، هلوسة «ثورة» حتى السقوط، ومع ذلك لا نريد ان نصدق ان المشاهد البعثية تتكرر وان الشعار يغلب السياسة والمنطق، فسورية عمق لبنان وما يصيبها يصيبه، والسوريون أهل واشقاء، شاء «طارق عزيزهم» أم أبى، هلوس «صحافهم» أم اهتدى، فتح رئيس وزرائهم ابواب جهنم لـ «العلوج» أم اقفلها «تكتيكيا» لمصلحة الحوار والتعاون,,, والصفقات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق