السبت، سبتمبر 02، 2006

تألق برلين الشرقية يحجب غرب المدينة الذي كان نموذجا للرأسمالية


رويترز
بعد مرور أكثر من عقد ونصف العقد على انهيار سور برلين بدأ انقسام جديد بين شرق وغرب المدينة التي كانت على مدى 40 عاما على خط المواجهة في الحرب الباردة.

وفيما تظهر معالم جديدة تخطف الانظار في الجزء الشرقي من العاصمة الالمانية تبدو مناطق كثيرة في الغرب الذي كان نموذجا تفتخر به الرأسمالية كئيبة ومهدمة.

والضربة الاحدث "لغرب المدينة" كما يسميها السكان المحليون جاءت في مايو ايار الماضي عندما افتتحت برلين أكبر محطة للقطارات في أوروبا في منطقة قريبة من الارض العازلة بين شطري المدينة التي كان مقاما عليها سور برلين.

وحرم هذا محطة حديقة الحيوان في برلين التي كانت محطة محورية في غرب المدينة من قطارات المسافات البعيدة التي تمر بها الان في طريقها للمحطة الجديدة المتألقة التي تبعد أربعة كيلومترات.

وقال كلاوس دييتر جروهلر نائب رئيس حي شارلوتنبرج فيلمرسدورف الغربي "لم يعد السياح يأتون الى هنا ومن ثم تعاني المطاعم والفنادق في المنطقة."

وتابع جروهلر قائلا "انها ضربة أخرى. نريد أن نتأكد من أن تحسين الشرق لن يؤدي الى تدمير الغرب."

وقاد جروهلر حملة من أجل توقف القطارات في محطة حديقة الحيوانات.

وقبل أربعة أشهر كان يمر عبر محطة حديقة الحيوانات 120 ألفا من ركاب قطارات الضواحي يوميا. والان المحطة هادئة على نحو مخيف.

ويتجول المشردون ومدمنو المخدرات في المبنى الرئيسي وتفوق أعداد طيور الحمام الهزيلة العدد القليل من الركاب الذين ما زالوا يمرون بالمحطة لركوب القطارات المحلية.

قال هورست فلاتو (58 عاما) صاحب كشك لبيع الفاكهة والعصائر في محطة حديقة الحيوانات "انه لامر سيء... من يوم لاخر يصبح عملي مهجورا." واستغنى عن ثلاثة عمال مع تراجع المبيعات بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المئة. وسيضطر خلال ستة أشهر الى ان يقرر ما اذا كان سينتقل الى مكان اخر.

ولم تكن محطة القطارات وحدها التي تأثرت.

فمقاطع طويلة من شارع كورفورستندام الذي كان من أرقى شوارع برلين الغربية عندما كانت تحتلها قوات أمريكية وبريطانية وفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية تبدو الان مهملة وتنتشر متاجر السلع الرخيصة ولافتات كتب عليها عبارة "للايجار" على امتداد المقاهي والمتاجر.

ومنذ اعادة توحيد شطري ألمانيا في عام 1990 شهدت دار الاوبرا الحديثة في برلين الغربية أوقاتا عصيبة فيما كافحت ضد منافسة ضارية من دور الاوبرا المنافسة في شرق برلين. وتحيط بمستقبلها الشكوك. وأغلقت بالفعل مسارح ودور عرض اخرى.

ويتعارض تراجع غرب المدينة بشكل صارخ مع ما يحدث في قلب المدينة التاريخي في شرقها السابق وهي منطقة كانت أشبه بموقع بناء خلال 15 عاما مضت حيث تدفقت عليها مليارات اليورو من الاموال الاتحادية وأموال الولاية والاموال الخاصة.

وشيدت معالم معمارية من بينها محطة القطارات المكونة من خمسة طوابق من الزجاج والصلب وسينما مستقبلية ومجمع تجاري في بوتسدامر بلاتز التي كانت أرضا خرابا في أيام سور برلين.

ويهجر السياح وسط غرب المدينة ويتوجهون شرقا حيث مبنى البرلمان الذي جرى تجديده بقبته الزجاجية التي صممها المعماري البريطاني نورمان فوستر وبوابة براندنبرج التي جرى تجديدها حديثا.

ويرغب المهنيون الشبان في العيش في أحياء ميتي وبرينتسلاور بيرج التي تفتخر بمنازلها التي جرى تجديدها وحياة الليل الصاخبة.

كما تتطلع الشركات شرقا.

وقال يان هيوبلر من شركة جونز لانج لاسال للاستشارات العقارية في برلين "الشركات تبحث عن مبان في الشرق لان المكاتب هناك جديدة ورحبة وأيضا كي تكون قريبة من مقار الحكومة.. فجماعات الضغط وشركات العلاقات العامة تحتاج الى ذلك."

وتعترف حكومة برلين التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الشيوعي السابق بأن غرب المدينة يحتاج الى خطة للاستثمار.

وقد تساعد على ذلك خطة لبناء أكبر ساقية حديدية في أوروبا ربما بالقرب من محطة حديقة الحيوانات. ويفكر مستثمرون من القطاع الخاص في بناء الساقية التي يبلغ ارتفاعها 175 مترا والتي تبين دراسات الجدوى أنها قد تجذب نحو 500 ألف زائر كل عام.

غير أن حديقة الحيوانات تنافس على الساقية مع موقع اخر في شرق المدينة. وحتى لو فازت بها فان الانتهاء من تشييد الساقية لن يتم قبل عام 2008.

وتقول هيلا دونجر لويبر وكيلة وزارة الخارجية بالولاية لشؤون التنمية ان فكرة وجود انقسام جديد مضللة قائلة ان الجيل الاصغر لم يعد ينظر للمدينة من منظور الشرق والغرب.

وتضيف ان برلين أعادت ببساطة تجديد مركزها التاريخي وحدث أن ذلك في قسمها الشرقي.

وقالت "بالطبع لا يمكننا التخلص بين عشية وضحاها من 40 عاما من تقسيم المدينة لكن يمكن ايجاد شيء جديد تدريجيا

ليست هناك تعليقات: