الجمعة، أكتوبر 07، 2005

وزير الإعلام السوري و رؤيته السياسية

في لقاء أجراه في دمشق محمود عبد الوهاب مع معالي وزير الإعلام السوري الدكتور مهدي دخل الله و نشر في العدد 43403 في 6\10\2005 اعتبر الوزير عوائق التحول الديمقراطي في سورية عائدة إلى توتر في المنطقة و تصاعده بالحرب على العراق إلى جانب التوتر المزمن المتمثل بالصراع العربي الإسرائيلي و لم يشر سيادته إلى أي من المعوقات الداخلية و المتمثلة أساسا ً في دستور يجعل حكم الحزب الواحد أساسا ً و منطلقا ً للدولة السورية بل أكد سيادته على اعتبار حزب البعث صاحب الأغلبية و خفي عليه التساؤل عن أية أغلبية يتكلم في ظل جو سياسي ساد منذ ما يقرب من أربعين عاما ً غابت فيه الحريات و ملأه الخوف و الرعب الأمني و كم الأفواه و الاعتقال لمجرد الشبهة بدون تحقيق تحت لائحة كبيرة من قوانين و محاكم استثنائية لا تخضع لا لدستور و لا لقضاء.
عن رؤية سورية السياسية لحملة الضغوط عليها و أسبابها و كيفية التعامل معها أجاب السيد الأستاذ الدكتور وزير الإعلام كما يلي " ملاحظة: الحوار جرى مع جريدة الأهرام المصرية الناطقة باللغة العربية و سيادة معاليه أجاب أيضا ً بالعربية أي أنه لم يطرأ أي تحريف أو تغيير في الصياغة للإجابة الجامعة المانعة الشاملة الكاملة " و هاكم نص الجواب:
_ سورية مع جميع دول الخليج ممتازة و كذلك مع دول المغرب العربي و ليبيا و السودان .. ؟!
_ علاقاتنا العربية من أفضل ما يمكن
_ و لم تنقطع علاقاتنا مع الإخوة الفلسطينيين فالقضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية
_ هناك تأكيد دائم على أهمية دور سورية في التضامن العربي
_ سورية لا تدافع عن مصالحها الفريدة الضيقة بل عن مواقف قومية مشتركة " ملاحظة: ربما كان هناك خطأ في الترجمة و المقصود الفردية " ا.ه

هذه رؤية سورية السياسية الراهنة في ظل الضغوط, و مع احترامي الشديد يا معالي الوزير فإن مدرسا ً لمادة القومية كان سيجيب بكلام ذو معنى أكثر من كلامك و بعبارات ربما تكون أكثر عصرنة و حداثة. فمنذ أكثر من أربعين عاما ً كان شعار فلسطين قضية العرب المركزية يتردد و لم يجن منه الفلسطينيون سوى الضياع و تأخير الحل و تشتيت الرأي و لعل الوضع في غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي يشير إلى بعض من هذا التشتت و الضياع و لعل وضع المخيمات و المنظمات الفلسطينية في لبنان و الحالة المتأزمة التي تعاني منها الفصائل الموالية للموقف القومي السوري تشير إلى بعض آخر من ذلك التفتت و الانشقاق.

المواقف القومية المشتركة:
بعد ثلاثين عاما ً من الموقف السوري في لبنان اضطر اللبنانيون للجوء إلى الشرعية الدولية من أجل نبذ هذا " الموقف القومي " و التمتع بالاستقلال الوطني الحقيقي.
منذ ما يقرب من خمسين عاما ً أي منذ الوحدة بين سورية و مصر والخطاب القومي يعلو على الخطاب الوطني و الهم القومي يأكل الهم الوطني و الموقف القومي يذبح المواطن و تحل كل مشاكل الأمة على حساب أبناء سورية و شعب سورية الذي يأتي ثانيا ً قي الاهتمام و ربما لا يأتي أبدا ً فالمشاكل القومية كالصراع مع إسرائيل و الوحدة العربية و التحرير و العدالة الاشتراكية المزعومة ما زالت على حالها بل تزداد سوءا ً يوما ً بعد يوم. و ها هو أهم بلد عربي كان يربأ بنفسه عن هموم الوطن لانشغاله بالهم القومي حتى اضطر إلى احتلال وطن عربي آخر ينام اليوم تحت سلطة تحالف أجنبي يبدو أنه لن يزول قبل عقد من الزمن أتعرف لماذا يا سيدي الوزير؟ لأن عراق صدام كان لا يدافع عن مصالح شعبه و بلده الفريدة " الفردية " بل عن مواقف قومية مشتركة كما قلت أنت بالضبط, يا سيدي الوزير لن تحققوا شيئا ً من تلكم المواقف " التي يجب مراجعتها و تقويمها " إلا إذا انطلقتم من مصلحة سورية الوطن و مصلحة سورية الشعب أولا ً. و ليعذرني معاليه لأنني لم أفهم معنى سورية ممتازة مع جميع دول الخليج ربما لم تسعفه الآلة الإعلامية الضخمة في إيجاد عبارة دبلوماسية أو سياسية أو ثقافية أوضح تنم عن فهم معرفي أو بنيوي.

يقول سيادته: لم أعد أستغرب أن هناك بعض الأشخاص مستعدين لاتهام سورية بإعصار تسونامي و كاترينا و ربما اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي بل ربما الكسوف الحلقي الذي حدث للشمس منذ أيام " ا.ه

كررت قراءة كلام معالي الوزير للتأكد من صحة فهمي لعباراته فلم أتوصل إلى تحديد المقصود و قلت ربما كانت مزحة على طريقة السياسيين في سرد النكت لتخفيف الدم و ربما كانت تلميحا ً لفئة سياسية تحت الأرض أو في المريخ لم تختلف معها سورية.
يا معالي السيد الوزير تسونامي ليس إعصارا ً على الإطلاق بل هو: " عبارة عن سلسلة من أمواج البحر السريعة و القوية التي تنتج عن الزلازل أو ثورات البراكين أو سقوط الشهب من الفضاء الخارجي في البحار و المحيطات " و الإعصار يا وزير الإعلام " الإعلام يشمل كل ما هو مقروء و مكتوب و مسموع و مبثوث و مدسوس " كما في كتاب الصف الأول الثانوي: " نتيجة لانخفاض كبير جدا ً في الضغط الجوي ينتج عنه اضطراب في النظام العام " فكما ترى يا منبع المعلومات و مصدرها كما هو مفروض لا يحق لطالب أول ثانوي أن يخلط بين المياه و الرياح كما فعلت.
هنا أتساءل هل الاضطراب في المعلومات فقط أم في الرؤية السياسية أم في المواقف و تحليلها؟ ربما كان في الثلاثة معا ً و الله أعلم.

المستقلون أم المستغلون ؟! :
يقول سيادته: " وفي الانتخابات النيابية التي جرت منذ ثلاث سنوات حصل البعثيون علي واحد وخمسين ونصف بالمئة من المقاعد بينما حصلت الأحزاب المؤتلفة مع حزب البعث علي أربعة عشر بالمئة وحصلت مجموعات المصالح التي نسميها المستغلون علي خمسة وثلاثون بالمئة‏.‏ فليس هناك مصطلح سياسي اسمه المستقلون هناك مجموعات مصالح‏" ا.ه

يا معالي الوزير 35% من أعضاء من المستغلين _بـ الغين_
في نظركم و رؤيتكم السياسية العبقرية لا يوجد مستقلون _بـ القاف_ هل هي نظرية فريدة و رؤية أبدعتها مسيرة التطوير و التحديث أم أنه اجتهاد شخصي منك فكما نعلم ليس هناك اجتهاد شخصي في ظل النظام الشمولي. و لا يحق لك أن تأتي بنظرية جديدة و فريدة تنفي فيها وجود جمعيات و هيئات و شخصيات اعتبارية و قادة تاريخيين لمجموعات وطنية لا تنتمي إلى الأحزاب خاصة في بلد مثل سورية حيث تم تجميد الحراك السياسي لكافة أبناء الشعب و حصر في حزب البعث و حلفائه و مواليه و أعوانه من قائمة الجبهة الوطنية التقدمية المؤتلفة معه.
مستغلون يا سيادة الوزير! و مجموعات مصالح! بالرغم من أن مجلس الشعب السوري وفق الدستور لا يملك من الصلاحيات إلا القليل القليل و هو الحلقة الأضعف من بين السلطات الثلاث إلا أن هؤلاء المستغلين يبلغ عددهم ثلاثة و ثمانون عضوا ً كتب إلى جانب كل واحد منهم بسبب عدم انتمائه لأي حزب صفة مستقل _بـ القاف_ فيا سيدي الوزير أليس معيبا ً أن تحكم على ثلاثة و ثمانين شخصية اعتبارية أعضاء في مجلس الشعب السوري الذي يعبر عن السلطة التشريعية بصفة الاستغلال. اسمح لي أن أعترض على رؤيتك السياسية و مفاهيمك الخاصة فلا يجدر بك الحكم بالجملة بالاستغلال على 35% من ممثلي الشعب السوري وفقا ً لقوانين و دستور الجمهورية العربية السورية و لو كان الكلام جاء من الأعداء أو من المعارضة لكان فيه فساد و ظلم كبير فكيف نصفه و قد صدر من رأس الهرم لوزارة تعد من أهم الوزارات و كانت الحكومة السورية دائما ً حريصة ً على أن يتولاها موالون و متوافقون مع النظام على طول الخط.

في مقابلة سابقة مع نفس الوزير مع نفس الصحيفة في تاريخ 18\11\2004 قال فيها: " في الحقيقة لا توجد في سورية رقابة مسبقة على المطبوعات و الصحفي حر فيما يكتبه و هناك الآن نصوص نقدية في الصحف السورية و هناك صحفيون ينتفدون كل شيء بما فيه النظام السياسي و لا أحدا ً يعاقب منهم على ما كتبه "ا.ه ؟!

و لا عزاء لمعتقلي الرأي الذين عوقبوا على آراءهم قبل ذلك التاريخ و بعده و إلى الآن.

يفترض أن وزير الإعلام الذي ينتمي إلى السلطة التنفيذية أن يكون تحت سقف المحاسبة و المساءلة من قبل أعضاء مجلس الشعب الذين يشكلون السلطة التشريعية التي لها حق المراقبة و التدقيق.
http://www.ahram.org.eg/archive/Index.asp?CurFN=fron9.htm&DID=8631

ليست هناك تعليقات: