إحسان طالب
عبر مسيرة نصف قرن من التاريخ الحديث اعتاد العرب عموما ً على إلقاء اللوم تجاه إسرائيل حيال ما تعانيه الشعوب العربية من مظاهر التخلف و الفقر و فشل المشاريع السياسية الطموحة و الأهداف الاستراتيجية المتمثلة نظريا ً الآن في السلام و سابقا ً في الوحدة العربية.
صرح أبو العلاء رئيس الحكومة الفلسطينية المستقيل أن إسرائيل سبب فشل فتح في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت على أرض السلطة الفلسطينية في الضفة و القطاع. من البديهي أن تكون إسرائيل على علاقة حيوية في كل ما يجري في الأراضي الفلسطينية فهي المتحكمة بالمداخل و المخارج و الماء و الكهرباء و عصب الاقتصاد المال، لكن فوز حماس في الانتخابات جاء ظاهريا ً خلافا ً لإرادة إسرائيل التي تخوض مع المقاومة الإسلامية الفلسطينية حربا ً منذ خمس سنوات أجهضت في كثير من مراحلها مسيرة السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن نحو الدولة و السلام.
لعل أحد المؤشرات النفسية الهامة لفوز حماس هو عدم جهوزية كل من الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي للسلام. و إذا كانت النخب السياسية الإسرائيلية طيلة العقود السابقة متخوفة من السلام بلجوئها للحرب دائما ً فإن فترة حكم الليكود الأخيرة أبدت تخوفا ً من نوع ٍ آخر تجلى بالمسألة الديموغرافية، فخشية إسرائيل الآن في المقام الأول من ذوبان لمجتمع اليهودي في دولة إسرائيل ضمن أكثرية فلسطينية مسلمة ستكون عبر اللعبة السياسية الديمقراطية خلال عقود من الزمن حاكمة لإسرائيل في حال بقي الوضع على ما هو عليه منذ انطلاق القرن الجديد.
و عليه فقد تحرك اليمين الإسرائيلي نحو الوسط لإيجاد حل لتلك المعضلة السكانية التي تهدد تميز و تفرد دولة إسرائيل بالقومية الدينية اليهودية و شرع في تنفيذ خطط الانسحاب الأحادي الجانب و هو جاد تمام ً في المضي قدما ً نحو فك الارتباط مع الفلسطينيين، و نحو تطبيق خارطة الطريق تمهيدا ً لإقامة دولة فلسطينية حسب المواصفات الإٌسرائيلية.
و في الجانب الآخر بدا الفلسطينيون إلى ما قبل فوز حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية غير مستعدين للسلام لأسباب عديدة ربما كان أولها عدم قدرة الغالبية الفلسطينية بعد أكثر من خمسين سنة على إقامة دولة إسرائيل استيعاب الواقع الظالم الذي تسبب في إجلاء مئات الآلاف – أصبحوا الآن ملايين – من أصحاب الأرض الأصليين خارج أرضهم و استيلاء المهاجرين القادمين من وراء البحار على التراب الذي يعني الدم و اللحم خاصة في حالة فقده. و ثانيها العائق الديني و الصراع المستمر بين الإسلام و اليهودية منذ عهد النبي إلى وقتنا الحاضر و بما يمليه التراث الديني من حتمية نصر المسلمين على اليهود مهما طال الزمن. و بغض النظر عن موضوعية هذا الطرح من عدمه فإنه مسيطر بقوة على مدارك و آليات تفكير المسلمين عموما ً عربا ً و عجما ً.
و السؤال الطريف هنا الذي يلح في الطرح، هل ستتمكن حماس بعد فوزها و استلامها لمقادير الحكم من تعديل المزاج الفكري للعرب و المسلمين بما يتلاءم مع السير نحو الوسط حيث تتلاقى مع اليمين الإسرائيلي السائر في نفس الاتجاه، بمعنى هل تكون نشوة النصر لدي اليمين العربي سببا ً في إضفاء مزيد من الموضوعية و الواقعية على التفكير الديني بحيث تكون جائزة الفوز جسرا ً للمضي قدما ً في مسيرة بناء الدولة المدنية و تحجيم المشروع الإسلامي المتأمل بإزالة إسرائيل و إعادة الخلافة من جديد.
لقد أظهرت حماس بعد فوزها وعيا ً براجماتيا ً تجلى في العديد من تصريحات مسؤوليها و قادتها، فمحمود الزهار لا يرى في أمريكا عدوة بل يرى في بوش راعيا ً أولا ً للسلام و خالد مشعل سيتعامل بواقعية شديدة مع اتفاقيات أوسلو و إسماعيل هنية يناشد اللجنة الرباعية عدم قطع المساعدات و يعد بإنفاقها بالعدل و المساواة. فحماس من الداخل قيادة و قواعد تبدو مؤهلة للعب أدوار تاريخية إيجابية في مستقبل الشعب الفلسطيني و الخطر الأكبر الذي يقف عقبة نحو المضي سلما ً في الصراع العربي الإسرائيلي هو الأطراف الخارجية التي اعتادت طيلة العقود السابقة التطفل على القضية الفلسطينية من أجل الحفاظ على سيطرتها و سطوتها و خلودها فوق عروش الحكم.
صدام غزا الكويت و احتلها من أجل تحرير القدس و القوات السورية بقيت في لبنان ثلاثين عاما ً لحماية حدودها من غدر إسرائيل و خطرها أملا ً في تحقيق المشروع القومي الوحدوي التحرري. و إيران تخرج الملايين في مناسبة أو غير مناسبة لنصرة القدس من طهران و حتى الأهواز. صرح لاريجاني بأن إيران ستلجأ إلى موقعها الاستراتيجي لمواجهة المجتمع الدولي في حال تبني مجلس الأمن المقترح الأوروبي الأمريكي بإحالة ملفها النووي إليه.
فاروق الشرع اقترح على الجامعة العربية استبدال الدعم الأوروبي الأمريكي للسلطة الفلسطينية بدعم عربي. و بذلك يبقى قميص عثمان رطبا ً نديا ً بالدماء و سببا ً لإثارة الفتن و استمرار الحروب. و من جهته ما زال السيد حسن نصر الله مستمرا ً في دغدغة عواطف و فطرة العامة بقدرته على إزالة إسرائيل و قهر العدو الضعيف في نظره بقوة الإيمان و منظومة السلاح التي تتوفر لديه و التي لا تشكل قيمة حقيقية في الميزان الاستراتيجي العسكري و في حسابات الربح و الخسارة و عدد الضحايا من المدنيين كما أثبتت الإحصاءات عن الصراع الذي دام عقدين بين حزب الله و إسرائيل.
و أمام هذه الحالة فإن حماس حيال استحقا قين الأول داخلي و هو الهم و الاهتمام الذي ينصب نحو الشعب الفلسطيني و نزوعه نحو الحياة الحرة الكريمة المستقرة البعيدة عن الفساد الذي أغرق سلفه، و استحقاق خارجي يريد تهميش هذا الداخل على حساب صرا عات دولية و إقليمية تجلت في معركة إيران مع المجتمع الدولي جراء ملفها النووي و صراع النظام السوري مع الأمم المتحدة في قضية اغتيال الشهيد الحريري و تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، و لا يخرج من تلك الدائرة السجال السياسي اللبناني الذي يقف حزب الله طرفا ً أساسيا ً و فاعلا ً فيه يؤمل منه ما يرجى من حماس.
هل ستتمكن حماس من سحب السفينة الفلسطينية إلى بر النجاة بكل ما تحمله من أعباء تتجلى في استحقاقات محاربة الفساد و الفقر و البطالة و رفع مستويات التنمية و التعليم و الصحة و النهوض بالمجتمع و إعادة بناء البنية التحتية و المؤسساتية حتى يتمكن الفلسطينيون من خوض معركة السلام التي أثبتت الأيام صعوبة تكاليفها و عظيم استحقاقاتها.
أم ستتجه حماس نحو الخارج و تقع في الفخ التاريخي بتحميل الشعب الفلسطيني أعباء صرا عات و خلافات و معارك محسومة كانت نتائجها المدمرة دائما ً سببا ً لمزيد من الهزائم و الكوارث على الشعوب و الدول العربية و الإسلامية.
إن إيران و سورية و بعض الحلفاء الآخرين يريدون استغلال فوز الصديق من أجل كسب النقاط و امتلاك أوراق إضافية في صراعا تهم مع العالم من حولهم، و ذلك عمل لا يتسم بالنبل فليس من العدل التضحية بالشعب الفلسطيني و إنجازاته الديمقراطية و نجاحاته السياسية من أجل إخراج إيران و السلطة السورية من مآزقهم التي تزداد عمقا ً يوما ً بعد يوم.
العالم بأسره ينظر بدهشة و إعجاب لإنجازات الشعب الفلسطيني الحضارية و الراقية المتمثلة في إنجاز العملية الديمقراطية وفق المعايير الدولية بنسبة مشاركة تجاوزت السبعين في المئة و مسيرة انتخابية خلت من الصدام و العنف و تمت و أنجزت بسلاسة و انسيابية تليق بما نشاهده في أعرق الديمقراطيات في العالم، ففتح لم تتأخر لحظة واحدة عن المباركة لحماس و تهنئتها بالفوز و ستتخذ جانب المعارضة البناءة للعمل معها لتحقيق الاستقرار و السلام.
إن فوز حماس بدون شك انتصار للديمقراطية و نجاح محسوب بدون ريب للفكر العلماني الذي تحلت به منظمة التحرير الفلسطينية و سلطة الرئيس محمود عباس الذي يحسب له هذا التطور، ففي ظل حكمه المدعوم دوليا ً تمت تلك الانتخابات و في ظل سلطته تمت تلك الاستحقاقات و تكاد تكون سابقة بل هي سابقة أن تهزم السلطة الحاكمة بالانتخابات في أية دولة عربية عبر تاريخ العرب قديما ً و حديثا ً.
ما يراه البعض صدمة فكرية أو زلزالا ً سياسيا ً يوحي من خلال قراءة متأنية للأحداث بتغيير جوهري في طرائق التفكير و العمل السياسي العربي سيساهم قريبا ً في التقدم نحو مفاهيم و قيم الليبرالية القائمة على التسامح و التعددية و المساواة أمام القانون و الحرية و الثقة بالعقل الإنساني و قدرته على الوصول إلى المعرفة.
عبر مسيرة نصف قرن من التاريخ الحديث اعتاد العرب عموما ً على إلقاء اللوم تجاه إسرائيل حيال ما تعانيه الشعوب العربية من مظاهر التخلف و الفقر و فشل المشاريع السياسية الطموحة و الأهداف الاستراتيجية المتمثلة نظريا ً الآن في السلام و سابقا ً في الوحدة العربية.
صرح أبو العلاء رئيس الحكومة الفلسطينية المستقيل أن إسرائيل سبب فشل فتح في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت على أرض السلطة الفلسطينية في الضفة و القطاع. من البديهي أن تكون إسرائيل على علاقة حيوية في كل ما يجري في الأراضي الفلسطينية فهي المتحكمة بالمداخل و المخارج و الماء و الكهرباء و عصب الاقتصاد المال، لكن فوز حماس في الانتخابات جاء ظاهريا ً خلافا ً لإرادة إسرائيل التي تخوض مع المقاومة الإسلامية الفلسطينية حربا ً منذ خمس سنوات أجهضت في كثير من مراحلها مسيرة السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن نحو الدولة و السلام.
لعل أحد المؤشرات النفسية الهامة لفوز حماس هو عدم جهوزية كل من الطرفين الفلسطيني و الإسرائيلي للسلام. و إذا كانت النخب السياسية الإسرائيلية طيلة العقود السابقة متخوفة من السلام بلجوئها للحرب دائما ً فإن فترة حكم الليكود الأخيرة أبدت تخوفا ً من نوع ٍ آخر تجلى بالمسألة الديموغرافية، فخشية إسرائيل الآن في المقام الأول من ذوبان لمجتمع اليهودي في دولة إسرائيل ضمن أكثرية فلسطينية مسلمة ستكون عبر اللعبة السياسية الديمقراطية خلال عقود من الزمن حاكمة لإسرائيل في حال بقي الوضع على ما هو عليه منذ انطلاق القرن الجديد.
و عليه فقد تحرك اليمين الإسرائيلي نحو الوسط لإيجاد حل لتلك المعضلة السكانية التي تهدد تميز و تفرد دولة إسرائيل بالقومية الدينية اليهودية و شرع في تنفيذ خطط الانسحاب الأحادي الجانب و هو جاد تمام ً في المضي قدما ً نحو فك الارتباط مع الفلسطينيين، و نحو تطبيق خارطة الطريق تمهيدا ً لإقامة دولة فلسطينية حسب المواصفات الإٌسرائيلية.
و في الجانب الآخر بدا الفلسطينيون إلى ما قبل فوز حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية غير مستعدين للسلام لأسباب عديدة ربما كان أولها عدم قدرة الغالبية الفلسطينية بعد أكثر من خمسين سنة على إقامة دولة إسرائيل استيعاب الواقع الظالم الذي تسبب في إجلاء مئات الآلاف – أصبحوا الآن ملايين – من أصحاب الأرض الأصليين خارج أرضهم و استيلاء المهاجرين القادمين من وراء البحار على التراب الذي يعني الدم و اللحم خاصة في حالة فقده. و ثانيها العائق الديني و الصراع المستمر بين الإسلام و اليهودية منذ عهد النبي إلى وقتنا الحاضر و بما يمليه التراث الديني من حتمية نصر المسلمين على اليهود مهما طال الزمن. و بغض النظر عن موضوعية هذا الطرح من عدمه فإنه مسيطر بقوة على مدارك و آليات تفكير المسلمين عموما ً عربا ً و عجما ً.
و السؤال الطريف هنا الذي يلح في الطرح، هل ستتمكن حماس بعد فوزها و استلامها لمقادير الحكم من تعديل المزاج الفكري للعرب و المسلمين بما يتلاءم مع السير نحو الوسط حيث تتلاقى مع اليمين الإسرائيلي السائر في نفس الاتجاه، بمعنى هل تكون نشوة النصر لدي اليمين العربي سببا ً في إضفاء مزيد من الموضوعية و الواقعية على التفكير الديني بحيث تكون جائزة الفوز جسرا ً للمضي قدما ً في مسيرة بناء الدولة المدنية و تحجيم المشروع الإسلامي المتأمل بإزالة إسرائيل و إعادة الخلافة من جديد.
لقد أظهرت حماس بعد فوزها وعيا ً براجماتيا ً تجلى في العديد من تصريحات مسؤوليها و قادتها، فمحمود الزهار لا يرى في أمريكا عدوة بل يرى في بوش راعيا ً أولا ً للسلام و خالد مشعل سيتعامل بواقعية شديدة مع اتفاقيات أوسلو و إسماعيل هنية يناشد اللجنة الرباعية عدم قطع المساعدات و يعد بإنفاقها بالعدل و المساواة. فحماس من الداخل قيادة و قواعد تبدو مؤهلة للعب أدوار تاريخية إيجابية في مستقبل الشعب الفلسطيني و الخطر الأكبر الذي يقف عقبة نحو المضي سلما ً في الصراع العربي الإسرائيلي هو الأطراف الخارجية التي اعتادت طيلة العقود السابقة التطفل على القضية الفلسطينية من أجل الحفاظ على سيطرتها و سطوتها و خلودها فوق عروش الحكم.
صدام غزا الكويت و احتلها من أجل تحرير القدس و القوات السورية بقيت في لبنان ثلاثين عاما ً لحماية حدودها من غدر إسرائيل و خطرها أملا ً في تحقيق المشروع القومي الوحدوي التحرري. و إيران تخرج الملايين في مناسبة أو غير مناسبة لنصرة القدس من طهران و حتى الأهواز. صرح لاريجاني بأن إيران ستلجأ إلى موقعها الاستراتيجي لمواجهة المجتمع الدولي في حال تبني مجلس الأمن المقترح الأوروبي الأمريكي بإحالة ملفها النووي إليه.
فاروق الشرع اقترح على الجامعة العربية استبدال الدعم الأوروبي الأمريكي للسلطة الفلسطينية بدعم عربي. و بذلك يبقى قميص عثمان رطبا ً نديا ً بالدماء و سببا ً لإثارة الفتن و استمرار الحروب. و من جهته ما زال السيد حسن نصر الله مستمرا ً في دغدغة عواطف و فطرة العامة بقدرته على إزالة إسرائيل و قهر العدو الضعيف في نظره بقوة الإيمان و منظومة السلاح التي تتوفر لديه و التي لا تشكل قيمة حقيقية في الميزان الاستراتيجي العسكري و في حسابات الربح و الخسارة و عدد الضحايا من المدنيين كما أثبتت الإحصاءات عن الصراع الذي دام عقدين بين حزب الله و إسرائيل.
و أمام هذه الحالة فإن حماس حيال استحقا قين الأول داخلي و هو الهم و الاهتمام الذي ينصب نحو الشعب الفلسطيني و نزوعه نحو الحياة الحرة الكريمة المستقرة البعيدة عن الفساد الذي أغرق سلفه، و استحقاق خارجي يريد تهميش هذا الداخل على حساب صرا عات دولية و إقليمية تجلت في معركة إيران مع المجتمع الدولي جراء ملفها النووي و صراع النظام السوري مع الأمم المتحدة في قضية اغتيال الشهيد الحريري و تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، و لا يخرج من تلك الدائرة السجال السياسي اللبناني الذي يقف حزب الله طرفا ً أساسيا ً و فاعلا ً فيه يؤمل منه ما يرجى من حماس.
هل ستتمكن حماس من سحب السفينة الفلسطينية إلى بر النجاة بكل ما تحمله من أعباء تتجلى في استحقاقات محاربة الفساد و الفقر و البطالة و رفع مستويات التنمية و التعليم و الصحة و النهوض بالمجتمع و إعادة بناء البنية التحتية و المؤسساتية حتى يتمكن الفلسطينيون من خوض معركة السلام التي أثبتت الأيام صعوبة تكاليفها و عظيم استحقاقاتها.
أم ستتجه حماس نحو الخارج و تقع في الفخ التاريخي بتحميل الشعب الفلسطيني أعباء صرا عات و خلافات و معارك محسومة كانت نتائجها المدمرة دائما ً سببا ً لمزيد من الهزائم و الكوارث على الشعوب و الدول العربية و الإسلامية.
إن إيران و سورية و بعض الحلفاء الآخرين يريدون استغلال فوز الصديق من أجل كسب النقاط و امتلاك أوراق إضافية في صراعا تهم مع العالم من حولهم، و ذلك عمل لا يتسم بالنبل فليس من العدل التضحية بالشعب الفلسطيني و إنجازاته الديمقراطية و نجاحاته السياسية من أجل إخراج إيران و السلطة السورية من مآزقهم التي تزداد عمقا ً يوما ً بعد يوم.
العالم بأسره ينظر بدهشة و إعجاب لإنجازات الشعب الفلسطيني الحضارية و الراقية المتمثلة في إنجاز العملية الديمقراطية وفق المعايير الدولية بنسبة مشاركة تجاوزت السبعين في المئة و مسيرة انتخابية خلت من الصدام و العنف و تمت و أنجزت بسلاسة و انسيابية تليق بما نشاهده في أعرق الديمقراطيات في العالم، ففتح لم تتأخر لحظة واحدة عن المباركة لحماس و تهنئتها بالفوز و ستتخذ جانب المعارضة البناءة للعمل معها لتحقيق الاستقرار و السلام.
إن فوز حماس بدون شك انتصار للديمقراطية و نجاح محسوب بدون ريب للفكر العلماني الذي تحلت به منظمة التحرير الفلسطينية و سلطة الرئيس محمود عباس الذي يحسب له هذا التطور، ففي ظل حكمه المدعوم دوليا ً تمت تلك الانتخابات و في ظل سلطته تمت تلك الاستحقاقات و تكاد تكون سابقة بل هي سابقة أن تهزم السلطة الحاكمة بالانتخابات في أية دولة عربية عبر تاريخ العرب قديما ً و حديثا ً.
ما يراه البعض صدمة فكرية أو زلزالا ً سياسيا ً يوحي من خلال قراءة متأنية للأحداث بتغيير جوهري في طرائق التفكير و العمل السياسي العربي سيساهم قريبا ً في التقدم نحو مفاهيم و قيم الليبرالية القائمة على التسامح و التعددية و المساواة أمام القانون و الحرية و الثقة بالعقل الإنساني و قدرته على الوصول إلى المعرفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق