السبت، فبراير 23، 2008

المرأة ليست فرجا ً فقط !


إحسان طالب

2008 / 1 / 26

ُغشاء البكارة هو الحصن الأعظم الذي تدور حوله معارك الشرف الجنسي وتسقط على عتباته آلاف النساء صرعى ،جثث تسيل منها الدماء تغسل العار ، تثبت زعامة الرجل المسلح بالقانون و الشرع و التقاليد و العادات ،حصن ولا كل الحصون تعتمد على بقاءه صامدا حياة النساء في المجتمعات المحافظة و المتلطية تحت ركام من التهيج الجنسي المختلط بقناعات غيبية تتماهى فيه حدود الإنسان مع لا نهائية المطلق يحتل الفرد الرجل مكان الوصي الأخير على تنفيذ توجهات و تعاليم فوقية لا تراجع أو تناقش .
تبدأ الحكاية من الصغر مع الألف و الياء الذكر بركة وقوامة و حارس والأنثى وعاء رقيق وغشاء سطحي يخدشه النظر أو الكلمة ، المرأة مجلبة للعار ما لم تحتجب خلف الأستار و الأبواب ،رهينة بانتظار طالب اليد الخارج من أتون الشحن والضغط تسكن رأسه رؤية قطعة قماش ندية حمراء بللتها قطرات من الدم الطاهر ،يدك الرجل حصن البكارة ويهدمه و لا أدل على رجولته و بطولته و ذكوريته من فض لبكارة ينبغي على الأنثى الحفاظ علية مختوما من الولادة إلى الزواج .
يفشل الرجل في تحطيم السور العظيم ،يحاول ثانية و قد أثقله الخوف من العار عار الفشل والرسوب في امتحان الذكورة ،كيف يواجه الأهل و الأصدقاء وقد سقط في امتحان إثبات الذات و حتى تحقيق الوجود ؟ الحل يخرج ملونا بهلوسة نفسية تسعر نارها غيرة دينية وتوقد نارها تجارب و عادات راسخة نهضت من فوقها قيم و مبادئ مجتمعية يستحيل تجاوزها أو القفز فوقها ،تساور الذكر التبريرات و الحلول السريعة الجامعة المانعة ،هو رجل كامل الرجولة، ذكر بكل ما تمليه الكلمة من معاني ، لقد تأكد من أمر في غاية الخطورة الحصن مدكوك و الغشاء مفضوض من قبل أن يطأه ،الأمور باتت شديدة الوضوح ملتهبة تلك النار التي لا تعرف سبب اشتعالها ،الدم الذي سال بالحرام لا يغسله و لا يطهره إلا الدم
يستل السيف ويرفعه عاليا تتداخل في شرايينه كريات الدم بعقد الرجولة وتعاليم القبيلة ،يغلي دماغه فلا يطفئ النار و العار إلا الدم ينهال فوق جسد المرأة يقطعه ويخرج مرفوع الرأس مشهرا علامة رجولته منشيا بنصر مؤزر ،لقد دك الحصن و أسال الدماء
يحميه القانون و العرف و التقاليد الجاهلية ،تأخذ الجثة ينظرها الطبيب يفتش عن الحصن الغشاء بدون عناء الحصن مازال صامدا و الغشاء مازال مسمطا
عجز الرجل وخيبته ،هيجان الشرف و هوان المرأة ، تنهي الحكاية بجثة جديدة لامرأة لا يحزن موتها أحد .
تتكرر المأساة وبذات التفاصيل مع الأخ و الأب ،و المجتمع الآثم ينظر و يبرر،و القضاء المريض المصاب بفيروس المراجع يجرم الضحية و يبرئ المجرم .
إحسان طالب : كاتب سوري.
هامش :
من وحي قصص حقيقة جرت في بلداننا العربية وتناقلتها و كالات الأنباء

ليست هناك تعليقات: