السبت، نوفمبر 19، 2005

فرقاء العراق يلتقون وجها وجه للمرة الأولى بالقاهرة منذ سقوط صدام

سقف التوقعات منخفض.. وشروط شيعية للحوار مع "المقاومة"
العربية. نت
للمرة الاولى منذ سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين يلتقي ممثلو القوى السياسية العراقية المتناحرة السبت 19-11-2005م في مقر الجامعة العربية لاجراء حوار غير مسبوق يستهدف اساسا انهاء تهميش السنة ومحاصرة العنف في العراق التي قتل فيها يوم أمس الجمعة أكثر من 80 شخصا في هجومين على مسجدين شيعيين.
وتلتقي قرابة ستين شخصية عراقية تمثل كل القوى السياسية في هذا البلد, بما في ذلك بعثيون سابقون, في الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي يعقد لمدة ثلاثة ايام تحت رعاية الجامعة العربية.
وبدا ممثلو هذه القوى في التوافد اليوم الجمعة على القاهرة حيث وصل خصوصا رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري (شيعي) ووزير الخارجية هوشيار زيباري (كردي) ونائب الرئيس العراقي غازي الياور ورئيس هيئة علماء المسلمين حارث الضاري والامين العام للحزب الاسلامي طارق الهاشمي (والثلاثة من ممثلي السنة).
واذا كان السنة ممثلين على مستوى رفيع في اجتماع القاهرة فان المشاركة الشيعية ستكون على العكس على مستوى ادنى اذ يغيب عنه زعيما الحركتين الشيعيتين الرئيسيتين في العراق وهما رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم والزعيم الراديكالي مقتدى الصدر. وسيمثل وفد برئاسة همام حمودي المجلس الاعلى واخر بقيادة وزير النقل سلام المالكي حركة الصدر.
ووصل كذلك الي القاهرة وزير الخارجية الايراني منهوشهر متقي لحضور الاجتماع الذي دعي للمشاركة في جلسته الافتتاحية ايضا ممثلون لتركيا وللامم المتحدة وللدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن. كما يحضر الجلسة الافتتاحية للاجتماع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ونظيره المصري حسني مبارك والعراقي جلال طالباني.
ويشارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول العربية الثماني الاعضاء في لجنة متابعة الوضع العراقي (الكويت والسعودية والبحرين والعراق وسوريا والاردن والجزائر ومصر) الذين يعقدون مساء اليوم الجمعة لقاء تشاوريا.
وحرص الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى على خفض سقف التوقعات الخميس ادراكا منه لحجم الخلافات التي يتعين على المجتمعين التغلب عليها. وقال ان هذا الاجتماع "هو خطوة اولى في مسيرة طويلة لتحقيق الوفاق الوطني العراقي و(مجرد) بداية لحوار عراقي عراقي".
واضاف "ارجو الا نبدأ بتوقعات عالية ومبالغ فيها". لكنه تابع "نحن مطمئنون الى ان هذه الخطوة والحوار وحضور القوى العراقية هي بحد ذاتها مؤشر ايجابي على احتمالات نجاح هذا المؤتمر".
واعرب نائب الرئيس العراقي غازي الياور عن حذر مماثل. وقال لدي وصوله الى العاصمة المصرية "لا نتوقع معجزات في ثلاثة ايام لكننا متفائلون خيرا باهل العراق فالحل سيكون اولا واخيرا عراقيا". ودعا الى "وقفة شجاعة" لكل العراقيين.
وقد رفض موسى الافصاح عن مشروع جدول الاعمال الذي اعدته الجامعة العربية مؤكدا انه "سيعرض على المؤتمرين للاستماع الى ما يودون طرحه وليقرروا الموضوعات التي يتفقون على مناقشتها".
الا ان الاجتماع سيتطرق بالضرورة الى عدد من القضايا الخلافية الاساسية من بينها التعديلات التي يطالب السنة بادخالها على الدستور العراقي لضمان عدم تهميشهم وعدم تقسيم العراق فضلا عن مسألتي انسحاب القوات الاجنبية من العراق ووقف العنف والقاء السلاح. كما ستبحث مسألة اصلاح الاجهزة الامنية التي طرحت نفسها بقوة بعد كشف معلومات عن تعذيب معتقلين سنة في ملجأ الجادرية.
وتتبنى هيئة علماء المسلمين التي تتمتع بنفوذ كبير في مناطق المتمردين السنة مطلب اعادة هيكلة الاجهزة الامنية التي حذرت الولايات المتحدة امس الخميس من "سيطرة ميليشيات او مصالح الفئوية" عليها وعلى "الوزارات او المؤسسات" في العراق. ويتضمن هذا التحذير تلميحا الى معلومات افادت ان مسلحين شيعة من فيلق بدر سابقا وعناصر ايرانيين اخترقوا اجهزة الامن العراقية.
وكانت مسالة انسحاب القوات الاجنبية وجدولته من العراق احدى اهم القضايا الخلافية التي اثارها ممثلو القوى العراقية مع الامين العام للجامعة العربية خلال زيارته للعراق في اكتوبر/ تشرين الاول الماضي. لكن هذه القضية قد تتراجع الان بعد اعلان بربطانيا عزمها على سحب قواتها من العراق العام المقبل والضغوط المتزايدة التي يتعرض لها الرئيس الاميركي جورج بوش من اجل سحب قواته من هذا البلد.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية الاربعاء ان القوات البريطانية قد تبدأ بالانسحاب من العراق في ايار/مايو المقبل واكدت ان "الحكومة البريطانية مصرة على عدم الانسحاب بدون الولايات المتحدة".

شروط لمشاركة "المقاومة"
وقد اكد ممثلون للمجموعات الشيعية العراقية ممن يشاركون في الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق العراقي انهم لا يعترضون على مشاركة شخصيات تنتمي الى "المقاومة ضد الاحتلال" لكنهم يرفضون حضور "ارهابيين يقتلون العراقيين".
وقال وزير النقل سلام المالكي لدى وصوله الى القاهرة الجمعة على راس وفد يمثل حركة الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر "اذا كانت المقاومة شريفة تواجه الاحتلال فقط فان الباب مفتوح امامها للمشاركة ودعم العمل لتحقيق التوافق". واضاف "لكن هناك خطوطا حمراء بالنسبة للجماعات التكفيرية وكل من ساهم في قتل
العراقيين ليس له بيننا مكان".
وصرح امين عام منظمة بدر (الجناح المسلح السابق للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق) هادي العمري "يجب تحديد الفرق بين الارهاب والمقاومة التي توجه ضد الاحتلال". واضاف "نحن ندين العمليات الارهابية الموجهة ضد الشعب العراقي اما المقاومة ضد الاحتلال فلا نعترض عليها سواء كانت سياسية او مسلحة".

توقع انفراجات محدودة في المؤتمر
ورغم أن الساسة العراقيون يجتمعون بعد عامين ونصف من اراقة الدماء في مسعى للمصالحة الوطنية إلا أنه يتوقع ان لا يسفر المؤتمر ايام سوى عن انفراجات محدودة. وقد يتطلب الامر من عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية الذي نجح في اقناع القادة العراقيين المتناحرين بالاجتماع في العاصمة المصرية اكثر من مجرد الحديث من اجل تبديد مخاوف متنامية من نشوب حرب طائفية في البلاد.
وقال عماد علي احد الشخصيات السنية التي ستحضر المؤتمر من بين اكثر من خمسين شخصية سياسية عراقية ان القضية العراقية معقدة للغاية وهي تحتاج الى مؤتمرات عديدة وان هؤلاء الذين سيذهبون الى القاهرة عليهم فتح قلوبهم والاصغاء الى بعضهم البعض.
وكانت فضيحة اكتشاف قبو تابع لوزارة الداخلية العراقية عثرت عليه القوات الامريكية يوم الاحد الماضي وكان يضم اكثر من 170 سجينا تبين انهم تعرضوا لسوء المعاملة والضرب بقسوة قد اججت الغضب الطائفي قبل شهر واحد من اجراء الانتخابات.
ويخشى ان تلقي الفضيحة التي تعزز اتهامات العرب السنة المتزايدة ضد وزارة الداخلية العراقية التي يهيمن عليها الشيعة بتعذيب وقتل السنة بظلالها على المحادثات في المؤتمر.
ونفى وزير الداخلية العراقي حدوث اية انتهاكات من جانب اجهزة وزارته سواء كانت عمليات اساءة معاملة او تعذيب. وقالت الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة والتي وعدت بنشر الديمقراطية ومباديء حقوق الانسان في العراق بعد سنوات من دكتاتورية صدام حسين انها ستجري تحقيقا شاملا في القضية.
وفي حين يعتبر مؤتمر القاهرة الى حد بعيد اجتماعا تحضيريا للمؤتمر الموسع الذي سيعقد في بغداد مطلع العام المقبل فان كبار الساسة يحضرون مؤتمر القاهرة الذي يعتبر الاول من نوعه الذي يجمع الحكومة وجماعات المعارضة وجها لوجه.
وتوقع محللون ان يطرح كلا الجانبين مطالب بشأن قضايا مثل انسحاب القوات الامريكية وصدور بيان مشترك يدين الارهاب قبل انتخابات منتصف ديسمبر كانون الاول المقبل.
وقال حبيب جابر وهو محلل سياسي ان المؤتمر يعقد قبل فترة قصيرة من الانتخابات المقبلة وسيشهد مطالب مشددة من قبل الاطراف المشتركة فيه وهو امر لن يكون في صالح المؤتمر. واضاف ان بعض الاطراف ارسلت صقورها الى المؤتمر وهو مايدعو الى الافتراض ان المؤتمر لن يحقق انفراجات مهمة "لكني مازلت متفائلا".
ورغم ان الاقلية السنية تفتقر الى قيادة موحدة فان كثيرين يتفقون على ان العمليات المسلحة ستزداد ما بقيت القوات الامريكية في العراق وهو ما قد يؤدي الى المطالبة بجدول زمني للانسحاب الامريكي.
وعندما يلتقي السياسيون الاكراد والشيعة بمعارضيهم من السنة العرب سيكون السؤال الرئيسي..الى اي مدى يستطيع المؤتمرون السنة التاثير على المتشددين السنة المسلحين.
وقال السياسي الشيعي عباس البياتي ان محادثات القاهرة تأمل في ايجاد رؤية مشتركة يمكن دراستها بشكل معمق في بغداد. واضاف "سنشدد على الديمقراطية" وعلى ان العملية السياسية هي الغطاء الوحيد لكل الاطراف سواء ايدوا النظام الحالي او عارضوه.
ويثير العراق الذي يعتبر الان الدولة العربية الوحيدة التي تقودها حكومة شيعية مخاوف من تزايد نفوذ ايران لدى زعماء العراق الذين عاشوا في المنفى لديها في السابق. وقال احد المسؤولين العراقيين ان من اهداف المؤتمر هو جعل الاقلية السنية التي ستشترك في الانتخابات المقبلة والتي قاطعتها في يناير كانون الثاني الماضي تشعر بالدعم العربي لها.

الحكيم يدعو المجتمعين لإدانة الهجمات ومرتكبيها
وقد دعا عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق اكبر الاحزاب الشيعية أمس الجمعة في بيان المجتمعين في القاهرة الى ادانة"العمليات الاجرامية" ومرتكبيها بعد هجمات انتحارية اودت بحياة اكثر من ثمانين شخص في بغداد وخانقين.
وقال البيان "ندعو المجتمعين في القاهرة والعلماء الاعلام والهيئات والمؤسسات السياسية والدينية والثقافية وغيرهم الى ادانة هذه العمليات الاجرامية ومرتكبيها والوقوف الى جانب الشعب العراقي الشجاع الصابر الذي يستمر في عمليته السياسية من اجل بناء العراق الجديد".
واضاف ان "من يتحمل مسؤولية قتل العراقيين ليس فقط اولئك المجرمين الذين يفجرون انفسهم وسط التجمعات والحسينيات والمساجد بل يتحملها ايضا اولئك الذين يتسترون على جرائم هؤلاء تحت مختلف الذرائع والعناوين"، واشار الى ان "الجرائم الجديدة التي تزامنت مع عقد اجتماع الحوار في القاهرة تؤكد بما لا يقبل الشك ان هذه القوى الارهابية ومن يقف وراءها ويدعمها تحت مختلف العناوين والذرائع لا يريدون اي لون من الوان السلام الاجتماعي, وان مشروعهم الذي يرومون الوصول اليه هو العودة الى النظام الاجرامي السابق".
واكد الحكيم انه يرفض ويدين التعذيب في السجون". وقال "ندعو الى محاسبة كل من يرتكب مثل هذه التجاوزات على حقوق الانسان وتطبيق القانون مثلما ندعو الى محاسبة كل المجرمين الذين يرتكبون المذابح والقتل عبر التفجيرات والمفخخات الطائفية والداعمين لهم والتي راح ضحيتها آلاف العراقيين الابرياء".

ليست هناك تعليقات: