السبت، أبريل 23، 2005

إحسان طالب_نداء إلى بهية الحريري


نداء إلى بهية الحريري
أيتها النائب و الشقيقة الحزينة, كلما سمعتك تتحدثين غصت في أعماق حزنك و استشفيت مدى إخلاصك و وفائك. سيدي النائب و المرشحة
لتولي القيادة عاجلاً أم آجلاً إن الشعارات الوطنية و النوايا الحسنة و الأخلاق الحميدة مطلوبة و ضرورية للاستمرار في مسيرة الحفاظ على أمن و سلامة الوطن لكنها في الحقيقة غير كافية و لا تستطيع تلك الأمور وحدها الصمود و الاستمرار. إن كل التحالفات الساسية و الاقتصادية و الأدبية بل و العائلية حتى الدولية و الإقليمية بل و الجنسية السعودية لم تستطع الحفاظ على حياة أبرز قادة لبنان بعد الحرب الأهلية بل والمناورات السابقة و التكتيكات التي جمعت عقلية الاقتصاد م عقلية السياسي لم تساعد رفيق الحريري على الاستمرار و كلفته حياته. لم تستطع حمايته فكيف ستحمي من هو دونه حتى و لو كانت شقيقته النائب في البرلمان,لم تكن تلك التحافات قادرة على حماية حلمه و مشروعه الوطني و هي الآن غبر قادرة كذلك.
و في الوقت نفسه نرى أناساً أكثر معارضة و أقل موالاةً مثل وليد جنبلاط استطاعوا النجاة بأرواحهم و حتى أولئك الذين أعلنوها حرباً واضحة المعالم و معارضة شرسة و رفعوا لواء العداءو سقطوا في أحضان أشد الخصوم استطاعوا النجاة بأرواحهم مالإشارة هنا إلى ميشيل عون.
إن بهية الحريري بحاجة إلى ذكاء أكثر و لا يكفي ما تعلمته من دهاء شقيقها لأنه دفع أمواله و سنوات عمره ثم حياته و لم يتمكن من تحقيق حلمه فإذا كانت الشقيقة مرشحة وقادرة على لعب دور ريادي و قيادي على مستوى الطائفة السنية و حتى على صعيد الوطن فينبغي عليها تغيير الاستراتيجية والكف عن التلاعب في الألفاظ بين المعارضة و الموالاة لأن تلك الشيفرة لم تعد كافيةلحل عقدة التسلط بعدما حاول الحريري طيلة ثمان سنوات الإبقاء على شعرة معاوية و إيجاد التوازن بين الاستقلال الذاتي و التبعية للأشقاء. نجح في إعمار بيروت لكنه فشل في بناء مشروع سياسي مرافق لأن الرؤية لم تكن واضحة بل لم تكن صريحة بما فيه الكفاية, فالمعادلة الصعبة بل و المستحيلة التحقيق هي وجود شخصية سياسية قوية و مؤثرة من الطائفة السنية داخل نظام سيطرت عليه الأجهزة الأمنية و حولت مركز القرار السياسي من رئاسة الوزراء إلى مكاتب قادة الأجهزة الأمنية هذة الأجهزة ذات الخلفية العسكرية التي لا ترى أبعد من الرصاص و البسطار العسكري و لا تستطيع التحاور أو التشاور أو النقاش حتى لو أرادت فلقد أمضت ما يقرب من العقدين على رأس القرار بكل أبعاده و محاوره الداخلية و الخارجية و ربما كانت تفعل ما تراه صواباً في بداية الأمر.لكن تراكم المصالح و تضخم الثروات داخلياً و خارجياً لا بد أن يجعل تلك السلطة مدفوعة نحو فعل أي شيء لتحافظ على مكاسبها المالية في الإبقاء على السيطرة التامة لزيادة المكاسب في المستقبل.
إن إعادة التجربة بنفس الشروط و الظروف السابقة لابد أن يكرر نفس النتائج و التأكيد هنا من أجل الآخرين في الطرف المتردد و المحايد.
أيتها النائب و الشقيقة الحزينة لا يوجد عاقل على وجه الأرض يرفض أن تكون العلاقة بين سورية و لبنان علاقة مميزة و حميدة لذلك فإن العزف على هذا الوتر لا يغني و لا يسمن من جوع, و إن كثرة التأييد له ربما توحي برغبة مخالفة لظاهره.
إن التفكير الهادئ و المتزن من قبلك يا سيدتي لابد و أن يسير نحو التشاور مع عدد من السياسيين الوطنيين و المفكرين من كافة الأطياف و الإنتماءات للخروج بخطة وطنية و منهاج سياسي شجاع واضح و صريح يحدد معالم المرحلة القادمة. و ذلك بوضع عناصر و ظروف مساعدة للتجربة الجديدة غير تلك التي أدت إلى استشهاد الحريري وعشرين من أبناء الوطن الأبرار.
إنني أرى أنك و كافة اللبنانيين الأحرار المدافعين عن لبنانيتهم و عروبتهم حتى لحظة كتابة هذا المقال غير قادرين على تحديد برنامج عمل سياسي تراتبي يحدد الأولويات و يطرح الحلول, إن مطالبكم الحالية غير كافية و مترددة لأنها لا تستجلي المستقبل و يجدر بنا جميعاً تجاوز مرحلة الصدمة و الاندهاش و مرحلة الانبهار فيما تحقق إلى الآن والانطلاق نحو برنامج عمل سياسي يأخذ بعين الاعتبار مخاطر اللحظة الحالية يستشف آفاق المستقبل القريب لبناء لبنان حر قوي مستقل قادر على الوقوف كرجل شامخ يمد يده للأشقاء باحترام متبادل.
وفاءً لأولئك الشبان المؤمنين بوطنهم و الخائفين على غدهم قَدٍّموا لهم برامج انتخابية سياسية واضحة منذ الآن, سَلحوهم بمعارف أساسية تقود إخلاصهم و وفاءهم لبلدهم, لا تكرروا أخطاء الماضي بطرح الشعارات الفضفاضة بل قدموا لهم طروحات مدروسة لا تنطوي على الغموض و العموميات لذلك لابد من وجود أجندة سياسية محددة المعالم لا تتوارى خلف المسلمات و البديهيات.
إن شعب لبنان ليس أقل شأناً من شعوب دول عربية أخرى لا يقل عنها عراقة أو حضارة, هذا الشعب المعتز بوطنه والمنتمي إلى أمته العربية لا يقل شأناً عن دولة مستقلة حرة لا يتدخل أحد في شؤونها كدولة قطر مثلاً أو دولة أخرى عربية عريقة كدولة البحرين أيضاً تؤكد على قدرة الدول الصغيرة أن تكون حرة و مستقلة.
أقول للسوريين و اللبنانيين انظروا إلى دولة البحرين كيف أدارت أزمتها مع قطر إبان اختلافهما الحدودي على جزر مشتركة انظروا إليها كيف استطاعت حل خلافاتها الإقتصادية مع دولة جارة كبرى شقيقة كالسعودية رغم تفاقم الخلاف بينهما حول منطقة الجارة الحرة رغم ما بينهما من أواصر التاريخ و الجغرافيا و المصيري و الانتماء العربي المشترك.
إن لبنان الثقافة و الحرية و الحضارة قادر على استعادة دوره الريادي في الوطن العربي كمنارة عربية للفكر و التنوير و لن يعجز أبناؤه عن إدارة أنفسهم و أمنهم مع حفاظهم على احترام لأشقاء و منع الإضْرار بهم من داخل لبنان بل و حتى الدفاع عنه من الضغوط الخارجة عن إرادتهم.
إن السوريين حكومة و شعباً لن يسيروا عكس منطق التاريخ وخلافاً لحكم العقل و لابد لهم من الإقرار الكامل بقدرة اللبنانيين على إدارة مقدرات وطنهم و أنفسهم مثل بقية شعوب الأرض, إن عروبة لبنان لا يُخشى عليها بالنظر إلى التاريخ و ذلك الإجماع من قبل كل اللبنانيين على وحدة الوطن و حتمية انتمائه لأمته.
لذلك أقول يا سيدتي للسوريين نيابة عنك لا تخافوا أن يكون لبنان خاصرتكم الضعيفة فشعب لنان الحر القوي هو الضمانة الأكبر لحماية سورية.

ليست هناك تعليقات: