الخميس، أكتوبر 13، 2005

انتحار

عبد الوهاب بدرخان - الحياة اللندنية
غازي كنعان انتحر؟ ربما، سننتظر لنعرف. الأخبار الصحيحة تتأخر... إذا صح انه انتحر، فإن السياق يرينا احتمالات عدة: قد يكون انتُحر، وقد يقول البعض انه نحر، وقد يكون هناك من «ساعده» حين وضعه أمام هذا الخيار الوحيد.
نهاية مذهلة وغير متوقعة لعسكري لا يشي بروده وما شهد وشاهد وارتكب بأنه يمكن ان يقدم على الخطوة التي لا يأتيها الجنرالات إلا استنقاذاً للشرف العسكري.
أنها الماكينة الجهنمية نفسها، تحركت في بيروت في 14 شباط (فبراير) وتواصل اندفاعها آخذة من تلقاه بدربها. هل استبق غازي كنعان بـ «انتحاره» تقرير المحقق الدولي؟ ربما، لكنه لم يكن في سناريوات العارفين والاستخباريين شخصاً متورطاً في التنفيذ، عدا ما روي بصياغات متعددة عن علاقته مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، وعن الخصومات السياسية المشتركة بينهما إزاء بعض الطاقم الحاكم في لبنان.
كان تصريحه الأخير الى «صوت لبنان» ذا دلالة قوية الى ان الرجل يعيش أزمة نفسية. ولو لم يكن اتخذ قراراً شخصياً لما استفزه التقرير الذي بثته محطة «نيو تي في»، فهو سمع قبل ذلك الكثير مما يستحق الرد ولم يتكلم، إلا انه رد هذه المرة لأنها «الأخيرة» كما قال. كان في ما سمعه اشارة واضحة لعله الوحيد الذي فهمها، لأن التسريب عن تحقيقات ديتليف ميليس في «مونتي روزا» لا يمكن ان يكون اعتباطياً، فكيف إذا كان موجهاً ضده هو نفسه. إذاً، هناك من يستهدفه، ولم يكن هذا التسريب تفصيلاً عابراً، بل جاء في سياق تسريبات واشاعات أخرى في الداخل وخصوصاً في الخارج نسبت اليه ونسجت له وحوله خططاً لمواجهة التداعيات الميليسية.
يبدو أن غازي كنعان أدرك أنه رشح كي يكون كبش فداء، أو بالأحرى أحد الأكباش، ومع أنه لعب أدواراً كثيرة قاتمة طلبت منه بحكم موقعه ووظيفته وحتى قناعاته، إلا أنه على الأرجح لم يرغب في هذا الدور الأخير، وبذلك يكون قد انتحر فعلاً، لكنه انتُحر أيضاً، ولعله نحر كذلك إذ وضع في بداية نفق سيؤدي في النهاية الى هلاكه.
من التالي؟ ربما يمكن اطلاق هذا التساؤل، على طريقة اللبنانيين في مسلسل تفجير السيارات، ذلك أن السيناريو بات مفهوماً. فلحظة شاع نبأ انتحار غازي كنعان كان عدد من المعنيين بملف تحقيق ميليس يبدي رد فعل عفوياً ومدهشاً، مفاده أن الانتحار جزء من عملية إبعاد «الشهود». فهل كان غازي كنعان شاهداً غير موثوق به، أم أنه استكبر الدور المطلوب منه.
كل ذلك، ووسائل الإعلام اتخمت في الأيام الأخيرة بالتكهنات والتوقعات بأن تقرير ميليس لن يتضمن أي اتهام حاسم لأي جهة سورية. والأرجح أنه لن يفعل، لأن الاستجوابات التي اتيحت له في دمشق لا تسمح له بتوجيه أي اتهام، بل انه لم يستطع أن يقوم بـ «استجوابات» على غرار تلك التي اجراها في بيروت، لذلك فإنه قد يكتفي بمجرد اعلان الاشتباه ببعض الاشخاص نظراً الى مسؤوليتهم الوظيفية.
الى اي حد يؤثر انتحار غازي كنعان على معطيات التحقيق؟ الارجح انه لن يغير شيئاً، والأكيد انه يعكس فقط تطوراً داخلياً سيصار الى استيعابه، وبسرعة. أما «الشهود» الآخرون فموجودون، ومن المستبعد ان يكون هناك منتحر تالٍ، فليس بين هؤلاء من قدم للنظام الخدمات التي قدمها غازي كنعان ليُسمح له بـ «ترف» الانتحار. لكن الامر الوحيد الذي فاته انه، وقد رحل، أتاح لمن بقوا أن يتهموه وأن يقولوا ها قد عاقب نفسه.

لماذا لم يمت في حادث سيارة ..؟

عبد الرحمن الراشد - الشرق الأوسط اللندنية
كان بالإمكان ان يموت غازي كنعان بطريقة مدبرة مقنعة بسكتة قلبية، او حادث سيارة، او في عملية مطاردة لإرهابيين او مرض عضال. وزير الداخلية السوري مات برصاصة واحدة قالوا انه اطلقها على نفسه، أمر يصعب تصديقه.
نحن نعرف جيدا انه لا يوجد سياسي عربي واحد ينتحر، ولا توجد ثقافة الانتحار سوى في معسكرات بن لادن الموعودين بالجنة. اما كنعان فحظه في الجنة ضعيف والله أعلم. وبالتالي الاسلوب يعني الرجل كما يقال، اسلوب القتل هنا يريد فاعله ان يوصل الينا رسالة واضحة، «كنعان قتلناه»، وعلى الآخرين ان يدركوا ذلك.
ولن يهتم كثيرون انه قتل او انتحر بسبب سجله غير المحمود، لكن سيظل السؤالان لماذا وماذا بعد؟
انتحاره اعدام ربما هدفه التخلص من تركة سيئة بأكملها، وقد تقود الى اختفاء آخرين تورطوا في الوضع السيئ الذي اوصل دمشق الى ما وصلت اليه؟ وقد يكون مجرد حالة تخلص من أصبع وجدت بصمتها في مكان الجريمة.
علها سياسة جديدة تقول فيها دمشق انها تنتقل من عصر الى عصر، ومن كيفية في الادارة الى أخرى، ومن مجموعة الى غيرها. فان كانت مؤشرا على منهج جديد للحكومة السورية بانها تتجه للخروج من سياسة الأمن الى دولة حديثة، فلا أسف على اختفاء كنعان، بل يسهل غيابه التغيير الايجابي الذي يصب في صالح سورية نظاما وشعبا.
أما إن كانت مجرد عملية اخفاء آثار للجريمة من قبل المتورطين في اغتيال رفيق الحريري، في ظل تسارع احداث التحقيقات الدولية، فلن تجدي كثيرا في أي اتجاه، بل هي مثل الشاحنة البيضاء الصغيرة التي اختفت بعد الانفجار، أي مجرد دليل تخميني آخر في جريمة قتل، ولا تستحق منا أن نقرأ فيها اكثر من ذلك.
سواء كانت وفاته جريمة ذات رسالة كبيرة او صغيرة، الا ان الملف الأهم هو سورية لا كنعان او بقية البيادق على سطح الشطرنج السوري. دمشق لم توح بعد الى العالم في أي اتجاه تسير، لأن الاحداث الكبيرة الأخيرة في سورية وخارجها لا تدل على شيء. فتقرير القاضي الدولي ميليس سواء ان سمى سورية اسما او تلميحا، فانه سيتركها معلقة للجلد اقليميا ودوليا، ولن يفيد كثيرا غياب رموزها القديمة، مثل وفاة كنعان او اختفاء عبد الحليم خدام او إقالة نصف المسئولين الأمنيين.
والدليل الوحيد الذي نملكه على ان هناك املا في أن تتجه سورية الى حسم كامل لاشكالاتها الأمنية، وورطاتها العسكرية في العراق ولبنان، هو كيفية موت كنعان برصاصة تقول انه خرج من الساحة ولم يمت بالصدفة في حادث سيارة، كما يموت كثير من الناس.

انتحار اللواء كنعان: 4 سيناريوهات

القدس العربي اللندنية
مثلما كانت شخصية اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري مثار جدل، خاصة عندما كان الحاكم الفعلي للبنان لاكثر من عشرين عاما بحكم قيادته لجهاز الاستخبارات السوري فيه، فان انتحاره سيكون اكثر اثارة للجدل، لان الانتحار ليس من سمات القيادات العسكرية او الامنية العربية، والسورية منها علي وجه التحديد.الذين عرفوا اللواء كنعان وتعاملوا معه، يؤكدون ان الرجل يتمتع بدرجة كبيرة من الصلابة، ومر بظروف صعبة للغاية واجهها بشجاعة واعصاب فولاذية، ولهذا فان نظرية انتحاره تظل موضع شكوك الكثير من المراقبين.هناك اربعة سيناريوهات متداولة حاليا في الاوساط السورية واللبنانية حول هذه الحادثة المفاجئة لا بد من طرحها لالقاء المزيد من الضوء عليها ومحاولة تحسس الاسباب والدوافع لعملية الانتحار او النحر اذا جاز التعبير.

السيناريو الاول: يقول ان اللواء كنعان اصيب بحالة من الاكتئاب المزمن بسبب انهيار المشروع السوري في لبنان الذي عمل علي بنائه وتعزيزه طوال العشرين عاما من خدمته.
السيناريو الثاني: حدوث صراع اجنحة داخل النظام السوري، بلغ ذروته مع اقتراب موعد اذاعة نتائج تحقيقات القاضي الالماني ميليس حول جريمة اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الاسبق. وقرر احد الاجنحة النافذة اعدام اللواء كنعان، وتقديمه ككبش فداء للادارة الامريكية لامتصاص اي نتائج تدين سورية او بعض رجالها، يمكن ان يكشف عنها تقرير ميليس.
السيناريو الثالث: ان تكون بعض الاطراف الامنية السورية النافذة اكتشفت وجود اتصالات بين الادارة الامريكية واللواء كنعان لترتيب انقلاب داخلي يطيح بالنظام الحاكم الحالي، ويتولي تغيير السياسات السورية بما يلبي المصالح الامريكية في تعاون سوري اوثق في الملفين العراقي والفلسطيني، ولهذا تقرر التخلص منه مبكرا.
السيناريو الرابع: ان يكون النظام السوري ادرك ان اللواء كنعان سيكون اول المطلوبين للتحقيق كمتهم في جريمة اغتيال السيد الحريري، وانه سيضطر الي تسليمه لجهة خارجية، وبالتالي يفقد السيطرة عليه كليا، الامر الذي قد يدفعه للادلاء بالكثير من المعلومات التي تدين النظام السوري وتكشف دوره في دعم المقاومة العراقية، او التورط في عمليات اغتيال في لبنان لشخصيات رئيسية مثل السيد كمال جنبلاط، بشير الجميل، حسن خالد، والرئيس رينيه معوض، علاوة علي اغتيال الراحل الحريري، ولهذا جري نحره بهذه الطريقة الدرامية.
ويبدو من الصعب، او من المبكر، ترجيح اي من هذه السيناريوهات الاربعة، لان المعلومات التي رشحت حول هذه المسألة تبدو ضئيلة للغاية، خاصة من الجانب الرسمي السوري، كما ان التركيز علي الحديث الذي ادلي به الي راديو صوت لبنان ودافع فيه عن نفسه، وفند الاتهامات الموجهة اليه حول تلقيه اموالا من الحريري، يساهم في عملية التضليل وحالة الغموض الراهنة.فقوله ان هذا آخر حديث يدلي به لا يعني انه كان قد عقد النية علي الانتحار، ويمكن تفسير هذا القول بان الرجل قرر عدم الحديث لوسائل الاعلام حول هذه المسألة في المستقبل منعا للقيل والقال، وحرصا علي سرية التحقيقات، مضافا الي ذلك انه رجل استخبارات، وكان دائما بحكم وظيفته مقلا في الاحاديث الصحافية، وحريصا علي البقاء في الظل.وسواء انتحر اللواء كنعان او نُحر فان وفاته هذه لها علاقة مباشرة بتقرير ميليس. وستؤشر بطريقة او بأخري الي وجود علاقة سورية بجريمة اغتيال الحريري، ويظل السؤال عما اذا كانت هذه العلاقة مباشرة او غير مباشرة، ومن مسؤولية افراد ام نظام، واذا كانت مسؤولية نظام فاين حدود هذه المسؤولية، وهل تقتصر علي اجهزة ام قيادة عليا؟انتحار اللواء كنعان اضاف عنصر قلق جديد للنظام السوري، وكشف بطريقة او باخري عن بداية تصدع امام العزلة العربية والدولية والضغوط الامريكية.

الأربعاء، أكتوبر 12، 2005

نظام الفرص الضائعة.. مرة أخرى

برهان غليون - الاتحاد الإماراتية
ليس هناك شك في نظري في أن سوريا قد أضاعت في السنوات الخمس الماضية أكبر فرصة تاريخية عرضت لها في سبيل الخروج مما يقارب نصف قرن من التقوقع والانغلاق والتقهقر في معايير المعيشة والمعاملة والحكم والحياة عموما وفي النهاية الترهل والتعفن والفساد· فقد توفرت للنظام الجديد شروط داخلية وخارجية لم تتوفر لأي نظام آخر، بما في ذلك النظم المحسوبة على الغرب منذ عقود طويلة· فقد كان الشعب خائفا فعلا من أن يؤدي التغيير إلى انقلاب واضطراب في السلام الأهلي فوجد في تبني الحكم مشروعا للإصلاح التدريجي مخرجا استثنائيا لأزمة البلاد· ولم يكن موقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة مختلفا عن ذلك كثيرا· فقد اعتقدت هي أيضا أن إصلاح النظام من الداخل يوفر عليها مخاطر كبيرة ويمكنها من الاستفادة في الوقت نفسه من إمكانيات النظام وخبرته الطويلة في محاصرة بؤر الإرهاب والعنف المتنامية في المنطقة والعالم· وكان من المنتظر أن يستفيد الحكم السوري بشكل كبير من المراهنة القوية التي وضعها التكتل الغربي، الأميركي والأوروبي، عليه وعلى استمراره ويوظفها في إطلاق مشروع إصلاح كبير يمكن سوريا من أن تتحول إلى رائدة في المنطقة عن طريق الجمع بين الرعاية الاستثنائية التي يحظى بها من قبل الدول الصناعية الكبرى من جهة وما تتمتع به سوريا من موقع وموارد بشرية تحسد عليها وما يحظى به شعبها أيضا من تقدير واحترام لدى جمهور واسع في العالم العربي وخارجه أيضا بسبب نضاله وتراثه الحضاري العريق من جهة ثانية· لكن عاملين قويين ساهما في تبديد تلك الفرصة قبل أن يدفعا إلى تغيير الموقف من النظام السوري من النقيض إلى النقيض، فيحولانه من موضوع رعاية وعطف شاملين إلى موضوع نقمة ورفض قاطعين، في الداخل والخارج على حد سواء، وتقريبا في الوقت نفسه· العامل الأول داخلي يتلخص في نظري في ما تميزت به القيادات المختلفة في الحزب والإدارة العسكرية والمدنية من سوء قراءة للأحداث، وعجز عن تجاوز المصالح الضيقة السائدة في النظام بالإضافة إلى قدر كبير من انعدام الخبرة السياسية والسقوط في حمى المزايدات الرخيصة بالوطنية لقطع الطريق على المعارضة الداخلية وتجنب فكرة المشاركة· أما العامل الثاني فهو من دون شك ما تميزت به السياسة الاميركية بعد هجوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 من تخبط واضطراب· فبينما حالت مثالب النظام دون تحقيق الحد الأدنى من التغيير والإصلاح المنشود وبالسرعة المطلوبة لوقف مسار التدهور المتواصل في المناخ السياسي وشروط الحياة المعنوية والمادية والاجتماعية، جاءت السياسة الهجومية الرعناء لإدارة الرئيس الجمهوري لتعيد الأجندة الوطنية والقومية إلى مركز الأولوية في تفكير الجمهور الواسع، مما أضعف قضية المعارضة الديمقراطية ودفع النظام إلى الاعتقاد أن بإمكانه مقايضة استحقاقات التغيير والإصلاح الداخليين برفع الشعارات الوطنية والعزف على وتر العداء للاستعمار والإمبريالية والالتفاف حول السلطة في مواجهة الأخطار الخارجية· أثار إخفاق النظام في التكيف مع الوضع الجديد وتمسكه بصيغته وسياساته القديمة المتسمة بالانغلاق وعدم الشفافية والتكور على النفس والشك بأي تغيير خيبة أمل عميقة لدى العواصم الغربية وليس فقط في وسط الرأي العام السوري· ولم يحصل ذلك دفعة واحدة وإنما كان ثمرة تراكم خبرة السنوات الخمس الماضية جميعا· فقد كان للاعتقالات والعقوبات غير المعقولة وغير المقبولة بأي معيار دولي للناشطين السياسيين والمدنيين وفي مقدمهم الشخصيات الثمانية الذين شاركوا في ندوة منتدى الحوار الوطني للنائب رياض سيف في الخامس من سبتمبر 2001 أثر سلبي جدا على رصيد النظام الخارجي· وجاء استمرار عمليات الاعتقال وعجز النظام عن إيجاد صيغة مقبولة للتعامل مع حركة المجتمع المدني التي كان العالم الخارجي ينظر إليها بتفاؤل في سبيل مساعدة النظام القديم على الخروج من جموده بصورة تدريجية وسلمية وتصاعد إجراءات القمع وتكميم الأفواه وإخفاق المؤتمر العاشر لحزب البعث (يونيو 2005) الذي مثل فرصة أخيرة في مراجعة الحساب وتبديل السياسات القديمة وإنقاذ مشروع التغيير لتقنع الرأي العام السوري والغربي بأنه لا أمل يرجى من الحكم الجديد في تحقيق أي إصلاح· وبدأ صبر المتعاطفين المحليين والشركاء الغربيين ينفد بسرعة، وخلف الحماس للنظام الجديد والتفاؤل بقدومه حرقة وندماً على ما تم من استثمار فيه ورهان عليه· ومع ذلك لم يتخذ التحالف الغربي أي موقف سلبي من النظام، وظل يدعو للتعامل الإيجابي معه إلى فترة قريبة· إن الأيام الصعبة للنظام لم تبدأ إلا على إثر القطيعة التي حصلت بينه وبين حليفه الرئيسي في الغرب، فرنسا، بسبب تمديد ولاية الرئيس اللبناني لحود من دون تفاهم مع الحلفاء بل ضد إرادتهم وبالرغم من تدخلاتهم لدى النظام السوري لوقف هذا المسار كما ذكرت الصحافة مرارا في ما بعد· فبتخلي فرنسا عن النظام ومن ورائها أوروبا وتصاعد شكوك واشنطن بعدم جدية التعاون السوري وباحتمال خسارتها للحملة المكلفة في العراق أصبح الطريق سالكا لتكوين تحالف أوروبي أميركي ضد دمشق· وهو ما كان عليها أن تحول دونه بأي ثمن·وعلى الأغلب أنه حتى بعد هذه القطيعة الخطيرة مع الحليف الفرنسي، لم تكن فرص الخروج من المأزق الذي كان يسير إليه النظام قد استنفدت تماما في نظري· فقد كان الغربيون وربما لا يزالون يعتقدون أن التعكيز على نظام بعثي خير من المغامرة بتغيير غير مضمون النتائج كما حصل في العراق· لكن جاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتوجيه إصبع الاتهام إلى النظام الأمني السوري اللبناني لينهي عصر التسامح والتعامل الإيجابي الطويل مع الغرب· لقد أصبح من الواضح أنه لم يعد لأي طرف مصلحة في الإبقاء على النظام· فالولايات المتحدة التي تعيش هوس هزيمة عسكرية منكرة في العراق تجد في هذه الواقعة فرصة لا تقدر بثمن كي تحول النظام السوري إلى كبش فداء وترمي عليه المسؤولية كلها في إخفاقها الذريع هناك· كما أن فرنسا تبدو مقتنعة الآن بأن الحديث عن إصلاح النظام هو مضيعة للوقت· وجاءت السياسات الأمنية المتشددة في الأشهر الأخيرة لتعزز هذا الاقتناع وتزيل أية أوهام عند من كان لا يزال يعتقد بحصول المعجزة· باختصار، في حالة الضعف التي وصل إليها النظام، لم يعد أحد، لا في الولايات المتحدة ولا في أوروبا يشعر بمصلحة في إعادة الحوار معه أو الرهان عليه، وذلك بصرف النظر حتى عما إذا كان مسؤولا بالفعل عن اغتيال الحريري ودعم قوات التمرد في العراق أم كان بعيدا عن ذلك·

العلماء يتذكرون شبح <<الانفلونزا الإسبانية>>.. فيروس انفلونزا الطيور يواصل انتشاره

أحمد مغربي - الحياة
فرض الاتحاد الاوروبي أخيراً حظراً على استيراد الدجاج ومنتجاتها من تركيا ورومانيا، اللتان تابعتا التخلص من مئات آلاف الطيور المصابة. وفي تايلاندا، استهل وزير الصحة الاميركي مايكل ليفيت جولة فريدة من نوعها على دول آسيا حيث توجد اصابات بفيروس انفلونزا الطيور يرافقه مدير «منظمة الصحة العالمية». وناشد الوزير الأميركي شعوب الارض للتضامن في مواجهة تصاعد انتشار هذا الفيروس، وشدد على ضرورة التوصل الى احتواء الفيروس، عبر تبادل المعلومات وتنسيق اجراءات الوقاية على المستوى العالمي. وطلبت الحكومة البريطانية من مواطنيها الابلاغ عن كل ما يعتبرونه وفيات مشبوهة للطيور. وفي المقابل، انحت صحيفة «التايمز» بالملامة على الحكومة في نقص لقاحات الانفلونزا، مشيرة الى بطء الاجراءات في مواجهة تهديد الفيروس. وفي هذا السياق، صرح اليخاندرو ثيرمان، رئيس «الرابطة العالمية لصحة الحيوان» ان اضافة عشرة في المئة الى الموازنات المخصصة لابحاث اللقاحات تكفي لمكافحة الوباء الراهن على مستوى مزارع الدواجن.
ونشرت «منظمة الصحة العالمية» تقريراً مقلقاً ابدت فيه خشيتها من حدوث تحوّل في جينات فيروس (اتش 5 ان 1) بما يجعله قادراً على اصابة البشر بانفلونزا قاتلة تتخذ بعداً دولياً شاملاً. وفيما نفت قبرص دخول الفيروس اليها، اعلنت مصادر متقاطعة عن وجوده في روسيا وبلغاريا وهنغاريا واوكرانيا واليونان. والمعلوم ان الفيروس منتشر آسيوياً في تايلاندا وكمبوديا ولاوس وفيتنام. وينحو بعض الخبراء باللوم، بالنسبة الى انتشار انفلونزا الطيور، على الوسائل الآسيوية في تربية الدواجن، التي تتضمن الكثير من التداخل بين الطيور والبشر.
وفي لبنان، اصدر وزير الزراعة طلال الساحلي تعميماً تضمن اجراءات وقائية بصدد فيروس الطيور. ويُفهم من ذلك التعميم ان لبنان خال من الفيروس المُهدد. وأثار الاعلان الاوروبي عن حظر المنتجات التركية جواً من التوجس في الدول العربية، بسبب حركة التبادل التجاري بين تلك الدول وتركيا. مجلة «نايتشر» عبرت عن قلق المجتمع العلمي، وذكرت بما توصل اليه العلماء عن وباء الانفلونزا الاسبانية التي اجتاحت العالم عقب الحرب العالمية الاولى. وفي المقابل، بثت شبكة «سي ان ان» مقابلة مع خبير في الفيروسات، راى فيها ان تحول انفلونزا الطيور الى جائحة انفلونزا بشرية هو «امر حتمي». وفي حال تحقق هذا الاحتمال، فان ارواح ملايين البشر تصبح على المحك. وفي العام 1918، قضت الانفلونزا الاسبانية على ما يزيد على عشرين مليون انسان في انحاء العالم. وتُقدر المصادر الطبية، ان مليوني اميركي قد يقضون في حال حدوث وباء انفلونزا عالمي.
ورداً على انتقادات صحافية متكررة اشارت الى عدم استعداد الادارة الاميركية الراهنة لمكافحة الانفلونزا، تدارس الرئيس جورج بوش مع عدد من الخبراء في شأن الاستعانة بالجيش لفرض اجراءات عزل على المزارع التي قد يصل اليها الفيروس المذكور. ومثل الامر ملمحاً اضافياً في الشبه بين فيروس انفلونزا الطيور والارهاب. وفي كلاهما، تمثل عناصر صغيرة ومُتكاثرة، تهديداً عالمياً خطيراً. وتبدو الدول مرتبكة حيال تلك العناصر، التي تخرج بسهولة عن نطاق السيطرة، بسبب قدرتها على الانتشار والعمل عبر الحدود بسهولة. وتشعر الدول بأن حدود سيادتها ليس سوراً واقياً، ويشمل ذلك الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة.

علياء الأنصاري- الزمن المقدس

تختزن بعض الازمنة قدسية معينة اكتسبتها من احداث ووقائع اقترنت بتقويمها، لتضفي على حياة البشر شيئا من الشفافية في عملية أنسنة المخلوق الترابي المستفيد الوحيد من معادلة الزمن.
ومن هذه الازمنة، شهر رمضان المبارك، ذلك الشهر الذي استقبله الرسول الكريم (ص) بخطبته الرائعة والتي كثيرا ما استوقفتني فيها عبارة:(والشياطين فيه مغلولة)، وكثيرا جدا ما تساءلت بصمت عن ماهية هذه الشياطين، هل هي شياطين الجن أم شياطين الانس؟
وبفضل الاحداث المتسارعة في زمننا الملغوم هذا، اظنني توصلت الى الاجابة، بان رسول الله (ص) لم يعني في حديثه شياطين الانس لانهم يقرعون طرقاتنا يوميا ويأخذون منا الحلم والامن والحب؟ ولان شياطين الانس تمارس فعالياتها اليومية بكل نشاط وحيوية وعلى مختلف الاصعدة ونجدهم في كل مكان من حولنا... اذن هم مستثنون من حديث رسول الانسانية.
فالزمن المقدس لا يفهمه الا من به نفحات انسانية، فكلما ازدادت نسبة الانسانية في مخلوق ما، ارتفعت لذلك نسبة ادراكه لقيمة الزمن وفهمه لماهية القداسة.
ورمضاننا هذا العام فاق نظائره في الازمنة الاخرى قدسية، لما جرت فيه من انتهاكات لحرمة الانسان العراقي وما تجري، انتهاكات لدمه ... لحقوقه... لماضيه المعذب وحاضره المتعب... لمستقبله واحلامه... لحقه في الحياة.
ومع كل هذا اعتقد باننا قادرون على صياغة نوع جديد من القدسية يمكن ان نقدمها للزمن الاتي، فيصبح رمضان الاتي اكثر قداسة، والزمن المختفي في احداق اطفالنا اكثر قداسة... عندما نقاوم الخوف في انفسنا، ونكسر قيود اللامبالاة في اعرافنا، ونسحق الانا في ذواتنا، ونحطم اصنام الشرك بكل انواعها بفأس ابراهيم عليه السلام لنمسي من اعظم الموحدين.
لا يمكن ان ننتظر من الاخرين ان يصنعوا لنا المستقبل، او نطلب من الاخرين حلولا لمشاكلنا، او مراهم لجراحنا ثم ندعي باننا قادرون على ان نقول كلمتنا.
سنجرب انفسنا في هذا الامر، سنجرب قدرتنا على اتخاذ القرار، وشجاعتنا في قول كلمتنا، وحبنا للحياة الفضلى ورفضنا للاستعباد والاسترهاب والتزييف، سنجرب كل هذا يوم السبت القادم.
وستتطلع الينا في ذلك الصباح، السماء الزرقاء الصافية ... ورذاذ الماء في دجلة والفرات، والجماجم الحبيبة في مقابرنا الجماعية، وارواح الشهداء وآلاف القلوب الطيبة المشردة في اصقاع الارض، يحدوها الامل بان نجتاز التجربة وننتصر على كل عوامل القهر التي تسعى للقضاء علينا.
واني واثقة باننا شعب لا يقهر... وسننتصر كما انتصرنا فيما مضى وسنُعلم (بضم النون) العالمين بان الزمن يستمد قدسيته من ارادتنا.

علياء الانصاري
مديرة منظمة بنت الرافدين ـ بابل

جورج كتن - جمهورية الفاكهاني لن تعود

الفصائل الفلسطينية التي نشطت مؤخراً لتهريب الأسلحة والمسلحين وتحصين مواقعها داخل لبنان، لعبت بالنار التي لولا العقلاء لأدى اندلاعها إلى نتائج وخيمة لهذه الفصائل، وللمواطنين اللبنانيين والفلسطينيين الذين كانوا سيتحملون نتائج أعمال ومواقف قيادات غير مسؤولة تحاول فرض نفسها كممثلة للفلسطينيين.

هذه الفصائل لا تزال تفكر بعقلية "جمهورية الفاكهاني" للسبعينيات عندما كانت تتصرف كدولة ضمن الدولة أو كطائفة لبنانية لها حصة في الشأن اللبناني ولا حدود لتصرفاتها ومواقفها سوى ما يتفتق عنه ذهن "أبواتها". وهي تظن أنها يمكن أن تستمر في سياستها هذه مع التغاضي عن المتغيرات في لبنان وفلسطين والمنطقة والعالم. فالثقل الأساسي للعمل الفلسطيني أصبح داخل الأراضي المحتلة ولم يعد للخارج الأهمية التي كانت له حتى أوائل الثمانينيات، وأصبحت هناك سلطة منتخبة للفلسطينيين تحدد سياساتهم وتعمل لإعادة الفصائل لحجمها الحقيقي الذي يحدده لها صندوق الاقتراع.

الفصائل الفلسطينية المتعملقة فضلت عدم الإقرار بسيادة السلطة اللبنانية، وعدم الاعتراف بالسلطة الشرعية الفلسطينية وظنت أن السياسة ما زالت تنبع من بنادق مسلحيها ومن يدعمهم, وتجاهلت التحولات الواسعة التي جرت في لبنان هذا العام، إذ أصبح تحت رقابة المجتمع الدولي بعد صدور قرارات متعددة من مجلس الأمن ساهمت إلى جانب الانتفاضة الشعبية اللبنانية في إخراجه من الوصاية الأمنية السورية اللبنانية، والمجيء بحكومة منتخبة تدعمها أكثرية لا تقبل التفريط بالسيادة على جميع الأراضي اللبنانية دون استثناء الجزر الأمنية الفلسطينية.

كما تبدد تأييد تيارات وطنية لبنانية للفصائل المسلحة أيام "جمهورية الفاكهاني"، معظم هذه التيارات تقف الآن ضد أي انتهاك للسيادة، إلا أنها لم تتخل عن تأييد حق العودة الفلسطيني ورفض التوطين. ولا أحد يستطيع المزاودة على اللبنانيين في التضحيات التي قدموها للقضية الفلسطينية، فمن حقهم التمتع بالأمن والاستقرار ومنع أي إخلال له باستخدام سلاح غير شرعي, أصبح الجدل حول ضرورة بقائه المسألة الأساسية في فلسطين, فكيف في لبنان؟ فنزع سلاح الفصائل أصبح بنداً رئيساً على جدول المفاوضات لإطلاق الدولة الفلسطينية، بعد التراجع الذي أدت إليه عسكرة الانتفاضة, عن الإنجازات التي تحققت عبر اتفاقية أوسلو, وخسارة قطاع واسع من الرأي العام العالمي المساند نتيجة تصنيفه العمليات الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين كأعمال إرهاب مدانة.
ماذا حقق السلاح الفصائلي المنفلت حتى الآن؟ لا شيء سوى التسبب في الحالة المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في الأرض المحتلة, والفوضى الأمنية في قطاع غزة المتمثلة في التفجيرات في المناطق السكنية الفلسطينية، والاغتيالات شبه اليومية ومهاجمة مراكز السلطة ومنعها من القيام بمهماتها، والاستعراضات العبثية للمسلحين المقنعين, وإطلاق صواريخ خلبية ضئيلة الضرر على إسرائيل, تعطي الذرائع لاعتداءات إسرائيلية شديدة الضرر على الأوضاع المعيشية المتدهورة للمواطنين، وتحقق المزيد من العزلة في المجال الدولي حيث تبدو إسرائيل في مظهر المدافع عن نفسه في مواجهة السلاح المنفلت، مما ينزع عن السلاح صفة المقاوم بعد أن أصبح مسيئاً للقضية.

الفصائل المتعملقة في لبنان الوجه الآخر للفلتان الأمني الفصائلي في قطاع غزة، ففي ظل البطالة الدائمة للسلاح المفروض أنه موظف لمواجهة العدو الإسرائيلي، تغامر بتحريكه في الصراعات الفلسطينية – الفلسطينية أو الفلسطينية – اللبنانية، فطالما أن لا دور له في إخراج الاحتلال يمكن لأصحابه استخدامه كأداة ووقود لقوى إقليمية عربية, وكوسيلة ضغط ضد التوجه اللبناني الجديد لاستكمال الحرية والسيادة والاستقلال, وهي مغامرات لا تفيد القضية الفلسطينية من قريب أو بعيد.
لا تدعي الفصائل الفلسطينية أن استنفارها الحالي في لبنان هو للقيام بعمليات ضد إسرائيل، فقد انتهى هذا الدور منذ زمن بعد احتكار "حزب الله" للمقاومة, وإقصاء القوى اللبنانية الأخرى عنها. أما ادعاء الدفاع عن المخيمات فهي مهمة السلطات اللبنانية التي تعهدت بمواجهة أية اعتداءات تتعرض لها. أما ما تعلنه فصائل عن الحفاظ على السلاح الفلسطيني في لبنان لتحسين شروط التفاوض بشأن عودة اللاجئين فهو مبرر لا يمكن أن يقنع أحداً. وأكثر المبررات بؤساً التذرع "باتفاقية القاهرة" التي تؤمن حسب زعمهم "الشرعية الثورية!!"، وهي اتفاقية تم إلغاءها رسمياً منذ عشرين عاماً.

حسناً فعلت الفصائل الفلسطينية بالذهاب للحوار مع السلطة اللبنانية بعد ضبط المتشددين الذين وجهوا تهديدات لرئيس الوزراء اللبناني، حتى لو كان ذلك بوفدين أحدهما لفصائل منخرطة في منظمة التحرير وآخر لفصائل متحالفة مع النظام السوري، وهو ما يعكس وجود سياستين فلسطينيتين، إحداها ترجح المصالح الفلسطينية بعيداً عن التورط في صراعات جانبية، وأخرى تعير اهتماماً أكبر لمصالحها كفصائل أو لمصالح القوى الإقليمية التي تدعمها.

الحل المتوازن هو الذي يجب أن ينتج عن هذا الحوار، وهو الذي يضمن الاعتراف الفلسطيني بحق السلطات اللبنانية في اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة لتحقيق الأمن والاستقرار واحترام سيادتها وحقها في فرض هيمنتها على كامل الأرض اللبنانية، وهذا يشمل المخيمات, فالفلسطينيون ضيوف مؤقتون في لبنان إلى أن يتم حل قضيتهم، وهذا يفترض إغلاق كافة المواقع المسلحة الفلسطينية خارج المخيمات، وتنظيم العلاقة بين السلطة والفلسطينيين داخل المخيمات بحيث يكونوا تحت سلطة القوانين اللبنانية وليس خارجها، مما يفترض نزع السلاح الفلسطيني أو ضبطه وتنظيمه حسب الاتفاق الذي يمكن التوصل إليه.

في المقابل، يجب إعطاء ضمانات لعدم عودة الشرطة اللبنانية للتصرفات المسيئة التي كانت سائدة داخل المخيمات قبل حمل الفلسطينيين للسلاح منذ العام 1968. كما لا يمكن القبول باستمرار الأوضاع الإنسانية البائسة لساكني المخيمات، فلهم حقوق مدنية وسياسية واقتصادية، ومن حقهم تلقي الاهتمام الكافي من السلطات المعنية لتحسين شروط الحياة في مخيماتهم وتطوير بنيتها التحتية والخدمات الموفرة لها, بالإضافة لإزالة العوائق أمام عمل الفلسطينيين في كافة المهن والوظائف فيما عدا المناصب العليا الحكومية، والسماح لهم بالتملك والتوسع بالبناء داخل المخيمات أو في مناطق جديدة لتغطية التزايد السكاني، والحفاظ على جنسيتهم, وإزالة أية عقبات أمام تنقلهم، وتأمين حرية العمل السياسي والنقابي لهم, وإصدار عفو عن المطلوبين منهم لأسباب سياسية أو أمنية. وهي جميعها حقوق لا يمكن أن تؤدي للتوطين كما يدعي البعض لتبرير حجبها.
ولكي يسحب البساط من فصائل تفضل الاستمرار بفرض سياساتها بقوة البندقية، فإن موافقة الحكومة اللبنانية على افتتاح سفارة فلسطينية يعطي أرجحية لسياسة السلطة الفلسطينية المنتخبة، الواقعية والعقلانية, ويؤمن حضورها الدائم رسمياً لتقوم بدورها في تمثيل فلسطينيي لبنان ورعاية مصالحهم. بالإضافة للاتفاق على إجراء انتخابات في كل مخيم للجان شعبية بمثابة مجالس بلدية, تدير شؤون المخيمات وتنهي ادعاء المسلحين تمثيل سكانها.

الثلاثاء، أكتوبر 11، 2005

رمضان تعيس للأفارقة

محيي هادي – الحوار المتمدن
· لا أستطيع أن أصف مشاعر أحزاني و أنا أراكم عبر شاشات التلفزيون، أيها الأفارقة، و أنتم تُتركون في الصحراء عطشى و بدون ماء و بدون طعام. · لا أستطيع أن أصف اللئامة التي يتمتع بها دعاة الإسلام في حكومة المغرب في هذا الشهر الكريم: شهر رمضان، و في دولة أمير المؤمنين. و تؤكد لي هذه اللئامة مدى سادية الأنظمة العربية و الإسلامية. إن الخراف في المغرب لها احترام أكثر منكم يا أفارقة.· كيف أستطيع أن أصف النفاق الحكومي الأسباني و هم يعرفون مسبقا نوعية النظام المغربي المعادي للإنسانية و حقوقها، فيسلموكم إلى حكومة المغرب؟· كيف أستطيع أن أصف نفاق الذين كانوا يصرخون لهدم جدار برلين و أنا أراهم اليوم يشيدون سورا أعلى من جدار برلين الذي هدمته الجموع الغفيرة من الناس، لا بل و إن جدارهم أقسى؟· تذكرونني أيها الأفارقة، يا تعيسي الحظ، و أنتم تُحملون بباصات مكتظين كالخراف، بقطار الموت الذي شحن فيه حكام البعث المقيت صيف عام 1963 مئات من السجناء السياسيين و ضغطهم في _فالكونات_ مطلية مسبقا جدرانها و سقفها و أرضها بالقار، كانوا يريدون لهم الموت مثلما يريد حكام المغرب اليوم الموت الحارق لكم.· و تُذكرونني أيها الأفارقة المساكين، و أنتم مقيدون بسلاسل السجون، بمئات الآلاف من أبناء شعبنا العراقي الذين اختطفهم نظام صدام البعثي الدموي و وضعهم مباشرة على الحدود الإيرانية، عراة حفاة، بدون ماء و بدون طعام، و جعلهم لقمة سائغة لقطاع الطرق و لنهش الحيوانات الوحشية.· و تذكرني جروحكم يا أفارقة و أنتم تُحاولون عبور جدران الأسلاك الشائكة المزدوج، بين مدينتي سبتة و مليلة و أراضي المغرب، بآلاف العراقيين الذين جرحتهم كواسج البحار و بلعتهم حيتانها. و لفائف الأسلاك الشائكة تتجمع بالقرب من الجدار ليزيدوا به ارتفاعا، فلم تعد كافية ثلاثة أمتار من الأسلاك، في جدارين متوازيين، بل سيُرفع الجداران إلى ستة أمتار، لا بل بدلا من جدارين سيبنون جدارا ثالثا.· أوربا مصيبة بمرض التخمة و تفضل أن تبقى على تخمتها، و هي لا تريد أن تنخفض أسعار منتوجاتها فترمي بالطعام إلى البحر. و يقولون لكم يا أفارقة و لغيركم من المحتاجين: موتوا في البحر بحثا عن الطعام المرمي هناك و نافسوا الأسماك في التقاطه.· كان الأوربيون سابقا، و بجانبهم الأعراب من تجار العبيد، يسرقونكم يا أفارقة ليبيعوكم في سوق النخاسة، ففرَّغوا أفريقيا من شبانها و من قوة عملها. و الآن فإن الأيادي الأفريقية تزيد عن الحاجة و صارت بضاعة العبيد كاسدة.· منظمة العفو الدولية تؤكد على أن طردكم هو عمل غير قانوني، إذ تطردون و انتم بدون محام و بدون مترجم.· قلبي معكم.

حبس سفير فرنسا السابق في قضية النفط - إيلاف

  1. ف. ب
 باريس: افادت مصادر مطلعة على الملف ان سفير فرنسا السابق لدى الامم المتحدة جان برنار ميريمي اودع الحبس على ذمة التحقيق في قضية الفساد المفترض بشأن برنامج "النفط في مقابل الغذاء" في العراق.
وامر القاضي فيليب كوروا من جهاز مكافحة الفساد الاقتصادي الاثنين بايداع ميريمي (68 سنة) الذي كان مندوب فرنسا الدائم لدى مجلس الامن الدولي بين 1991 و1995 في الحبس على ذمة التحقيق.
ويشتبه القاضي في ان ميريمي استفاد من امتيازات قدمها نظام صدام حسين على شكل كوبونات نفطية او "مخصصات" بين 1996 و2003.
وقال مصدر مطلع على الملف ان ميريمي الذي سيمثل امام القاضي الاربعاء قد توجه اليه تهمة الاستفادة من هذه "المخصصات" على شكل عمولة عند اعادة البيع.
واتهمت 11 شخصية فرنسية في هذه القضية "بالتجار بالنفوذ" ومن بينهم سيرج بوادفي الامين العام لوزارة الخارجية وبرنار غيي المستشار الدبلوماسي لوزير الداخلية السابق شارل باسكوا ورجل الاعمال كلود كسبيريت.
وقالت مصادر مطلعة على الملف ان 15 شخصية اخرى قد تكون ضالعة في هذه القضية بينهم مسؤولون في شركة توتال ودبلوماسيون.

أميركا و سورية و المحاولات المستمرة

سركيس نعوم – النهار
اعرب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش وبعد لقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة قبل يومين عن "قلق" الولايات المتحدة لتصرفات سوريا في الشرق الاوسط ولفت الى ان نظام الرئيس بشار الاسد لا يستجيب الدعوات لتغيير سلوكه في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية. ونقلت عنه الوكالات العالمية للانباء  بعد ذلك كلاما يصب في الاتجاه نفسه نصح فيه الحكومة السورية بعدم التورط في امور كهذه. لكنه بدا يائسا من امكان استجابتها هذا النصح اذ قال: يبدو ان المسؤولين فيها لا يستمعون وان هذا السلوك لن يتغير.
طبعا ليس هذا الكلام الاميركي على سوريا جديدا. الا انه يبقى مهما لانه يوحي ان الموضوع السوري هو مدار بحث ومناقشة مستفيضين بين الولايات المتحدة ومصر ولانه يأتي بعد موجة من الاخبار والتحليلات العربية والاجنبية التي تشير الى ان تحركا عربيا معينا وتحديدا مصريا سعوديا بدأ منذ مدة هدفه ترتيب العلاقة المتدهورة بين دمشق وواشنطن او بالاحرى محاولة ترتيبها وخصوصا بعدما صارت العاصمتان قاب قوسين او ادنى من المواجهة المكلفة والصعبة جدا.
هل من جديد عن هذا الموضوع علما ان ما كتب عنه في الاسبوعين الماضيين كثير جدا؟ وكيف ينظر الاميركيون اليه؟
يقول احد الاميركيين الذين تعاطوا مباشرة وعلى مدى 13 او 14 سنة ملف العلاقة السورية الاميركية ولا يزالون يتابعونها عن قرب، ان سوريا بشار الاسد طلبت من المملكة العربية السعودية ومن مصر مرات عدة في الماضي غير البعيد التوسط بينها وبين اميركا وتحديدا ادارة الرئيس جورج بوش بغية ازالة الالتباسات والاشكالات التي تحولت مشكلات ذات عواقب صعبة. ويقول ايضا ان الجوابين المصري والسعودي ركزا ان على سوريا اتخاذ سلسلة مواقف وتنفيذ مجموعة من الاجراءات كي يصبح التوسط ممكنا او بالاحرى كي ينجح. اول هذه المواقف والاجراءات التوقف التام عن التدخل في لبنان. وثانيها عدم السماح للمتطرفين الاسلاميين بالانتقال من لبنان الى العراق لمقاتلة الاميركيين والنظام فيه عبر الاراضي والحدود السورية. وثالثها بدء عملية "تسريح" المقاومة الاسلامية التابعة لـ"حزب الله" والمتمركز معظمها في جنوب لبنان. ورابعها التوقف عن دعم التيارات والحركات الفلسطينية المتطرفة اسلامية اصولية كانت او وطنية او قومية. وخامسها سحب مقاتلي "حزب الله" اللبناني الموجودين في جنوب العراق او السعي لسحبهم. ويقول ثالثا ان الوسطاء بين سوريا واميركا وفي مقدمهم المصريون والسعوديون ابلغوا الى الرئيس بشار الاسد عدم وجود اي مشكلة خاصة او شخصية بين الرئيس الاميركي وبينه ومع سوريا وابلغوا اليه ايضا ان اي مشكلة من هذا النوع لن تنشأ اذا استجاب الطلبات الخمسة المذكورة اعلاه. ويقول رابعا ان المحاولة الاخيرة للتوسط بين دمشق وواشنطن والتي بدأتها القاهرة والرياض اجهضت قبل انطلاقها. وكان لهذا الاجهاض سببان. الاول، عندما ارسلت القيادة السياسية السورية العليا او عندما سمحت بارسال الجهات الفلسطينية المتحالفة معها الى لبنان ربما بغية استعمالها لمواجهة "لبنان الجديد" الذي يتكون وكذلك لمواصلة المواجهة مع اميركا. والثاني، تحول الجماعة المنتمية الى "حزب الله" اللبناني والموجودة في جنوب العراق الى الفعل والنشاط بعدما كانت اكتفت سابقا بالوجود من دون التدخل في العمل العسكري. هذان السببان، يضيف احد الاميركيين الذين تعاطوا مباشرة ملف دمشق وواشنطن او اشتغلوا على الخط بينهما لسنوات طويلة اغضبا السعودية التي اعربت عن جزء من هذا الغضب عندما اتهمت صراحة ايران الاسلامية بالتدخل في جنوب العراق. واغضبا في الوقت نفسه مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية ومعهما اسرائيل. واسرائيل كما يعرف الجميع في العالم كله هي الاكثر تأثيرا في اميركا وخصوصا عندما يتعلق الامر بأمنها ومستقبلها وكذلك بسوريا ونظامها ومستقبلها.
الى اين وصلت "الوساطات" العربية بين سوريا واميركا؟ وهل تخوف السوريين من وجود قرار اميركي بالعمل لتغيير النظام في بلادهم او بالسعي الى تغييره في محله؟
قيل الكثير عن تغيير النظام في وسائل الاعلام الاميركية والاوروبية والعربية، يجيب المتابع سابقا مباشرة وحاليا مداورة ملف دمشق - واشنطن. الا ان هذا الموضوع لم يطرح على طاولة البحث اطلاقا وخصوصا ما يتعلق باجراء تغيير من داخل. وهو لن يكون موضع بحث رغم اليأس من النظام او من سياساته وممارساته الذي يشعر به الاميركيون. كما ان دعمه لاستعادة القوة بعد طول وهن ليس مطروحا بدوره ولاسيما في ظل تمسكه بسياساته ومواقفه. وما تناوله البحث، يوضح "المتابع" نفسه في الاشهر القليلة الماضية او ربما الاسابيع كان طريقة اقناع الرئيس بشار الاسد بالقيام بتغيير داخلي يبعد عن السلطة المسؤولين الذين ارتبطت اسماؤهم بقضايا ومشكلات عدة متنوعة. الا ان احدا لم يهتد الى طريقة كهذه اذ بدت لواشنطن استحالة هذا النوع من التغيير لاسباب عدة. وقد تؤدي الاستحالة الى محاولة اقناع قاعدة النظام بالسعي الى ترتيب الاوضاع لان الامتناع عن ذلك يؤذيه ويؤذي سوريا ويؤذي المنطقة والعالم وهو غرق سوريا في الفوضى والفتن او اتجاهها نحو التيارات الاصولية المتطرفة. وهذا الاذى تعترف به وتخاف منه المنطقة كلها من اشقاء او اصدقاء واعداء ومعها المجتمع الدولي.

مؤشرات عالية الخطورة في سوريا

عبد الكريم ضعون – الحوار المتمدن
يقصد في هذه المحاولة الإضاءة على أمور موجودة وتنسج في الظل مقدمات قدتكون كارثية0 على الإنسان السوري وخصوصافي غياب الضما نة الحكومية والصحية وضعف وضع الأسر السورية المفقرة والمهمشة0 والتي تتحمل السلطة السورية مسؤوليةقانونية عن كل ماجرى وسيجري مع الناس في سورية0من أنتهاكات (حق الحياة- الحقوق الأجتماعيةوالأقتصادية والثقافية- بيئة-حقوق الطفل – حقوق المرأة)وقريبا ستظهر حقائق التوحش المافيوي المالي للكثير من كبار المسؤولين السوريين؛ والصفقات التي عقدت على كافة المستوياتوالمساومة على حياة الناس ابتداءً من لقمة الطعام أنتهاء بالمتاجرة بالمشاريع الوطنية الكبرى وقتل وسجن وطرد الكثيرين باسمالوطن الذي فصل على مقاس عدة أشخاص ليس لهم انتماء الا للما ل والمافيات والعصابات0 وهم يتعاملون مع الناس على انهممغفلين00 والقاعدة القانونية في سوريا القانون لايحمي المغفلين00لقد أسكنوا اكثرية السوريين السكن غير الصحي والمخالف لأدنى المواصفات البشرية0 وزرعوا البلاد هواء فاسداً وملوثا ًوجعلواالمياه تنضب وتتلوث أيضا وطغوا على اراضي الخيرات بمشاريع ملوثة تدر لهم ارباحا أو تخفف شكوى بشرية لفترة مؤقتة لتخلق مشكلة أكبر0وعملوا على مشاريع أستعراضية ذات صدى رنان لتكون جواز مرور على العالمية وعلى القوانين الدوليةكمشاريع المعاقين والطفولة والبيئة والشباب والرياضة وبدورها لتصبح مجالا جديدا للشفط العام مع تقديم خدمات الحد الأدنىالذي يبقي على استمرارية التواصل والبروزة0 لانه من المستغرب أن يكون غالبية الشعب السوري يعاني الفقر والبطالة والحكومة تهتم بالمعارض والمهرجانات والأحتفالات0 ولاترخص لأي جمعية أومنظمة إلاماندر وتضع الموالين لها على رأسالقوائم0وخصوصا أنه مؤخرا أصبحت الكثير من المنظمات التي سمحت لها بالعمل والتي يمكن أن تكون مصدر استثمار للأموالالمرسلة لهاا عبر المساعدات أوللبرامج من ادوات السرقة أو السياحة للبعض0ولجأت لوضع اأشحاص ذو ماضي أمني سيئ في هذه الجمعيات ذات الصبغة الانسانية ( تبيض الشخصيات السورية)0في ظل تلك المقدمة وفي ظل مايحدث حولنا من كوارث طبيعية أوغيرها من أنتشار امراض أوجائحات فماذا يمكن للسلطات السورية أن تفعل إذا حل عندنا كارثة وهي غير قادرة على إطفاء حريق صغير أو أسعاف حوادث سير أو التعويض لمتضررلنرى ذلك من خلال بعض المؤشرات :ش* أنفلونزا الطيور:بعد هذه المخاوف الحقيقية من أنتشاره في العالم وفي الشرق الأوسط وتحذيرات منظمة الصحة العالمية0 ماذا عند نا 0- يلاحظ تخبط بين الجهات المسؤولة والأكاديمين ونقابة الأطباء البيطريين حول دخول لقاح الأنفلونزا جزء منها علىأرضية علمية وجزء منها تجارية بحتة ولأول مرة نسمع عن تصويت علمي علىدخول اللقاح الى القطر!!!وذلك في أجتماع حول الموضوع في كلية الطب البيطري في حماه0علما أن اللقاح دخل بشكل تهريب وعبر قنوات معروفة0وتأتي الخطورة في الموضوع هو عدد المداجن الكبيروالتي يوجد قسم منها في المخطط التنظيمي للمدن وللقرى وقرب السكنالبشري0 حيث يبلغ عدد المداجن المرخصة0(8000) وغير المرخصة (5000) إضافة الى الأسر التي تعمل في هذا القطاعوالتي تعمل دون أدنى حماية نقابية وفي شروط عمل صحية سيئة وعرضة للمرض بشكل أساسي0عدا أن طرق نقل الفروج يتم بالسيارات عبر المدن الى المسالخ0 ولا يوجد في سورية الا ماندر منطقة أمان حيوي وتعقيم نظاميللعمال والسيارات ولا تخلص أمن للنفايات الناتجة عن الدواجن0لذلك يمكن أن تكون شروط الاصابة عندنا خطيرة وبظل عدم الثقة بين الناس والجهات المسؤولة والتي صنعتها التجارب العديدةحيث نرى في بعض الأماكن في سورية عدة أمراض مستوطنة ولسوء إدارة الحكومة يقع الكثير من الأصابات ضحايا التقصيروالفساد وربما السبب الرئيسي ( أن الانسان أخر هم السلطات السورية0) 0** الهرمونات والأدوية والمبيدات والتلوث البيئي:إن سيطرة قانون الربح السريع وخصوصا للطغم المالية السورية( الحكومية- المرتبطةبها – الخاصة) جعل التوجه الى أعمال ذات دورة قصيرة للرأسمال سواء عن معرفة مسبقة أو عن جهل بالأخطار لبعض هذه الأعمال0 والتي تؤثر بالصحة والبيئةوللعلم أن الكلفة التي تدفعها سوريةثمنا للتدهور البيئي الناتج عن تلوث التربة وخدمات الصرف الصحي والمبيدات والهرموناتأكثرمن50 مليلر ليرة سنويا0- إن عدد البيوت البلاسيتكية بلغ عام 2004 0(96904) بيتا بلاستكيا0 بينما كان عام 1988 (5182) بيتا0وهذه البيوت البلاستيكية كما حال الدواجن لكي يحصل الإثمار أو الأنتاج السريع تضاف لها كميات كبيرة من الأسمدةوالأدوية والهرمونات المهربة أو المسموحة0 بغض النظر عن الأخطار الكبيرة سواء على المستوى الأني أو المدى البعيدالمهم هو السعر والكمية0 ودون مراعاة فترة الأمان ودون مراقبة من الجهات المعنية الزراعية والصحية والبيطريةونظرا للتأثير التراكمي وخطورة المبيدات والهرمونات والأدوية فإنها تؤسس للكثير من الأمراض في سوريا يدفع ثمنها الجميع عاجلا أو أجلا 0*تلوث المياه الجوفية والتربة:إن الإدارة غير المستدامة والأستنزافية لموارد الطبيعة في سوريا سيؤدي لكارثة قريبا إذا لم تتحرك القوى الخيرة في المجتمعالسوري 0إن وجودعشرة مليون نسمة يقطنون السكن المخالف وإن 40% من التوسع السكني عشوائي ومنشرة الصناعات الخطرة فيهمع طغيانه على الكثير من الأراضي الزراعية0 وزيادة التلوث والضغط على المياه ولأن الزراعة تستهلك 88% من المواردالمائية المستخدمة بكفاءة 45% 0بالتالي أدى الى عجز مائي وأستنزاف جائر وزيادة في عدد الأبار والتي بلغت عام2003 (151466) بئرا0 منها (68204)مرخصة0على الرغم من التلوث للكثير من هذه الأبار فأتها تستخدم للزراعة والشرب0 فبعض أبار الغوطة ملوثة بالنترات0 وحوض اليرموك وحول معامل الأسمدة الكيماوية وقرب المنشأت الصناعية ففي المناطق المحيطة بدمشق التلوث بالرصاص والكادميوموالكروم والزرنيخ0 والمناطق المحيطة بحمص أيضا وجود الملوثات على المزروعات والمناطق المحيطة بحلب والمزروعات التي تسقى على نهر قويق وجود تراكيز عالية من الزرنيخ تتجاوز الحدود العالمية0وإن هذه المؤشرات الخطرة جدا على السكان وخصوصا الأطفال 0 تنذر بكارثة لأرتباط السرطانا ت بالتسمم بالزرنيخ والنترات* السرطان في سورية:زاد أنتشار هذا المرض في سورية وسيزيد أكثر نظرا لظروف التلوث الكبير التي ذكرت أعلاه 0 عدا عن المعانات الكبيرة الأقتصادية والنفسية للأسرة التي يتركها هذا المرض0 والذي تقصر الحكومة كثيرا بمساعدة المصابين عبر ضعف تقديم العلاجوالأداء الطبي السيئ0وفي أجتماع للجهايذة السوريين من الحكومة والأكاديمين خرجوا بنتيجة مفادها (أن الحكومة السورية لاتستطيع تخصيص مبلغ500مليون ليرة سورية من أجل بضع مئات من المرضى السوريين وهذا الرقم (فلكي) لأناس ينتظرهم الموت إذ ا لم يأخذوا العلاج0علما أنه هناك سنويا حوالي 8600 مريض جديد سنويا ويبلغ عدد الأسرة المتاحة حاليا 280 سرير0 والمشفى تعالج 90مريض من أصل 8600 0 ويعاني المريض الأمرين حيث لايتم صرف الدواء سوى بالدور المسجل لغلاء ثمنه؛ وحسبالدعم والمحسوبيات يأتي الدور0 أو على المريض الإنتظار حتى يموت الذي قبله ليأخذ دوره !! يالسخرية القدر للمريضالسوري0* الأيدز في سورية:هناك 341 حالة جديدة خلال الأربع الأشهر الاولى من عام 2005 وسابقا 500إصابة بينها 200 أمرأة ولأنه مرضينتقل عن طريق الدم والجنس (نقل دم- دعارة- جنسية مثلية-تعاطي مخدرات – سوء التعقيم النظامي المتبع في بعضالمشا في العامة والخاصة في العيا دات الجراحية وعيادات الأسنان- الوشم- الختان- نبش القمامة الطبية- غسل الكلية)وفي دراسات عديدة أجريت تبين أنه 72% من الأصابات نتيجة علاقات جنسية0 و12%نتيجة نقل الدم و8% علاقاتشاذة وتعاطي مخدرات و4% من ام مصابة الى الجنين0 وفي دراسة أخرى لعينة من المجتمع وليس مرضى الأيدز ظهر أن66% من العينة أقامت علاقات جنسية بين سني15-20 سنة و92% كانت علاقتهم الجنسية الأولى بين15- 18 سنة0 وحتى بعد الزواج المخلص هناك 25% مارسوالجنس خارج إطار الزواج و98% من هذه العلاقات تعدت من شخص الىثلاث أشخاص0 وأن نسبة 66% منهم لميستخدموا الواقي الذكري في اخر علاقة جنسية أجروها 0وأيضا حسب دراسة أجراها الأستاذ نبيل فيلض على الجنسية المثلية في سورية عبر أستمارات وزعت علىمثلي الجنسيلاحظ أن 60% من العينة بين عمر 20-30 سنة وإجابة على سؤال00 هل للفصل بين الجنسين دورا في المثلية كانت الإجابة 60% نعم0 وتبين ان دمشق فيها سياحة جنسية أكثر من سان فرانسيسكو حيث يأتي بعض السياح ويملكون دليلمتكامل عن السيلحة وأماكن تواجدها من مقاهي ودور وفنادق؟!!وهنا يبرز السؤال هل يكفي تخصيص يوم للأيدز والخطابة الملازمة له0 في ضوء تلك الممارسات كافة0*التهاب الكبد (c ):وهو من الأمراض الخطيرة لصعوبة علاجه وأنتشاره عبر الدم والجنس ولتكلفة علاجه المرتفعة وبات يشكل مشكلةذات أولوية في سورية0 ولوجود أساسيات العدوى في سورية من التعقيم السيئ للأدوات الجراحية والسنية في الكثير منالعيادات والمشافي والوشم والختان والتشارك في الأدوات وخصوصا في أماكن التجمعات الكبيرة كا لسجون والجيشوالمعسكرات سواء عن طريق الخطأ أو الحاجة أو عدم الوعي فأحيانا يتم حلاقة الشعر في السجون والجيش بمكنة واحدةأو عدة مكنات أو موس حلاقة لعدد كبير من السجناء والعساكر0 وقسم من المسجونين يكون ذو خطورة عالية للأ صابةكمتعاطي المخدرات والدعارة وغيرها 0ولوحظ في دراسة لوزارة الصحة أن معدل أنتشار الخمج بالتهاب الكبد(c ) لدى المتبرعين بالدم عام2003 بلغ 0.49% وبلغت الأصابة 42% لدى مرضى غسيل الكلية لسوء التعقيم العلمي ولعدم وجود أجهزة غسيل كفاية لأن الأنسان لأيعني كثيرا للجهات المسؤولة وأحيانا يوقع بعض الاطباء المرضى لقسم غسيل الكلية على تعهدات خطيةتقول أن لاعلاقة للمشفى إذا أصيب مريض غسيل الكلية بالتهاب الكبد المذكور ويلجاؤن لهذا الأجراء لقلة الأجهزةولمعرفتهم المسبقة بإ صابات يتم غسيل الكلى لهم بنفس الجهاز مع السليمينوفي دراسة سابقة في دير الزور عام 2001 كانت نسبة الأصابة بهذا الفيروس 9.5% في البوكمالومعدل الأنتشار0.55%في دمشق و0.7% في طرطوس 0.46% في حماة و0.9%في الرقة و0.5% في الحسكةوتجاوزت في بعض المحافظات أكثر من 1% فسجلت محافظة حلب10.14%0 ومعدل أنتشار هذا المرض في سوريةوفق دراسة حسب العينة العشوائية 2.8% ل3165 شخصوللكلفة المرتفغة للعلاج والتي تبلغ 300 ألف ليرة سورية ولخطورته البالغة حيث يسبب تشمع الكبد والسرطان وتبدأ المعاناة للأسر التي لاتجد أصلا مايسد رمقها فكيف العلاج والنفقات الأخرى والأبتزاز في دوائر الدولة المعنية* الذين يحتاجون الى جراحة في القلب:إن معدل من يحتاجون الى جراحة القلب في سورية يبلغ وسطيا 700مريض بالمليون0 أي وجود حوالي 13000 مريض هم بإنتظار الدورلإجراء عمل جراحي للقلب وقد اجرى مركز جراحة القلب عام2003 (1300) عملية وهذا يشكل نسبةلاتزيد عن10% ونصفها مجاني أي نسبة المجاني لاتتجاوز800 عمليةسنويا وهناك 140 عملية جراحيةتجرى للناس الذي لايشكل مبلغ100 ألف ليرة مشكلة لهم ويتم دعمهم على حساب من هو بحاجة حقيقة ولايملك هذا المبلغ فأين الطب المجاني وأين الشعب المفقرمن قبل المافيات الطبية وغيرهابعد هذه المطالعة البسيطة ربما لمستقبل بييئ وصحي وأنساني سيئ للغاية إذا أستمرت الجهات المعنية بسورية جعلالأنسان أخر ماتفكر به ويقولون دائما تتكلمون عن السلبيات ولاتقدمون الحلول0 ونقول إذا كنتم لاتسمحون بترخيصجمعية بيئة أو صحية إلا من خلال نافذتكم الموصدة تجاه من لاترضون عنه أي من لايكون من لفيفكمالمراجع مجلة أبيض وأسودموقع نساء سوريةجريدة الخليج عبد الكريم ضعون/سوريا.

الاثنين، أكتوبر 10، 2005

العالم العربي الأعلى فجوة رقمية عالميا ً

إيلاف
محمد الشرقاوي من القاهرة : أعترف الدكتور عوض حاج على احمد بكلية علوم الحاسوب وتقنية المعلومات بجامعة النيلين  أن الواقع العربي من ناحية البنية التحتية المعلوماتية يمثل أعلى فجوة رقمية في العالم  فبالنسبة لمستخدمي الانترنت في العالم العربي نجد أنها تبلغ 0.5% في حين انه في الدول الفقيرة في جنوب أسيا تبلغ 1% وحتى في أفريقيا وجنوب الصحراء تبلغ النسبة المئوية 8% وأما النسبة المئوية لمواقع الانترنت في العالم العربي تبلغ 5% من عدد المواقع الكلية على شبكة الانترنت في حين أنها تبلغ في أفريقيا وجنوب الصحراء 7%  أما المحتوى العربي فيكاد يكون معدوما في الانترنت إذ انه يبلغ 75 مقارنه ب 68% للمحتوى الإنجليزي و 5% للمحتوى الياباني و 2% للمحتوى الأسباني .
وأضاف أن تقرير التنمية الإنسانية العربية رصد أن إنتاج الكتب في العالم العرب يبلغ 1.1% من الإنتاج العالمي كما أن نسبة السكان تبلغ حوالي 5% والكتب المترجمة للعربية اقل من كتاب واحد لكل مليون شخص في السنة مقارنه ب 920 كتاب مترجم للغة الأسبانية على سبيل المثال.
وأضاف أن نسبة الأمية باتت عالية في العالم العربي خاصة مع غياب الحرية الفكرية وغياب الحكم الرشيد في الكثير من الدول العربية وضعف القدرات الاقتصادية والذي يقدر بحوالي 600 مليار دولار يقارب الناتج الاقتصادي لدولة مثل أسبانيا وحدها والتي تعكس مدى بعد العالم العربي والدول العربية من النموذج المثالي لمجتمع المعرفة .

البرادعي.. البراجماتي.. البدون


أيمن السميري_ شفاف الشرق الأوسط
الرجل الذي شغلتنا صورته لسنوات طويلة وساحات الصدام تتقاذفه وكل الأصابع مصوبة نحو وجهة المنحوت كنقش على أعمدة الكرنك، ذلك الرجل يقف الآن قبالة نفس العدسات التي أرهقته طويلا بوميض فلاشاتها المتطفل، الفرعون النبيل يستقبل في صبر الفلاحين أسئلة الجائزة التي رأيناها بألف عين وألف لون؛ عيون رأتها إكليلا وعيون رأتها سجيلا، عيون رأتها تكريما وعيون رأتها تأثيما، تتفاوت حدة الإبصار ومستوى الرؤية بحسب زاوية الجلوس. الرجل الذي تحمل قسماته كل عناوين المرحلة والتباساتها يحدق في نفس الوجوه التي طالما طاردته وهى تمارس التفتيش تحت جلده بحثا عن زلة لسان أو عثرة حوار تشي بتحيز ثقافي أو تعاطف شوفيني كثيرا ما أرهق الغرب والشرق نفسه بالبحث عنه في أسلاك تيلفونه أو مفكرة ملاحظاته اليومية، أو تلك الدوائر التي كثيرا ما أجهدت نفسها في تفسير مصافحة أو عناق بروتوكولي لمحمد خاتمي أو ضحكات مجاملة مع سيلفان شالوم، أو همس باسم في أذن كولين باول. الجميع الآن في حالة تساؤل: كيف يمر رجل كهذا لا يحمل حتى هذه اللحظة أداة تعريف أو باسوورد بكل هذه السلاسة على جسر مراوغ من الأضداد والمتنافرات ولافـا البراكين، كيف يمر ويقبض على التفاحة الوحيدة الباقية على الشجرة المتمنعة.

محمد البرادعي كان قد ترك ملامحه وقناعاته وقلنسوته الفرعونية وبطاقة هويته الشرقية هناك على شاطىء النيل القاهري بحي الدقي وهو يخوض في مستنقعات الخوف الذرى حاملا إنتماءا جديدا وحيدا هو: (بــدون) هذا البدون يستجمع الآن خجله وإصراره وقدرته، يستجمع حياد القاضي وحذر الدبلوماسي وخبرة القانوني ومكر الفلاحين ومرواغة الساسة وهو يقف أمام نفس الوجوه ويحاول أن يفرح قليلا ويبعثر بعضا من حلوى نوبل على رفاق إتكأ عليهم طويلا، يحاول أن يبدو حكيما وهو يسوق نوبل الملغومة بالتفسيرات على أنها تجديد للثقة فيترجم الرسالة على نحو صحيح أمام الميكروفون: keep doing what you are doing. تماما كأقاربه المبعثرين على حواف الحقول والمراوي النيلية يخشى من الإفراط في الفرح ويترجم الأشياء بمعانيها الصحيحة ويراها من الزوايا التي لا تحتمل خداع البصر أو سراب الظهيرة في الفيافي العربية الحبلى على الدوام بالسراب والعيون الكليلة.

الـبـرجـماتى.. الـبـدون القادم بلا تحيزات إلا لمهمته، بلا قناعات إلا تلك التي وردت في مرسوم إنشاء وكالته الأممية, الفرعون المحتفظ بجبروته في إصراره، وبخجله في فرحه، وبمكره في نزاله، وبمصريته في مكان سحيق بين رئتيه، يبدو الآن كما قال سارتر: " يناضل ويناضل ليعبر عن نفسه في الظلمة وعباراته ليست لوحات لروحه، بل هي أفعال تقول أكثر مما ينبغي وأقل مما ينبغي". البرجماتى المشع لم يضبط مرة واحدة منتميا إلى عشيرة أو منسوبا إلى جغرافيا، فكان على الدوام ذلك الجلوبى الأممى الناطق بإسم مراسيم المعبد، المدافع عن وصاياه. الجلوبى العابر على نصل التباينات الثقافية والمصالح الجيوبوليتكية لم يضبط مرة واحدة يتبع هوى قبلي أو قطبي، لم يضبط مرة واحدة متقاطعا مع قسمه ومهمته، لم يضبط مرة واحدة ممسكا بمانيفست العشيرة حتى وإن راهن الجميع على ضعفه الشرقي وتحيزاته الثقافية التي تجرى مع البلازما وكرات الدم الحمراء كما زعموا.




البرجماتى المشع لم يضبط مرة واحدة منتميا، يمضى حاملا بادئته ( محمد ) ليحولها إلى بادئة كونيه تتجاوز الإحالات الدينية والعرقية، تتجاوز التصنيف والإنتقاء والأدلجة "محمد البرادعي" حتى لو تقاطعت المحمدات والإحالات، يكون الخصم محمد خاتمي أو احمدى نجاد أو إيل سونج. لا تنفع الإحالة ولا يستقيم الغمز والهمس فى غرف المخابرات، يكون الإستدعاء محمد عطا وحزام مانهاتن الناسف وسيف الرقاب الرخيصة فى أصقاع الخرافة والكراهية, لا يفت ذلك من عزم الجلوبى النيلى المنحوت من بازلت الأهرمات ولايجدى معه تسويقة كتوابل شرقية تحمل نفس الطعم والرائحة والشكل وهو القادم برسالة السلام والأمن للجميع. لايمكن إذن قسمته على أحد أو ضربه فى أحد أو طرحه من أحد أو جمعه فى سلة واحدة مع أشباه, هو الأن رجل الجميع لايطاله رهان عقائدى ولايعجزه نسب قبلي، يستعصى على التسليع والعنونة can not be labelled.

البرجماتى البدون لم يكن ليعلو صوته على إسرائيل قبل أيام من نوبـل مطالبا إياها بالشفافية والإنضمام الى شرق أوسط مختلف خال من التهديد، إلا تأكيدا لولاءات لاتهتز لمنظمته وقناعاتها. وإسرائيل التي لم يعرف عنها من قبل تفويت الفرص ولو بتلميح إعلامى عن السامية وغربتها، سكتت هذه المرة على الرجل الذى لم تستطع أن تعثر له على ملامح أو دفتر أحوال أو منطقة مميتة يوجه إليها أقرب سهم. خرج المعلقون المؤدلجون بإشارات مفادها أن نوبل لن تحط على فيينا هذا العام. لم لا ونحن جميعا تربينا فى مدرسة أمنا الغولة فمنحنا إسرائيل طواعية جلد ديناصور وحوافر نمر وصدقنا أنفسنا وإسترحنا. المعلقون المؤدلجون نسبوا الرجل الى حالة دولية ولم ينسبوه إلى دور يعتنقه ويتنفسه. نسي بعضهم مواقفه المتقاطعة فى كثير من المواضع مع الولايات المتحدة وهى التى كانت حتى اللحظة الأخيرة تراهن على رحيله. نسى الجميع جلسة الأمم المتحدة الشهيرة وكولين باول يعرض للجميع براهينة الجرافيك على مشروع العراق النووى وهو يتمنى كلمة واحدة من البرادعي يقول فيها إن رجاله لمحوا لعبة أطفال فى يد طفل عراقى يصدر منها إشعاع. البرادعي القاضي القانوني قال: لم نعثر على شىء. قد يكون إذن للحرب على العراق مليون مبرر نقتنع بها جميعا ونتحيز لها, لكنه ليس من بينها وجود برنامج نووى عراقى وقت التفتيش.

من حق البرادعي أن يسمع بعض الإطراء وهو الأمين على مبادىء ضميره قبل مبادىء وكالته, من حقه أن يسمع ذلك الآن متجاوزا الغمز واللمز من منشدى العشيرة ومحللى الثوابت والمنطلقات والمصير والهدف وأنا وأخى وإبن عمى والغريب على الشيطان والأخر, من حقه أن يسمع بعض الإطراء متجاوزا أجهزة التصنت والمراقبة على تيلفونه ومعجون حلاقته وعدسة نظارته, متجاوزا التفتيش فى ملامحه المتهمة وبادئته المعبرة، متجاوزا تخريجات مخبرى الفضائيات وباشكتبة الأعمدة فيما قد تعنيه الجائزة وحجم الريبة فيها. فيما قد تعنيه مصافحة رئيس إيران أو رئيس وزراء إسرائيل، من حقه أن يسمع بعض التصفيق من الأروقة التى أرهقته طويلا بتربصها ونصب الفخاخ وأجهزة قياس النزاهة وكشف الكذب له، من حقة أن يفرح بحذر كما المصريين حين يرددون مع كل فرحة فى ليالى القمر والشاى والعيش والملح: خير اللهم إجعله خير.. إستر يا رب.

محمد البرادعي البراجماتى، البدون - حتى إشعار آخــر - القانوني، القاضي، الدبلوماسي، الفلاح، غير المتلون، المشع المضىء: أنت مازلت تمشى على نصل التباينات والمصالح المتقاطعة وتربص الكبار وشك العشيرة، أنت مازلت تقف بين النار وبين النار، أكمل عبورك. هنالك في أخر الممر توجد قاعدة حجرية أخيرة شاغرة لتمثال من صخر الأقصر؛ قـف عليها وإسترح كى تنضو عن جسدك ثوب (البـدون) و تستعيد ملامحك وبطاقة هويتك وأنت تعتمر تاج أجدادك الصوان....

*كاتب من مصر.

الأحد، أكتوبر 09، 2005

القبضة الحديد .. إفلاس سياسي

أكرم البني
المستقبل اللبنانية
البحث عن سبب منطقي لتفسير بعض الاعتقالات والمضايقات لنشطاء حقوقيين وسياسيين ولمعرفة دوافع إيقاف كثير من الفعاليات المدنية والثقافية، هو عمل شاق في سوريا ومحفوف غالباً بالأخطاء والأوهام، فليس من قوانين حاكمة أو نواظم واضحة يمكن أن تقيس عليها، حتى ما درج على تسميتها "الخطوط الحمر" هي قابلة للتعديل والتغيير من طرف واحد، وفي أي وقت، تبعاً لمزاج الأجهزة السلطوية وحاجتها لذرائع جديدة كي تؤكد "سطوتها" على المجتمع. ثمة جديد في سلوك النخبة الحاكمة السورية تجاه الداخل بعد سحب القوات العسكرية من لبنان، والذي يبدو أنه يتجه نحو مزيد من الضبط والتشدد الأمني، ويظهر إصراراً على استخدام شتى الوسائل لضمان التحكم بقواعد اللعبة الداخلية وإبقاء كل الخيوط في اليد وتالياً تجنب احتمال نمو تفاعلات وارباكات قد تفضي الى فضح هشاشة دعائم السيطرة وربما الى نتائج وتطورات "غير محمودة" يجد أولو الأمر أنهم في غنى عنها مع ارتفاع حرارة الضغوط الخارجية. طبعاً يقف هذا السلوك على نقيض ما ذهب إليه الكثيرون بأن ينعكس انحسار الدور الإقليمي السوري تحولاً تلقائياً صوب الداخل والاهتمام بالانفتاح الواسع على المجتمع وقواه الحية بما في ذلك إحياء مسار الإصلاح الديمقراطي المنشود. واليوم يلمس المراقب أن ثمة حلقات تنجز واحدة تلو الأخرى، للإجهاز على الحراك المدني المحدود. وقد إتضح أن تعليق أعمال منتدى الأتاسي ومحاصرة نشاطاته كان بداية هذه الطريق وجزءاً من آلية متكاملة ومحضرة مسبقاً لمنع أي لقاء أو نشاط في إطار العمل الديموقراطي درج الناس على ممارسته طيلة سنوات، تلاه فضّ ندوة لمركز الدراسات الإسلامي، كما فُضّ اجتماع موسع دوري للجان إحياء المجتمع المدني، ومنعت طاولة مستديرة للحوار العربي الكردي، وأيضاً مُنع المشاركون من الوصول إلى أحد المنازل في منطقة الزبداني في سياق المناقشة والتحضير لإنشاء تيار ليبرالي، كما فض اجتماع عادي لقيادة المنظمة العربية لحقوق الانسان في منطقة ببرود قرب دمشق، وأخيراً تم في منطقة خان الشيخ تفكيك اجتماع عام للجان الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان بعد ساعات من بدء أعماله!!..
في إسار هذه اللوحة الغامضة ومساراتها المبهمة تتنوع التفسيرات حول ما يجري وأسباب الإصرار على العودة الى العقلية الأمنية القديمة رغم نتائجها المرة والمريرة طيلة عقود. أهي مجرد أفعال اعتباطية بسبب التنازعات الأمنية واضطراب أدوار الأجهزة ومراكز القوى في التعامل مع الحراك الداخلي، أم هي ضربات وقائية مدروسة يجد البعض في عشوائيتها، وفي اعتباطية اختيار الأهداف، فعلاً مقصوداً يحقق بأقل كلفة ممكنة أفضل أشكال زرع الخوف والرهبة وتالياً إعادة المجتمع الى ماضيه القاسي والمؤلم!! أم لعلها دليل أزمة تعاني منها قوى النظام تتكشف عجزاً عن التكيف وتخلفاً في إبداع طرائق ووسائل جديدة لإدارة الصراع وضبطه، أو هي ناجمة ربما عن الثقة المفرطة بأسلوب القوة لضمان السيطرة والوصاية على المجتمع، والاطمئنان تالياً بأن العمل المجدي والوحيد لإجهاض الاحتقانات وتفريغها، هو الاستمرار في إرهاب الناس وردع جديد نشاطاتهم، ليصبح مفهوماً الرد القاسي على احتمال ولادة روح جديدة بين صفوف المعارضة السورية في التعاطي مع تنظيم الأخوان المسلمين بعد تحولاته المعلنة صوب الديمقراطية. ويغدو أمراً مفسراً اعتبار الحوارات العربية الكردية واحداً من المحرمات حدا بالسلطات لتأخذ على محمل الجد وربما الخطورة أيضاً احتمال تبلور توافقات مشتركة منها، ما استدعى المسارعة للتدخل وإيقاف الأمور عند حد آمن خاصة مع تنامي حالة لافتة من الحراك في الأوساط الكردية.
وإذ يجزم أغلب المقربين من مراكز اتخاذ القرار بأن ليس ثمة خوف أو قلق من تطور هذه المضايقات صوب الأسوأ ويرجحون أن لا تصل الهجمة الأمنية على المنتديات والسهرات الحوارية وأنشطة المجتمع المدني الى تسييد مناخات الماضي والى حملات قمع واسعة ضد المعارضة وأصحاب الرأي المخالف، طالما تتحقق الغاية المرجوة في إفهام الجميع ما استجد من حدود، وإكراههم على التزام صريح بالقواعد المرسومة وبما يبتكره أهل النظام من خطوط حمر!! وإذ يعتبر آخرون أن النخبة الحاكمة تعرف أكثر من غيرها بأن لا جدوى من العودة الى الوسائل الأمنية والعنفية وأن ليس من دولة أو حليف أو رأي عام يمكن أن يساند ويدعم سلطة لا تزال محصنة بالقمع والاستبداد!!. فثمة بالمقابل ترقب وتوجس يتناميان شعبياً وسياسياً من طابع المرحلة القادمة، ومن احتمال أن تكون الإجراءات الأخيرة مجرد بداية لتعميم المناخات الأمنية وتسييد آليات القمع والإقصاء، الأمر الذي يؤكد الرأي القائل بأن النظام وأصحاب المفاسد والامتيازات لن يتقبلوا خسارتين متتاليتين، وأن فقدان سوريا دورها الإقليمي ووزنها في لبنان سوف يفضي الى مزيد من استحواذ السلطة الوضع الداخلي وتشديد السيطرة عليه وتالياً قطع الطريق على المعارضة وقوى المجتمع الحية من استثمار التطورات الجارية، ما يعني أن الوعود والادعاءات عن الإصلاح والانفتاح سوف تذهب، مرة أخرى، أدراج الرياح وتبرهن فرضية طالما روج لها، بأن سلطة على صورة السلطة السورية، عجنها تاريخ من القوة والإكراه، عاجزة عن إصلاح نفسها وإصلاح المجتمع.والحق يقال أن ثمة ازدياداً لافتاً في أعداد الذين "نفضوا أياديهم" من السلطة وفقدوا الثقة بدورها ووعودها الإصلاحية، وهم يجدون بعد مراوحة في المكان دامت سنين وسنين أننا نقف أمام سلطة ممانعة، تخشى التغيير والإصلاح وتتحسب من أي انفتاح على الداخل خوفاً من أن يؤدي إلى كسر وصايتها وتحسين فرص المجتمع في الحضور والمشاركة، أو لأنه يساهم في فضح زيف ادعاءاتها وكشف ظواهر الفساد المتفشية وحقيقة المصالح الخاصة والامتيازات الفئوية التي تقف ورائها!!.
ليس لجوء النخبة الحاكمة السورية الى لغة القوة لإغلاق هامش الحراك المحدود إلا دليل إفلاس سياسي في تثبيت هيمنتها، ولنقل قلة حيلة في استنباط أشكال أخرى أقل فظاظة لتحقيق هذا الهدف. أو لعل ثمة من "قرشها" جيداً واستنتج أن الاستمرار في تخفيف القبضة القمعية هو سياسة محفوفة بالمخاطر على مصالحه وامتيازاته في ضوء هذا المستوى من انكشاف عجز أداء النظام عربياً واقليمياً.ما يحصل اليوم هو خيار سياسي بامتياز وليس له سوى تفسير واحد هو أن السلطة لم يعد أمامها من طريق سوى إعادة زرع الخوف والرعب التقليدي في المجتمع وقد بدأت غيومه تنحسر. وليست الحجج أو الذرائع التي تشيعها لتبرير الاعتقال والمضايقات إلا وسائل غايتها دعم هذا الخيار على أمل إعادة الاعتبار لسطوتها وهيبتها وترميم ما أصابها من صدوع وشدوخ، حتى لو كان ثمن ذلك مزيداً من التوغل في المجهول والضياع للمجتمع ومستقبل أجياله، فهل تعي قوى التغيير الديمقراطي أي رد ينتظر مبادرتها؟!..جاء في قصص العرب أن الوباء قدم الى قرية فتصدى له شيخ حكيم قائلاً : "أما لك أن تترك أهل القرية بحالهم، فهم لم يرتكبوا ذنباً أو معصية تستحق العقاب" .. فقال الوباء: "لا تقلق فلن أقيم طويلاً عندكم ولن ينال الداء سوى عدد محدود من الناس"... وبعد زمن التقى الشيخ بالوباء فبادره محتجاً : "ألا يكفي أنك جئت بالأذى بل وتزيد بالكذب، لقد قتلت مئات الأشخاص".. فأجاب الوباء: "لا تظلمني أيها الحكيم، فالذنب ليس ذنبي، فأنا كما وعدتك لم أتعرض سوى لقلة منهم، أما الآخرون فقد قتلهم الخوف والفزع".

الجمعة، أكتوبر 07، 2005

وزير الإعلام السوري و رؤيته السياسية

في لقاء أجراه في دمشق محمود عبد الوهاب مع معالي وزير الإعلام السوري الدكتور مهدي دخل الله و نشر في العدد 43403 في 6\10\2005 اعتبر الوزير عوائق التحول الديمقراطي في سورية عائدة إلى توتر في المنطقة و تصاعده بالحرب على العراق إلى جانب التوتر المزمن المتمثل بالصراع العربي الإسرائيلي و لم يشر سيادته إلى أي من المعوقات الداخلية و المتمثلة أساسا ً في دستور يجعل حكم الحزب الواحد أساسا ً و منطلقا ً للدولة السورية بل أكد سيادته على اعتبار حزب البعث صاحب الأغلبية و خفي عليه التساؤل عن أية أغلبية يتكلم في ظل جو سياسي ساد منذ ما يقرب من أربعين عاما ً غابت فيه الحريات و ملأه الخوف و الرعب الأمني و كم الأفواه و الاعتقال لمجرد الشبهة بدون تحقيق تحت لائحة كبيرة من قوانين و محاكم استثنائية لا تخضع لا لدستور و لا لقضاء.
عن رؤية سورية السياسية لحملة الضغوط عليها و أسبابها و كيفية التعامل معها أجاب السيد الأستاذ الدكتور وزير الإعلام كما يلي " ملاحظة: الحوار جرى مع جريدة الأهرام المصرية الناطقة باللغة العربية و سيادة معاليه أجاب أيضا ً بالعربية أي أنه لم يطرأ أي تحريف أو تغيير في الصياغة للإجابة الجامعة المانعة الشاملة الكاملة " و هاكم نص الجواب:
_ سورية مع جميع دول الخليج ممتازة و كذلك مع دول المغرب العربي و ليبيا و السودان .. ؟!
_ علاقاتنا العربية من أفضل ما يمكن
_ و لم تنقطع علاقاتنا مع الإخوة الفلسطينيين فالقضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية
_ هناك تأكيد دائم على أهمية دور سورية في التضامن العربي
_ سورية لا تدافع عن مصالحها الفريدة الضيقة بل عن مواقف قومية مشتركة " ملاحظة: ربما كان هناك خطأ في الترجمة و المقصود الفردية " ا.ه

هذه رؤية سورية السياسية الراهنة في ظل الضغوط, و مع احترامي الشديد يا معالي الوزير فإن مدرسا ً لمادة القومية كان سيجيب بكلام ذو معنى أكثر من كلامك و بعبارات ربما تكون أكثر عصرنة و حداثة. فمنذ أكثر من أربعين عاما ً كان شعار فلسطين قضية العرب المركزية يتردد و لم يجن منه الفلسطينيون سوى الضياع و تأخير الحل و تشتيت الرأي و لعل الوضع في غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي يشير إلى بعض من هذا التشتت و الضياع و لعل وضع المخيمات و المنظمات الفلسطينية في لبنان و الحالة المتأزمة التي تعاني منها الفصائل الموالية للموقف القومي السوري تشير إلى بعض آخر من ذلك التفتت و الانشقاق.

المواقف القومية المشتركة:
بعد ثلاثين عاما ً من الموقف السوري في لبنان اضطر اللبنانيون للجوء إلى الشرعية الدولية من أجل نبذ هذا " الموقف القومي " و التمتع بالاستقلال الوطني الحقيقي.
منذ ما يقرب من خمسين عاما ً أي منذ الوحدة بين سورية و مصر والخطاب القومي يعلو على الخطاب الوطني و الهم القومي يأكل الهم الوطني و الموقف القومي يذبح المواطن و تحل كل مشاكل الأمة على حساب أبناء سورية و شعب سورية الذي يأتي ثانيا ً قي الاهتمام و ربما لا يأتي أبدا ً فالمشاكل القومية كالصراع مع إسرائيل و الوحدة العربية و التحرير و العدالة الاشتراكية المزعومة ما زالت على حالها بل تزداد سوءا ً يوما ً بعد يوم. و ها هو أهم بلد عربي كان يربأ بنفسه عن هموم الوطن لانشغاله بالهم القومي حتى اضطر إلى احتلال وطن عربي آخر ينام اليوم تحت سلطة تحالف أجنبي يبدو أنه لن يزول قبل عقد من الزمن أتعرف لماذا يا سيدي الوزير؟ لأن عراق صدام كان لا يدافع عن مصالح شعبه و بلده الفريدة " الفردية " بل عن مواقف قومية مشتركة كما قلت أنت بالضبط, يا سيدي الوزير لن تحققوا شيئا ً من تلكم المواقف " التي يجب مراجعتها و تقويمها " إلا إذا انطلقتم من مصلحة سورية الوطن و مصلحة سورية الشعب أولا ً. و ليعذرني معاليه لأنني لم أفهم معنى سورية ممتازة مع جميع دول الخليج ربما لم تسعفه الآلة الإعلامية الضخمة في إيجاد عبارة دبلوماسية أو سياسية أو ثقافية أوضح تنم عن فهم معرفي أو بنيوي.

يقول سيادته: لم أعد أستغرب أن هناك بعض الأشخاص مستعدين لاتهام سورية بإعصار تسونامي و كاترينا و ربما اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي بل ربما الكسوف الحلقي الذي حدث للشمس منذ أيام " ا.ه

كررت قراءة كلام معالي الوزير للتأكد من صحة فهمي لعباراته فلم أتوصل إلى تحديد المقصود و قلت ربما كانت مزحة على طريقة السياسيين في سرد النكت لتخفيف الدم و ربما كانت تلميحا ً لفئة سياسية تحت الأرض أو في المريخ لم تختلف معها سورية.
يا معالي السيد الوزير تسونامي ليس إعصارا ً على الإطلاق بل هو: " عبارة عن سلسلة من أمواج البحر السريعة و القوية التي تنتج عن الزلازل أو ثورات البراكين أو سقوط الشهب من الفضاء الخارجي في البحار و المحيطات " و الإعصار يا وزير الإعلام " الإعلام يشمل كل ما هو مقروء و مكتوب و مسموع و مبثوث و مدسوس " كما في كتاب الصف الأول الثانوي: " نتيجة لانخفاض كبير جدا ً في الضغط الجوي ينتج عنه اضطراب في النظام العام " فكما ترى يا منبع المعلومات و مصدرها كما هو مفروض لا يحق لطالب أول ثانوي أن يخلط بين المياه و الرياح كما فعلت.
هنا أتساءل هل الاضطراب في المعلومات فقط أم في الرؤية السياسية أم في المواقف و تحليلها؟ ربما كان في الثلاثة معا ً و الله أعلم.

المستقلون أم المستغلون ؟! :
يقول سيادته: " وفي الانتخابات النيابية التي جرت منذ ثلاث سنوات حصل البعثيون علي واحد وخمسين ونصف بالمئة من المقاعد بينما حصلت الأحزاب المؤتلفة مع حزب البعث علي أربعة عشر بالمئة وحصلت مجموعات المصالح التي نسميها المستغلون علي خمسة وثلاثون بالمئة‏.‏ فليس هناك مصطلح سياسي اسمه المستقلون هناك مجموعات مصالح‏" ا.ه

يا معالي الوزير 35% من أعضاء من المستغلين _بـ الغين_
في نظركم و رؤيتكم السياسية العبقرية لا يوجد مستقلون _بـ القاف_ هل هي نظرية فريدة و رؤية أبدعتها مسيرة التطوير و التحديث أم أنه اجتهاد شخصي منك فكما نعلم ليس هناك اجتهاد شخصي في ظل النظام الشمولي. و لا يحق لك أن تأتي بنظرية جديدة و فريدة تنفي فيها وجود جمعيات و هيئات و شخصيات اعتبارية و قادة تاريخيين لمجموعات وطنية لا تنتمي إلى الأحزاب خاصة في بلد مثل سورية حيث تم تجميد الحراك السياسي لكافة أبناء الشعب و حصر في حزب البعث و حلفائه و مواليه و أعوانه من قائمة الجبهة الوطنية التقدمية المؤتلفة معه.
مستغلون يا سيادة الوزير! و مجموعات مصالح! بالرغم من أن مجلس الشعب السوري وفق الدستور لا يملك من الصلاحيات إلا القليل القليل و هو الحلقة الأضعف من بين السلطات الثلاث إلا أن هؤلاء المستغلين يبلغ عددهم ثلاثة و ثمانون عضوا ً كتب إلى جانب كل واحد منهم بسبب عدم انتمائه لأي حزب صفة مستقل _بـ القاف_ فيا سيدي الوزير أليس معيبا ً أن تحكم على ثلاثة و ثمانين شخصية اعتبارية أعضاء في مجلس الشعب السوري الذي يعبر عن السلطة التشريعية بصفة الاستغلال. اسمح لي أن أعترض على رؤيتك السياسية و مفاهيمك الخاصة فلا يجدر بك الحكم بالجملة بالاستغلال على 35% من ممثلي الشعب السوري وفقا ً لقوانين و دستور الجمهورية العربية السورية و لو كان الكلام جاء من الأعداء أو من المعارضة لكان فيه فساد و ظلم كبير فكيف نصفه و قد صدر من رأس الهرم لوزارة تعد من أهم الوزارات و كانت الحكومة السورية دائما ً حريصة ً على أن يتولاها موالون و متوافقون مع النظام على طول الخط.

في مقابلة سابقة مع نفس الوزير مع نفس الصحيفة في تاريخ 18\11\2004 قال فيها: " في الحقيقة لا توجد في سورية رقابة مسبقة على المطبوعات و الصحفي حر فيما يكتبه و هناك الآن نصوص نقدية في الصحف السورية و هناك صحفيون ينتفدون كل شيء بما فيه النظام السياسي و لا أحدا ً يعاقب منهم على ما كتبه "ا.ه ؟!

و لا عزاء لمعتقلي الرأي الذين عوقبوا على آراءهم قبل ذلك التاريخ و بعده و إلى الآن.

يفترض أن وزير الإعلام الذي ينتمي إلى السلطة التنفيذية أن يكون تحت سقف المحاسبة و المساءلة من قبل أعضاء مجلس الشعب الذين يشكلون السلطة التشريعية التي لها حق المراقبة و التدقيق.
http://www.ahram.org.eg/archive/Index.asp?CurFN=fron9.htm&DID=8631

الأربعاء، أكتوبر 05، 2005

تحقيق فتقرير ... ثم مضاعفات ؟

سركيس نعوم _ النهار
5\10\2005
لا احد يعرف منذ الآن مضمون التقرير الذي قد يكون بدأ في كتابته رئيس اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي حصل قبل سبعة اشهر وبضعة اسابيع. وعدم المعرفة هذا لا يقتصر على اللبنانيين وتحديدا الرسميين منهم بل يشمل اليهم البعثات الديبلوماسية العاملة في لبنان من عربية واجنبية ولاسيما التي لدولها ادوار اساسية وفاعلة سواء في لبنان او في المنطقة او في العالم. لكن ما يعرفه، العارفون من هؤلاء، هو ان التقرير سينجز في التاريخ الذي حدده رئيس اللجنة المذكورة ديتليف ميليس اي في الثلث الثالث من تشرين الاول المقبل وسيسلم الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي يفترض ان يرفعه الى مجلس الامن في الوقت الذي يعتقده مناسبا وبعد مشاورات متنوعة يجريها مع اعضائه ومع عدد من القوى الاقليمية والعربية الفاعلة. وما يعرفه هؤلاء ايضا ان عدم انهاء لجنة التحقيق مهمتها الا في 15 كانون الاول المقبل اي بعد نحو شهرين من انجاز التقرير وتسليمه الى الجهات الدولية التي طلبت اجراءه لا علاقة مباشرة له بالتقرير الذي يكون ساعتها قد اصبح نهائيا. وقد يكون السبب الاساسي له هو مساعدة الدولة اللبنانية او بالاحرى القضاء اللبناني على التعامل مع محتوى التقرير في ضوء الظروف الصعبة التي يعيشها والتي تعيشها معه البلاد. وما يعرفه هؤلاء اخيرا او ما يرجحونه هو ان يقرر مجلس الامن بعد درسه تقرير لجنة التحقيق امرين. الاول، عدم قدرة القضاء اللبناني على الانطلاق من التقرير لاستكمال كل الخطوات الضرورية للاعداد للمحاكمة ليس بسبب النقص في كفاءات العاملين فيه والمنتسبين اليه وهي كثيرة بل بسبب عدم توافر الامن والامان اللذين يسمحان لرجال القضاء بالعمل في حرية وباستلهام القوانين المعنية بدلا من استلهام التهديدات المحتمل ان يتعرضوا لها. ولعل المحاولة الفاشلة لاغتيال قاضي التحقيق في ملف "بنك المدينة" وملفات اخرى ناظم الخوري تشكل دليلا بارزا على عدم قدرة القضاء اللبناني وحده على التصدي القانوني لجريمة العصر. اما الامر الثاني، فهو تأليف محكمة دولية تتولى قضائيا متابعة ملف هذه الجريمة. ويرجح ان تكون مختلطة بمعنى ان تضم لبنانيين. لكن مركزها سيكون خارج لبنان بغية توفير ظروف العمل الطبيعي لاعضائها.
اذا كان لا احد يعرف مضمون تقرير لجنة التحقيق الدولية فهل يعرف احد تداعيات انجاز هذا التقرير ومضاعفاتها وخصوصا بعد كشفه امام الرأي العام المحلي والاقليمي والدولي او على الاقل بعد كشف قسم منه باعتبار ان اعطاءه طابع السرية ولامد طويل مستحيل لاعتبارات كثيرة معروفة؟
قبل الجواب عن هذا السؤال لا بد من الاشارة الى وجود نوعين من التوقعات حيال هذا الموضوع في اوساط اللبنانيين. يعتبر النوع الاول ان مرحلة ما قبل انتهاء التقرير ثم بدء المحاكمة او المحاكمات هي التي ستشهد (وقد شهدت) اعمالا اجرامية كثيرة مزعزعة الاستقرار ربما بغية التأثير على التحقيق او صرفه عن مساره او ربما وقفه، على صعوبة ذلك. ويعتبر النوع الثاني ان التداعيات والمضاعفات الحقيقية للتقرير ستقع بعد انجازه ورفعه الى مجلس الامن بواسطة الامين العام للامم المتحدة وكذلك بعد انكشاف مضمونه او بعض هذا المضمون للرأي العام على تنوعه. وقبل الجواب عنه ايضا لا بد من الاشارة الى ان المسار الظاهري للتحقيق الذي يكاد ان يختمه ميليس مع التوقيفات التي تخللته ومع التسريبات المقصودة او غير المقصودة عن مجرياته ومع التعليقات عليه من كل الاطراف السياسيين في البلاد على تناقضهم في المواقف والمواقع محليا واقليميا، لا بد من الاشارة الى ان كل ذلك كون اجواء سياسية وغير سياسية تشير الى مسؤولية ما لحلفاء سوريا عن الجريمة الخاضعة للتحقيق وربما لسوريا نفسها. ويبدو ذلك جليا وواضحا من اتهام الفريق الذي استهدف بالجريمة ما سماه "النظام الامني اللبناني-السوري المشترك" بالمسؤولية عنها ويبدو جليا ايضا من رفض حلفاء سوريا وسوريا نفسها كل الاتهامات المشار اليها ومن مواجهتهم المتنوعة لها.
اما في ما يختص بالجواب عن السؤال المطروح اعلاه فان معلومات اكثر من جهة ديبلوماسية غير لبنانية تنطوي على الآتي:
-1 تلقت الجهات الديبلوماسية معلومات عن تهريب اسلحة متنوعة وبكميات مهمة الى جهات فلسطينية في لبنان وبواسطة جهات فلسطينية. تداول المعنيون من الجهات المذكورة في ما بينهم هذه المعلومة وقرروا التحقق منها باتصالات مع جهات رسمية لبنانية، وتحققوا اذ ان ما سمعوه من الاخيرة اشار الى تهريب جرى او يجري عبر 13 نقطة حدودية مع سوريا. واعتبروا ان ذلك قد يستعمل بعد اعلان نتائج التحقيق وخصوصا اذا اشار الى سوريا مباشرة او مداورة. واعتبروا ايضا ان الهدف من الاستعمال قد لا يكون الانتقام او التخريب بمقدار ما هو اقناع اللبنانيين والمجتمع الدولي بان سوريا لا تزال الاقدر على نزع سلاح الفلسطينيين وغيرهم في لبنان.
-2 قرار السلطة اللبنانية وربما بموافقة اقليمية ودولية كشف حقيقة تهريب السلاح امام الرأي العام اللبناني والخارجي اعتقادا منها ان ذلك قد يدفع المخططين الى الامتناع عن تنفيذ مخططاتهم.
-3 اتخاذ السلطات اللبنانية المتخصصة اجراءات ووضعها خططا للحؤول دون تنفيذ ما يخطط له وخصوصا في العاصمة بيروت.
-4 تأكيد المجتمع الدولي للجميع في لبنان وللمعنيين به من خارج ان ما حصل في لبنان في 26 نيسان الماضي لا عودة عنه ايا تكن المغريات والضغوطات.
هل يتجرع لبنان كأس الارهاب الواسع من جديد او بالاحرى كأس ضرب الاستقرار الامني فالسياسي علما ان الاثنين صارا مثل بعضهما من حيث الهشاشة والضعف؟
لا احد يعرف. لكن اللبنانيين يتمنون ان يتعاون كل اللبنانيين ومن كل الاتجاهات السياسية على تناقضها لتقطيع مرحلة التحقيق فالمحاكمة من دون خضات داخلية. ذلك ان الخضات لن تعيد وضعا سابقا لم يعد عليه اجماع داخلي وخارجي او بالاحرى لم تعد معه غالبية. والخضات او الرد عليها بخضات لن تحقق وحدها على الاقل طموحات التغيير في الداخل والخارج. ما ستفعله سيكون فقط تخريباً للبنان الذي لم يعد يحتمل تخريباً.
كذلك يتمنى اللبنانيون ايضا ان يترك التحقيق يأخذ مجراه والمحاكمة باعتبار ان كل متهم بريء حتى تثبت ادانته ويتمنون في الوقت نفسه ان يتصرف ممثلوهم وقادتهم واحزابهم ومراجعهم من سياسية ودينية انطلاقا من كونهم "ام الصبي" كما يقال. لان تصرفهم بخلاف ذلك سيقضي حتما على "الصبي" وسيأخذ في طريقه كل من لم يعمل جاهدا للمحافظة عليه.

الثلاثاء، أكتوبر 04، 2005

حزبا >> المشرق <<

حازم صاغيّة الحياة - 04/10/05//
بعد الأنباء التي شاعت عن تسلل أسلحة ومقاتلين من «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» في سورية الى لبنان، اذا بمعلومات مماثلة تتناول «فتح - الانتفاضة» التي تسلك الطريق نفسها.
و «فتح - الانتفاضة» هي «الانتفاضة» على «فتح». ومنظوراً الى الأمر من زاوية ولادتها وظروف تلك الولادة، في النصف الأول من الثمانينات، يتبدى أننا حيال مجموعة انشقّت بالسلاح عن التيار العريض للوطنية الفلسطينية واغتالت، في هذه الغضون، أحد القادة الميدانيين لذاك التيار: سعد صايل. أما انشقاقها هذا فجاء في لحظة احتدام الصراع بين الوطنية المذكورة والنفوذ الاقليمي السوري.
بلغة أخرى: بعدما نجح الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982 في اخراج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، قررت دمشق ان تحتكر وحدها المساحة التي كان يشغلها التحالف السوري - الفلسطيني. في السياق هذا، طُرد ياسر عرفات من العاصمة السورية بالمعنى الحَرفي الأكثر إذلالاً لكلمة «طرد». وفي السياق نفسه نشبت حرب طرابلس لاخراج «فتح» من عاصمة لبنان الثانية استكمالاً لما قام به الاسرائيليون حين أخرجوها من عاصمته الأولى. وفي السياق اياه اندلعت حرب المخيمات المصحوبة باغتيالات للشيوعيين فُهم منها ان البعث السوري لا يريد الا «حزب الله» طرفاً أوحد يحتكر المقاومة في الجنوب.
وإنما هذا السياق هو ذاته الذي أنجب «فتح - الانتفاضة» بقيادة المدعوّين أبو موسى وأبو خالد العملة وأبو صالح.
ما يعنيه هذا ان «فتح - الانتفاضة»، بعيداً عن اللياقات والتزويق الكلامي، أداة سورية تعمل ضد المصلحة والارادة الفلسطينيتين. ويُستبعد، تبعاً لهذا، ان تهتم، او يهتم حليفها السيد احمد جبريل، زعيم «القيادة العامة»، بأوضاع فلسطينيي لبنان ومصالحهم، وبإمكان تعرضهم لغرائز لبنانية، شبه عنصرية، لا تضمر الخير لأي «غريب» في لبنان.
يأتي هذا كله في لحظة بالغة الحراجة والخطر من تاريخ المشرق: صحيح ان العراق يحتل، وبلا مقارنة، قصب السبق في الدم والمأساة والتفسخ، وفي الأهمية ايضاً. لكن لبنان، كما هو معلوم، يحاول بصعوبة قصوى لملمة أجزائه فيما قد تضعه نتائج تقرير ميليس أمام منعطف ليس من المبالغة وصفه بالوجودي. وفلسطين، بدورها، قد ينتهي أمر قضيتها على نحو بائس إن لم يُتَح لسلطة الرئيس محمود عباس أن تُقلع: ويُخشى، في الاطار هذا، ان تكون اشتباكات غزة، قبيل رحلة أبو مازن الى اميركا وبعيد هزيمة «حماس» في الانتخابات البلدية بالضفة، محاولة حاسمة لمنع ذاك الاقلاع ودقّ المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية.
وقصارى القول اننا اذا ما طرحنا التفاصيل جانباً، وجدنا أنفسنا أمام «حزبين» في المشرق: أحدهما يقول، بصيغ مختلفة، ما قاله محمد نزّال من بيروت، معلناً عن وجود «تيار استئصالي في السلطة يعمل على توتير الوضع الداخلي وإشعال حرب أهلية». وهو «حزب» قد يُسمى مقاومة وقد لا يُسمى، لكن الحاسم فيه رفضه ان تُبنى دول وإرادات وطنية في بلدان المشرق، ما خلا دولة واحدة عسكرية تبحث عن تصريف أزماتها خارجها. والثاني، يتحدث بلغة بناء الدول والحؤول دون ترجمة عنفية للانقسامات، الأهلي منها وغير الأهلي. وليس قليل الدلالة أن نجد السلطة الفلسطينية، لا سيما بعد مأساة السلاح الفالت في جباليا، تستخدم مفردات سبق ان استخدمتها السلطتان اللبنانية والاردنية حين حاولتا، في السبعينات، ردع أزدواج السلاح في بلديهما.
بيد أنها لوحة لا تكتمل بغير التذكير المؤلم بأن سورية ليست في وضع يتيح لها المضي في هذه السياسة وافتراض ان النار «هناك» ستبقى هناك. فحين تلجأ مجلة رصينة كـ «ايكونوميست» البريطانية الى طرح ثلاثة سيناريوات على المصير السياسي السوري المباشر، فهذا يستدعي، من سادة دمشق، وقفة جدية.

الاثنين، أكتوبر 03، 2005

جورج كتن_ غزة غابة سلاح أم نموذج لدولة فلسطينية قادمة

أكدت مجموعة من الأحداث في قطاع غزة قبل وبعد الانسحاب الإسرائيلي أن هناك قوى فلسطينية تعمل لكي تدب الفوضى في غزة لتتمكن من تنفيذ مخططاتها.فمنذ حوالي الشهرين خرقت منظمة حماس اتفاق التهدئة واستأنفت عملياتها وإطلاق صواريخها ضد المدنيين داخل إسرائيل, ثم تحولت إلى هجمات مخططة على مراكز السلطة الفلسطينية وكوادرها في محاولة لمنعها من ممارسة مهامها. وحتى بعد الفشل لم ينته سعي الفصائل المسلحة لهدفين: اولهما نسف اتفاقية التهدئة وإنهاء المسيرة السلمية البادئة مع انتخاب الرئيس عباس, وثانيهما إضعاف السلطة وإظهارها عاجزة عن تحقيق الأمن تمهيداً لإسقاطها أو حصر دورها في أمور الخدمات ونقل مهماتها السياسية إلى "قيادة موحدة" غير منتخبة حيث يحدد عدد البنادق الأصوات المقررة لكل فصيل.الأوضاع الخارجة عن السيطرة حولت غزة إلى غابة, وكان أبشع استعراض للقوة المسلحة جريمة اغتيال اللواء موسى عرفات القائد السابق للمخابرات العسكرية أوائل أيلول، الذي اعترفت "لجان المقاومة الشعبية – ألوية الناصر صلاح الدين" على لسان المتحدث باسمها "بتصفيته.. دون الحاجة للتحقيق معه.. كونها تملك حقائق.. حول ارتكابه جرائم وفساد"!! إذ هاجم منزله مئة عنصر بالرصاص والقنابل، وأطلقوا النار على أرجل حراسه "حرصاً على الدم الفلسطيني"!! ونصبوا أنفسهم وكلاء لله ونفذوا شرعه!! مع التصريح بأن لدى اللجان برنامج عمليات من نفس النوع لمكافحة الفساد. في الغابة يبدو الأمر طبيعياً أن يأخذ المسلحون المنفلتون القانون باليد، بعد تجميد السلك القضائي الذي تعرض أفراده لتهديدات مختلفة منها تفجير عبوة ناسفة أمام منزل زهير الصوراني رئيس مجلس القضاء الأعلى وأخرى أمام منزل حسين أبو عاصي النائب العام، وعندما اعتقلت السلطة بعض المنفذين المعروفين للجميع، قامت مجموعات مسلحة بالإفراج عنهم بقوة السلاح. ولم يسلم من هذه التهديدات قضاة ووكلاء نيابة ومحامين بحيث ضاعت هيبة القضاة وحريتهم في إصدار أحكامهم.مسلسل الأحداث الإجرامية أحصته "الهيئة المستقلة لحقوق المواطن في رام الله" فبلغ منذ بداية العام الحالي مئة عملية اغتيال، منها خاصة قتل الصحفي خليل الزبن, وقتل "مطوعون"حماسيون ليسرى العزامي لتنزهها مع خطيبها على شاطئ البحر! واختطاف محمد ضيوفي الصحفي الفرنسي من أصل جزائري، وإلقاء عنصر من حماس لقنبلة على عرس مما أدى لمقتل فتى، بعد تحذير من إقامة "حفلات ماجنة" كما في المنشورات التي وزعت!! بالإضافة لتخزين حماس لمتفجراتها في بنايات سكنية مما أدى لتفجر مستودعها في حي الشجاعية بغزة وقتل سبعة من السكان الآمنين وجرح أعداد كبيرة.وآخر الحوادث المفجعة مقتل 19 وجرح ما يزيد عن مائة فلسطيني, إثر تفجر سيارة تحمل ذخائر ومتفجرات، مشاركة في العرض العسكري لحماس في جباليا. وبدل أن تعترف قيادة حماس بخطئها وتتعهد بمحاسبة المسؤولين عنه, سارعت لاتهام صاروخ إسرائيلي بإحداث الانفجار، فيما أثبت تقرير الفنيين أن شظايا الانفجار من النوع المستخدم في صواريخ القسام، وأن تصريح الناطق الإعلامي لحماس بمشاهدته للصاروخ بأم عينه كاذب, إذ يستحيل متابعته لسرعته الهائلة ولعدم وجود لهيب يتبعه كما لا يسمع له صوت. ولكي تعزز حماس روايتها عن مسؤولية إسرائيل، أطلقت بلا تروي صواريخها على مستوطنة سيديروت فنقضت التهدئة وأعطت الذريعة لاستئناف العدوان الإسرائيلي على الضفة والقطاع.إن فوضى السلاح والانفلات الأمني وأخذ السلطة باليد والاستعراضات العبثية المميتة وإطلاق الصواريخ الشكلي وتخزين المتفجرات في المناطق الآهلة بالسكان وتطبيق كل مجموعة مسلحة للعدالة حسب مفهومها لها... الذي تتحمل المسؤولية الأكبر فيه منظمة حماس, سيحول غزة إلى صومال أخرى تحكمها العصابات المسلحة، فكل من يريد أن يكون له وزن ودور ونفوذ، يسعى لتوسيع عدد أنصاره الذين يحملون البنادق ويقومون باغتيال المنافسين "حسب شرع الله"!!. وهذا ما دفع السيد فاروق القدومي للإعلان عن تشكيل "جيش شعبي" تابع له داخل الأراضي المحتلة بعد شعوره بضعف نفوذه السياسي، وليس من الصعب تسليح هذا الجيش فسوق السلاح في غزة مفتوحة، وقد انخفضت أسعاره إثر الانسحاب وتدفق آلاف الفلسطينيين من القطاع إلى مصر, علما أن ناشطين من حماس فجروا الجدار الإسمنتي للحدود لفتح ثغرات فيه مما سهل تهريب الأسلحة.السلطة الفلسطينية المنتخبة المسؤولة عن تحقيق الأمن للمواطن تقف شبه عاجزة أمام هذه الحالة المأساوية ولم تفعل الشيء الكثير لوضع حد لترديها، فهي تستنكر الجرائم وتتحدث عن تثبيت سيادة القانون وتهدد الجناة المعروفين غالباً, ويصرح رئيسها أن إنهاء فوضى السلاح هو البند الأول على جدول أعمالها، إلا أنها لم تقم بالحد الأدنى المطلوب، فقد أكثرت من التصريحات المنددة والمهددة وأقلت من العمل الجاد لتنفيذها, ولم تبرهن أنها قادرة على ضبط الأمن، ولم تتجرأ على البدء بحملة للإمساك بالمسؤولين عن الفلتان وإحالتهم للقضاء وجمع الأسلحة من الجميع بما فيه الفصائل المسلحة التي شجعت هذه الحالة باستهتارها بالسلطة عندما اعتدت على مراكزها وإفرادها.فشلت منظمة حماس حتى الآن في نسف العملية السياسية، وفشلت في دعوتها لتشكيل لجنة قيادية كبديل للسلطة للإشراف على الانسحاب، كما فشلت في التشويش على الانسحاب الإسرائيلي وإظهاره بأنه جرى تحت نيرانها، وفشلت في إظهار قوتها في الاستعراض العسكري الذي تحول إلى كارثة، وفشلت كنتيجة لكل ذلك في الحصول على أغلبية في الانتخابات البلدية الأخيرة ومن المرجح أنها ستفشل في الانتخابات التشريعية القادمة. وإذا كانت قد نجحت في شيء فهو استمرار التسبب بالنزيف الدائم للشعب الفلسطيني وتدفيعه أثمان غالية كنتيجة لإطلاق صواريخ دعائية غير مؤثرة، كما نجحت في بث الفوضى في القطاع وهو ما يلتقي مع أحد أهداف الانسحاب الإسرائيلي من غزة. ولا ندري إن كانت تصريحات قادتها منذ أيام عن التزام التهدئة المتفق عليها ووقف عملياتها انطلاقاً من قطاع غزة، هو مناورة لامتصاص النقمة بعد فاجعة استعراض جباليا, أم هو بداية لمراجعة سياساتها الخاطئة في إعطاء الذرائع للعدوان الإسرائيلي وعرقلة قيام السلطة بضبط الأمن, وبداية للتحول عن السياسة التي تنبع من فوهات البنادق ومن التفجيرات غير المسؤولة في أوساط المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين.هناك برأينا خياران في الساحة الفلسطينية بعد الانسحاب من غزة: أحدها برنامج حماس لتحويل الانسحاب إلى بداية لمرحلة أخرى من الصراع المسلح الفاشل مع إسرائيل، أي مزيد من الكوارث والفواجع للشعب الفلسطيني, والآخر تحقيق برنامج الأغلبية الفلسطينية التي صوتت للرئيس عباس في الانتخابات الرئاسية ولفتح في الانتخابات البلدية، بافتتاح مرحلة جديدة بعد الانسحاب تحقق الأمن والاستقرار وتوطد سيادة القانون وتنهي فوضى السلاح وتوقف العسكرة العبثية التي تعطي الذرائع للتطرف الإسرائيلي، والعودة لطاولة المفاوضات والاستفادة من الضغوط الدولية لإنهاء الاحتلال وإقناع الأغلبية الإسرائيلية التي صوتت لصالح الانسحاب وفك مستوطنات غزة بالموافقة على انسحابات أخرى أوسع في الضفة والقدس، والتصدي للفساد والبدء في إعادة الإعمار وانتشال المواطنين من أوضاعهم المعيشية المتردية، وإثبات أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة وهو قادر على حكم نفسه، وأن غزة نموذج لدولته القادمة التي ستضم كافة الأراضي المحتلة عام 1967.

الأحد، أكتوبر 02، 2005

//النظام// و //القضية//

حازم صاغيّة الحياة - 01/10/05//
أنذرت محاولة اغتيال الزميلة مي شدياق، في ما أنذرت، بحدود العناد التي يبلغها التمسك بوضع قائم ما، ومدى الثأرية والانحطاط اللذين يبديهما المتمسكون بوضع كهذا. وهما ثأرية وانحطاط انطلقا، وينطلقان، هائجين مسعورين، عاجزين حتى عن خدمة الأهداف المفترضة التي يتوخّاها المرتكبون. والعناد، أقلّه هنا، هو وقوف في وجه ما لم يعد منه بدّ، وتعويل على تذليل الواقع ومعطياته بالارهاب. وهذا، بالمناسبة، أحد أبرز أهداف الارهاب.
فكيف متى انطوى الوضع، الذي يراد له أن يبقى، أو يراد الحؤول دون تحوله في وجهة واعدة، على هيمنة تمارسها دولة على دولة أخرى؟
ولنقل، بلغة أوضح، ان اخراج الجيش والنفوذ السوريين من لبنان كان، وسوف يكون، مكلفاً ومؤلماً ودموياً. وليس من سابقة معروفة تنمّ عن أن نظاماً مأزوماً، وتوسعياً بطبيعته، ينسحب هكذا، بطيبة خاطر، من البلد الذي يصرّف أزماته فيه. ولا بأس بالتذكير بالآلام والأكلاف الدموية التي استدعاها تمهيد الوضع اللبناني وتجهيزه لوفادة الجيش والنفوذ السوريين: توسيعاً للتناقضات اللبنانية - اللبنانية، واللبنانية - الفلسطينية، وتأسيساً لتناقضات جديدة كلما لزمت حاجة الجيش والنفوذ المذكورين للبقاء والتمكّن.
واذا كان بديهياً التمنّي ان تقلّ عذابات الخروج عن عذابات الدخول، بقي أن نلاحظ العود على بدء الخطة الأولى، عبر ضخّ المخيمات وغير المخيمات بالأسلحة، تماماً كما كان يحصل قبيل اندلاع الحرب. فالحنين هذا الى الماضي يكمّل التوق الى منع المستقبل على ما تشي محاولة الاغتيال الأخيرة بعد الاغتيالات والمحاولات السابقة.
لكن ما ينبغي التحذير منه، خصوصاً ان أجواء التحقيق تغري بالوقوع فيه، هو الانحراف نحو نقاش تقني. ذاك ان الأحداث الجرمية لا تقف خارج نظام بعينه، فيما النظام المذكور ليس منزّهاً عن قضايا ومصالح، كبيرة كانت أم صغيرة.
فهذا الذي خرج من لبنان «نظام» بالمعنى الشامل للكلمة، بحيث يستحيل فصل أيٍ من «القضايا» عنه، بما في ذلك القضايا التي يبرع النظام إياه في استخدامها وتوظيفها، بل في ابتذالها. وبالمعنى هذا، ليس جائزاً ما يفعله وليد جنبلاط وميشال عون، كلٌ بطريقته، إذ يفصلان الأشخاص او الأجهزة عن النظام، والنظام عن القضايا. فالى ذرائعيتها الانتهازية، تقع النظرة هذه في تقنية بوليسية حينما تعامل الأشخاص أو الأجهزة كمسألة مستقلة بذاتها، لكنها تقع في طوباوية مزعومة ومدّعاة حين ترى الى القضايا في معزل عن النظام، نظامها.
وهو منحى «ثقافي» أعرض من الزعيمين اللبنانيين، كما سبق له أن صدر، ويصدر، عن بيئات تتعدى بيئتيهما. فنحن نعرف، مثلاً، تلك الحجة التي ذاعت بعيد الانفصال السوري عن مصر في 1961، ومفادها انه «كائناً ما كان النظام ينبغي الدفاع عن الوحدة». وقد ترددت في لبنان أصوات من هذا القبيل، مرةً في ما خص المقاومة «المقدسة» في معزل عن «تجاوزاتها»، ومرة في ما خص «الأخوّة» مع سورية (والمقصود، الا عند قلة، نظامها وضباطها) في معزل عن «أخطائها». وبالطبع، كان النظام دائماً، لأنه أعرف وأذكى، يعيد ربط القضايا به على نحو لا يترك للخطأ مجالاً. وهو «نهج» كان بلغ أوجه ذات مرة حين أعلن النظام، بعد حرب 1967، ان عدم سقوطه انتصار، على رغم خسارة الأرض!
وتتركنا التجارب المتكررة أمام سؤال لا يُطرح، هو: ما سر التلازم الذي يتكرر على نحو يجمع البلادة الى الرسوخ، بين هذه الأنظمة وتلك القضايا؟ وما لم نطرح السؤال ونحاول التوصل الى إجابات دقيقة وحاسمة، ستبقى سكاكين النظام، الآتية من القضايا، تحزّ على أوردتنا وشراييننا فيما نحن نتهم... «الأجهزة».

السبت، أكتوبر 01، 2005

لبنان في إحدى أخطر المراحل

راغدة درغام     الحياة     - 30/09/05//
سنشهد الشهر المقبل بداية نهاية عهد تحكم الاجهزة الأمنية والاستخباراتية العسكرية بالحياة السياسية في لبنان وفي سورية. قد تتكاثر محاولات الاغتيال وتتنوع كي تدب الذعر في القلوب وتملي الفوضى على البلاد. لكن الأشهر الآتية ستدشن محاكمات لا سابقة لها، وستحرر كامل المنطقة العربية من انماط اللاعقاب واللامحاسبة، وستدق المسمار الأخير في كفن الاغتيالات السياسية والتأديبية والانتقامية وأنواع الاغتيالات كافة. انها فترة الاستحقاقات، بكل ايجابياتها وسلبياتها، وهي تتطلب الوعي والحكمة والمنطق في موازين المخاوف والتوقعات. ففي نهاية المطاف، ومهما آلت اليه المرحلة الانتقالية، فإن محطة الوصول ليست بالضرورة سيئة أبداً سوى للذين تحكموا وحكموا بالإذلال والاغتيال.
الذين تورطوا في اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري يعرفون تماماً مصيرهم وقد يرتأون ضرب استقرار لبنان قبل صدور تقرير «اللجنة المستقلة الدولية للتحقيق في العمل الارهابي» التي يترأسها القاضي الالماني ديتليف ميليس. أولئك الذين ضلعوا في الجريمة يعرفون تماماً ماذا سيحتويه تقرير ميليس المتوقع صدوره في 25 الشهر الجاري. يعرفون اكثر من اي طرف آخر ماذا سيتضمنه التقرير لأنهم مطلعون على الحقائق ولأن التقرير سيكشف الحقيقة عبر الأدلة والاثباتات.
الأرجح انه لا يوجد أحد، الى جانب ميليس وفريقه وخبرائه، يعرف تفاصيل ما سيتضمنه التقرير من استنتاجات سوى أولئك الذين لعبوا دوراً في اقتراف الجريمة أو تنظيمها أو الإيحاء بها أو التغطية عليها أو محاولة محو الأدلة. كثيرون يخشون هذه الفترة من الآن وحتى صدور التقرير. بعضهم يتوقع تصعيداً خطيراً وبعضهم يتخوف من الإحباط إذا استمرت التوقعات بدور دولي يحل مكان الدور المحلي للحكومة اللبنانية في مواجهة أو احتواء التصعيد المنتظر.
ما على اللبنانيين ان يدركوه هو ان العالم مع لبنان، لكنه لن يكون البديل عن اللبنانيين في صون استقراره. هناك استعداد لدى الأسرة الدولية، عبر مجلس الأمن، لمد العون المستمر سواء في استصدار القرارات للمحاكمة على العمل الارهابي المتمثل في اغتيال الحريري أو عبر دعم ميليس ولجنته واستنتاجاته حتى وان كانت قنبلة تهز أنظمة أو تطيحها.
فلا مجال للصفقات إذا جاء تقرير ميليس بإدانات مع أدلة واثباتات. لقد فات الأوان على الصفقات منذ العرض الأخير الذي وصل الى دمشق قبل ثلاثة اشهر والذي شابه حل «لوكربي»، وذلك من خلال ترك المبادرة للقيادة السورية للتقدم بالافراد أو بالاجهزة التي يجوز ان تكون تورطت في اغتيال الحريري، الى المحاكمة العادلة. فات الأوان على الصفقات لأن ديتليف ميليس في صدد الإعداد لكتابة تقريره، ولا تجرؤ أي دولة على إبرام الصفقات في هذه المرحلة المتأخرة من التحقيق. وميليس، كما يُعرف عنه، لا يبرم الصفقات السياسية، ولأنه واع تماماً لإمكان اعتباره عثرة أمام الصفقات السياسية، يمكن الجزم بأنه حفظ وصان الأدلة والاثباتات كي تكون الشاهد على الحقيقة حتى في حال تعرضه هو لمحاولة اغتيال.
البعض في الأوساط الديبلوماسية قلق من احتمال توسيع رقعة سلاح الاغتيال ليشمل الاجانب بهدف حشد الرأي العام في بلادهم أو دفع المؤسسات والعاملين فيها الى مغادرة لبنان هلعاً. لكن هذا لن يحدث، فلقد أُتخذ القرار بعدم السماح لمثل هذا الارهاب ان يكافأ عبر الهرب. بل العكس، فأي تعد من هذا النوع سيصعد ويوسع العقاب.
لذلك، هناك استعداد لدى مجلس الأمن للنظر جدياً في تكليف «اللجنة المستقلة الدولية للتحقيق» بأن تساعد الحكومة اللبنانية في التحقيق في الاغتيالات الاخرى وفي محاولات الاغتيال التي حدثت في لبنان، وذلك بعد محاولة اغتيال الزميلة مي شدياق.
من واجب المؤسسات والنقابات الاعلامية، اللبنانية والعربية والدولية، ان تطالب الأمين العام كوفي انان ورئيس مجلس الأمن الدولي وحكومة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، بأن يستفاد من خبرة وخبراء «اللجنة المستقلة الدولية» للتحقيق في اغتيال الزميل سمير قصير ومحاولة اغتيال مي شدياق.
ومن الضروري للنقابات والمؤسسات القضائية ان تحشد الأفكار وراء أفضل أنواع المحاكمة وأسرع عقاب للارهابيين الضالعين في كل جرائم الاغتيال. ومن المفيد للبنان ان يستعين بالاسرة الدولية في مثل هذه الأمور وان تتقدم حكومة السنيورة، كخطوة مستقلة عن توقيت تقرير ميليس، بالطلب الرسمي الى مجلس الأمن بوضع كل الاغتيالات تحت مسؤولية «اللجنة المستقلة الدولية» التي تعمل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية. فمثل هذا الاجراء يوجه رسالة حازمة الى الذين يعتزمون القيام بالمزيد من الاغتيالات، فحواها ان محاكمتهم بصفتهم ارهابيين تأتي بقرار دولي وبمراقبة وتحقيق ومتابعة دولية لكل تحركاتهم.
وكي تكون التوقعات من المساهمة الدولية في حياة لبنان اليوم عملية ومعقولة وواقعية، يجب الإدراك أولاً ان أحداً لا يعد قوات تدخل دولية تتوجه الى لبنان لمساعدته في مرحلة قد تكون احدى أخطر مراحله، اي من الآن وحتى صدور تقرير ميليس.
فالأمن اللبناني في هذه المرحلة مسؤولية لبنانية صرفة. والقرار الأمني يجب على الحكومة اللبنانية اتخاذه بلا خوف وبلا أي تردد على الاطلاق. الجميع يعرف ان حجماً هائلاً من السلاح وصل الى فصائل فلسطينية تستعد لعمليات كبرى بهدف ضرب الاستقرار الأمني الداخلي للبنان. على الحكومة اللبنانية ان تتخذ كل اجراء أمني، وقائي أو هجومي، لمنع نجاح هذه الغايات. لا مجال للتخوف والتردد في حال لم توافق أطراف لبنانية مهمة، «حزب الله» مثلاً، على تولي الحكومة اللبنانية مهمات الحسم الأمني ضد اي فصائل فلسطينية تضمر للبنان الفوضى وتعمل لحساب من يريد له الضرر.
الأمل بأن حكمة «حزب الله» ستجعله يستنتج ان هذا ليس أبداً وقت رفع راية مقاومة الاحتلال الاسرائيلي عبر الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان. فهو يدرك ان هذه الفصائل التي تسلمت السلاح الثقيل لا تضع القضية الفلسطينية في رأس أولوياتها، ولا هي في صدد تحرير فلسطين من خلال ضرب استقرار لبنان. وهو يعرف ان أي «حماية» أو «تبرير» لمثل هذا التطور سيُفسر، لبنانياً ودولياً، على انه حماية للذين ارتكبوا جريمة اغتيال رفيق الحريري من المحاسبة والمحاكمة. «حزب الله» أكثر وعياً من ان يرتكب حماقة كهذه، خصوصاً ان جميع قادة المنطقة، بمن فيهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، رفع غطاء الحماية عن اي طرف ارتكب الجريمة، بغض النظر عمن هو، أكان في سورية أو في لبنان. وهو قال علناً في مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة ان «اي لجنة تبحث حقاً عن التحقيق بعدالة وتعرّف العناصر المتورطة سنتعاون معها في إطار قدراتنا وضمن الإطار الدولي. وإننا سندين هذه العناصر بغض النظر عمن هي».
«حزب الله» يقع اليوم في الامتحان الأصعب، إذ أنه متهم من جانب البعض بالرغبة في حرب أهلية ومذهبية بأي طريقة كانت كي يتسنى له الاحتفاظ بسلاحه بدلاً من الاضطرار الى تفكيك ميليشياته وتجريدها من السلاح كما يطالب القرار 1559. نوعية تصرفه نحو الفصائل الفلسطينية على نسق الجبهة الشعبية الموالية لدمشق، وكيفية تجاوبه مع ضرورة بسط الحكومة اللبنانية سلطتها الأمنية في كل انحاء لبنان هما ما ستكشفان توجهات «حزب الله» الحقيقية وما سيشهد له التاريخ به. انه على المحك لاختيار ما يريد بوضوح تام الآن. فهو إما مع لبنان أو عليه. هكذا هي المعادلة هذه الايام في فترة الاستحقاقات المقبلة.
فليس أمام الحكومة اللبنانية خيار آخر سوى القيام بخطوات استثنائية للسيطرة على الأمن في البلاد، وإلا لانتصرت الفوضى واللااستقرار. ليس أمامها خيار استدعاء قوات دولية، فحتى لو كان في ذهن الأسرة الدولية ارسال قوات، فإن برنامج الاغتيالات والتفجيرات لن ينتظر ما تتطلبه الموافقة على مثل هذه القوات أو تشكيلها من وقت. فهذا ليس خياراً في هذه المرحلة الصعبة حتى لو توافرت النية بإيفاد حماية دولية في شكل قوات. وهي ليست متوافرة الآن لأن الاسرة الدولية غير مستعدة للقيام بدور تستطيع الحكومة اللبنانية القيام به. لذلك، من الحكمة لجم التوقعات الباهظة والاقرار بالواقعية من الناحية الأمنية، فما سيقدمه العالم هو الدعم للجيش اللبناني ولقوات الأمن اللبنانية، لكنه لن يحل بديلاً عنها لا على الحواجز ولا في مواجهة مع الفصائل الفلسطينية.
لكن سبل كبح طموحات هذه الفصائل عدة، سياسياً ومعنوياً. فالشعب الفلسطيني تحت الاحتلال لا يريد ان تستخدم معاناته من أجل غايات تدميرية. لذلك، فمن المفيد ان يُدعى وزير خارجية فلسطين، ناصر القدوة، لزيارة عاجلة الى لبنان تلي دعم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقرار 1559 بكل عناصره، بما فيها تجريد الفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان من السلاح، أثناء اجتماعه في القاهرة بمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559، تيري رود لارسن.
وكما ان من المهم حشد الضمير الفلسطيني، الشعبي والحكومي، كذلك من المهم تعبئة الضمير العربي على الصعيدين لمنع الاستنجاد بالعروبة للاحتيال على نتائج تحقيق ميليس وللوقوف في وجه محاولات ضرب استقرار لبنان أكانت عبر عناصر فلسطينية أو بقرارات سورية أو بحسابات لبنانية.
جميع قيادات الدول العربية الفاعلة، من مصر الى الأردن والسعودية، مستعدة لحجب «الغطاء» العربي عمن يكشف التحقيق تورطه في اغتيال الحريري، فرداً كان أو نظاماً أو دولة. حتى جامعة الدول العربية، كما جاء على لسان الأمين العام عمرو موسى في حديث الى «الحياة» ملتزمة المرجعية الدولية ولا ترى مجالاً لمرجعية عربية بديلة تحت أي ظرف كان. فالكل في حال تأهب، يتجنب الحكم المسبق، ينتظر تقرير ميليس، يراقب بقلق ماذا ستأتي به المرحلة الانتقالية على لبنان وماذا ستأتي به مرحلة ما بعد الانتقالية على سورية.
تكاد الخيارات أمام القيادة السياسية في دمشق وبعبدا تنحصر في خيارين: اما انتظار نتائج التحقيق وتقبل سيناريوات المحاكمة والانقلابات في حال اثبت التحقيق ضلوع الدولة بجريمة الاغتيال او استباق التقرير عبر التنحي الطوعي ومغادرة البلاد الى دول مستعدة للاستقبال تجنباً للمحاكمات والانقلابات.
السيناريو الثالث المستبعد هو تبرئة الدولة اللبنانية والدولة السورية. فمنطقياً لا يمكن التحقيق ان يطلب وضع اربعة جنرالات لبنانيين وراء القضبان ما لم تكن لدى ميليس أدلة دامغة ملموسة تقدم ضدهم في المحكمة. ولا يمكن ان يتورط أربعة جنرالات لبنانيين في عملية اغتيال رئيس وزراء بلادهم من دون معرفة رؤسائهم في لبنان ودمشق.
هذا منطقياً. أما القصة الحقيقية لما حدث يوم ارتكبت جريمة اغتيال الحريري، فإن الذي يعرف حذافيرها هم الذين قاموا بها.
ديتليف ميليس سيحكي لنا الحكاية كاملة في تقريره، مهما حاول الجناة قطع الطريق على الحقيقة.

وطني دائما ً على حق؟؟_ أديب طالب

                            الرئيس سليمان فرنجية (1) استخدم هذه الجملة عنواناً لافتتاحية كتبها في جريدة النهار قبل أن ينَّصَب رئيساً للجمهورية اللبنانية.

يبدو أن مدلول "وطني دائماً على حق" شيء بديهي ولا يحتاج مناقشةً أو إثباتاً. ولقد استخدم هتلر بداهةَ هذا المدلول ليؤسس للعنصرية والنازية... ألمانيا فوق الجميع.

واستخدمه ستالين في الحرب العالمية الثانية، عندما أسقط شعار السوفييت وشعار ديكتاتورية البروليتاريا، وقال روسيا فوق الجميع واخترع ميدالية وطنية رمزها بطرس الأكبر. وقاد هتلر وستالين وموسوليني البشرية إلى الجحيم، وقضوا نحبهم قبل شاوشيسكو وبول بوت، أما غيرهم من أعداء الأمم والحرية، ينتظرون وعد ربهم القريب... صدام القومي العربي تلميذ عفلق العربي المسلم واحد منهم على وجه التحديد.

لقد نقل مفكرو القومية العربية ذلك المدلول القومي المغلق وغلَّفوه برومانسية ساذجة عندما وصفوا الأمة العربية بالخلود، نقلوه وهم متكئين على سرير ثقافي حضاري تاريخي لا علاقة له بالقومية، متكئين زوراً وبهتاناً على أنهم خير أمة أُخرِجت للناس، متكئين على الحديث الشريف عندما دار جبريل في الكون فلم يجد أرضاً وأمةً خيراً من العرب ثم خيراً من قريش ثم خيراً من بني هاشم "وأنّا خيارُ من خيارٍ من خيار". أمتنا خالدة والأمم الباقية بائدة، أمتنا واحدة أما أوروبا فأمم فاشلة مجزأة، وعلامة فشلهم اتحادهم الأوروبي الذي استغرق حدوثه خمسون عاماً؟!، أمتنا واحدة ورسالتنا خالدة، ونحن خير الأمم. وِفْقَ أية نظرية؟ وبأية عوامل؟ وبشرعية أيّة قراءة تاريخية؟ وأيّة قراءة جغرافية؟ وبأيّ تحقق فعلي عبر قرن كامل هو القرن العشرين؟

نقلنا الفكر القومي العربي عن الفكر القومي الغربي عشوائياً، وليت كان استنساخاً، لَرَأى أولادنا أو أحفادنا بعض الحق والحقيقة على أرض الواقع، بديلاً عن الفشل البانورامي من المحيط إلى الخليج، بدءاً من هزيمة 1948 إلى فك الارتباط في غزة 2005، مروراً بالسقوط الكلي في حزيران 1967.

كانت قوميتنا تِرداداً لقوميات الغرب. وعلى استحياء ذكر رومانسيوا قوميتنا الديمقراطيةَ في إبداعاتهم الخارقة، ذكروها ذكراً متواضعاً جزئياً متردداً، وفي أول محطة تنكروا لها وطردوها خارج الأرض وخلف التاريخ بعد أن أسلموا العسكر الجهلة زمام الأمور فحكموا عليها وعلى شعوبهم بالإعدام، أو ما هو قريب منه.

ولنسأل مرةً ثانية: وطني دائماً على حق؟. كان أقرب إلى الحقيقة أن يقول الرئيس سليمان فرنجية، وطني دائماً مع الحق! وطني دائماً مع الحقيقة.

في الغرب تطابقت الدولة مع الأمة، فكانت الدولة القومية، وكان أساس التطابق الديمقراطية، حكم الشعب بالشعب وللشعب، بديلاً عن الإقطاع والكنيسة وبديلاً عن حكم الملوك وبلا دستور. عندما نزعنا اللب جوهر الشيء، نزعنا جوهر التطابق بين الدولة والأمة، فأضعنا الدولة والأمة. تعمَّق وتجذَّر تجزؤ الأمة، وساد المستبدون والقتلة في كل ذرة رمل عربية وفي كل نقطة عربية، وفي أضعف نسمة هواء عربية. ساد حكم القبائل والطوائف والأعراق والمذاهب من تطوان المغربية حتى طُنب الصغرى شرقاً ومن القامشلي شمالاً حتى عدن جنوباً... ما أغبى فكر وفعل النائمينَ في عسل القومية العنصرية، المتحدرين من صلبها الحضاري.

وسنبقى كذلك ما دام العربي يقرأ نصف صفحة في السنة، والغربي يقرأ أربعاً وعشرين كتاباً في السنة. وما دمنا نردد مع سليمان فرنجية وطننا دائماً على حق وليس مع الحق ومع الحقيقة.
وإن أنا إلا من غزية إن غوت          غويت وإن ترشد غزية أرشد
كلام قاله أعرابي قبل أكثر من ألف عام وردده سليمان فرنجية سكراناً بالعنصرية والعصبية.

ورغم ما نحن عليه وما نحن فيه، يتشدق خير الدين حسيب ومعن بشور وعبد الباري عطوان ومصطفى البكري أصدقاء صدام، والمربوطون بالحبل السري "الحضاري" بابن لادن والزرقاوي، يتشدقون بتحرير الرئيس "القومي العربي" الأسير من "براثن" الأمريكان..

عندما لا يكون الوطن كله مع الحقيقة، يكون المواطنون كلهم مع الوهم، وللواهمين والجهلة والعنصريين طريق وحيد، ونهاية واحدة، هي الفشل المحيط، وليَقْتَتْ رومانسيو القومية القاموسَ المحيط صفحة بالية تلو صفحة بالية، لأنهم لا يستحقون كسرة الخبز أو قطرة الماء. وليس لأعداء الحرية والحق والحقيقة إلا ما تحت التراب. وسيفعل بهم التاريخ ذلك بالتأكيد، وفي اللحظة الباهرة لحظة هيغل المجنونة، يكتشف العالم كله جريمة العصر، على يد قاضي التحقيق ميليس، ابن الوطن الألماني الذي حولته الحضارة الإنسانية من:  "وطني دائماً على حق" إلى: "وطني دائماً مع الحق".

فهنيئاً لميليس لقبه الجديد... قاضي القرن الواحد والعشرين وهنيئاً للرومانسيين "القوميين" السذج مأواهم الجديد تحت التراب.