الجمعة، نوفمبر 25، 2005

جمهورية الفلوجة..مآس "انسانية" لأضخم هجوم عسكري بعد سقوط بغداد

لقاءات حية انفردت بها قناة "العربية" مع مسلحين عرب
العربية.نت
عرضت قناة "العربية" الخميس 24 - 11- 2005 الساعة "7 مساء بتوقيت جرينتش العاشرة بتوقيت السعودية" الفيلم الوثائقي "جمهورية الفلوجة" الذي يقدم وقائع حية ومصورة وساخنة انفرد بها موفد قناة "العربية" وائل عصام خلال المعركة الاولى في ابريل/نيسان 2004 والمعركة الثانية في نوفمبر/تشرين ثان 2004 التي اعتبرت اضخم عمل عسكري في العراق بعد سقوط بغداد. تتميز المادة المصورة لهذا العمل الوثائقي بانها صورت اثناء تغطية ميدانية للاحداث خلال المعركة الاولى والمعركة الثانية لذلك فاغلب المشاهد خاصة بكاميرا قناة "العربية" والكثير من هذه المشاهد التقطت في مواقع لم تتمكن من دخولها اي وسيلة اعلام محلية او عالمية. اهم محاور المعركة الأولى التي تضمنها الفيلم انتماءات المسلحين داخل المدينة بين النظام السابق والمؤسسات العشائرية الدينية باعتبار الفلوجة مركزا سنيا يضم التيارات السلفية والصوفية والاخوان المسلمين.
ويعرض الفيلم الذي قام بتصويره واخراجه وائل عصام إلى الفلوجة أثناء المعركتين، لقاءات خاصة مع المسلحين ومع احد القيادات الدينية في المدينة، ومشاهد خاصة وحصرية لضحايا العمليات العسكرية في المعركة الاولى لم تعرض من قبل , ومشاهد لعمليات الانقاذ اثناء حدوثها والاسعافات الاولية، ولانتشال الجثث من تحت الانقاض بعد انتهاء العمليات العسكرية.
ويتضمن فيلم "جمهورية الفلوجة" شرحا من احد المنقذين في الهلال الاحمر عن المشاهد التي ساهم هو في تصويرها اثناء عمليات الانقاذ مثل لقطة تظهر فتاة تجرى لها عملية تنفس صناعي فور وصولها الى المستشفى، وكذلك شرح من مدير مستشفى الفلوجة عن طبيعة المصاعب الطبية التي واجهتهم اثناء العمل ومنها على سبيل المثال اضطرارهم لبتر الاطراف من دون تخدير المرضى
في الفيلم مشاهد تصف بعض القصص الانسانية ومعاناة العائلات المحاصرة داخل الاحياء الفقيرة والتي ظلت في المدينة ولم تستطع مغادرتها، وتسجيل خاص وحصري للمفاوضات التي دارت بين وفد الفلوجة وبين الوفد الممثل لمجلس الحكم الانتقالي، ومشاهد خاصة للجثث التي تعرضت للتحلل بعد استخدام اسلحة قيل انها محرمة دوليا خاصة في المعركة الثانية.
ومن محاور معركة الفلوجة الثانية صور خاصة وحصرية للدمار الذي حل بأبنية مدينة الفلوجة خاصة في المناطق الجنوبية حيث كانت المعارك محتدمة، ومشاهد لعمليات المداهمات التي نفذتها القوات الامريكية وقوات الحرس الوطني داخل الاحياء الجنوبية بعد انتهاء المعارك الرئيسية وكيفية حدوث بعض الانفجارات العرضية للقنابل المزروعة في البيوت.
ومشاهد تبين بعض الممارسات غير القانونية التي ارتكبتها قوات الحرس الوطني داخل الفلوجة من بينها لقطة لجندي عراقي يسرق خاتما مرصعا بالاحجار الكريمة من احد بيوت الفلوجة.
في الفيلم أيضا صور تظهر من خلال قصة متكاملة كيفية احتجاز الجنود العراقيين لبعض الأسر الباقية في الفلوجة كرهائن ومشادات كلامية تحصل بين المواطنين والجنود العراقيين، وصور خاصة وحصرية للحديث الذي تم بين وزير الدفاع الامريكي رامسفيلد وقيادة قوات المارينز في الفلوجة، يتحدث فيه الضباط عن استمرار العمليات الهجومية ضد جنودهم حتى بعد اتمام السيطرة على المدينة، وهناك حديث مفصل يروي كيف كان المسلحون يخدعون القوات الامريكية باخفاء قنابل في اجسادهم والتظاهر بالاستسلام ومن ثم يفجروا انفسهم فيهم.
ويقدم جمهورية الفلوجة" صورا حصرية لمحاولات بعض المقاتلين العرب والعراقيين الهروب من جنوب المدينة عبر نهر الفرات واطلاق النار عليهم من قبل المارينز، ومقابلات خاصة وحصرية مع أربعة مقاتلين عرب نجحوا في الفرار من المدينة ليتحدثوا لاول مرة امام كاميرا لقناة تلفزيونية عن الكثير من التفاصيل.
صور خاصة للمعاناة الانسانية للعائلات التي ظلت داخل المدينة اثناء العمليات في المعركة الثانية، مثل القصة المثيرة جدا لعائلة الحاج محمود التي تصور بيته وعائلته في المعركة الاولى ثم تصور ما حل ببيته من تدمير وبعائلته من معاناة ومقتل احد ابنائه في المعركة الثانية.

صور حية للمسلحين في حي الجولان
وفي حديث لـ "العربية.نت" يقول المخرج وائل عصام إن هذا الفيلم تغطية صحفية تنقل من أرض الواقع مشاهد للأحداث في الفلوجة ما بين المعركة الأولى في ابريل/نيسان 2004 والمعركة الثانية في نوفمبر/تشرين ثان 2004.
هذه المدينة شهدت كما هو معروف مقاومة شرسة، وظلت منطقة منعزلة عن باقي العراق لا تستطيع القوات الأمريكية دخولها طيلة الفترة بين المعركتين.
في هذه الفترة كان أهل الفلوجة هم الذين يحكمونها وكان هناك ما يسمى "مجلس شورى المجاهدين". لذلك اخترت اسم الفيلم الوثائقي "جمهورية الفلوجة" على أساس أنها كانت بمثابة الدولة داخل الدولة، لها قوات خاصة بها ولا يدخلها أي أمريكي أو أي من الحرس الوطني التابع للحكومة العراقية.
ويوضح عصام أنه غطى معركة الفلوجة الأولى في فتراتها الأخيرة، وكان ذلك من خلال مواقع المسلحين في حي الجولان.. "عشت معهم فترات طويلة، وكانت هذه المنطقة عمليا عبارة عن معسكر لأهالي المدينة يضم المقاتلين وغير المقاتلين، ونحن كنا معهم كصحفيين".
ويشير المخرج وائل عصام إلى أن الاعداد لهذا الفيلم وتجميع مادته الوثائقية من العراق كان سبب اعتقاله هناك قبل سبعة أشهر لمدة أسبوعين، واتهم وقتئذ بحيازة أشرطة وأقراص مدمجة "سي دي" تحرض على العنف، وبعد ذلك قامت هيئة اعلامية عراقية بفحص هذه المواد ولم تجد فيها ذلك وبالتالي تم الافراج عنه.
لم يعيدوا له هذه الأشرطة والأقراص، لكن المواد الهامة التي اعتمد عليها في هذا الفيلم لم تكن ضمنها واستطاع ان يصل بها إلى دبي.
ويقول عصام: مادة الفيلم تقدم مشاهدات يومية مصورة وطبيعية من المواقع الساخنة في الفلوجة أثناء المعركتين وطوال الفترة الفاصلة بينهما، ومن أهم محاوره لقاءات مع بعض المسلحين يتحدثون فيها عن انتماءاتهم الفكرية والعقائدية، ومن بينهم منتسبون للحرس الجمهوري السابق في عهد صدام حسين. وهناك لقطات مصورة لعمليات عسكرية قمت بتصويرها بنفسي، ولقطات عسكرية مصورة بواسطة المسلحين أنفسهم لم تعرض من قبل.

لقاءات مع مسلحين عرب أثناء هروبهم
ويشير وائل عصام إلى أن هناك لقاءات خاصة أيضا مع بعض المسلحين العرب أثناء هروبهم في المعركة الثانية، من جنوب الفلوجة عبر نهر الفرات إلى الضفة الأخرى بمساعدة أهالي المدينة وشيوخ الجوامع وقد كنت في هذه المنطقة في تلك الفترة، وفي هذه الجزئية لقطات تظهر الصواريخ التي تطلقها عليهم القوات الأمريكية أثناء هروبهم.
تضم تلك اللقاءات لقاء مع سوريين وآخر سعودي يظهرون ملثمين، وقد كتبت عنها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية باعتبارها أول لقاءات مباشرة تتم مع مسلحين عرب في العراق.
ويصف وائل عصام الظروف التي أجرى وصور فيها اللقاءات مع المقاتلين العرب بقوله "كانت ظروف صعبة جدا. جلست معهم في بيت بمنطقة معارك أثناء استعدادهم للهرب، وفي ظل هذه الظروف يمكن قصف ذلك البيت من الجو في أي وقت".
لقطة مثيرة لحوار رامسفيلد مع جنودهومثلما ظهر وائل عصام في أجزاء من الفيلم مع المسلحين يحاورهم، نراه يظهر كذلك مع رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي أثناء زيارته لقواته في الفلوجة، وهنا يعرض لأول مرة حوارا دار بين رامسفيلد والمارينز في الأيام الأخيرة للمعارك، يخبرونه عن جيوب المقاومة الباقية، وكيف ان الانتحاريين يتظاهرون بالاستسلام للقوات الأمريكية ثم يفجرون أنفسهم، أو يتظاهر الواحد منهم بالموت وعندما يأتي الجنود الأمريكيون ليرفعوا جثته يفاجئون به يفجر نفسه فيهم.
و يعرض في الفيلم أيضا لقطة لضابط أمريكي يقول لرامسفيلد "في المناطق الجنوبية من الفلوجة واجهنا أشد مقاومة من المسلحين حيث كان هناك منهم السوريون والمصريون والأردنيون".
ويوضح عصام أنه دخل مع القوات الأمريكية في المناطق الجنوبية التي شهدت أعنف المعارك نظرا لأن المسلحين كانوا يتحصنون بها، ورآها سويت تفريبا بالأرض، حيث تم تدمير 12 ألف بيت ما بين تدميرا كاملا وجزئيا.. وهذه الصور تعرض لأول مرة في الفيلم الوثائقي. في هذه الجزئية أحاديث للأمريكيين يصفون فيها المعارك والأسلحة التي عثروا عليها.

حكاية الحاج محمود وعائلته
ويتناول وائل عصام قصة انسانية مثيرة وهي قصة عائلة الحاج محمود التي زارها في بيتها في المعركة الأولى حيث كانت تعيش حياة طبيعية وتعد الطعام لمن لم يستطع من أهل الفلوجة الخروج منها وقد دمرت بيوتهم وأصبحوا بلا مأوى. وفي المعركة الثانية دخل مع الهلال الأحمر وبدأ رحلة البحث عن هذه العائلة وعثر عليها في بيت مؤقت ومتضرر أيضا من القصف، انتقلت اليه بعد ان احترق بيتها.
ويقول عصام إنه ذهب الى هذا البيت المحترق وصور نفس الأماكن التي زارها من قبل، ومنها المطبخ.. ويعرض حديثا مع ابن الحاج محمود خلال المعركة الأولى، خاصة أنه اكتشف عندما عثر على العائلة في المعركة الثانية أنه قتل ويصور أمه وهي تبكيه.
كذلك هناك لقطة شهيرة كانت وكالات الأنباء العالمية قد تناقلتها للحاج محمود وهو يخرج طفلا من تحت أنقاض بيت شقيقه الحاج حامد الذي تعرض للقصف. كما يقدم الفيلم قصة هذا الشقيق.
ومن واقع تجربته المثيرة يرى وائل عصام أن المبالغة في أعداد المسلحين العرب غير العراقيين في معركتي الفلوجة غير صحيحة وإن كانت أعدادهم في المعركة الثانية اكثر من الأولى، وقد لا يزيد عددهم عن 2 أو 3% من نسبة المسلحين الذين كان معظمهم من أبناء الفلوجة، وبعضهم اكتسب خبرته القتالية من خلال عملهم الطويل السابق في جيش صدام حسين، ويظهر في الفيلم القائد الأمريكي جون أبي زيد يحدد نسبتهم بـ5%.
تركيبة الفلوجة وتياراتها أثناء الحربويضيف أن الفلوجة كمعقل سني كبير كانت تجتمع بها تيارات دينية رئيسية، اولهم تيار سلفي متشدد قوي جدا وله شعبية بين سكان المدينة، ومن هذا التيار قائد القاعدة في المدينة عمر حديد من عشيرة المحامدة العراقية وتظهر صورته في الفيلم، وكان قد التقى به في المعركة الأولى بشكل سريع.
وأيضا تيار صوفي قوي جدا ينتمي له رئيس مجلس شورى المجاهدين في الفلوجة عبدالله الجنابي الذي أجرى معه وائل عصام لقاء في الفيلم، وهناك ايضا تيار يراه غير مؤثر مثل التيارين السابقين ينتمي إلى الاخوان المسلمين.
ورغم ما يمكن أن نتوقعه من تعارض فكري بين هذه التيارات إلا أن وائل عصام يشير إلى أنه كان هناك توائم بينهم في المعركتين لدرجة أن رئيس مجلس شورى المجاهدين من الصوفيين وهو الجنابي، مع ان تنظيم القاعدة معروف بسلفيته المتشددة.

لقطة مثيرة وحصرية لمفاوضات الفلوجة
من اللقطات المثيرة جدا في الفيلم والتي تعرض لأول مرة وهي خاصة جدا، جلسة المفاوضات السرية التي جرت بين وفد الفلوجة الذي كان يضم عبدالله الجنابي وظافر العبيد ووفد مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذي كان يرأسه فيصل الياور شقيق نائب رئيس الجمهورية الحالي غازي عجيل الياور.
ويقول وائل عصام إنها كانت مفاوضات ساخنة، يظهر فيها وفد الفلوجة وهو يتكلم بأسلوب قوي وعنيف ويهدد بأنه سيتم نحر أي جنود أمريكيين يدخلون المدينة. كما يظهر العبيدي وهو ينتقد مشاركة قوات البشمركة في القتال إلى جانب القوات الأمريكية.
ومن الانتهاكات التي يوردها الفيلم صورة جندي عراقي يسرق خاتما ثمينا من خزانة أحد البيوت بعد مداهمتها. اما كيف لم ينتبه الجندي لتصويره فيفسر عصام ذلك بأنه استعان بآخر اعطاه كاميرا ديجتال لكي يأخذ بعض اللقطات، مشيرا إلى أنه – وائل عصام – صور بنفسه 90% من لقطات هذا الفيلم.
هذا المصور الآخر وهو غير محترف كان دائما مع قوات الحرس الوطني العراقي أثناء مداهماتها، ويبدو أن الجندي أثناء تفتيشه لتلك الغرفة المظلمة لم ينتبه لكاميرته.

ليست هناك تعليقات: