الجمعة، مارس 21، 2008

تعدد الزوجات ضرورة أم تنفيذ لرغبات ذكوري

إحسان طالب
2008 / 3 / 22



في إحصائية رسمية للسكان في سوريا ، أفادت بزيادة طفيفة لعدد الذكور عن الإناث وفي مصر يزيد عدد الشباب العزاب على عدد العازبات من الفتيات
هذه الأرقام تدحض فرضية تعدد الزوجات لزيادة عدد النساء ، فكثيرا ما سمعنا من دعاة التعدد لضرورة تغطية عدد النساء الفائض بسبب أن الرجل أكثر عرضة للأخطار و بالتالي أقرب للوفاة من النساء ، لكن الأرقام تثبت عكس ذلك
بعض الحجج الأخرى تنطلق من فكرة عدم اكتفاء الرجل جنسيا بامرأة واحدة بمعنى أن الرجل صاحب شهوة جنسية أكبر من النساء ، لكن على الطرف الأخر تتعدد الروايات المنقولة و الموروثة عن شبق النساء و ضرورة التخفيف من طغيان الجنس عليهن بالختان و إزالة شعر العانة وتحريم الثياب الداخلية الحريرية على الفتيات لمنع الاحتكاك الناعم بالأعضاء الجنسية مما يثير الشهوة لديهن ( فتوى قبيسية ) ما إلى ذلك من تعاليم .
من الحجج الأخرى العقم و غالبا ما تكون المرأة مسؤولية عن عدم الإنجاب من وجهة نظر الداعين للتعدد لكن العلم يؤكد مسؤولية مشتركة بين الرجل و المرأة عن عدم الإنجاب و أحيانا يكون أحدهما مسئول دون الأخر .أي قد يكون الرجل وحده هو المسئول وقد تكون المرأة ولقد قدم العلم الحلول بعيدا عن التعدد وهي حلول عملية و آمنة يتعاطاها المتدينون و غيرهم على السواء
التطبيق العملي و الواقعي لفكرة التعدد يفصح عن ظلم بالغ للمرأة فهي لا تستطيع منع الرجل أو الوقوف في طريقه ، وغالبا ما يلجأ الرجل إلى الزوجة الثانية بعد إهمال الأولى أو مرضها أو كبر سنها فيحيلها إلى التعاقد قبل الأوان .ويحكم عليها بالموت البطيء. وكل ما يقال عن العدل بين الزوجات محض افتراء ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم )
فكرة مجنونة طرحها البعض : لماذا لا يسمح للمرأة بتعدد الأزواج إذا تطابقت المبررات المعطاة للرجل للتعدد .
مثلا إذا كان زوجها عقيما أو عاجزا أو ضعيفا جنسيا أو أنها لا تكتفي برجل أو أنه مريض أو أنه كبر في السن و هي تملك المال الكافي لتحظى بقبول شاب في عمر أولاده . إنها نفس المبررات التي يقدمها المدافعون عن تعدد الزوجات . إنها فكرة مجنونة فعلا لكنها بالقياس المنطقي مشابهة لنظرية التعدد عند الرجال .
تتعارض فكرة التعدد مع المساواة بين البشر بصرف النظر عن جنسهم و تتناقض مع الموقف الإنساني من المرأة و اعتبارها إنسانة كاملة لها نفس الحقوق و الواجبات لها نفس الإمكانات العقلية و النفسية .
يبقى الداعم الأول و الأساسي لمسألة تعدد الزوجات السند الشرعي و الفقهي التراثي و ما يؤيده من ممارسة عملية ثابتة عن السلف و تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

الهوية فوبيا تشعل حطب الرسوم المسيئة



إحسان طالب
2008 / 3 / 13


في أجواء عالمية مأزومة تقف على طرفيها أمم تتباين طبيعة حياتها و تكويناتها الثقافية و الاجتماعية وتتعارض مصالحها و أهدافها يقف الشرق المحاصر بالضغوط و التهديدات تثقل كاهله الحاجات و الضرورات ،تقلقه هواجس الذوبان و ضياع الهوية في قبالة غرب مستقر عمليا
يسعى بجد لامتلاك ما يستطيع من إمكانات و أدوات وطاقات يعزز تفوقه الراهن ويؤكد سيطرته الحديثة على المقدرات الكونية .
بدأ ذلك الغرب يستشعر بخطر داهم ـ مبالغ فيه ـ على هويته الثقافية و طرائق معاشه وتفكيره ، حيال تنامي المظاهر الإسلامية في شوارعه و أحياءه زاد على ذلك إعلام يرى مادة دسمة تنقلها الأحداث اليومية يخلقها تيار إسلامي معزول متطرف يبرز بين الفينة و الأخرى مطلا برأسه بعمليات تخريبية تتنقل من عاصمة أوربية لأخرى حيثما وجد ثغرة ولج فيها . وفي الجانب الموالي شرق أو جنوب ـ لا فرق ـ يعاني فوبيا الهوية استقر في وجدانه تقديس لماض وتراث وجد عنده ذاته وحقق في سالف سيطرته و تفوقه ، يخالجه خوف ورعب من الذوبان و الضياع أمام ثورات علمية و تكنولوجية و فكرية يسعر أوارها تنافس دائم وتسابق لا يهدأ في عالم بات وشيكا من اجتراع معجزات ظنها دهورا حكرا على المطلق. زاد و فاقم تلك الفوبيا تأزم القضايا المستعصية و الغزو الاستعماري الجديد المباشر الآتي تحت راية التحرير و الديمقراطية من قبل الغرب لبلاده وشعوبه .
فالمسألة إذن أبعد بكثير من اختلاف في مفهوم للحرية لم يتبلور بعد في شرق ومازال يعد الحرية جنين سفاح لا يريد الاعتراف به بل لا يرد له الحياة،كان يراها في حالة الاسترخاء و الأمن قضية رفاهية وترف تتجاوز سوية المطلب الملح وغدت في وضع الاستنفار و التأهب شبهة وسهما مصوبا من قبل عدو متاخم لعتبات الدار يعيش عالم الليبرالية الجديدة و يؤصل مضامين ما بعد الحداثة ، لم يعد ينظر إليه كنموذج ومثال متقدم للتطور و التقدم بل يخشاه ويأمل بصرف خطره حتى ولو كان ذلك على حساب مغادرة الزمن إلى الوراء و إحياء أنموذج السلف ونفض ماران عليه من نقد وكشف .
في خضم ذلك المشهد شديد التشعب مارس الفنان الدانمركي حريته مستغلا ما تطاوله يده من عبث بوجه قوم أضروا بذاتهم أكثر مما أضر بها الخصوم وتعامل بانتقائية حيال مفرداتها و أدواتها مباشرا رؤيته من زاوية حادة لعلها زاوية عمياء حجبت قيمة كلية أضر بتخصيصها و تجزيئها ولم تكن بالنسبة إلية تجاوزا لخطوط حمراء لم يستطع أن يخفي بفنه حقدا و اشمئزازا حيال الآخر المختلف عنه. من زاوية أكثر انفراجا نظر اليسار الفرنسي لقانون شيراك بتحريم الحجاب في الدوائر و الهيئات الرسمية فوجدوه مناقضا لقيمة الحرية ومتعارضا مع قواعد العلمانية .
ردود الأفعال و التوظيف السياسي :
في الرابع عشر من فبراير 1989أصدر أية الله الخميني من خلال راديو طهران فتوى بإهدار دم سلمان رشدي صاحب رواية آيات شيطانية التي تعرض فيها للنبي محمد بن عبد الله و التي صدرت قبل أشهر من الفتوى ،وفي نهاية عام 1990 قدم رشدي إعتذارا رسميا للمسلمين وفي العشرين من سبتمبر أعلنت حكومة إيران عدم التزامها بتنفيذ الفتوى ضد رشدي وعلى إثرها أعادت بريطانيا سفيرها لطهران . ربط بعض خبراء الإسلام السياسي فتوى الخميني بنجاح طالبان بإخراج السوفيت من أفغانستان و عدوه محاولة للتغطية على ذلك النصر وفرض للصوت الإيراني المسلم في الساحة الشعبية .كانت ردود الدول العربية على كتاب رشدي ضعيفة و متفاوتة و كان الكتاب متداولا في بعض العواصم العربية .في منتصف يونيو 2007 منحت ملكة بريطانيا لقب فارس لسلمان رشدي الذي أعرب في تلك المناسبة عن تأييده للصحيفة الدانمركية التي نشرت الرسوم المسيئة محذرا مما و صفه بسلطوية الإسلام ،اجتاحت حينها مظاهرات حاشدة المدن الرئيسة في باكستان و أهدر دمه و خصصت جائزة 15 مليون روبية لمن يأتي برأسه.
بالغت مجموعات عربية في ردود فعلها على الرسوم المسيئة و اقترب عدد الضحايا من العشرة وأحرقت عدة سفارات في عاصمة عربية مازال نظامها في نظر الأوربيين علماني لكن ردود الأفعال جاءت في وقت تعاني فيه سوريا حصارا و محاولات عزل قاسية .
إساءة رشدي مبدئية قامت على تصور ارتباط النبي محمد بالشيطان الذي أملى عليه بعض آيات القران الكريم فيما إساءة الرسوم الدانمركية منهجية
تنزاح في بعض وجوهها نحو قيمة الحرية و مكانتها ، لكن ردود الفعل الأضخم و الأكبر و الأشد كانت قبالة الرسوم الدانمركية لآن الظرف الموضوعي السياسي و الاجتماعي المهيمن على العرب و المسلمين بات أشد ضغطا و حصارا. هكذا تتداخل الصراعات السياسية مع التباينات الأيديولوجية وتسخر القضايا الدينية للوصول إلى مأرب لا تنتمي إليها .
الاستقرار السياسي و الاجتماعي المقرون بالتنمية البشرية و الوصول بالمجتمعات إلى قدر كاف من الديمقراطية و المشاركة السياسية و الاقتصادية
و الانفتاح المتبادل و الحوار الحضاري تحيل تلك الصراعات إلى محورها الأصيل و تخمد إلى حد بعيد ثوران الصراعات الأيديولوجية و العقائدية .ويعد النهوض الثقافي و التنوير الفكري أساسا لتجاوز حالة التصادم ذات المنشأ الحضاري ، إلا أن الأمر ليس بتلك البساطة فالوقوف على عتبة الاستقرار وولوج سلم التغيير دونه خرط القتاد.

الأربعاء، مارس 12، 2008

السلطوي و الديني في جريمة الشرف

إحسان طالب

جريمة "الشرف "أو غسل العار بالدم قضيه هامة يتفاقم انتشارها عاما بعد عام وترتبط بدون مواربة أو انحياز بالخلفية الدينية المتعصبة للفاعل و بيئته الثقافية و الاجتماعية و تقترن بهوان حياة الإنسان أمام قيم دينية وإيديولوجية مطلقة لا تعلو عليها رابطة إنسانية أو اجتماعية ،مما يفسر سرعة الاندفاع نحو القيام بفعل القتل دون تردد و بتخطيط مسبق عادة ما يكون هادئا ومنظم . فالجاني هنا لا يعارض الوصايا الدينية أو التقاليد العشائرية ـ حسب زعمه ـ ولا يخرج على السلطة السياسية و الاجتماعية بل يبادر لعمل سيلحق به مكانة وشرفا وسمعه طيبة طول حياته مع علمه المسبق بأن ثمن الجريمة بخس جدا مقارنة بالمنافع و المزايا النفسية و العشائرية التي سينالها .
عندما يقوم الرجل بالقتل غسلا للعار وسترا لفضيحة العرض لا ينطلق من رغبة بريئة ودافع مثالي وفقا للتفسيرات القانونية المخففة بل والمبررة لجريمة قتل النساء تحت لواء الشرف. بل قد تتغلب الدوافع الذاتية و الأنانية على سواها خلف تلك الجريمة النكراء، فهو يمارس سلطة أفلتت من يده وافتقدها في محيطة يريد رد الاعتبار لمكانته في المحيط الإنساني و الاجتماعي, يريد أن يثبت رجولته و قوامته في بيئة يهيمن عليها قهر سلطوي لا يجد القدرة ولا المبرر الكافيان للخروج عليها ومواجهتها و يميل لابتلاع مفرزاتها في ذات الوقت الذي يجد نفسه مرغما على تمجيدها و طاعتها.
في الجانب الآخر ينشأ الذكر ويترعرع وسط أجواء داخلية ضاغطة ويتربى على قيم و مثل عليا تعد بكارة المرأة أغلى و أثمن وأهم من حياة الإنسان وتجلس الرجل في مكانه وهمية عليا، تملكه سلطة السيطرة على الأنثى و مراقبتها وتصويب مسار حياتها و قيادته وهو في واقع الحال يستشعر هوانا و ذلا يمارس علية كل يوم من سلطة أعلى تبدأ بالأب داخل المحيط العائلي للتوسع نحو رموز السلطة السياسة القابضة بيد من حديد على مقدرات حياته تعد أنفاسه و تحصي لقمة عيشه ،هكذا تتراكم و تتحالف القاهرات في خلق كائن بشري مشوه تتداخل تناقضاته الوجدانية و الذهنية منتجة خليطا عجيبا من الاستكانة و الهوان تجاه الظالم والمستبد مقترنا بعنف وجبروت تجاه الأضعف المتمثل بالأدنى اجتماعيا و بالأنثى المتواجدة في كنف العائلة . والغريب أن ذلك العنف لابد له من الخروج ، فإذا لم يجد منفذا نحو طرف أضعف يمارس تجاه الذات بفعل الانتحار المزين بسرعة الانتقال إلى الفردوس الأعلى .
تلك الحالة من الضعف الشديد قبالة السلطة السياسية و الدينية المتكاملة مع الانكسار الداخلي و الإحباط الخارجي ،تمثل محرضا قويا تجاه فعل عظيم يحقق الذات ويحول النكرة إلى بطل وشهم ورجل شجاع يشار إله بالبنان في دائرة من التخلف الاجتماعي والثقافي المحصن بعوز اقتصادي وفقر مادي. ضمن هذه المنظومة تأتي جريمة الشرف كهدية ينتظرها الرجل ليستقلها و يحلق بها في فضاءات الغرور واثبات الوجود .
هكذا يقوم هرم جرائم الشرف على قاعدة مثلثة متساوية الأضلاع يكون القهر السلطوي السياسي و الاجتماعي و الديني ضلعه الخارجي الأول ويشكل الضغط الوجداني الداخلي ذو المنشأ الديني والقبلي ضلعه الثاني ،فيما تمثل المبررات القانونية والاجتماعية المشجعة للفعل بل وأحيانا الداعمة له الضلع الثالث محكمة الخناق على المرأة وتاركة تجاوز جرائم الشرف أو حتى الحد منها مسألة بعيدة المنال.
وما لم تتوفر أرادة جمعية مدعومة بقواعد قانونية وقرارات سياسية وإصلاح ديني سيستمر تعاظم خطر ظاهرة قتل النساء بذريعة غسل العار وستزداد أعداد الضحايا عاما بعد عام .ففي دولة مثل سورية تصنفها الأمم المتحدة الخامسة عالمياً والرابعة عربياً في انتشار «جرائم الشرف». حيث يقدر خبراء عدد الجرائم المرتكبة بدوافع «الشرف» بنحو 300 جريمة سنويا يتم معظمها في دائرة المجتمعات الريفية والأحياء الفقيرة ضمن المدن . تعتبر وزيرة الشؤون الاجتماعية العمل العنف ضد النساء غير موجود في سوريا و الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ترف فكري. يبدو جليا أهمية الوعي بقضايا المرأة على صعيد القيادات السياسية ,كما يبدو أفق معالجة العنف ضد المرأة ضيقا وربما مسدودا .

السبت، فبراير 23، 2008

ودمع لايكفكف يا دمشق


إحسان طالب

2008 / 2 / 18

من دمع عيني
من دمع عينك يا بردى
من دموع كل العاشقين
ابيضت عين قاسيون
محا الدمع لون ترابها
تكللت غيمات الشتاء بالسواد
واحتل الرماد فضاء المزن

*****
ضجيج مفرقعات ترهب قلب العاشق
شهب وشرر ينذر الشمعة بوميض الاحتضار
زعيق وعواء يكسر وجه القمر
ترقص الحيّات السامة على وقع الموسيقى
تُقلق ملائكة الموت
تتهيأ الثكلى للنواح
ثمة أشياء قبيحة
ترتدي أقنعة الاحتفال
الخراب على الأبواب
ومدحت باشا في قبره تنهش رأسه المعاول
سنة تفوت و أحياء كثيرة منكِ ستموت
****
امتزج الألم بالقهر
وأحكمت قبضة اليأس على عنق الأمل
تابوت جميل مزخرف
تكسوه عباءة حريرية حمراء
مشيعون كثر
ابتسامات صفراء تعلو رؤوسهم
مبتهجون أياديهم الطويلة القوية
تقتلع الحجارة تعتصر القلوب
و المدينة النائمة أغرقها دمع العاشقين
ينأى إلى سمعها صوت احتفال و طبل وزمر
تسأل شوقي ونزار و الجواهري
يحتفلون بموتي ؟
بعد ما عز على الغزاة قتلي !
تحت راية الخنق و الكبت و الحقد
الموت و الحياة سيان

الأجوبة الكلانية و الحلول الشمولية معوقات للتفكير الايجابي


إحسان طالب

2008 / 2 / 13

شاعت مقولة سلبية سيطرت بصورة غامضة على أجواء التفكير العربي وألزمته الجمود وحدت من توقه نحو الايجابية و إنتاج الإبداع (( ما ترك الأول للأخر شيئا ))هكذا سد أفق البحث وأغلقت أبواب الاجتهاد وصار منتهى الإبداع هو الإتباع و التقليد .
إن أول محفزات التفكير الايجابي الخلاق هي الرغبة الداخلية في الخلق و الإبداع و الإتيان بجديد ولا تتولد تلك الرغبة إلا من خلال الثقة الذاتية بالنفس و الإقرار بوجود أمر يحتاج لحل أو قضية مازالت عالقة لم يقدم لها الآخرون القدر الكافي واللازم من الطرح والمعالجة. بالمستوى الشخصي و المجتمعي على حد سواء .
عندما نقول بأن الأولين سبقونا في كل شيء وما ترك السلف للخلف شيئا،يرتد ذلك سلبا وقيدا يثقل التفكير ويقعده عن البحث والتطلع المبدع الخلاق ،ولا يفهم من معارضتنا لتلك المقولة الشائعة الضرب عرض الحائط بالمنتج الموروث و الإعراض عنه بل هي دعوة للاستفادة منه و الاتكاء عليه و الانطلاق نحو آفاق التجديد و الابتداع .فالثقة المطلقة بالأسلاف تبعث على زيادة الثقة بالنفس وهي أولى عوامل التفكير الإيجابي إلا أنها تتحول إلى عامل مرضي معيق و مكبل حالما تتجاوز الفخر و الاعتزاز إلى القناعة و التصديق بوصول السلف لكل الحلول و الأطروحات المناسبة للحاضر و الماضي و المستجد مستقبلا .والخوف الأساس هنا هو تحول القناعة بالمطلق بالماضي إلى وهم كبير يغلف التفكير ويحرفه نحو الاستكانة والخنوع بدعوى اللاجدوى المنبثقة من التعظيم والإجلال اللامتناهي بالمبحوث والمدروس في مضارب الأقدمين والسالفين .
الوهم بامتلاك الحقيقة المطلقة و العلم الكامل والمعرفة الكلانية هو العدو الأولي للتفكير الايجابي و الإبداع ، حيث ينزلق حامل ذلك الوهم نحو الإحباط والاكتئاب بسبب التناقض بين القناعة الداخلية بمشروعية وصوابي وكمال ما نقله الأسلاف وبين الحاضر المثقل بأزمات وإشكالات فردية شخصية ومجتمعية ووطنية لا تساعد الأفكار المعلبة على تجاوزها و النهوض من براثنها ، فيغرق الوجدان بالتشاؤم و العجز اللذان هما أهم معوقات التفكير الإيجابي .
وعلى العكس تماما يشكل النزوع الفعال لإشغال الفكر وتحريضه وتحفيزه للتوق نحو التفاؤل والثقة بالقدرة على الإضافة والتجديد حافزا عقلانيا ونفسيا نحو الاستفادة من المهارات و الإمكانات الفردية و المجتمعية المتاحة .
الآلية التي تعمل بها الشمولية :
أسس الغربيون علوما واستحدثوا معارف مبتكرة ومتجددة انطلاقا من أمرين الأول الحاجة والرغبة في الابتكار و التجديد و الثاني الثقة والقناعة بالقدرة على ذلك ،ومن تلك العلوم علم التفاؤل : Learned Optimismويعد الدكتور مارتن سيليجمان : Martin Seligman من جامعة بنسلفانيا الأمريكية رائد من رواد علم النفس الايجابي ،يتحدث في كتابه التفاؤل المكتسب : Learned Optimism: How to Change Your Mind and Your Life (Paperback)
(ثلاثة أنماط من القناعات التي تجعلنا نشعر بالعجز وقد تدمر جانبا من جوانب حياتنا وهو يسمي هذه الأنماط الثلاثة :ـ 1ـ الديمومة
ـ 2 ـ الشمول
ـ 3 ـ السمات الشخصية ) "1 "
كذلك نورمان فينست بيل ألف عدة كتب :التفكير الإيجابي
النتائج المذهلة للتفكير الإيجابي
كن نشطا طول حياتك
توني هامفير :قوة التفكير السلبي
هارلود شيرمان : التفكير الإيجابي الخلاق
إذا قدمنا تلك مراجع الهامة في موضوعنا يأتي الرد الكلاني الشمولي فيقول ليس هناك جديد لقد جاء في الأثر :تفاءلوا بالخير تجدوه
ولقد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن الطيرة ( التشاؤم )
وكفى الله المؤمنين شر القتال . هكذا بكل بساطة تختزل علوم و معارف بنص مجتزئ و نقل محدود ، طريقة التفكير تلك عائدة للوهم بامتلاك العلوم و الحقائق على وجه كامل لا تفتح أفقا للبحث و المعرفة بل تشكل عاملا قويا للتثبيط و الإحباط للتفكير الايجابي في مستوياته الذاتية و الاجتماعية . أما عندما نأخذ تلك النصوص و النقول كمضيئات بل ومحفزات للبحث و التجديد نضع أنفسنا على الطريق الصحيح
هامش :انتوني روبنز:قوة الإبتكار و الإبداع وقوة التدم

العقل العربي و أغلال الفكر الأصولي



إحسان طالب

2008 / 1 / 30

تسيطر الثقافة الأصولية في فضاء الفكر العربي على مجمل مناحي الإبداع و الخلق الأدبي و المعرفي ،و تحتل كتب المرجعيات الدينية قائمة المنشورات و المطبوعات المتداولة في معارض الكتب المفترض أنها بوابة للتعرف على ما جد من نتاج العقل الإنساني.
يختزن العقل العربي كما هائلا متراكما من المنقولات المرجعية تحاصر نزوعه نحو الخلق و الابتكار ، وتثقل كاهله بضوابط صارمة لا تسمح بمرور منتج يخل بتوازناتها و سيطرتها .فقبل الشروع في عملية الخلق يتبادر إلى الذهن فوبيا الوقوع في المحرم ،خاصة و أن التابوهات تمتزج بكل جزيئات الحركة الذهنية وردود الأفعال الوجدانية.
الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يميل إلى التواصل و الاختلاط و الانسجام داخل مجموعة يشترك معها بكثير أو قليل من الاهتمامات و الصفات و الأفكار، و يفضل البعض العزلة و الإنفراد وهي حالة استثنائية تعود في أغلب الحالات لظروف اجتماعية أو مرضية و أحيانا إبداعية ، إلا أن الوضع الأخير لا يستمر ويرغب المبدع في إيصال ما أنتجه للعالم و إلا غص داخله و خنقه. ترتبط أحكامنا و مواقفنا إلى حد بعيد بخلفيتنا الفكرية وكثير ما نستعرض الصفحة الأولى أو مقدمة الموضوع ولا ندخله ،نرتكب خطأ جسيما بالحكم على النص من خلال مقدمته ، وليس بالضرورة أن يكون المكتوب ظاهر من عنوانه ،هذه القاعدة الشهيرة و السائدة سطحية وخادعة .تلك هي أولى أخطاء النظرة الشمولية العمومية للنقد و النقاش انطلاقا من أيديولوجية دنيوية أو غيبية مغلقة .
الحوار و إبداء الرأي وسماع وجهة نظر الآخرين أهم عوامل النضج و التفتح نحو عوامل جديدة و قيم حقيقية تقرب البشر و تستقطبهم حولها .يتفق الكثيرون مع الظن بأن أبرز عيوب المثقف العربي حساسيته من الرأي المخالف و خشيته من النقد و لذلك مبررات أخلاقية و ثقافية تربوية . فالثقافة العربية ثقافة نص و سماع ، تدور حولهما النشاطات و الإنتاجيات العقلية و الاجتماعية،و يقترن الكتاب بصورة إلزامية في مخيلتنا بالموروث وما يحمله من إبداعات و جماليات و انجاز حضاري و إنساني خلاق .وما يحمله أيضا من تراكمات مقيدة للنهوض المبدع .
لقد تطورت النظرة للتراث في العقود الأخيرة الماضية و بات التراث بمجمله موصوفا بالفكر الديني و أخذ تدريجا يبعد التجديد و التنوير و يقتصر على كتب التعليم و التقليد المذهبي ،حتى كادت الكتب التراثية الجمالية تغيب عن محافل الثقافة و تجمعاتها لتحل محلها كتب تحمل ثقافة أصولية متزمتة تعيد استنساخ مقولات ونظريات عكف العلماء دهرا لتجاوزها و تغليف آثارها السلبية. ومثال ذلك كتب التعصب المذهبي و العقائدي الرائجة من جديد .
و تدور الحوارات و السجالات الفكرية و الثقافية في عمومها في عالمنا العربي حول نص مجتزأ أو فكرة مركزية بطريقة حلزونية و مهما حاولت الدراسات التنويرية الابتعاد تبقى مرتبطة بالمركز لا تملك منه فكاكا ،تجد نفسها مرغمة على دعم نتائج بحثها الفكري بالمدلولات الشرعية تقتنص قولا منها و اجتهادا من هناك و تفسير معزولا لآية أو حديث أو قول تكون النتيجة إبداعا محدود الإطار قاصرا عن استيعاب التغير و التطور قابلا للدحض و التدمير . حتى تلك الدراسات التي كانت بمنأى عن الارتباط الحيوي بالمنقول النصي و ما جاوره كالأبحاث العلمية و الاجتماعية باتت ملزمة بارتداء جبة المراجع و المشايخ لتحظى بالرضا و القبول و الانتشار.ومن ثمة تسبب البعد عن المنهج العلمي و الافتراق عن المسيرة الحضارية العالمية بغربة ترتد إقصاء و عداء ًورغبة شديدة لدى الجمهور في الحفاظ على الهوية المهددة لأسباب علمية بحتة في المقام الأول و نفسية في المقام الثاني .
وتتضامن مخاوف ثلاثة في معمل الإبداع العربي تحاصره و تثقله بقيود تمنعه من التحليق .أولها المخاوف الأمنية المرعبة ذات السيف المسلط فوق رقبته ، وثانيها سيطرة السائد و التقليدي على الأجواء العامة في ذلك الأفق المفترض أنه لا يخضع لاعتبارات الالتزام الديني و المذهبي , وثالثها الكرت الأحمر المتوفر بكثرة في جيوب المشتغلين في الشأن الفكري و الثقافي ، ففي أي خلاف أو تباين في الآراء أو وجهات النظر يلقى في وجه الباحث و الدارس نصوص دينية قطعية لا تحتمل النقاش أو الجدال تنذر الثبور و عظيم الأمور . لقد امتلك المسلمون الأوائل الصدق و الشجاعة و الجرأة ووقفوا في مواجهة النصوص وفهموها كما يريدون و كما تمليه مصالحهم و مصالح رعاياهم . تستلب حالة التخلف و العجز و الضعف المثقف العربي فتثقله بقيود داخلية و أصفاد مجتمعية و أغلال موروثة تحارب النهوض و إبداع و التجديد .يتحمل المثقف مسؤولية مزدوجة بشقين الأول ذاتي تلزمه العمل و البحث المستمر عن الحق و الحقيقة والصواب و ثانيهما مجتمعية تجبره على إرشاد الناس إلى مكامن العجز و أسباب وحقيقة التلف و التقهقر الجمعية المقترنة بدينامية الحراك الفكري العربي الراهن .

المرأة ليست فرجا ً فقط !


إحسان طالب

2008 / 1 / 26

ُغشاء البكارة هو الحصن الأعظم الذي تدور حوله معارك الشرف الجنسي وتسقط على عتباته آلاف النساء صرعى ،جثث تسيل منها الدماء تغسل العار ، تثبت زعامة الرجل المسلح بالقانون و الشرع و التقاليد و العادات ،حصن ولا كل الحصون تعتمد على بقاءه صامدا حياة النساء في المجتمعات المحافظة و المتلطية تحت ركام من التهيج الجنسي المختلط بقناعات غيبية تتماهى فيه حدود الإنسان مع لا نهائية المطلق يحتل الفرد الرجل مكان الوصي الأخير على تنفيذ توجهات و تعاليم فوقية لا تراجع أو تناقش .
تبدأ الحكاية من الصغر مع الألف و الياء الذكر بركة وقوامة و حارس والأنثى وعاء رقيق وغشاء سطحي يخدشه النظر أو الكلمة ، المرأة مجلبة للعار ما لم تحتجب خلف الأستار و الأبواب ،رهينة بانتظار طالب اليد الخارج من أتون الشحن والضغط تسكن رأسه رؤية قطعة قماش ندية حمراء بللتها قطرات من الدم الطاهر ،يدك الرجل حصن البكارة ويهدمه و لا أدل على رجولته و بطولته و ذكوريته من فض لبكارة ينبغي على الأنثى الحفاظ علية مختوما من الولادة إلى الزواج .
يفشل الرجل في تحطيم السور العظيم ،يحاول ثانية و قد أثقله الخوف من العار عار الفشل والرسوب في امتحان الذكورة ،كيف يواجه الأهل و الأصدقاء وقد سقط في امتحان إثبات الذات و حتى تحقيق الوجود ؟ الحل يخرج ملونا بهلوسة نفسية تسعر نارها غيرة دينية وتوقد نارها تجارب و عادات راسخة نهضت من فوقها قيم و مبادئ مجتمعية يستحيل تجاوزها أو القفز فوقها ،تساور الذكر التبريرات و الحلول السريعة الجامعة المانعة ،هو رجل كامل الرجولة، ذكر بكل ما تمليه الكلمة من معاني ، لقد تأكد من أمر في غاية الخطورة الحصن مدكوك و الغشاء مفضوض من قبل أن يطأه ،الأمور باتت شديدة الوضوح ملتهبة تلك النار التي لا تعرف سبب اشتعالها ،الدم الذي سال بالحرام لا يغسله و لا يطهره إلا الدم
يستل السيف ويرفعه عاليا تتداخل في شرايينه كريات الدم بعقد الرجولة وتعاليم القبيلة ،يغلي دماغه فلا يطفئ النار و العار إلا الدم ينهال فوق جسد المرأة يقطعه ويخرج مرفوع الرأس مشهرا علامة رجولته منشيا بنصر مؤزر ،لقد دك الحصن و أسال الدماء
يحميه القانون و العرف و التقاليد الجاهلية ،تأخذ الجثة ينظرها الطبيب يفتش عن الحصن الغشاء بدون عناء الحصن مازال صامدا و الغشاء مازال مسمطا
عجز الرجل وخيبته ،هيجان الشرف و هوان المرأة ، تنهي الحكاية بجثة جديدة لامرأة لا يحزن موتها أحد .
تتكرر المأساة وبذات التفاصيل مع الأخ و الأب ،و المجتمع الآثم ينظر و يبرر،و القضاء المريض المصاب بفيروس المراجع يجرم الضحية و يبرئ المجرم .
إحسان طالب : كاتب سوري.
هامش :
من وحي قصص حقيقة جرت في بلداننا العربية وتناقلتها و كالات الأنباء

العيد الحزين


إحسان طالب

2008 / 1 / 24

كل عام و أنت حزين
كل عيدٍ و أنت مبتور
أجمع أشياءه الصغيرة َ
أشم ملابسه القديمة َ
أقلب دفتر الصورْ
هذه خطوته ُ الأولى
أذكرها كما اللحظة ُ
هذه ضحكته الأولى
أسمعها كما أسمع نفسي
أقلامه أوراقه رسومه
تحتل جدران روحي
بكاؤه يعزف على نبض قلبي
؟
سأقف إلى جانبك عندما أكبر
سأدير أعمالك لتسعد
سأكون ساعدك الأيمن
قطعوا ساعدي الأيمن
أسالوا أنهار الدمع في شرياني
أسقطوا القمر من قبة السماء
و حجبوا الشمس بظل البغضاء
!
انتظرت أربعة و عشرين
لم أفكر يوما أن يقدم لي شيئا
إلا الحب
لم أشاء أن أكسب منه عونا
إلا القرب
يكبر الحب مع الحزن
ويزداد الأسى مع البعد
.
العيد مناسبة للفرح
ليس لكل الناس
العيد يقول لي أنت
ممنوع من الفرح
و أنا لا أريد أن أفرح
:
لا أستطيع أن أفرح
يسعدني حزني
و تحييني الذكرى
هذا أول امتياز له
و هذا أخر قميص لبسه
،
لوحة جدارية ٌ
تحتل المكان
يقف عند حوافها الزمان
تختزل العمر و الذكريات
تأكل فتات الليل و النهار
تتسرب بين شقوق الجدران
تستعير خيوط الليل
تقطف حزمة من أحزان و أسى
ترسم اللوحة
و تعيد التشكيل
ألوان لا تجف
تسقيها الدموع
يحضنها الفقد

حورية على ضفاف الحب


إحسان طالب

2008 / 1 / 18


جنة على تراب الأرض
ناقصة
وفي السماء جنات
مؤجلة
حورية على ضفاف الحب
تغتسل
لا تنتمي إلى عدن و فردوس
تحاور الشمس لحظ النور تسكبه :
هل ما بيننا نسب ؟
أنت الحياة
سرمد العمر أعصره
و أنا النبات
عصر الحب أنشره
يختزن الكرم شعاع الضوء في ألق ٍ
و أسقي َظمَاءة الصًّب
كما المُعْصِرَات تروي
عفرة الجدب
في كل صبح يشرق وجه
ناظرك
وقد أشرق النور في جفني
مُغْمِضَة
أنت وحدك.. في العلياء
مستوية
و الكل حولك في فلك
تابعون
وأنا هنا معززة
بين الغفير
على عرش الرضا
مكرمة
الكل حولي مغرمون
إلى رحيق العمر
ناظرون
حاضنة الكون بالدفء
مشرقة
وحاضنة الحب لِلظى الرمضاء
ماء
أجود بليل لا حدود له
أزور الحالمين
أنثر الغبطة في صاوي الفؤاد
أهز أركان السرير
فأكون للفجر شمسه
وتكونين شاهدة
لحظ النور
يشرق في القلوب

حوريات المؤذن


إحسان طالب

2008 / 1 / 13


أطل الليل الطويل بوجه عابس
لا تعترض
في كل مرة يخرج لسانه في وجهي
ابتسامة صفراء
تهمس في أذني حاول أن تنام
أحتال عليه
يتجاهلني سنة أو اثنتين
يهزني لن تنام
الخبز و الماء و فواتير الكهرباء
أخبار الدماء وصولات الدخلاء
كيف لك أن تنام
أسامر الليل و النجوم آذان
و أنتظر الفجر و الساعات أزمان
أخاطب روحي و الجدران خلان
أفكر بحلم جميل
أتوق لفرح يسير
أسافر في دهاليز الخيال (1)
وأبني قصصا ً
لأطفال وأبطال
أفكر بنصر الأمهات
على قلة الدقيق
وضيق الثوب وغش الحليب

******

أقول له سأهزمك بواحدة
سأهرب منك إلى السماوات
التي لا تنتهي
وأعد النجوم التي لا تعد
لن أعد الخراف
إنها تقلقني بإدام (2)
ووجبات دسمة
لا يعرف رائحتها أبناء حيي
وذلك الشيطان اللعين
تحالف معك
فلا تطرده آيات ولا أذكار
أرجوك دعني أنام
أنهكتني
الشمس الحارقة بانتظاري غدا ً
والحذاء الرخيص
يأكل فتات قدمي
دعني أرتاح قليلا ً
يخرج لسانه اللئيم
لن تنام قبل الفجر
أتأمل الفجر الجميل
وأتكئ على وعد كليل

*******

مؤذن الحي ينام قبل الغروب
يحلم بحوريات وجنات
توقظه إحداهن قبل الفجر بساعات
اللؤلؤ المكنون (3)
يضيء ليل المفتون
يقلب البصر
يصعد درجات الصوت
يحتار ماذا يقول
وكيف ينهي مديحا ً جانبه القبول

قلت لك لن تنام
آخر كلمة سمعتها من الليل
وأذكرها وأنا أقابل
وجه الحذاء القبيح !


1 ـ الدهليز بالكسر ما بين الباب والدار فارسي معرب :مختار الصحاح للرازي
2ـ الإدام ما يؤتدم به تقول منه أدم الخبز بالحم من باب ضرب : مختار الصحاح للرازي
3ـ من قولة تعالى : ( و حور عين كأمثال اللؤلوء المكنون ) الواقعة 22

الإشكالية الديمقراطية بين الأغلبية السياسية و الإثنية 12


إحسان طالب

2008 / 1 / 8

النظرية الشائعة التي غدت مسلمة لدى ثلة من المراقبين م المحللين و القائلة بأن أية انتخابات حرة و نزيهة في الدول العربية سوف تؤل إلى اكتساح التيار الإسلامي لغالبية المقاعد النيابية و تاليا السيطرة على الحقائب الوزارية و مراكز صنع القرار في الدولة ، بحاجة إلى مراجعة و نقد .بالوقائع تفصح الانتخابات التشريعية المغربية الحاصلة في 7ايلول007 عن خيبة التوقعات باكتساح حزب العدالة و التنمية المغربي للمقاعد المتاحة حيث قدم الحزب 94 لائحة فاز من خلالها
ب46 مقعدا من أصل 295 بزيادة طفيفة بلغت أربعة مقاعد عن الانتخابات السابقة . أيضا في الانتخابات التشريعية الأردنية الأخيرة 20-11-007 و خلافا للمتوقع حصل تراجع واضح لحظوظ الإخوان المسلمين بنيلهم لستة مقاعد فقط من أصل 22 مرشحا . بالأخذ بعين الاعتبار مسألة الشفافية و النزاهة يمكننا اعتبار الحراك الديمقراطي المشار إلية مقبول نسبيا بالنظر إلى جود 50 مراقبا أجنبيا متابعا للانتخابات في المغرب وبالركون إلى مراقبة منظمات المجتمع المدني للعملية الانتخابية في الأردن و استنادا لتقارير صحفية اقر خلالها 54%من الأردنيين بنزاهة الانتخابات بينما تنوعت مواقف الباقيين بين عدم النزاهة و عدم القدرة على تحديد موقف .اللعبة الديمقراطية تلك جرت في ظل نظام انتخابي يتبنى القائمة النسبية التي تفرض التصويت على سلة من اللوائح المتنافسة على المقاعد المتاحة في دائرة انتخابية كبيرة مما يعني منع أي حزب أو تجمع أو حتى تيار من السيطرة على الأغلبية الكبيرة داخل المجلس النيابي . نحن هنا أمام حالة موضوعية تحجز و تحاصر طغيان الأغلبية الإثنية قبالة الأقليات المتعددة المتواجدة على الساحة الوطنية و تسمح بممارسة العملية الديمقراطية بطريقة آمنة .
عناصر الصورة على المسرح الديمقراطي العربي لا تكتمل بدون استيعاب الحالات الأخرى المتممة للمشهد السياسي الراهن ، فالتطبيقات العملية للتجربة الديمقراطية في فلسطين و العراق أعادت الثقة لمقولة سائدة في أوساط العلمانيين أن الخوف من التيار الإسلامي و الأغلبية الإثنية ليس وهما .
التجربة الإيرانية الرائدة أفرزت صيغا من التعصب الطائفي آثار شكوكا بمصداقية الحل الديمقراطي للمسألة الوطنية فالنموذج الإيراني الحالي لا يقبل بمعارضة من خارج الطبيعة الأصولية الحاكمة و لم يتردد الرئيس المنتخب أحمدي نجاد من وصف معارضيه بالغباء ة الجهل و الخيانة و كان صادقا مع نفسه و لعله حسن النية أيضا فالصواب ضمن الفهم الأصولي الديني له وجه واحدة و الحق مطلق و ليس نسبيا . تلك الصورة المثالية حسب رؤية البعض انعكست نتائج سلبية على ميادين و إرادات عربية رغبت بالاستفادة من تلك التجربة و تطبيقاتها العملية . ففي العراق لا تجد الأغلبية البرلمانية عيبا في سيطرتها على محصلة نتائج العمل البرلماني طالما أنها تحظى بأكثرية المقاعد التشريعية و لا ترى إشكالاً في توجيه مسيرة النشاط الحكومي لتصب في مصلحة أكثرية الهيئة الانتخابية التي تمثلها ، في مثل ذلك المنطق المحق ظاهريا تضيع حقوق الأقلية النيابية حتى و لو كان الفارق المرجح لطرف على الأخر 1% . الأقلية النيابية العراقية لم تجد حلا للتعبير عن عدم القدرة على التغير سوى التهديد بالانسحاب من الحكومة و البرلمان و لولا الضغوط الخارجية لانفردت الأكثرية بالبرلمان و الحكم و وضعت الأمور على حافة الانفجار .
الحالة العراقية تماهت مع التجربة الإيرانية من جهة التقارب المرجعي الأيديولوجي للسياسيين في البلدين فسمحت للأكثرية المذهبية بتبني حقوق الأغلبية السياسية ـ المتفق عليها في أنظمة الحكم العالمية الحديثة ـ إلا أنها أغفلت كون الاصطفاف و التقسيمات التي على أساسها تجسدت التوازنات البرلمانية انبثقت من ولاءات مذهبية و طائفية آخذة ًبعين الاعتبار في المقام الأول أملاءات المرجعية الأصولية الدينية ، فمنطق اللغة الجامعة للأكثرية هنا هو التموضع خلف مصالح و طموحات فئات ترى المصلحة الوطنية متحققة جراء تلبية مطالب و رغبات الأكثرية العددية بصرف النظر في كثير من الأوقات عن حاجات و توجهات الأقليات المكونة لباقي عناصر الطيف الوطني ، و في ظل هذا الوضع يتوه جوهر الفكر الديمقراطي و يكرس واقع جديد يصعب تغيره أو تبديله .و يطفو على السطح هنا مصطلح دكتاتورية الأكثرية أو استبداد الغالبية ، و لا يبتعد مدلول المصطلح كثيرا عن الصواب ,ففي بلد كالعراق أو سوريا لا تتغير الكتل العددية المحصاة طبقا لتنوع مذهبي أو ديني أو عرقي , فالغالبية الشيعية في العراق كانت سائدة لعقود طويلة و هي مرشحة للاستمرار لزمن مديد و لا يمكن لعلماء الديموغرافيا تحديد نهايته ، و في سوريا الإحصاء العرقي يؤكد على التفوق العددي للعرب على الكورد لأزمان قادمة يستمر خلالها التباين النسبي لمكونات الشعب السوري ولا توجد في التاريخ المنظور مؤشرات على تحول الواقع القائم أو تبدله .
صحيح أن اللعبة الديمقراطية تقوم ببساطة على أساس عددي تنال خلاله الأكثرية العددية ميزات القيادة و الحكم و تقف الأقلية العددية في موقع المعارضة إلا أن هذا الوضع غير ثابت و قابل للتغير ، فالشرط الديمقراطي يفرض و جود الفرصة الكاملة لتبادل المراكز بين الأقلية و الأكثرية . فالأغلبية المطلقة في المجلس النيابي مؤهلة و جاهزة للتغير في دورات انتخابية قادمة تتحول المعارضة إلى موالاة و تصير هي صاحبة الامتياز ، يحدث ذلك بسلاسة في مجتمعات مدنية حديثة ، يتبلور التمحور و التجاذب داخلها وفقا لمنظومات سياسية تذوب داخلها و تتراجع الهويات المذهبية و العرقية و يكون البرنامج السياسي و البيان الانتخابي مركز الاهتمام و الالتقاط .
ثبات الواقع الجيوسياسي الناجم عن الحالة الديموغرافية أمر يدعو للقلق ، فشرط تبادل المراكز في اللعبة الديمقراطية الذي يتيح انتقال الأكثرية من جهة لأخرى غير ممكن في ظل توجه أصوات الناخبين بشكل أوتوماتيكي نحو المرشحين الممثلين للهويات العرقية و الإثنية بدون التفنيد و التدقيق في البرامج السياسية ، و يشغل البحث عن الانتماء المذهبي و العرقي المبدأ الرئيس الذي يعطي على أساسه الناخب صوته . الحالة السسيولوجية للمجتمعات العربية تؤكد التزام و تعلق الفرد بوحدات اجتماعية صغيرة تبدأ برب الأسرة ضمن العائلة الواحدة و تتوسع قليلا نحو العشيرة والقبيلة و عندما تأخذ شكلا أكثر مدنية تتحول إلى الطائفة فالمذهب فالدين والعرق ، هذه الحالة في الواقع ليس واحدة لدى الشعوب العربية و هناك تفاوت كبير يبدو جليا بين دولة و أخرى و ربما بين مدينة و أخرى
المؤسف أنة بعد عقود من الاستقلال الوطني نعود لمعالجة أبجديات التناقض بين الواقع العربي و النظام الديمقراطي ، و نسعى للبحث عن أشكال و أنظمة سياسية أقل ديمقراطية و أكثر توافقية نخبوية و لا اقصد بالنخبوية هنا الثقافية أو الفكرية و لا حتى العلمية بل الاجتماعية والطبقية و السياسية .
باستقراء نموذج آخر له خصوصية قد نتمكن من القرب أكثر نحو فك أو تحليل الإشكال الديمقراطي في ميدان السياسة العربي .

الجمعة، يناير 04، 2008

الليالي الساهرة

إحسان طالب


2-1-2008

(1)
من قصة حب كئيبة
من كلم فؤاد نازف
من دفتر أوراق خضر
من وريقات روح تعبة
طلعت آلاف الأسئلة الحميمة
تنتظر إجابات امرأة قاسية
قطرات من الدمع
أبت أن تكتم الحقيقة
تجمعت قرب حبيبة الأمس
تسألها
هل تعرفين شابا
أدمن السير في الطرقات
غير ملامح الأرصفة
عمر فيها ذكريات جميلة باسقة
غرس فيها أشجار زيتون
كتب على أوراقها رسائل حب
علها تصد هواك
(2)

اعتكف في محراب الشعر
جالس الشعراء
داعب القصائد
شكلها لونها
بمداد احمر
سقاها
فوق غيوم بيضاء
نثرها
استسقى السماء
فأمطرت لؤلؤا ً
يحي أشجارا و ذكريات
تلا على الليالي دواوين عشق
أبقاها ساهرة
عسى تحفظ كلمات حب حزينة
عسى توحي إليك بذكرى أيام
كانت رائعة
(3)
هل تذكرين رجلا
لا يريد من الدنيا سواك
لا يسأل الرب إلا هواك
أهداك قلبا
و هب لك عمراً
أوقف حياة
لم ينسى يوما
ما شغله غيرك مرة ً
(4)
تعرفين وتنكرين
تعملين و تجحدين
هل هي الدنيا
تنال من قلوب العاشقين
أم أنه الثراء
يمتص ماء الحب
فتذبل ورود القلب
(5)
قطرات من دمعها سالت
تروي مأساة بُعد
تعيد كتابة قصة حب
توقظ آلام جرح
فرحت بقرها وأدمى فؤادي
دمع عينيها

شيطانة لعوب

إحسان طالب


30-12-2007

سلبتني عمري في البحث عن خبز و زيت
أسألك لماذا و لا أنتظر جوابا
أرجوك بأدب و آمل بصد
تعبثين وراء ظهري
تنصبين الفخاخ في طريقي
تتلاعبين بروحي
و يعز عليك فرحي
صادرت أحلامي واحدا تلو الآخر
ذهبت بأمسياتي لثقب أسود
قاعه العد م
امرأة لعوب
جميلة مخادعة
هي الحياة
*****
بعد العشرين
بعد الثلاثين
بعد ....
بحثت عن امرأة في مفكرة الأيام
عن لعوب في دفتر أزماني
عن جميلة مخادعة
ضحكاتها عذبة شيطانية
تروج لها الجرائد و المجلات
تفيض صورها في وساوس الرجال و النساء

طلبت ابتسامة صغيرة
فسحة أمل ضيقة
هواء نقيا ً و ماءً باردا ً
فتشت عن لقاء حميم أو لمسة محرمة
تمنيت أن تصلني رسالة غرام
أن تغويني جميلة من الجيران
سأترك ذلك كله
سأدفن أوهامي و أعتزل
و أبيع كلماتي في سوق اللصوص
*******
قالوا ..
الجد و الصبر
العلم و الأدب
مزايا تحتفل بها الحياة
ليست لك يا عزيزي
اخترت لك السقف
وبالغت في عمق الجهد
هذا ما قالته لي اللعوب
لا تحزن ..
كنت خيرا ً و معطاءً
أمينا لا تخترق ذمتك رأس إبرة
محبا ًكبير القلب
صادقا صبورا ً
رضيت بمقالها
و صالحت نفس على و قع ضحكاتها

الإرهاب الإسلامي القوي

إحسان طالب


29-12-2007



أعلنت الإذاعة الرسمية الباكستانية تبني القاعدة لاغتيال شهيدة الوطنية والديمقراطية، الشجاعة البطلة بي نظير بوتو ، ولا يبدو ذلك مستغربا أو مستبعدا فيد الغدر و الإرهاب الديني في باكستان ضربت بقوة خلال العام الماضي ورفعت من وتيرة معارضتها الإرهابية بعد سقوط المسجد الأحمر .ما يميز باكستان عن غيرها من الدول أنها دولة قامت و نشأت على أساس ديني وتشكلت لحماية المسلمين الهنود و استقلالهم السياسي و الثقافي و لم يكن في نية أو تصور أحمد علي جناح المؤسس، الذهابُ إلى دولة دينية أو إقامة نظام حكم إسلامي بل توجه إلى إقامة بنيان سياسي حديث ديمقراطي .بعد عقود طويلة من قيامة الدولة لم يتمكن القادة التاريخيون لباكستان من وضع القطار على سكة الديمقراطية و انتهت مسيرة قادة الفعل السياسي بالموت و القتل .
في باكستان قوة عسكرية نووية يسيطر عليها الرئيس مشرف مباشرة وهو حليف الولايات المتحدة و يحظى بتأيد شعبي عشائري و تأيده المؤسسة العسكرية مما قد يخفف المخاطر المرتقبة في ظل الأوضاع المتأزمة و المتفجرة حاليا في باكستان و يبقى الخطر ماثلا للعيان من استيلاء أو سيطرة قوى متشددة على أزرار النووي الباكستاني .
الإرهاب الديني المتفيء في ظلال التشدد و التطرف الإسلامي خطر داهم يمتلك كل عناصر القوة الأزمة للتغير و الثورة أولها الفكر و الفقه و النص و التراث الداعم لما يطرحه من مواقف و آراء و ثانيها الغلبة الشعبية و الأكثرية المنحازة المؤيدة أو المتعاطفة مع ما يلقيه من أفكار و متفجرات، وثالثها السلاح و الدعم الخارجي من دول إقليمية ترى الخلاص في خراب العالم مما يتيح ظهور المهدي كما أعلن أحمدي نجاد على رؤوس الأشهاد في منبر الأمم المتحدة .
قرب و مجاورة باكستان لمناطق طالبان والتداخل القبلي و العشائري بين الأفغانيين و الباكستانيين يجعل من التقارب و التوحد بينهما قوة أكبر لديها الرغبة الإرادة للتدمير و القتل. وهذا يظهر بجلاء حقيقة الخطر الداهم في باكستان و ما يترتب من انتصار أو سيطرة قوى الظلام على مقدرات البلد.
ليس هناك أدنى شك في أن استشهاد بوتو ضربة قوية للديمقراطية المتعثرة أصلا و المتنقلة فوق طريق وعرة من الانقلابات العسكرية المصاحبة لفكر الاغتيال السياسي المشهود في راهن الزمن الباكستاني كما ليس هناك صعوبة في الوصول إلى قرار باستمرار الوضع السائد و تأجيل الانتخابات المقررة بعد أسابيع .
و التساؤل الحائر هنا هل الشعوب الإسلامية ومنها العربية عصية على الديمقراطية كونها غربية الصنع كافرة الأم و لأب كما يصنفها الإسلامويون المتشددون أم أن قيم الديمقراطية تتعارض مع مثل الحق و العدل الكلية ولا تناسب ثقافتها و قيمها الراسخة و الموروثة عبر قرون مديدة لم تعرف خلالها ولم تنفتح في مجموعها سوى على ما ينفثه الفكر الديني الأصولي . الأتراك و الاندونيسيون عرفوا الديمقراطية و مارسوها و هم شعوب إسلامية هذه حقيقة لكن الحقيقة المغفلة هنا أن تلك الديمقراطية الهشة نشأت وترعرعت في ظل دساتير علمانية و أنظمة حكم علمانية كانت تفصل الدين عن الدولة أي تعزل الأصولية من صياغة و بناء القانون و النظام ، عندما تبنت النخب السياسية الحاكمة في البلدان العربية تيار التطرف ِلما و جدت فيه من فوائد جمة ترسخ الاستبداد وتحارب الديمقراطية لم يشهد العالم العربي استنكارا حقيقيا على الطغيان و الاستبداد بل تحولت الثورة نحو المختلف دينيا و ثقافيا في الداخل و الخارج . وما يشهده الميدان السياسي العربي من معارضة متكئة على أحزاب دينية ليس في واقع الأمر صورة ديمقراطية بقدر ما هو إستراتيجية دعوية مسموح بها فقهيا للوصول إلى السلطة .
التيار الأصولي الديني الإسلامي العنيف في باكستان قريب من أشقائه في غزة و العراق ولا يختلف الخطاب المعلن و المبطن في دلالاته و سياقاته من مكان لآخر، فالمرجعية واحدة يحكمها ارث عملي وثقافي شديد التمكن صلب التماسك قوي التأثير حي لا تخفف من غلوائه فتاوى و اجتهادات هنا و هناك .
التيار الديمقراطي المسلم حقيقة واقعة نلمسها و ماثلة أمامنا في المشهد السياسي و نثق بالأفراد و المجموعة التي قامت بمراجعات حقيقية و صلت من خلالها لضرورة نقد النص ألا أننا في واقع الحال ندرك مدى ضعف قدرة التيار التنويري في التأثير جماهيريا و ندرك أيضا ضعف حججه الفقهية و أدلته الشرعية
كلما طال الزمن أخفينا رؤوسنا في التراب مبعدين التهمة عن أصحابها الحقيقيين كلما طال العصر الذي يسيطر فيه التشدد و التطرف على المشهد السياسي و الفضاء الفكري حتى يأتي زمان لا يرتفع فيه سوى شعار المؤسسات الدينية القديمة و لا نرى في سوى اللحى و السواد، ونعيش في دول و مجتمعات تقطع فيها الأيدي و الرؤوس و ترجم فيها النساء و الرجال و يغدو السوط أقوى من أي صوت.
إننا نسير بسرعة نحو هزيمة حضارية مفزعة نعالجها بالهروب إلى الأمام و كلما طالبنا بالتحرر و الديمقراطية حوربنا بزعم يقول أن تلك المطالب غربية أمريكية لا تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا و أوطننا و حقيقة الأمر أن الغرب بشقية الأمريكي و الأوربي لا يعنيه ما تعانيه الشعوب العربية و الإسلامية من استبداد و فقر و تخلف و جهل ، لديه مجموعة من المصالح والحاجات يرغب بالوصول إليها بصرف النظر عن القيم الغربية و يمارس النفاق الأخلاقي و يدعم و يبرر كل ما يؤدي لتحقيق مطالبه ويدعم دولة إسرائيل و من يدعم و جودها من أنظمة متحالفة معه ضمنا متعارضة ظاهراً. الغرب لا يبالي في نهاية الأمر بالشعوب ولا بالديمقراطية و لقد وجدت الحكومات العربية في الدعوة الغربية المنافقة للديمقراطية و الحرية قميص عثمان لتبرر ما تفعله من بطش و طغيان يساعدها في ذلك
التشدد والتطرف والغلو الديني الإسلامي الذي يصب في المحصلة في جيوب الحكام ويدعم تطلعات السيطرة على شعوب العالم بحجة محاربة الإرهاب الموجود و المترعرع في أحضاننا المنتشي في جنبتنا . كلما نجح الإرهاب تأصلت الهزيمة الحضارية التي نعيشها و كلما كشفنا الغطاء الإسلامي عن القتل و العنف و التعصب كلما خففنا من وطأة التدهور الإنساني و الأخلاقي الذي نعانيه .
الإرهاب لا دين له هذه حقيقة لكن تجاوز ما يقوم به مسلمون من أعمال إرهابية خطأ لا يحل المشكلة بل يعمقها ، الفتاوى والنصوص التي يطرحها أنصار القاعدة مدونة و مكتوبة و معروفة و مشهورة في تراثنا وليست دخيلة علية و يملكون من الحجج و البراهين الشرعية ما يسكت مجادليهم ، محاربة الإرهاب في شقه الشرعي أمر مفيد لكنه في النهاية غير ناجح ،و النقاش مع الظواهري بذات الشروط الشرعية السلفية سيمكنه من إظهار قدرته و يدعم منطلقاته و أفكاره
الوقوف بصدق و شجاع و في مواجه المنقول و معالجته سبيل صريح و بناءٌ في صد موجة الإرهاب المتعاظمة و المنذرة بدمار لا حدود له

امرأة تتحدث

إحسان طالب


26-12-2007


أمام بريق خداع
و سوار أحكمه الصناع
جلست تتساءل بخشوع
عن سر العدد الموضوع
الرجل بأربع نساء
و المرأة آنية... و وعاء
أرض يحرثها الزَّرَّاع
يأتيها الذكر بالحَب
أو كيفما... شاء
سكن مرهون بالإمتاع
يخليه الرجل بكلمة سواء
و بكلمة يملؤه إماء
بنزوة أو شهوة
تبدَّل النساء

***

يا امرأة..
كوني في عداد الأشياء
محظوظة أن تكوني
تحت عباءة الأولياء
إن أَحببْت أَطَعْت
و إن كرهْتِ صبرْت

***
يا امرأة..
كوني قيد الجدران
لا تشغلي البال بعدل أو مساواة
لا تسألي الرجل
عن فكرٍ أو تفاهات

***

أمام ظلم مشروع
و واقع رسَّخه الخضوع
وقفت تتساءل..
من يصنع التشريع
من يقيِّم الأشياء
زعموا في حديث الزمان
أن المرأة نصف السكان
نصف العدل
و نصف العقل
زعموا في قديم الزمان
أن الرجل كمال الإنسان
بيده الحل
بيده العقد
و لا غيره أهل..
لمسك الزمام

***


إنه في حاجةٍ إليها
و لا يمكنه البعد..
عن جسدها
بيد أنه..
قوَّام عليها
في رتبةٍ..
لا تحل لها
لا يبالي بكسرها
و لا يؤذيه فطر
فؤادها
سيطرت شهواته
على مقدراتها..
فغدى كائناً
أفقده الموروث
جوهر الإنسان
لكنهما في الخلق
سواء..
و المرأة كانت مثال
الأتقياء
جنتها و نارها
بيد الأوصياء

***

عقول تجاوزها الزمان
بقبضتها عنق الإنسان
تستغل الصاروخ
تستغل الفضاء
تشتري الأقمار
تمتطي صهوة المحمول
كل ذلك..
كي تعود إلى الوراء
تحيي أضرحة المومياء
تملأ الرؤوس بالخوف
و تحاصر بالقيود الرجاء

الغارقون في الوهم


إحسان طالب

23-12-2007


إنهم كالغبار في العيون
كالدخان الأسود في الأنوف
كالعفن يغزو مواطن الغفلة
كالسوس يبني أعمدة الزيف
يملؤون الفراغ يحتلون فضاءات التواصل
يختلطون بذرات الهواء
يتسللون إلى أوراق الشجر
يمتزجون بنويات حبات القمح
يفترشون بتلات القطن
أصواتهم طاغية و مدادهم فيضان
أقلام و أصابع و أوراق
تسود الصحائف
تطغى على كل الألوان
تتغلغل في تفاصيل الروائح و الصور
تسيل في أحلام و خيلات الأطفال
تنام في الفراش مع الكبار
تقدم النص الأخير لوصايا الراحلين...
و تفاصيل سير القادمين
في أول رضعة لمولود جديد
في أول قذفة لشاب عنيد
و بوادر الحمرة
لمرأة تولد في أحضان حلم سعيد
الضائعون
الهائمون
التائهون
لهم ملاذ
و حضن و قضية
صغار القوم و المهمشون
العابرون السائرون بأقدام عارية
على درب الزمان
لهم بعد التوقف كيان
و مقر
قصور و خلان و عشرات
الحور في الخدور

الخميس، ديسمبر 06، 2007

بيتنا الحوار المتمدن

إحسان طالب
7-12-2007

في ظل أجواء من التشدد و التزمت و الرقابة الرسمية و ااشعبية الخانقة وسيطرة الأصولية الدينية على مفاصل الإعلام المطبوع و الفضائي كانت الجاحة أكيدة لوجود نافذة يمكن من خلالها تنسم طيف الحرية في أجواء من الإحترام و الحرفية ينسجم مع الثورة العالمية في كونية الإتصالات . و لم يكن كافيا تحقق الشرط الموضوعي لجذب الكتاب و الباحثين و المهتمين و المتابعين حيث يفترض بالساحة أو الميدان الذي سيستقبل الأفكار و الإبداعات أن يتحلى بصفات النجاح الذاتي من جهة الشكل و الإنتشار و الإقناع البصري و اثارة الدافع النفسي للولوج بإصرار و حماسة تهيىء الفرصة للاستمرار . كل ذلك كان متوفرا ومتاحا في موقعنا الجميل و ساحتنا الرحبة ذات الصدر الواسع و الأفق الممتد نحو الحقيقة اللامتناهية ، بيتنا الحوار المتمدن .
في غضون ست سنوات من العمل الدؤوب و المجهد تمكن ثلة من المثقفين المتطوعين ارساء قاعدة متينة و صلبة تستقطب المفكرين و المبدعين في الكثير من مناحي المعرفة و العلوم والآداب السياسية و الثقافية و الإقتصادية و الاجتماعية و تتيح لهم الفرصة لنشر نتاجهم و إبداعاتهم و فنونهم بصورة لائقة و مستوى رفيع من الإعداد و الإخراج.و إذا كان الحوار المتمدن صلة الوصل بين منتجي الثقافة و المعرفة و متابعيها و المتفاعلين و المتلقيين لها فانه ساهم في خلق مسلك ايجابي لتفجر طاقات و امكانات مؤهلة و متمكنة من الظهور و النضوج و الوصول إلى القارىء و المهتم .
لقد غدى بيتنا الحوار المتمدن خبزنا اليومي الذي لايستكمل ليلنا إلا بالمرور علية و التوقف عنده و أحيانا المبيت لديه انه الشريك و المرجع و الصديق المخلص نؤوب إليه لحظة بدء بحثنا و نغوص في أعماقه يوم نعتزم الوصول إلى المزيد من الحقائق و المعارف و لا يعد ما نكتبه و ما نبدعه مكتمل قبل إتمام البحث في غرف البيت المترامي الإطراف و المتعدد الفضاءات .
لقد باتت مواقعنا الخاصة في منزلنا الحبيب مرجعا لنا و لأصدقائنا و للباحثيين عنا و لمن يبتغون معرفة توجهاتنا و إمكاناتنا و في ذلك خدمة جزيلة و فائدة شخصية جليلة أسداها الحوار المتمدن لكل واحد منا . تحية و شكر لكل من قدم الجهد و التعب و سهر اليالي و انقطع عن متابعة حياته اليومية العادية ليتابع العمل و يحقق النجاح .

المجلس الوطني السوري اقلاع في الزمن المفقود

إحسان طالب
5-12-2007

تاريخيا ترتبط القضايا الكبرى بأفراد ينتصرون لها و يؤمنون بها يبذلون جهودهم و إمكاناتهم لتحقيق الغايات و الوصول إلى النتائج المرجوة حيث تترجم الأفكار و المبادئ إلى واقع ملموس يترك مفاعيل و آثار واضحة على بنية و مسيرة العمل الجماعي ، من هنا جاءت أهمية جدلية الاجتهاد الفردي و التفاعل الذاتي مع الحراك الموضوعي الجمعي ، و لولا تضافر مجموعة من الجهود و النشاطات و الاجتهادات الفردية و التي تصب في بوتقة العمل الجماعي لما تحقق العديد من أشكال الفعل المشترك بين عديد المجموعات المتآلفة حول ثلة من القيم و المبادئ . إنها وقفة للتأكيد على عظيم الأثر للمبادرات و الإبداعات الفردية في صميم النشاط و الحراك الجماعي . وتقديم الشكر الجزيل لكل من ساهم و ساعد و دعم و أيد انعقاد المجلس الوطني الأول لإتلاف إعلان دمشق .
خلال الأشهر القليلة السابقة لانعقاد المجلس الوطني لإعلان دمشق تم التحضير له عبر سلسلة طويلة و معقدة من الجهود المضنية و الاجتماعات المفتوحة و و المغلقة و الحوارات و اللقاءات المتتالية عبر كافة أنحاء المحافظات السورية . و لقد أسفرت تلك التحضيرات البالغة الأهمية عن الوصول إلى الهدف المنشود و المتمثل في عقد المجلس الوطني الأول لإتلاف إعلان دمشق بصورة تمثيلية فريدة التقى في إطارها الطيف الأكثر إقناعا في نقل الفسيفساء السورية الجميلة داخل الحلقة المفتوحة لأول تجمع و طني سوري من نوعه منذ ما يقرب النصف قرن و لعل الصفة الأبرز هنا إلى جانب التعدد و التنوع و الاختلاف هي القناعة الحقيقية بضرورة التغير وفق الآليات و التصورات التي تم اعتمادها في الوثائق الصادرة عن المجلس .
لقد كانت العقلانية و الحراك العملي المدروس في التحضير الدءوب الذي تم خلاله تكثيف الجهود للوصول إلى أوراق توافقية مشتركة تستحوذ على رضا ودعم جميع القوى و التكتلات و التحالفات المنضوية تحت إعلان دمشق عاملا حاسما في انجاز كامل المهام و الواجبات المناطة بالمجلس ، حيث استطاع الحضور مناقشة الوثائق و تقديم الاقتراحات و التعديلات التي حظيت في غالب الأحيان بأغلبية الحاضرين عبر التصويت و في أحايين أخرى بالتوافق و ذلك على الرغم من حرص الكثيرين بالسير في العمل و الممارسة الديمقراطية نحو مستويات عالية تتجاوز قاعدة التوافق الديمقراطية , لقد كانت الإرادة القوية من قبل الجميع في تحقيق المطلوب و إتمام المراد متوفرة و حاضرة أسفرت عنها النهاية الأفضل في ختام أعمال المجلس .
لقد كان التنسيق و الترتيب التجهيز المسبق لكافة لوازم النجاح محققا من إعداد للمكان و مستلزمات الحضور و اللوائح الاسمية و الجداول المطبوعة و توزع الواجبات بطريقة أزالت العقبات المتوقعة و مهدت المطبات التي تنجم عادة على طريق العمل الجماعي .
لقد أتاح حس المسؤولية العالي الذي تحلى به جميع المشاركين و المساهمين فرصة كبيرة لاستمرار اللقاء وإنهائه بنجاح رفيع المستوى فاق الحدود الدنيا المرتقبة ، إذ تجلت تلك المسؤولية في الإدارة المتميزة للاجتماع التي تولاها رئيس المجلس المنتخب و نائباه و أمينا السر و عبر المساهمات الكثيفة
و المشاركات القيمة التي اتسمت بالعمق الفكري و الخبرة السياسية في ظل ممارسة ديمقراطية و شفافية عالية ندر اعتمادها أو تطبيقها خلال مسيرة العمل السياسي المعارض ، مما يشير إلى تقدم و تطور ايجابي واضح في طرائق و أساليب الحراك الجماعي للمجتمعات السورية وذلك على قاعدة التنوع و التعدد و التباين المشكل لبنية المشارب و الانتماءات التي جاء منها الأعضاء العتيدون

للمجلس المنعقد . و الجدير بالتوقف و التدقيق زيادة و تنامي أشرك و اشتراك التيارات التجديدية و التنويرية و الإصلاحية من كافة الأيديولوجيات الدينية و القومية و اليسارية و الليبرالية مع ذلك الحشد من القوى المستقلة الفاعلة و المؤثرة في ثنايا و تضاعيف البنية الحيوية للشعب السوري ، في الفعل السياسي و الثقافي و المدني .و هذا في حد ذاته أمر في غاية الأهمية على صعيد إعادة السياسة إلى الناس و إشراك المجتمع المدني بالسياسة و الإنتاج الثقافي ، حيث كان ذلك و مازال مطلبا حيويا في أية مسيرة تغيرية تعول عليها الشعوب الحديثة عبر تاريخها المعاصر
إن اختلاف التوجهات و التطلعات و الطرق و الوسائل و الانتماءات لم تتسبب في إعاقة العمل أو توقفه بل لعلها أثبتت أن العمل التغيري الديمقراطي الوطني كفيل بالإحاطة و ضم الرايات و الشعارات
في السعي من أجل إقامة دولة الحق و القانون تحت ظل دستور مدني يكون الأساس لعقد اجتماعي بين الدولة و المواطن يكفل حقه في الحرية و العدالة و المساواة و المشاركة و يضمن الحفاظ على مصالح الوطن العليا .
لقد جاءت الآليات الديمقراطية التي حظيت بالأغلبية الساحقة عبر التصويت و تلك التي تم التوافق عليها لتضمن تنظيم و ترسيخ قواعد إجرائية للعمل الحالي و المستقبلي تكفل استمرار و نجاح الفعل الديمقراطي داخل مكاتب و هيئات ولجان إعلان دمشق بطريقة تضمن تداول المهام و الواجبات و مراكز قيادة العمل .

الجريمة الاجتماعية المبررة لخير الأمم

إحسان طالب
29-11-2007

نتباهى نحن العرب المسلمون بأهمية العامل الأخلاقي في تفكيرنا و تصرفاتنا و وجداننا ونشمخ بأنوفنا فوق قمم جبال الألب لأن التركيبة المدنية و القبلية لشعوبنا مازالت تحافظ على الروابط الاجتماعية و الدينية . و تسخر عقولنا من الغرب و حضارته و تقدمه لشيوع الجريمة في مجتمعاته و تبني الناس للحرية الجنسية و ضعف الوازع الأخلاقي في سياسات إداراته و ضمائر أفراده .
وجهات النظر تلك تحولت إلى قناعات بل إلى مسلمات تثقل العقل العربي المسلم بالإيمان بأزلية و أبدية المكانة العليا لخير أمة أخرجت للناس ، أمتنا التي تتفوق على الأمم الأخرى بأخلاقها و حضارتها و العلاقات الإنسانية و العائلية السائدة في مجتمعاتنا . وأمام الهزائم و الإخفاقات المتتالية ومع تنامي الفارق المادي الحضاري و الاختلال الرهيب في ميزان القوى و الإنجازات بين بلداننا و دول العالم ، تزداد زاوية الرؤيا ضيقا و انحرافا و تصنع المسلمات الموهومة سورا منيعا تقف حائلا دون أي إمكانية لولوج الحداثة و العقلنة في أدبياتنا و سياساتنا و خطابنا مما ينذر بطول أمد الركود و الجمود الحضاري و المدني ويسرع الخطوات نحو الخلف على طريق المزيد من الانتكاسات و التشتت و الضياع .
صور و أخبار :
في حلب الشهباء أحد أهم و أعرق المدن السورية و في أشهر ساحاتها العامة و أمام أعين الحشود من الرجال و الأطفال و النساء ينفذ حكم الإعدام شنقا بخمسة مجرمين تمت محاكمتهم خلال ستة أشهر و أدينوا بقرار محكمة عسكرية ، تتدلى الأجساد و تتأرجح في ظل هتافات الجموع بالفداء و الولاء .
ابنة التسعة عشر ربيعا فتاة القطيف السعودية يتم اختطافها مع شاب كانت برفقته ثم يتناوب الخاطفون السبعة على اغتصابها مرة تلو الأخرى ، يشيع الخبر في المملكة بعد تداول صور لعملية الاغتصاب ، يلقى القبض على الفتاة و تحاكم و تجرم و يحكم عليها بالسجن و الجلد ـ مائتا جلدة فقط ـ يدافع عنها زوجها و يبرؤها ،يصر الأستاذ الجامعي رئيس هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على تجريمها و تأثيمها بالرغم من كل المناشدات العالمية .
مفتى مصر الأكبر وبعد عدة حوارات و مراجعات و احتجاجات مازال يصر على صواب الحكم الشرعي الذي أفتى به كرد فعل تجاه أخبار نشرتها الصحافة عن مرض القائد الأعلى للدولة ، الحكم مؤداه جلد الصحفيين بدل من السجن استناد إلى فقه المذاهب ، في هذا الزمان لا ترى تلك الهامة العلمية و الشرعية ضيرا من التعذيب الجسدي للرأي المخالف .
الباحث الحقوقي و الناشط الإنساني المحامي أنور وجيه البني يحول ثانية إلى المحكمة العسكرية من سجنه في عدرا بعد التفتيش في أغراضه الخاصة التي وجد بينها ورقة ينتقد فيها وزيرة الشؤون الاجتماعية ـ المعصومة ! ـ سيحاكم البني ثانية على رأي كتبة بعدما حكم علية بخمس سنوات بتهمة إشاعة الوهن في عزيمة الأمة ! علامات المرض الشديد البادية على جسم البني ليست دليلا كافيا لتحويله إلى المستشفى للعلاج ، لكن ورقة مكتوبة بين أشيائه قرينة كافية للمحاكمة من جديد .
في مدينة البصرة العراقية مدينة التنوير في العهد العباسي تنتشر جماعات منظمة مدربة و ممولة تجوب الشوارع تكافح الحرية و تغتال الحياة ، تترصد النساء و تمارس تغير المنكر بالقتل و القطع و التخريب تسندها فتاوى و توجيهات تتعالى فوق كل القوانين و الأعراف و الدساتير ، الشك بممارسة عمل شائن في أية أنثى يستوجب القتل ، مخالفة اللباس الشرعي جريمة ، الغناء جريمة ، قصة الشعر المشابه لما يفعله شباب في كل أنحاء العالم حرام ، و الحكم على تلك الممارسات مباشر و تنفيذ العقوبة ميداني و فوري .
في المدن الكبرى المصرية وفي وسائط النقل العامة ارتفاع مقلق لظاهرة التحرش الجنسي لا تسلم منه النساء صغيرات أم كبيرات ، محتشمات أم متبرجات و حتى المنقبات ، و ما جريمة اغتصاب الأطفال و قتلهم ببعيدة . وفقا لإحصاءات رسمية تحدث في مصر جريمة اغتصاب كل ثلاثين دقيقة ، (وقد أورد اللواء " أحمد ضياء الدين مساعد وزير الخارجية " أرقاما مفزعة عن نتائج هذا التردي الأخلاقي من واقع دراسات اجتماعية ونتائج بحث، مؤكدا أن هناك 20 ألف حالة اغتصاب سنويًّا تقع في مصر طبقًا لإحصائية أصدرها المجلس القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وأن 60% من الإناث يتعرضن للتحرش الجنسي، ) وإفادة من دراسة للمركز المصري لحقوق المرأة فإن 12% فقط من النساء اللاتي يتعرضن للتحرش يعلن عن حالتهن و يقدمن بلاغات للشرطة.
في مدينة دمشق تكررت حادثة غريبة حيث أقدم شباب على استخدام ابر طبية مليئة بسائل حمضي حارق و قاموا برش المحتويات على الجزء السفلي من أجساد فتيات يسرن في شوارع مزدحمة ، ووفقا لتحقيقات صحفية ميدانية لم تكن الفتيات يرتدين لباسا غير اعتيادي و فقأ للمقاييس السورية المتعارف عليها ،و اعتبر العديد من المعلقين الفتيات مذنبات لعدم تحليهن باللباس الشرعي ، كما اعتبر آخرون الفعل جريمة .
في دوحة قطر أظهرت دراسة حديثة أعدها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر أن نحو42% من النساء يؤيدن العنف الذي يمارس ضد المرأة ، و هي النسبة ذاتها في باكستان ، حيث 70% من جرائم القتل ضد النساء في الباكستان تتم على يد أزواجهن .

في المملكة العربية السعودية تزيد نسبة الطلاق عن 60%و أرجعت الدراسات أسباب ارتفاع نسب الطلاق إلى العنف الأسري و الإهمال ، حيث لا يشكل العامل المادي سببا للطلاق كما في البلدان الفقيرة ذلك أن المواطن السعودي ينفق أربعة أضعاف نظيره الأمريكي في مناسبة الزواج، بمعدل 375 ألف ريال،أما معدل تكلفة الأعراس في أمريكا فبلغ نحو 25,000 دولار (94 ألف ريال). و يبلغ معدل الدخل السنوي للسعودي 11,800 دولار سنوياً عام 2003م حين يبلغ معدل دخل المواطن الأمريكي 37,800 دولار ،أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف نظيره السعودي
في الكويت تسقط محكمة الاستئناف حكما بالسجن ضد أب قيد ابنه بالحبال من يديه وقدميه تحت الشمس الحارقة حتى الموت , و لم تجد المحكمة فعلا إجراميا يدان به الوالد ، وبررت المحكمة حكمها بعدم و جود سوابق إجرامية للأب . الغريب أن جثة الولد و العقوبة الجسدية الشديدة المطبقة علية لم تلفت نظر المحكمة و قررت الامتناع عن النطق بالعقوبة .
راقصة مصرية مشهورة تنتقد زميلاتها في الوسط الفني الراقص للتعري الفاضح لدرجة أنهن لا يرتدين ملابس داخلية تحت ثوب الرقص الشفاف ـ لعلها الشفافية الأوضح في العالم العربي ـ و بذلك يرتفع رصيدهن الشعبي و تهال عليهن العروض الفنية في حين أنها ـ أي الراقصة المحترمة ! ـ تحارب لارتدائها الملابس الداخلية تحت أثوبها الفاضحة .
في القاهرة اعتقلت سيدة مصرية قبطية و حكم عليها بالسجن ثلاث سنوات بتهمة التزوير لأن والدها قبل خمسة و أربعين سنة ـ حيث كان عمر الجانية سنتين ـ اعتنق الإسلام نكاية بزوجته ثم عاد إلى المسيحية بعد ثلاثة أشهر ، و اعتبرت المحكمة المرأة مزورة لأنها ذكرت ديانتها المسيحية في عقد زواجها المبرم في 1982 أي قبل ربع قرن من صدور الحكم بسجنها .
في غزة تطلق الشرطة التابعة لحكومة حماس الرصاص الحي في مواجهة تظاهرة سلمية احتفالية لجماهير فتح بذكرى وفاة ياسر عرفات ، فتقتل ثمانية و تجرح 130فقط . الناطق باسم حماس يبرر العملية بالاستفزاز الذي مارسه المتظاهرون ضد حماس بترديدهم شعار شيعة ـ شيعة في مواجهة القوة ، إسماعيل هنية قرر تشكيل لجنة تحقيق في القضية .
في شمال شرق القاهرة تعلقت السيدة المصرية رضا شحاتة بمقدمة سيارة الشرطة لمنع اعتقال زوجة أخيها ، و حسب إفادة السائق فان الضابط الجالس بقربه أمره بالسير مسرعا " دوس الي يقف في طريقك "و بعد مئة متر من السحل والد حل سقطت جثة رضا خلف عجلات السيارة التي غادرت بمن فيها لا تكترث بمن خلفها ، انتشر الخبر و بعد أيام نشرت دار الإفتاء المصرية فتوى اعتبر فيها أنه لا يمكن إلقاء اللوم على السائقين عن قتل أناس يقفون عمدا أمام سياراتهم . الفتوى ليست للتبرير حسب المتحدث باسم دار الإفتاء ، لكن مدافعين عن حقوق الإنسان فهموا الفتوى كدفاع سياسي للحكومة ضد الشعب و أشار بعضهم أنه بمدلول الفتوى يحق للقاتل أن يطالب القتيل بالتعويض .
في الكويت مهندس كومبيوتر يطلق النار على زوجته و أولاده فيقتل الزوجة وابنه البكر 21عاما و ابنته 16عاما و أطلق النار على ابنته الثالثة 19عاما لكنه لم يتمكن من قتلها فتهرب مع أخيها الصغير 4 سنوات ، في التحقيق بعد ما ألقي القبض عليه أكد أنه لم يرتكب إثما و إنما كان ينفذ أوامر الإمام المهدي المنتظر الذي جاءه قبل يومين في الحلم و أمره بما فعل لأن زوجته و أولاده خرجوا عن طاعته،و شرح القاتل مخططة و أسباب قتل أبنه الأكبر في أول الأمر خشية من دفاع الشاب عن أمه و أخوته وقام الجاني بعد جريمته بجمع ملابسه و أخذ بقية بناته و هرب .....
الإشكال ليس في وجود الجريمة و ليس في و جود الفساد الاجتماعي و الأخلاقي بمفهومه الحقوقي ألأممي ، فتلك أمور موجودة و منتشرة في كل مكان في العالم ، إلا أن الأزمة الحقيقية هي في الهيكلية و البنية القانونية التي تسيطر على دوائر القرار في الدول العربية بما يسمح بتبرير و وظهور ما يصح و صفه بالجريمة الاجتماعية المبررة المدعومة قانونا تجاه الحريات و النساء . و في حال ارتقى القانون الوضعي لدينا و سما ليأخذ بعين الاعتبار المقاييس الإنسانية نجد الرقابة المجتمعية و المكون الأخلاقي المجسد للرؤية الوجدانية يسيطر على الفعل الاجتماعي و يمنع منافذ الحرية و الإعتاق من قيود التخلف و الأسطورة . و عندما يتضافر العرف مع القانون في مواجهة التخلف و الظلم تتكفل الفتاوى الشرعية برد الأمور إلى نصابها و تدعم الظلم و الاستبداد و ترسخ القيد ساعية للعودة بالأمة إلى ما قبل الدولة و القانون و الدستور .
في كل مرة نتواجه مع الأرقام و الإحصاءات و الحقائق ندفن رؤوسنا في التراب و نتبع الأساليب الثلاثة التقليدية في قبالة الخطر فتارة يكون التبرير سيد الموقف و تارة يكون الإنكار الملاذ و أخرى يكون فيها من السهل إلقاء اللوم على الخارج في كل ما نعانيه . نتجاهل الظواهر الاجتماعية المؤكدة على و جود الخلل الشديد و التفكك الواضح في بنية تفكيرنا الأدبي و السياسي وفي مكون جسدنا الأخلاقي و الاجتماعي . و النتيجة في كل الأحوال مزيد من الظلامية و الفقر و التخلف و الجهل و التسلط . يقتلنا الوهم بالتعالي و الأفضلية و الخيرية دون ما سوانا من الأمم و الشعوب و نمارس النفاق اللفظي و ندعي التواضع لكننا في قناعاتنا الراسخة ووعينا مازلنا نتوهم بأن الجبابرة يخرون سجدا إذا بلغ الفطام لنا صبي ! فنحن إلاهيون في أحزابنا السياسية و سماويون في قضايانا و نبلاء في معاركنا حتى و نحن نقتل ، انتحارنا استشهاد و هزائمنا خطوات على طريق النصر المؤزر و تفككنا إيذان بولادة أمتنا الوحدة التي لا تقهر .

إحسان طالب : كاتب سوري

التطرف الديني و الإسلام السياسي : الجزء السادس



إحسان طالب
1-7-2007


هناك خلاف قديم ما زال قائماً ولم يحسم بعد حول ضرورة ودور المعتقدات الدينية السماوية في قيام الحضارات واستمرارها.
عرف التاريخ الحضاري الإنساني مجموعة من الحضارات العريقة البالغة التأثير في الماضي والحاضر ، قامت واستمرت لقرون عديدة و تجاوز عمرها آلاف
السنين وذلك قبل نزول الديانات السماوية الثلاث وتعد الحضارات الصينية و الفرعونية واليونانية الأقرب لنا جغرافيا وثقافيا ، و بالرغم من اعتناق الحضارة الرومانية للدين المسيحي بشكل رسمي عام 391م إلا أن تلك الحضارة استمرت بصيغتها الوثنية لعدة قرون تالية
وهنا نقف أمام إشكالية دور المعتقدات الدينية السماوية تحديدا في البناء ا لكلي الحضاري و أميز هنا بين جوانب ثلاثة :
ـ الجانب الأخلاقي
ـ الجانب العلمي و المعرفي
ـ نتاج الحضارة ، ثقافة وعمران

و بالبحث خاصة في الإطار المحصور في دائرة الإسلام السياسي نلحظ التباين ألاعتقادي بين الفرق الإسلامية ابتدءا من العهد النبوي ( ستفترق أمتي إلى بضعة و سبعين شعبة كلها في النار إلا واحدة ) وحتى راهننا المعاصر ، ذلك أن الجماعات الدينية السياسية المتواجدة في الواقع العربي والإسلامي اليوم تكونت و نشأت وفقا لفكر أصولي مذهبي كحزب الدعوة في العراق و جماعة الأخوان المسلمين في مصر في حين قامت أحزاب سياسية دينية مرتكزة على أصولية دينية قومية كحزب العدالة و التنمية الحاكم في تركيا تحت وصاية الدستور العلماني التركي مما حد من غلو التأثيرات الأصولية على الحياة التركية و ترك الباب مواربا للاندماج في النسيج الحضاري العالمي و الانتقال من الصراع الحضاري إلى التنافس الاقتصادي و السياسي و محاولة التمازج مع مكونات الحضارية غير المسلة ، و يتجلى ذلك في السعي الحثيث للحكومة التركية الإسلامية الحالية بقيادة أردغان للانضمام للاتحاد الأوربي . في حين نرى الصعوبة البالغة لدى تيارات الإسلام السياسي المتواجدة في ظل دساتير لا تنصص صراحة على فصل السياسة عن الدين كما هو الحال في باكستان التي تشهد نمواً متزايدا لسيطرة الأصولية المتشددة على الشارع الباكستاني بما يساهم في الانفصال الحضاري عن العالم و رفع و وتيرة الصراع و العمل الحثيث على التطبيق الحرفي للنصوص الشرعية ما أفرز جماعات متطرفة عنيفة تدعم التغير بالقوة و بادرت لتطبيق أيديولوجياتها فأحرقت ما تحتويه مكتبات ألأقراص cd من موسيقى و فن و فكر لا ينطوي تحت السقف الفقهي المتعارف علية و ذهبوا أبعد من ذلك إلى تأسيس محاكم ميدانية شرعية لا تعتمد القانون المدني الباكستاني بل تعود إلى الفقه المذهبي في أحكامها. ( 1 )و رفعوا السيوف تحت رايات الموت أو تطبيق الشريعة .
من هذه البداية تحديدا ـ ينبغي أن تنطلق دراسات تبحث في ضرورة و أهمية و تأثير العامل الديني في حياتنا المعاصرة
واعتماد المنهج الانثروبولجي ( علم دراسة الإنسان ) و علوم التاريخ المنهجية عند تناول علاقة الدين بالإنسان و الدولة و المجتمع و بذلك تدخل كل المنتجات الحضارية الإنسانية مع الإسلامية على حد سواء بغض النظر عن التقويم العقائدي ، بنفس الطريق التي سار بها ابن رشد و ابن سينا و الفارابي و الشيرازي و غيرهم من علماء وفلاسفة المسلمين كأعلام اثروا و اثروا في مسيرة الحضارة البشرية بشكل عام و الإسلامية بشكل خاص .

"إن الحضارة ليست منجزاً دينياً إنما هي منجز إنساني مفتوح ساهمت فيه البشرية من كل ملة و دين و لون و عنصر ، و لم يقم الدين يوماً بصناعة حضارة فهذه شئون إنسانية بحت ، فالحضارة ينتجها هيكل مدني مستقر : من النجار إلى الفلاح إلى السمكري إلى الطبيب إلى المهندس إلى القانون إلى نظام الدولة الهيكلي التراتبي الوظيفي و البيروقراطي .

و قد نجح الوثنيون في إقامة حضارات عظمي فلو كانت الوثنية معيبة ما أنتجوا و لا تحضروا ، و هو مما يعني أنه لا علاقة للدين وثنياً أو سماوياً بالتحضر و إقامة الدول ، فلم يثبت أن نبياً واحداً قد أقام هرماً أو مستشفي أو سد مياه ، و إذا كان من مهام الدين إقامة الدول و الحضارات فأين هي دولة إبراهيم و دولة نوح و يوسف و الخضر و ذي الكفل و ذي النون و أين حضاراتهم ؟ ألم تترك أي أثر ؟ "(3)

للأصولية رؤية خاصة للحضارة و انجازاتها:


منذ القرن الثاني من عمر الخلافة الإسلامية سعى علماء و فقهاء لكسر الطوق الصارم على المفروض على العقل الإنساني من قبل التفسير و التأويل الثابت للنص القرآني و حاول المعتزلة النهوض بمكنة العقل ليرتقي إلى مستوى النص و اعتبروا العقل أعظم مخلوق و لم يخلق أعظم منه و بذلك عدوه المرجع الأهم في النزاعات الاعتقادية و الفقهية و أوجدوا قواعد تساعد في ترسيخ مكانة البحث الفكري الإنساني، إلا أن تلك المحاولات المبكرة و التي ساهمت في الاندماج الحضاري للفكر و التفكير الإسلامي لم يكتب لها النجاح ، و بقيت معزولة و معتزلة .
و في الجانب الآخر كانت الأصولية المبكرة ترسخ أقدامها و تثبت قواعدها على حساب حرية العقل و البحث و ا ارضخ الفكر و التفكير لمحدودية النص و التفسير مما أعاد الصراع الحضاري إلى دائرة الإخضاع و التغير .
تختصر الرؤية الأصولية للحضارة المنجز الإنساني بالمقياس الديني و تعتبر القرب أو البعد عن النص المقدس و تفسيراته أساسا للتصنيف الحضاري ، والقيمة الحقيقية للحياة و الإنسان مرتبطة بتلك المسافة الواقعة بين النص و تجلياته من جهة و بين ما عده في الناحية الأخرى . فكلما توافق المفهوم الحضاري مع المقرر النصي كلما عد حضاريا و إنسانيا و العكس صحيح ،
فالكافر ضمن المنظومة الأصولية مهما على شأنه العلمي و الثقافي و المعرفي لا يرتقي إلى مرتبة الإنسان إلا بالإيمان المحدد و المنضبط بالقواعد و الأصول المنصوص عليها :
الفرقان 25 44 أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا

الأعراف 7 179 وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ

وفقا للتفسير الظاهري و السلفي للنص القرآني لا تزيد قيمة الإنسان المختلف دينيا أو حتى مذهبيا عن قيمة الحيوان بل هي ادني من ذلك كون الحيوان لا يعارض أوامر و نواهي الشريعة وما يفعله لا يعدو كونه جري وراء الغريزة في حين أن الإنسان المسلح بالعقل و العلم و المعرفة ذو مكانة أدنى من الأنعام باعتبار انه ضال أو غافل .
" ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : " أَمْ تَحْسَب أَنَّ أَكْثَرهمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ" الْآيَة أَيْ هُمْ أَسْوَأ حَالًا مِنْ الْأَنْعَام السَّارِحَة فَإِنَّ تِلْكَ تَفْعَل مَا خُلِقَتْ لَهُ وَهَؤُلَاءِ خُلِقُوا لِعِبَادَةِ اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ فَلَمْ يَفْعَلُوا وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْره وَيُشْرِكُونَ بِهِ مَعَ قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِمْ وَإِرْسَال الرُّسُل إِلَيْهِمْ ." تفسير ابن كثير
" إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ

أَيْ فِي الْأَكْل وَالشُّرْب لَا يُفَكِّرُونَ فِي الْآخِرَة .
بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا

إِذْ لَا حِسَاب وَلَا عِقَاب عَلَى الْأَنْعَام . وَقَالَ مُقَاتِل : الْبَهَائِم تَعْرِف رَبّهَا وَتَهْتَدِي إِلَى مَرَاعِيهَا وَتَنْقَاد لِأَرْبَابِهَا الَّتِي تَعْقِلهَا , وَهَؤُلَاءِ لَا يَنْقَادُونَ وَلَا يَعْرِفُونَ رَبّهمْ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ . وَقِيلَ : لِأَنَّ الْبَهَائِم إِنْ لَمْ تَعْقِل صِحَّة التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة لَمْ تَعْتَقِد بُطْلَان ذَلِكَ أَيْضًا . " تفسير القرطبي
" أَمْ تَحْسَب } يَا مُحَمَّد أَنَّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ { يَسْمَعُونَ } مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ , فَيَعُونَ { أَوْ يَعْقِلُونَ } مَا يُعَايِنُونَ مِنْ حُجَج اللَّه , فَيَفْهَمُونَ ؟ ! { إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ } يَقُول : مَا هُمْ إِلَّا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَعْقِل مَا يُقَال لَهَا , وَلَا تَفْقَه , بَلْ هُمْ مِنْ الْبَهَائِم أَضَلّ سَبِيلًا ; لِأَنَّ الْبَهَائِم تَهْتَدِي لِمَرَاعِيهَا , وَتَنْقَاد لِأَرْبَابِهَا , وَهَؤُلَاءِ الْكَفَرَة لَا يُطِيعُونَ رَبّهمْ , وَلَا يَشْكُرُونَ نِعْمَة مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ , بَلْ يَكْفُرُونَهَا , وَيَعْصُونَ مَنْ خَلَقَهُمْ وَبَرَأَهُمْ . " تفسير الطبري
تلك الخلفية الإيمانية لقيمة الإنسان يقابلها إسقاط عملي يتجلى بسهولة إهدار دم أو قتل الآخر كونه كائن مقيت و كريه غير جدير بالاحترام و التقدير رغم كل ما قدمه للبشرية من منافع و فوائد و خيرات . وهذا ما يفسر جانبا من العنف و القتل الذي تمارسه جماعات و تنظيمات أصولية تنتشر في مختلف بلدان العالم

. في تعليق للأبي حمزة المصري الناشط الإسلامي البريطاني المتشدد و المعتقل حاليا ، على جنسيته البريطانية و ما يتمتع به من حرية في موطنه الجديد قال أن بريطانيا لا تعني له أكثر من دار لقضاء الحاجة ، ذلك التفسير لم يأتي من فراغ أو من وجهة نظر شخصية بل هو من تداعيات المفهومات و التأويلات لعديد من النصوص
الفرقان 25 23 وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا

" وَقَوْله تَعَالَى : " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَل" الْآيَة هَذَا يَوْم الْقِيَامَة حِين يُحَاسِب اللَّه الْعِبَاد عَلَى مَا عَمِلُوهُ مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَحْصُل لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْأَعْمَال الَّتِي ظَنُّوا أَنَّهَا مَنْجَاة لَهُمْ شَيْء وَذَلِكَ لِأَنَّهَا فَقَدَتْ الشَّرْط الشَّرْعِيّ إِمَّا الْإِخْلَاص فِيهَا وَإِمَّا الْمُتَابَعَة لِشَرْعِ اللَّه فَكُلّ عَمَل لَا يَكُون خَالِصًا وَعَلَى الشَّرِيعَة الْمَرْضِيَّة فَهُوَ بَاطِل فَأَعْمَال الْكُفَّار لَا تَخْلُو مِنْ وَاحِد مِنْ هَذَيْنِ وَقَدْ تَجْمَعهُمَا مَعًا فَتَكُون أَبْعَد مِنْ الْقَبُول حِينَئِذٍ " تفسير ابن كثير
" مَضْمُون الْآيَة وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا أَعْمَالًا اِعْتَقَدُوا أَنَّهَا عَلَى شَيْء فَلَمَّا عُرِضَتْ عَلَى الْمَلِك الْحَكَم الْعَدْل الَّذِي لَا يَجُور وَلَا يَظْلِم أَحَدًا إِذَا إِنَّهَا لَا شَيْء بِالْكُلِّيَّةِ وَشُبِّهَتْ فِي ذَلِكَ بِالشَّيْءِ التَّافِه الْحَقِير الْمُتَفَرِّق الَّذِي لَا يَقْدِر صَاحِبه مِنْهُ عَلَى شَيْء بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :" مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالهمْ كَرَمَادٍ اِشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيح " تفسير ابن كثير
إن تلك المفاهيم و تلك التفسيرات لم يطرأ عليها أي تعديل أو تصويب ومازالت معتمدة و مقبولة بالكامل من قبل العلماء و المفكرين الإسلاميين التقليدين و لم يتطرق إليها من باب النقد و المراجعة بل غدت أكثر قوة كمسندات معتمدة يعد تخطيئها إثما و ربما خروج عن الملة و الجماعة مما ساهم في الحجر على حرية التفكير و إحباط محاولة السعي لإيجاد صيغ تأويلية تعود بالنص إلى القيم السامية التي جاءت الدعوة لترسيخها . و تبدو خطورة تلك التأويلات جليه إذا ما علمنا بان كلمة الكافر في المفهوم الأصولي تعني الآخر الذي لا يتطابق مع المعتقد الإجمالي و التفصيلي ، حيث يعد أي خروج جزئي عن الإيمان كفرا ولا يعد ذلك الفهم مبالغا فيه ، شيخ الأزهر أضاف ركنا سادسا لأركان الإسلام و هو تكريم صحابة الرسول و تنزيههم و النقد أو التخطيء لهم يعد طعنا بالدين و فضا لركن من أركانه و عليه يكون ناقد الصحابة أو مخطئهم كافر ! فمسألة التكفير رغم جلالتها إلا أنها في متناول أي متشدد يرى في الأخر اختلافا أو تباينا (2)
فالمنجز الحضاري التراكمي العلمي و المعرفي و ا لجمالي الإنساني بكل عظمته شبيه بذلك الشيء الحقير التافه المتفرق الذي لا يقدر عليه صاحبة طالما انه خارج قواعد و ضوابط الشريعة المرضية , وفقا لتلك التفاسير و تلك المفاهيم أصبحت الغربة و الهوة بعيدة جدا بين مفهوم الحضارة الإنسانية القائم على مثل الحرية و العدالة و المساواة و حقوق الإنسان الشامل لكل الحضارات البشرية المتنوعة و المختلفة و بين مفاهيم الأصولية المتشددة المؤسسة لفكر و ثقافة الإسلام السياسي المتطرف مما يتسبب في الانخراط في حالة صراع دائم و مستمر لا ينتهي إلا بالإخضاع أو الهزيمة . و يرسخ لحالة التناحر و التناطح القائمة بين الثقافات و المعتقدات و تغيب إثر ذلك فرص الحوار و والتنافس السلمي المدني لتحل محلها رغبا ت السيطرة و التملك .
الأصولية الأخرى :

طالما أنك تنظر إلى الآخر بذلك القدر من الدونية و الانحطاط فانك لن ترضى إلا بتغيره أو تغيبه بالطريقة التي تراها مناسبة كالقتل أو الإذلال و الاسترقاق المعنوي و المادي ، ولا تخرج الرغبة لدى اليمين المحافظ في أمريكا بالهيمنة و السيطرة على العالم عن ذلك المنطق مع الاختلاف في التفسير والتبرير فالأصولية المتشددة و الأمركة المتطرفة يعتقدان بالأفضلية و الخيرية التي تسمح بالإنفراد بفرض رؤية شمولية محدودة و سيطرة المطلقة . و هنا تلمس تفسيرا مقاربا لذلك الصراع و العداء الحضاري بين التطرف الديني و التطرف الأمريكي فكلاهما يسعيان للانفراد و الهيمنة على العالم وفقا لتصورات مسبقة و الفارق في الإمكانات و القدرات و الأساليب.
لقد ساهمت تلك الرؤية الدينية للصراع في تأجيج حدة التطرف و ساعدته في كسب متزايد للمؤيدين و الأنصار، (نقل عن الأمير نايف وزير الداخلية قوله: "نحن نواجه عشرة آلاف شخص يمكن أن يقوموا بعمليات إرهابية ومليون شخص مستعدين لدعمهم. وينبغي أن نركّز جهود على المليون شخص، وأن نحول بأي ثمن دون أن يقعوا في الجهة الأخرى" ).شفاف الشرق الأوسط 7/3/07 فإذا كان الوضع هكذا في دولة مستقرة نسبيا امنيا و سياسيا فكيف هو الحال في دول و مناطق تعاني من الاضطرابات الأمنية و السياسية و تكتنفها الصراعات المذهبية و العرقية !
عندما يعتبر الرئيس الأمريكي بوش الابن أن حربه التي يقودها ضد الإرهاب صليبية مقدسة يخوضها نيابة عن الله لا يختلف كثيرا في رؤيته تلك عن من يخوض حربا إسلامية جهادية كخليفة لله ،- مع الفارق بالأهداف و الغايات - لقد أثارت التوجهات الدينية للسياسة الأمريكية حفيظة الأصوليين المتشددين و المتطرفين و رأوا أنهم أولى بالحرب المقدسة و الجهاد باعتبارهم أصحاب الديانة الصحية و السليمة الخالية من عيوب و نقائص الديانات الأخرى فلماذا لا يبادرون للغزو و القتال خاصة و أنهم يملكون تراثا عريقا يؤصل لأفكار و أعمال تعتبر الموت غاية و قتل المختلف واجبا . و لا يعني ذلك تبريرا أو تقليلا لخطورة التطرف ، بل هو سعي لفهم الدوافع و الأسباب المسمدة و المخصبة لتربة التطرف و الإرهاب. فهجمات 11/9 الإرهابية كانت سابقة للغزو الأمريكي لأفغانستان و العراق إلا أن إسباغ الصفة و اللون الديني للصراع من قبل الإدارة الأمريكية ساهم بشكل فعال في توسيع دائرة الاحتراب و أكسب التطرف و التشدد أدوات يتسلح بها لكسب المترددين و المتشككين و غدا لسان حاله يقول انظروا إلى الطرف الأخر هو يحاربنا أيضا بسبب إسلامنا وليس لآي سبب أخر و ذلك يعني إننا لم نكن مخطئين عندما بادرناه بالحرب و الجهاد ، و إذا كانت الحرب دينية فنحن أحق بها و أهلها . لقد باتت تلك الحجة من ضمن رزمة من الحجج يسوقها المتشددون في سياق عرضهم لو جهة النظر و المبررات التي تدفع جماعات من الأجيال الصاعدة و الشباب للانخراط في أتون الحركات الجهادية التكفيرية و تقع فريسة لقيادات و زعامات محدودة العلم و الثقافة تختفي وراء جملة من الشعارات و العناوين العامة البراقة الخادعة كأبي مصعب ألزرقاوي الذي ألهم الآلاف من الشباب لخوض معارك القتل و التدمير وهو بشهادة أقرانه محدود التعليم محدود الثقافة بضاعته مجزاة من علوم الشريعة و الفقه .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشكلة المركزية تتعلق بالتفسير و التأويل أكثر مما تتعلق بالنص ذاته ذلك أن النص المقدس مازال مفتوحا أمام تفسيرات و تأويلات جديدة و مغايرة لما نقل عن السلف تتيح الحصول على أفكار و مناهج أقرب إلى الاندماج في النسيج الحضاري العالم انطلاقا من فهم أكثر و أشمل إنسانية و عقلانية من التفسير السلفي الأصولي للنص الذي ترتكز عليه جماعات الإسلام السياسي المتشددة و التي تزداد غربة و تباعدا بأعمالها و ممارساتها المبنية على فهم محدد منقول أكتسب مع الأيام صفة القداسة العملية حتى باتت مخالفته أو الخروج عنه مبرر للتكفير و التضليل و الإرهاب .
لقد غدا القول بمراجعة عقلية نقدية للتراث النصي و الفقهي الذي تراكم و تضخم عبر ما يزيد على أربعة عشر قرنا ضرورة تفرضها الحالة المتردية و المشاكل المتنامية و الأزمات العميقة التي تواجهها الدول و المجتمعات العربية و الإسلامية التي جربت الطريقة الأصولية للإسلام السياسي في ممارسة الحكم و المواجهة في العديد من البلدان العربية و الإسلامية من السودان إلى أفغانستان و العراق و فلسطين ، مما تسبب في تدهور ملحوظ في البني الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و رفعت من وتيرة الصراع و الاحتراب بين مختلف التنوعات و التوجهات داخل المكون الإجمالي الداخلي للعرب و المسلمين ، و بين الكيانات و البنى البشرية و الفكرية و الثقافي المختلفة عنه في الخارج حتى بات الإنسان العربي يخشى هدر حياته لأسباب و مبررات لا تنتهي ، و بات التفكير بالمستقبل و الحياة الكريمة و هما و خيالا تتقدمه أوليات التطبيق الحرفي و الفهم الظاهري لكل ما ثبت أو صح نفله عن السلف بدون أية اعتبارات علمية أو عقلية .
الإنسان بما يملكه من إمكانات ذهنية و مهارات عملية استطاع منذ القدم تطوير و تطويع ذاته و بيئته بما يسمح له بالاستمرار في الوجود و بناء مجتمعة و حضارته بمعزل عن الارتباطات الغيبية و هيمنة الأسطورة على مجريات و تفاصيل حياته ، لقد كانت الحضارات القديمة الكبرى سابقة على الديانات السماوية ، و استمر السعي البشري في البناء الحضاري إبان القرون الطويلة التي رافقت سيرورة الوحي و التنزيل ، و ما زال البشر قادرون على استنباط و استخراج ما ينظم معاشهم حاضرا و مستقبلا بمعزل عن الوصاية و الهيمنة الراديكالية بكل أشكالها التاريخية و المعرفية .
نتيجة البحث :
الحضارة وما تنتجه و تفرزه من أشكال الفن و الجمال و ما استطاعت الوصول إليه من تطور مذهل في ميادين العلم و المعرفة هي صنع بشري إنساني تراكم و تكامل و فقا لمنظومة أنثر وبيولوجية كان للأديان دور بارز في صيرورتها ، إلا أن العلاقة بين الحضارة و الغيب ليست شرطا لو جودها أو استمرارها . و لقد شكلت الأصولية على الدوام عائقا حضاريا و قف ممانعا و معارضا لمسيرة العلم و المعرفة , في أوربا القرون الوسطى و في راهن العرب و المسلمين كما كان عليه الحال في مراحل عدة من التاريخ الإسلامي
هوامش :
1ــ بيشاور - أ ف ب
أعلنت الشرطة الباكستانية أن أشخاصا ينتمون لجماعات إسلامية متطرفة على الأرجح فجروا ليل الخميس الجمعة 4-5-2007 عشرات متاجر الموسيقى في شمال غرب البلاد.

واستهدفت التفجيرات ثلاثة أسواق في مدينة شارسادا الواقعة على بعد 20 كلم شمال شرق بيشاور عاصمة إقليم الحدود الشمالية الغربية, حسبما أعلن مسئول في شرطة الاقليم، وقد كانت كافة المتاجر المستهدفة مقفلة إثناء تفجيرها ولم يفد عن وقوع إصابات.
وتلقى مالكو هذه المتاجر التي تبيع كاسيتات وأقراصا مضغوطة في الآونة الأخيرة رسائل تهديد من ناشطين محليين في حركة طالبان طالبتهم بالتوقف عن بيع الموسيقى التي يعتبرون أنها تتعارض والشريعة الإسلامية.

ويوم السبت الماضي وقع تفجير انتحاري في شارسادا إثناء إلقاء وزير الداخلية افتاب شرباو كلمة في تجمع ضم نحو 400 شخص ما أسفر عن مقتل 28 شخصا وإصابة الوزير بجروح طفيفة.
ويضم إقليم الحدود الشمالية الغربية الذي يحكمه تحالف من ستة أحزاب إسلامية منطقة القبائل الحدودية مع أفغانستان معقل الناشطين الإسلاميين القريبين من طالبان والمفترضة علاقتهم بتنظيم القاعدة
2 ــ
الأحد 29 أبريل 2007م، 12 ربيع الثاني 1428 هـ
دبي- فراج إسماعيل :العربية نت

ـ من جهته قال الشيخ عبدا لله مجاور مدير مكتب شيخ الأزهر إن د. سيد طنطاوي طالب في محاضرة ألقاها في مسجد "النور" بالعباسية بوقف هذه الحملات ضد الصحابة وقال "إن ما يحدث ليس معقولا، فكيف نهاجم الصحابة الذين ذكاهم الله ورضي عنهم، والرسول يقول فيهم: أصحابي كالنجوم بأي اهتديتم اهتديتم، ويقول في معنى حديث آخر: من عاداهم فقد عادى الله سبحانه وتعالى ورسوله".
وأضاف بأن شيخ الأزهر تساءل: كيف نعيب على صحابي من صحابة رسول الله، بينما هو ينقل عنه سنته وأحاديثه، ولذلك طالب بالابتعاد عن اي صحيفة تخوض في هذا الكلام.
أما الصحافي محمد الباز الذي كتب سلسلة المقالات عن أبو هريرة في جريدة "الفجر"
فقال إنه لم يتناوله بشكل متعمد ولم يوجه له سبابا، وإنما كان يعرض كتابين يباعان في السوق وهما "جناية البخاري" لزكريا أوزون، و"شيخ المضيرة" لمحمود أبورية، ولم يقل بصحة ما فيهما من أراء لأنه غير متخصص، ولكنه طلب من العلماء المتخصصين الرد على هذا المضمون، وهل هو كلام صحيح أو غير ذلك.
وأضاف لـ"العربية.نت": لا توجد عندي أي خصومة شخصية ضد البخاري أو ضد أبو هريرة، وإنما سعيت فقط لمعرفة أراء المتخصصين، لأن الناس تقرأ مثل هذه الكتب، وتريد من يصحح لها هذه المعلومات، وقد طلبت شخصيا من الشيخ صفوت حجازي أن يرد في "الفجر" وسنعطيه نفس المساحة، ولكنه رفض وقال إن له منبره الإعلامي الذي سيرد من خلاله، وفعل ذلك من خلال حلقه من برنامجه التليفزيوني تضمنت تحريضا شديدا على الجريدة، مشيرا إلى أن مبيعاتها لم تتأثر حتى الآن.
واستطرد محمد الباز بأن "شيخ الأزهر أفتى أيضا بمقاطعة الجريدة، وزاد على ذلك بأن اعتبر توقير واحترام الصحابة ركنا سادسا من أركان الإسلام. لكنني أعتقد بأن كلام شيخ الأزهر راجع لخلافه مع الجريدة التي نشرت له قبل فترة صورة على الغلاف عندما أعلن عن نيته زيارة الفاتيكان، وكانت هذه الصورة موضع استياء منه".

سيد القمني: الحوار المتمدن - العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 3ـــ.