بالرغم من الاختلافات النظرية في تعريف العلمانية إلا أنها ترتكز ا في جوهرها على مساواة المرجعيات الدينية في شؤون الحياة والفكر بالمرجعيات الأخرى ضمن مجتمع متمايز داخليا يتوفر على تعدد و تنوع في الانتماءات العرقية و السياسية و الإعتقادية و المذهبية ، تلك المساواة تعتبر العقل و السياسة و القوانين و الضوابط الاجتماعية غير خاضعة للسلطة الدينية و مؤسساتها التراثية والاعتبارية و الرمزية ، وبذلك يكون الموروث الديني و المنقولات و النصوص عوامل أساسية تقف إلى جانب واحد مع غيرها من المرجعيات الوضعية تأخذ منها و ترد , وفي ظلها يكون الالتزام الديني اختياريا لا قسريا و تغدو التجمعات الدينية مظاهر للمجتمع المدني و مؤسساته المتعددة ،
فالعلمانية تستطل تحت إقرار عام بالحريات العامة ،و تشكل حرية المعتقد وحدة أساسية من تلك الحريات التي تشمل أيضا حرية الرأي و النشر و التجمع العفوي والمنظم ، وهنا نلحظ عدم صلاحية أو قدرة الحرية الدينية في فرض مستلزماتها التشريعية على الحقوق العامة القائمة وفقا لأسس علمانية . ـ 1 ـ
أما الأسلمة فهي تحكيم وتحكم في أمور الحياة و السياسة و الاقتصاد و الثقافة و المجتمع وفقا لضوابط وقواعد شرعية منصوص عليها أو مستنبطة و مستخرجة من القرآن و الحديث و اجتهادات العلماء و الأئمة و الفقهاء .
وإذا كانت العلمانية غربية المنشأ فإنها عالمية في فكرها وممارساتها في ظل الانفتاح الثقافي و ثورة الاتصالات الحديثة ، ولم يعد غريبا أو مستبعدا محاولة الجمع بين الاسلمة و العولمة في دول مثل تركيا و العراق ، حيث يسعى العديد من مفكري التجديد إلى الاستفادة من قواسم مشتركة تمكن المجتمعات الإسلامية من الأخذ بالعولمة مع الحفاظ على الطابع الخاص بها .
بناءا على تلك الإضاءة يمكن القول بأن التطور الذي طرأ على الحراك الفكري و الثقافي في البلدان العربية قد يتمكن في النهاية من الوصول إلى صيغ تخفف من سطوة المرجعيات الدينية و تدخل الناس تدريجيا في فلسفة العلمانية القادرة على استيعاب التمايز و التنوع في المجتمعات . و في استعراضنا الآتي نقدم بعض القراءات و الحقائق كإسهام في الوصول إلى صيغ مثلى تتيح فرصا لقبول العلمانية لدى شريحة اكبر من التيارات الفكرية و الثقافية السائدة .
تشير الدراسات الإستراتيجية و الاقتصادية إلى أن كل من الهند و الصين شارفتا على دخول حلبة الصراع الدولي كقوتين عظيمتين قادرتين على منازعة القوى الاستراتيجية والاقتصادية التقليدية السائدة في عالم اليوم ( أمريكا ــ أوروبا ــ اليابان)
(ولم تتردد مجموعة كبيرة من التقارير الاستراتيجية، التي صدرت عن مؤسسات دولية، مثل «صندوق النقد الدولي» و «البنك الدولي» و «منظمة التعاون والتنمية» و «ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية» وغيرها في الإشارة إلى الهند باعتبارها دولة صاعدة الى مستوى القوة الكبرى. ) الحياة
ويعتقد أنّه في مقدور الصين أن تنافس الهند،و تعتبر «شيآن» من أكثر مُدن الصين حداثة. وهي مهد برنامج الفضاء في الصين، إضافة إلى دورها في صناعة الطائرات، كما أنها جزء من تجمّع لمراكز الصين التكنولوجية، الذي يُسمى «سيليكون فالي» الصين. ويمتد على مساحة 35 كيلومتراً مربعاً ويضّم 7500 شركة، كما تدعمه أكثر من 100 جامعة تُخرّج 120000 طالب سنوياً، يُتابع نصفهم تخصصه في علوم الكومبيوتر.
وبالنظر إلى مجموع الدول العربية وما تقدمه للعالم من إسهام ثقافي واقتصادي ـ باستثناء الإنتاج ألريعي المرتكز على تصدير المواد الخام المتمثل في النفط في الدرجة الأولى ـ نلحظ بدون عناء ، تذيل الدول العربية في مجموعها للقوائم والإحصاءات المعلنة والدالة بجلاء ووضوح على أن المستقبل القريب لا ينبيء سوى بمزيد من تدني المستويات التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.
لقد قدر الناتج الإجمالي المحلي للدول العربية مجتمعة ب 531.2 بليون دولار في عام 1999 وهذا اقل من دولة أوربية واحدة كأسبانيا مثلا 595.5 بليون دولار، و الفارق اخذ في الاتساع حيث أن الاقتصاد العربي ككل يحتاج أن ينمو بمعدل 5 % سنويا على الأقل لاستيعاب العاطلين عن العمل حاليا والداخلين حديثا لسوق العمل فان النمو الحالي هو بمعدل 303 % فقط ـ تقرير التنمية العربية
إن كلاُ من الصين والهند دولتان علمانيتان تم الفصل فيهما بشكل نهائي بين السياسة والدين وبالرغم من تناقض أسس النظام السياسي القائم في كل منهما حيث تعتبر الهند موطن أحد أعرق الديمقراطيات في العالم ، فإن الصين ما مترددة في هذا المجال وما زال نظام الحزب الواحد هو السائد والمسيطر على نظامها السياسي ، وما زالت فكرة الديمقراطية بعيدة بل وغريبة عن الأجواء الثقافية السائدة لديها.
بالرغم من ذلك كله إن كلاً من الدولتين اللا دينيتين تعدان شعوبها بمستويات من التنمية والتقدم والتطور عالية تبشر بضمانات للأجيال القادمة تمنع ذوبانها واضمحلالها في خضم العولمة السائرة بلا هوادة في عالمنا المعاصر.
أمام هذا الاستعراض المبسط جداً وتلك المقارنة المباشرة نتلمس جملة من الحقائق المنطقية يغفل عنها الرأي العام في البلاد العربية ويسعى النظام السياسي العربي القائم إلى مغالطتها والقفز فوقها.
ليس هناك رابط حقيقي أو علمي بين أسلمة النظام السياسي والشرعنة الدينية للقوانين من جهة،وبين تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية من جهة أخرى.
إن تحقيق ا لدول العلمانية للتطور والتقدم والتحضر يؤكد على أن الأسس الأصولية الدينية ليست ضرورية لقيام ذلك كله بل مساعدة ، فالهند التي يتعايش فيها مئات القوميات والديانات ويقارب عدد سكانها من المليار نسمة ، لا يعد دين الدولة فيها ذا أهمية ولا ركيزة للتعاون والتعاضد بل الالتفاف حول مبادئ المساواة والديمقراطية والمواطنة هو الرابط والضابط المحدد لطبيعة الانتماء للوطن.
أما في الصين التي تزحف نحو المليار والنصف نسمة من السكان، فإن الغالبية من الصينيين إما بوذيين أو لا دينيين ويشكل المسيحيون والمسلمون نسباً طفيفة من التركيبية الديمغرافية الصينية. ومع ذلك لا تتكئ ولا تستند السياسة الصينية والنظم الاقتصادية والاجتماعية السائدة فيها على مبادئ دينية بل على العكس من ذلك تقوم على أسس لا دينية وعلمانية. ولم يتسبب ذلك في انهيار حضارتها ولا في ضياع هويتها القومية أو اندثار تراثها الثقافي والفكري والحضاري .
إن الخوف غير المبرر من عزل الدين عن السياسة والنظم والقوانين السائد والراسخ في العقلية العربية واللاوعي الجمعي العام لدى شعوب الدول العربية، يتسبب في خلق عقبات ومعوقات صلبة تقف في وجه مواكبة التقدم والتطور والتنمية.
بل على العكس من ذلك فإن ارتباط النظم الاجتماعية بقيود وضوابط انطلقت حصرياً من الفكر الديني الأصولي ساهمت بشكل كبير في اختلال التركيبية الاجتماعية للعديد من الشعوب العربية.
ففي مصر مثلاً التي غدا التدين فيها ظاهرة تكاد تكون شاملة ومسيطرة، وتتحكم الأفكار الأصولية بوجدان وتحركات وأفعال الناس فيها ، نجد أن تلك المبادئ الدينية أخلاقية كانت أم فكرية أم معرفية لم تتمكن من حل الأزمات المستعصية والمشاكل المتنامية على الصعيد الاجتماعي. ففي موضوع علاقة الرجل بالمرآة نلحظ نسباً عالية للعنف الأسري ونلحظ نسباً مرتفعة للطلاق كما وتذهلنا أرقام العنوسة المنتشرة بين الشباب والفتيات وتصدمنا حالات إنكار النسب في المحاكم المصرية.
فإن هناك 9 ملايين شاب وفتاة فوق الـ35 عاماً لم يتزوجوا، منهم 5.5 مليون شاب لم يتزوجوا و3.5 مليون فتاة فوق سن الـ35 لم يتزوجن، أي أن ثمة مليوني شاب زيادة عن عدد الفتيات.وأضاف
هناك 13 مليون فقير و4 ملايين تحت خط الفقر، مما أدى لتراجع معدلات الزواج وارتفاع معدلات الطلاق. الشرق الأوسط
أمام هذا الاستعراض السريع يمكن القول ببساطة بأن الفكر الديني الأصولي المسيطر لم يتمكن من إيجاد الحلول المناسبة بل ولم يستطيع الحد من تفاقم الأزمات والمشاكل السائدة. لذلك لا بد من التقد و المرجعة وإفساح المجال لتجاوز الكلية و الشمولية في مفهوم الأسلمة و التدين
إن الخشية الحقيقية ينبغي أن تنبع من تلك العودة والهجمة الشعبية والنخبوية إلى تحكيم التراث والأصولية بشكل صارم وتفصيلي في كل مفاصل الفكر والنظريات والنظم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وما يرافق ذلك من تواكل وإغراق في الاعتماد على الغيبيات مع إقصاء العقل وحصر وظيفته ومهمته بالبحث في مناقب التراث و استخراج الأحكام الضابطة للنظم و القوانين استنادا على الأحكام التي قررها السلف وارتضوها لأنفسهم في لماضي .
المراجع :
كتاب العلمانية من منطور مختلف : الدكتور عزيز عظمة
تقرير التنمية العربية 2003
جريدة الحياة 10071
جريدة الشرق الأوسط / 25/ 6 / 2006
ملف العلمانية إعداد لحسن وريغ ـ أشرف عبد القادر
حوار مع العفيف الأخضر في الأهرام 23/ 12 / 2003
فالعلمانية تستطل تحت إقرار عام بالحريات العامة ،و تشكل حرية المعتقد وحدة أساسية من تلك الحريات التي تشمل أيضا حرية الرأي و النشر و التجمع العفوي والمنظم ، وهنا نلحظ عدم صلاحية أو قدرة الحرية الدينية في فرض مستلزماتها التشريعية على الحقوق العامة القائمة وفقا لأسس علمانية . ـ 1 ـ
أما الأسلمة فهي تحكيم وتحكم في أمور الحياة و السياسة و الاقتصاد و الثقافة و المجتمع وفقا لضوابط وقواعد شرعية منصوص عليها أو مستنبطة و مستخرجة من القرآن و الحديث و اجتهادات العلماء و الأئمة و الفقهاء .
وإذا كانت العلمانية غربية المنشأ فإنها عالمية في فكرها وممارساتها في ظل الانفتاح الثقافي و ثورة الاتصالات الحديثة ، ولم يعد غريبا أو مستبعدا محاولة الجمع بين الاسلمة و العولمة في دول مثل تركيا و العراق ، حيث يسعى العديد من مفكري التجديد إلى الاستفادة من قواسم مشتركة تمكن المجتمعات الإسلامية من الأخذ بالعولمة مع الحفاظ على الطابع الخاص بها .
بناءا على تلك الإضاءة يمكن القول بأن التطور الذي طرأ على الحراك الفكري و الثقافي في البلدان العربية قد يتمكن في النهاية من الوصول إلى صيغ تخفف من سطوة المرجعيات الدينية و تدخل الناس تدريجيا في فلسفة العلمانية القادرة على استيعاب التمايز و التنوع في المجتمعات . و في استعراضنا الآتي نقدم بعض القراءات و الحقائق كإسهام في الوصول إلى صيغ مثلى تتيح فرصا لقبول العلمانية لدى شريحة اكبر من التيارات الفكرية و الثقافية السائدة .
تشير الدراسات الإستراتيجية و الاقتصادية إلى أن كل من الهند و الصين شارفتا على دخول حلبة الصراع الدولي كقوتين عظيمتين قادرتين على منازعة القوى الاستراتيجية والاقتصادية التقليدية السائدة في عالم اليوم ( أمريكا ــ أوروبا ــ اليابان)
(ولم تتردد مجموعة كبيرة من التقارير الاستراتيجية، التي صدرت عن مؤسسات دولية، مثل «صندوق النقد الدولي» و «البنك الدولي» و «منظمة التعاون والتنمية» و «ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية» وغيرها في الإشارة إلى الهند باعتبارها دولة صاعدة الى مستوى القوة الكبرى. ) الحياة
ويعتقد أنّه في مقدور الصين أن تنافس الهند،و تعتبر «شيآن» من أكثر مُدن الصين حداثة. وهي مهد برنامج الفضاء في الصين، إضافة إلى دورها في صناعة الطائرات، كما أنها جزء من تجمّع لمراكز الصين التكنولوجية، الذي يُسمى «سيليكون فالي» الصين. ويمتد على مساحة 35 كيلومتراً مربعاً ويضّم 7500 شركة، كما تدعمه أكثر من 100 جامعة تُخرّج 120000 طالب سنوياً، يُتابع نصفهم تخصصه في علوم الكومبيوتر.
وبالنظر إلى مجموع الدول العربية وما تقدمه للعالم من إسهام ثقافي واقتصادي ـ باستثناء الإنتاج ألريعي المرتكز على تصدير المواد الخام المتمثل في النفط في الدرجة الأولى ـ نلحظ بدون عناء ، تذيل الدول العربية في مجموعها للقوائم والإحصاءات المعلنة والدالة بجلاء ووضوح على أن المستقبل القريب لا ينبيء سوى بمزيد من تدني المستويات التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.
لقد قدر الناتج الإجمالي المحلي للدول العربية مجتمعة ب 531.2 بليون دولار في عام 1999 وهذا اقل من دولة أوربية واحدة كأسبانيا مثلا 595.5 بليون دولار، و الفارق اخذ في الاتساع حيث أن الاقتصاد العربي ككل يحتاج أن ينمو بمعدل 5 % سنويا على الأقل لاستيعاب العاطلين عن العمل حاليا والداخلين حديثا لسوق العمل فان النمو الحالي هو بمعدل 303 % فقط ـ تقرير التنمية العربية
إن كلاُ من الصين والهند دولتان علمانيتان تم الفصل فيهما بشكل نهائي بين السياسة والدين وبالرغم من تناقض أسس النظام السياسي القائم في كل منهما حيث تعتبر الهند موطن أحد أعرق الديمقراطيات في العالم ، فإن الصين ما مترددة في هذا المجال وما زال نظام الحزب الواحد هو السائد والمسيطر على نظامها السياسي ، وما زالت فكرة الديمقراطية بعيدة بل وغريبة عن الأجواء الثقافية السائدة لديها.
بالرغم من ذلك كله إن كلاً من الدولتين اللا دينيتين تعدان شعوبها بمستويات من التنمية والتقدم والتطور عالية تبشر بضمانات للأجيال القادمة تمنع ذوبانها واضمحلالها في خضم العولمة السائرة بلا هوادة في عالمنا المعاصر.
أمام هذا الاستعراض المبسط جداً وتلك المقارنة المباشرة نتلمس جملة من الحقائق المنطقية يغفل عنها الرأي العام في البلاد العربية ويسعى النظام السياسي العربي القائم إلى مغالطتها والقفز فوقها.
ليس هناك رابط حقيقي أو علمي بين أسلمة النظام السياسي والشرعنة الدينية للقوانين من جهة،وبين تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية من جهة أخرى.
إن تحقيق ا لدول العلمانية للتطور والتقدم والتحضر يؤكد على أن الأسس الأصولية الدينية ليست ضرورية لقيام ذلك كله بل مساعدة ، فالهند التي يتعايش فيها مئات القوميات والديانات ويقارب عدد سكانها من المليار نسمة ، لا يعد دين الدولة فيها ذا أهمية ولا ركيزة للتعاون والتعاضد بل الالتفاف حول مبادئ المساواة والديمقراطية والمواطنة هو الرابط والضابط المحدد لطبيعة الانتماء للوطن.
أما في الصين التي تزحف نحو المليار والنصف نسمة من السكان، فإن الغالبية من الصينيين إما بوذيين أو لا دينيين ويشكل المسيحيون والمسلمون نسباً طفيفة من التركيبية الديمغرافية الصينية. ومع ذلك لا تتكئ ولا تستند السياسة الصينية والنظم الاقتصادية والاجتماعية السائدة فيها على مبادئ دينية بل على العكس من ذلك تقوم على أسس لا دينية وعلمانية. ولم يتسبب ذلك في انهيار حضارتها ولا في ضياع هويتها القومية أو اندثار تراثها الثقافي والفكري والحضاري .
إن الخوف غير المبرر من عزل الدين عن السياسة والنظم والقوانين السائد والراسخ في العقلية العربية واللاوعي الجمعي العام لدى شعوب الدول العربية، يتسبب في خلق عقبات ومعوقات صلبة تقف في وجه مواكبة التقدم والتطور والتنمية.
بل على العكس من ذلك فإن ارتباط النظم الاجتماعية بقيود وضوابط انطلقت حصرياً من الفكر الديني الأصولي ساهمت بشكل كبير في اختلال التركيبية الاجتماعية للعديد من الشعوب العربية.
ففي مصر مثلاً التي غدا التدين فيها ظاهرة تكاد تكون شاملة ومسيطرة، وتتحكم الأفكار الأصولية بوجدان وتحركات وأفعال الناس فيها ، نجد أن تلك المبادئ الدينية أخلاقية كانت أم فكرية أم معرفية لم تتمكن من حل الأزمات المستعصية والمشاكل المتنامية على الصعيد الاجتماعي. ففي موضوع علاقة الرجل بالمرآة نلحظ نسباً عالية للعنف الأسري ونلحظ نسباً مرتفعة للطلاق كما وتذهلنا أرقام العنوسة المنتشرة بين الشباب والفتيات وتصدمنا حالات إنكار النسب في المحاكم المصرية.
فإن هناك 9 ملايين شاب وفتاة فوق الـ35 عاماً لم يتزوجوا، منهم 5.5 مليون شاب لم يتزوجوا و3.5 مليون فتاة فوق سن الـ35 لم يتزوجن، أي أن ثمة مليوني شاب زيادة عن عدد الفتيات.وأضاف
هناك 13 مليون فقير و4 ملايين تحت خط الفقر، مما أدى لتراجع معدلات الزواج وارتفاع معدلات الطلاق. الشرق الأوسط
أمام هذا الاستعراض السريع يمكن القول ببساطة بأن الفكر الديني الأصولي المسيطر لم يتمكن من إيجاد الحلول المناسبة بل ولم يستطيع الحد من تفاقم الأزمات والمشاكل السائدة. لذلك لا بد من التقد و المرجعة وإفساح المجال لتجاوز الكلية و الشمولية في مفهوم الأسلمة و التدين
إن الخشية الحقيقية ينبغي أن تنبع من تلك العودة والهجمة الشعبية والنخبوية إلى تحكيم التراث والأصولية بشكل صارم وتفصيلي في كل مفاصل الفكر والنظريات والنظم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وما يرافق ذلك من تواكل وإغراق في الاعتماد على الغيبيات مع إقصاء العقل وحصر وظيفته ومهمته بالبحث في مناقب التراث و استخراج الأحكام الضابطة للنظم و القوانين استنادا على الأحكام التي قررها السلف وارتضوها لأنفسهم في لماضي .
المراجع :
كتاب العلمانية من منطور مختلف : الدكتور عزيز عظمة
تقرير التنمية العربية 2003
جريدة الحياة 10071
جريدة الشرق الأوسط / 25/ 6 / 2006
ملف العلمانية إعداد لحسن وريغ ـ أشرف عبد القادر
حوار مع العفيف الأخضر في الأهرام 23/ 12 / 2003
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق