السبت، أبريل 23، 2005

إحسان طالب_أمنيات على الشيخ حسن نصر الله


أمنيات على الشيخ حسن نصر الله

يعتبر الخطاب السياسي للأحزاب الشمولية _و منها الأحزاب الدينية_ منضبطاً بأيديولوجية مقدسة يصعب الخروج عليها و يكون عادة فوقياً و يتسم بالوعظ للموالين و التنديد بالأعداء المفترضين أو الحقيقيين .

في آخر لقاء علني جمع سماحة الشيخ حسن نصر الله مع خالد مشعل و أبو موسى صرّح سماحته بأنه يتمنى أن تأتي الجيوش الغربية إلى لبنان و قال: يا ليتهم يأتون.فليأذن لي سماحته بالقول لقد أخطأت يا سيدي في أمنيتك و طلبك و كان حرياً بك أن تقول أن تقول ليتهم لا يأتون. إني أتساءل عن مبررات أمنيتك و دعوتك هل هو النزوع الدائم للاقتتال أم هي الرغبة الملحة في إراقة دم الأعداء و كما تعلن لا يراق دم الأعداء إلا بإراقة دم الأصدقاء هل هي الثقة بالنصر أم هو الاستخفاف بالآخرين و قدراتهم و استسهال إزهاق الأرواح و لعله الولع بالنصر المحتمل.

لقد خالفت منهج الدين بأمنيتك و أنت الشيخ الإمام, ثبت عن النبي قوله: ((لا تتمنوا لقاء العدو و إذا لقيتم فاصبروا)).
في كل مرة تظهر خلف عشرات الميكروفونات و أمام عشرات العدسات ترفع إصبعك بالتهديد و الوعيد تدعو للحرب و تشجع على الموت قلت في مرة أن لديك عشرات الآلاف من الاستشهاديين هيأتهم للموت هل الحياة عندك رخيصة إلى هذا الحد حتى يكون لديك عشرات الآلاف تدفعهم لمغادرة الحياة. لماذا تحمل على عاتقك دائماً لواء صبغ الإسلام و المسلمين بالدم,و تنادي في كل مناسبة بالموت لأمم تعتبرها عدواً لك _في أول مظاهرة لحزب الله بعد استشهاد الحريري كان سماحة الشيخ يردد الموت لأمريكا و من خلفه تعيد العبارة بانتظام متناغم الجموع المحتشدة تحت لوائه_ إن المناداة بموت أمة بعينها لا يكفي حسب ما أفهم من مبادئك النظرية لأننا بالتبعية يجب أن ننادي بالموت لكل الأم و الشعوب التي لا تقف في صفنا و هي كثيرة و مواقفها تتفق مع من تعتبرهم عدوك الأكبر. (ملاحظة: القرار 1559 مر في مجلس الأمن بدون معارضة).

ليتك يا سيدي ناديت بالحياة لأمتنا و شعبنا إلى جانب الحياة لكل شعوب الأرض ليتك ناديت بالمحبة و السلام شعاراً لك تهزم به أعداءك. في كل مرة يتردد صوتك على شاشات التلفاز أقول لنفسي في هذه المرة سأسمع من سماحته حديثاً أو آية و لكن يخيب ظني و أنتظر القادمة فأزداد ألماً.

تمنيت عليك يا سيدي أن تخرج للملأ و تبشر العالم من حولنا بآيات السلام والرحمة و العدل و مكارم الأخلاق, لقد خلت خطاباتك دائماً من:
_((و إن جنحوا للسلم فاجنح لها))
_((خذ العفو و أمر بالعرف))
_((إنا خلقناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا))
_((ادفع بالتي هي أحسن))
_((و جادلهم بالتي هي أحسن))
_((اذهبا إلى فرعون و قولا له قولا لينا))
_(( لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك))
_((يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا))
_((و رحمتي وسعت كل شيء))
_((إنا أرسلناك رحمة للعالمين))

عزيزي الشيخ لابد أنه سبق لك و سمعت مثل هذه الآيات وهي غير محجوبة أو مشفرة, إنها كغيرها آيات يجب العمل بها ولا يحق لك أو لغيرك الاقتصار أو الاجتزاء من النصوص ما يوافق التكتيك السياسي أو المرحلي أو يحقق مصلحة خاصة لحزب أو سلطة.

إن الدعوة للسلام والعدل و المحبة منطلقات دائمة و أساسية ليس حقاً تجاوزها و البعد عنها و لا أظنك تخالف الرأي لذي يعتبر النص الشرعي قانوناً يطبق على الجميع آخذاّ بعين الاعتبار الكليّات المنضبطة بالرحمة و الإنسانية.
تمنيت عليك يا سيدي ألا تحتكر لواء المقاومة و تضفي عليها الصبغة الدينية لأن في ذلك إجحاف و انتقاص لمن بدؤوا بالمقاومة ودفعوا حياتهم ثمناً لها إن سناء المحيدلي و أمثالها لم يكنّ منتميات لحزب الله و أمثالهنّ كثر ضحوا بأرواحهم فداءً لوطنهم دون الاعتقاد بالجائزة بعد الموت و المكافأة بالفوز و النجاة و الجنة, لقد ضحت و أمثالها بأرواحهم فداءً للوطن بدون مقابل و هذه هي الشهادة الحقيقية و في يقيني أن رحمة الإله الواسعة و عدله العظيم لابد و أن يتولى سناء و أخوتها بالرحمة والجنان.
إن احتكاركم لمجد المقاومة و إضفاء الصبغة الدينية الإسلامية عليها فيه ظلم و تقليل من حقوق الآخرين. كثيرون من أبناء سورية الأبرار سقطوا فوق أرض لبنان من عامة الشعب السوري و من غير المسلمين و ينتمون إلى طوائف مختلفة عنكم.
عندما مصالحكم حاربتم الفلسطينيين رغم كونهم عرباً و مسلمين والمعلوم أنكم لا تقبلون المجاهدين إلا من طائفتكم. والمعلوم أيضاً أن حصر المقاومة بحزبكم كانت له ظروف إقليمية و مصالح ليست كلها وثيقة الصلة بالتحرير و القدرة على التضحية في سبيل الوطن.

عندما رفع المتطرفون و المتعصبون لواء الجهاد في العراق ضد أبناء العراق ممن يرونهم مخالفين لهم في المذهب دعيتم محقين إلى نبذ العنف و إلى التآخي و يا ليتها تكون دعوة دائمة و مبدئية لديكم.
تمنيت عليك يا سيدي أن تقتبس جذوة من نور الإمام الحسين و ثورته السلمية على الطغيان و الظلم, الإمام أسس لأول معارضة في تاريخنا العربي الإسلامي و جوبه بالقتل و السيف ولم يعط فرصة للحوار, إن دم الإمام الحسين أريق من أجل إزاحة السلطة الباغية و ليس دفاعاً عنها, لقد ثار و عارض من أجل تغيير رغم ما حققته تلك السلطة من فتوحات وإنجازات و حري بك الإقتداء بنور تعاليمه و السير على دربه السلمي في التغيير و نشر العدل, لقد خرج الإمام بفكره و أهله داعياً لرفع الظلم و إعادة الحق ولم يمتشق سيفاً بل دعا بالحكمة و الموعظة الحسنة.

تمنيت عليك يا سيدي ألا تحول عداءك للغرب و كرهك له ضغطاً على المعارضة ومبرراً للاستعلاء عليها و حرمان لبنان وشعوب عربية أخرى من فرصة سانحة لتنفس رياح الحرية و الديمقراطية.
لست الزعيم الأوحد للطائفة و لعامة المسلمين, إن الزعامة الدينية في الإسلام للنبي و آل بيته و الأئمة المعروفين عند الشيعة وللنبي و آل بيته و كبار الصحابة عند السنة و ليست لأحد غيرهم.
و ليس منا إلا من يؤخذ منه و يُرد عليه إلا صاحب الروض كما قال الإمام مالك.
ولعله من المفيد يا سيدي أن تعلم أن ما فتحه العرب المسلمون من بلاد إفريقية و أوروبة الوسطى كان بالتجارة و العلم و ليس بالحرب و هي بقعة أكبر بكثير من تلك التي أخضعوها بالسلاح و الجيوش.
وآخر أمنياتي عليك أن تقتدي بالهدي المأثور: ((ما كان العنف في شيء إلا شانه و ما كان اللين في شيء إلا زانه)).
ختاماً إن أمنيات شعب سوريا و لبنان بالحرية و الديمقراطية ليست إثماً أو خطأ بل هي حقوق طبيعية دعت إليها شرعة الأمم المتحدة التي تنطوي تحت لوائها دول العالم أجمع و إنه لمن الحكمة و لمصلحة شعب سورية و لبنان الانخراط و المساعدة في الوصول إلى تلك الحقوق و ليس محاربتها و الوقوف ضدها.

ليست هناك تعليقات: