السبت، أبريل 23، 2005

إحسان طالب_هزيمة هتلر و إنجازات الجزيرة


هزيمة هتلر و إنجازات الجزيرة

تسعى حكومة قطر إلى خصخصة قناة الجزيرة وبيعها بعد الإحراجات الشديدة التي تسببت بها لدى حلفائها في الغرب وفي الخليج. كانت بداية قناة الجزيرة صاعقة مدوية أحدثت جدلا حادا حول مصداقيتها واستطاعت استقطاب عشرات الملايين من المشاهدين في البلاد العربية وفي العالم , وغدت مصدرا هاما ووحيدا في بعض الأحيان للعديد من الأخبار المدوية . فلقد كانت حاضنة وراعية لكل رسائل ابن لادن ولها الحق الحصري لجميع ما تريد القاعدة بثه أو الترويج له. لكنها رغم ذلك النجاح الباهر فشلت لأنها خسرت أولوياتها واحدة تلو الأخرى. فبدءا من أفغانستان فشلت الجزيرة التي كانت تؤيد ابن لادن وتروج له وكان مراسلوها يوهمون الناس بأن هزيمة التحالف في أفغانستان لن تقل عن هزيمة هتلر في روسيا , وبدأت الحقائق تنجلي واحدة تلو الأخرى وسقطت القاعدة وطالبان وجرت الإنتخابات وفتحت المدارس وأخذت الموسيقا مكانها في شوارع كابول وفي بيوت الفقراء في مزار شريف , وأصبح لدى الأفغان وزراء من النساء . ( ملاحظة : من المعروف بأن بعض مراسلي الجزيرة في أكثر من دولة في العالم- معتقلين بتهمة الإرهاب- أو اعتقلوا بتهمة مساعدة الإرهاب ) .
وفي العراق كانت الجزيرة كعادتها المدافع الأول عن صدام حسين , والمروج الأكبر بعد صدام نفسه للدكتاتورية بل والمحامي الأعظم أجرا في الزود عن مواقف صدام وأفعاله . وبدأت مسيرة الجزيرة مع غزو العراق كما كانت في أفغانستان ودأب محللوها ومنظروها , وهم بالمناسبة أصحاب المسؤولية الأولى عن النكسات التي وقع فيها العرب إبان ما كانوا مسؤولين وفي مراكز اتخاذ القرار , دأبوا على الترويج لهزيمة الغرب مرة أخرى وحتى اللحظات الأخيرة كان يظن جميع مؤيدي القناة بأن النصر لا محالة آت . وأن المغول الجدد سيسقطون عند حصون بغداد . لكن الذي حصل سقوط الديكتاتور بمهزلة عسكرية تعد من أسرع الانتصارات التي عرفها التاريخ العسكري الحديث . فشلت الجزيرة ...
بعد ذلك روجت القناة للحرب الأهلية في العراق وأخذت تدعم زعامات العنف وتخصص لهم الساعات الطويلة يوميا لشرح مبررات قتلهم للشعب العراقي , لكنها فشلت معهم ضد الشعب العراقي وخرجت الجزيرة من العراق وراهنت من خارجه على تحويل الانتخابات العراقية إلى مجازر دموية لا حدود لها كما توعد المرجفون , لكن الانتخابات نجحت وبتوقيع تسعة ملايين مؤمن بالله وبالعراق وبذلك لم تستطع الجزيرة تغطية هذا الحدث الهام والمؤثر في حياة المنطقة برمتها .
وعلى صعيد القضية الهامة التي تتبناها قناة الجزيرة وتعتبر نفسها قائم مقام عليها – وأقصد بذلك القضية الفلسطينية- فشلت القناة. فمنذ نشأتها دأبت قناة الجزيرة على الترويج للعنف ومناصرة أصحابه بكل الوجوه , وكانت تزين صفحات شاشاتها كل يوم بصور القتل والدمار والنبش في الخلافات العربية القديمة ورش الملح على الجرح في الخلافات والمعارك العربية الفلسطينية مما يثير الكراهية والأحقاد بين الناس عموما , وكان لها دور حاسم في تأييد دعاة القتل على أبو عماها , لكن الجزيرة فشلت وانحسر القتل وتراجع أصحابه عن مواقفهم وآرائهم بعد ثبوت خطأهم وفشل نظريتهم .( ملاحظة : في تصريح أعلنه صلاح بو مدين وهو رئيس سلطة الأرض و الأملاك الحكومية الفلسطينية قال فيه إن الحوادث الإجرامية خلال السنوات الثلاث الماضية فاقت ما حدث في ثلاثين عاما سابقة وذلك في مدن غزة والقطاع ) .
قناة الجزيرة فشلت في إثبات مصداقيتها وشفافيتها في حادث هام جدا والمفترض أنها أول المطلعين على التفاصيل الدقيقة والحقائق في أمر جلل مثل موت ياسر عرفات . فبعد موته بعشرة أيام كما تأكد لنا ذلك , كانت الجزيرة تصر على بقائه حيا يرزق وتوهم العامة بإمكانية عودته إلى سابق عهده وتدعوهم إلى الخروج بالآلاف والدعاء بعودته سالما معافى وهي تعلم علم اليقين أن لا سبيل إلى ذلك , وتمادت في الوهم والإيهام لإعلانها فتوى شرعية أصدرها مفتي القدس أكد فيها على حرمة وكفرية من يقول أن عرفات مات , ولكن وبع أقل من أربع وعشرين ساعة من تلك الفتوى الحاسمة , أعلنت الجزيرة نفسها وفاة ياسر عرفات بشكل نهائي وتام لا لبس فيه .
ثم حاولت الجزيرة بث نار الفتنة بين الفلسطينيين عندما عزفت على وتر المؤامرة , ومفاد القصة الملفقة أن موت ياسر عرفات كان بسبب سم دس له في طعامه من قبل أقرب المحيطين به .
فشلت الجزيرة و جاءت التقارير العلمية الطبية المحايدة لتؤكد بلا لبس أن موت ياسر عرفات لم يكن بسبب السم , فشلت الجزيرة عندما أخرجت من بعض دول الخليج و المفترض أنها تنتمي إلى واحدة من تلك المجموعة الخليجية, إلا أن مناصرتها الدائمة للمطالبين بإحياء الجهاد على حساب دماء المسلمين قلب غيرهم أخرجتها من السعودية و لم تستطع تغطية أحداث جليلة كان وراءها المتشددون الذين ما فتأت تخصص لهم نوافذ يومية يطلون منها ليعبثوا بعقول العامة و يتمكنوا من تجنيد شباب متلهف للحرية و التغيير ليقودوهم نحو التهلكة.
(ملاحظة: لم توجه الدعوة إلى دولة قطر لحضور اجتماع قمة في جورجيا نوقش فيه مستقبل الديمقراطية في الشرق الأوسط بسبب قناة الجزيرة.) وبرغم ما وصلت إليه القناة من أرقام قياسية في أعداد المتابعين لها و ذلك منذ بداياتها إلا أنها فشلت في تحقيق أرباح, و المفترض أن قناة خاصة ينبغي عليها أن تمول نفسها بذاتها في عمل استثماري موجه لكنها فشلت في تحقيق أرباح تساعدها على الاستمرار و ربما كان هناك أسباب أخرى مجهولة, لعل أحدها وقف التمويل الذي كانت تتقاضاه من بعض المتصرفين في دول عربية و غيرها سقطت أنظمتها و تغير الحال عما كانت عليه فانقطعت السيولة المادية الممدودة التي كانت تصلها بطرق ملتوية.
و كان آخر إنجازات الجزيرة ملتح ٍ يتصدر الشاشة بعد استشهاد الحريري بزمن قصير يدعي المسؤولية عن اغتيال الحريري
لا لسبب بل نكاية بأهل السعودية. ثم لم تلبث الأنباء حتى كذبت الخبر و كأن قناة الجزيرة فقدت مستواها الاحترافي و لم يعد لها من مصداقية سوى تكرارها للخطب العصماء التي يلقيها الظواهري مهدداً و متوعداَ.
و هنا أيضاً فشلت الجزيرة, إلا أن الخشية الكبرى أن تسلم القناة الراية للأصوليين و تنسحب تماماً و بذلك تكون قد أدت رسالتها وحققت مآربها!!

ليست هناك تعليقات: