إحسان طالب
29-12-2007
أعلنت الإذاعة الرسمية الباكستانية تبني القاعدة لاغتيال شهيدة الوطنية والديمقراطية، الشجاعة البطلة بي نظير بوتو ، ولا يبدو ذلك مستغربا أو مستبعدا فيد الغدر و الإرهاب الديني في باكستان ضربت بقوة خلال العام الماضي ورفعت من وتيرة معارضتها الإرهابية بعد سقوط المسجد الأحمر .ما يميز باكستان عن غيرها من الدول أنها دولة قامت و نشأت على أساس ديني وتشكلت لحماية المسلمين الهنود و استقلالهم السياسي و الثقافي و لم يكن في نية أو تصور أحمد علي جناح المؤسس، الذهابُ إلى دولة دينية أو إقامة نظام حكم إسلامي بل توجه إلى إقامة بنيان سياسي حديث ديمقراطي .بعد عقود طويلة من قيامة الدولة لم يتمكن القادة التاريخيون لباكستان من وضع القطار على سكة الديمقراطية و انتهت مسيرة قادة الفعل السياسي بالموت و القتل .
في باكستان قوة عسكرية نووية يسيطر عليها الرئيس مشرف مباشرة وهو حليف الولايات المتحدة و يحظى بتأيد شعبي عشائري و تأيده المؤسسة العسكرية مما قد يخفف المخاطر المرتقبة في ظل الأوضاع المتأزمة و المتفجرة حاليا في باكستان و يبقى الخطر ماثلا للعيان من استيلاء أو سيطرة قوى متشددة على أزرار النووي الباكستاني .
الإرهاب الديني المتفيء في ظلال التشدد و التطرف الإسلامي خطر داهم يمتلك كل عناصر القوة الأزمة للتغير و الثورة أولها الفكر و الفقه و النص و التراث الداعم لما يطرحه من مواقف و آراء و ثانيها الغلبة الشعبية و الأكثرية المنحازة المؤيدة أو المتعاطفة مع ما يلقيه من أفكار و متفجرات، وثالثها السلاح و الدعم الخارجي من دول إقليمية ترى الخلاص في خراب العالم مما يتيح ظهور المهدي كما أعلن أحمدي نجاد على رؤوس الأشهاد في منبر الأمم المتحدة .
قرب و مجاورة باكستان لمناطق طالبان والتداخل القبلي و العشائري بين الأفغانيين و الباكستانيين يجعل من التقارب و التوحد بينهما قوة أكبر لديها الرغبة الإرادة للتدمير و القتل. وهذا يظهر بجلاء حقيقة الخطر الداهم في باكستان و ما يترتب من انتصار أو سيطرة قوى الظلام على مقدرات البلد.
ليس هناك أدنى شك في أن استشهاد بوتو ضربة قوية للديمقراطية المتعثرة أصلا و المتنقلة فوق طريق وعرة من الانقلابات العسكرية المصاحبة لفكر الاغتيال السياسي المشهود في راهن الزمن الباكستاني كما ليس هناك صعوبة في الوصول إلى قرار باستمرار الوضع السائد و تأجيل الانتخابات المقررة بعد أسابيع .
و التساؤل الحائر هنا هل الشعوب الإسلامية ومنها العربية عصية على الديمقراطية كونها غربية الصنع كافرة الأم و لأب كما يصنفها الإسلامويون المتشددون أم أن قيم الديمقراطية تتعارض مع مثل الحق و العدل الكلية ولا تناسب ثقافتها و قيمها الراسخة و الموروثة عبر قرون مديدة لم تعرف خلالها ولم تنفتح في مجموعها سوى على ما ينفثه الفكر الديني الأصولي . الأتراك و الاندونيسيون عرفوا الديمقراطية و مارسوها و هم شعوب إسلامية هذه حقيقة لكن الحقيقة المغفلة هنا أن تلك الديمقراطية الهشة نشأت وترعرعت في ظل دساتير علمانية و أنظمة حكم علمانية كانت تفصل الدين عن الدولة أي تعزل الأصولية من صياغة و بناء القانون و النظام ، عندما تبنت النخب السياسية الحاكمة في البلدان العربية تيار التطرف ِلما و جدت فيه من فوائد جمة ترسخ الاستبداد وتحارب الديمقراطية لم يشهد العالم العربي استنكارا حقيقيا على الطغيان و الاستبداد بل تحولت الثورة نحو المختلف دينيا و ثقافيا في الداخل و الخارج . وما يشهده الميدان السياسي العربي من معارضة متكئة على أحزاب دينية ليس في واقع الأمر صورة ديمقراطية بقدر ما هو إستراتيجية دعوية مسموح بها فقهيا للوصول إلى السلطة .
التيار الأصولي الديني الإسلامي العنيف في باكستان قريب من أشقائه في غزة و العراق ولا يختلف الخطاب المعلن و المبطن في دلالاته و سياقاته من مكان لآخر، فالمرجعية واحدة يحكمها ارث عملي وثقافي شديد التمكن صلب التماسك قوي التأثير حي لا تخفف من غلوائه فتاوى و اجتهادات هنا و هناك .
التيار الديمقراطي المسلم حقيقة واقعة نلمسها و ماثلة أمامنا في المشهد السياسي و نثق بالأفراد و المجموعة التي قامت بمراجعات حقيقية و صلت من خلالها لضرورة نقد النص ألا أننا في واقع الحال ندرك مدى ضعف قدرة التيار التنويري في التأثير جماهيريا و ندرك أيضا ضعف حججه الفقهية و أدلته الشرعية
كلما طال الزمن أخفينا رؤوسنا في التراب مبعدين التهمة عن أصحابها الحقيقيين كلما طال العصر الذي يسيطر فيه التشدد و التطرف على المشهد السياسي و الفضاء الفكري حتى يأتي زمان لا يرتفع فيه سوى شعار المؤسسات الدينية القديمة و لا نرى في سوى اللحى و السواد، ونعيش في دول و مجتمعات تقطع فيها الأيدي و الرؤوس و ترجم فيها النساء و الرجال و يغدو السوط أقوى من أي صوت.
إننا نسير بسرعة نحو هزيمة حضارية مفزعة نعالجها بالهروب إلى الأمام و كلما طالبنا بالتحرر و الديمقراطية حوربنا بزعم يقول أن تلك المطالب غربية أمريكية لا تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا و أوطننا و حقيقة الأمر أن الغرب بشقية الأمريكي و الأوربي لا يعنيه ما تعانيه الشعوب العربية و الإسلامية من استبداد و فقر و تخلف و جهل ، لديه مجموعة من المصالح والحاجات يرغب بالوصول إليها بصرف النظر عن القيم الغربية و يمارس النفاق الأخلاقي و يدعم و يبرر كل ما يؤدي لتحقيق مطالبه ويدعم دولة إسرائيل و من يدعم و جودها من أنظمة متحالفة معه ضمنا متعارضة ظاهراً. الغرب لا يبالي في نهاية الأمر بالشعوب ولا بالديمقراطية و لقد وجدت الحكومات العربية في الدعوة الغربية المنافقة للديمقراطية و الحرية قميص عثمان لتبرر ما تفعله من بطش و طغيان يساعدها في ذلك
التشدد والتطرف والغلو الديني الإسلامي الذي يصب في المحصلة في جيوب الحكام ويدعم تطلعات السيطرة على شعوب العالم بحجة محاربة الإرهاب الموجود و المترعرع في أحضاننا المنتشي في جنبتنا . كلما نجح الإرهاب تأصلت الهزيمة الحضارية التي نعيشها و كلما كشفنا الغطاء الإسلامي عن القتل و العنف و التعصب كلما خففنا من وطأة التدهور الإنساني و الأخلاقي الذي نعانيه .
الإرهاب لا دين له هذه حقيقة لكن تجاوز ما يقوم به مسلمون من أعمال إرهابية خطأ لا يحل المشكلة بل يعمقها ، الفتاوى والنصوص التي يطرحها أنصار القاعدة مدونة و مكتوبة و معروفة و مشهورة في تراثنا وليست دخيلة علية و يملكون من الحجج و البراهين الشرعية ما يسكت مجادليهم ، محاربة الإرهاب في شقه الشرعي أمر مفيد لكنه في النهاية غير ناجح ،و النقاش مع الظواهري بذات الشروط الشرعية السلفية سيمكنه من إظهار قدرته و يدعم منطلقاته و أفكاره
الوقوف بصدق و شجاع و في مواجه المنقول و معالجته سبيل صريح و بناءٌ في صد موجة الإرهاب المتعاظمة و المنذرة بدمار لا حدود له
29-12-2007
أعلنت الإذاعة الرسمية الباكستانية تبني القاعدة لاغتيال شهيدة الوطنية والديمقراطية، الشجاعة البطلة بي نظير بوتو ، ولا يبدو ذلك مستغربا أو مستبعدا فيد الغدر و الإرهاب الديني في باكستان ضربت بقوة خلال العام الماضي ورفعت من وتيرة معارضتها الإرهابية بعد سقوط المسجد الأحمر .ما يميز باكستان عن غيرها من الدول أنها دولة قامت و نشأت على أساس ديني وتشكلت لحماية المسلمين الهنود و استقلالهم السياسي و الثقافي و لم يكن في نية أو تصور أحمد علي جناح المؤسس، الذهابُ إلى دولة دينية أو إقامة نظام حكم إسلامي بل توجه إلى إقامة بنيان سياسي حديث ديمقراطي .بعد عقود طويلة من قيامة الدولة لم يتمكن القادة التاريخيون لباكستان من وضع القطار على سكة الديمقراطية و انتهت مسيرة قادة الفعل السياسي بالموت و القتل .
في باكستان قوة عسكرية نووية يسيطر عليها الرئيس مشرف مباشرة وهو حليف الولايات المتحدة و يحظى بتأيد شعبي عشائري و تأيده المؤسسة العسكرية مما قد يخفف المخاطر المرتقبة في ظل الأوضاع المتأزمة و المتفجرة حاليا في باكستان و يبقى الخطر ماثلا للعيان من استيلاء أو سيطرة قوى متشددة على أزرار النووي الباكستاني .
الإرهاب الديني المتفيء في ظلال التشدد و التطرف الإسلامي خطر داهم يمتلك كل عناصر القوة الأزمة للتغير و الثورة أولها الفكر و الفقه و النص و التراث الداعم لما يطرحه من مواقف و آراء و ثانيها الغلبة الشعبية و الأكثرية المنحازة المؤيدة أو المتعاطفة مع ما يلقيه من أفكار و متفجرات، وثالثها السلاح و الدعم الخارجي من دول إقليمية ترى الخلاص في خراب العالم مما يتيح ظهور المهدي كما أعلن أحمدي نجاد على رؤوس الأشهاد في منبر الأمم المتحدة .
قرب و مجاورة باكستان لمناطق طالبان والتداخل القبلي و العشائري بين الأفغانيين و الباكستانيين يجعل من التقارب و التوحد بينهما قوة أكبر لديها الرغبة الإرادة للتدمير و القتل. وهذا يظهر بجلاء حقيقة الخطر الداهم في باكستان و ما يترتب من انتصار أو سيطرة قوى الظلام على مقدرات البلد.
ليس هناك أدنى شك في أن استشهاد بوتو ضربة قوية للديمقراطية المتعثرة أصلا و المتنقلة فوق طريق وعرة من الانقلابات العسكرية المصاحبة لفكر الاغتيال السياسي المشهود في راهن الزمن الباكستاني كما ليس هناك صعوبة في الوصول إلى قرار باستمرار الوضع السائد و تأجيل الانتخابات المقررة بعد أسابيع .
و التساؤل الحائر هنا هل الشعوب الإسلامية ومنها العربية عصية على الديمقراطية كونها غربية الصنع كافرة الأم و لأب كما يصنفها الإسلامويون المتشددون أم أن قيم الديمقراطية تتعارض مع مثل الحق و العدل الكلية ولا تناسب ثقافتها و قيمها الراسخة و الموروثة عبر قرون مديدة لم تعرف خلالها ولم تنفتح في مجموعها سوى على ما ينفثه الفكر الديني الأصولي . الأتراك و الاندونيسيون عرفوا الديمقراطية و مارسوها و هم شعوب إسلامية هذه حقيقة لكن الحقيقة المغفلة هنا أن تلك الديمقراطية الهشة نشأت وترعرعت في ظل دساتير علمانية و أنظمة حكم علمانية كانت تفصل الدين عن الدولة أي تعزل الأصولية من صياغة و بناء القانون و النظام ، عندما تبنت النخب السياسية الحاكمة في البلدان العربية تيار التطرف ِلما و جدت فيه من فوائد جمة ترسخ الاستبداد وتحارب الديمقراطية لم يشهد العالم العربي استنكارا حقيقيا على الطغيان و الاستبداد بل تحولت الثورة نحو المختلف دينيا و ثقافيا في الداخل و الخارج . وما يشهده الميدان السياسي العربي من معارضة متكئة على أحزاب دينية ليس في واقع الأمر صورة ديمقراطية بقدر ما هو إستراتيجية دعوية مسموح بها فقهيا للوصول إلى السلطة .
التيار الأصولي الديني الإسلامي العنيف في باكستان قريب من أشقائه في غزة و العراق ولا يختلف الخطاب المعلن و المبطن في دلالاته و سياقاته من مكان لآخر، فالمرجعية واحدة يحكمها ارث عملي وثقافي شديد التمكن صلب التماسك قوي التأثير حي لا تخفف من غلوائه فتاوى و اجتهادات هنا و هناك .
التيار الديمقراطي المسلم حقيقة واقعة نلمسها و ماثلة أمامنا في المشهد السياسي و نثق بالأفراد و المجموعة التي قامت بمراجعات حقيقية و صلت من خلالها لضرورة نقد النص ألا أننا في واقع الحال ندرك مدى ضعف قدرة التيار التنويري في التأثير جماهيريا و ندرك أيضا ضعف حججه الفقهية و أدلته الشرعية
كلما طال الزمن أخفينا رؤوسنا في التراب مبعدين التهمة عن أصحابها الحقيقيين كلما طال العصر الذي يسيطر فيه التشدد و التطرف على المشهد السياسي و الفضاء الفكري حتى يأتي زمان لا يرتفع فيه سوى شعار المؤسسات الدينية القديمة و لا نرى في سوى اللحى و السواد، ونعيش في دول و مجتمعات تقطع فيها الأيدي و الرؤوس و ترجم فيها النساء و الرجال و يغدو السوط أقوى من أي صوت.
إننا نسير بسرعة نحو هزيمة حضارية مفزعة نعالجها بالهروب إلى الأمام و كلما طالبنا بالتحرر و الديمقراطية حوربنا بزعم يقول أن تلك المطالب غربية أمريكية لا تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا و أوطننا و حقيقة الأمر أن الغرب بشقية الأمريكي و الأوربي لا يعنيه ما تعانيه الشعوب العربية و الإسلامية من استبداد و فقر و تخلف و جهل ، لديه مجموعة من المصالح والحاجات يرغب بالوصول إليها بصرف النظر عن القيم الغربية و يمارس النفاق الأخلاقي و يدعم و يبرر كل ما يؤدي لتحقيق مطالبه ويدعم دولة إسرائيل و من يدعم و جودها من أنظمة متحالفة معه ضمنا متعارضة ظاهراً. الغرب لا يبالي في نهاية الأمر بالشعوب ولا بالديمقراطية و لقد وجدت الحكومات العربية في الدعوة الغربية المنافقة للديمقراطية و الحرية قميص عثمان لتبرر ما تفعله من بطش و طغيان يساعدها في ذلك
التشدد والتطرف والغلو الديني الإسلامي الذي يصب في المحصلة في جيوب الحكام ويدعم تطلعات السيطرة على شعوب العالم بحجة محاربة الإرهاب الموجود و المترعرع في أحضاننا المنتشي في جنبتنا . كلما نجح الإرهاب تأصلت الهزيمة الحضارية التي نعيشها و كلما كشفنا الغطاء الإسلامي عن القتل و العنف و التعصب كلما خففنا من وطأة التدهور الإنساني و الأخلاقي الذي نعانيه .
الإرهاب لا دين له هذه حقيقة لكن تجاوز ما يقوم به مسلمون من أعمال إرهابية خطأ لا يحل المشكلة بل يعمقها ، الفتاوى والنصوص التي يطرحها أنصار القاعدة مدونة و مكتوبة و معروفة و مشهورة في تراثنا وليست دخيلة علية و يملكون من الحجج و البراهين الشرعية ما يسكت مجادليهم ، محاربة الإرهاب في شقه الشرعي أمر مفيد لكنه في النهاية غير ناجح ،و النقاش مع الظواهري بذات الشروط الشرعية السلفية سيمكنه من إظهار قدرته و يدعم منطلقاته و أفكاره
الوقوف بصدق و شجاع و في مواجه المنقول و معالجته سبيل صريح و بناءٌ في صد موجة الإرهاب المتعاظمة و المنذرة بدمار لا حدود له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق